المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌التصغير ص: 833 - فُعَيْلًا اجْعَلِ الثُّلَاثِيَّ إِذَا … صَغَّرْتَهُ نَحْوُ قُذَيٍّ - شرح الفارضي على ألفية ابن مالك - جـ ٤

[الفارضي]

الفصل: ‌ ‌التصغير ص: 833 - فُعَيْلًا اجْعَلِ الثُّلَاثِيَّ إِذَا … صَغَّرْتَهُ نَحْوُ قُذَيٍّ

‌التصغير

ص:

833 -

فُعَيْلًا اجْعَلِ الثُّلَاثِيَّ إِذَا

صَغَّرْتَهُ نَحْوُ قُذَيٍّ فِي قَذَى

(1)

ش:

ذكر التصغير بعد التكسير؛ لأنه يشترك معه في مسائل.

ولهذا قال ابن الأنباري: حمل التصغير على التكسير؛ لأن كليهما يغير اللفظ والمعنى، يعني: من الكبر إلى الصغر، ومن الإفراد إلى الجمع.

وأمثلته ثلاثة:

فُعَيل يضم الأول.

وفُعَيعِل بضم الأول وفتح الثاني وكسر الرابع.

وفُعَيعِيل كذلك.

ويَرِد: للاحتقار، والتعظيم، والتحبب، وتقليل العدد، وتقريب الزمان، والترحم.

فالأول: كـ (فارس)، و (فويرس).

والثاني: كقوله:

. . . . . . . . . . . .

دُوَيْهِيَةٌ تَصْفَرُّ منها الأنامِلُ

(2)

(1)

فعيلا: مفعول ثان تقدم على عامله -وهو قوله: (اجعل) الآتي-. اجعل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. الثلاثيَّ: مفعول أول لاجعل. إذا: ظرف تضمن معنى الشرط. صغرته: صغر: فعل ماض، وتاء المخاطب: فاعله، والهاء: مفعول به، والجملة في محل جر بإضافة (إذا) إليها، وجواب إذا: محذوف لدلالة الكلام السابق عليه، وتقدير الكلام: إذا صغرت الثلاثي فاجعله على وزن فعيل. نحو: خبر مبتدأ محذوف، أي: وذلك نحو، ونحو: مضاف، وقُذيٍّ: مضاف إليه. في قذى: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من قُذيّ المصغر.

(2)

التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: وكلّ أُناسٍ سَوْفَ تدخل بينهم

وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص 256، وخزانة الأدب 6/ 159، 160، 161، والدرر 6/ 283، وسمط اللآلي ص 199، وشرح شواهد الشافية ص 85، وشرح شواهد المغني 1/ 150، ولسان =

ص: 251

وهو للكوفيين.

وقال البصريون: لا يكون للتعظيم، وحملوه على تقريب ما يستبعد فصغر تقريبًا للوقوع.

والثالث: {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ} .

والرابع: كـ (دريهمات).

والخامس: (قبيل العصر).

والسادس: (مُسَيكِين).

ولا يصغر ما كان على صيغة التصغير وضعًا؛ نحو: (كُميت): من الخيل، و (كعيت): للبلبل، و (مبيقر): للذي يلعب، و (مبيطر): إذا بيطر، و (كُجَيل): للقطران، و (رُغَيم)، و (رُضَيم)، و (جُمَيل)، و (حُمَيمِق): أسماء طيور، و (مسيطر): وهو المتسلط أو المتملك على الشيء، و (مهيمن): يقال همين، يهيمن، إذا كان رقيبًا على الشيء.

= العرب 3/ 14 (خوخ)، والمعاني الكبير ص 859، 1206، ومغني اللبيب 1/ 197، 136، والمقاصد النحوية 1/ 8، 4/ 535، وبلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 94، 6/ 155، وديوان المعاني 1/ 188، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 191، وشرح شواهد المغني 1/ 402، 3/ 537، ومغني اللبيب 1/ 48، 2/ 626، وهمع الهوامع 2/ 185.

اللغة: دويهية: تصغير داهية وهي المصيبة. الأنامل: جمع أنملة وهي عقدة الإِصبع أو التي فيها الظفر، وأراد الأظافر هنا؛ فهي التي تصفرّ عند الموت.

المعنى: سوف يأتي الموت على كلّ الناس، فتصفرّ أظفارهم حينها.

الإعراب: وكلّ: الواو: بحسب ما قبلها، كلّ: مبتدأ مرفوع بالضمّة. أناس: مضاف إليه مجرور بالكسرة. سوف: حرف تسويف واستقبال. تدخل: فعل مضارع مرفوع بالضمة. بينهم: مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة، وهم: ضمير متصل في محلّ جر بالإضافة متعلق بحال مقدمة محذوفة من دويهية. دويهية: فاعل مرفوع بالضمّة. تصفرُّ: فعل مضارع مرفوع بالضمّة. منها: جار ومجرور متعلّقان بتصفرّ. الأنامل: فاعل مرفوع بالضمّة.

وجملة (كلّ أناس. . .): بحسب ما قبلها، وجملة (تدخل دويهية): في محلّ رفع خبر كلُّ. وجملة (تصفرّ): في محل رفع صفة لـ (دويهية).

والشاهد فيه قوله: (دويهية) على أنّ التصغير هنا للتعظيم لا للتحقير، بينما يرى ابن يعيش أنّها للتحقير، وأن المراد: أصغر الأشياء قد تفسد الأصول العظام.

ص: 252

وأبو حيان: يجوز تصغير هذه الأسماء بشرط حذف هذه الياء ووضع ياء التصغير موضعها.

• وكذا لا يصغر ما، يليق به التصغير؛ نحو:(كبير)، و (جسيم)، و (عظيم)، و (أسماء اللَّه تعالى)، و (أسماء الأنبياء)، و (المصحف)، و (المسجد)، و (ملائكة اللَّه تعالى)، وسائر كتبه.

فيصغر الاسم المتمكن الخالي من القيود المذكورة جوازًا.

فالثلاثي على (فُعيل)؛ كـ (فَلْس)، و (فُلَيس)، وتقلب [الألف ياء]

(1)

من نحو: (قذى)، و (فتى)، ويدغم فيها ياء التصغير؛ كـ (قُذَيّ)، و (فُتَيّ) كما سيأتي.

واللَّه الموفق

ص:

834 -

فُعَيْعِلٌ مَعَ فُعَيْعِلٍ لِمَا

فَاقَ كَجَعْلِ دِرْهَمٍ دُرَيْهِمَا

(2)

ش:

(فُعَيعِل) للرباعي؛ كـ (جعفر)، و (جُعَيفِر).

و (فُعَيعِل) للرباعي المزبد فيه إن كان قبل آخره مدة، كـ (عصفور)، و (عُصَيفِير)، ونحو:(قنديل)، و (شملال).

وتقلب الألف ياء من نحو: (شِملال).

والواو من نحو: (عصفور)؛ لوقوعها بعد كسرة، كـ (شُمَيلِيل).

ولا يتعرض لما قبل آخره ياء؛ كـ (قنديل)، و (مسكين)، و (شِنظير): بالمشالة

(1)

ما بين حاصرتين زيادة من نسخة (ب).

(2)

فُعَيعِل: مبتدأ. مع: ظرف متعلق بمحذوف حال من الضَّمير المستكن فِي الخبر الآتي، ومع: مضاف، وفُعَيعِل: مضاف إليه. لما: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. فاق: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى الموصول المجرور محلًا باللام، ومفعول فاق محذوف، والتقدير: لما فاق الثلاثي، والجملة لا محل لها صلة الموصول المجرور محلًا باللام. كجَعلِ: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف، وجَعل: مضاف، ودرهم: مضاف إليه، من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول. دريهمًا: مفعول ثان للمصدر.

ص: 253

السيئ الخلق.

واللَّه الموفق

ص:

835 -

وَمَا بِهِ لِمُنْتَهَى الجَمْعِ وُصِلْ

بِهِ إِلَى أَمْثِلَةِ التَّصْغِيْرِ صِلْ

(1)

ش:

يتوصل إِلى أبنية التصغير بما توصل به فِي التكسير إِلى (فَعالل)؛ و (فَعَالِيل)، فيقال فِي (سفرجل):(سُفَيرِج)، بحذف اللام، كما قيل فِي الجمع:(سَفَارج) بحذفها أيضًا.

وفي (قبعثرى): (قُبَيعِث) بحذف الراء والألف كما قيل فِي الجمع: (قَبَاعِث) بحذفهما أيضًا.

وفي (منطلق): (مُطَيلِق) بحذف النون كما قيل: (مَطَالق) بحذفهما كذلك.

وفي (مُستدع): (مُدَيع) بحذف السين والتاء كما قيل: (مَداع) بحذفهما.

وفي (حزيبون): (حُزَيبِين) بحذف الياء كما قيل: (حَزابين) بحذفها.

وفي (استخراج): (تُخَيرِيج) بحذف الألف والسين كما قيل فِي الجمع: (تَخاريج) بحذفهما.

وفي (سرندى)، و (علندى):(سُرَينِيد)، و (عُلَينِيد) بحذف الألف كما قيل:(سراند)، و (علاند)، أو تقول:(سُرَيد)، و (عُلَيد) بحذف النون كما قلت فِي الجمع:(سَرادٍ)، و (عَلادٍ) بحذفها كذلك.

ومثلهما (حبنطى)؛ فإِن حذفت الألف. . قلت: (حُبَينِيط)، وإِن حذفت النون. .

(1)

وما: اسم موصول: مبتدأ، أو مفعول به لفعل محذوف، يفسره ما بعده. به: جار ومجرور متعلق بقوله: (وصل) الآتي. لمنتهى: مثله، ومنتهى: مضاف، والجمع: مضاف إِليه. وُصل: فعل ماض مبني للمجهول، وجملته مع نالمجما فاعله المستتر فيه: لا محلّ لها صلة الموصول. به، إِلى أمثلة: جاران ومجروران متعلقان بقوله: (صل) الآتي فِي آخر البيت، وأمثلة: مضاف، والتصغير: مضاف إِليه. صل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والجملة من صل وفاعله المستتر فيه: لا محلّ لها من الإِعراب مفسرة - إِن أعربت (ما) فِي أول البيت مفعولًا به.

ص: 254

قلت: (حُبَيط) بالكسر والتنوين، كـ (سُرَيد)، و (عُلَيد)، والأصل:(حُبَيطِي) بياء فحذفت وعوض عنها التنوين، وألفه للإِلحاق بـ (سفرجل).

واللَّه الموفق

ص:

836 -

وَجَائِزٌ تَعْوِيْضُ يَا قَبْلَ الطَّرَفْ

إِنْ كَانَ بَعْضُ الاسْمِ فِيْهمَا انْحَذَفْ

(1)

ش:

يجوز أن يعوض من المحذوف فِي البابين ياء قبل الآخر كما سبق فِي التكسير، فتقول فِي (سفرجل):(سُفَيريج) والياء عوض من اللام.

وفي (قبعثرى): (قُبَيعِيث) والياء عوض من الراء والألف.

وفي (منطلق): (مُطَيلِيق) والياء عوض من النون كما قلت فِي الجمع: (سفاريج)، و (قباعيث)، و (مطاليق) بياء قبل الآخر عوضًا عما حذف.

والتعويض على سبيل الجواز كما ذكره الشيخ.

فإِن كان قبل الآخر ياء. . فلا تعويض، فتقول فِي (احرنجام)، و (استخراج):(حُريِجيم)، و (تخيريج)، وهذه الياء التي قبل الطرف أصلها الألف التي فِي الاسم فلا تعويض؛ لاشتغال المحل بها.

واللَّه الموفق

ص:

837 -

وَحَائِدٌ عَنِ القِيَاسِ كُلُّ مَا

خَالَفَ فِي البَابَيْنِ حُكْمًا رُسِمَا

(2)

(1)

وجائز: خبر مقدم. تعويض: مبتدأ مؤخر، وتعويض: مضاف، ويا قصر للضرورة: مضاف إِليه، من إِضافة المصدر إِلى مفعوله. قك: ظرف متعلق بتعويض، وقبل: مضاف، والطرف: مضاف إِليه. إِن: شرطية كان: فعل ماض ناقص، فعل الشرط. بعض: اسم كان، وبعض: مضاف، والاسم: مضاف إِليه. فيهما: جار ومجرور متعلق بقوله: (انحذف) الآتي. انحذف: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى بعض الاسم، والجملة من انحذف وفاعله المستتر فيه: فِي محلّ نصب خبر كان، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.

(2)

وحائد: خبر مقدم. عن القياس: جار ومجرور متعلق بقوله: حائد. كل: مبتدأ مؤخر، وكل: مضاف، وما: اسم موصول: مضاف إِليه، مبني على السكون فِي محلّ جر. خالف: فعل ماض، =

ص: 255

ش:

كلُّ ما أتى مخالفًا فِي البابين ما ذكر من الأحكام؛ حائد عن القياس فيقتصر فيه على ما سمع، كقولهم فِي جمع:(رهط): (أراهط)، وفِي (باطل):(أباطيل)، وفي (حديث):(أحاديث)، وفي (كراع):(أكارع).

وفي تصغير (أبناء)، و (مغرب)، و (وجل)، و (عُشَيَّة)، و (صِبية):

(أُبَينُون)، و (مُغَيرِيبان)، و (رُوَيجِل)، و (عُشَيشِيَة)، و (أُصَيبِيَة)، بياء مفتوحة قبل الهاء فيهما.

وفي (إِنسان)، و (سفرجل):(أُنَيسيان) بياء قبل الألف، و (سُفيرِجِل) باللام.

والقياس: (رهوط)، و (بواطل)، و (حُدُث)، و (أَكرُع) على ما سبق فِي جمع التكسير.

وكذا القياس فِي التصغير (أبيناء)، و (مغيرب)، و (رُجَيِل)، و (عُشيَة) بحذف إِحدى الياءين من (عشيَّة)؛ لتوالي الأمثال وإِدغام ياء التصغير فِي الأخرى، و (صُبيّة) بتشديد الياء.

وقياس (إِنسان): (أُنسيْن) إِن اعتبر جمعه على (أناسين)، و (سفرجل)(سفيرج) بحذف اللام، أو (سفيريج) بالياء عوضًا عن اللام.

والفراء: أن (أحاديث) جمع (أحدوثة).

والزمخشري: أنه اسم جمع.

وقيل: إِن نحو: (أباطيل)، و (أكاوع)، و (أراهط) إِنما هو جمع لواحد مهمل استغنوا به عن جمع المستعمل كما استغنوا بجمع اسم عن آخر؛ كـ (عُراة) جمع (عاري) استغنوا به عن جمع (عريان).

وقال أبو الفتح: حول المفرد عن صيغته الأصلية ثم جمع، فـ (أباطيل) على تقدير:(أَبَطِيل)، ونحو ذلك، وهو قريب من الأول.

= وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى ما الموصولة، والجملة من خالف وفاعله المستتر فيه: لا محلّ لها صلة الموصول. في البابين: جار ومجرور متعلق بخالف. حكمًا: مفعول به لخالف. رُسِما: رُسم: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى حكم، والألف للإِطلاق، والجملة من رسم ونائب فاعله المستتر فيه: فِي محلّ نصب صفة لقوله: (حكمًا).

ص: 256

وقيل أيضًا: فِي التصغير كذلك، فـ (أبيّنون) على تقدير تصغير (أبيَن)، مثل (أعمى)، فقيل فيه:(أبيّن) مثل (أُعيّمٍ) بالتنوين ثم جمع، فقيل:(أُبَينُون)، كما يقال:(أُعَيمُون)، ذكره الأبدي فِي "شرح الجزولية".

و (مُغَيرِبان) على تقدير تصغير: (مَغْرِبان).

والكوفيون: (أُنيسِيان) تصغير (إِنسِيان) على وزن (إِفعِلان) بكسر الهمز والعين.

واختلف فِي (إِنسان):

فالكوفيون: من النسيان، وهو (إِفعان)، وفي التصغير وزنه:(أفيعلان)، وأنشدوا قول أبي تمام:

لَا تَنْسَيَنْ حِفْظَ العُهُودِ فَإِنَّمَا

سُمِّيتَ إِنْسَانًا لِأَنَّكَ نَاسِي

(1)

والبصريون: أنه من الأُنس، ورجحه ابن الخباز وقال: أبو تمام لا يعلم مذاهب الاشتقاق.

واللَّه الموفق

(1)

فِي ديوانه 175، والبيت من قصيدته التي مطلعها:

ما فِي وُقوفِكَ ساعَةً مِن باسِ

نَقضي ذِمامَ الأَربُعِ الأَدراسِ

فَلَعَلَّ عَينَكَ أَن تُعينَ بِمائِها

وَالدَّمْعُ مِنهُ خَاذِلٌ وَمُواسِ

قالَت وَقَد حُمَّ الفِراقُ فَكَأسُهُ

قَد خولِطَ الساقي بِها وَالحاسي

ثم البيت الشاهد، وبعده:

إِنَّ الَّذي خَلَقَ الخَلائِقَ قاتَها

أَقواتَها لِتَصَرُّفِ الأَحراسِ

فَالأَرضُ مَعروفُ السَّماءِ قِرًى لَها

وَبَنو الرَّجاءِ لَهُم بَنو العَبّاسِ

إِقدامَ عَمرٍو فِي سَماحَةِ حاتِمٍ

فِي حِلْمِ أَحنَفَ فِي ذَكاءِ إِياسِ

لا تُنكِروا ضَربي لَهُ مِن دونِهِ

مَثَلًا شَرودًا فِي النَّدى وَالباسِ

فَاللَّهُ قَد ضَرَبَ الأَقَلَّ لِنورِهِ

مَثَلًا مِنَ المِشكاةِ وَالنِّبراس

والبيت ليس فيه شاهد، وإِنما هو للتمثيل، فأبو تمام ليس ممن يستشهد بكلامه؛ لأنه من المولدين، والتميل بالبيت: بقوله: (سُمِّيتَ إِنْسَانًا لِأَنَّكَ نَاسِي)، حيث دل بذلك على أن أصل (إِنسان) مشتق من النسيان.

ص: 257

ص:

838 -

لِتِلْوِ يَا التَّصْغِيْرِ مِن قَبْلِ عَلَم

تَأْنِيْثٍ أو مَدَّتهِ الفَتْحُ انْحَتَم

(1)

839 -

كَذَاكَ مَا مَدَّةَ أَفْعَالٍ سَبَقْ

أو مَدَّ سَكْرَانَ وَمَا بِهِ التَحَقْ

(2)

ش:

• يجب فتح الحوف الذي بعد ياء التصغير إِن كان قبل علامة تأنيث أو قبل مدة علامة تأنيث:

فالأول؛ نحو: (قُصَيعة)، و (صُوَيمعة)، و (حُبَيلى)، تصغير (قصعة)، و (صومعة)، و (حبلى).

فخرج: ما ألفه للإِلحاق، كـ (عزهى)، و (معزى)، فيقال فِي تصغيرهما:(عُزَيهٍ)، و (مُعَيزٍ) بكسر ما بعد ياء التصغير مع التنوين.

ومثله: (عَلَقى) وهو ملحق بـ (جعفر) على المشهور، و (مِعزَى) ملحق بـ (درهم)، نص عليه سيبويه.

(1)

لتلو: جار ومجرور متعلق بقوله: (انحتم) الآتي فِي آخر البيت، وتلو: مضاف، ويا: قصر للضرورة: مضاف إِليه، والتلو بمعنى التالي، فالإِضافة من إِضافة اسم الفاعل إِلى مفعوله، ويا: مضاف، والتصغير: مضاف إِليه. من قبل: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من تلو، وقبل: مضاف، وعلم: مضاف إِليه، وعلم: مضاف، وتأنيث: مضاف إِليه. أو: عاطفة. مدته: مدة: معطوف على (علم تأنيث)، ومدة: مضاف، والهاء: مضاف إِليه. الفتح: مبتدأ. انحتم: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى الفتح، والجملة من الفعل الذي هو انحتم وفاعله المستتر فيه: فِي محل رفع خبر المبتدأ.

(2)

كذاك: كذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، والكاف: حرف خطاب. ما: اسم موصول: مبتدأ مؤخر، مبني على السكون فِي محل رفع. مدة: مول تقدم على عامله -وهو قوله: (سبق) الآتي- ومدة: مضاف، وأفعال: مضاف إِليه. سب: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى ما الموصولة، والجملة من سبق وفاعله المستتر فيه: لا محل لها صلة ما الموصولة. أو: عاطفة. م: معطوف على (مدة أفعال)، ومد: مضاف، وسكران: مضاف إِليه. وما: اسم موصول: معطوف على سكران. به: جار ومجرور متعلق بقوله: (التحق) الآتي. التحق: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى ما الموصولة، والجملة من التحقق وفاعله المستتر فيه: لا محل لها من الإِعراب صلة الموصول.

ص: 258

ولا تثبت ألف التأنيث المقصورة ويفتح ما قبلها إِن كانت رابعة كما سبق فِي (حبلى)، وسيأتي ذكر ما فوق الرابعة.

والثاني؛ نحو: (حُمَيرا)، و (سُوَيدا)، و (صُحَيرا) تصغير (حمراء)، و (سوداء)، و (صحراء)، فتقرر: أن علامة التأنيث هنا هي الهمزة لا المدة التي قبلها، وأصل الهمزة ألف أيضًا، فأبدلت لالتقائها ساكنة مع الألف قبلها، وسيأتي ذكره فِي التصريف.

• ويفتح أيضًا الحرف الذي قبل مدةه (أفعال)، سواء كان:

جمعًا كـ (أُجَيمال) تصغير (أجمال).

أو مسمى به كـ (أُفَيعال) فيمن اسمه (أفعال)، وإِليه أشَاو بقوله:(كَذَاكَ مَا مَدَّةَ أَفْعَالٍ سَبَقْ).

وهل فِي المفردات (أفعال) أو لا؟

قال بعضهم: منه (برمة أَعشار)، و (ثوب أَخلاق)، والتصغير (أُعَيشار)، و (أُخَيلاق).

وبعضهم يقول: (أُعَيشِير).

والأول هو الصحيح.

وقيل: إِن نحو: (أعشار)، و (أخلاق) إِنما هو جمعٌ وُصِف به المفرد.

وقوله: (أَوْ مَدَّ سَكْرَانَ وَمَا بِهِ التَحَقْ) يشير به إِلى أن (فَعلان)؛ كـ (سكران)، و (عَطشان) يفتح فيه أيضًا الحرف الذي قبل مدته، فتقول:(سُكيَران)، و (عُطَيشَان)، و (غُضَيبان).

والضابط: أن يكون مؤنثه على (فَعلى)، فيخرج (سَيفان)، و (ضَوجان) ونحوهما مما مؤنثه على (فَعلانة)، فيقال:(سُيَيْفِين)، و (ضُوَيجِين).

وقال فِي "الكافية": ما جمع على (فَعَالِين). . يقال فِي تصغيره: (فُعَيلِين)؛ كـ (سِرْحَان)، و (سُلْطَان)، و (ثُعبان)؛ نحو:(سُرَيحِين)، و (سُلَيطِين).

وما لم يجمع على (فعالين). . يقال فيه (فُعَيلان)؛ كـ (عُطَيشان)، و (سُكَيران).

وعلى هذا: يقال في (عثمان): (عُثَيمان)؛ لأنهم لم يقولوا فِي جمعه (عثامين)،

ص: 259

ومثله: (مُرَيوان) فِي (مروان).

ونظمه فيها

(1)

:

وَمَا حَوَى زِيَادَتَي فَعلَانَا

فَاجْعَلْ فُعَيلانٍ لَهُ مِيزَانَا

إِن لَم يَكُن عَلَى فَعَالِينَ جُمِعْ

فَذَاكَ صَغِّرْ بِفُعَيلِينَ تُطِعْ

وقالوا فِي جمع (إِنسان): (أَنَاسِين) كما سبق ذكره فِي جمع التكسير؛ فإِن اعتبر هذا. . يقال فِي التصغير (أَنَيْسِين) وإِلا. . فيقال: (أُنَيْسَان).

و (عَلَم): مضاف، و (تأنيث): مضاف إِليه، و (الفتحُ): مبتدأ، و (انحتم): خبره، و (مدة) مفعول (سبق)، و (مد): معطوف على (مدَّة).

ومعنى البيتين: الفتح انحتم لتلو ياء التصغير من قبل علامة تأنيث، وكذا ما سبق مدة أفعال، أو مد (سكران) والملحق به.

واللَّه الموفق

ص:

840 -

وَأَلِفُ التَّأْنِيْثِ حَيْثُ مُدَّا

وَتَاؤُهُ مُنْفَصِلَيْنِ عُدَّا

(2)

841 -

كَذَا المَزيدُ آخِرًا لِلنَّسَبِ

وَعَجُزُ المُضَافِ وَالْمُرَكَّبِ

(3)

(1)

انظر شرح الشافية الكافية (4/ 380).

(2)

وألفُ: مبتدأ، وألف: مضاف، والتأنيث: مضاف إِليه. حيث: ظرف متعلق بمحذوف حال من المبتدأ على رأي سيبويه، أو من ضميره المستكن فِي الخبر عند الجمهور. مُدا: مد: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى ألف التأنيث، والألف للإِطلاق، والجملة من مد وفاعله المستتر فيه: فِي محل جر بإِضافة حيث إِليها. وتاؤه: الواو عاطفة، تاء: معطوف على ألف التأنيث، وتاء: مضاف، والهاء: مضاف إِليه. منفصلين: مفعول ثان تقدم على عامله وهو قوله: عد الآتي. عدا: عد: فعل ماض مبني للمجهول، وألف الاثنين: نائب فاعله، وهو مفعوله الأول، والجملة من عد ونائب فاعله: فِي محل رفع خبر المبتدأ وما عطف عليه.

(3)

كذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. المزيد: مبتدأ مؤخر. آخرا: منصوب على نزع الخافض. للنسب: جار ومجرور متعلق بالمزيد. وعجز: معطوف على المزيد، وعجز: مضاف، والمضاف: مضاف إِليه. والمركب: معطوف على قوله المضاف.

ص: 260

842 -

وَهَكذَا زِيَادَتَا فَعْلَانَا

مِنْ بَعْدِ أَرْبَعٍ كَزَعْفَرَانَا

(1)

ش:

- إِذا صُغّر ما فيه ألف التأنيث الممدودة؛ كـ (حمراء)، و (قُرفُصاء)، أو تاء التأنيث، كـ (صومعة)، و (حنظلة). . لا يضر بقاء مدة التأنيث لا تائه، فتقول:(حُمَيراء)، و (قُرَيفُصاء)، بإِثبات الهمزة، و (صُوَيمِعة)، و (حُنَيظِلة).

- وكذا ياء النسب، فتقول فِي (بَصريّ)، و (عَبقريّ):(بُصَيريّ)، و (عُبَيقِريّ).

- وكذا عجز المضاف، فتقول فِي (امرئ القيس)، و (عبد شَمس)، و (أبي لهب):(أُمَيرِئ القيس)، و (عُبَيد شمس)، و (أُبَيّ لهب).

- وكذا عجز المركب المزجي؛ لأن الإِسنادي؛ كـ (تأبط شَرًا) لا يصغر.

- قال القواس: لأنه جملة عمل بعضها فِي بعض، وصارت اسمًا لمفرد، والتصغير ونحوه يخرجها عن كونها جملة، فتقول فِي (معدي كرب)، و (بعلبك):(مُعَيدي كرب)، و (بُعَيلِبَك).

- وكذا عجز المركب من الأعداد، فتقول فِي (خمسة عشر):(خُمَيسة عشر) بتصغير الصدر فقط، سواء أردت العدد أو سميت به.

- ولا يضر أيضًا بقاء الألف والنون المزيدتين بعد أربعة أحرف، فتقول فِي (زعفران)، و (ثعبان)، و (صحصحان):(زُعَيفِران). . إِلى آخره.

و (الثعلبان): ذكر الثعالب، و (الصحيحان): الأرض الخراب.

وعلى هذا القولُ فِي (أقحوان): (أُقَحيان)، والأصل:(أُقَيحِوان)، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها.

- ويجوز أن تحذف الألف والنون منه ويعامل معاملة (قاضي).

و (من بعد أربع) احترز به من نحو: (سِرحان)، و (سُلطان). . فالتصغير

(1)

وهكذا: الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. زيادتا: مبتدأ مؤخر، وزيادتا: مضاف، وفعلانا: مضاف إِليه. من بعد: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن فِي الخبر، وبعد: مضاف، وأربع: مضاف إِليه. كزعفرانا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كائن كزعفران.

ص: 261

(سُرَيحِين) كما سبق، فلا يقال:(سُرَيحان).

والحاصل: أنه لا يضر بقاء ما ذكر؛ لأنه فِي تقدير الانفصال كما قال المصنف.

والمصغر فِي الحقيقة إِنما هو الذي قبل مدة التأنيث.

وقيل: التاء.

وقيل: ياء النسب.

وقيل: العجز.

وقيل: الألف والنون. . فلا يعتقد أن أبنية التصغير خرجت عن أصلها.

وقال بعضهم: ثبت العجز من المركب لئلا يلتبس بتصغير غير المركب، وسيأتي الخلاف فِي نحو:(جلولاء).

واللَّه الموفق

ص:

843 -

وَقَدِّرِ انْفِصَالَ مَا دَلَّ عَلَى

تَثْنِيَةٍ أَوْ جَمْعِ تَصْحِيْحٍ جَلَا

(1)

ش:

لا يضر أيضًا بقاء علامة التثنية ولا علامة الجمع، فتقول فِي تصغير (زيدان)، و (جعفَران)، و (هندان):(زُيَيدان)، و (جُعَيفِران)، و (هُنَيدان).

وفي تصغير (زيدون)، و (مسلمات):(زُيَيدين)، و (مُسَيلمات)، فتقدر الانفصال كما سبق.

وإِذا قدر الانفصال. . فلا يضر أيضًا؛ لأن المصغر فِي الحقيقة إِنما هو (زيد)،

(1)

وقدر: فعل أمر: وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. انفصال: مفعول به لقدر، وانفصال: مضاف، وما: اسم موصول: مضاف إِليه. دل: ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى ما الموصولة، والجملة من دل وفاعله المستتر فيه: لا محل لها صلة الموصول. على تثنية: جار ومجرور متعلق بدل. أو: عاطفة. جَمعِ: معطوف على تثنية، وجمع: مضاف، وتصحيح: مضاف إِليه. جلا: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى جمع، والجملة من جلا وفاعله المستترِ فيه: فِي محل جر صفة لجمع.

وقرأ المكودي قوله: (جمعَ): بالنصب، وجعله مفعولًا مقدمًا لقوله. جلا: وجملة. جلا - إِلخ: عطفًا على جملة. (دل على تثنية)، وهو عندي أحسن.

ص: 262

و (جعفر)، و (مسلم).

والحاصل: أن ما ذكر فِي هذا البيت والثلاثة قبله لا تدخل تحت قول الشيخ فِي أول الباب:

وَما بهِ لمُنتهى الجمعِ وُصِل

بهِ إِلى أَمثِلةِ التَّصغِير صِل

لأن (زعفران) لو جمع. . لقيل: (زعافر) بحذف الألف والنون.

ويقال فِي جمع (حنظلة): (حناظل) بحذف التاء، وفي جمع (عبقري):(عباقر).

وهكذا ما يكسَّر؛ فلو عاملت التصغير فِي هذه المواضع معاملة الجمع. . لقلت فِي تصغير (حنظلة): (حُنَيظِل)، وفي (زعفران):(زُعَيفِر)، وفي (عبقري):(عُبَيقِر) ونحو ذلك.

واللَّه الموفق

ص:

844 -

وَأَلِفُ التَّأْنِيْثِ ذُو القَصْرِ مَتَى

زَادَ عَلَى أَرْبَعَةٍ لَنْ يَثْبُتَا

(1)

845 -

وَعِنْدَ تَصْغِيرِ حُبَارَى خَيِّرِ

بَيْنَ الحُبَيْرَى فَادْرِ وَالْحُبَيِّرِ

(2)

ش:

(1)

وألف: مبتدأ، وألف: مضاف، والتأنيث: مضاف إِليه. ذو: نعت لألف التأنيث، وذو: مضاف والقصر: مضاف إِليه. متى: اسم شرط جازم. زاد: فعل ماض فعل الشرط مبني على الفتح فِي محل جزم، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى ألف التأنيث. على أربعة: جار ومجرور متعلق بزاد. لن: حرف نفي ونصب واستقبال. يثبتا: فعل مضارع منصوب بلن، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى ألف التأنيث الواقع مبتدأ، والجملة من يثبت المنفي بلن وفاعله المستتر فيه: فِي محل جزم جواب الشرط، وكان من حقها أن تقترن بالفاء، لكنه حذف الفاء لضرورة إِقامة الوزن، وجملة الشرط والجواب: فِي محل رفع خبر المبتدأ.

(2)

وعند: ظرف متعلق بقوله: (خيِّر) الآتي، وعند: مضاف، وتصغير: مضاف إِليه، وتصغير: مضاف، وحبارى: مضاف إِليه. خير: فعل أمر، وفاعله: ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. بين: ظرف متعلق بقوله: خيِّر أيضًا، وبين: مضاف، والحُبَيرى: مضاف إِليه. فادر: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والجملة من فعل الأمر وفاعله: لا محل لها اعتراضية بين المعطوف والمعطوف عليه. والحُبَيِّر: معطوف على الحبيرى.

ص: 263

ألف التأنيث المقصورة الخامسة فصاعدًا تحذف فِي التصغير؛ لأن بقاءها يخل التصغير، فتقول: فِي (قرقرى)، و (حولايا):(قُريقِر)، و (حُوَيلي)، والمحذوف من (حولايا) الألف الأخيرة، وأما الألف الأولى. . فقلبت ياء؛ لانكسار ما قبلها وأدغمت فِي (ياء)(حولايا)، وهو علَمٌ على مكان.

فإِن كان ثالث ما هي فيه: الفاء. . جاز حذفها وبقاء ألف التأنيث.

قال ابن بابشاذ: وهو أجود.

فتقول: فِي تصغير (حبارى)(حُبَيرا) بحذف الثالثة، أو تقول:(حُبَير) بحذف الأخيرة وقلب الثالثة ياء وإِدغام ياء التصغير فيها.

ومثلها: (جمادى).

فاشتراط (المقصورة) يخرج الممدودة؛ كـ (قرفصاء).

والفرق بينهما: أن المقصورة أبعد عن تقدير الانفصال من الممدودة، فبقيت الممدودة؛ لأنها فِي تقدير الانفصال كما سبق فِي قول المصنف.

وأما ما فيه ألف الإِلحاق؛ كـ (حبركي). . فيجرى مجرى ما فيه ألف التأنيث المقصورة، فيقال:(حُبَيرِك) كـ (قُرَيقِر).

و (الحَبَركي): بفتح الحاء والموحدة وسكون الراء: القَراد، وليست ألفه للتأنيث، كقولهم:(حبركاة)، وهو منون.

وعن الجرمي: أن ألفه للتأنيث، وهو ممنوع الصرف.

ومثل (حبركي)، و (قرقري)، نحو:(مُبتلِي)، و (مُشتكِي).

تنبيه:

إِذا وقع بعد ياء التصغير واو:

- فإِن كانت ساكنة. . قلبت ياء مطلقًا، وأدغمت ياء التصغير فيها؛ كقولك فِي تصغير (عجوز)، و (عمود):(عُجَيّز)، و (عُمَيِّد).

- وإِن كانت متحركة. . ففيها تفصيل:

• فإِن كانت فِي موضع اللام. . قلبت يا أيضًا، فتقول فِي (دَلو)، و (جَرو):(دُلِيّ) و (جُرِيٌّ)، بالقلب والإِدغام كذلك، وتقول فِي (عُرَوة)، و (عشواء):

ص: 264

(عُريا)، و (عُشيَا) كذلك.

وإِن لم تكن فِي موضع اللام. . جاز قلبها وتصحيحها، فتقول فِي (جدول):(جُدَيّل)، أو (جُدَيْوِل)، والأول أولى.

وتقول فِي (أسود): (أسَيوِد)، بالتصحيح، و (أُسَيْد)، بالإِعلال؛ فمن صحح. . قال فِي (أحوى):(أُحَيوٍ)، بكسر الواو منونًا، والأصل:(أُحَيوِوٍ)، بواوين؛ لأن ألف (أحوى) بدل من واو، وهو: من الحوة، فقلبت الثانية ياء لوقوعها طرفًا بعد كسرة، فصار (أُحيوِي)، ثم عوملت الياء معاملتها فِي (قاض)، فحذفت وعوض عنها التنوين، فحصل:(أُحيوٍ)، ففي الرَّفع والجر:(أُحَيوٍ)، وفي النصب:(رأيت أُحَيوِيًا).

ومن أعلّ أسود قال فِي (أحوى): (أُحيٌّ) بياء مشددة، والأصل:(أُحيوِوٌ) كما سبق، فقلبت الأخيرة ياء فحصل:(أُحَيوي)، ثم قلبت الواو ياء لاجتماعها مع ياء ساكنة قبلها، فحصل:(أُحييي) بثلاث ياءات، الأولى ياء التصغير، فحذفت الأخيرة؛ لأنه عومل معاملة (قاضٍ) كما سبق، ثم أُدغمت ياء التصغير فيما بعدها فحصل:(أُحيٍّ) بكسر الياء منونًا، ففي الرَّفع والجر:(أُحيٍّ) فِي وفي النصب: (رأيت أُحَيّيًا) برد الياء الثالثة المحذوفة.

وكذا تقول فِي تصغير (يحيى): (يُحَيٌّ) بالتشديد منونًا، وأصله:(يُحَييي) بثلاث ياءات على (فُعَيعِل)، كـ (دُرَيهِم)، فالأولى ياء التصغير، والثانية ياء (يحيى)، والثالثة بدل من الألف، فحذفت الثالثة تخفيفًا، وجرى مجرى (قاضٍ)، وتعود فِي النصب؛ كـ (رأيت يُحيّيًا).

وبعضهم: لا يحذف الياء مطلقًا، ذكر ذلك السمين فِي آل عمران

(1)

.

(1)

الدر المصون فِي علوم الكتاب المكنون 3/ 157، وإِتماما للفائدة نذكر ما فيه بحرفه:

"وأنشدت للشيخ أبي عمرو ابن الحاجب فِي ذلك:

أيُّها العَالِم بِالتَّـ

ـصْرِيفِ لَا زِلْتَ تُحَيَّا

إِنَّ يَحْيى إِنْ يُصَغْـ

ـغَرْ فيُحَيَّا

وَأَبى قَوْمٌ وَقَالُوا

لَيْسَ هَذا الرَّأيُ حَيّا

إِنَّمَا كَانَ صَوَابًا

أَنْ يُجيبُوا بيُحَيَّا

ص: 265

وسيبويه: أنه ممنوع الصرف بعد التصغير.

وعيسى بن عمر: مصروف.

وتصغير (عَاوية): (عُوَيّة) بياء مشددة، والأصل:(عُوَيْوِيَة)، فقلبت الواو الثانية ياء لاجتماعها مع ياء ساكنة قبلها، ثم أدغمت فيها تلك الياء السّاكنة وهي ياء التصغير، فحصل:(عويّية) بثلاث ياءات، الأولى ياء التصغير وهي المدغمة، والثانية هي التي أصلها الواو، والثالثة ياء (عاوية)، فحذفت الأخيرة تخفيفًا، فحصل:(عُوَيّة) بياء مشددة.

واختلف سيبويه والمبرد فِي (فَعُولا) بفتح الفاء وضم العين، كـ (جَلُولاء): بالمد، وهي قرية بفاوس.

فحذف سيبويه الواو وقال: (جُلَيلاء) بياء التصغير فقط.

وقلبها المبرد ياء وأدغم فيها ياء التصغير وقال: (جُلَيّلاء) بالتشديد.

وصحح فِي "الكافية الشافية"

(1)

قول سيبويه.

وتصغير (ثلاثين): (ثُلَيّثين) بحذف الألف وإِيقاع ياء التصغير فِي موضعها، كـ (جَلولاء) على مذهب سيبويه.

- وإِذا صغر ما فيه همزة الوصل. . وجب حذفها؛ فتقول فِي: (ابن)، و (اسم):(بُنيّ)، و (سُميّ)، بياء مشددة، الأولى ياء التصغير، والثانية لام الكلمة المحذوفة؛ لأن الأصل:(بنو)، و (سمو)، فوجب رد الواو فِي التصغير، لأنه يرد الأشياء إِلى أصولها غالبًا، ثم قلبت ياء وأدغمت فيها ياء التصغير.

= كيف قد رَدُّوا يُحَيَّا

والذي اختارُوا يُحَيَّا

أتراهم فِي ضلالٍ

أم ترى وجهًا يُحَيَّا

قلت [القائل السمين]: هذا جارٍ مَجْرى الألغاز فِي تصغيرِ هذه اللفظةِ، وذلك يختلف بالتصريفِ والعمل، وهو أنه إِذا اجتَمَع فِي آخر الاسم المصغَّر ثلاثُ ياءات. . جَرَى فيه خلافٌ بين النحاة بالنسبة إِلى الحذف والإِثبات، وأصلُ المسألة: تصغير (أَحْوى).

ويُنْسَبُ إِلى يَحْيى: يَحْيِيُّ بحذف الألف تشبيهًا لها بالزائد نحو: حُبْلِيّ فِي: حُبْلى، ويَحْيَويّ بالقلب لأنها أصلٌ كألف مَلْهَويٌّ، أو شبيهة بالأصل إِن كان أعجميًا، ويَحْياوي بزيادة ألف قبل قلب ألفه واوًا.

(1)

انظر شرح الكافية الشافية 4/ 1900.

ص: 266

وإِذا واقع بعد ياء التصغير ياءان. . حذفت الثانية منهما لأجل توالي الياءات كما سبقت الإِشارة بذلك، فتقول فِي تصغير (حريّ) بتشديد الياء (حُريّ)، والأصل:(حريّي)، الأولى ياء التصغير، والثانية والثالثة هما الموجودتان قبلها، فحذفت الثالثة تخفيفًا وأدغمت الأولى فِي الثانية، وإِنما حذفت الثالثة لتطرفها، والتغييرُ فِي الطرف.

وتصغير (عَطاء) بالمد (عُطِى) على وزن فعيل؛ كـ (فُلَيس)، وأصل (عطاء):(عطاو)، فقلبت الواو همزة، فإِذا صغر. . تقلب ألفه ياء ويرد الهمز إِلى أصله وهو الواو؛ لأن قلبها همزة إِنما كان لوقوعها بعد ألف زائدة، فلما قلبت الألف ياء. . ردت الهمزة إِلى أصلها، فالأصل فِي (عُطَي) على هذا:(عُطَيِوٌ) بواو بعد ياءين، فقلبت الواو ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها فحصل:(عطيّي) بثلاث ياءات فِي الأولى ياء التصغير، والثانية بدل من الألف، والثالثة بدل من الواو، فقصد التخفيف، فحذفت الأخيرة ثم أدغمت ياء التصغير مما بعدها، فقيل:(عطيٌّ)، كما قيل:(حُريٌّ).

ومثله: (عشية)، فتقول فِي تصغيرها (عُشَية) بحذف الياء الأخيرة، والأصل ثلاث ياءات، الأولى ياء التصغير، فإِذا اجتمع ثلاث ياءات وكانت الأولى ياء التصغير. . حذفت الأخيرة؛ فإِن لم تكن الأولى ياء التصغير. . فلا حذف، فتقول فِي تصغير (حَية):(حُيَيّة) بثلاث ياءات؛ لأن ياء التصغير هي الوسطى.

وكذا لو سميت شخصًا (أيوب). . فتقول فِي التصغير: (أييّيب) بأربع ياءات، الثانية ياء التصغير، والثالثة هي الياء الثانية من (أيوب)، والرابعة أصلها الواو، ذكره فِي "الأشباه والنظائر".

ولا منع من حذف الرابعة هنا تخفيفًا.

واللَّه الموفق

ص:

846 -

وَارْدُدْ لأَصْلٍ ثَانِيًا لَيْنًا قُلِبْ

فَقِيْمَةً صَيِّرْ قُوَيْمَةً تُصِبْ

(1)

(1)

واردد: فعل أمر، وفاعله: ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. لأصل: جار ومجرور متعلق باردد على أنه مفعوله الثاني. ثانيًا: مفعول أول لاردد. لينا: صفة لقوله: ثانيًا. قُلِب: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى قوله ثانيًا، =

ص: 267

847 -

وَشَذَّ فِي عِيْدٍ عُيَيْدٌ وَحُتِمْ

لِلْجَمْعِ مِنْ ذَا ما لِتَصْغِيْرٍ عُلِمْ

(1)

ش:

إِذا أريد تصغير اسمٍ ثانيه لين منقلب عن لين أصل. . وجب رد اللين إِلى أصله، فشمل:

- ما كان أصله واوًا وقلبت ألفًا، كـ (باب الدار)، فيقال:(بُوَيب).

- وما كان أصله واوًا وقلبت ياء؛ كـ (قيمة)، و (ميزان)، و (ميقات)، فيقال:(قُوَيمة)، و (مُوَيزين)، و (مُوَيقيت).

وكذا (ريح) واحد الرياح، أصلها:(رَوح) فقلبت الواو ياء لوقوعها بعد كسرة، فتقول فِي تصغيرها:(رُوَيحة) بالتاء كما سيأتي.

- وما كان أصله ياء وقلبت واو؛ كـ (مُوقِن)، و (مُوسر)، فيقال:(ميَيْقِن)، و (ميَيْسِر).

- وما كان أصله ياء وقلبت ألفًا؛ كـ (ناب السن)، فيقال:(نُيَبْب).

- واختلف فِي (متّعد) بتشديد المثناة فوق، وأصله:(مُوتَعد)(افتعل) من الوعد، فأبدلت فاؤه تاء وأدغمت فِي تاء افتعل.

فعند سيبويه: يقال: (مُتَيعِد) بحذف فاء الكلمة.

ولا يجوز بقاؤها والرد إِلى الأصل؛ لأن من شرط ود الفاء إِلى أصلها عنده: أن يكون لينًا منقلبًا عن لين، كما فِي نحو:(قيمة) وهذا لا يوجد فِي (متَّعد)؛ لأن ثانيه وإِن كان منقلبًا عن لين. . هو غير لين كما ترى.

= والجملة من قلب ونائب فاعله المستتر فيه: فِي محل نصب نعت ثان لقوله: ثانيًا السابق. فقيمةً: الفاء للتفريع، قيمة: مفعول تقدم على عامله وهو قوله: صيّر، وأصل الكلام: صيِّر قيمةً قويمةً. صيِّر: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. قويمة: مفعول ثان لصير. تصب: فعل مضارع مجزوم فِي جواب الأمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت.

(1)

شذ: فعل ماض. فِي عيد: جار ومجرور متعلق بشذ. عُيَيدٌ: فاعل شذ. وحتم: فعل ماض مبني للمجهول. للجمع، من ذا: جاوان ومجروران متعلقان بحتم. ما: اسم موصول: نائب فاعل لحتم مبني على السكون فِي محل رفع. لتصغير: جار ومجرور متعلق بقوله: علم الآتي. علم: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى ما الموصولة، والجملة من علم ونائب فاعله المستتر فيه: لا محل لها صلة الموصول.

ص: 268

وللزجاج: (مُوَيعد) فيرد الفاء إِلى أصلها، ويحذف تاء (افتعل).

واختار فِي "الكافية" مذهب سيبويه، وعلى هذا فتصغيرِ (أَيّمة):(أُيَيِّمة) على حاله، ولا ترد ياؤه إِلى أصلها وهو الهمز؛ لأن الهمزة ليست لينًا عند سيبويه.

وكذا نحو: (ذئب)؛ فتصغيره: (ذُيَيْب) على حاله، ولا ترد الياء إِلى أصلها الهمزة؛ لأن الهمزة ليست من أحرف اللين كما ذكر، خلافًا للفارسي.

وأجاز الكوفيون: فيما ثانيه ياء أصلية أن تبدل واوًا لمناسبة الضمة، فيقولون فِي (شيخ)، و (كيس)، و (عين):(شُوَيخ)، و (كُوَيس)، و (عُوَينَة).

- وإِن سميت بنحو: (يضع)، و (يعد) مما حذفت فاؤه. . قلت:(يُضَيع)، و (يُعَيد)؛ كـ (فُلَيس)، فيصغر على لفظه.

والمازني: يرد المحذوف، فتقول:(يُوَيضِع)، و (يُوَيعد)؛ لأن الأصل، (يَوضَع)، و (يَوعد) كما سيأتي.

ويرد إِلى الأصل نحو: (قيراط)، و (دينار)، والأصل:(قِرّاط)، و (دِنَّار)، بتشديد الراء فِي الأول والنون فِي الثاني، فيقال:(قُرَيرِيط)، و (دُنَينِير).

ومثلهما: (ديباج)، و (ديوان)، والأصل:(دِبَّاج)، و (دِوّان) بالتشديد.

وقوله: (وَشَذَّ فِي عِيْدٍ عُبَيْدٌ) يشير به إِلى قولهم فِي (عِيد): (عُيَيد)، من غير أن يردوه إِلى أصله، وقياسه:(عُوَيد)؛ لأن الياء فيه أصلها واو، ولكنهم خافوا أن يلتبس بتصغير (عُود).

- وقوله: (وَحُتِمْ لِلْجَمْع مِنْ ذَا مَا لِتَصْغِيْرٍ عُلِمْ) فِي معناه: أن ما رُد إِلى أصله فِي التصغير. . يرد إِلى أصله فِي الجمع؛ لأنهما يردان الأشياء إِلى أصولها غالبًا، فكما يقال فِي التصغير:(بُوَيب)، و (مُوَيزين)، و (مُوَيقيت) بردِّ اللين إِلى أصله. . يقال فِي الجمع:(أبواب)، و (موازين). . إِلى آخره كما ذكر.

- ولا يرد المقلوب إِلى أصله في التصغير بل يصغر على حاله؛ نحو: (قِسِيّ) بكسر القاف والسين بعدهما ياء مشددة جمع (قوس)، لو سمي به. . قيل فِي تصغيره:(قُسَيّ) بضم القاف وفتح السين، وأصل الجمع (قُوُوس)، كما يجمع (فلس) على (فلوس) فقدموا اللام إِلى موضع العين، وأخرو العين إِلى موضع اللام، فحصل:(قُسُوْوٌ) فقلبت الواو الأخيرة ياء، فحصل (قُسُوي) فاجتمعت

ص: 269

الياء والواو وسبقت إِحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء وأدغمت، ثم كسرت السين لمناسبة الياء، ثم قلبت ضمة القاف كسرة لثقل النقل من الضم إِلى الكسر، فحصل:(قِسِي).

ومن المقلوب أيضًا (جاه)، وأصله:(وَجه) فنقلت الفاء إِلى موضع العين، فحصل:(جوه) فحركوا الواو؛ لأنها غيرت بالتأخيرِ فغيرت بالتحريك، فقلبت ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فحصل:(جاه)، فيقال فِي تصغيره:(جُوَيه) على حاله.

وإِذا صغر (خيرًا منه)، و (شرًا منه). . وجب رد الهمزة عند يونس؛ نحو:(أُخَيِّر)، و (أُشَيْرِر).

ولم يردها المازني فقال: (خُيَير)، و (شُرَير).

واللَّه الموفق

ص:

848 -

وَالأَلِفُ الثَّانِي المَزِيْدُ يُجْعَلُ

وَاوًا كَذَا مَا الأَصْلُ فِيهِ يُجْهَلُ

(1)

ش:

الألف الثانية المزيدة تقلب واوًا فِي التصغير، فيقال في (ضارب)، و (قاتل)، و (جاموس)، و (هابيل)، و (خاتام)، و (دانق):(ضُوَيرب)، و (قُوَيتل)، و (جُوَيميس)، و (هُوَيبيل)، و (خُوَيتيم)، و (دُوَنيق).

وكذا الألف المجهولة؛ كـ (عُوَيج)، و (صُوَيب)، فِي (عاج)، و (صاب).

واللَّه الموفق

(1)

والألفُ: مبتدأ. الثاني، المزيد: نعتان للألف. يجعل: فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى الألف، وهو المفعول الأول. واوًا: مفعول ثان ليجعل، والجملة من يجعل المبني للمجهول ونائب فاعله المستتر فيه: فِي محل رفع خبر المبتدأ الذي هو قوله: الألف. كذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. ما: اسم موصول: مبتدأ مؤخر. الأصل: مبتدأ. فيه: جار ومجرور متعلق بقوله: (يجهل) الآتي. يجهل: فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى قوله:(الأصل) والجملة من يجهل ونائب فاعله المستتر فيه: فِي محل رفع خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره: لا محل لها من الإِعراب صلة الموصول.

ص: 270

ص:

849 -

وَكَمِّلِ المَنْقُوْصَ فِي التَّصْغِيْرِ مَا

لَمْ يَحْوِ غَيرَ التَّاءِ ثَالِثًا كَمَا

(1)

ش:

المراد بالمنقوص هنا: ما حذف من أصوله حرف؛ فإِن صغّر. . يُرد ما حذف منه.

* فالمنقوص الذي على حرفين فِي اللفظ. . يجب رد ما حذف منه، فشمل:

- ما حذفت فاؤه؛ نحو: (مُر وخُذ) علمين، فتقول فِي التصغير:(أُمَير)، و (أُخَيذ).

- وشمل ما حذفت عينه؛ نحو: (مُذ)، فتقول فِي تصغيره علمًا:(مُيَيذ).

- وشمل ما حذفت لام؛ نحو: (يد)، و (دم)، فتقول:(يُديّة)، و (دُميٌّ) بتشديد الياء فيهما، الأولى ياء التصغير، والثانية لام الكلمة.

* وإِن كان المنقوص على ثلاثة أحرف فِي اللفظ. . فلا يخلو: إِما أن يكون الثالث تاء، أو غيرها.

- فإِن كان تاء. . وجب أيضًا رد المحذوف:

• فشمل ما حذفت فاؤه؛ كـ (عِدة) فتقول فِي تصغيره: (وُعَيدة).

• وشمل ما حذفت لامه، كـ (شَفة)، فتقول فِي التصغير:(شُفَيهة) برد اللام، وهي الهاء الأولى.

ومن المحذوف اللام أيضًا: (سنة) وأصله: (سِنَو) عند قوم، و (سنه) عند آخرين.

فعلى الأول يقال: (سُنَيّة)؛ لأن الواو قلبت ياء وأدغمت فيها تاء التصغير.

(1)

كمّل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. المنقوص: مفعول به لكمل. فِي التصغير: جار ومجرور متعلق بكمل. ما: مصدرية ظرفية. لم: نافية جازمة. يحو: فعل مضارع مجزوم بلم، وعلامة جزمه: حذف الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى المنقوص. غير: حال تقدم على صاحبه، وهو قوله:(ثالثًا) الآتي، وغير: مضاف، والتاء: مضاف إِليه. ثالثًا: مفعول به لقوله: (يحو) السابق. كما: بالقصر لغة فِي ماء: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف؛ أي: وذلك كائن كما.

ص: 271

وعلى الثاني يقال: (سُنَيهة).

ومن المحذوف اللام أيضًا، (أخت)، و (بنت)، فيقال:(أُخَيّة)، و (بُنَيّة)، والأصل:(أَخْوَة)، و (بَنْوَة)، فحذفوا الواو وجعلوا التاء عوضًا عنها.

- وإِن كان الثالث غير تاء. . لم يرد إِليه شيء؛ نحو: (شاك) فِي قولهم: (شاك السلاح) فتصغيره (شُوَيك) من غير أن يرد إِليه شيء؛ لأنه ثلاثي منقوص وثالثه غير تاء، وأصله:(شايك) بالياء، فتقلب العين إِلى موضع اللام، فحصل:(شاكي) ثم أعل إِعلال (قاضي)، فحصل:(شاكٍ) بالكسر والتنوين.

ومثله: (هارٍ) فتصغيره: (هُوَير) على حاله، ومنه فِي القرآن:{عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} ، وأصله (هاير).

وقال أبو حاتم: (هاوِر) فالمنقوص يكمل برد المحذوف ما لم يكن على ثلاثة أحرف، والثالث منه غير تاء؛ كـ (شاكٍ)، و (هارٍ)، وشذَّ:(هويّر) بالتشديد؛ لأنه رد إِلى أصله.

ولما كانت (ما) مشابهة لـ (يد) و (دم) إِذا سمي بها يعني فِي كونها على حرفين. . كانت والحالة هذه كالمنقوص الذي حذف منه حرف، فإِذا قصد تصغيرها. . يزاد عليها حرف توصلًا إِلى مثال التصغير كما كان ذلك فِي (يد) و (دم).

ولهذا الكلام مقدمة، وهو أنه إِذا سمي بحرفين ثانيهما ألف أو واو أو ياء. . وجب التضعيف فِي التصغير وغيره، فلو سمي شخص بـ (ما). . وجب تضعيف الألف، ثم تقلب الألف الثانية همزة لاجتماعهما ساكنتين فيصير (ماء)، فإِذا صغّر. . يقال:(مويّ) بالتشديد، الأولى ياء التصغير، والثانية أصلها الهمزة قلبت ياء جوازًا.

وتقول فِي تصغير فِي و (لو) علمين: (فُيَيّ) بثلاث ياءات، الوسطى ياء التصغير، و (لُوَيّ) بالتشديد، الأولى ياء التصغير، والثانية بدل من الواو؛ لأن الأصل (لُوَيْوٌ) فقلبت الواو ياء للمقتضي، وأدغم فيها ياء التصغير.

وإِذا سمي بـ (هل) أو (لم) أو (مَن). . وجب التضعيف أيضًا أو زيادة ياء:

- فتقول على التضعيف: (هُلَيل)، و (لُمَيم)، و (مُنَين).

- وعلى الزيادة: (هُلَيٌّ)، و (لُمَيٌّ)، و (مُنيٌّ) بالتشديد، الأولى ياء التصغير، والثانية هي التي زيدت توصلًا إِلى فُعَيل.

ص: 272

وإِذا صغر الماء المشروب يقال: (مُوَيه)؛ لأن الأصل (مَوَه) فقلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فحصل:(ماه) ثم قلبت الهاء همزة، فلما صغر. . رد إِلى أصله، وتثنيته:(ماءان) أو (ماوان).

قرأ الجحدري: (فالتَّقَى الماءان)، والحسن (فالتقى الماوان).

وجمعه فِي القلة: (أمواه).

واللَّه الموفق

ص:

850 -

وَمَنْ بِتَرْخِيْمٍ يُصَغَّرُ اكْتَفَى

بِالأَصْلِ كَالعُطَيْفِ يَعْنِي المِعْطَفَا

(1)

ش:

تصغير الترخيم بتجرد الاسم فيه من الزوائد:

فالثلاثي الأصل يصغر على (فُعَيل) إِن كان مذكرًا، ويلحقه الهاء إِن كان مؤنثًا، فتصغير (حامد)، و (حمدان)، و (محمود) و (حمدون):(حُمَيد)؛ لأن الزوائد حذفت، وصغر الأصل وهو (حَمَد).

وكذا تصغير (ناصر)، و (منصور)، و (منتصر):(نُصَير)؛ لأن الأصل (نصر).

وتقول فِي (حارث)، و (مُقعَنسِس):(حُرَيث)، و (قُعَيس)؛ إِذ الأصل:(حَرَث)، و (قَعَس).

وفي (أسود)، و (أعمى):(سُوَيد)، و (عُمَيّ) إِذ الهمز زائد.

وفي (معطف)، و (منعطف): و (عاطف): (عُطَيف)؛ إِذ الأصل (عَطَف)، و (المعطف): الكساء.

(1)

ومن: اسم موصول مبتدأ. بترخيم: جار ومجرور متعلق بقوله: (يصغَّر) الآتي. يصغر: فعل مضارع، وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى من الموصولة، والجملة من يصغر وفاعله المستتر فيه: لا محل لها صلة الموصول. اكتفى: فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى من الموصولة الواقعة مبتدأ، والجملة من اكتفى وفاعله المستتر فيه: فِي محل رفع خبر المبتدأ. بالأصل: جار ومجرور متعلق بقوله: اكتفى. كالعطيف: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف. يعني: فعل مضارع، وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى من. المعطفا: مفعول به ليعني، والألف للإِطلاق.

ص: 273

وفي (سوداء)، و (حمراء)، و (حبلى)، و (سعاد): و (سُوَيدة) و (حُمَيرة). . إِلى آخره فتختم بالهاء؛ لأن الاسم قد صار ثلاثيًّا مؤنثًا مجردًا من التاء؛ لأنك لم تصغر إِلا أصل الكلمة وهو (سود)، و (حمر)، و (حبل)، و (سعد) كما سيأتي ذكره.

وإِن لم تصغر بترخيم. . قلت فِي (حامد): (حُويمِيد)، وفي (حمدان):(حُمَيدين) إِن ثبت له جمع على (حَمادين)، وإِلا. . فـ (حُمَيدان)، وفي (محمود):(مُحَيمِيد)، وفي (حَمدون):(حُمَيدِين).

وفي (ناصر)، و (منصور)، و (منتصر):(نويصير)، و (منيصير)، و (مُنَيصِر).

وفي (حارث)، و (مُقعنسس):(حُوَيرث)، و (مُقَيعِس).

وفي (أسود): (أُسَيوِد)، أو (أُسَيّد)، بقلب الواو ياء، وإِدغام ياء التصغير فيها.

وفي (أعمى): (أُعَيّم)، فتحذف الياء منه وتعامله معاملة (قاضٍ).

وفي (سوداء)، و (حمراء):(سُويداء)، و (حُمَيراء)، ولا يضر بقاء الهمزة؛ لأنها فِي تقدير الانفصال كما سبق.

وفي (حبلى): (حُبَيلى) بفتح ما بعد ياء التصغير؛ لأنها قبل علامة التأنيث الرابعة كما علم.

* فإِن صغرت الرباعي الأصول بترخيم. . حذفت الزائد وصغرته على فُعَيعِل؛ كـ (قُرَيطِس)، و (عُصَيفِر) فِي (قرطاس)، و (عصفور)، وإِلا. . قلت:(قُرَيطِيس)، و (عُصَيفِير) على فُعَيعِيل.

وخص الفراء وثعلب تصغير الترخيم بالأعلام.

والصحيح: ما تقدم؛ لأن العرب قالوا: (بُلَيق) تصغير (أبلق) غير علم.

تنبيه:

الألف والياء زائدان فِي (إِبراهيم)، و (إِسماعيل) والهمزة أصلية؛ لأنها قبل أربعة أصول، فجمعهما (بَراهيم) و (سَماعيل)، فحذفت الألف منهما والهمزة أيضًا وإِن كانت أصلًا؛ لأن بقاءها يخل ببناء الجمع، وهذه الألف الموجودة ألف الجمع، ولم تحذف الياء منهما كما علم من أن اللين إِذا كان رابعًا فصاعدًا لا يحذف كما فِي (عصفور).

ص: 274

وتصغيرهما: (بُرَيهيم)، و (سُمَيعِيل) بالياء أيضًا هذا مذهب سيبويه.

وقال المبرد: الهمزة فيهما زائدة وتبقى فِي الجمع والتصغير؛ لكونها سابقة، وقال فِي الجمع:(أباريه)، و (أساميع)، وفي التصغير (أُبَيرِيه)، و (أُسَيمِيع)، وتبعه فِي دعوى الزيادة من قال وزن (إِسماعيل) إِفعاليل.

وبعضهم: القياس (أُبَيره)، و (أُسَيمع) على فُعَيعِل.

وعلى هذا قال ثعلب فِي "أماليه": الجمع (أباره)، و (أسامع).

وأجاز: (براهٍ) قياسًا على قولهم (بُرَيه)، و (سُمَيع).

وحكى الكوفيون: فِي الجمع: (بَراهِم) و (سَمَاعِل) بحذف الياء، و (بَراهِمة)، و (سَماعِلَة) بتعويض الهاء عن الياء.

وأسهل من هذا كله (إِبراهيمون)، و (إِسماعيلون).

وإِذا صغر (زعفران)، و (أقحوان) تصغير الترخيم. . يقال:(زُعَيفِر)، و (أُقَيحٍ) بالتنوين، والأصل:(أقيحيي) بياء أصلها الواو، فحذفت وعومل معاملة (قاضٍ) كما سبق ذكره.

واللَّه الموفق

ص:

851 -

واخْتِمْ بِتَا التَّأْنِيْثِ مَا صَغَّرْتَ مِنْ

مُؤَنَّثٍ عَارٍ ثُلَاثِيٍّ كَسِنّ

(1)

852 -

مَا لَمْ يَكُنْ بِالْتَّا يُرَى ذَا لَبْسِ

كَشَجَرٍ وبَقَرٍ وَخَمْسِ

(2)

(1)

واختم: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. بتا: قصر للضرورة: جار ومجرور متعلق باختم. وتا: مضاف، والتأنيث: مضاف إِليه. ط: اسم موصول مفعول به لاختم. صغرت: صغر: فعل ماض، وتاء المخاطب: فاعله، والجملة لا محل لها صلة الموصول. من مؤنث: جار ومجرور متعلق بقوله: صغرت. عار، ثلاثي: صفتان لمؤنث. كسِنّ: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف، وتقديره: وذلك كائن كسن.

(2)

ما: مصدرية ظرفية. لم: نافية جازمة. يكن: فعل مضارع ناقص مجزوم بلم، واسمه ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى مؤنث فِي البيت السابق. بالتا: قصر للضرورة: جار ومجرور متعلق بقوله: (يكن). يُرى: فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى المؤنث الذي هو اسم يكن، وهو مفعوله الأول. ذا: مفعول =

ص: 275

ش:

الثلاثي المؤنث الخالي من التاء إِذا صغّر. . لحقته التاء، فتقول فِي (هند)، و (دار)، و (يد)، و (سن)، و (رجل)، و (عين)، و (أذن)، و (كبد)، و (كرش)، و (وَرِك)، و (فَخِذ)، و (عَضُد)، و (كف)، و (ريح)، و (نار):(هُنَيدة)(ودُوَيرة)، و (يُدَيَّة). . إِلى آخره.

فإِن حصل لبس. . امتنعت التاء، كـ (شَجر)، و (بَقر)، و (خُمس)، فتقول:(شُجَير)، و (بُقَير)، و (خُمَيس)؛ لأن التاء توهم تصغير (شجرة)، و (بقرة)، و (خمسة).

فإِن كان المؤنث الخالي من التاء غير ثلاثيٍّ. . فلا تاء؛ فتقول فِي (سعاد)، و (زينب):(سُعَيّد)، و (زُيَيْنِب) على فُعَيعِل.

وتصغير (كسا)، و (سما):(كُسَيّة)، و (سُمَيّة)، والأصل:(كسيِّيٌ)، و (سُمَيّيٌ) بثلاث ياءات، فحذفت الثالث التي أصلها الهمزة، فحصل:(كسيٌّ)، و (سُمَيّ) بياء مشددة، الأولى ياء التصغير، والثانية بدل من ألف (كسا)، و (سما) ثم وجب لحاق التاء؛ لأن الاسم صار ثلاثيًا عاريًا من التاء.

واختص الثلاثى المؤنث بلحاق التاء؛ لخفته، ولأن أصله أن يكون بعلامة تأنيث، فوجب الرد إِلى الأصل، ولولا ذلك. . لكان التأنيث مطروحًا، ولم يلحق الرباعي لطوله، فحذفت تخفيفًا.

وأجاز أبو عمرو: لحاقها فِي التصغير عوضًا من الألف الخامسة والسادسة فِي المقصور؛ كـ (حُبَيرة)، و (لُغَيزة) فِي (حُبارى)، و (لُغَّيزى).

وأجازه ابن الأنباري: فِي الممدودة؛ نحو: (بُوَيقِلة) فِي (باقل).

والمعتمد: خلافه.

وتقول فِي (زيد) اسمِ امرأة: (زُيَيدة)، وفي (هند) اسم رجل:(هُنَيد) من غير اعتبار الأصل فيهما، خلافًا لابن الأنباري، فتقول:(زييد)، و (هنيدة)، ويراعى الأصل.

واللَّه الموفق

= ثان ليرى، وذا مضاف ولبس: مضاف إِليه، وجملة الفعل المبني للمجهول مع مفعوليه: فِي محل نصب خبر يكن. كشجر: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف. وبقر، وخمس: معطوفان على شجر.

ص: 276

ص:

853 -

وُشَذَّ تَرْكٌ دُوْنَ لَبْسٍ وَنَدَرْ

لَحَاقُ تَا فِيْمَا ثُلَاثِيًّا كَثَرْ

(1)

ش:

سبق أن الثلاثي المؤنث الخالى من التاء يختم بهاء فِي التصغير.

• وذكر هنا أنه شذ ترك التاء فِي بعض شيء من ذلك، مع أنه لا لبس لو ذكرت التاء، كقولهم في (حرب)، و (قوس)، و (نعل) بالنون، و (الذود): من الإِبل، و (نَصِف): بفتح النون وكسر المهملة وهي المرأة المتوسطة: (حُرَيب)، و (قُوَيس)، و (نُعَيل)، و (ذُوَيد)، و (نُصَيف).

ولكن حكى المبرد: أن (الحرب) قد تذكر، كما فِي قوله:

وَهُوَ إِذَا الحَربُ هَفَا عُقَابُهُ

. . . . . . . . . . . .

(2)

حيث لم يقل: (عقابها).

• وشذ لحاق التاء فيما زاد على الثلاث، وإِليه أشعار بقوله:(وَنَدَرْ لَحَاقُ تَا فِيْمَا ثُلَاثِيًّا كَثَرْ)، كقولهم فِي تصغير (أمام)، و (وراء)، و (قدام):(أُمَيمَة)، و (وُرَيّة)، و (قُدَيدِيمَة)، فلحقت (أمام) وهو مذكر، ولحقت (وراء) و (قدام) وهما مؤنثان.

قال ابن عصفور فِي "شرح الجمل": الظروف كلها مذكرة إِلا (وراء)، و (قدام) وهما شاذان. انتهى.

• ولا يصغر غير المتمكن من الظروف؛ كـ (عند).

قال ابن بابشاذ: لأن المراد بتصغير الظروف القرب، و (عند) فِي غاية القرب،

(1)

وشد: فعل ماض. ترك: فاعل شذ. دون: ظرف متعلق بمحذوف حال من الفاعل، ودون: مضاف، ولبس: مضاف إِليه. وندر: فعل ماض. لحاق: فاعل ندر، ولحاق: مضاف، ونا: قصر للضرورة: مضاف إِليه. فيما: جار ومجرور متعلق بقوله: (ندر) السابق. ثلاثيًا: مفعول به تقدم على عامله -وهو قوله: (كثر) الآتي-. كثر: فعلٍ ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إِلى. ما: الموصولة المجرورة محلًا بفي، والجملة من كثر وفاعله المستتر فيه: لا محل لها من الإِعراب صلة الموصول.

(2)

تقدم إِعرابه وشرحه، والشاهد هنا: تذكير لفظ الحرب.

ص: 277

فلا فائدة فِي تصغيرها.

قال: وكذا لا يصغر (غد) حملًا على نقيضه وهو أمس؛ لأن أمس غير متمكن بما تضمنه من معنى الحرف.

واللَّه الموفق

ص:

854 -

وَصَغَّرُوا شُذُوْذًا الَّذِي الَّتي

وَذَا مَعَ الفُرُوْعِ مِنْهَا تَا وَتِي

(1)

ش:

تقدم أنه، لا يصغر إِلا المتمكن، فخرج نحو:(متى)، و (عند) كما سبق.

وذكر هنا: أنه شذ تصغير ما ليس متمكنًا، كالموصول واسم الإِشارة؛ تشبيهًا له بالمتمكن من حيث كونه يوصف ويوصف به، ويذكر ويؤنث، ويثنى ويجمع، فمنه:(اللَّذَيا)، و (اللَّتَيا) فِي (الذي)، و (التي) بفتح الأول.

ولم يضموا اللام فيهما كما هو مصطلح التصغير؛ لأن الألف المزيدة فِي الآخر عوض من الضم، قال الشاعر:

بَعدَ اللُّتَيَّا وَالَّتِي واللَّاتِي

. . . . . . . . . . . . . .

(2)

(1)

وصغروا: فعل وفاعل. شذوذًا: حال من الواو فِي صغروا: أي شاذين. الذي: مفعول به لصغروا. التي: معطوف على الذي بعاطف مقدر. وذا: معطوف على الذي. مع: ظرف متعلق بمحذوف حال من. ذا: أو متعلق بقوله: (صغروا) السابق. ومع: مضاف، والفروع: مضاف إِليه. منها: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. نا: مبتدأ مؤخر. وفي: معطوف على نا.

(2)

التخريج: صدر بيت من الرجز، وعجزه: زَعَمْنَ أنِّي كَبِرت لِدَاتِي

البيتان من الرجز المشطور قال فيهما صاحب خزانة الأدب (6/ 156): لا أعرف ما قبلهما ولا قائلهما مع كثرة ورودهما في كتب النحو. والبيت فِي شرح التسهيل (1/ 233) وفي التذييل والتكميل (1/ 714). وفي شرح المرادي (1/ 239) وفي معجم الشواهد (ص 451).

والحقيقة أن البيت الشاهد هنا متداخل من بيتين، الأول مجهول القائل، وهو:

مِنَ اللَّوَاتي وَالَّتي وَاللَّاتي

زَعَمْنَ أَنِّي كَبِرْتُ لِدَاتِي

والثاني: للعجاج، وهو:

بعد اللُّتيّا واللُّتيّا وَالَّتِي

إِذَا عَلَّتْهَا أَنْفُس تَرَدَّتِ

اللغة: اللواتي واللاتي: جمع للتي. كبِيرت: بكسر ثانيه من الكبر فِي السن. لِدَاتي: جمع لِدَة، ولِدَةُ =

ص: 278

ومنه: (اللَّذيَّان)، و (اللَّتيَّان)، فِي (اللذان)، و (اللتان)، فصغروا المفرد أولًا، فقيل (اللُّذيّا) بالتشديد، والأولى هي ياء التصغير، ثم جيء بعلامة التثنية فحذفت ألف (اللُّذيّا) لالتقائها ساكنة مع ألف التثنية، قاله الأخفش.

ومنه (اللَّذيُّون) فِي (الَّذِين)، ومنه فِي (اللائي):(اللَّوَيؤون) وفعًا، وبالياء جرًّا ونصبًا.

وكذا (اللُّذَيُّون) أيضًا.

ويجوز لزوم الواو فِي الأحوال الثلاث.

والأخفش: أن الذال فِي (اللذَيون) مفتوحة.

وسيبويه: مكسورة.

ومنه (اللَّوَيّا) فِي (اللائي)؛ لكن حذفت الهمزة من هذا.

ومنه (اللُّتيَّان) فِي (اللاتي)، فصغر المفرد أولًا وهو (التي)، فقيل:(اللُّتيَّا) ثم جمع فحذفت هذه الألف لالتقائها ساكنة مع ألف الجمع.

وقيل: (اللُّتيَّات)، وقد صغروه على لفظه من غير اعتبار المفرد، فقالوا:(اللُّوَيتَا).

ومنه (ذيَّا)، و (تيَّا)، فِي (ذا) و (تا).

قال الشاعر:

ألَا قُلْ لِتَيّا قَبْلَ مَرَّتِهَا اسْلَمِي

. . . . . . . . . . . . . .

(1)

والأصل: (ذييّا)، و (تييّا)، بثلاث ياءات، الأولى عين الكلمة، والثالثة لامها،

= الرجل: تِربُه الذي ولد قريبًا منه، والهاء عوض من الواو الذاهبة لأنه من الولادة، وجمعه: لِدات ولِدُون، والأخير على غير قياس.

المعنى: الشاعر يهجو نسوة رمينه بالطعن فِي السن.

وشاهده: قوله: (اللُّتيَّا)؛ حيث صغر الاسم الموصول شذوذًا.

(1)

التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: تَحِيّةَ مُشْتَاقٍ إِلَيهَا مُتَيَّمِ

وهو للأعشى فِي ديوانه ص 177، ولسان العرب 5/ 165 (مرر)، وتاج العروس 14/ 102 (مرر).

الشاهد: قوله: (لتيّا) حيث صغر الاسم الموصول شذوذًا.

ص: 279

والثانية ياء التصغير، فحذفت الأولى تخفيفًا، فوقعت ياء التصغير ثانية، واغتفر ذلك لما قصد من مخالفة غير المتمكن لما هو متمكن، ولو حذفت الأخيرة. . لزم فتح ياء التصغير وهي لا تحرك، ولم تحذف ياء التصغير لدلالتها على معنى، وهذا إِنما هو على القول بأن عينه ولامه ياءان.

وأما على القول بأنهما واوان. . فحذفت عين الكلمة أيضًا، ثم قلبت اللام ياء؛ لاجتماعها مع ياء التصغير قبلها.

ومنه فِي تصغير (ذاك)، و (ذلك):(ذيَّاك)، و (ذيَّالِك) بالتشديد، الأولى ياء التصغير، والثانية مبدلة من ألف (ذاك) أعني لام الكلمة كما سبق.

وأما هذه الألف الثانية. . فعوض عن الضم كما سبق ذكره، ومنه قولُ الشاعرِ:

. . . . . . . . . . . . . .

أَنِّي أَبُو ذَيَّالِكَ الصَّبِيِّ

(1)

وقالوا فِي (ذان)، و (تان):(ذيَّان)، و (تيَّان) وفعًا، وبالياء نصبًا وجرًا.

وصغروا (هؤلاء) فِي قول الآخر:

(1)

التخريج: عجز بيت من الرجز، وصدره: أو تَحْلِفِي بِرَبِّكِ العَلِيِّ

وهو لرؤبة فِي ملحق ديوانه ص 188، وشرح التصريح 1/ 219، والمقاصد النحوية 2/ 232، وبلا نسبة فِي أوضح المسالك 1/ 340، وتخليص الشواهد ص 348، والجنى الداني ص 413، وشرح ابن عقيل ص 182، وشرح عمدة الحافظ ص 231، ولسان العرب 15/ 450 ذا، واللمع فِي العربية 304.

الإِعراب: أو: حرف عطف. تحلفي: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد أو، وعلامة نصبه حذف النون، والياء ضمير متصل مبني فِي محل رفع فاعل. والمصدر المؤول من أن وما بعدها: معطوف على مصدر مرفوع منتزع من الكلام السابق فِي فهو مثله فِي محل رفع. بربك: جار ومجرور متعلقان بتحلفي، وهو مضاف، والكاف ضمير فِي محل جر بالإِضافة. العلي: نعت ربك مجرور بالكسرة. أني: من الأحرف المشبهة بالفعل، والياء ضمير فِي محل نصب اسم أن. أبو: خبر أن مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. ذيالك: اسم إِشارة مبني فِي محل جر بالإِضافة. الصبي: بدل من ذيالك: مجرورة بالكسرة. والمصدر المؤول من أن وما بعدها: منصوب بنزع الخافض.

وجملة: (تحلفي): صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإِعراب.

الشاهد قوله: (ذيالك)؛ حيث صغر اسم الإِشارة شذوذًا.

ص: 280

يَا مَا أُحَيسِنَ غِزلَانًا شَدَنَّ لَنَا

مِنْ هَاؤُلائِيِّكُن الضَّالِ والسَّمُر

(1)

وفيه تصغير أفعل التعجب، وسبق فيه.

وقول الشيخ: (مَعَ الفُرُوْعِ) يقتضي أنهم صغروا جميع أسماء الإِشارة، مع أنهم لم يصغروا (ته) ولا (تي) على ما قيل، فيكون المراد مع بعض الفروع.

تنبيه:

قد تجعل ياء التصغير ألفًا إِذا وليها حرف مشدد مضاعف؛ كـ (دُوابّة) تصغير (دابَّة)، والأصل:(دويبَّة).

(1)

التخريج: البيت للمجنون فِي ديوانه ص 130، وله أو للعرجي أو لبدويّ اسمه كامل الثقفي أو لذي الرمة أو للحسين بن عبد اللَّه فِي خزانة الأدب 1/ 93، 96، 97، والدرر 1/ 234، ولكامل الثقفي أو للعرجي فِي شرح شواهد المغني 2/ 962، وللعرجي فِي المقاصد النحوية 1/ 416، 3/ 643، وصدره لعليّ بن أحمد العريني فِي لسان العرب 13/ 235 (شدن)، ولعلي بن محمَّد العريني فِي خزانة الأدب 1/ 98، ولعلي بن محمَّد المغربي فِي خزانة الأدب 9/ 363، وبلا نسبة فِي أسرار العربية ص 115، وخزانة الأدب 1/ 237، 5/ 233، وشرح الأشموني 2/ 366، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 190، ومغني اللبيب 2/ 682، وهمع الهوامع 1/ 76، 2/ 191.

اللغة: أميلح: تصغير تحبّب، ومَلُح: حَسُن. شدنّ: قوين وترعرعن، واستغنين عن أمهاتهنّ. هَاؤُلائِيِّكُن: تصغير هؤلاء. الضال والسمر: نوعان من النبات.

المعنى: يتعجّب من حسن النسوة الصغار مشبهًا إِياهنّ بالغزلان الصغار وقد استغنت عن أمّهاتها بأكل الضال والسمر.

الإِعراب: يا: حرف تنبيه. ما: نكرة تامة بمعنى شيء مبنية فِي محلّ رفع مبتدأ. أميلح: فعل ماضٍ جامد لإِنشاء التعجب مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر تقديره: هنّ. غزلانًا: مفعول به منصوب بالفتحة. شدَنَّ: فعل ماضٍ مبني على السكون الظاهر على النون الأولى، والنون: ضمير متصل فِي محلّ رفع فاعل. لنا: اللام حرف جر، نا: ضمير متصل فِي محل جرّ بحرف الجر، متعلّقان بـ (شدنّ). مفى هَاؤُلائِيِّكُن: جار ومجرور متعلّقان بمحذوف صفة لغزلانًا، وكن: ضمير متصل فِي محل جرّ بالإِضافة. الضال: بدل مجرور بالكسرة. والسمر: الواو: حرف عطف، السمر: اسم معطوف على مجرور، مجرور مثله بالكسرة.

جملة (يا ما أميلح): ابتدائية لا محل لها. وجملة (شدن): فِي محل نصب صفة لغزلانًا.

والشاهد فيه قوله: (هَاؤُلائِيِّكُن)؛ حيث صغر اسم الإِشارة شذوذًا.

ص: 281

قال فِي "الكافية"

(1)

:

وَقَد تَصِيرُ هَذِهِ اليَا أَلِفًا

مِنْ قَبلِ مَا شُدِّدَ فِيمَا ضُعِّفَا

وقال الكوفيون: الألف علامة التصغير كالياء، واستدلوا بقول العرب:(هُدَاهِد)، فقالوا تصغير:(هُدهُد).

وقال الشيخ: بل هو لغة فيه.

وقد لا تقلب الفاء فِي المضاعف؛ كحديث: "عليك بخُوَيصَّة نفسك"

(2)

.

• ويصغر اسم الجمع؛ كـ (رهط)، و (قوم)، و (نفر)، نحو:(رُهَيط). . إِلى آخره.

ولا تلحقه التاء وإِن جاز تأنيثه؛ لأنه للآدميين، بخلاف (ذَود) و (إِبل)، فيقال:(ذُوَيدة)، و (أُبَيلَة) قاله الجوهري.

وأما (ركب):

فعلى كونه اسم جمع وهو المشهور. . فيقال: (رُكَيْب).

وعلى كونه جمع (راكب) عند الأخفش. . فيرد إِلى مفرده، ويصغر ثم يجمع، فيقال:(رُوَيكِبون) كما سيأتي.

• ويصغر جمع القلة؛ كـ (أُجَيمَال)، و (أُوَيقات)، و (أُفَيليس) فِي:(أَجمال)، و (أَوقات)، و (أَفلُس).

ومنه قوله:

صُبِيَّةٍ عَلَى الدُّخَانِ رُمْكَا

. . . . . . . . . . . . . .

(3)

(1)

انظر شرح الشافية الكافية 4/ 1920.

(2)

أخرجه الطبراني فِي الكبير برقم 13444، من حديث عبد اللَّه بن عمرو، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كيف أنت إِذا بقيت فِي حثالة من الناس مرجت عهودهم، ومرجت أماناتهم، واختلفت قلوبهم"، وشبك بين أصابعه، قال: كيف أصنع يا رسول اللَّه؟، قال:"عليك بما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخويصة نفسك، وإِياك وعوامهم".

(3)

التخريج: صدر بيت من الرجز، وعجزه: مَا إِنْ عدا أصغرهُم أنْ زكَّا

ص: 282

بضم الصاد تصغير (صِبية)، مثل:(فِتية) من جمع القلة.

وشذ فيها: (أُصَيبيَة) كما سبق.

• ولا يصغر جمع الكثرة؛ لأن التصغير يدل على القلة، فتنافيا.

لكن إِذا قصد تصغير شيء منها. . رد إِلى جمع القلة إِن كان له جمع قلة، ثم يصغر، فإِذا قصد تصغير (عُمُد) جمع (عمود). . رد إِلى القلة كـ (أَعمده)، فيقال:(أُعَيمِدة).

ويجوز ان جمع الكثرة يرد إِلى الواحد ثم يصغر ذلك الواحد ثم يجمع بواو ونون إِن كان لمذكر عاقل، وبألف وتاء إِن كان لمؤنث مطلقًا أو لمذكر غير عاقل.

فإِذا قصد تصغير (كرماء). . رد إِلى المفرد ثم يصغر، فيقال:(كُريّم)، ثم يجمع فيقال:(كُريّمون).

وإِذا قصد تصغير (هنود)، و (قِصاع)، و (دَراهم). . صغر المفرد كذلك؛ نحو:(هُنيدة)، و (قُصيعة)، و (دُريهِم)، ثم يجمع بألف وتاء، فيقال:(هُنَيدات)، و (قُصَيعَات)، و (دُريهِمات).

وكذا تقول فِي تصغير (عُمُد) إِن شئت (عُمَيدَات) كما ذكر، أو (أُعيمِدة) كما ذكر آنفًا.

وهذا العمل لا يكون فِي نحو: (سَكارى) وهو جمع كثرة؛ لأن مفرده لا يجمع بواو

= وقائله رؤبة بن العجاج فِي ديوانه ص 120، ولسان العرب 12/ 440 (غلم)، 14/ 450 (صبا)، والمقاصد النحوية 4/ 536، وبلا نسبة فِي الكتاب 3/ 486، والمقتصب 2/ 212، والمخصص 1/ 31، 14/ 114.

اللغة: رمكا -بضم الراء وسكون الميم- جمع أرمك، والرمكة: لون كلون الرماد. عدا: جاوز. أن زكا: يقال: زكَّ زكيكًا إِذا دب، وقال ابن دريد: وقال أبو زيد: زكزك؛ أي: مشى متقارب الخطو.

المعنى: يصف رؤبة بهذا: صبية صغارًا قد اغبروا وتشعثوا لشدة الزمان وكَلَب الشتاء والبرد.

الإِعراب: صبية منصوب بفعل مقدر تقديره: ترك صبية على الدخان حال رمكا صفة لصبية ما النفي إِن زائدة عدا فعل ماض أصغرهم فاعل ومضاف إِليه أن مصدرية زكا فعل ماض والألف للإِطلاق والفاعل ضمير، وأن وما دخلت عليه فِي تأويل مصدر مفعول عدا.

الشاهد: قوله: (صبية)؛ حيث صغرت على لفظها، والأكثر فِي كلامهم أصيبية.

ص: 283

ونون على المشهور.

وبنو أسد يقولون: (سَكرانة)؛ لأن (سكران) مصروف عندهم كـ (سَيفان) كما سبق فِي ما لا ينصرف، فعليها لا يمتنع أن يقال:(سُكَيرانون)؛ إِذ يجوز عندهم (سَكرانون) كما جاز مطلقًا (سَيفَانُون).

وأجاز الكوفيون: تصغير جمع الكثرة على حاله إِن كان له نظير من الآحاد، فيقولون فِي تصغير (سَكارى):(سُكَيرانيَا) خفيفة هي ياء التصغير، أو (سِكّير) على فُعَيعِل كما كان ذلك فِي تصغير (حُبَارى).

وكذا يقولون فِي (رُغفان) جمع (رغيف): (رُغَيفَان) على حاله، كما تقول فِي (عُثمَان):(عُثَيمان).

وجعلوا منه قول بعض العرب: (أُصَيلان)، فقالوا: أصله جمع (أَصِيل) كـ (رَغيف)، و (رُغفان) فصغر على حاله، ونظيره:(سلطان).

قال بعضهم: والوجه أنه من المصغرات التي جاءت على غير بناء مكبرها؛ فـ (أُصلان) بمعنى (أصيل)، لا أنه جمع (أصيل) كما قالوا:(مُغَيرِبان) تصغير (مَغرِبان) بمعنى (مَغرب) فكلاهما (مَغرب) صُغّر على غير بناء مكبّره؛ لأن المكبّر (أصيل)، و (مغرب).

ولو صغر هذا. . لقيل: (أُصَيل)، و (مُغَيرِب) على فُعَيعِل، فقدر العرب:(أُصلان)، و (مَغرِبان) مفردين بمعنى:(أصيل)، و (مَغرب)، وصغروهما.

وسمع: (أُصَيلَال) باللام.

فقيل: أبدلت النون لامًا كما سيأتي.

والفراء: تصغير (آصال) على غير قياس؛ لأن القياس فِي تصغير (أفعال): (أُفَيعال) كما سبق.

واللَّه الموفق

* * *

ص: 284