المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحكاية ص: 750 - احْكِ بِأَيٍّ مَا لِمَنْكُورٍ سُئِلْ … عَنْهُ بِهَا - شرح الفارضي على ألفية ابن مالك - جـ ٤

[الفارضي]

الفصل: ‌ ‌الحكاية ص: 750 - احْكِ بِأَيٍّ مَا لِمَنْكُورٍ سُئِلْ … عَنْهُ بِهَا

‌الحكاية

ص:

750 -

احْكِ بِأَيٍّ مَا لِمَنْكُورٍ سُئِلْ

عَنْهُ بِهَا فِي الوَقْفِ أَوْ حِيْنَ تَصِلْ

(1)

ش:

الحكاية لغة: المماثلة والمشابهة.

وفي الاصطلاح: تأدية اللفظ المسموع على هيئته من غير تغيير.

* فإن سُئلتَ عن منكور مذكور في كلام سابق. . فاحكِ بـ (أيٍّ) ما لذلك المنكور من إعراب وتذكير وتأنيث وتثنية وجمع.

فمنكور شمل: النكرة مطلقًا؛ المفرد وغيره، مذكرًا كان أو مؤنثًا:

- فتقول لمن قال: (جاء رجلٌ)(أيٌّ؟) بالرفع، ولمن قال:(رأيت رجلًا): (أيًّا؟)، ولمن قال:(مررت برجلٍ): (أيٍّ؟).

- وتقول في (جاءني رجلان): (أيان؟)، وفي النصب والجر (أيَّين؟).

- وفي (جاء رجان): (أيون؟) وفي غيره (أيِّين؟).

- وتقول في: (جاءت امرأة): (أيّةٌ؟) بالرفع، وتنصب في النصب، وتجر في الجر.

- وفي (جاءت امرأتان): (أيّتان؟)، وفي النصب والجر (أيَّتَين؟).

- وفي (جاءت بناتٌ): (أيات؟) بالوفع، وفي غيره:(أيّاتٍ؟) بكسر التاء. هذا كله في الوقف.

(1)

احك: فعل أمر: مبني على حذف الياء، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. بأي: جار ومجرور متعلق باحك. مما: اسم موصول: مفعول به لاحك. لمنكور: جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما الموصولة. سئل: فعل ماض مبني للمجهول. عنه. جار ومجرور متعلق بسئل على أنه نائب فاعله، والجملة من سئل ونائب فاعله: في محل جر صفة لمنكور. بها: جار ومجرور متعلق بسئل أيضًا. في الوقف: جار ومجرور متعلق باحك. أو: عاطفة. حين: ظرف معطوف على الوقف. تصل: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أسما، وجملة الفعل المضارع -الذي هو تصل- وفاعله المستتر فيه: في محل جر بإضافة حين إليها.

ص: 141

وإن شئت وصلت؛ نحو: (أيٌّ يا هذا؟)، أو (أيان يا هذا؟)، أو (أيون يا هذا؟). . . إلى آخره.

هذا هو الأفصح، وفي غيره: يحكى الإعراب والتذكير والتأنيث مع إفراد (أي) مطلقًا:

فيقال في (جاء رجلان): (أيٌّ؟).

وفي (جاء رجالٌ): (أيٌّ؟).

و (في رأيت رجالا): (أيًّا؟).

وفي (مررت بامرأتين): (أيةٍ؟).

وفي (مررت بنساء): (أيّةٍ؟).

1.

وقد علم أن المعرفة لا تحكى بـ (أي).

وقيل: يجوز في (جاء زيد)، و (رأيت زيدًا)، و (مررت بزيد) أن يقال:(أيٌّ زيدٌ؟) فقط بالرفع فيهما.

تنبيه:

إذا قيل: (جاء رجل)، وقيل:(أيٌّ؟). . فهي مبتدأ، والخبر محذوف بعدها، والتقدير:(أيٌّ هو؟).

ويجوز أنّ يكون المحذوف هو المبتدأ، قيل: وهو الأولى.

وإذا قيل: (رأيت رجلًا)، وقيل:(أيًا؟)، أو (مررت برجلٍ)، وقيل:(أيٍّ؟). . فكما ذكر، وتقدر ضمة الإعراب؛ لأن حركة الحكاية تمنع من ظهورها، وقس عليه ما لم يذكره.

وقيل: إن الحركة في حالة الرفع حركة إعراب؛ إذ لا ضرورة في تكلف تقدير ضمة مع وجود أخرى، وإنما قيل بتقديرها في حالة النصب والجر للضرورة.

وقيل: إن الحركة في حالتي النصب والجو حركة إعراب أيضًا، والكلمة مفعول، والعامل مقدر، والتقدير:(أيًّا رأيت؟)، و (بأيٍّ مررت؟).

وقيل: إن الحركة لإتباع لفظ المتكلم في جميع الأحوال، فهي حركة حكاية مطلقًا، وهو ظاهر.

واللَّه الموفق

ص: 142

ص:

751 -

وَوَقْفًا احْكِ مَا لِمَنْكُورٍ بِمَنْ

وَالنُّوْنَ حَرِّكْ مُطْلَقًا وَأَشْبِعَن

(1)

752 -

وَقُلْ مَنَانِ وَمَنَيْنِ بَعَدَ لِي

ألْفَانِ بِابْنَيْنِ وَسَكِّنْ تَعْدِلِ

(2)

753 -

وَقُلْ لِمَنْ قَالَ أَتَتْ بِنْتٌ مَنَهُ؟

وَالنُّوْنُ قَبْلَ تَا المُثَنَّى مُسْكَنَهْ

(3)

754 -

وَالْفَتْحُ نَزْرٌ وَصِلِ التَّا وَالأَلِفْ

بِمَنْ بَإِثْرِ ذَا بِنِسْوَةٍ كَلِفْ

(4)

(1)

ووقفا: يجوز أن يكون حالًا من فاعل احك الآتي بتأويل اسم الفاعل، أي: واقفًا، ويجوز أن يكون منصوبًا بنزع الخافض، أي: في الوقف. احك: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. ما: اسم موصول: مفعول به لاحك. لمنكور: جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما. بمن: جار ومجرور متعلق باحك. والنون: مفعول به تقدم على عامله وهو قوله حرك الآتي. حرك: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. مطلقًا: نعت لمصدر محذوف، أي: تحريكًا مطلقًا. وأشبعن: الواو حرف عطف، وأشبع: فعل أمر، معطوف بالواو على حرك، والنون للتوكيد، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت.

(2)

وقل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. منان: قصد لفظه: مفعول به لقل. ومنين: قصد لفظه أيضًا: معطوف على قوله منان. بعد: ظرف متعلق بقوله قل. لي: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. ألفان: مبتدأ مؤخر. يابنين: جار ومجرور متعلق بقوله ألفان، وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب مقول لقول محذوف، يضاف بعد إليه. أي: بعد قولك - إلخ. وسكن: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. تعدل: فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر، وحرك بالكسر للروي، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت.

(3)

وقل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. لمن: جار ومجرور متعلق بقل. قال: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود على من المجرورة محلًا باللام، والجملة من قال وفاعله المستتر فيه: لا محل لها صلة من المجرورة محلا باللام. أنت: أتى: فعل ماض، والتاء للتأنيث. بنت: فاعل أتى، والجملة في محل نصب مقول قال. مَنَهْ: قصد لفظه: مفعول به لقل. والنونُ: مبتدأ. قبل: ظرف متعلق بقوله: مسكنة الآتي، وقبل مضاف، وتا: مضاف إليه، وتا مضاف، والمثنى: مضاف إليه. مسكنة: خبر المبتدأ الذي هو قوله: النون.

(4)

الفتح: مبتدأ. نزر: خبر المبتدأ. وصِل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. التا: قصر للضرورة: مفعول به لصل. والألف: معطوف على التاء. بمَن بإثر: جاران ومجروران متعلقان بصل. ذا: اسم إشارة: مبتدأ. بنسوة: جار ومجرور متعلق بقوله: كلف الآتي. كلف: خبر المبتدأ الذي هو (ذا) وجملة المبتدأ وخبره في محل جر بإضافة قول محذوف يضاف إثر إليه، أي: بإثر قولك ذا - إلخ.

ص: 143

755 -

وَقُلْ مَنُوْنُ وَمَنِيْنَ مُسْكِنَا

إِنْ قِيْلَ جَا قَوْمٌ لِقَوْمٍ فُطَنَا

(1)

756 -

وَإِنْ تَصِلْ فَلَفْظُ مَنْ لَا يَخْتَلِفْ

وَنَادِرٌ مَنُوْنُ فِي نَظْمٍ عُرِفْ

(2)

ش:

* تحكى النكرة أيضًا بـ (مَن)؛ فإن سئل عن منكور مذكور بها. . حكي أيضًا فيها ما لذلك المنكور من وتذكير وتأنيث، وإفراد وغيره.

• ولا يكون ذلك إلا في حالة الوقف، وإليه أشار بقوله:(وَوقْفًا)، وحينئذ تحرك النون وتشبع الحركة بحيث يتولد من تلك الحركة حرف مجانس لها، فتقول في:(جاء رجل): (مَنُو؟)، وفي (رأيت رجلًا):(مَنَا؟)، وفي (مررت برجلٍ):(منِي؟).

وهذا هو معنى قوَ له: (وَالنُّوْنَ حَرِّكْ مُطْلَقًا وَأَشْبِعَن)، فالأحرف إشباع.

وقيل: بدل من التنوين.

وتقول في (جاء رجلان): (منان؟)، وفي النصب والجر:(منَينْ؟) بتسكين النون في الأحوال الثلاث للوقف.

ومن قال: (لي إلفان بابنين)؛ فإن سألت عن (إلفان). . قلت (مَنَان)، وإن

(1)

وقل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. منون: قصد لفظه: مفعول به لقل. ومنين: معطوف عليه. مسكنا: حال من فاعل قل. إن: شرطية. قيل: فعل ماض مبني للمجهول، فعل الشرط. جا: قصر للضرورة: فعل ماض. قوم: فاعل جاء. لقوم: جار ومجرور متعلق بجاء. فطنا: نعت لقوم المجرور، وجملة الفعل -الذي هو جاء- وفاعله: في محل رفع نائب فاعل لقيل، وقصد لفظها، وجواب الشرط محذوف.

(2)

وإن: شرطية. تصل: فعل مضارع، فعل الشرط، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. فلغفظ: الفاء واقعة في جواب الشرط، ولفظ: مبتدأ، ولفظ مضاف، ومن: مضاف إليه. لا: نافية. يختلف: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى (لفظ مَن) الواقع مبتدأ، والجملة من الفعل الذي هو يختلف المنفي بلا مع فاعله المستتر فيه: في محل رفع خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره: في محل جزم جواب الشرط. ونادر: خبر مقدم. منون: قصد لفظه: مبتدأ مؤخر. في نظم: جار ومجرور متعلق بنادر. عرف فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى نظم، والجملة من الفعل -الذي هو عرف- ونائب فاعله المستتر فيه: في محل جر نعت لنظم.

ص: 144

سألت عن (ابنين). . قلت: (منين)، كما قال:(وَقُلْ مَنَانِ وَمَنَيْنِ بَعَدَ "لِي إلْفَانِ بِابْنَيْنِ" وَسَكِّنْ تَعْجِلْ)؛ أي: سكن النون كما سبق.

وتقول في (جاءت امرأة) أو (رأيت امرأة) أو (مررت بامرأة): (منه؟) بهاء ساكنة، وإليه أشار بقوله:(وَقُلْ لِمَنْ قَال أَتَتْ بِنْتٌ مَنَهُ).

• وقد تسكن النون فتثبت حينئذ التاء؛ نحو: مَنْت؟

• قيل: (جاءت امرأتان أو بنتان)، تقول:(منْتان؟)، وتقول في النصب والجر:(منْتَين؟) بسكون النولط الأولى، وإليه أشار بقوله:(وَالْنُّوْنُ قَبْلَ تَا المُثَنَّى مُسْكَنَهْ).

وكذا أيضًا النون الأخيرة؛ لأنه لا يوقف على متحرك.

• ويقل فتح النون الأولى وهي التي قبل التاء؛ كما قال: (وَالفَتْحُ نَزْرٌ)؛ أي: قليل.

• فإن سألت عن جمع مؤنث. . زدت تاء وألفًا على لفظ (مَن)، فتقول في:(جاءت نسوة) أو (رأيت نسوة) أو (مررت بنسوة): (مناتْ؟) بسكون التاء للوقف في الأحوال الثلاث، وهذا هو معنى قوله:(وَصِلِ التَّا وَالألِفْ بِمَنْ بَإِثِرِ ذَا بِنِسوَةٍ كَلِفْ).

فإذا قيل: (هذا كلف بنسوة)، وأودت أنّ تسأل عنهن. . تقول:(منات؟).

• سألت عن جمع المذكر. . زدت الواو والنون على لفظ (مَن) في حالة الرفع، فتقول في:(جاء رجال): (منون؟)، وفي النصب والجر:(منِينْ؟) بإسكان النون للوقف.

وإذا قيل: (جاء قوم لقوم فطنا). . تقول: (منون؟) إن سألت عن الفاعل، و (منين؟) إن سألت عن المجرور، وهو معنى قوله:(وَقُلْ مَنُوْن وَمَنِيْنَ مُسْكِنَا إِنْ قِيْلَ جَا قَوْمٌ لِقَوْمٍ فُطَنَا).

و (فطنًا): نعت لقوم جمع (فطين)، وكله في حالة الوقف كما علم.

• فإن حكيت لها وصلا. . فلا يتصل بها شيء الحروف، ولا تحرك نونها، بل تكون بلفظها الأصلي في جميع ما تقدم سواء كان مذكرًا أو مؤنثًا، مفردًا أو غيره.

ص: 145

وتبطل حينئذ الحكاية فتقول: (من يا فتى؟) أو (من يا هذا؟)، لمن قال:(جاء رجل) أو (رأيت رجلًا) أو (مررت برجل أو رجال أو امرأة أو نسوة). . إلى آخره، ولا فرق في ذلك بين الرفع وغيره، وإليه أشار بقوله:(وَإِنْ تَصِلْ فَلَفْظُ مَنْ لَا بَخْتَلِفْ).

وندر في الشعر اختلاف لفظها في حالة الوصل؛ كقوله:

أَتَوا نَارِي فَقُلتُ مَنونَ أَنتُمْ

فَقَالُوا: الجِنُّ قُلْتُ عِمُوا ظَلَامَا

(1)

(1)

التخريج: البيت لشمر بن الحارث في الحيوان 4/ 482، 6/ 197، وخزانة الأدب 6/ 167، 168، 170، والدرر 6/ 246، ولسان العرب 3/ 149 (حسد)، 13/ 420 (منن)، ونوادر أبي زيد ص 123، ولشمير الضبي في شرح أبيات سيبويه 2/ 183، ولشمر أو لتأبط شرًا في شرح التصريح 2/ 283، ولأحدهما أو لجذع بن سنان في المقاصد النحوية 4/ 498، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 462، وجواهر الأدب ص 107، والحيوان 1/ 328، والخصائص 1/ 128، والدرر 6/ 310، ورصف المباني ص 437، وشرح الأشموني 2/ 642، وشرح ابن عقيل ص 618، وشرح شواهد الشافية ص 295، والكتاب 2/ 411، ولسان العرب 6/ 12 (أنس)، 14/ 378 (سرا)، والمقتضب 2/ 307، والمقرب 1/ 300، وهمع الهوامع 2/ 157، 211.

اللغة: أتوا ناري: أي قصدوا النار التي أوقدتها لهداية الضالين. منون أنتم: أي: من أنتم. عموا ظلامًا: تحية تستعملها العرب في الصباح والمساء بحسب الوقت الذي تقال فيه، قال في تهذيب اللغة:(باب العين والميم): وَالَّذِي سمعناه وحفظناه فِي تَفْسِير عَم صباحًا: أَن مَعْنَاهُ: أنعِم صباحًا، كَذَلِك أَخْبرنِي أَبُو الفضل عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأَعرَابِي؛ قَالَ: وَيُقَال: أنعم صباحًا وعِم صباحًا بمَعْنى وَاحِد.

قلت: كَأَنَّهُ لمّا كثرَ هَذَا الحَرْف فِي كَلَامهم حذفوا بعض حُرُوفه لمعْرِفَة المُخَاطب بِهِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِم:(لَا هُمّ).

المعنى: قصدوا النار التي أوقدتها لهداية الضالّين، فقلت لهم: من أنتم؟ فقالوا: نحن جنّ. فقلت لهم: أنعموا ظلامًا.

الإعراب: أتوا: فعل ماضٍ مبني على الضمّ المقدر على الألف المحذوفة، والواو: ضمير متصل

مبني في محل رفع فاعل، والألف: فارقة. ناري: مفعول به منصوب، والياء: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. شتهلت: الفاء: حرف عطف، وقلت: فعل ماض، والتاء: ضمير متصل مبني في محلّ رفع فاعل. منون: اسم استفهام مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ، أو خبر مقدم. أنتم: ضمير منفصل مبني في محل رفع خبر المبتدأ، أو مبتدأ مؤخر. فقالوا: الفاء: حرف عطف، وقالوا: فعل ماضٍ، والواو: ضمير متصل مبني في محلّ رفع فاعل، والألف: فارقة. الجن: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: نحن. قلت: فعل ماضٍ، والتاء: ضمير متصل مبني في محل رفع =

ص: 146

يقال: (عم صباحًا أو ظلامًا) مخفف من (أنعم)، والقياس:(من أنتم)؛ لأن (مَن) لا يغير لفظها إلا في الوقف كما سبق.

بخلاف الوصل، فيقال:(من يا هذا؟) أو (من أنتم؟) أو (من يا هؤلاء؟) ونحو ذلك، ففي هذا الشاهد أجري الوصل مجرى الوقف، وهو قليل لا يقاس عليه في هذا الباب.

خلافًا ليونس رحمه الله: فإنه حكم بصحة الحكاية في (مَن) وصلًا.

وقيل: يجوز أن يكون قائل هذا البيت من قبيلة تعرب (مَن)، حكى سيبويه:(ضرب منٌ منًا)، كما تقول:(ضرب رجل رجلًا) وسبق في الباب قبله.

ونقل بعضهم: أنه يقال (منو) بعد (جاء رجل أو رجلان أو رجال)، و (منا) في النصب، و (مني) في الجر.

وكذا المؤنث إفرادًا وتثنية وجمعًا، وهي لغة قوم من العرب، وكأنهم قصدوا أن يحكى إعراب الاسم فقط.

واللَّه الموفق

ص:

757 -

وَالْعَلَمَ احْكِيَنَّهُ مِنْ بَعْدِ مَنْ

إِنْ عَرِيَتْ مِنْ عَاطِفٍ بِهَا اقْتَرَنْ

(1)

= فاعل. عموا: فعل مبنيّ على حذف النون، والواو: ضمير متصل في محلّ رفع فاعل، والألف: فارقة. ظلامًا: ظرف زمان منصوب متعلّق بـ (عم).

وجملة (أتوا): ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة (قلت لهم): معطوفة على الجملة السابقة فهي مثلها لا محل لها من الإعراب. وجملة (منون أنتم): في محل نصب مفعول به. وجملة (قالوا): معطوفة على (قلت)، فهي مثلها لا محل لها من الإعراب. وجملة (نحن الجن): في محل نصب مفعول به. وجملة (قلت): استئنافيّة لا محل لها من الإعراب. وجملة (عموا): في محل نصب مفعول به.

والشاهد فيه قوله: (منون أنتم) حيث وقع فيه شذوذان: الأول: زيادة الواو والنون في الوصل، والثاني: تحريك النون التي من حقها أن تكون ساكنة.

(1)

العلم: مفعول به لفعل محذوف يفسره ما بعده، وتقدير الكلام: واحك العلم. احكينه: احك: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، والنون للتوكيد، والهاء مفعول به. من بعد: جار ومجرور متعلق باحك، وبعد مضاف، ومن: قصد لفظه: مضاف إليه. إن: شرطية.

ص: 147

ش:

تقدم أن (مَن) يحكى بها النكرات.

وذكر المصنف هنا: أنه يجوز أنّ يحكى بها العلم إن لم يقترن لفظها بالواو، فتقول لمن قال:(جاء زيد): (من زيدٌ؟)، ولمن قال:(رأيت زيدًا): (من زيدًا؟)، ولمن قال:(مررت بزيدٍ): (من زيدٍ)، وهذه لغة الحجازيين، فتحكي في (زيد) ما للمسؤول عنه من إعراب.

و (من): مبتدأ، و (زيد): خبر في الأحوال الثلاث، والضمة مقدرة في (زيد)؛ لأن حركة الحكاية تمنع من ظهورهما.

وقيل: إنما تقدر الفتحة والكسرة، وأما الضمة. . فحركة إعراب.

• فإن اقترنت بالواو. . لم يجز في العلم الذي بعدها حكاية، بل يرفع خبرًا عن (من)، أو مبتدأ خبره (من)، فتقول لمن قال:(جاء زيد) أو (رأيت زيدًا) أو (مررت بزيد): (ومن زيدٌ؟) بالرفع؛ لأن الواو هنا للاستئناف، والمتكلم بها لا يكون إلا مبتدأ.

ولا يؤتى بها بغير الواو، فلا يقال:(فمن زيدًا)؛ إذ يوهم السؤال عن (زيد) آخر غير المذكور.

ويجوز أن يحكى العلم أيضًا إذا وصف بـ (ابن) وأضيف الابن إلى علم، فإذا قيل:(مررت بزيد بن عمرو)، تقول:(من زيدُ بنُ عمرو؟) فتحكي الموصوف والصفة معًا.

• فإن وصف العلم بغير (ابن). . امتنعت الحكاية، فتقول في (رأيت زيدًا الكريم):(من زيدٌ الكريمُ؟) برفعهما.

وقيل: يجوز أن يحكى الوصف فقط.

وقيل: يجوز فيهما.

= عريت: عري: فعل ماض فعل الشرط، والتاء التأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هي يعود إلى من. من عاطف: جار ومجرور متعلق بعري. بها: جار ومجرور متعلق باقترن الآتي. اقترن: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى عاطف، والجملة من اقترن وفاعله المستتر فيه: في محل جر صفة لعاطف.

ص: 148

• وإذا عطف العلم أو عطف عليه؛ نحو: (رأيت زيدًا وعمرًا). . ففي حكايته خلاف.

والصحيح: الجواز فيهما، فيقال:(من زيدًا وعمرًا).

قال القواس: وهو مذهب الحجازيين؛ لأن الأعلام لما كانت كثيرة الاستعمال. . جاز فيها ما لم يجز في غيرها.

وإذا انتفى الاشتراك في العلم. . امتنعت الحكاية كـ (الفرزدق).

والمشهور: أنه لا يحكى من المعارف إلا العلم، فيقال في (جاء غلام زيد)، و (رأيت غلام زيد)، و (مررت بغلام زيد):(مَن غلامُ زيد؟)، برفع (غلام) خبرًا عن (مَن).

ولا يجوز فيه حكاية، خلافًا ليونس، واختص العلم بذلك لكثرة استعماله كما سبق.

وذكر القواس: أن مذهب يونس هو مذهب تميم.

• وتختص (مَن) في الحكاية بمن يعقل.

• بخلاف (أي) فتكون للعاقل وغيره.

ونقل عن بني تميم: أنه ليس عندهم حكاية، وأنهم يقولون:(مَن زيدٌ؟) مطلقًا، برفع (زيد) خبرًا عن (مَن) أو عكسه، سواء كان المسؤول عنه مرفوعًا أو غيره.

وحكاية القواس فيما تقدم تنافي ذلك.

وقد يحكى الضمير بـ (مَن) كما تحكى النكرة؛ نحو: (منون؟) لمن قال: (جاؤوا).

و (منين) لمن قال: (رأيتهم) أو (مررت بهم)، قاله في "الكافية"

(1)

.

ومن العرب: من يحكي النكرة مع التجرد مما ذكر؛ كقول أعرابي: (ليس بقرشيان)، بعد أن قيل له:(إنهما قرشيان)، وقول الآخر:(ليس بقرشيًا) بعد (أليس قرشيًا؟)، فحكى النكرة بلفظها.

وقول الآخر:

(1)

انظر شرح الكافية الشافية (4/ 278).

ص: 149

فَأَجبتُ قَائِلَ كَيفَ أَنتَ بِصَالِحٌ

. . . . . . . . . . . . .

(1)

فقيل له: (كيف أنت)، فقال:(صالحٌ) بالرفع، ثم قصد أن يحكي ذلك اللفظ.

ويروى: (بصالحٍ) بالجر فلا حكاية.

وقد قيل لبعضهم: (هاتان تمرتان)، فقال:(دعني من تمرتان) فحكى اللفظ بعينه كما سبق.

وقال الشاعر:

وَأَصفَرَ مِن ضَربِ دَارِ المُلُوكْ

يَلُوحُ عَلَى وَجهِهِ جَعفَرَا

(2)

فحكاه منصوبًا كما رآه مكتوبًا على الدينار.

تنبيه:

إذا نسب إلى حرف أو غيره حكمٌ هو للفظه دون معناه. . جاز أن يعرب على حسب العوامل أو يحكى بلفظه.

فتقول على الإعراب: (مِن: حرف جر)، بالرفع على أنها مبتدأ، و (حرف جر): خبرها.

وتقول على البناء: (من: حرف جر)، بسكون النون على حالها.

(1)

التخريج: صدر بيتَ من الكامل، وعجزه: حَتَّى مَلِلْتُ وملَّنِي عُوَّادِي

وقائله مجهول، وهو في المغني (ص 422)، وشرح شواهده (ص 837)، والعيني (4/ 503)، والهمع (1/ 157).

الشرح: مللت: من الملالة وهي السآمة، والعُوَّاد: جمع عائد، وهو الزائر الذي يزور المريض ويسأل عن حاله.

والشاهد فيه: قوله (بصالحٌ) بالجر على قضية حكاية الاسم المفرد كأنه قال: وأجبت قائل: كيف أنت، بهذه اللفظة، وهو شاذ؛ لأن المفرد لا يحكى في غير الاستفهام.

(2)

التخريج: البيت مجهول القائل وهو في التذييل (2/ 1090)، وهو من المتقارب.

اللغة: الأصفر: الدرهم.

المعنى: وصف دينارا نقش فيه اسم جعفر البرمكي، كأنه قال: يلوح على وجهه: (اقصدوا جعفرا).

والشاهد فيه قوله: (يلوح على وجهه جعفرا) حيث حكى لفظ (جعفرا) كما هو، وقدر له ناصبًا والجملة من الفعل المقدر وفاعله ومفعوله المذكور: في محل رفع فاعل (يلوح).

ص: 150

وكذا نحو: (قام) فعل ماض؛ فإن شئت. . حكيته على ما هو عليه، أو أعربته وقلت:(قامٌ: فعلٌ ماض) بالرفع كما تقدم.

ومن الحكاية قوله عليه الصلاة والسلام: "إياكم و (لو) فإن (لو) تفتح عمل الشيطان".

فـ (لو) هنا: اسم (إن)، وقصد فيها الحكاية، قاله الشيخ في "الكافية".

ورواه غيره على الإعراب، ولفظه:"إياكم والِلَّو؛ فإن اللَّو تفتح عمل الشيطان"، فلما جعلت الأداة اسمًا وأعربت. . دخلت عليها (أل).

ومن الحكاية قول أبي العتاهية:

رَأَيتُ كِتَابَ ذي أَدَبٍ

مِنَ أَوَّلُهُ إِلَى وَسَطُهْ

(1)

كِتَابٌ مَا رَأَيَتُ لَهُ

نَظِيرًا قَطُّ فِي غَلَطُهْ

بالرفع في (أوله)، و (وسطه)، و (غلطه)، فـ (من): مبتدأ، و (أوله): خبر، و (إلى): مبتدأ، و (وسطه): خبر، و (في): مبتدأ، و (غلطه): خبر

(2)

.

ومن الإعراب قول الآخر:

لَيْتَ شِعْرِي وأيْنَ مِنِّيَ لَيْتٌ

إن لَوًّا وإنّ لَيْتًا عَناءُ

(3)

(1)

التخريج: عزاهما الشيخ المؤلف رحمه الله إلى أبي العتاهية، ولم أجدهما في ديوانه ولا فيما بين يدي من مراجع.

والشاهد فيهما قوله: (من أوله إلى وسطه) وقوله: (في غلطُه) حيث جاءت الأسماء الثلاثة مرفوعة على الحكاية، وكان من حقها أن تجر بحروف الجر التي سبقتها، والشاعر يتهكم بقائلهما لأنه لا يعرف النحو ولا قواعد الإعراب.

(2)

في القلب من التخريج الذي ذكره الشيخ المؤلف شيء، ولعل المراد ما ذكرناه في شاهد البيت.

(3)

التخريج: البيت لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص 24، وخزانة الأدب 1/ 111، 6/ 275، 388، 7/ 319، 320، 321، وشرح أبيات سيبويه 2/ 211، والشعر والشعراء 1/ 310، والكتاب 3/ 261، ولسان العرب 14/ 54 (أوا).

اللغة: ليت شعري: استفهام بقصد التعجب. ليت ولو: حرفان للتمني، قصد الشاعر بهما التمنّي نفسه.

ص: 151

فنصب (لوًّا) بالفتحة على أنه اسم (إنّ)، و (ليتًا) كذلك.

وقوله: (ليتٌ): بالتنوين مرفوع على الابتداء، والخبر مقدم؛ وأما (ليت) المذكورة أول البيت فحرف تمنٍّ على حالها.

ومن الإعراب قول الآخر:

أُلَامُ على لَوٍّ ولَو كُنتُ عَالِمًا

بِأَذْنَابِ لَوٍّ لَمْ تَفُتْنِي أَوَائِلُهْ

(1)

= المعنى: يا لشدة عجبي، فما أبعد الأماني عني، والأمنيات كلها تعب.

الإعراب: ليت شعري: ليت: حرف تمنٍّ لا محلّ له، شعري: اسم ليت منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، والياء: ضمير مبني في محلّ جر مضاف إليه، والخبر محذوف تقديره: كائن. وأين: الواو: حرف استئناف، أين: اسم استفهام مبني في محل نصب مفعول فيه متعلّق بخبر مقدم محذوف. منى: جار ومجرور متعلّقان بخبر مقدم محذوف. ليتٌ: مبتدأ مرفوع بالضمّة، وخبرها محذوف، بتقدير: أين ليت حاصلة مني. إن: حرف مشبّه بالفعل. ليتًا: اسم إن منصوب بالفتحة. وإن: الواو: حرف عطف. إن: حرف مشبه بالفعل. لوًّا: اسم إن منصوب بالفتحة. عناء: خبر إن مرفوع بالضمّة.

جملة (ليت شعري): ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة (أين مني ليت): استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة (إن ليتًا): استئنافية أيضًا لا محلّ لها من الإعراب. وجملة (إن لوًّا عناء): معطوفة على سابقتها لا محلّ لها من الإعراب. وخبر إن الأولى محذوف فسّره الخبر الثاني، على تقدير: إن ليتًا عناء وإن لوًّا عناء.

والشاهد فيه قوله: (ليتٌ وليتًا ولوًّا)؛ حيث أعربها بالحركات لأنها صارت أسماء لكلماتها بمعنى التمني.

(1)

التخريج: البيت بلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 320، والدرر 1/ 72، وشرح عمدة الحافظ ص 609، وما ينصرف وما لا ينصرف ص 66، وهمع الهوامع 1/ 5.

اللغة: أذناب لو: أواخرها، وعواقبها.

المعنى: أُلامُ على التمني، فأتركه لذلك، مع أنّ كثيرًا من الأماني ما يصدق، فلو أيقنت بصدق ما أتمناه. لأخذت بأوائله، وتعلَّقت بأسبابه.

الإعراب: أُلامُ: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، ونائب الفاعل: مستتر وجوبًا تقديره: أنا. على لوٍّ: جار ومجرور متعلقان بالفعل (ألامُ). ولو: الواو: استئنافية، لو: حرف شرط غير جازم. كنتُ: فعل ماضٍ ناقص مبني على الفتح، والتاء: اسم كان محلُّه الرفع. عالمًا: خبر كان منصوب. بأذناب: جار ومجرور متعلقان بعالمًا. لوٍّ: مضاف إليه مجرور. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تفتني. فعل مضارع مجزوم، وعلامة جزمه السكون، والنون: للوقاية، والياء: مفعول به محله النصب. أوائله: فاعل مرفوع، والهاء: مضاف إليه محلّه الجر.

ص: 152

قال الشيخ في "الكافية":

وَإِنْ نَسَبتَ لِأَدَاةٍ حُكمَا

فَاحكِ أَوِ اعرِبْ وَاجعَلَنْهَا اسْمَا

(1)

1.

والأداة التي تعرب:

• إن أوَّلتها بكلمة. . منعتها الصرف إن استحقت ذلك.

• وإن قصدت اللفظ فقط. . صرفتها:

- فنحو: (قام)؛ إذا أعرب .. فيه وجهان؛ كـ (هند) إن أُوِّل بكلمة.

- ونحو: (دحرج) إن أُوِّل بكلمة منع؛ لأنه رباعي كـ (زينب).

وإن نويت اللفظ فقط. . صرفت.

- ونحو: (ضرب)، و (قعد) إن أُوِّل بكلمة. . منع الصرف؛ لأنه كـ (سقر).

وإن نوي اللفظ فقط. . صرف كما علم من باب ما لا ينصرف.

والأداة التي على حرفين:

• إن أعربت. . وجب تضعيف الحرف الثاني إن كان لينًا، فتقول:(لوٌّ حرف امتناع لامتناع) بالرفع وتضعيف الواو، وهي حينئذ: مبتدأ، وما بعدها: خبر، وتقول:(فيٌّ حرف جر) برفع الياء المشددة كما تقدم.

وأما الذي آخره ألف. . فتقلب ألفه الثانية همزة؛ فرارًا من التقاء الساكنين، فإذا ضعفت (ما) النافية. . تقول:(ماءٌ ملا حرف نفي) بهمزة بعد الألف إن أعربت.

• وإلا. . تركت الأداة على حالها من غير تضعيف وقلت: (في حرف جر)، و (لو حرف امتناع)، و (ما حرف نفي).

2.

ويجوز حكاية الجمل؛ نحو: (قال زيد: "عمرو قائم").

= وجملة (أُلام): ابتدائية لا محل لها. وجملة (لو كنت عالمًا. . . لم تفتني أوائله): استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة (كنت عالمًا): جملة الشرط غير الظرفي لا محل لها من الإعراب. وجملة (لم تفتني أوائله): جواب شرط غير جازم لا محل لها.

والشاهد فيه: قوله: (على لو) وقوله (بأذناب لو) حيث أعربهما ولم يسقهما على الحكاية.

(1)

شرح الكافية الشافية 4/ 378.

ص: 153

3.

ولا يدخل عليها حرف جر، وشذ:

تَنَادَوْا بِالرَّحِيلُ غدًا

. . . . . . . . . . . .

(1)

برفع (الرحيلُ) على أنه مبتدأ، و (غدًا) خبره.

4.

وإن كانت الجملة المحكية ملحونة. . وجب إعرابها؛ ولكن ينبّه على اللحن، كما إذا قيل:(زيدًا قائم)، فتقول:(قال فلان: "زيد قائم"، ولكنه نصب "زيد").

وقيل: يجوز أن يحكى ملحونًا.

خاتمة:

تَلحَق آخر المحكي مدة زائدة تسمى: مدة الإنكار.

بشرط: أن تتصدر همزة الاستفهام في الأول، وتجانس المدة حركة ما قبلها، فتكون واوًا بعد الضمة، وألفًا بعد الفتحة، وياءً بعد الكسرة.

وتلحق المدة حينئذ هاء السكت وقفًا.

ولحرف الإنكار معنيان:

الأول: إنكار أن يكون الأمر على ما يذكره المخاطب، فيراد تكذيبه، كما إذا قال شخص:(جاءني زيد)، فتقول أنت مكذبًا له:(أزيدوه؟!!)؛ أي: (كيف يجيء إليك زيد؟!!).

الثاني: إنكار أن يكون الأمر على خلاف ما يذكره المخاطب، فيراد تصديقه،

(1)

التخريج: صدر بيت من الهزج، وعجزه: وَفِي تِرحَالهِم نَفسِي

وقائله مجهول، وهو في التمهيد 3/ 455، والخزانة 9/ 182.

والشاهد: قوله: (بالرحيلُ غدا) على أن جملة "الرحيل غدا" من المبتدأ والخبر محكية بقول محذوف عند البصريين، والتقدير: تنادوا بقولهم: الرحيل غدا، وعند الكوفيين محكية بـ (تنادوا) فإنه يجوز عندهم الحكاية بما في معنى القول، فإنّ تنادوا معناه نادى كلّ منهم الآخر ورفع صوته بهذا اللفظ، وهو (الرحيل غدا)، وأجاز أبو علي فيها ثلاثة أوجه:

بالرحيلِ غدا: بالجرّ، و (الرحيلُ غدا) بالرفع، والنصب (الرحيلَ غدا)، بتقدير نرحل الرحيل غدا، أو نجعل الرحيل غدا.

ص: 154

كما يقال: (جاءني زيد)، فتقول:(أزيدوه)؛ أي: (كيف لا يجيئك زيد وأنت أهل لذلك؟!).

وأقر الأخفش: الوجه الأول وهو الإنكار على القائل، وحمل الثاني على الهزء والسخرية بالقائل.

والحاصل:

1.

أنك تقول في (جاء زيد): (أزيدوه؟!)، وفي (رأيت زيدًا):(أزيداه؟!)، وفي (مررت بزيد):(أزيديه؟!).

2.

ويجوز في تنوين هذا المحكي أن يكسر في جميع الأحوال، فتكون المدة حينئذ ياء في الأحوال الثلاث:

- فتقول في (جاء زيدٌ): (أزيدُنِيه؟!) بضم الدال.

- وفي (رأيت زيدًا): (أزيدَنِيه؟!) بفتحها.

- وفي (مررت بزيدٍ): (أزيدِنِيه؟!) بكسرها.

وهذه النون المكسورة في الأحوال الثلاث هي تنوين (زيد) كما سبق ذكره.

3.

ويجوز أن يبقى التنوين ساكنا على حاله ويؤتى بـ (إن) زائدة بعده، وتكسر نون (إن) فتكون المدة حينئذ ياء مطلقًا أيضًا:

فتقول في (جاء زيدٌ): (أزيدٌ إنيه؟!) برفع (زيد) منونًا.

وفي (رأيت زيدًا): (أزيدًا إنيه؟!) بنصب (زيد) كذلك.

وفي (مررت بزيدٍ): (أزيدٍ إنيه؟!) بجر (زيد) منونًا كذلك.

1.

وقد يكون الإنكار بلا حكاية، كقولك:(أأنا إنيه؟!!) لمن قال: (أنت فعلت كذا).

ومنه قول بعضهم: (أأنا إنيه؟!!) بعد إذ قيل له: (أتخرج إن أخصبت البادية). قال أبو الفتح: لا يكون رأيه على خلاف الخروج، كما تقول:(ألمثلي يقال هذا؟!!).

أي: (أنا أول خارج إليها).

2.

فإن فصل بين الهمزة وبين مدخولها بقول أو ما في معناه، أو لم يكن هناك همزة

ص: 155

استفهام، أو كان ذلك في غير الوقف، أو كان المستفهم غير منكر. . لم يجر لحاق مدة الإنكار.

• فلا يتغير (زيد) بوجه في نحو: (أتقول زيد؟)؛ للفصل بفعل القول.

• ولا في نحو: (أزيد الظريف؟) إن قصد محض الاستفهام.

• ولا في نحو: (أزيد يا هذا؟؛) لأجل الوصل.

وقس عليه ما لم يذكر.

3.

ومتى كان المحكي معطوفًا أو منعوتًا. . تصدرت همزة الاستفهام كما ذكر، وجيء بمدة الإنكار في آخر المعطوف أو المنعوت:

فتقول لمن قال: (جاء بكر وخالد) على الوجه الأول: (أبكر وخالدُوه؟!)،

وعلى الثاني: (أبكر وخالدٌ نيه؟!)، وعلى الثالث:(أبكر وخالدٌ إنيه؟!).

وتقول: في (جاء زيد الطويل) على الوجه الأول: (أزيدٌ الطويلوه؟!)، وعلى الثالث:(أزيدٌ الطويل إنيه؟!)،ويمتنع الوجه الثانى فلا يقال:(أزيد الطويلٌ نيه)؛ لأن التنوين لا يجتمع مع الألف واللام.

4.

وأما ما آخره ألف، كـ (موسى)، أو واو، كـ (يغزو)، أو ياء كـ (القاضي). . فتجانسه مدة الإنكار ثم تُحذَف كلٌّ من الألف والواو والياء؛ للالتقاء الساكنين، وتبقى مدة الإنكار، فتقول في (موسى):(أموساه؟!)، وفي (يغزو):(أيغزوه؟!)، وفي (القاضي):(القاضية؟!).

وأما حرف التذكير. .

• فهو بعد أن تنطق بالكلمة تسهو عن بقية الكلام، فتريد أن تقول:(قام زيد) فبعد النطق بـ (قام) تسهو عن (زيد) فتمد حركة الميم بما يجانسها إلى أن تتذكر ما نسيته، فتقول:(قاما).

وإن سهوت عن (يضرب) من (زيد يضرب)، فتقول:(زيد) وتمد الواو إلى أن تتذكر (يضرب).

وإن سهوت عن (الماضي) من (العام الماضي). . فتقول: (من العامي) فتمد الياء إلى أن تتذكر ما نسيته.

ص: 156

• وإن كان آخر الكلمة ساكنًا صحيحًا ولو تنوينًا. . فالوصل بياء ساكنة فقط.

فإذا سهوت عن (يقوم) من قولك: (قد يقوم)، أو عن (قاضي) من قولك:(القاضي)، أو عن (مليح) من قولك:(هذا سيف مليح). . قلت: (قدي)، و (ألي)، و (هذا سيْفُني) بكسر تنوين (سيف) ثم تطيل المدة إلى أن تتذكر.

وتمتنع هنا هاء السكت؛ لأن المتكلم ليس واقفًا باعتبار أنه لم يقطع الكلام.

• وإن كان الآخر معتلا؛ نحو: (العصا)، و (القاضي)، و (يغزو). . أشبعت المدة فقط، وإن شئت زدت على كل منها مدة تجانسه، ثم تحذف المدة الأولى لالتقاء الساكنين.

وتمتنع هاء السكت هنا أيضًا.

5.

وإذا سئل عن صفة العلَم المنسوبة إلى من يعقل نسبًا من جهة (الآباء) أو (الأمهات)، كـ (الهاشمي)، و (العلوي). . جيء بـ (أل) و (مَن) قبل ياء النسب.

فإذا قيل: (جاء زيد)، تقول:(المنيُّ؟)؛ أي: الهاشمي أم العلوي؟، فجيء بياء النسب؛ لأن المسؤول عنه منسوب، وأتي بـ (أل) لتدل على الصفة التي كانت فيها.

ولا يستبعد دخولها على (مَن)؛ لأن (مَن) صارت كالنكرة بدخول ياء النسب عليها، ويثنى ويجمع ويؤنث كـ (المنيّان)، و (المنيُّون)، و (المَنيَّه)، و (المنيَّتان)، و (المنيَّات).

واللَّه الموفق

* * *

ص: 157