الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أهل الحديث: قراءة القنوت في صلاة الصبح سنة، وتركه سنة، ومع هذا لا ينكرون علي من يواظب علي ذلك، ولا يعدونه مبتدعا ولا تاركاللسنة بل يقولون: من قنت فقد أحسن، ومن ترك فقد أحسن. والدلائل علي الطرفين كثيرة. ولما كان القصد بيان الطريقة النبوية اقتصرنا علي ذلك.
فصل في نسيان الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة
من جملة منن الحق تعالى ونعمه على الأمة المحمدية، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسهو في الصلاة أحيانا، لتقتدى الأمة به في التشريع، وإذ ذلك كان يقول:"إنما أنا بشر أنسي كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني"(1) وقال: "إنما أنسي - أو أنسي - يعني لأسن ما شرع في حيز ذلك" ثبت في الصحيحين أنه كان في صلاة الظهر ولم يشرع في التشهد بل قام إلى الثالثة، فسبحت الصحابة رضي الله تعالي عنهم، فأشار إليهم بيده أن قوموا، ولما فرغ من التشهد الثاني، أتى بسجدتين، ثم سلم بعد ذلك فعلم من هذا: أن من نسى شيئا من الصلاة غير ركن يسجد للسهو سجدتين، وإذا شرع في ركن لا يرجع إلى ما كان نسيه (2).
ونوبة أخرى في صلاة العصر أو الظهر سلم في الركعة الثانية، وتكلم، ثم ذكر فأتم وأتي بسجدتين بعد السلام وكبر بينهما وسلم (3) بعد ذلك أيضا.
(1) متفق عليه رواه البخاري في كتاب السهو، باب صلي خمسًا حديث رقم (1226) فتح الباري (ج 3 ص 93 - 94)، ومسلم في كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة والسجود له حديث رقم (572 - ج 1 ص 400 - 401 - 402 - 403)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب إذا صلي خمسًا حديث رقم (1019، 1020، 1021 - ج 1 ص 268، 269)، والترمذي رقم (392، 393 - ج 2 ص 238، 239)، والنسائي (ج 3 ص 31 - 33) في كتاب السهو، باب ما يفعل من صلي خمسًا.
(2)
رواه أبو داود بنحوه في كتاب الصلاة، باب من قال بعد التسليم حديث رقم (1033 - ج 1 ص 271). والنسائي (ج 3 ص 30) في السهو باب التحرى، وأحمد في المسند رقم (1747 - 1752 - 1753 - 1761).
(3)
انظر مسلم في كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة والسجود له حديث الباب رقم (95).
وفي مسند الإمام أحمد: أنه صلي في بعض الأيام، وخرج من الصلاة، وبقي منها ركعة، فلما خرج من المسجد، خرج طلحة بن عبد الله في عقبه، وقال: قد نسيت ركعة، فرجع إلى المسجد، وأمر بلالًا بالإقامة، وصلى ركعة، وسلم ثم رجع.
ونوبة أخرى صلى الظهر خمسًا، فقالت الصحابة: أزيد في الصلاة؟ فقال: "وما ذاك؟ " فقالوا: صليت خمسًا، فسجد سجدتي السهو وسلم، واقتصر على ذلك.
ونوبة أخرى صلى العصر ثلاثًا ورجع إلى البيت، فتعقبه الصحابة وأعلموه، فرجع إلى المسجد وصلي ركعة وسلم، وسجد بعد السلام للسهو سجدتين (1) ثم سلم، واقتصر علي ذلك.
هذه خمسة مواضع روى أنه صلى الله عليه وسلم سها فيها في جميع عمره، ولم يثبت غير هذا.
وسجد للسهو قبل السلام في بعض المواضع وبعده في بعضها، فجعلها الإمام الشافعي في كل حال قبل السلام والإمام أبو حنيفة جعلها بعد السلام في كل حال. وقال الإمام مالك: يسجد للسهو النقصان قبل السلام ولسهو الزيادة في الصلاة بعد السلام، وإن اجتمع سهوان أحدهما زائد والآخر ناقص يسجد لهما قبل السلام.
وقال الإمام أحمد: يسجد قبل السلام في المحل الذي سجد فيه النبي صلى الله عليه وسلم قبل السلام وما عداه يسجد للسهو بعد السلام.
(1) انظر صحيح البخاري في كتاب السهو، باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة حديث رقم (1224 - ج 3 ص 92)، ومسلم في كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة والسجود له، حديث رقم (570 - ج 1 ص 399)، وأبي داود في كتاب الصلاة (ج 1 ص 271 - 272)، والترمذي في أبواب الصلاة (ج 2 ص 235 - 236)، والنسائي (ج 3 ص 19 - 20)، وموطأ الإمام مالك (ج 1 ص 96 - 97).