المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كم، وكأين، وكذا - شرح الفارضي على ألفية ابن مالك - جـ ٤

[الفارضي]

الفصل: ‌كم، وكأين، وكذا

‌كم، وكأين، وكذا

ص:

746 -

مَيِّزْ فِي الاسْتِفْهَامِ كَمْ بِمِثْلِ مَا

مَيَّزْتَ عِشْرِيْنَ كَكَمْ شَخْصًا سَمَا

(1)

747 -

وَأَجِزَ إِنْ تَجُرَّهُ مِنْ مُضْمَرَا

إِنْ وَلِيَتْ كَمْ حَرْفَ جَرٍّ مُظْهَرَا

(2)

ش:

* (كم): اسم؛ لوقوعها مبتدأ، وعود الضمير عليها، وقبولها حرف الجر.

والجمهور: بسيطة.

والكسائي والفراء: مركبة من (كاف) التشبيه، و (ما) الاستفهامية، وحذفت ألف (ما)؛ لدخول الكاف عليها، وسكّنت الميم تخفيفًا.

وهى على قسمين: استفهامية، وخبرية.

ولها صدر الكلام في الصورتين.

• فالخبرية: معناها التكثير وستأتي.

(1)

ميز: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. في الاستفهام: جار ومجرور متعلق بميز. كم: قصد لفظه: مفعول به لميز. بمثل: جار ومجرور متعلق بميز، ومثل مضاف، وما: اسم موصول: مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر. ميزت: فعل وفاعل. عشرين: مفعول به لميزت، والجملة من الفعل -الذي هو ميزت- وفاعله ومفعوله: لا محل لها صلة الموصول، والعائد ضمير محذوف مجرور بحرف جر مثل الحرف الذي جر المضاف إلى الموصول؛ أي: ميزت به عشرين. ككم: الكاف جارة، ومجرورها قول محذوف، وكم: اسم استفهام مبتدأ. شخصًا: تمييز لكم. سَمَا: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى كم الواقعة مبتدأ، والجملة من سما وفاعله: في محل رفع خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره: في محل نصمب مقول للقول المحذوف.

(2)

وأجز: الواو عاطفة أو للاستئناف، أجز: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. أن: مصدرية. تجره: تجر: فعل مضارع منصوب بأن، والهاء مفعول به لتجر. مِن: قصد لفظه: فاعل تجر، وأن المصدرية وما دخلت عليه: في تأويل مصدر مفعول به لأجز. مضمر: حال من (مِن). إن: شرطية. وليت: ولي: فعل ماض، والتاء للتأنيث. كم: قصد لفظه: فاعل وليت. حرف: مفعول به لوليت، وحرف مضاف، وجر: مضاف إليه. . مظهرًا: نعت لحرف جر، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.

ص: 130

• والاستفهامية: بمعنى (أي عدد؟).

ولابد لهما من تمييز:

• فتمييز الاستفهامية: كتمييز (عشرين)؛ نحو: (كم رجلًا عندك؟)، و (كم شخصًا سما؟)، كما تقول:(عشرون رجلًا).

- ويجوز الفصل بالظرف ونحوه؛ نحو: (كم عندك عبدًا؟).

- وحذفُ التمييز للقرينة؛ نحو: (كم صمت؟).

وأجاز الكوفييون: كونه جمعًا؛ نحو: (كم غلمانًا لك؟).

والوجه: أنه محذوف؛ أي: (كم نفسًا لك غلمانًا)، فـ (غلمانًا): حال؛ لأنه بمعنى المملوكين، والعامل فيه: ما في الظرف من معنى الفعل.

ويجوز جر التمييز بـ (من) مضمرة إن اقترنت (كم) بحرف جر؛ نحو: (بكم درهم اشتريت)، فحذف الحرف وبقي عمله.

وعن الفراء: أن (كم) هي الجارة.

والزجاج: أن الجر بالإضافة.

والمعتمد: ما سبق أولًا، كما قال:(وَأَجِزَ إِنْ تَجُرَّهُ مِنْ مُضْمَرَا. . . إلى آخره).

وظاهر المتن: أن (مِن) لا يجوز إظهارها، وهو المشهور؛ لأن حرف الجر الداخل على (كم) عوضٌ منها.

وقيل: يجوز (بكم من درهم اشتريت؟).

وعلم من قوله: (وَأَجِز) أن الجر لا يجب، فيجوز:(بكم درهمًا اشتريت؟).

قيل: وهو أكثر.

ونقل القواس: جواز (كم من رجل جاءك؟) من غير اقتران (كم) بحرف جر.

وعن الفراء والزجاج والسيرافي: جواز (كم شخصٍ سما؟) بالجو حملًا على الخبرية كما سيأتي.

والمعتمد: خلافه.

تنبيه:

(كم) في محل رفع على الابتداء في نحو: (كم عبدًا جاءك؟)، و (كم درهمًا

ص: 131

لك؟)، والخبر: ما بعد التمييز، والضمير في الخبر عائد على (كم) نفسًا، إذ لو عاد على التمييز. . لبقي المبتدأ بلا رابط.

وهي في محل نصب على المفعولية، في نحو:(كم عبدًا اشتريت؟)، والعامل فيها (اشتريت).

وإن قيل: (اشتريته). . فهي مبتدأ، و (اشتريته): خبر.

ويجوز الاشتغال، فيقدر الناصب لـ (كم) بعدها؛ إذ لها الصدر، فالتقدير:(كم عبدًا اشتريت اشتريته؟).

وأما نحو: (بكم درهم اشتريت؟)، و (على كم مسكين تصدقت؟). . فالجار متعلق بالفعل المذكور.

وأما نحو: (غلام كم رجل ضربت؟)، فـ (غلام): مفعول، و (كم): مضاف إليه، وقس على ذلك.

واللَّه الموفق

ص:

748 -

وَاسْتَعْمِلَنَهَا مُخْبِرًا كَعَشَرَهْ

أوْ مِائَةٍ كَكَمْ رِجَالٍ أَوْ مَرَهْ

(1)

ش:

سبق أن (كم) الاستفهامية تميّز بمفرد منصوب كتمييز (عشرين).

• وذكر هنا أن تمييز الخبرية كتمييز (عشرة) أو (مائة) فيكون: جمعًا، أو مفردًا مجرورًا؛ نحو:(كم رجالٍ صحبت)، و (كم عبدٍ ملكت)، كما تقول:(عشرة رجالٍ) و (مائة رجلٍ)، والمفرد أكثر.

(1)

واستعملنها: الواو عاطفة أو للاستئناف، واستعمل: فعل أمر، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، وها: مفعول به لاستعمل. مخبِرًا: حال من فاعل استعمل. كعشرة: جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لمصدر محذوف يقع مفعولًا مطلقًا، أي: واستعملنها استعمالًا كائنًا كاستعمال عشرة. أو: حرف عطف. مائةٍ: معطوف على عشرة. ككم: الكاف جارة لقول محذوف، وكم: خبرية بمعنى كثير مبتدأ خبره محذوف، والتقدير: كثير عندي مثلًا، ويجوز أن يكون كم مفعولًا به لفعل محذوف، وتقديره: رأيت كثيرًا، أو نحو ذلك، وكم: مضاف، ورجال: مضاف إليه. أو: حرف عطف. مره: معطوف على رجال.

ص: 132

وقيل: الجمع شاذ.

وتعربها على نحو ما أعربت الاستفهامية آنفًا.

ومعناها التكثير كما سبق؛ أي: (كثيرًا من العبيد ملكت).

وقوله: (مَرَه) أصله: (امرأة) نقلت حركة الهمزة للراء، ثم حذفت الهمزة.

- ولما كانت الاستفهامية لمطلق العدد من غير قيدٍ بقلةٍ ولا كثرة. . حملت على وسط العدد في إفراد التمييز.

- ولما كانت الخبرية للتكثير. . حملت على نقيضها، وهي رب التي للتقليل على المشهور فجرَّت.

وبنو تميم: ينصبون تمييزها؛ نحو: (كم عبدًا عندي).

وأما قوله:

كَمْ عمَّةٌ لَكَ يَا جَرِيرُ وَخَالَةٌ

. . . . . . . . . . . . .

(1)

فروي بنصب (عمة) على أن (كم) استفهامية استهزاء وتهكمًا.

وبالجر على أن (كم) خبرية.

وبالرفع على أن (عمة) مبتدأ، وسبق في الابتداء.

والأكثرون: أن تمييز الخبرية مجرور بـ (كم) نفسها.

والخليل: أن الجر بـ (من) مضمرة.

وروي عن الفراء، واستدل له بقول الشاعر:

. . . . . . . . . . . . .

كَم ضَاحِكٍ مِن ذَا وَمِن سَاخِرِ

(2)

أي: (كم من ضاحك ومن ساخر).

(1)

تقدم إعرابه وشرحه.

(2)

التخريج: عجز بيت من السريع، وصدره: يَا عَجَبَ الدَّهر مَتَى سويّا

وهو للأعشى في ديوانه 106، وانظر تخريجه في الشّعر والشعراء 51، وأمالي ابن الشجري 1/ 364 والمساعد على تسهيل الفوائد 2/ 110.

الشاهد: قوله: (كم ضاحك)؛ قال ابن الشجري: أراد: (كم من ضاحك)؛ فلذلك عطف عليه بـ "من" فقال: (ومن ساخر).

ص: 133

ويجوز جره بـ (من) الزائدة، قال تعالى:{وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا} .

ويجوز الفصل بينهما وبين التمييز في الضرورة.

فإن كان بظرف. . فالأحسن النصب؛ كراهة الفصل بين المتضايفين، ومنه قولُ الشاعرِ:

تَؤُمُّ سِنَانًا وَكَم دُونَهُ

مِنَ الأَرضِ مُحدَودِبًا غَارُهَا

(1)

ومن الجر قوله:

كَم فِي بَنِي بَكرِ بنِ سَعدٍ سَيِّدٍ

. . . . . . . . . . . . .

(2)

(1)

التخريج: البيت لزهير بن أبي سلمى في الكتاب 2/ 165، وليس في ديوانه، وللأعشى في المحتسب 1/ 138، وليس في ديوانه، ولزهير أو لكعب أو للأعشى في شرح شواهد الإيضاح ص 197، وبلا نسبة في شرح الأشموني 3/ 636، وشرح عمدة الحافظ ص 535، ولسان العرب 5/ 35 (غور).

اللغة: تؤمّ: تقصد. سنان: اسم الحصين الرّومي الذي قصده. الغار: كلّ ما اطمأن من الأرض.

المعنى: إن ناقتي تقصد حصن سنان رغم ما يفصلها عنه من مسافات من الأرض المحدودبة المختلفة التضاريس.

الإعراب: تؤمُّ: فعل مضارع مرفوع بالضمة، والفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هي. سنانًا: مفعول به منصوب بالفتحة. وكم: الواو: واو الحال، وكم: اسم كناية مبني على السكون في محلّ رفع مبتدأ. دونه: مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بمحذوف خبر كم، والهاء: ضمير متصل مبني في محلّ جر بالإضافة. من الأرض: جار ومجرور متعلّقان بمحذوف خبر كم. محدودبًا: تمييز منصوب بالفتحة. غارُها: فاعل لاسم الفاعل محدودب مرفوع بالضمة، وها: ضمير متصل مبني في محلّ جرٍّ بالإضافة.

وجملة (تؤم سنانًا): ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة (كم محدودب غارها): في محل نصب حال.

الشاهد فيه قوله: (كم دونه من الأرض محدودبًا)؛ حيث فصل بين (كم) و (محدودبًا) بالظرف والجار والمجرور، فوجب نصب محدودبًا، وامتنع الجر عند البصريين.

(2)

التخريج: صدر بيت من الكامل، وعجزه: ضَخْمِ الدَّسيعَةِ مَاجِدٍ نَفَّاعٍ

سيبويه/ 1/ 296، والإنصاف/ 304، وشرح المفصل/ 4/ 130. وانظره في الكتاب (2/ 168)، والمقتضب (3/ 62)، واللمع (229)، وابن يعيش (4/ 130، 132)، والإنصاف (304)، والخزانة (6/ 476)، والأشموني (4/ 82).

ص: 134

و (كم): مبتدأ، و (في بني سعد): خبر.

- وإن كان الفصل بجملة وظرف. . وجب النصب لطول الفصل؛ كقوله:

كَم نَالَنِي مِنهُم فَضلًا عَلَى عَدَمِ

. . . . . . . . . . . . . . .

(1)

ويروى بالرفع فاعلًا، والتمييز محذوف؛ أي:(كم مرة نالني فضل).

وعلى الوجهين (كم): ظرف مكان، والعامل فيها الفعل بعدها.

ويروى بالجر، وفيه الفصل بين المتضايفين.

وقال بعضهم: يجب جر التمييز بـ (من) إذا فصل بينه وبين (كم) بالفعل المتعدي؛

= الشاهد: قوله: (كم في بني. . . سيّد)، فإن (كم) هنا خبرية، و (سيّد) تمييزها مجرور بالإضافة أو بمن مقدرة، مع وجود الفاصل بين (كم) وتمييزها، وهو مذهب الكوفيين، أما البصريون. . فإنهم ينصبون تمييز كم الخبرية إذا فصل عن كم.

(1)

التخريج: صدر بيت من البسيط وعجزه: إِذ لَا أَكَادُ مِنَ الإِقتَارِ أَحتَمِلُ

وهو للقطامي في ديوانه ص 30، وخزانة الأدب 6/ 477، 478، 483، والدرر 4/ 49، والكتاب 2/ 165، واللمع ص 227، والمقاصد النحوية 3/ 298، 4/ 494، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 283، وخزانة الأدب 6/ 469، وشرح الأشموني 3/ 636، وشرح عمدة الحافظ ص 535، والمقتضب 3/ 60، وهمع الهوامع 1/ 255.

اللغة: على عدم: على فقر وحاجة. الإقتار: الفقر. أحتمل: أرتحل طالبًا رزقًا.

المعنى: كثيرًا ما أفضلوا علي عندما كنت محتاجًا، حتى أكاد لا أرتحل عنهم طلبًا للرزق.

الإعراب: كم: اسم كناية مبني على السكون في محلّ رفع مبتدأ. نالني: فعل ماضٍ مبني على الفتح، والنون: للوقاية، والياء: ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. منهم: جار ومجرور متعلّقان بـ (نالني). شضلا: تمييز منصوب بالفتحة. على عدم: جار ومجرور متعلقان بـ (نالني). إذ: ظرف زمان مبني على السكون في محلّ نصب مفعول فيه، معلق بـ (نال). لا: حرف نفي. أكاد: فعل مضارع ناقص، واسمها ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنا. من الإقتار: جار ومجرور متعلّقان بـ (أحتمل). أحتمل: فعل مضارع مرفوع بالضمة، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنا.

وجملة (كم نالني): ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة (نالني): في محلّ رفع خبر لـ (كم). وجملة (لا أكاد أحتمل): في محلّ جرٍّ بالإضافة. وجملة (أحتمل): في محلّ نصب خبر أكاد.

والشاهد فيه قوله: (كم نالني منهم فضلًا) حيث فصل بين (كم) الخبرية وبين مميّزها (فضلًا) بالجملة (نالني منهم)، فنصبه. والفرّاء يجيز جرّ فضلًا.

ص: 135

نحو: (كم ملكت من عبد)، لالتباسه بالمفعول، إذا قيل:(كم ملكت عبدًا).

وقال العلامة القواس: إن جعل تمييزًا فالأولى جره بـ (من) لئلا يلتبس بالمفعول، وإن جعل مفعولًا فـ (كم) في محل نصب ظرف زمان، والتمييز محذوف؛ أي:(كم مرة).

ولكن المشهور: أن تمييز الخبرية لا يحذف، ولا تحتاج الخبرية إلى جواب، ولا تستعمل إلا في الماضي، والكلام معها محتمل للصدق والكذب.

بخلاف الاستفهامية: فيحذف تمييزها جوازًا للقرينة، ويفصل بينهما ولو في السعة؛ لأن الخبر أصل، والاستفهام فرع، والفصل فرع، فكان مع الفرع، وتحتاج إلى الجواب؛ نحو:(عشرون) بعد (كم شخصًا سما؟).

وتستعمل في الماضي وغيره؛ نحو: (كم رجلًا قام) أو (يقوم)، ولا يحتمل الكلام معها الكذب.

وسبق أن لهما الصدارة فلا يعمل فيهما الفعل قبلهما.

وبعض العرب أعمل في الاستفهام ما قبله شذوذًا، كقولهم:(ضرب منٌ مَنًا؟)

(1)

، وقولهم:(كان ماذا؟).

وأنكره بعضهم، فقال بعضهم:

عَابَ قَومٌ (كَانَ مَاذا)

ليت شعري لمَ هذا؟

(2)

(1)

قال في شرح المفصل 2/ 420: وأما يونس فكان يُجيز (مَنَة)، و (مَنَةٌ) و (مَنَةٍ) في الوصل كما يكون مع الوقف، ويَقِيسه على (أي)، وزعم أنَّه سمع عربيًا يقول:(ضرب مَنٌ مَنًا).

وعلى هذا ينبغي إذا ثَنَّى أو جمع فقال: (منان)، أو (منون) أن لا يُغيره، ويُثْبِته وصلًا ووقفًا.

واستدل على ذلك بقولِ شَمِر بن الحارث الطائي الشاعر [من الوافر]:

أَتَوا نارِي فقلتُ: مَنُونَ أَنتُمْ؟

فقالوا: الجِن قُلْتُ: عِمُوا ظلامَا

فقلت: إلى الطعامِ فقال منهم

زَعِيمٌ: نَحسُدُ الإِنسَ الطعامَا؟!

(2)

ذكر البيتين السيوطي في المحاضرات والمحاورات ص 255، والمقّري في نفح الطيب 4/ 145: وقال: وحكى الأستاذ ابن غازي أنهم اختلفوا: هل يقال: (كان ماذا؟) أم لا.

وقال: إن الأستاذ ابن أبي الربيع تطفل على مالك بن المرحل في الشعر، كما أن ابن المرحل تطفل عليه في النحو، قال: ومن نظم مالك بن المرحل في هذه القضية:

عَابَ قَوْم كَانَ مَاذا

لَيْتَ شِعْري كَانَ مَاذا؟

ص: 136

وَإِذَا عَابُوهُ جَهْلا

لَيتَ شِعرِي كانَ مَاذَا؟

وقال الفراء: إن (كم) فاعل في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا} ، فأعمل فيها الفعل قبلها.

والوجه: أنّ الفاعل مصدر؛ أي: (الهَدْيَ)، وهو للمبرد.

وذكر السمين عند قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ} ، أنه يجوز عند قوم أنّ يعمل في (كم) الخبرية ما قبلها؛ نحو:(ملكت كم عبد).

واللَّه الموفق

ص:

749 -

كَكَمْ كَأَيِّنْ وَكَذَا وَيَنْتَصِبْ

تَمِييْزُ ذَيْنِ أَو بِهِ صِلْ مِنْ تُصِبْ

(1)

ش:

* (كأين)، و (كذا) مثلُ (كم) الخبرية في الدلالة على التكثير.

وقيل: يجوز أن يعبر بـ (كذا) عن العدد القليل.

1.

ويجوز نصب تمييزهما؛ نحو: (كأين رجلًا جاءك)، فهي مبتدأ، والجملة بعدها خبر.

وهي مفعول في نحو: (كأين رجلًا رأيت)، والعامل: الفعل المذكور.

وتقول: (له عندي كذا درهمًا).

= إن يَكْن ذِلكَ جَهْلا

منهم فكان ماذا؟

ومن نظم ابن حبيش المذكور قوله:

إذا ما شئت أن تحيا هنيًا

رَفِيع القَدْرِ ذَا نَفْس كَرِيمَه

فَلا تَشفَع إلَى رَجُلٍ كَبِير

ولَا تَشْهَد وَلَا تَحضر وَلِيمه

(1)

ككم: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. كأي: مبتدأ مؤخر. وكذا: معطوف على كأي. وينتصب: الواو عاطفة، ينتصب: فعل مضارع. تمييز: فاعل ينتصب، وتمييز مضاف، وذين: مضاف إليه. أو: عاطفة. به: جار ومجرور متعلق بقوله: صل الآتي. صل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. مِن: قصد لفظه: مفعول به لصل. تصب: فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر الذي هو قوله (فعل)، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت.

ص: 137

2.

والكثير في تمييز (كأين) أن يتصل بـ (من)، قال تعالى:{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ} . . . الآية فهي مبتدأ، و (من دابة): تمييزها، و (اللَّه يرزقها): الخبر، {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} .

وأنكر ابن عصفور: نصبه.

ونصب في قول الشاعر:

وكَائِن لَنَا فَضلًا عَلَيكُمْ وَنِعمَةً

. . . . . . . . . . . . . .

(1)

وقول الآخر:

اطْرُدِ اليَأْسَ بِالرَّجاءِ فَكَأيِّنْ

آلِمًا حمَّ يُسرُهُ بَعدَ عُسرِ

(2)

1.

وركبت من كاف التشبيه و (أي) الاستفهامية.

وأما (كذا). . فمن كاف التشبيه، و (ذا) اسم الإشارة.

2.

وقد يستفهم بـ (كأين)؛ كقول أبي بن كعب لعبد اللَّه بن مسعود: "كأين تقرأ سورة الأحزاب؟ " فقال: "ثلاثًا وسبعين".

3.

وأجاز ابن عصفور جرها بالحرف؛ نحو: (يكأين تبيع هذا الثوب؟).

4.

وفيها لغات:

(1)

صدر بيت من الطويل، وعجزه: قَديمًا ولا تَدْرُونَ ما مَنُّ مُنْعِمِ؟

وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 51؛ وشرح الأشموني 3/ 637؛ وشرح شواهد المغني 2/ 512؛ ومغني اللبيب 1/ 187؛ وهمع الهوامع 1/، وهو في ديوان الأعشى قيس الشاعر المشهور من قصيدة يهجو بها عمير بن عبد اللَّه بن المنذر بن عيدان، ينظر ديوان الأعشى (ص 185).

الشاهد: قوله: (وكَائِن لنا فضلا)؛ حيث جاء فيه مميّز (كأين) منصوبًا، على غير الغالب.

(2)

التخريج: البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 51، وشرح الأشموني 3/ 637، وشرح التصريح 2/ 281، وشرح شواهد المغني 2/ 513، والمقاصد النحوية 4/ 495، وهمع الهوامع 1/ 255، وأوضح المسالك 4/ 276، ومغني اللبيب 1/ 186.

اللغة: أطرد: أمر من طَردَ يطرد كقتل يقتل، واليأس: القنوط، الرجاء: الأمل، حمّ: قدّر.

المعنى: لا تقنط، وترجَّ حصول الفرج بعد الشدّة؛ فكم من صاحب أمل قدر اللَّه غناه بعد فقره، ويروى البيت بمد الرجاء وكائن، وقصرهما.

والشاهد في البيت: قوله: (فكأين آملا)؛ حيث استشهد به على نصب تمييز (كأين) على غير الغالب.

ص: 138

1.

كَإٍ؛ كـ (شجٍ).

2.

وكائن؛ كـ (ضارب).

3.

وكين؛ كـ (هيّن) بالتشديد.

4.

وكَأْيٍ؛ كـ (فلس).

والعكبري: في آل عمران: قرئ بالجميع

(1)

.

5.

يوقف عليها: بالنون، وبحذفها.

* والكثير في (كذا) أنّ يكرر لفظها بالواو؛ نحو: (عندي كذا وكذا درهمًا). ودونه: (كذا كذا درهمًا).

• وأنكر ابن خروف استعمالها مفردة؛ نحو: (رأيت كذا رجلًا).

والوجه: أنه قليل.

• وظاهر المتن: جواز جر تمييزها بـ (مِن) كما في (كأين).

قيل: وهو ممنوع.

• وهل يجوز جره بدون (مِن) أو لا؟

أجاز ذلك الكوفيون، فيضيفونها مفردة؟ نحو:(كذا ثوبٍ وكذا أثوابٍ).

ورد: بأن عجزها اسم إشارة لا حظ له في الإضافة.

وقد يقال: إنه لما ركب مع الكاف. . لم يبق على ما كان عليه قبل ذلك؛ لأنه صار مع الكاف كلمة واحدة ضمنت معنى لم يكن موجودًا قبل ذلك.

وقال الحوفي: إن المجرور بدل من اسم الإشارة، وهو بعيد؛ لأن (ذا) صارت كلمة واحدة، ولا يبدل من جزء الكلمة.

• ولا تضاف (كأين) بوجه.

(1)

في التبيان في إعراب القرآن 1/ 297 - 298: وقال: وَفيها خَمسَةُ أَوجُهٍ، كُلُّها قَد قُرِئَ بِهِ، وذكر ثلاثة من الأوجه المذكورة مسقطًا الوجه الثالث، وأضاف اثنين، وعليه: فالوجوه فيها ستة، والوجهان اللذان أضافهما هما:

"كأيِّن" بِهَمزَةٍ بَعدَها ياءٌ مُشَدَّدَةٌ وَهو الأَصلُ.

"كَيئٌ" بياءٍ ساكِنَةٍ قَبلَ الهَمزَةِ، وَهو الأَصلُ في كائِنٍ.

ص: 139

قال السمين: لأن آخرها تنوين، وهو لا يجتمع مع الإضافة.

و (كأين) لها صدر الكلام فلا يعمل فيها ما قبلها.

بخلاف (كذا)، فيقال:(رأيت كذا كذا رجلًا).

وقد يكون (كذا وكذا) بمنزلة كلمة واحدة، فيكنى بها عن غير العدد؛ كقولك:(أتذكر يوم كذا وكذا؟).

ويكنى عن الحديث: بـ "كيت"، و"ذيت"؛ نحو:(قل له كيت وكيت)، و (قال: لي ذيت وذيت)، وهما مبنيان؛ لنيابتهما عن الجمل.

وفي "التسهيل": قد تكسر التاء منهما، أو تضم.

و (كأين): مبتدأ، و (كذا): معطوف عليه، وقوله:(ككم): خبر.

واللَّه الموفق

* * *

ص: 140