المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌العدَد ص: 726 - ثَلَاثَةً بالتَّاءِ قُلْ لِلْعشَرَةْ .... فِي عَدِّ مَا - شرح الفارضي على ألفية ابن مالك - جـ ٤

[الفارضي]

الفصل: ‌ ‌العدَد ص: 726 - ثَلَاثَةً بالتَّاءِ قُلْ لِلْعشَرَةْ .... فِي عَدِّ مَا

‌العدَد

ص:

726 -

ثَلَاثَةً بالتَّاءِ قُلْ لِلْعشَرَةْ .... فِي عَدِّ مَا آحَادُهُ مُذكّرَةْ

(1)

727 -

فِي الضِّدِّ جَرِّدْ وَالْمُمَيِّزَ اجُررِ

جَمْعًاا بِلَفْظِ قِلَّةٍ فِي الأَكْثَرِ

(2)

ش:

العدد: (ما ساوى نصف مجموع حاشيتيه)، كـ (الاثنين) فحاشيته السفلى:(واحد)، والعليا:(ثلاثة)، ومجموع (الواحد والثلاثة):(أربعة)، ونصف الأربعة:(اثنان)، وهو المطلوب.

ومن ثم قيل: (الواحد) ليس بعدد، إذ لا حاشية له سفلى.

وقيل: عدد؛ لوقوعه جوابًا في نحو: (كم عندك؟).

• فإن كان المعدود جمع مذكر .. وجبت التاء في ثلاثة إلى العشرة؛ نحو:

(ثلاثة أفلس)، و (أربعة أثواب)، و (عشرة أرغفة)، هذا معنى قوله: (ثلَاثَةً بالتَّاءِ

إلى آخر البيت).

فواحد (أفلس) و (أثواب) و (أرغفة): (فلس) و (ثوب) و (وغيف)، وهو مذكر.

وتقول: (هذه ثمانية رجال)، و (ثماني نساء)، و (مروت بثماني نساء)، بإسكان

(1)

ثلاثة: بالنصب: مفعول مقدم على عامله، وهو قوله: قل الآتي المتضمن معنى اذكر، أو بالرفع: مبتدأ، وقصد لفظه. بالتاء: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ثلاثة. قل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ وهو (ثلاثة) إذا رفعته بالابتداء، والرابط ضمير منصوب محذوف والتقدير: ثلاثة قله. للعشره، في عد: جاران ومجروران متعلقان بقوله: (قل) السابق، وعدِّ: مضاف، وما: اسم موصول: مضاف إليه مبني على السكون في محل جر. آحاده: آحاد: مبتدأ، وآحاد: مضاف، والهاء: مضاف إليه. مذكر: خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ وخبره: لا محل لها صلة الموصول المجرور محلًا بالإضافة.

(2)

في الضد: جار ومجرور متعلق بقوله: جرد الآتي. جرد: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. والمميزَ: مفعول به مقدم على عامله، وهو قوله اجرر الآتي. أجرر: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. جمعًا: حال من المميز. بلفظ: جار ومجرور بقوله: (جمعًا) السابق، ولفظ: مضاف، وقلة: مضاف إليه. في الأكثر: جار ومجرور متعلق بقوله: (قلة).

ص: 96

الياء، و (رأيت ثمانيَ نساء) بالنصب؛ لأنه منقوص.

وتقول في الإفراد: (جاء ثمانٍ)، و (مروت بثمان) كـ (قاض)، و (رأيت ثمانيًا) كـ (قاضيًا).

وأما قوله:

يَحْدُوا ثَمَانِيَ مُولَعًا بِلَقَاحِهَا

.................

(1)

من غير تنوين .. فقيل: منع صرفه تشبيهًا له بـ (جوارٍ) كما سبق فيما لا ينصرف.

وقد تحذف الياء ويجعل الإعراب على النون؛ كقوله:

لَهَا ثَنَايَا أَربَعٌ حِسَانُ ..... وَأَربَعٌ فَثَغرُهَا ثَمَانُ

(2)

(1)

التخريج: صدر بيت من الكامل، وعجزه: حَتَّى هَمَمْنَ بِزَيغةِ الإرْتَاجِ

وهو لابن ميادة في ديوانه ص 91، وخزانة الأدب 1/ 157، وشرح أبيات سيبويه 2/ 297، ولسان العرب 13/ 80، 81 ثمن، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص 164، والكتاب 3/ 231، وما ينصرف وما لا ينصرف ص 47، والمقاصد النحوية 4/ 352.

اللغة: يحدو: يسوق. الزيغة: الميلة. الإرتاج: إغلاق الرحم.

المعنى: يصور الشاعر سرعة ناقته بأنها شبيه بحمار الوحش الذي يسوق ثماني أتن مولعًا بلقاحها وهي لا تمكنه من ذلك، ولشدة سوقه لها هممن بإسقاط أجنتها.

الإعراب: يحدو: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. ثماني: مفعول به منصوب. مولعًا: حال منصوب. بلقاحها: جار ومجرور متعلقان بمولعًا، وهو مضاف، وهما: ضمير في محل جر بالإضافة. حتى: حرف ابتداء وغاية. هممن: فعل ماض، والنون: ضمير في محل رفع فاعل .. بزيغة: جار ومجروو متعلقان بهممن، وهو مضاف. الإرتاج: مضاف إليه مجرور.

وجملة (يحدو): ابتدائية لا محل لها. وجملة (هممن): استئنافية لا محل لها.

الشاهد فيه قوله: (ثماني) حيث منعه من الصرف للضرورة، مشبها إياه بجوارٍ.

(2)

التخريج: الرجز بلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 365؛ وشرح الأشموني 3/ 627؛ وشرح التصريح 2/ 274؛ ولسان العرب 4/ 103 (ثغر)، 13/ 81 (ثمن)؛ وتاج العروس 10/ 322 (ثغر)، (ثمن)؛ وتهذيب اللغة 15/ 107.

اللغة: الثنايا: جمع ثنية، أو هي أربع من مقدم الأسنان، ثنتان من فوق، وثنتان من تحت، وأراد بالأربع الثانية الرَّبَاعِيَات، بفتح الراء، وتخفيف الياء، وهي أربع أسنان، ثنتان من يمين الثنية، واحدة من فوق، وواحدة من تحت، وثنتان من شمالها كذلك، والثغر: المبسم، على وزن

ص: 97

• وأشار بقوله: (فِي الضِّدِّ جَرِّدْ): إلى أن المعدود إن كان مؤنثًا .. وجب التجريد من التاء؛ نحو: (ثلاث بنات)، و (أربع عمات).

وفي ثبوت التاء مع المذكر أقوال:

- أحدها: أنه أخف من المؤنث، فكان أولى بتحمل الزيادة.

- أو أن نحو: (ثلاثة) و (أربعة) أسماء جماعاتٍ، والأصل فيها أن تكون بالتاء؛ كـ (زمرة)، و (فرقة) فلما كان إثبات التاء أصلًا والمذكر أصلًا .. أعطي الأصل للأصل.

- وقال ابن إياز ما معناه: أن العدد مؤنث، والتأنيث تارة يكون بعلامة، وتارة يكون بلا علامة، والأول هو الأصل، فأعطي الأصل إلى للأصل، وهو قريب من القول الثاني، وحذفت مع المؤنث؛ لأن العدد هو المعدود في المعنى، فـ (الخمس) هي (البنات) في:(خمس بنات)، فلما كان المضاف إليه مؤنثًا .. كرهوا أن يؤنثوا المضاف؛ لئلا يجمع بين مؤنثين، وفي القرآن:{سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} .

• وتمييز هذه الأعداد جمع مجرور؛ كما قال: (وَالْمُمَيِّزَ أجْرر جَمْعًا) كـ (ثلاثة أثوابِ) بالجر.

• والكثير: أن يكون جمع قلة؛ كـ (أفعُل)، و (أفعال)، لا نحو:(زيدِين)، و (هندات) وإن كان جمع التصحيح كجمع القلة، وإليه أشار بقوله:(بِلَفْظِ قِلَّةٍ فِي الأَكْثَرِ).

• ويقلُّ أن يكون جمع كثرة؛ كـ (ثياب): و (فلوس)، ومنه قوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} ، ولم يقل:(أقرُؤ) فاستعير جمع الكثرة لخفته، وقلة أحرفه.

ومثله: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} ؛ لأنه جمع كثرة على الصحيح.

مجلس، والإنسان إذا ضحك فإنما يرى من أسنانه الثنايا والرباعيات، وهي ثمانية.

والشاهد فيه: قوله: (ثمانُ)؛ حيث إنه قد حذفت الياء من (ثماني) في الإفراد، وجعل الإعراب على النون، وأنكر الحريري في درة الغواص (ص 164) حذف هذه الياء.

ص: 98

وقول عائشة رضي اللَّه تعالى عنها: "ثم يصب على رأسه ثلاث غُرَف"

(1)

.

وقول الشاعر:

................................

ثلَاثَ شُخُوصٍ كاعِبَانِ وَمُعصِرُ

(2)

(1)

أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الغسل، باب الوضوء قبل الغسل، رقم 244.

(2)

التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: فَكَانَ مجنِي دُونَ مَنْ كُنْتُ أتَّقي

وهو لعمر بن أبي ربيعة المخزومي من قصيدته الرائية المشهورة والتي هي بتمامها:

أَمِنْ آلِ نُعْمٍ أَنْتَ غَادٍ فَمُبكِرُ

غَدَاةَ غَدٍ أَمْ رَائِحٌ فَمُهَجِّرُ

بِحَاجَةِ نَفْسٍ لَمْ تَقُلْ فيِ جَوَابِهَا

فَتُبْلِغَ عُذْرًا وَالمقَالةُ تُعْذِرُ

تَهِيمُ إِلَى نُعْمٍ فَلَا الشَّملُ جَامِعٌ

ولا الحَبْلُ مَوْصُولٌ ولا القَلْبُ مُقْصِرْ

وَلاقُرْبُ نُعْمٍ إِنْ دَنَتْ لَكَ نَافِعٌ

ولا نَأْيُهَا يُسلِي وَلا أَنْتَ تَصْبرُ

وَأُخْرَى أتَتْ مِنْ دُونِ نُعْمٍ وَمِثْلُهَا

نَهَى ذَا النُّهَى لَوْ تَرْعَوي أَوْ تُفَكَّرُ

إِذَا زُرْتَ نُعْمًا لَمْ يَزَلْ ذُو قَرَابَةٍ

لَهَا كُلَّمَا لاقَيتُهَا يَتَنَمَّرُ

عَزِيزٌ عَلَيهِ أَنْ أُلِمَّ بِبَيتِهَا

يُسِرُّ لِي الشَّحْنَاءَ وَالبغْضُ مُظْهَرُ

أَلِكْنِي إِلَيْهَا بالسَّلامِ فإِنُّهُ

يُشَهَّرُ إِلْمامِي بِهَا وَيُنَكَّرُ

بِآيَةِ مَا قَالتْ غدَاةَ لَقِيتُهَا

بِمَدْفَعِ أكْنَانٍ أَهَذَا المُشَهَّرُ

قِفِي فَانْظُرِي أَسْمَاءُ هَلْ تَعْرِفِينَهُ

أَهَذَا المُغيرِيُّ الذِي كَانَ يُذْكَرُ

أَهذَا الذي أَطْرَيْتِ نَعْتًا فَلَم أكُنْ .... وَعَيشِكِ أَنْسَاهُ إِلَى يَوْمِ أُقْبَرُ

فقالتْ: نَعَم لاشَكَّ غَيَّرَ لَوْنَهُ

سُرَى اللَّيلِ يُحْييِ نَصُّهُ والتَّهجُّرُ

لَئِنْ كَانَ إِيَّاهُ لَقَدْ حَال بَعْدَنَا

عَنِ العَهْدِ والإِنْسَانُ قَد يَتَغَيَّرُ

رَأَتْ رَجُلًا أمَّا إذَا الشَّمْسُ عَارَضَتْ

فَيضْحَى وَأَمَا بِالْعَشِي فَيَخْصَرُ

أَخَا سَفَرٍ جَوَّابَ أَرْضٍ تَقَاذَفَتْ

بِهِ فَلَوَاتٌ فَهْوَ أَشعَثُ أَغْبَرُ

قلِيلٌ عَلَى ظَهْرِ المَطِيَّة ظِلُّهُ

سوَى مَا نَفَى عَنْهُ الرِّدَاءُ المُحَبَّرُ

وَأعْجَبَهَا من عَيْشهَا ظِلُّ غرْفةٍ

وَرَيَّانُ مُلْتَفُّ الحَدَائِقِ أَخْضَرُ

وَوَالٍ كَفَاهَا كُلَّ شَيْء يهُمُّهَا

فَلَيْسَتْ لِشَيْء آخِرَ اللَّيلِ تَسْهَرُ

وَليلةَ ذِي دَورَانَ جَشَّمَتْنِيَ السُّرَى

وَقَدْ يَجْشَمُ الهَوْلَ المُحِبُّ المُغُرَّر

فَبِتُّ رَقِيبًا للزَّفَاقِ عَلَى شَفَا

أُحَاذِرُ منْهُمْ مَنْ يَطُوفُ وَأنْظُرُ

ص: 99

و (المعصر): الجارية أول ما تُدرك، سميت به لدخولها في عصر الشباب، قاله

إلَيهمْ مَتى يَسْتَمْكِنُ النومُ مِنْهُمُ

وَلِي مَجْلِسٌ لَوْ لَا اللُّبَانَةُ أَوْعَرُ

وَبَاتَت قَلُوصِي بِالعَرَاءِ وَرَحْلُهَا

لطَارِقِ ليْلٍ أَوْ لمن جَاءَ مُعْورُ

وبتُّ أنَاجِي النَّفْسَ أيْنَ خِبَاؤُهَا؟

وَكَيفَ لِما آتِي من الأمْرِ مَصْدَرُ

فَدَلَّ عَلَيهَا القَلْبُ رَيا عَرَفْتُهَا

لَهَا وَهَوَى النَّفْسِ الذي كادَ يَظْهَرُ

فَلَمَّا فَقَدْتُ الصَّوْتَ منْهُمْ وأُطْفِئَتْ

مَصَابِيحُ شُبَّتْ بالعِشَاء وَأَنْؤُرُ

وَغَابَ قُمَيْرٌ كُنْتُ أَهْوَى غُيُوبَهُ .... وَرَوَّحَ رُعْيَانٌ وَنُوَّمُ سُمَّرُ

وَخُفِّضَ عَنّيِ الضَوْتُ أَقْبَلْتُ مشْيَةَ الـ

حُبَابِ وَشَخصِي خَشْيَةَ الحيِّ أَزْوَرُ

فَحَيَّيْتُ إذْ فَاجَأْتُهَا فَتَوَلَّهَتْ

وَكَادَتْ بمَخْفُوضِ التحِيَّةِ تَجْهَرُ

وقَالَتْ وعَضَّتْ بالبَنَانِ فَضَحْتَني .... وَأَنْتَ امرُؤٌ مَيْسُورُ أَمْرِكَ أَعْسَرُ

أَرَيْتَكَ إِذ هُنَّا عَلَيْكَ أَلَمْ تخَفْ

رَقيبًا وَحَوْلي مِن عَدُوِّكَ حُضَّرُ

فَوَ اللَّه مَا أَدْرِي أَتَعْجيلُ حَاجَةٍ

سَرَتْ بِكَ أمْ قَدْ نَامَ مَنْ كُنْتَ تَحْذَرُ

فقلْتُ لَهَا: بَلْ قَادَنِي الشَّوْقُ والهَوَى

إِلَيْكِ وَمَا نَفْسٌ مِنَ النَّاسِ تَشْعُرُ

فَقَالتْ وَقَدْ لانَتْ وَأَفْرَخَ رَوْعُهَا

كَلاكَ بحِفْظٍ ربُّكَ المتُكَبِّرُ

فَأنْتَ أَبَا الخطَّاب غَيرَ مُنَازعٍ

عَلَيَّ أميرٌ ما مَكثْتَ مُؤَمَّرُ

فَبِتُّ قَرِيرَ العَيْنِ أُعْطِيتُ حَاجَتِي

أُقبِّلُ فَاهَا في الخَلاءِ فَأُكثِرُ

فَيَا لَكَ مِنْ لَيْلٍ تَقَاصَرَ طُولُهُ

وَمَا كَانَ لَيْلِي قَبْلَ ذَلكَ يَقْصُرُ

وَيَا لَكَ مِنْ مَلْهَى هُنَاكَ وَمَجْلِسٌ

لَنَا لَمْ يُكَدِّرْهُ عَلَينَا مُكدِّرُ

يَمُجُّ زَكِيَّ المِسْكِ مِنْهَا مُقَبَّلٌ

نَقِيُّ الثَّنايَا ذُو غُرُوبٍ مؤَشَّرُ

تَرَاهُ إِذَا تَفْتَرُّ عَنْهُ كَأَنَّهُ

حَصَى بَرَدٍ أَوْ أُقْحُوَانٌ مُنَوَّرُ

وَتَرْنُو بِعَيْنَيْهَا إِلَيَّ كَمَا رَنَا

إِلَى ظَبْيَةٍ وَسْطَ الخَمِيلَةِ جُؤْذَرُ

فَلَمَّا تَقَضَّى اللَّيْلُ إِلَّا أَقَلَّهُ

وَكَادَتْ تَوَالِي نَجْمِهِ تَتَغَوَّرُ

أَشَارَتْ بأَنَّ الحَيَّ قَدْ حَانَ مِنْهُمُ .... هُبُوبٌ وَلَكِنْ مَوعدٌ مِنْكَ عَزْوَرُ

فَمَا رَاعَنِي إلا مُنَادٍ ترَحَّلُوا

وَقَدْ لاح مَفْتُوقٌ منَ الصُّبْحِ أَشْقَرُ

فَلَمَّا رَأَتْ مَنْ قَدْ تَنبَّهَ مِنْهُمُ

وَأَيْقَاظَهُمْ قَالتْ: أَشِرْ كَيْفَ تَأْمُرُ

فَقُلْتُ: اُبَادِيهِمْ فَإِمَّا أَفُوقُهُمْ

وَإِمَّا يَنَالُ السَّيْفُ ثَأْرًا فَيَثْأَرُ

فَقَالتْ: أَتحْقِيقًا لِما قَال كَاشِحٌ

عَلَيْنَا وَتَصْدِيقًا لِما كَانَ يُؤْثَرُ

ص: 100

الخليل.

فَإِنْ كَانَ مَا لا بُدَّ مِنْهُ فَغَيْرُ .... مِنَ الأمْرِ أَدْنَى لِلْخَفَاءِ وَأَسْتَرُ

أقُصُّ عَلَى أُخْتَيَّ بَدْءَ حَدِيثِنَا

وَمَا لِي مِنْ أَنْ يَعْلَمَا مُتَأَخَّرُ

لَعَلَّهُمَا أَنْ تَطْلُبَا لَكَ مَخْرَجًا

وَأَنْ تَرْحبَا صَدْرًا بِمَا كُنْتُ أَحْصُرُ

فَقَامَتْ كَئِيبًا لَيْسَ فيِ وَجْهِهَا دَمٌ

مِنَ الحُزْنِ تُذْرِي عَبْرَةً تتحدَّرُ

فَقَالتْ لأخْتَيْهَا: أَعِينَا عَلى فَتَى

أتى زَائِرًا والأمْرُ للأَمْرِ يُقْدَرُ

فَقَامَتْ إِلَيْهَا حُرَّتَانِ عَلَيْهِمَا

كِسَاءَانِ مِنْ خَزٍّ دِمَقْصٌ وَأَخْضَرُ

فَأَقْبَلتَا فَارْتَاعَتَا ثُمَّ قَالتَا

أَقِلِّي عَلَيْكِ اللَّوْمَ فالْخَطْبُ أَيْسَرُ

فَقَالتْ لَهَا الصُّغْرَى سَأُعْطِيهِ مِطْرَفيِ

وَدرْعِي وَهَذَا البَرْدُ إِنْ كَانَ يَحْذَرُ

يَقُومُ فَيَمْشِي بَيْنَنَا مُتَنكِّرًا

فَلا سِرَّنَا يَفْشُو وَلا هُوَ يَظْهَرُ

فَكَانَ مِجَنِّي دُون من كُنْتُ أَتَّقِي

ثلاث شخوصٍ كَاعِبَانِ وَمُعْصِرُ

فَلَمَّا أَجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ قُلْنَ لِي

أَلمْ تَتَّقِ الأَعْدَاءَ والليلُ مُقْمِرُ

وَقُلْنَ أَهَذَا دَأْبُكَ الدَّهْرَ سَادِرًا

أَمَا تَسْتَحِي أَوْ تَرْعَوي أَوْ تُفَكِّرُ

إذَا جِئْتَ فَامْنَحْ طَرْفَ عَيْنِكَ غَيْرَنَا

لِكَيْ يَحْسَبُوا أَنَّ الهَوَى حَيْثُ تَنْظُرُ

فآخِرُ عَهْدٍ لِي بِهَا حِينَ أَعْرَضَتْ .... ولاحَ لَهَا خَدٌّ نَقِيٌّ ومَحْجرُ

سِوَى أَنَّنِي قَدْ قُلْتُ يَا نُعْمُ قَوْلَةً

لَهَا وَالْعِتَاقُ الأرْحَبِيَّاتُ تُزْجَرُ

هَنِيئًا لأَهْلِ العَامِرِيَّةِ نَشْرُهَا الـ .... لذيدُ وَرَيَّاهَا الذي أَتذَكَّرُ

وَقُمْتُ إِلَى عَنْسٍ تَخَوَّنَ نِيَّهَا

سُرَى اللَّيْلِ حتَّى لَحْمُهَا مُتَحَسِّرُ

وَحَبسي عَلَى الحَاجَاتِ حَتَّى كَأَنَّهَا .... بَقِيَّةُ لَوْحٍ أَوْ شِجَارٌ مُؤَسَّرُ

وَمَاءٍ بمَوْمَاةٍ قَلِيلٍ أُنِيسُهُ

بَسَابِسَ لَمْ يَحْدُثْ بِهِ الضَّيْفَ مَحضَرُ

بِهِ مُبْتَنًى لِلْعَنْكَبُوتِ كَأَنَّهُ .... عَلَى طَرَفِ الأَرْجَاءِ خَامٌ مُنَشَّرُ

وَرَدْتُ وَمَا أَدْرِي أَمَا بَعْدَ مَوْرِدي

مِنَ اللَّيْلِ أَمْ قَدْ مضَى مِنْهُ أَكْثَرُ

فَقُمْتُ إِلَى مِغْلاةِ أَرْضٍ كَأَنَّها .... إِذَا التَفَتَتْ مَجْنُونَةٌ حِينَ تَنْظُرُ

مُحَاولَةً لِلْمَاءِ لَولا زِمَامُهَا .... وَجَذْبِي لَهَا كانتْ مِرَارًا تكسَّرُ

فَلَمَّا رَأَيْتُ الضُّرَّ مِنْهَا وَإِنّنِي

بِبَلْدَةِ أَرْضٍ لَيسَ فِيهَا مُعَصَّرُ

قَصَرتُ لَهَا مِنْ جَانِبِ الحَوْضِ ناشئًا .... جَدِيدًا كَقَابِ الشِّبْرِ أَوْ هُوَ أَصْغَرُ

إِذَا شَرَعَتْ فِيهِ فَلَيْسَ لِمُلْتَقَى .... مَشَافِرِهَا مِنْهُ قِدَى الكَفِّ مُسْأَرُ

ص: 101

• فإن لم يثبت لذلك المعدود جمع قلة .. جيء بالكثرة ضرورة؛ كـ (ثلاثة رجال)، و (خمسة قلوب، ودراهم، وثعالب).

• ولا يضاف واحد ولا اثنان؛ استغناء بإفراد التمييز وتثنيته؛ فلا يقال: (واحد درهم)، و (لا اثنا درهم)، بل يقال:(درهم أو درهمان).

وأما قوله:

كَأَنَّ خَصيَيْهِ مِنَ التَّدَلْدُلِ

ظَرفَ عَجُوزٍ فِيهِ ثِنتَا حَنظَلِ (1)

وَلا دَلْوَ إلا القَعْبُ كَانَ رِشَاءَهُ

إِلَى الماءِ نِسْعٌ والجَدِيلُ المُضَفَّرُ

فَسَافَتْ وَمَا عَافَتْ وَمَا رَدَّ شُرْبَهَا

عَنِ الرَّيِّ مَطْرُوقٌ مِنَ الماءِ أكْدَرُ

قال العيني في "شرح المقاصد النحوية" 1/ 306 - 308 بعد أن ذكر القصيدة بتمامها:

وإنما سقت هذه القصيدة بكمالها وإن كان قد طال بها الكتاب من وجوه:

• الأول: فيها أبيات كثيرة يستشهد بها في كتب النحو؛ ولا سيما فيما نحن بصدده.

• الثاني: لحسنها ورياقتها ما أردت إخلالها.

اللغة: والإعراب: مجني، المجن: أصله الترس وجمعه مجان، ويريد به هنا: ما يتقي به الرقباء، أتقي: أجانب وأحذر. شخوص: جمع شخص، وأصله الشبح الذي يرى من بعد، والمراد هنا: الإنسان. كاعبان: مثنى كاعب، وهي الجارية حين يبدو ثديها. مُعصِر: الجارية أول ما تدرك وتدخل عصر الشباب.

والمعنى: كان سِتري وحصني دون من كنت أتقيه وأخافه من الرقباء، هؤلاء الثلاثة اللواتي مشيت بينهن متنكرا وساعدنني على ذلك.

الإعراب: فكان: الفاء بحسب ما قبلها، كان: فعل ماض ناقص. مجني: خبر كان مقدم. دون: منصوب على الظرفية به؛ لما فيه من معنى الواقي. من: اسم موصول مضاف إليه، كنت أتقي: الجملة صلة الموصول؛ والعائد محذوف؛ أي: أتقيه ثلاث: اسم كان مؤخر. وشخوص: مضاف إليه. كاعبان: بدل من ثلاث. ومعصر: معطوف عليه.

الشاهد: قوله: (ثلاث شخوص)؛ إذ الأصل أن يكون مميز ثلاث وأخواتها: مما يدل على جمع القلة، وجاء هذا البيت على خلاف الأصل.

(1)

التخريج: الرجز لخطام المجاشعي، أو لجندل بن المثنى، أو لسلمى الهذلية، أو للشماء الهذلية في خزانة الأدب 7/ 400، 404، ولجندل بن المثنى، أو لسلمى الهذلية في المقاصد النحوية 4/ 485، ولخطام المجاشعي، أو لجندل بن المثنى، أو لسلمى الهذلية، أو للشماء الهذلية في الدرر 4/ 38، ولجندل بن المثنى في شرح التصريح 2/ 270، وللشماء الهذلية في خزانة الأدب 7/ 526، 529، 531، وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص 189، وخزانة الأدب

ص: 102

فضرورة، والقياس:(حنظلتان).

تنبيه:

• المعدود المحذوف كالمذكور فيما سبق؛ كـ (صمت خمسة)، و (تزوجت خمسًا).

ويجوز غير ذلك، وفي القرآن:{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ، وفي الحديث:"وأتبعه بستٍّ من شوال".

وحكى الكسائي: (صمت من الشهر خمسًا).

• وإذا لم يقصد معدود بل قصد ذكر العدد المطلق. . وجبت التاء؛ كـ (خمسةٌ نصفُ عشرةَ) ممنوع الصرف للعلمية والتأنيث، خلافًا لبعضهم.

• وإن كان تمييز هذه الأعداد صفة. . فالعبرة بحال الموصوف، فنحو:(عانس)، و (رَبعَة)، و (قتيل). . يستوي فيه المذكر والمؤنث؛ فتقول إن أردت الرجال:(ثلاثة عنس، وربعات، وقتلى)، وتقول إذا أردت النساء:

= 7/ 508، وشرح أبيات سيبويه 2/ 361، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 1847، وشرح المفصل 4/ 143، 144، 6/ 16، 18، والكتاب 3/ 569، 624، ولسان العرب 11/ 249 دلل، 692 هدل، 14/ 117 ثنى، 230 خصى، والمقتضب 2/ 156، والمنصف 2/ 131، وهمع الهوامع 1/ 253.

اللغة: الخصيتان: البيضتان، والخصيتان هما الجلدتان اللتان فيهما البيضتان. التدلدل: التحرك واضطراب المعلق. ظرف العجوز: الجراب الذي تجعل فيه خبزها وما تحتاج إليه.

المعنى: شبه الشاعر خصييه حين كبر وشاخ بظرف عجوز بالٍ فيه حنظلتان؛ لأن العجوز لا تتزين ولا تتصدى للرجال. وهذا أقبح ذم يكون في الشيخ.

الإعراب: كأن: حرف مشبه بالفعل. خصييه: اسم كأنَّ منصوب بالياء لأنه مثنى، وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. من التدلدل: جار ومجرور متعلقان بما تضمنته كأنَّ من معنى التشبيه. ظرفُ: خبر كأنّ مرفوع، وهو مضاف. عجوز: مضاف إليه مجرور. فيه: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. ثنتا: مبتدأ مؤخر مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى، وهو مضاف. حنظل: مضاف إليه مجرور.

وجملة (كأن خصييه) ابتدائية لا محل لها، وجملة (فيه ثنتا حنظل): في محل رفع نعت ظرف.

الشاهد فيه قوله: (ثنتا حنظل) حيث أضاف (ثنتا) للضرورة، والأصل أنها لا تضاف، فيقال:(حنظلتان).

ص: 103

(ثلاث عنس، وربعات، وقتلى).

و (العانس): من بلغ حد التزوج ولم يتزوج، ذكرًا كان أو أنثى.

وفي القرآن: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} ؛ أي: (عشر حسنات أمثالها) فلم يؤت بالتاء في (عشر)؛ لأن الموصوف مؤنث، وإنما جاز (عشر حسنات)، ولم يجز نحو:(ثلاث هندات) كما سبق؛ لأن نحو: (هندات) و (زيدين) واحده علَم.

بخلاف نحو: (حسنات)، و (ضربات)، و (أربع شهادات)، و (خمس صلوات). . فيجوز كما ثبت به السماع.

وقرأ الحسن وسعيد بن جبير والأعمش: (فله عشرٌ) منونًا؛ أي: (فله حسنات عشرٌ أمثالها)، ذكره مكي.

وقالوا: (ثلاثة أنفس) مع أن النفس مؤنثة.

فأجيب: بأن (النفس) كثر استعمالها مقصودًا بها شخص، فجعل عددها بالتاء لأجل ذلك، وكأنه قيل:(ثلاثة أشخاص).

وحكى يونس: أن رؤبة الشاعر قال: (ثلاث أنفس) مراعاة لتأنيث اللفظ.

والبغداديون: يعتبرون لفظة الجمع المؤنث بالتاء وإن كان واحده مذكرًا. . فيجوز عندهم: (ثلاث إصطبلات).

والوجه: اعتبار المفرد؛ كـ (ثلاثة إصطبلات) كما هو ظاهر المتن.

وربما نصب تمييز (ثلاثة) ونحوها، كقولهم:(خمسةٌ أثوابًا) بتنوين (خمسة).

• وإن كان المنوّن اسم جنس، أو اسم جمع. . جُرَّ بـ (مِن):

فالأول، نحو:{أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْر} ، و (ثلاث من الغنم)، و (خمس من النخل).

والتاني: (ثلاثة من القوم)، و (أربعة من الرهط أو من النفر)، و (خمس من الزود أو من الإبل).

• وتسقط التاء مع المؤنث، وتثبت مع ضده.

وفي "الصحاح": أن (قوم) و (رهط) و (نفر) مما هو للآدميين: يذكر ويؤنث.

• قد يضاف العدد لاسم الجمع، كقوله تعالى:{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} .

وقول الشيخ: (ثلاثةً): مفعول، لقوله:(قُلْ)؛ لأنه بمعنى اذكر.

ص: 104

وقيل: أريد مجرد اللفظ، وهو جائز كما سبق في (ظننت) وأخواتها.

واللَّه الموفق

ص:

728 -

وَمِائَةً وَالأَلْفَ لِلْفَرْدِ أَضِفْ

وَمِائَةٌ بِالْجَمْعِ نَزْرًا قَدْ رُدِفْ

(1)

ش:

سبق أن ثلاثة إلى عشرة تضاف للجمع.

وذكر هنا أنا (المائة) و (الألف) يضافان للمفرد؛ ليطابق لفظهما، وفي القرآن:{بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ} ، {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} .

وأما دخول (أل) على المضاف في قول أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه: "فلما قدم. . جاءه بالألف دينار":

فقيل: زائدة.

وقيل: تقديره: (بالألف ألف دينار) فحذف (ألف) وهو بدل من (الألف).

وعن ابن كيسان: (المائة درهمًا، والألف دينارًا).

وأشار بقوله: (وَمِائَةٌ بِالْجَمْعِ نَزْرًا قَدْ رُدِفْ) إلى أن (مائة) أضيفت للجمع قليلًا، كقراءة الأخوين

(2)

: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} ، بإضافة (مائة) لـ (سنين).

(1)

ومائة: مفعول تقدم على عامله، وهو قوله: أضف الآتي. والألف: معطوف على مائة. للفرد: جار ومجرور متعلق بقوله: أضف الآتي. أضف: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. ومائة: مبتدأ. بالجمع: جار ومجرور متعلق بقوله ردف الآتي. نزرا: حال من الضمير المستتر في قوله: ردف. رُدف: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى مائة الواقع مبتدأ، والجملة من الفعل -الذي هو ردف- ونائب فاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ.

(2)

سنذكر للفائدة رواة القراءات وبعض المصطلحات في كتب القراءات؛ ليكون هذا معينًا على معرفة القارئ الإمام.

ابن كثير: راوياه: البزي، وقنبل.

نافع: رواياه: قالون، وورش.

أبو عمرو بن العلاء: راوياه الدوري، والسوسي، عن يحيى اليزيدي عنه.

ابن عامر: راوياه: هشام، وابن ذكوان.

ص: 105

تنبيه:

إذا ثنيتَ المائة أو الألف أو جمعتَهُما. . أضفته أيضًا لمفرد؛ نحو: (مائتا وجل)، و (ألفا امرأة)، و (ثلاثة آلاف رجل).

وربما ثبتت النون فنصب التمييز؛ كقوله:

إِذَا عَاشَ الفَتَى مِئَتَينِ عَامًا

. . . . . . . . . . .

(1)

= عاصم: راوياه: أبو بكر شعبة بن عياش، وحفص بن سليمان.

حمزة: راوياه: خلف، وخلاد عن سليم عنه.

علي بن حمزة الكسائي: راوياه: أبو الحارث والدوري.

أبو جعفر: يزيد بن القعقاع: راوياه: عيسى بن وردان، وسليمان بن جماز.

يعقوب بن إسحاق الحضرمي: راوياه: رويس، وروح.

خلف بن هشام البزار: راوياه: إسحاق الوراق، وإدريس بن الحداد.

ومن المصطلحات المستخدمة في كتب القراءات:

الحرميان: نافع وابن كثير.

المدنيان: نافع وأبو جعفر.

البصريان: أبو عمرو ويعقوب.

الأخوان: حمزة والكسائي.

النحويان: أبو عمرو والكسائي.

العربيان: أبو عمرو وابن عامر.

الابنان: ابن كثير وابن عامر.

الكوفيون: عاصم وحمزة والكسائي.

المكي: ابن كثير.

الشامي: ابن عامر.

المدني: نافع.

البصري: أبو عمرو.

(1)

التخريج: صدر بيت من الوافر، وعجزه: فقدْ ذَهبَ اللذاذةُ والفَتاءُ

وهو للربيع بن ضبع في أمالي المرتضى 1/ 254، وخزانة الأدب 7/ 379، 380، 381، 385، والدرر 4/ 41، وشرح التصريح 2/ 273، وشرح عمدة الحافظ ص 525، والكتاب 1/ 208، 2/ 162، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص 299، وجمهرة اللغة ص 1032، وشرح الأشموني 3/ 623، ومجالس ثعلب ص 333، والمقتضب 2/ 169، والمنقوص والممدود ص 17.

ص: 106

والقياس: (مائتي عام).

ويقال: (ثلاث مائة)، و (أربع مائة) من غير تاء؛ لأن (مائة) مؤنث.

وتثبت في نحو: (ثلاثة ألاف)، و (عشرة آلاف)؛ لأن (الألف) مذكر، قال تعالى:{أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ} .

وأبو حيان في "الارتشاف" قرأ الحسن: (بثلاثةِ ألفٍ).

وكان القياس أن يقال: (ثلاث مئات أو مئِين) إلى (تسع مائة)، لما تقدم من أن (ثلاثة) ونحوها لا تضاف إلا لجمع؛ لكن حيث طال الكلام. . أضافوها إلى المفرد، وأضافوا المفرد للجمع، فقالوا:(ثلاث مائة دواهم)، وكان القياس:(ثلاث مئات من الدراهم) ونحو ذلك.

وقيل: عدلوا عن ذلك لثقل الجمع والكسرة في (مئات).

وجاء على الأصل قوله:

ثَلَاث مِئِينَ لِلمُلُوكِ وَفَى بِهَا

. . . . . . . . . . . . .

(1)

= اللغة: الفتاء: الفتوّة.

المعنى: إذا كبر الإنسان فى السنّ. . ذهبت لذاذته وفتوّته.

الإعراب: إذا: ظرف زمان يتضمّن معنى الشرط خافض شرطه متعلّق بجوابه. عاش: فعل ماضٍ. الفتى: فاعل مرفوع. مئتين: مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالياء لأنه مثنّى متعلق بالفعل عاش. عامًا: تمييز منصوب. فقد: الفاء: واقعة في جواب الشرط، وقد: حرف تحقيق. ذهب: فعل ماضٍ. اللذاذة: فاعل مرفوع. والفتاء: الواو: حرف عطف، والفتاء: معطوف على اللذاذة مرفوع.

وجملة (إذا عاش. . .): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (عاش. . .): في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة (ذهب): جواب شرط غير جازم لا محلّ لها من الإعراب.

والشاهد فيه قوله: (مئتين عامًا)؛ حيث أفرد الاسم المميز عامًا ونصبه بعد مئتين، وكان الوجه حذف نون مئتين وخفض ما بعدها، إلَّا أنّها شبّهت للضرورة بالعشرين ونحوها مما تثبت نونه، وينصب ما بعده.

(1)

التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: رِدائي وجَلّتْ عنْ وُجوهِ الأهاتِمِ

وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 310، وخزانة الأدب 7/ 370 - 373، وشرح التصريح 2/ 272، ولسان العرب 14/ 317 (ردى)، والمقاصد النحوية 4/ 480، وبلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 622، وشرح عمدة الحافظ ص 518، والمقتضب 2/ 170.

ص: 107

وعن المبرد: أن نحو (ثلاث مائة) هو القياس.

واللَّه الموفق

ص:

729 -

وَأَحَدَ اذْكُرْ وَصِلَنْهُ بِعَشَرْ

مُرَكِّبًا قَاصِدَ مَعْدُوْدٍ ذَكَرْ

(1)

730 -

وَقُلْ لَدَى التَّأْنِيْث إِحْدَى عَشْرَةْ

وَالشِّيْنُ فِيْهَا عَنْ تَمِيْمٍ كَسْرَهْ

(2)

731 -

وَمَعَ غَيْرِ أَحَدٍ وَإِحْدَى

مَا مَعْهُمَا فَعَلْتَ فَافْعَلْ قَصْدَا

(3)

= اللغة. الرداء: الثوب. جلّت: كشفت. الأهاتم: بنو الأهتم.

المعنى: إنه وفى للملوك بثلاث مئة بعير، وكشف عن وجوه بني الأهتم.

الإعراب: ثلاث: مبتدأ مرفوع، وهو صاف. مئين: مضاف إليه مجرور بالياء لأنّه ملحق بجمع المذكر السالم. للملوك: جار ومجرور متعلّقان بـ (وفى). وفى: فعل ماضٍ. بها: جار ومجرور متعلّقان بـ (وفى). ردائي: فاعل وفى مرفوع، وهو مضاف، والياء: ضمير متصل مبنيّ في محل جر بالإضافة. وجلت: الواو: حرف استئناف، وجلت: فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هي. عن وجوه: جار ومجرور متعلّقان بـ (جلّت)، ووجوه: مضاف، والأهاتم: مضاف إليه مجرور.

وجملة (ثلاث مئين. . .): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (وفى بها): في محلّ رفع خبر المبتدأ. وجملة (جلّت): استئنافية لا محل لها من الإعراب.

والشاهد فيه قوله: (ثلاث مئين) حيث جمع مئة على مئين. وإضافة ثلاث إلى الجمع، وإن كان قياسًا، غير مستعمل إلَّا نادرًا.

(1)

وأحد: مفعول مقدم على عامله وهو قوله: اذكر. اذكر: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. وصلنه: الواو عاطفة، و (صِلَ): فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والهاء مفعول به لصِل. بعشر: جار ومجرور متعلق بصل. مركبًا: حال من الضمير المستتر في قوله: صلنه السابق. وقاصد: حال ثانية، وقاصد مضاف، وممدود: مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله. ذَكَر: صفة لمحدود.

(2)

وقُلْ: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. لدى: ظرف متعلق بقُل، ولدى: مضاف، والتأنيث: مضاف إليه. إحدى عشرة: قصد لفظه: مفعول به لقل. والشين: مبتدأ أول. فيها، عن تحيم: جاران ومجروران يتعلقان بمحذوف خبر مقدم. كسرة: مبتدأ ثان مؤخر، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره: في محل رفع خبر المبتدأ الأول.

(3)

ومع: ظرف متعلق بقوله: افعل الآتي، ومع: مضاف، وغير: مضاف إليه، وغير: مضاف، وأحد: =

ص: 108

732 -

وَلِثَلَاثَةٍ وَتِسْعَةٍ وَمَا

بَيْنَهُمَا إِنْ رُكِّبَا مَا قُدِّمَا

(1)

ش:

سبق ذكر العدد المضاف.

وأخذ يتكلم على المركب ونحوه، وفيه تفصيل:

- فللمذكر: (أحد).

- وللمؤنث: (إحدى).

وتعرب (اثنان)، و (اثنتان) إعراب المثنى كما سيأتي.

ويقال في المذكر: (ثمانية عشر).

وفي المؤنث: (ثمانيَ عشرة) بفتح الياء قياسًا على أخواتها.

ويجوز إسكانها تشبيهًا بـ (معدي كرب).

ويقلُّ حذفهما؛ نحو: (ثمانِ عشرة امرأة) بكسر النون وفتحها.

قال في "الكافية"

(2)

:

وَافتَحْ أَوِ اسكِنْ (يَا) ثَمَانِي عَشْرَة

أَوِ احْذِفِ إِثْرَ فَتحَةٍ أَوْ كَسرَة

= مضاف إليه. وإحدى: معطوف على أحد. ما: مفعول مقدم على عامله وهو قوله: افعل الآتي. معهما: مع: ظرف متعلق بقوله: فعلت الآتي، ومع: مضاف، والضمير: مضاف إليه. فعلت: فعل وفاعل، والجملة من هذا الفعل وفاعله: لا محل لها صلة، والعائد ضمير منصوب محذوف، والتقدير: افعل الذي فعلته. فافعل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. قصدا: حال من الضمير المستتر في افعل على التأويل بمشتق هو اسم فاعل: أي قاصدًا.

(1)

لثلاثة: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. وتسعة: معطوف على ثلاثة. وما: اسم موصول معطوف على ثلاثة أيضًا. بينهما: بين: ظرف متعلق بمحذوف صلة ما الموصولة، وبين: مضاف، والضمير: مضاف إليه. إن: شرطية. ركبا: رُكب: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح في محل جزم، فعل الشرط. وألف الاثنين: نائب فاعله. ما: اسم موصول: مبتدأ مؤخر. قدما: قدم: فعل ماض مبني للمجهول، والألف للإطلاق، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى ما الموصولة الواقعة مبتدأ، والجملة من قدم ونائب فاعله: لا محل لها صلة الموصول. وجواب الشرط محذوف، وجملة الشرط وجوابه لا محل لها اعتراضية.

(2)

شرح الكافية الشافية 3/ 425.

ص: 109

ومن حذف الياء، قوله:

وَلَأَشرَبَنَّ ثَمَانِيًا وَثَمَانِيَا

وَثَمَانَ عَشرَةَ واثنَتَينِ وَأَربَعَا

(1)

• ويجب بناء الجزأين في ما سوى ذلك على الفتح كـ (خمسةَ عشرَ)؛ لأن التركيب ثقيل، وقد طال هذا النوع بالتركيب. . فاختير الفتح للخفة، فبني الصدر؛ لأنه كجزء الكلمة، ويبنى العجز؛ لأنه متضمن معنى الحرف؛ إذ الأصل قبل التركيب:(خمسة وعشرة) ونحو ذلك، فحذفت الواو.

ولو لم يعدل عن هذا اللفظ. . لحصل لبس كما تقول: (أعطيت خمسةً وعشرةً)، فلا يدرى:(هل أعطيت خمسة عشر دفعة واحدة، أو مرة خمسة ومرة عشرة؟).

فتقول: (هؤلاء أحدَ عشرَ رجلًا)، و (رأيت أحدَ عشرَ رجلًا)، و (مررت بأحدَ عشرَ رجلَا) بفتح الجزأين مطلقًا، كما قال:(وَأَحَدَ اذْكُرْ وَصِلَنْهُ بِعَشَرْ. . . إلى آخر البيت).

وربما قيل: (وَحْدَ عَشَرَ) على الأصل.

ويقال في المؤنت: (هؤلاء إحدى عشْرةَ امرأة)، و (رأيت إحدى عشْرةَ امرأة)، و (مررت بإحدى عشْرةَ امرأة) بفتح التاء من (عشرة) وسكون الشين.

- ويجوز كسر الشين عند تميم.

هذا معنى قوله: (وَقُلْ لَدَى التَّأْنِيْثِ إِحْدَى عَشْرَهْ. . . إلى آخر البيت).

- وقد تفتح الشين، كقراءة الأعمش:(فانفجرت منه اثنتا عشَرة عينا).

• فإن كان المعدود غير (أحد)، و (إحدى) والمراد به (اثنا عشر إلى التسعة عشر). . فعلت به ما فعلته به مع (أحد)، و (إحدى) من كون التاء تسقط في التذكير، وتثبت في التأنيث.

فتقول في المذكر: (عشر) مطلقًا، وتقول في المؤنث:(عشرة) مطلقًا.

(1)

التخريج: البيت من الكامل، وهو للأعشى في لسان العرب 13/ 81 (ثمن)؛ وتاج العروس (ثمن)؛ وهو بلا نسبة في شرح الأشموني 3/ 627، معجم الشواهد ص (214) وليس في ديوانه.

الشاهد: قوله: (وثمانَ عشرة) حيث حذف الياء من (ثماني) وهو قليل.

ص: 110

هذا معنى قوله: (وَمَعَ غَيْرِ أَحَدٍ وَإِحْدَى ما مَعْهُمَا فَعَلْت فَافْعَلْ قَصْدَا).

• وأما الصدر وهو ثلاثة إلى تسعة. . فتثبت التاء فيه مع المذكر، وتحذف مع المؤنث كما سبق ذكره؛ نحو:(هؤلاء ثلاثة عشر رجلًا)، و (رأيت ثلاثة عشر رجلًا)، و (مررت بثلاثة عشر رجلًا)، و (هؤلاء ثلاث عشرة امرأة)، و (رأيت ثلاث عشرة امرأة)، و (مررت بثلاث عشرة امرأة)، وهكذا إلى (تسعة عشر رجلًا)، و (تسع عشرة امرأة)، وهذا معنى قوله:(وَلِثَلَاثَةٍ وَتَسْعَةٍ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ رُكِّبَا: مَا قُدِّمَا) يعني: إن ركبت ثلاثة وتسعة وما بينهما مع عشر. . فلهما ما تقدم ذكره من إثبات التاء في التذكير وحذفها في التأنيث.

• ويعتبر المذكر العاقل في العطف مطلقًا؛ نحو: (خمسة عشر عبدًا وجارية)، و (خمسة عشر جارية وعبدًا).

• وإلا. . فيعتبر السابق بشرط الاتصال؛ كـ (خمسة عشر جملًا وناقة)، و (خمس عشرة ناقة وجملًا).

• ويعتبر السابق في الإضافة؛ نحو: (عندي عشرة أعبد وإماء)، و (عشرة إماءٍ وأعبد).

• وتمييز هذا العدد مفرد منصوب كما ذكر في الأمثلة، وسيأتي في كلام الشيخ.

وأما قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا} ، فـ (أسباطًا): بدل من اثنتي عشرة، والتمييز محذوف تقديره:(فرقة) واللَّه أعلم بمراده؛ أي: (وقطعناهم اثنتي عشرة فرقة أسباطًا).

ويشكل على قولهم: المبدل منه في نية الطرح؛ إذ لو قيل: (وقطعناهم أسباطًا). . فاتت فائدة كمية العدد.

وأجيب: بأنها قاعدة أغلبية لا لازمة.

والبغوي: أن الكلام فيه تقديم وتأخير؛ أي: (وقطعناهم أسباطًا أممًا اثنتي عشرة).

وأجاز الكسائي: دخول (أل) على هذا التمييز؛ نحو: (خمسة عشر الرجل).

ص: 111

• وإذا قصد تعويف المركب. . يقال: (الأحد عشر درهمًا)، و (الخمسة عشر درهمًا) بتعريف الأول فقط.

• وقد تدخل على الأول والثاني بضعف؛ نحو: (الأحد العشر درهمًا)، وهو للكوفيين.

• وعلى (الثلاثة بقبح)، وهو للكسائي والبغداديين.

وعن الكوفيين: تعويف الأول في نحو: (الخمسة الدراهم) بالجر قياسًا على (الحسن الوجه)، وغيرهم يقول:(خمسة الدراهم).

وأجاز الفراء في (خمسة عشر) ونحوه إعراب المتضايفين فيكون الصدر على حسب العامل والعجز مجرورًا لا غير، ومنه قول الشاعر:

كُلِّفَ مِن عَنَائِهِ وَشِقوَتِه

بِنتَ ثَمَانِي عَشرَةٍ مِن حِجَّتِه

(1)

بجر (عشرة) منونًا.

وفي "الشاطبية" أيضًا نحو هذا؛ كقوله رحمه الله:

(1)

التخريج: الرجز لنفيع بن طارق في الحيوان 6/ 463؛ والدرر 6/ 197؛ وشرح التصريح 2/ 275؛ والمقاصد النحوية 4/ 488؛ وبلا نسبة في لسان العرب 14/ 438 (شقا)؛ والإنصاف 1/ 309؛ وأوضح المسالك 4/ 259؛ وخزانة الأدب 6/ 430؛ وشرح الأشموني 3/ 627؛ وهمع الهوامع 2/ 149؛ وتهذيب الغلة 9/ 209؛ والمخصص 14/ 92، 17/ 102.

اللغة: كُلِّف: ماض للمجهول -بالتشديد من التكليف- وهو تحمل ما فيه كلفة مشقة. وقرئ: كَلِفَ -من الكَلَف- يقال: كلف بكذا؛ أي: أولع به. عنائه: العناء معناه: التعب والجهد. شقوته: عسره. من حجته: من عامه ذلك.

المعنى: إن هذا الرجل تحمل وتكلف -لأجل تعبه وشقائه- مشقة حب بنت سنها ثماني عشرة في عامه ذلك.

الإعراب: كُلِّف: فعل ماض للمجهول. من عنائة: من للتعليل، عنائه مجرور ومضاف إلى الهاء. وشقوته: معطوف على عنائه. بنتَ: مفعول ثان لكلف. ثماني عشرة: ثمان مضاف إليه وهو مضاف إلى عشرة. من حجته: من جارة بمعنى في، وحجته مجرورة بها.

الشاهد: قوله: (ثماني عشرةٍ) فقد استشهد به الكوفيون على جواز إضافة صدر المركب العددي إلى عجزه، وإن لم يضف المجموع إلى شيء آخر؛ فقد أضيف ثماني إلى عشرة مع عدم إضافتها إلى غيرها كما في خمس عشرة محمدٍ.

ص: 112

وَفِي اللامِ للتَّعريفِ أَربَعُ عَشرَةٍ

. . . . . . . . . . . . .

(1)

برفع (أربع) على الابتداء، وجر (عشرة) مضافًا إليه.

• وقد تسكن عين (عشر) لاستثقال توالي الحركات؛ كقراءة يزيد بن القعقاع: (إني رأيت أحد عشْر).

وقرأ هبيرة: (اثنا عشْر شهرًا) بالسكون أيضًا.

قال في "الكافية":

وَبَعضُهُمْ سَكَّنَ عَينَ عَشَرْ

مِنْ بَعدِ فَتحٍ وَمَعَ اثنَا قَدْ نَدَرْ

تنبيه:

سبق أن (أحد) أصله: (وَحَد)، فهمزته منقلبة عن واو.

وقد جاء على الأصل قوله:

. . . . . . . . . . . . .

. . . . . عَلَى مُستَأنِسٍ وَحْدِ

(2)

أنشده ابن بابشاذ قال:

- وهذه هي التي تستعمل في قولك: (كل أحدٍ في الدار)، وجمعها:(آحاد).

- وأما التي تستعمل بعد النفي؛ نحو: (ما جاء من أحد). . فهمزته أصلية غير مبدلة، ولا يجمع ولا يستعمل في العدد، ولا في الواجب. انتهى.

فعلم: أن التي في العدفى همزتها عن واو.

واللَّه الموفق

(1)

انظر الوافي في شرح الشاطبية ص (189)، البيت رقم (407).

(2)

التخريج: جزء بيت من بحر البسيط، وهو بتمامه:

كَأَنَّ رَحْلِي وَقَدْ زَالَ النَّهَارُ بنَا

بِذِي الجَلِيلِ عِلِى مُسْتانِسٍ وَحدِ

وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص 17؛ وَالأزهية ص 285؛ وخزانة الأدب 3/ 187؛ والخصائص 3/ 262؛ وشرح المفصل 6/ 16؛ ولسان العرب 3/ 450 (وحد)، 5/ 237 (نهر)، 6/ 15 (أنس)، 11/ 315 (زول).

الشاهد: قوله: (وحد) حيث استعمل (أحد) على أصله الذي هو الواو.

ص: 113

ص:

733 -

وَأَوْلِ عَشْرَةَ اثْنَتَيْ وَعَشَرَا

اثْنَيْ إِذَا أُثْنَى تَشَا أَوْ ذَكَرَا

(1)

734 -

وَالْيَا لِغَيْرِ الرَّفْعِ وَارْفَعْ بِالأَلِفْ

وَالْفَتْحُ فِي جُزأَي سِوَاهُمُا أُلِفْ

(2)

ش:

يؤتى في المذكر بـ (اثني) مع (عشر)، وفي المؤنث بـ (اثنتي) مع (عشرة)، كما قال:(وَأَوْلِ عَشْرَةَ اثْنَتَيْ وَعَشَرَا اثْنَيْ).

ويعرب الصدر إعراب المثنى كما سبق ذكره.

وعبد اللَّه ابن درستويه: أن نحو: (اثنا عشر) مبني.

قال ابن بابشاذ في "شرح الجمل": ولم يقل بهذا أحد غيره.

فتقول: (هؤلاء اثنا عشر رجلا)، و (رأيت اثني عشر رجلا)، و (مررت باثني عشر رجلا)، و (هؤلاء اثنتا عشرة امرأة)، و (رأيت اثنتي عشرة امرأة)، و (مررت باثنتي عشرة امرأة).

وفي القرآن: {فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} ، فيرفع بالألف، وينصب ويجر بالياء، وهذا معنى قوله:(وَالْيَا لِغيْرِ الرَّفْعِ وَارْفَعْ بِالأَلِفْ).

وليس فى عجزهما إلا الفتح.

(1)

وأول: فعل أمر مبني على حذف الياء، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. عشرة: مفعول أول لـ (أولِ). اثنتي: مفعول ثان. وعشرا: معطوف على المفعول الأول. إثني: معطوف على المفعول الثاني، ولا حظر في العطف على معمولين لعامل واحد. إذا: ظرف تضمن معنى الشرط. أثنى: مفعول به لقوله: تشا الآتي. تشا: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والجملة من تشا وفاعله المستتر فيه: في محل جر بإضافة إذا إليها. أو عاطفة. ذَكَرا: معطوف على أنثى.

(2)

واليا: قصر للضرورة: مبتدأ. لغير: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، وغير: مضاف، والرفع: مضاف إليه. وارفع: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. بالألف: جار ومجرور متعلق بقوله: ارفع السابق. والفتحُ: مبتدأ. في جزأي: جار ومجرور متعلق بقوله: ألف الآتي، وجزأي مضاف، وسوى: من سواهما: مضاف إليه، وسوى: مضاف، والضمير: مضاف إليه. أُلِف: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى الفتح الواقع مبتدأ، والجملة من ألف ونائب فاعله المستتر فيه: في محل رفع خبر المبتدأ.

ص: 114

وإنما أعرب هذا النوع؛ لأن (عشر) في: (اثني عشر) بمنزلة نون (اثنين)، والنون لا تمنع الإعراب.

• وأما غير هذين .. فيبنى فيه الجزآن على الفتح، كما تقول:(ثلاثةَ عشرَ)، و (ثلاثَ عشرةَ)، و (أربعةَ عشرَ)، و (أربعَ عشرةَ)، وإليه أشار بقوله:(وَالْفَتَحُ فِي جُزأَي سِوَاهُمَا أُلِفْ) يعني: والفتح ألفه العرب في جزأي سوى هذين العددين وهما (اثنا عشر، واثنتا عشرة)، وسبق التنبيه على ذلك.

• وتقدم الكلام أيضًا على ما يجوز في (ثماني عشرة)، وما جوزه الفراء وغيره مفصلًا.

واعلم: أن قوله: (وَأَوْلِ عَشْرَةَ. . . البيت)، قد علم من قوله:

وَمَعَ غَيْرِ أَحَدٍ وَإِحْدَى

مَا مَعْهُمَا فَعَلْتَ فَافْعَلْ قَصْدَا

من كون (اثنا) له (عشر)، و (اثنتا) له (عشرة)، إلا أن المصنف لما تكلم على الصدور وهي (أحد)، و (إحدى)، و (ثلاثة) و (تسعة) وما بينهما. . بقي (اثنان)، و (اثنتان)، فذكر: أن لفظ (عشرة) الثابت للمؤنثة تعطيه (اثنتي)، ولفظ (عشر) الثابت للمذكر تعطيه (اثني).

ونبه على إعرابهما بقوله: (واليا لغير الرفع. . . إلى آخره)، فـ (عشرة): مفعول أول بقوله: (وَأوَلِ)، و (اثنتي): مفعوله الثاني.

واللَّه الموفق

ص:

735 -

وَمَيِّزِ العِشْرِيْنَ لِلِتّسْعِيْنَا

بِوَاحِدٍ كَأَرْبَعِيْنَ حِيْنَا

(1)

736 -

وَمَيَّزُوا مُرَكَّبًا بِمِثْلِ مَا

مُيِّزَ عِشْرُوْنَ فَسَوِّيَنْهُمَا

(2)

(1)

وميز: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. العشرين: مفعول به لميز. للتسعين، بواحد: جاران ومجروران متعلقان بميز. كأربعين: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف: أي وذلك كائن كأربعين. حينا: تمييز لأربعين، منصوب بالفتحة الظاهرة.

(2)

وميزوا: فعل ماض وفاعله. مركبا: مفعول به لميزوا. بمثل: جار ومجرور متعلق بقوله: ميزوا، =

ص: 115

ش:

سبق أن تمييز (ثلاثة) إلى (عشرة): جمعٌ؛ كـ (ثلاث رجال)، و (أربع بنات).

وتمييز (مائة) و (ألف): مفردٌ مجرورٌ؛ كـ (مائة رجل)، و (ألف امرأة)، و (مائتا رجل)، و (ألفا رجل)، و (أربعة آلاف رجل).

وذكر الشيخ هنا: أن تمييز (عشرين) وأخواتها، وهو من ثلاثين إلى تسعين، يكون واحدًا منصوبًا؛ كـ (عشرين رجلا)، و (عشرين امرأة)، و (أربعون حينًا)، وكذا إلى (تسعين رجلا).

وفي القرآن: {ثَلَاثِينَ لَيْلَةً} ، {لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} .

وأجاز الفراء: جمعه؛ كـ (عشرين رجالا).

• وإذا ذكر النيف. . فللمذكر: (أحد)، و (اثنان)، و (ثلاثة)، و (أربعة). . إلى آخره، وللمؤنث (إحدى)، و (اثنتان)، و (ثلاث)، و (أربع). . إلى آخره، كما علم.

فتذكر النيف أولًا ثم تعطف عليه؛ نحو: (جاء أحد وعشرون رجلًا)، و (اثنان وعشرون عبدًا)، و (ثلاثة وثلاثون رجلًا)، و (هؤلاء إحدى وعشرون امرأة)، و (اثنتان وثلاثون امرأة)، و (ثلاث وأربعون امرأة) ونحو ذلك.

• وأجاز الكسائي: دخول (أل) على هذا التمييز؛ نحو: (عشرون الرجل).

• وحكى الكسائي أيضًا: إضافته؛ نحو: (عِشْرُو درهمٍ).

• ويجوز أن يفصل التمييز للضرورة؛ كقول الشاعر:

. . . . . . . . . . . . .

ثَلَاثُونَ لِلهَجْرِ حَوْلا كَمِيلا

(1)

= ومثل: مضاف، وما: اسم موصول: مضاف إليه. مُيِّز: فعل ماض مبني للمجهول. عشرون: نائب فاعل لمُيز، والجملة من ميز المبني للمجهول ونائب فاعله: لا محل لها من الإعراب صلة ما الموصولة، والعائد محذوف، وتقدير الكلام: بمثل الذي ميز به. فسوينهما: سوِّيَ: فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنودن التوكيد الخفيفة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والضمير البارز مفعول به.

(1)

التخريج: عجز بيت من المتقارب، وصدره: عَلى أَنَّني بَعْدَ مَا قَدْ مَضَى

وبعده قوله: =

ص: 116

• وقد يحذف هذا التمييز وتمييز المركب للعِلْم به؛ قال تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} ؛ أي: (رجلًا)، {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ}؛ أي:(ملكًا)، واللَّه أعلم بمراده.

قال في "التسهيل": (ويغني عن تمييز العدد: إضافته إلى غيره)

(1)

.

أي: إضافة العدد؛ نحو: (ثلاثتك) و (عشروكَ)، و (أحد عشرك).

* وقوله: (وَمَيَّزُوا مُرَكَّبًا) يشير به إلى أن تمييز المركب: مفرد نكرة منصوب؛

= يُذَكِّرُنِيكَ حَنينُ العُجُولِ

وَنَوْحُ الحَمَامَةِ تَدْعو هَديلا

وهما للعباس بن مرداس في ديوانه ص 136؛ وأساس البلاغة ص 398 (كمل)؛ وخزانة الأدب 3/ 299؛ والدرر 4/ 42؛ وشرح شواهد الإيضاح ص 198؛ وشرح شواهد المغني 2/ 908؛ والمقاصد النحوية 4/ 489؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 308؛ وخزانة الأدب 6/ 467؛ 470، 8/ 255؛ وشرح الأشموني 3/ 575؛ وشرح عمدة الحافظ ص 532؛ وشرح المفصل 4/ 130؛ والكتاب 2/ 158؛ ولسان العرب 11/ 598 (كمل)(البيت الأول فقط)؛ ومجالس ثعلب 2/ 492؛ ومغني اللبيب 2/ 572؛ والمقتضب 3/ 55؛ وهمع الهوامع 1/ 254.

اللغة: كميل: كامل، وهو مبالغة منه على وزن (فعيل).

المعنى: لقد مضى ثلاثون عامًا كاملة على الهجر.

الإعراب: على: حرف جر. أنني: أن: حرف مشبه بالفعل، والنون: للوقاية، والياء: ضمير متصل في محلّ نصب اسمها، والمصدر المؤول من أنَّ ومعموليها: مجرور بـ (على)، والجار والمجرور متعلقان بخبر محذوف لمبتدأ محذوف تقديره: الأمر كائن على أنني. بعدما: بعد: مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة، وما: مصدرية، والظرف متعلق بخبر أنّ المحذوف، والمصدر المؤول من (ما) والفعل (مضى): في محلّ جر بالإضافة، والتقدير: بعد مضي. قد: حرف تحقيق. مضى: فعل ماض مبني على فتحة مقدّرة على الألف للتعذر. ثلاثون: فاعل مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والنون: عوض عن التنوين في الاسم المفرد. للهجر: جار ومجرور متعلقان بالفعل (مضى). حولا: تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة. كميلا: صفة منصوبة بفتحة ظاهرة.

وجملة (على أنني): ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. والمصدر المؤول من أنّ ومعموليها: في محلّ جر بحرف الجر (على).

والشاهد فيه قوله: (مضى ثلاثون للهجر حولًا كميلا)، حيث فصل بين العدد (ثلاثون) وتمييزه (حولًا)، وهذا قبيح.

(1)

تسهيل الفوائد ص 116.

ص: 117

نحو: (أحد عشر رجلًا)، و (خمسة عشر عبدًا)، وسبقت الإشارة بذلك.

وإنما كان نكرة؛ لأنه ذكر لبيان حقيقة المعدود، وهو يحصل بالنكرة، فلا يعدل للمعرفة لثقلها.

ونصب؛ لامتناع جَعْلِ ثلاثة أشياء كالشيء الواحد لو قيل: (خمسة عشر عبد)؛ فتمييزه كتمييز (عشرين)، وإليه أشار بقوله:(فَسَوِّيَنْهُمَا).

وأجاز الفراء أيضًا: جمعه؛ نحو: (خمسة عشر رجالًا).

• وإذا وصفت التمييز. . فلك الحمل على اللفظ؛ نحو: (عشرون درهمًا وازنًا)، والحمل على المعنى؛ نحو:(عشرون درهمًا وازنة).

تنبيه:

البضعة: من ثلاثة إلى تسعة.

والبضع: من ثلاث إلى تسع.

وحكمهما: حكم تسعة وتسع، فتقول:(بضعة أعوام)، و (بضع سنين)، و (هؤلاء بضعة عشر رجلًا)، و (بضع عشرة امرأة)، و (بضعة وعشرون عبدًا)، و (بضع وعشرون امرأة)، كما تقول:(تسعة أعوام)، و (تسع سنين)، و (تسعة عشر رجلًا). . إلى آخره.

واللَّه الموفق

ص:

737 -

وَإِنْ أُضِيْفَ عَدَدٌ مُرَكَّبُ

يَبْقَ البِنَا وَعَجُزٌ قَدْ يُعْرَبُ

(1)

ش:

يقول: إذا أضيف العدد المركب. . بقى بناؤه؛ فتقول: (هذه أحدَ عشَرَكَ)،

(1)

وإن: شرطية. أضيف: فعل ماض مبني للمجهول، فعل الشرط. عدد: نائب فاعل لأضيف. مركب: نعت لعدد. يبق. فعل مضارع، جواب الشرط، مجزوم بحذف الألف. البنا: قصر للضرورة: فاعل يبق. وعجز: مبتدأ. قد: حرف تقليل. يعرب: فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى (عجز) الواقع مبتدأ، والجملة من (يعرب) المبني للمجهول ونائب فاعله المستتر فيه: في محل رفع خبر المبتدأ.

ص: 118

و (خمسةَ عشرَ زيدٍ) بفتح الجزأين كما كان ذلك قبل الإضافة، وحينئذ يستغنى عن التمييز كما سبق، هذا مذهب البصريين.

وحكى سيبويه: إعراب العجز على حسب ما يقتضيه العامل، بشرط بقاء الصدر على بنائه.

ثم قال: وهي لغة رديئة. انتهى

(1)

.

واستحسنها الأخفش وابن عصفور، بل قيل: إنها الأصح؛ لأن الإضافة ترد الأسماء إلى أصلها من الإعراب، فتقول على هذه اللغة:(هذه خمسةَ عشرُك) بضم الراء، و (رأيت خمسةَ عشرَك) بفتح الراء على الإعراب لا على البناء، و (مررت بخمسةَ عشرِك) بكسر الراء وهكذا باقي العدد المركب، وإلى هذه اللغة أشار بقوله:(وَعَجُزٌ قَدْ يُعْرَبُ).

وظاهر المتن: اطراده.

وفي "التسهيل": لا يقاس على ما سمع من ذلك.

وذهب الكوفيون: إلى أن العدد المركب متى أضيف. . أعرب صدره على حسب العامل، وانجر عجزه على أنه مضاف إليه؛ كـ (هذه خمسةُ عشرِك) بضم التاء وكسر الراء، و (رأيت خمسةَ عشرِك) بفتح التاء على الإعراب وكسر الراء، و (مررت بخمسةِ عشرِك) بكسر التاء والراء.

وسمع: (ما فعلت خمسةُ عشرِك) بضم التاء وكسر الراء.

وقد يعرب الجزآن إعراب المتضايفين أيضًا وإن لم يكن هناك إضافة، وسبق ذكره.

• ولا يجوز أن يضاف (اثنا عشر)، (لا اثنتا عشرة)؛ لأنه قد سبق أن (عشر) فيهما بمنزلة نون (اثنين)، فلو أضيف (اثنا عشر). . لوجب حذف (عشر) للإضافة، كما تحذف نون (اثنين) للإضافة، وحينئذ يلتبس (اثنا عشر) بـ (اثنين)، فلو قلت:(جاء اثناك). . لم يُدرَ هل الأصل (اثنا عشر) وحذفت (عشر) للإضافة أو (اثنان) وحذفت النون للإضافة؟

(1)

انظر شرح الكتاب للسيرافي 4/ 65.

ص: 119

• أما لو جعل علَمًا. . فيجوز ذلك بحذف (عشر) إذا قصد تنكير العلَم.

قال في "الكافية":

وَلَا يَجُوزُ أَن يُضَافَ اثنَا عَشَر

إِلَّا إِذَا كَانَ اسمَ أُنثَى أَو ذَكَر

• وإذا أضفت (عشرين) ونحوها. . قلت: (هذه عشروك)، و (رأيت عشريك وثلاثيك)، و (مررت بعشريك) ونحوه.

و (عجز): مبتدأ، والمسوغ التفصيل.

واللَّه الموفق

ص:

738 -

وَضُعْ مِنِ اثْنَيْنِ فَمَا فَوْقُ إِلَى

عَشَرَةٍ كَفَاعِلٍ مِنْ فَعَلَا

(1)

739 -

وَاخْتِمْهُ فِي التَّأْنِيْثِ بِالتَّا وَمَتَى

ذَكَّرْتَ فَاذْكُرْ فَاعِلًا بِغَيْرِ تَا

(2)

ش:

يصاغ من (اثنين) فما فوقها إلى (عشرة) اسم موازن لاسم الفاعل المصوغ من (فعَل) المفتوح العين، فيقال:(ثان)، و (ثالث)، و (رابع) إلى (عاشر)، كما قال:(وَصُغْ مِنِ اثْنَيْنِ. . إلى آخر البيت) يعني: صغ من (اثنين) و (ثلاثة) ونحوها أسماء كـ

(1)

وصغ: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. من اثنين: جار ومجرور متعلق بصغ. فما: الفاء عاطفة، ما: اسم موصول معطوف على اثنين. فوق: ظرف متعلق بمحذوف الموصول. إلى عشرة: جار ومجرور متعلق بصغ. كفاعل: جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف يقع مفعولا به لصغ، أي: صغ وزنًا مماثلًا لفاعل. من فعلا: جار ومجرور متعلق بفاعل.

(2)

واختمه: اختم: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والهاء مفعول به. في التأنيث: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الهاء في قوله: اختمه السابق. بالتا: قصر للضرورة: جار ومجرور متعلق بقوله: اختمه. ومتى: اسم شرط جازم يجزم فعلين، وهو ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب باذكر الآتي. ذكَّرت: ذكَّر: فعل ماض مبني على الفتح المقدر في محل جزم فعل الشرط، وتاء المخاطب: فاعله. فاذكر: الفاء واقعة في جواب الشرط، اذكر: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والجملة في محل جزم جواب الشرط. فاعلا: مفعول به لاذكر. لغير: جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لقوله: فاعلًا السابق، وغير: مضاف، وتا: قصر للضرورة: مضاف إليه.

ص: 120

(فاعل) مصوغ من (فعَل)، فكما يصاغ (ضارب) من (ضرب). . يصاغ (ثان) من (اثنين)، و (ثالث) من (ثلاثة) إلى (عاشر) من (عشرة) في التذكير؛ فإن قصد التأنيث. . ختم بالتاء، كـ (ثانية)، و (ثالثة) إلى (عاشرة).

ففي التذكير يجاء بـ (فاعل)، وفي التأنيث بـ (فاعلة)، كما قال:(وَاخْتِمْهُ فِي التَّأنِيْثِ بِالْتَّا. . . إلى آخره).

واللَّه الموفق

ص:

740 -

وَإِنْ تُرِدْ بَعْضَ الَّذِي مِنْهُ بُنِي

تُضِفِ إِلَيْهِ مِثْلَ بَعْضٍ بَيِّنِ

(1)

741 -

وَإِنْ تُرِدْ جَعْلَ الأَقَلِّ مِثْلَ مَا

فَوْقُ فَحُكْمَ جَاعِلٍ لَهُ احْكُمَا

(2)

(1)

وإن: شرطية. ترد: فعل مضارع فعل الشرط، مجزوم بالسكون، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. بعض: مفعول به لترد، وبعض مضاف، والذي: اسم موصول: مضاف إليه. منه: جار ومجرور متعلق بقوله: بني الآتي. بني: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى الذي، والجملة من بني ونائب فاعله المستتر فيه: لا محل لها من الإعراب صلة. تضف: فعل مضارع جواب الشرط، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، ومفعوله محذوف. إليه: جار ومجرور متعلق بتضف. مثل: حال من مفعول تضف المحذوف، ومثل: مضاف، وبعض: مضاف إليه. بَيِّنِ: نعت لبعض، والتقدير: وإن ترد بعض الشيء الذي بني اسم الفاعل منه. . تضف إليه الفاعل حال كونه مماثلًا لبعض؛ أي: في معناه.

(2)

وإن: شرطية. ترد: فعل مضارع، فعل الشرط، مجزوم بالسكون، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. جعل: مفعول به لترد، وجعل: مضاف، والأقل: مضاف إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول. مثل: مفعول ثان لجعل منصوب بالفتحة الظاهرة، ومثل مضاف، وما: اسم موصول: مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر. فوق: ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول. فحكم: الفاء واقعة في جواب الشرط، حكم: مفعول به مقدم على عامله وهو قوله: احكما الآتي، وحكم: مضاف، وجاعل: مضاف إليه. له: جار ومجرور متعلق باحكم الآتي. احكما: احكم: فعل أمر، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفًا للوقف، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، ونون التوكيد المنقلبة ألفًا: حرف لا محل له من الإعراب.

ص: 121

ش:

تقدم أنه يصاغ (ثان من اثنين)، و (ثالث من ثلاثة) إلى (عاشر من عشرة)، ويختم في التأنيث بالتاء كـ (ثانية)، و (ثالثة) إلى (عاشرة).

وذكر هنا أنك إذا أردت بعض العدد الذي يبنى منه اسم الفاعل. . فتضيف اسم الفاعل لذلك العدد، ويكون اسم الفاعل بمعنى (بعض) نحو:(هذا ثانى اثنين)؛ أي: (بعض اثنين)، و (هذا ثالث ثلاثة)؛ أي:(بعض جماعة عدتهم ثلاثة).

وتقول في المؤنث كذلك؛ كـ (هذه ثانية اثنتين، أو ثالثة ثلاث، أو رابعة أربع)؛ أي: (بعض نساء عدتهم أربع)، وهذا هو معنى قوله:(وَإِنْ تُرِدْ. . . إلى آخر البيت).

وعن ثعلب: أن اسم الفاعل هنا ينون وينصب به ما بعده.

وحكي أيضًا عن الأخفش وقطرب والكسائي.

والمشهور: أن اسم الفاعل إذا استعمل مع ما اشتق منه. . فيضاف له فقط.

• ثم إن لم تستعمل اسم الفاعل مع العدد الذي اشتق منه، وإنما استعملته مع العدد الذي هو أقل من أصله؛ كـ (ثالث اثنين)، و (رابع ثلاثة). . كان اسم الفاعل على معنى التصغير، لا على معنى (بعض)، ويعطى حينئذ حكم (جاعل)، ومعلوم أن (جاعل) اسم فاعل يعمل حالًا ومستقبلا، ولا يعمل ماضيًا على الأصح، فتقول:(هذا ثالث اثنين)، و (رابع ثلاثة)، و (عاشر تسعة أمس) بالإضافة لا غير.

والمعنى: أنه صيَّر الاثنين بنفسه ثلاثة، وصير الثلاثة بنفسه أربعة، وصير التسعة بنفسه عشرة.

• وتقول: (هذا ثالث اثنين)، و (رابع ثلاثة)، و (عاشر تسعة الآن أو غدًا)؛ فإن شئت. . تضيفه لما بعده أو تنصب به حينئذ؛ لأنه مراد به الحال والاستقبال، والمعنى: أنه يصير الاثنين بنفسه ثلاثة، ويصير الثلاثة بنفسه أربعة، ويصير التسعة بنفسه عشرة، كما تقدم فهو على معنى: التصيير كما ذكر.

وهكذا حكم المؤنث؛ نحو: (ثالثة اثنتين)، و (رابعة ثلاث)، و (خامسة أربع)، إلى (عاشرة تسع).

ص: 122

فإذا أريد الماضي. . فالإضافة لا غير، وإذا أريد الحال والاستقبال. . فالإضافة أو النصب كما تقدم، وهذا هو المراد بقوله:(وَإِنْ تُرِدْ جَعْلَ الأَقَلِّ مِثْلَ مَا فَوْقُ. . . إلى آخر البيت)، يعني: اسم الفاعل متى أردت أن تجعل العدد الذي هو أقل من أصله مثل العدد الذي فوق الأقل. . فاحكم لـ (فاعل) حكم (جاعل) على ما تقدم مفصلًا، فنحو:(هذا ثالث اثنين) الأقل فيه هو: (اثنين)؛ فإن أردت أن تجعلها مثل ما فوقها؛ أي: تجعلها ثلاثة. . فاحكم لـ (ثالث) حكم (جاعل) كما تقدم.

واعلم: أن هذا الاستعمال لا يكون في (ثان)، فلا يجوز على المشهور أن يؤتى به مع العدد الذي هو أقل ويراد به العدد الذي فوق الأقل، فلا يقال:(ثاني واحد) على معنى أنه صير الواحد اثنين.

وأجازه بعضهم.

واللَّه الموفق

ص:

742 -

وَإِنْ أَرَدْتَ مِثْلَ ثَانِي اثْنَيْنِ

مُرَكَّبًا فَجِئَ بِتَركِيبَيْنِ

(1)

743 -

أَو فَاعلًا بِحالَتيْهِ أَضِفِ

إِلَى مُرَكَّبٍ بِمَا تَنْوِي يَفِي

(2)

(1)

وإن: شرطية. أردت: أراد: فعل ماض مبني على فتح مقدر في محل جزم، فعل الشرط، وتاء المخاطب فاعله. مثل: مفعول به لأردت، ومثل مضاف، وثاني اثنين: مضاف إليه. مركبا: حال من مثل. فجئ: الفاء واقعة في جواب الشرط، جئ: فعل أمر، وفاعله: ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. بتركيبين: جار ومجرور متعلق بقوله: جئ.

(2)

أو: حرف عطف. فاعلا: مفعول تقدم على عامله وهو قوله: أضف الآتي. بحالتيه: الجار والمجرور متعلق بمحذوف نعت لقوله: فاعلا، وحالتي: مجرور بالياء لأنه مثنى مضاف، وضمير الغائب العائد إلى فاعل: مضاف إليه. أضف: فعل أمر معطوف بأو على (جئ) في البيت السابق، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. إلى مركب: جار ومجرور متعلق بقوله: أضف السابق. بما: جار ومجرور متعلق بقوله: يفي الآتي. تنوي: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة (ما) المجرورة محلا بالباء، والعائد ضمير محذوف يقع مفعولًا به لتنوي، وتقدير الكلام: بالذي تنويه. يفي: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى مركب، والجملة من يفي وفاعله: في محل جر صفة لمركب.

ص: 123

744 -

وَشَاعَ الاسْتِغْنَا بحَادِي عَشَرَا

وَنَحْوِهِ وَقَبْلَ عِشْرِيْنَ اذْكُرَا

(1)

745 -

وَبَابِهِ الفَاعِلَ مِنْ لَفْظِ العَدَدْ

بِحَالَتَيْهِ قَبْلَ وَاوٍ يُعْتَمَدْ

(2)

ش:

قد علمت أنه إذا قيل: (ثاني اثنين)، و (ثالث ثلاثة)، و (رابع أربعة) كان الوصف على معنى (بعض)؛ لأنه مضاف للعدد الذي بني منه.

وذكر الشيخ هنا: أنك إذا أردت بالعدد المركب ما أردته بـ (ثاني اثنين)، و (ثالث ثلاثة) من كون المضاف إليه على معنى (بعض). . فَائْتِ بتركيبين يشتملان على أربع كلمات؛ لأن كل تركيب كلمتان؛ كـ (خمسة عشر).

فإذا قصد المذكر. . يجاء في صدر التركيب الأول بـ (فاعل)، وفي عجزه بـ (عشر) وفي صدر التركيب الثاني بالعدد الذي بني منه فاعل، وفي عجزه بـ (عشر) أيضًا، وتركب فاعل مع الجزء الذي بعده، ثم تضيف التركيب للأول برمته إلى التركيب الثاني؛ نحو:(هذا ثالثَ عشرَ ثلاثةَ عشرَ) بفتح الكلمات الأربع، وهذا المثال استكمل الشروط؛ لأنه اشتمل على تركيبين؛ الأول:(ثالث عشر)، والثاني:(ثلاثة عشر)، وصدر التركيب الأول فاعل مركب مع عجزه وهو (عشر)، وصدر التركيب الثاني هو العدد الذي بني منه فامحل وعجزه (عشر) كما سبق.

والتركيب الأول بجزأَيه مضاف للتركيب الثاني.

(1)

وشاع: فعل ماض. الاستغنا: قصر للضرورة: فاعل شاع. بحادي عشرا: جار ومجرور متعلق بالاستغنا. ونحوه: الواو عاطفة، نحو: معطوف على حادي عشرا، ونحو مضاف، والضمير: مضاف إليه. وقبل: ظرف متعلق بقوله: (اذكرا) الآتي، وقبل مضاف، وعشرين: مضاف إليه. اذكرا: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والألف منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة.

(2)

وبابه: معطوف على قوله: (عشرين) في البيت السابق. الفاعل: مفعول به لـ (اذكر) في البيت السابق. من لفظ: جار ومجرور متعلق باذكر، أو بنعت لقوله:(الفاعل) محذوف، تقديره: الفاعل المصوغ من لفظ، ولفظ مضاف، والعدد: مضاف إليه. بحالتيه: الجار والمجرور متعلق باذكر، وحالتي مضاف، والضمير مضاف إليه. قبل: ظرف متعلق بمحذوف حال من (الفاعل)، وقبل: مضاف، وواوٍ: مضاف إليه. يعتمد: فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى واو، والجملة من يعتمد ونائب فاعله: في محل جر صفة لواو.

ص: 124

والحاصل:

أنك إذا قلت: (هذا رابعَ عشرَ أربعةَ عشرَ) ونحو ذلك. . كان التركيب الأول بجزأيه مضافًا للتركيب الثاني، وهذا المضاف على معنى (بعض) كما تقدم، وكأنك قلت:(هذا بعض جماعة عدتهم أربعة عشر)، كما قلت:(زيد ثاني اثنين) يعني: (بعض اثنين)، وهكذا إلى (تاسعَ عشرَ تسعةَ عشرَ).

ومن هنا يعلم حكم المؤنث، فيؤتى بتركيبين أيضًا، ويجاء من صدر التركيب الأول بـ (فاعلة)، وفي عجزه بـ (عشرة)، وفي صدر التركيب الثاني بالعدد الذي بني منه (فاعلة)، ومن عجزه بـ (عشرة) أيضًا، فيقال:(هذه ثالثةَ عشرةَ ثلاثَ عشرةَ)، و (رابعةَ عشرةَ أربعَ عشرةَ)، وهكذا إلى (تاسعةَ عشرةَ تسعَ عشرةَ).

والكلام في المؤنث كالكلام في المذكر أيضًا وهو أن (فاعلة) تركب مع (عشرة)، ويضاف التركيب الأول بجزأيه للتركيب الثاني، والإضافة أيضًا على معنى (بعض)، فإذا قلت:(هذه ثالثةَ عشرةَ ثلاثَ عشرةَ). . فكأنك قلت: (هذه بعض ثلاثَ عشرةَ).

• وإذا أردت ذلك من (أحد عشرة) و (اثنا عشر). . فتقول في التذكير: (هذا حادي عشرَ أحدَ عشرَ)، و (ثاني عشرَ اثني عشرَ)، وتقول فى التأنيث:(هذه حاديةَ عشرةَ إحدى عشرةَ)، و (ثانيةَ عشرةَ اثنتي عشرةَ).

• وقد علم أنه إذا قصد التذكير. . يؤتى في صدر التركيب الثاني بـ (أحد)، و (اثني)، و (ثلاثة)، وإذا قصد التأنيث. . يؤتى بـ (إحدى)، و (اثنتي)، و (ثلاث).

واعلم أن هذا العدد ونحوه يجوز فيه ثلاثة أوجه:

الأول: ما تقدم ذكره، وهو أن يجاء بتركيبين إلى آخر ما قيل.

الثاني: أن يقتصر على صدر الأول وهو (فاعل) أو (فاعلة) كما علم، فيضاف للتركيب الثاني، وحينئذ يعرب الوصف لزوال التركيب منه فتقول:(هذا ثالثُ ثلاثةَ عشرَ)، و (هذه ثالثةُ ثلاثَ عشرةَ)، برفع (ثالث)، و (ثالثة) على الخبرية، وتنصب وتجر على حسب العامل إلى (تاسع تسعة عشر)، و (تاسعة تسع عشرة).

والوصف حينئذ مضاف لجملة التركيب الثاني كما ذكر، والتركيب الثاني باق

ص: 125

على بناء جزأيه.

وتقول: (هذا حادي أحدَ عشرَ)، و (ثاني اثني عشرَ)، و (هذه حاديةُ إحدى عشرةَ)، و (ثانيةُ اثنتي عشرةَ) على ما تقدم ذكره.

وإلى هذا الوجه أشار بقوله: (أَو فَاعلًا بِحَالَتيهِ أَضِف إِلى مُرَكَّبٍ بِمَا تَنْوِي يَفِي) فمعنى كلامه: إن شئت. . جئت بتركيبين وهو الوجه المتقدم، أو أضفت فاعلًا بحالتيه، يعني: في التذكير والتأنيث إلى مركب يعني: إلى التركيب الثاني؛ فإنه يفي بالقصد، ويفيد ما أفاده الوجه الأول من كون الإضافة على معنى (بعض).

الثالث: أن يقتصر على صدر الأول وعجز الثاني، وإلى هذا الوجه أشار بقوله:(وَشَاعَ الاسْتِغْنَا بِحَادِي عَشَرَا وَنَحْوِهِ)، فتقول:(هذا حادي عشر)، و (ثاني عشر)، و (ثالث عشر)، و (هذه حادية عشرة)، و (ثانية عشرة)، و (ثالثة عشرة). . إلى آخره.

ولك هنا ثلاثة أوجه:

- الأول: أن تعرب الوصف على حسب العامل، وتجر ما بعده على أنه مضاف إليه.

- الثاني: أن تعرب الوصف أيضًا؛ ولكن تبني ما بعده على الفتح.

- الثالث: أن تبني الجزأين، وهو ضعيف.

وقيل: هو المشهور.

و (حادي) مقلوب، وأصله:(واحد) فنقلت الواو إلى [موضع اللام]

(1)

، فصارت آخرًا بعد أن كانت أولًا، فتصدرت الألف وهي ساكنة، والساكن لا يمكن النطق به. . فقدمت الحاء على الألف، فحصل:(حادِوٌ) فقلبت الواو ياء لتطرفها بعد كسرة، فحصل:(حادي) فوزنه (عالف)؛ لأن الأصل (واحد) كما تقدم على وزن (فاعل).

• وأما استعمال (فاعل) من العدد المركب لإفادة معنى: (ثالث اثنين)، و (رابع ثلاثة)، وهو أن يجعل الأقل مثل ما فوقه:

- فقيل: لا يجوز أن يستعمل ذلك من العدد المركب.

(1)

زيادة من نسخة (ب).

ص: 126

- ونقل الجواز عن سيبويه.

وعلى القول بالجواز: فيقال: (هذا ثالثَ عشرَ اثني عشرَ)، و (رابعَ عشرَ ثلاثةَ عشرَ)، و (هذه ثالثةَ عشرةَ اثنتي عشرةَ)، و (رابعةَ عشرةَ ثلاثَ عشرةَ)، فيضاف التركيب الأول برمته للتركيب الثاني، والبناء على الفتح حينئذ باق في الكلمات الأربع.

• ويجوز أن يحذف عجز التركيب الأول فقط، فتقول:(هذا ثالثُ اثنِي عشرَ)، و (رابعُ ثلاثةَ عشرَ)، و (هذه ثالثةُ اثنتي عشرةَ)، و (رابعةُ ثلاث عشرةَ).

والظاهر: أن الوصف حينئذ يعرب على حسب العوامل ويضاف للتركيب الثاني، أو ينون الوصف ويكون التركيب الثاني في محل نصب بالوصف على ما سبق ذكره من كونه يعطى حكم (جاعل).

وأشار بقوله: (وَقَبْلَ عِشْرِيْنَ اذْكُرَا وَبَابِهِ الفَاعِلَ مِنْ لَفْظِ العَدَدْ بِحَالَتَيْهِ) إلى أن الوصف المصوغ من اسم العدد يستعمل قبل العقود وهي من: (عشرين) إلى (تسعين)، فيذكر الوصف بحالتيه يعني في: التذكير والتأنيث قبل الواو، ثم يعطف العقد عليه بالواو المذكورة؛ نحو:(حادي وعشرون)، و (حادية وعشرون)، و (ثانٍ وعشرون)، و (ثانية وعشرون)، و (ثالث وعشرون)، و (ثالثة وعشرون).

وليس في: (أحد عشر) وأخواته عطف، فتقول:(الجزء الحادي عشر)، و (المقامة الحادية عشرة)، و (الثاني عشر)، و (الثانية عشرة)، و (الثالث عشر)، و (الثالثة عشرة) بالبناء على الفتح في الجزأين.

تنبيه:

استعملت العرب استعمال (خمسة عشر) في البناء على الفتح كلمات؛ منها:

- (لقيته كفَّةَ كفَّةَ) بفتح التاء من غير تنوين؛ أي: (ذوي كفتين) بمعنى: (كفَّني وكففته)؛ أي: (متكافئين).

- و (هو جاري بيتَ بيتَ)، كذلك؛ أي: ملاصقًا، فهو في موضع الحال، والعامل فيها ما في (جاري) من معنى مجاور.

- و (وقعوا في حيص بيص)؛ أي: في فتنة.

ص: 127

- و (سقيته صحرة بحرةَ)؛ أي: منكشفين.

و (ذهبوا أخولَ أخولَ) بالمعجمة، قال الشاعر:

. . . . . . . . . . . . .

سِقَاطُ شِرَارِ العَينِ أَخوَلَ أَخوَلا

(1)

أي: (متفرقين).

- و (تفرقوا شذَرَ مذرَ)

(2)

؛ أي: متشذّرين متمذرين.

- و (هذا بَيْنَ بَيْنَ)، أي: بين الجيد والردي.

- و (يَوْمَ يَوْمَ)؛ أي: يومًا بعد يوم وصباح مساء؛ أي: كل صباح ومساء.

- و (ذهبوا شغرَ بغرَ)، أي: متفرقين.

ونحو ذلك بالبناء على الفتح في الكلمتين، ومحلها النصب على الحال كما سبق، وربما أضيف الأول للثاني.

وعن سيبويه: هو (جاري بيتَ بيتِ) بالإضافة.

(1)

التخريج: عجز بيت من الطويل وصدره: يُسَاقطُ عنهُ رَوقُه ضَارياتِها

وهو لضابئ بن الحارث في الخصائص 3/ 290، والدرر 4/ 34، والشعر والشعراء 21/ 359، ولسان العرب 7/ 316 (سقط)، 11/ 226 (خول)، والمحتسب 2/ 41، ونوادر أبي زيد ص 145، وتاج العروس (خول)، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 621، والخصائص 2/ 130، وشرح شذور الذهب ص 98، والمحتسب 1/ 86، وهمع الهوامع 1/ 249.

الشاهد قوله: (أخول أخولا) حيث جاء التركيب مبنيًا على الفتح في الجزأين، والألف الثانية للإطلاق.

(2)

قال في التاج: ومن أَمْثَالِهِم: "تَفَرَّقُوا شَذَرَ مَذَرَ"، بالتَّحْرِيك فيهمَا. ويُكْسَرُ أَوَّلُهُمَا.

وَقد تُبدَل المِيم من (مذَر) بَاء موحّدةً، وَقَالَ بعضُهم: هُوَ الأَصْلُ؛ لأَنَّه من التَّبْذِيرِ، وَهُوَ التَّفْرِيقُ، قَالَه شيخُنَا.

قلت (القائل صاحب التاج): وَالَّذِي يَظْهَر: أَنَّ المِيم هُوَ الأَصل؛ لأَن المَقْصود مِنْهُ إِنّما هُوَ الإِتباعُ فَقَط، لَا ملاحظَةُ معنَى التَّفْرِيقِ كأَخَوِاته الآتِيَة، فتأَمَّل؛ أَي (ذَهَبُوا فِي كُلِّ وجْهٍ).

وَزَاد الميْدانيّ فَقَالَ: ويُقَال: ذَهَبُوا شَغَرَ بَغَر، وشَذرَ مَذَرَ، وجِذَعَ مِذَعَ، أَي تَفرَّقُوا فِي كُلِّ وجْهٍ.

وَزَاد فِي اللِّسَان: وَلَا يُقَال ذلك فِي الإِقْبَالِ، وَفِي حَدِيث عائِشةَ رضي الله عنها:(إِنّ عُمَرَ رضي الله عنه: شَرَّدَ الشِّرْكَ شَذَر مَذَرَ)، أَي فَرَّقَه وبَدَّده فِي كُلّ وَجْه.

ص: 128

وفي المثل أيضًا: (تفرقوا أيدي سبأ)

(1)

؛ أي: متفرقين.

وقوله: (فاعلا) منصوب بقوله: (أضف)، وقوله:(الفاعل): منصوب بقوله: (اذكرا) و (بابه) معطوف على (عشرين)؛ أي: قبل عشرين وبابه.

واللَّه الموفق

* * *

(1)

(ذَهَبُوا أيدِيَ سَبأ، وتَفَرَّقُوا أَيْدِي سَبأ)؛ أي: تفرقوا تفرقًا لا اجتماع معه.

قال الميداني في المجمع 1/ 274 - 277: عن فروة بن مسيك قال: أتيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول اللَّه أخبرني عن سَبَأ أرجلٌ هو أم امرأة؟

فقال: هو رجل من العرب، ولَدَ عَشَرَةً، تَيَامَنَ منهم ستة، وتشاءَمَ منهم أربعة.

فأما الذين تيامَنُوا: فالأزد، وكِنْدَة، ومَذْحِج، والأشعرون، وأنمار، منهم بجيلة.

وأما الذين تشاءموا: فعَامِلة، وغَسَّان، ولَخْم، وجُذام، وهم الذين أرسل عليهم سَيْل العَرِم.

وذلك: أن الماء كان يأتي أرض سبأ من الشِّحْر وأودية اليمن، فرَدَمُوا رَدْمًا بين جبلين، وحبسوا الماء، وجعلوا في ذلك الردم ثلاثة أبواب بعضُها فوقَ بعض، فكانوا يسقون من الباب الأعلى، ثم من الثاني، ثم من الثالث، فأخْصَبُوا، وكثرت أموالهم، فلما كَذَّبوا رسولهم. . بعث اللَّه جُرَذًا نقبت ذلك الردمَ حتى انتقض، فدخل الماء جَنَّتَيْهم فغرَّقَهما، ودفن السيلُ بيوتهم، فذلك قوله تعالى:{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} والعرم: جمع عرمة، وهي السِّكْرُ الذي يحبس الماء.

وقال ابن الأعرابي: العَرِم: السيلُ الذي لا يُطَاق.

وقال قتادة ومقاتل: العرم اسم وادي سبأ.

ص: 129