الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإمَالَة
ص:
900 -
الأَلِفَ المُبْدَلَ مِنْ يَا فِي طَرَفْ
…
أَمِلْ كَذَا الوَاقِعُ مِنْهُ اليَا خَلَفْ
(1)
ش:
الإمالة: أن تذهب بالألف إلى جهة الياء، وبالفتحة إلى جهة الكسرة جوازًا، وهي في الأسماء والأفعال، ولها ثمانية أسباب:
الأول: كون الألف متطرفة مبدلة من ياء.
الثاني: كون الياء تخلف الألف في التثنية.
الثالث: كون الألف عينًا لفعل يؤول إلى وزن (قِلت) بكسر الفاء؛ كـ (خِفت).
الرابع: كون الألف واقعة بعد الياء متصلة بها أو منفصلة بحرفٍ أو حرفين أحدهما هاء.
الخامس: كون الألف قبل الياء.
السادس: كون الألف قبل الكسرة.
السابع: كون الألف بعد حرف تالٍ كسرة أو تالٍ لسكون قبله كسرة، ولا يضر فصل الهاء؛ كـ (درهمان).
الثامن: التناسب.
* وأشار في البيت إلى الأول والثاني، فتمال الألف إذا تطرفت مبدلة من ياء؛ نحو:(الفتى)، و (مرمى)، و (اشترى)، فلا تمال ألف (ناب) واحد (الأنياب) وإن كانت بدلًا من ياء؛ لعدم تطرفها.
ونقل الشاطبي: أن من العرب من يميله في حالة الجر؛ فالسبب الكسرة إذن.
(1)
الألف: مفعول مقدم على عامله -وهو قوله: (أمل) الآتي- المبدل: نعت للألف. من يا: جار ومجرور متعلق بالمبدل. في طرف: جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لياء. أمل: فعل أمر، وفاعله: ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. كذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. الواقع: مبتدأ مؤخر. منه: جار ومجرور متعلق بقوله: الواقع. اليا: قصر للضرورة: فاعل للواقع. خلف: حال من الياء، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة.
ولا تمال ألف (سما)، و (رحا)، وقفًا، لأنها من واو.
وتمال الألف المتطرفة إذا خلفتها الياء في التثنية أو الجمع؛ وهو معنى قوله: (كذا الواقع منه الياء خلف)؛ كـ (حبلى، وملهى)، لأنك تقول في التثنية:(حبليان)، و (ملهيان)، وفي الجمع:(حبليات).
وعلم من قولنا: (جوازًا) أن الإمالة لا تجب.
واللَّه الموفق
ص:
901 -
دُوْنَ مَزِيْدٍ أَوْ شُذُوْذٍ وَلِمَا
…
تَلِيْهِ هَا التَّأْنِيْثِ مَا الهَا عَدِمَا
(1)
ش:
سبق أن الألف المبدلة من ياء تمال.
وذكر هنا أن الألف التي تبدل ياء بسبب زيادة أو شذوذ: لا تمال:
فالأول: كألف (قفا)، و (عصا)، فلا تمال لأنها عن واو كما سبق، ولا أثر لكونها تصير ياء بسبب زيادة ياء التصغير؛ نحو (قفيّ)، و (عصيّة)، فلما زيدت ياء التصغير في الاسم. . قلبت الواو ياءً، فلا تمال هذه الألف ونحوها، لأنها لا تصير ياءً إلا لسبب زيادة.
والثاني: لغة هذيل في المقصور إذا أضيف لياء المتكلم؛ فإنهم يقلبونها ياء؛ نحو: (عصيّ)، و (قفيّ) وهو شاذ قياسًا، وسبق ذكر لغتهم في المضاف إلى ياء المتكلم.
وقوله: (وَلِمَا تَلِيْهِ هَا التَّأْنِيْثِ مَا الهَا عَدِمَا) معناه: أن الألف التي بعدها هاء التأنيث:
(1)
دون: ظرف متعلق بـ (خلف) أو بـ (الواقع) في البيت السابق، ودون: مضاف، ومزيد: مضاف إليه. أو: عاطفة. شذوذ: معطوف على مزيد. ولما: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. تليه: تلي: فعل مضارع، والهاء: مفعول به. ها: قصر للضرورة: فاعل تلي، وها: مضاف، والتأنيث: مضاف إليه، والجملة من الفعل الذي هو تلي وفاعله ومفعوله: لا محل لها صلة (ما) المجرورة محلا باللام. ما: اسم موصول: مبتدأ مؤخر. الها: قصر للضرورة: مفعول مقدم على عامله -وهو قوله عدم الآتي-. عدما: عدم: فعل ماض، والألف للإطلاق، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى ما الموصولة، والجملة لا محل لها صلة الموصول.
لها ما للألف المتطرفة، بشرط أن تكون مقلوبة عن ياء كما تقدم، فلا فرق بين ألف (الفتى) و (الفتاة) في الإمالة؛ لأن الهاء في تقدير الانفصال.
واللَّه الموفق
ص:
902 -
وَهكَذَا بَدَلُ عَيْنِ الفِعْلِ إِنْ
…
يَؤُلْ إِلَى فِلْتُ كَمَاضِي خَفْ وَدِنْ
(1)
ش:
* هذا هو القسم الثالث:
فتمال الألف التي تكون عينًا لفعل يَؤول إلى وزن (قِلت) بكسر الفاء إذا أسند إلى ياء المتكلم؛ كـ (خاف)، و (دان)، و (شَامَ)، و (طَاب)؛ لأنك تقول:(خِفت)، و (دِنت). . إلى آخره.
وقرئ بالإمالة في قوله تعالى: {خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ} .
وتمال ألف (مات) في لغة من قال: (مِت) بكسر الميم.
ويجوز كون الألف هنا مقلوبة عن ياء أو واو كألف (خاف)، فخرج نحو:(قال)، و (صام)، لأنه يؤول إلى وزن (فُلتُ) بالضم؛ كـ (قُلتُ)، و (صُمتُ).
واللَّه الموفق
ص:
903 -
كَذَاكَ تَالِي اليَاءِ وَالْفَصْلُ اغْتُفِرْ
…
بِحَرْفٍ أَوْ مَعْ هَا كَجَيْبَهَا أَدِرْ
(2)
(1)
وهكذا: الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. بدل: مبتدأ مؤخر، وبدل: مضاف، وعين مضاف إليه، وعين: مضاف، والفعل: مضاف إليه. إن: شرطية. يؤل: فعل مضارع فعل الشرط، وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى الفعل. إلى فلت: جار ومجرور متعلق بقوله: يؤل. كماضي: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف، أي: وذلك كائن كماضي، وماضي: مضاف، وخف: قصد لفظه: مضاف إليه. ودِن: معطوف على خف، وقد قصد لفظه أيضًا.
(2)
كذاك: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. تالي: مبتدأ مؤخر، وتالي: مضاف، واليا: مضاف إليه. والفصل: مبتدأ. اغتفر: فعل ماض مبني للمجهول، وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى الفصل، والجملة من اغتفر ونائب فاعله المستتر فيه: في محل رفع خبر المبتدأ. بحرف: جار ومجرور متعلق بالفصل. أو: عاطفة. مع: معطوف على =
ش:
* هذا هو القسم الرابع:
فتمال الألف التي تقع بعد الياء متصلة بها؛ كـ (بَيان، وعَيان).
واغتفر الفصل بحرف؛ كـ (يسار)، و (شيبان) أو مع هاء، لأنها خفيفة - نحو:(أدر جيبها، واستر عيبها).
فخرج نحو: (بَينَنا)، و (عَيشَنا).
* القسم الخامس:
ذكره الشيخ في "الكافية": وهو كون الألف قبل ياء؛ نحو: (بايعته)، و (سايرته).
واللَّه الموفق
ص:
904 -
كَذَاكَ مَا يَلِيْهِ كَسْرٌ أَوْ يَلِي
…
تَالِيَ كَسْرٍ أَوْ سُكُوْنٍ قَدْ وَلِي
(1)
905 -
كَسْرًا وَفَصْلُ الهَاكَلَا فَصْلٍ يُعَدّ
…
فَدِرْهَمَاكَ مَنْ يُمِلْهُ لَمْ يُصَدّ
(2)
= محذوف، وتقدير الكلام: بحرف واحد أو مع. . . إلخ، ومع: مضاف، وها: قصر للضرورة: مضاف إليه. كجيبها: الكاف جارة لقول محذوف، جيب: مفعول مقدم لأدر، وجيب: مضاف، وها: مضاف إليه. أدر: فعل أمر. وفاعله: ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت.
(1)
كذاك: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. ما: اسم موصول: مبتدأ مؤخر. يليه: يلي: فعل مضارع. والهاء: مفعول به. كسرٌ: فاعل يلي، والجملة من يلي وفاعله: لا محل لها من الإعراب صلة. أو: عاطفة. يلي: فعل مضارع، وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى ما الموصولة. تالي: مفعول به ليلي، وتالي: مضاف، وكسر: مضاف إليه، والجملة من يلي وفاعله المستتر فيه ومفعوله: لا محل لها معطوفة على جملة الصلة. أو: عاطفة. سكون: معطوف على كسر. قد: حرف تحقيق. ولي: فعل ماض، وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى سكون، والجملة: في محل جر صفة لسكون.
(2)
كسرًا: مفعول به لقوله: (ولي) في آخر البيت السابق. وفصلُ: مبتدأ، وفصل: مضاف، والها: قصر للضرورة: مضاف إليه. كلا فصل: جار ومجرور متعلق بقوله: (يعد) الآتي. يعد: فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى فصل الهاء الواقع مبتدأ، والجملة من يعد ونائب فاعله المستتر فيه: في محل رفع خبر المبتدأ. فدرهماك: الفاء للتفريع، ودرهما: مبتدأ أول، ودهما: مضاف، والكاف: مضاف إليه. مَن: اسم شرط: مبتدأ ثان. يمله: يمل: فعل مضارع فعل الشرط، وفاعله: ضمير مستتر =
ش:
* ذكر هنا السادس والسابع:
فتمال الألف التي تليها الكسرة؛ نحو: (كاتِب).
وكذا الكسرة المنويّة؛ نحو: (حَادّ)، و (مادّ) بالتشديد، والأصل:(حادِد)، و (مادِد)، وهذا هو معنى قوله:(كَذَاكَ مَا يَلِيْهِ كَسْرٌ).
وكذا الألف التالية لحرف قبله كسرة؛ نحو: (كِتاب)، و (سِلاح)، كما قال:(أَوْ يَلِي تَالِيَ كَسْرٍ).
ولا يضر وجود الهاء؛ للخفة أيضًا؛ نحو: (يُحِبُّ أن يكرمَها).
ولا يضر أيضًا كون الحوف الذي قبل الألف تاليًا لسكون، وذلك السكون بعد كسرة؛ كـ (شِملال)، و (إحسان) كما قال:(أوْ سُكُوْنٍ قَدْ وَلِي كَسْرًا).
ويغتفر أيضًا هنا وجود الهاء؛ نحو: (درهماك)، فيمال، ولا يصد من يميله، كما قال الشيخ.
والضمير في (يليه): يرجع للألف. وكذا الضمير في (أويلي).
وقوله: (تالي) مفعول بقوله: (يلي)، وهو مضاف، و (كسر): مضاف إليه، و (سكون): معطوف على كسر، والضمير في (ولي) راجع لسكون، و (كسرا): مفعول بـ (ولي).
واللَّه الموفق
ص:
906 -
وَحَرْفُ الاسْتِعْلَا يَكُفُ مُظْهَرَا
…
مِنْ كَسْرٍ أَوْ يَا وَكَذَا تَكفُّ رَا
(1)
= فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى من الشرطية، والهاء: مفعول به ليمل. لم: نافية جازمة. يُصَد: فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه، والجملة في محل جزم جواب الشرط، وجملتا الشرط والجواب: في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو اسم الشرط، وجملة المبتدأ الذي هو اسم الشرط وخبره: في محل رفع خبر المبتدأ الأول الذي هو قوله: درهماك.
(1)
وحرف: مبتدأ، وحرف: مضاف، والاستعلا: مضاف إليه. يَكف: فعل مضارع، وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى حرف الاستعلاء، والجملة من يكف وفاعله المستتر فيه ومفعوله: في محل رفع خبر المبتدأ. مظهرًا: مفعول به ليكف. من كسر: بيان لقوله: مظهرًا، أو متعلق به، أو متعلق بيكف. أو: عاطفة. يا: قصر للضرورة: معطوف على كسر. وكذا: جار ومجرور متعلق بتكف الآتي. تكفُّ: فعل مضارع. را: قصر للضرورة: فاعل تكف.
907 -
إِنْ كَانَ مَا يَكُفُّ بَعْدُ مُتَّصِلْ
…
أَوْ بَعْدَ حَرْفٍ أَوْ بِحَرْفَيْنِ فُصِلْ
(1)
908 -
كَذَا إِذَا قُدِّمَ مَا لَمْ يَنْكَسِرْ
…
أَوْ يَسْكُنِ إِثْرِ الكَسْرِ كَالْمِطْوَاعَ مِرْ
(2)
ش:
تقدم من أسباب الإمالة سبعة، وسيأتي الثامن:
ولها موانع:
منها: أحرف الاستعلاء، وهي: الصاد، والضاد، والطاء، والظاء، والقاف، والخاء، والغين معجمتين هي في أوائل:(غنًى صحَّ خيرٌ طاب قد ظلَّ ضَوؤُه).
ومنها: الراء غير المكسورة؛ فإن كان سبب الإمالة كسرة ظاهرة أو ياء موجودة، وكان هناك حوف استعلاء. . كفت الإمالة إن كان حرف الاستعلاء بعد الألف متصلًا بها أو منفصلًا بحرف أو حرفين، وإليه أشار بقوله:(وَحَرْفُ الِاسْتِعْلَا يَكُفُّ مُظْهَرَا مِنْ كَسْرٍ أوْ يَا. . . إن كان ما يكف بعد متصل أو بعد حرف أو بحرفين فصل)، فلا يمال؛ نحو:(ساخِط)، و (حاصِل)، و (حاظِل)، و (فاقِد)، و (نافِخ)، و (ناعِق)، و (وامِق)، و (زناديق)، جمع (زُندُوق): لغة في الصندوق.
(1)
إن: شرطية. كان: فعل ماض ناقص، فعل الشرط. ما: اسم موصول: اسم كان، وجملة يكف: وفاعله المستتر فيه: صلته. بعد: ظرف متعلق بمحذوف حال من اسم كان. متصل: خبر كان، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة. أو: عاطفة. بعد: معطوف على (بعد) الأول، وبعد: مضاف، وحرف: مضاف إليه. أو: عاطفة. بحرفين: جار ومجرور متعلق بقوله: (فصل) الآتي. فصل: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه.
(2)
كذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف يدل عليه ما قبله، أي: يمال كذا. إذا: ظرف مضاف إلى جملة. قدم: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى المانع. ما: مصدرية ظرفية. لم: نافية جازمة. ينكسر: فعل مضارع مجزوم بلم، وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى المانع. أو: عاطفة. يسكن: فعل مضارع معطوف على ينكسر. إثر: ظرف متعلق بقوله: يسكن، وإثر: مضاف، والكسر: مضاف إليه. كالمطواع: الكاف جارة لقول محذوف، المطواع: مفعول تقدم على عامله، وهو قوله:(مِر) الآتي. مِر: فعل أمر، وفاعله: ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت، ومِر -بكسر الميم- أمر من ماره يميره، أي أطعمه، والميرة: الطعام.
وكذا لو قدم حرف الاستعلاء. . يمنع الإمالة أيضًا؛ كما قال: (كَذَا إِذَا قُدِّمَ) فلا يمال؛ نحو: (غالِب)، و (صاحِب)، و (ضامِن)، و (غنائِم)، و (صواحِب)، و (ضوارِب).
فإن كان حرف الاستعلاء المتقدم مكسورًا وساكنًا إثر كسرة. . لم تمنع الإمالة، وإليه أشار بقوله:(مَا لَمْ يَنْكَسِرْ أَوْ يَسْكُنِ إِثْرِ الكَسْرِ)، لم يمنع الإماله فيمال؛ نحو:(خيام)، و (صيام)، و (مطواع)، و (إصلاح).
قيل: وتمال ألف (سالم) من نحو: (هذا رابط سالم)، لأن حرف الاستعلاء لم يكن في الكلمة التي فيها الألف الممالة، وسيأتي في كلام الشيخ.
واشتراط (كسرة ظاهرة): يخرج (غير الظاهرة) كالكسرة التي تزول بسبب الإدغام؛ نحو: (صوافَّ) بالتشديد جمع (صافّة)، وأصله:(صوافِف) فأدغم للموجب، فلا يكون الاستعلاء هنا كافٍ، لأن الكسرة غير ظاهرة.
وجعل فيه الشيخ وجهين:
قال في "الكافية":
وَالكَسرُ إِنْ يَعرِض زَوَالُهُ فَفِي
…
تَأثِيرِهِ وَجهَانِ فَاقْفِ مَا قُفِي
(1)
ولم يمثل للياء بشيء.
وقد سبق أن الراء غير المكسورة من الموانع، وإليه أشار بقوله:(وَكَذَا تَكفُّ را)، فتكف إذا كانت متصلة بالألف قبلها أو بعدها، فلا يمال، نحو:(راحم)، و (راشد) و (كرام)، و (هذا حمارك)، و (رأيت حمارك)، و (ديارك).
وبعضهم: يكف بالراء المنفصلة، ومنهم الشيخ؛ نحو:(هذا حافر)، و (كافر).
وقوله (مظهرًا): مفعول بـ (يكف)، وهو نعت لمحذوف؛ أي: يكف سبب مظهرًا من كسر.
وقوله: (مِر): فعل أمر في (الميرة) وهي الطعام، وفي القرآن:{وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} .
واللَّه الموفق
(1)
انظر شرح الكافية الشافية 4/ 1969.
ص:
909 -
وَكَفُّ مُسْتَعْلٍ وَرَا يَنْكَفُّ
…
بِكَسْرِ رَا كَغَارِمًا لَا أَجْفُو
(1)
ش:
سبق أن الاستعلاء أو الراء غير المكسورة تمنع الإمالة.
وذكر هنا: أن الراء المكسورة إذا اجتمعت مع الاستعلاء أو مع الراء المفتوحة أو المضمومة. . جازت الإمالة، فيمال؛ نحو:(طارح)، و (لا أجفو غارمًا)، و (رأيت ضاربًا)، و (مررت بمِدرار).
وأميلت ألف (القرار) من قوله تعالى: {دَارُ الْقَرَارِ} ، مع وجود القاف والراء المفتوحة، و {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} ، {إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ} ، {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ} .
و (كفُّ): مبتدأ، و (را): معطوف على (مُستعلٍ)، و (ينكف): خبر المبتدأ، والمعنى: أن كف هذين ينكف بالراء المكسورة، لأنها غالبة لهما.
واللَّه الموفق
ص:
910 -
وَلَا تُمِلْ لِسَبَبٍ لَمْ يَتَّصِلْ
…
وَالْكَفُّ قَدْ يُوْجِبُهُ مَا يَنْفَصِلْ
(2)
(1)
وكف: مبتدأ، وكف: مضاف، ومستعل: مضاف إليه. ورا: قصر للضرورة: معطوف على مستعل. ينكف: فعل مضارع، وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى (كف مستعل)، والجملة من ينكف وفاعله المستتر فيه: في محل رفع خبر المبتدأ. بكسر: جار ومجرور متعلق بقوله: ينكف، وكسر: مضاف، ورا: مضاف إليه. كغارما: الكاف جارة لقول محذوف، غارما: مفعول مقدم لقوله: أجفو الآتي. لا: نافية. أجفو: فعل مضارع، وفاعله: ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا.
(2)
ولا: ناهية. تمل: فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وفاعله: ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. لسبب: جار ومجرور متعلق بتمل. لم: نافية جازمة. يتصل: فعل مضارع مجزوم بلم، وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى سبب، والجملة من يتصل المجزوم بلم وفاعله المستتر فيه: في محل جر صفة لسبب. والكف: مبتدأ. قد: حرف تقليل. يوجبه: يوجب: فعل مضارع، والهاء: مفعول به ليوجب. ما: اسم موصول: فاعل يوجب، والجملة من يوجب وفاعله: في محل رفع خبر المبتدأ. ينفصل: فعل مضارع، وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى ما الموصولة، والجملة من ينفصل وفاعله المستتر فيه: لا محل لها من الإعراب صلة الاسم الموصول.
ش:
إذا انفصل سبب الإمالة. . امتنعت الإمالة، فلا يمال؛ نحو:(لزيد مال)، لأن سبب الإمالة مفصول وهو كسرة الدّال.
ولا تمال الألف من نحو: (قطعت يدَيْ جالوت)، لأن الياء مفصولة.
وأشار بقوله: (وَالْكَفُّ قَدْ يُوْجِبُهُ مَا يَنْفَصِلْ) إلى أن مانع الإمالة قد يؤثر في المنع ولو كان منفصلًا، فلا تمال الألف من نحو:(يريد أن يضربها قليلًا) لوجود القاف بعدها.
وكذا: (يريد أن يكرمها صباحًا)؛ لوجود الصاد بعدها.
وكذا ألف (كتاب) في نحو: (كتاب قاسمٍ)، و (كتاب صالح)؛ لوجود القاف والصاد كما علم، فيكف المانع وإن كان منفصلا بحرف.
وقيل: تمال الألف كما سبق في (رابط سالم).
واللَّه الموفق
ص:
911 -
وَقَدْ أَمَالُوا لِتَنَاسُبٍ بِلَا
…
دَاعٍ سِوَاهَا كَعِمَادَا وَتَلَا
(1)
ش:
* هذا هو السبب الثامن من أسباب الإمالة:
وهو أن تمال الألف للمناسبة فقط؛ كـ (رأيت عمادا) إذا وقفت عليه. . فتميل الثانية لمناسبة الأولى، وسبب الإمالة الأولى: كسرة العين.
ومن التناسب: إمالة ألف {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} ، وهي في (الضحى) و (سجى) عن واو فأميلت لمناسبة التلفظ بما بعدهما.
وكذا الألف من قوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} لمناسبة {جَلَّاهَا} و {يَغْشَاهَا} .
(1)
قد: حرف تحقيق. أمالوا: فعل وفاعل. لتناسب، بلا داع: جاران ومجروران يتعلقان بقوله: أمالوا. سواه: سوى: نعت لداع، وسوى: مضاف، والهاء: مضاف إليه. كعمادا: الكاف جارة لقول محذوف، عمادا: مقول لذلك القول المحذوف على إرادة لفظه. وتلا: قصد لفظه: معطوف على قوله عمادا.
وقرئ بإمالتين في: {الْيَتَامَى} و {النَّصَارَى} فأميلت الألف الأخيرة لقلبها ياء في التثنية، ثم أميلت الأولى لمناسبة الثانية عكس ما سبق في (عمادا).
ولا بدع في أن يثنى الجمع على تأويل الجماعتين؛ كقول الشاعر:
. . . . . . . . . . . .
…
بَينَ رِمَاحَي مَالِكٍ وَنَهشَلِ
(1)
و (نهشل): هنا اسم رجل، وهو لغة: الذئب، وسبق في جمع التكسر.
واللَّه الموفق
ص:
912 -
وَلَا تُمِلْ مَا لَمْ يَنَلْ تَمَكُّنَا
…
دُوْنَ سَمَاعٍ غَيْرَ هَا وَغَيْر نَا
(2)
(1)
التخريج: عجز بيت من الرجز، وهذا صدره: تبقلت في أول التبقل
وهو لأبي النجم في الأشباه والنظائر 4/ 200، والأغاني 10/ 158، وخزانة الأدب 2/ 394، 7/ 580، 581، وسمط اللآلي ص 581، وشرح شواهد الشافية ص 312، 313، والطرائف الأدبية ص 57، وشرح الجمل 1/ 138.
اللغة: تبقّلت: رعت البقل، أو خرجت تطلبه؛ والبقل: كلُّ ما نبت في بذره لا جذور ثابتة له. مالك ونهشل: قبيلتان عربيّتان كانتا متنازعتين.
المعنى: لقد طلبت الكلأ ورعته في وقته بين رماح القبيلتين المتحاربتين دون خوف، وذلك لكرم وقوّة ومكانة أصحابها.
الإعراب: تبقّلت: فعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء: للتأنيث، والفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هي. في أوّل: جَار ومجرور متعلّقان بـ (تبقّلت)، وأوّل مضاف. التبقل: مضاف إليه مجرور بالكسرة. بين: مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلِّق بالفعل تبقَّلَت، وهو مضاف. رِماحَي: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنّى، وحذفت النون للإضافة. مالك: مضاف إليه مجرور بالكسرة. ونهشل: الواو: للعطف، ونهشل: معطوف على مالك مجرور بالكسرة. وجملة (تبقلت): ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: (بين رماحي مالك ونهشل) حيث ثنّى اسم الجمع رماح على تأويل الجماعتين.
(2)
لا: نافية. تُمِل: فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وفاعله: ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. ما: اسم موصول: مفعول به لتمل. لم: نافية جازمة. ينل: فعل مضارع مجزوم بلم، وفيه ضمير مستتر جوازًا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة هو فاعله، والجملة: لا محل لها صلة الموصول. تمكنا: مفعول به لينل. دون: ظرف متعلق بتمل، ودون: مضاف، وسماع: مضاف إليه. غير: منصوب على الحال، وقيل: منصوب على الاستثناء، وغير: مضاف، وها: مضاف إليه، وقد أراد لفظ ضمير المؤنثة الغائبة. وغير: معطوف على (غير) السابق، وغير: مضاف، ونا: ضمير المتكلم المعظم نفسه أو مع غيره: مضاف إليه، وقد قصد لفظه أيضًا.
ش:
الإمالة من خداص الأسماء المتمكنة، وسمع في غير ذلك، كـ (مررت بنا)، و (بها)؛ لكنه مطرد هنا.
ومن القليل: إمالة (أنَّى)، و (متى)، و (بلى)، و (عسى)، في قراءة الأخوين.
وقال المبرد: وإمالة (عسى) جيدة.
وأميلت الألف في (الناس) و (المال) من غير أن يجر ما بعدها.
وكذا (الحجاج) علمًا.
واللَّه الموفق
ص:
913 -
وَالْفَتْحَ قَبْلَ كَسْرِ رَاءٍ فِي طَرَفْ
…
أَمِلْ كَللأَ يْسَرِ مِلْ تُكْفَ الكُلَفْ
(1)
ش:
تطرد إماله الفتحة وصلًا وقفًا إن كان بعدها راء مكسورة متطرفه ولم تكن الفتحة في ياء فيمال؛ نحو: (مل للأيسر)، و (مررت بنفر) وقوله تعالى:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} .
ويخرج نحو: (سيَر) و (غِيَر)؛ لأن الفتحة في ياء ومثلها الواو، كما نص عليه ابن قيم الجوزية في شرح هذا الكتاب؛ كـ (صُوَر).
وسُمع إمالة فتحة الطاء في: (خبط رياح) مع أن الراء المكسورة في كلمةٍ أخرى.
واللَّه الموفق
(1)
والفتح: مفعول تقدم على عامله -وهو قوله: (أمل) الآتي-. قبل: ظرف متعلق بأمل، وقبل: مضاف، وكسر: مضاف إليه، وكسر: مضاف، وراء: مضاف إليه. في طرف: جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لراء. أمل: فعل أمر، وفاعله: ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. كللأيسر: الكاف جارة لقول محذوف، للأيسر: جار ومجرور متعلق بقوله: (مِل) الآتي. مِل: فعل أمر، وفاعله: ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. تكف: فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم في جواب الأمر، ونائب الفاعل -وهو المفعول الأول-: ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. الكلف: مفعول ثان لتكف.
ص:
914 -
كَذَا الَّذِي تَلِيهِ هَا التَّأنِيثِ في
…
وَقْفٍ إِذَا مَا كَانَ غَيْرَ أَلِفِ
(1)
ش:
تمال الفتحة التي بعدها تاء منقلبة هاء في الوقف؛ كـ (قصعة)، و (رحمة)، و (قلنسوة)، و (حذرية)، و (قبضة) ولا يكون ذلك إلا في الوقف، ولا يضر كون الفتحة في حرف استعلاء أو غيره.
فإن وقف على التاء؛ كـ (هذه فاطمت)، و (رحمت). . فلا إمالة، وقد سبق أنهم وقفوا على التاء وهو قليل.
وبعضهم: لا تحسن إمالة الفتحة إن كانت في راء؛ نحو: {عُسْرَةٍ} .
وقوله: (إذا ما كان غيرَ أَلِفِ) يشير به إلى أن الألف التي تكون قبل هاء التأنيث لا تختص إمالتها بالوقف، بل تمال وقفًا ووصلًا، فمعنى البيت: أمِل الذي تليه هاء التأنيث في الوقف ما لم يكن ألفًا فأمله وقفًا ووصلًا بشرط كون أصلها ياء كما سبق في (فتاة) بالفاء والتاء المثناة فوق.
وأمال الكسائي: الفتحة قبل هاء السكت؛ نحو: {كِتَابَهُ} .
وأجازه ثعلب وابن الأنباري.
واللَّه الموفق
* * *
(1)
كذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. الذي: اسم موصول: مبتدأ مؤخر. تليه: تلي: فعل مضارع، والهاء: مفعول به. ها: قصر للضرورة: فاعل تلي، وهاء: مضاف، والتأنيث: مضاف إليه، والجملة من الفعل الذي هو تلي وفاعله ومفعوله: لا محل لها صلة الموصول. في وقف: جار ومجرور متعلق بتليه. إذا: ظرف تضمن معنى الشرط. ما: زائدة. كان: فعل ماض، واسمه: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى (الذي تليه ها التأنيث). غير: خبر كان، وغير: مضاف وألف: مضاف إليه.