الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في زكاة الفطر
كان صلى الله عليه وسلم يرسل مناديا، ينادى في الأسواق، والمحلات، والأزقة من مكة:"ألا إن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم ومسلمة ذكر أو أنثى حر أو عبد صغير أو كبير"(1) مدان من قمح، أو سواه صاعا من طعام".
وثبت في سنن النسائى: أنه لما أفضت نوبة الحلافة إلى أمير المؤمنين، علي رضي الله عنه. قال: أما إذا وسع الله عليكم فأوسعوا، اجعلوا صاعا من بر وغيره. وفي لفظ أبي داود: فلما قدم على رضي الله عنه، رأى رخص السعر. فقال: قد أوسع الله عليكم فلو جعلتموه صاعا من كل شيء.
ومن العادة النبوية، أن تؤدى زكاة الفطر، قبل صلاة العيد وكان يقول:"من أداها قبل صلاة الفطر فهى صدقة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات"(2)، وفي الصحيحين عن ابن عمر، أنه قال: "وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة (3).
وظاهر هذه الأحاديث، أنها بعد الصلاة لا تجزى، وكان يخص المساكين بهذه الصدقة، ولا يقسمها على الأصناف الثمانية، ولم يرد بذلك أمر نصا، وبه قال بعض العلماء ويجوز الصرف للأصناف الثمانية.
(1) أخرجه الشيخان رواه البخاري في كتاب الزكاة باب (70) فرض صدقة الفطر حديث رقم (1503 ج 3 ص 367)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير حديث رقم (984 ج 2 ص 677)، وأبو داود في سننه برقم (1611، 1612 ج 2 ص 112)، والترمذي برقم (676 ج 3 ص 61)، والنسائي (5/ 47)، ومالك في الموطأ حديث رقم (52 ج 1 ص 284)، وابن ماجة برقم (1825، 1826 ج 5818).
(2)
أخرجه الشيخان وغيرهما انظر صحيح البخاري (ج 3 ص 367). ومسلم (ج 2 ص 677) وأبي داود (ج 2 ص 112).
(3)
رواه الجماعة وانظر صحيح البخاري (3/ 367)، ومسلم (ج 2 ص 677) وسنن أبي داود (ج 2 ص 112)، والترمذي (ج 3 ص 61) والنسائي (5/ 47) وابن ماجة (ج 1 ص 584، 585).
وأما صدقة التطوع فإنه كان يحبها حبا شديدا، وكان يسر بأدائها، أشد من سرور الفقير بأخذها، وكان لا يستكثر ما يصرفه في طريق الحق، بل يحسبه قليلا وما سأله أحد شيئا حاضرا إلا أجابه، ولم يعده كثيرا قل أو جل.
وكان يعطى عطاء من لا يخاف الفقر، ولا يبالى بالعدم، وإذا رأى محتاجا أثره بطعامه وشرابه، وكان يتنوع في العطاء والصدقة، فحينا يهب وحينا يتصدق، وحينا يهدى، وحينا يشترى شيئا، ويدفع ثمنه، ثم يهبه لبائعه، وحينا كان يقترض، ويؤدى أكثر من المبلغ، وحينا كان يشترها شيئا، ويؤدى أكثر من الثمن، وحينا كان يقبل الهدية وينعم بأضعافها، وكان الغرض من إيصال أنواع الإحسان إلى الخلق، مهما أمكن، وكان يأمر الناس بالصدقة، ويحرص عليها، وكان يدعو إلى السماحة والسخاوة بحاله ومقاله، بحيث أن البخيل الشحيح، إذا رآه أثر فيه وتخلق بالكرم، والبذل، وكل من خالطه وصاحبه، لم يكد يملك نفسه، حتى يغلبه الإحسان، والبذل، ولهذا لم يزل منشرح القلب، طيب النفس، منبسط الخاطر صلى الله عليه وسلم.