الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الادْغَام
ص:
991 -
أَوَّلَ مِثْلَيْنِ مُحَركَيْنِ فيِ
…
كِلْمَةٍ ادغِمْ لَا كَمِثْلِ صُفَفِ
(1)
992 -
وَذُلُلٍ وَكِلَلٍ وَلَبَبِ
…
وَلَا كَجُسَّسٍ وَلَا كَاخْصُصَ أبِي
(2)
993 -
وَلَا كَهَيْلَلٍ وَشَذَّ فيِ أَلِل
…
وَنَحْوِه فَكٌّ بِنَقْلٍ فَقُبِلْ
(3)
ش:
الإدْغَامُ لغة: إدخال الشئ فى الشيء، يقال: أدغمته إدغامًا، وادّغمته ادّغامًا بالتشديد فهو مدغم أو مدغّم.
واصطلاحًا: إدخال حرف ساكن في مثله متحرك.
فإذا اجتمع مثلان متحركان في كلمة لا مُصدَّران .. وجب إدغام الأول فى الثاني لا مطلقًا كما سيأتي، سواء كان الأول منهما مضمومًا كـ (حبَّ)، أو مفتوحًا كـ (شدَّ)، أو مكسورًا كـ (مدَّ).
(1)
أول: مفعول تقدم على عامله -وهو قوله: (أدغم) الآتي- وأوَّلَ: مضاف، ومثلين: مضاف إليه.
محركين: نعت لمثلين. في كلمة: جار ومجرور متعلق بمحذوف: إما حال من مثلين لكونه قد تخصص بالوصف، وإما نعت ثان له. أَدغِم: فعل أمر، وفاعله: ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. لا: حرف عطف، والمعطوف عليه محذوف، والتقدير: أولَ مثلين محركين أدغم في أوزان مخصوصة لا كمثل- إلخ. كمثل: الكاف زائدة، ومثل: معطوف على المحذوف الذي قدرناه، ويجوز أن تكون (لا) ناهية، فيكون المجزوم بها محذوفًا تقديره لا تدغم، ويكون (مثل) مفعولًا لذلك المحذوف، وهذا الثاني ضعيف؛ لأن حذف المجزوم بلا الناهية ضرورة، ومثل: مضاف، وضُفَف: مضاف إليه.
(2)
وذلل: معطوف على (صفف) في البيت السابق .. وكِلَل، ولَبَب: معطوفان على صفف أيضًا.
ولا كجُسَّس: الواو عاطفة، لا: زائدة لتأكيد النفي، كجسس: معطوف على (كمثل صفف). ولا كاخصصَ أبي: مثله.
(3)
ولا كَهَيللٍ: معطوف على ما قبله على نحو ما سبق. وشذ: فعل ماض. فى أَلِلْ: جار ومجرور متعلق بشذ. ونحوه: معطوف على ألل. فكٌّ: فاعل شذ. بنقلٍ: جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لـ (فكٌّ). فقُبِل: الفاء عاطفة، قُبِل: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود على فكٌّ.
ونحو: (يرُدُّ)، الأصل:(يرْدُدُ) فنقلت ضمة العين للفاء وأدغم.
وخرج ما تصدر فيه المثلان؛ نحو: (دَدَن) بفتح الفاء والعين وهو: اللَّهو واللعب، ويقال:(ددى) مقصورًا؛ كـ (رَحَى)، و (ددٌ)؛ كـ (دم).
- فإن كان أحد المثلين في كلمة والآخر في كلمة .. كان الإدغام جائزًا؛ نحو: (جَعَل لَّكَ).
وقرئ بالإدغام في: (لا أبرح حتى أبلغ)، (وطبع على قلوبهم).
ويستثنى الهمزتان؛ نحو: (قرأ أحمد).
وأشار بقوله: (لا كَمِثْلِ صُفَفِ) إلى قوله: (وَلَا كَهَيْلَلٍ) إلى أنه يمتنع الإدغام في أشياء:
• فمنها: إذا كان المثلان في كلمة على وزن (فُعَل) بضم الفاء وفتح العين؛ كـ (صُفَف)، و (قُلَل).
• أو على (فُعُل) بضم الأول والثاني كـ (ذُلُل) جمع: (ذلول)، و (سُرُر) جمع:(سرير).
أو على (فِعَل) بكسر الفاء وفتح العين؛ نحو: (كِلَل) جمع: (كِلَة) بوزن: (عِدَة): نوع من الثياب.
• ومثله (عِلَل) جمع (عِلَّة) فامتنع الإدغام؛ لأن هذه الأوزان الثلاثة مخالفة لوزن الأفعال، والإدغام أصل في الأفعال.
• ومنها: (فَعَل) بفتح الفاء والعين؛ نحو: (لَبَب): ما يشد على ظهر الدابة؛ لأنه خفيف فلا يحتاج إلى إدغام.
ومثله: (مَدَدٌ)، و (طَلَل).
وقيل: لو أدغم؛ نحو هذه الأوزان لم يُدرَ هل الأول متحرك وسَكَن لأجل الإدغام، أو ساكن أصالة؛ لأن سكون العين كثير في الأسماء.
ومنها: مما إذا كان الأول مدغمًا فيه؛ نحو: (جُسَّس) بثلاث سينات، الأولى مدغمة، وهو جمع:(جاس) اسم فاعل من: (جَسَّ)؛ فلو أدغمت الثانية في الثالثة .. التقى ساكنان.
ومثله: (رُدّد) جمع (رادّ).
• وكذا إذا كانت حركة الثاني عارضة؛ نحو: (اخصُصَ أبي)، والأصل:
(اخصُصْ)، أي: بسكون الصاد؛ لأنه أمر، و (أبي): مفعوله، فنقلت فتحة الهمزة للصاد الساكنة تخفيفًا.
ومثله: (اُفْكُكَ اخاك).
• وكذا إذا كان ثاني المثلين زائدًا للإلحاق؛ نحو: (هَيلَلَ) إذا أكثر من قول: (لا إله إلا الله) وهو ملحق بـ (دحرج)؛ فلو أدغم .. لخالفه في الوزن.
ومثله: (قَرْدَد): وهو المكان الغليظ، ملحق بـ (جعفر)، والعلة كما سبق.
وأشار بقوله: (وَشَذَّ في أَلِلْ
…
إلى آخره) إلى ما كان قياسه الإدغام، وشذ فيه الفكُّ؛ كقولهم:(ألِلَ السِّقاءُ)؛ إذا تغيرت رائحته.
وكذا (الأسنان)؛ إذا فسدت، وهو بكسر العين.
وقالوا: (دَبَبَ الإنسان): إذا أنبت في وجهه شعر.
و (صكِكَ الفرس): إذا أصابه الصّكَكَ، وهو: عيب فيه.
و (ضبِبَت الأرض): إذا كثر ضبابها.
وقد يكون الفك للتناسب؛ كحديث: "أيَّتُكن صَاحِبَة الجمل الأدبَب؟ تنبحها كلاب الحوأب".
وللضرورة؛ كقول الشاعر:
الْحَمْدُ لِلهِ العَلِيِّ الأَجْلَلِ
…
...............
(1)
والله الموفق
(1)
التخريج: صدر بيت من الرجز، وعجزه: الواسع الفضلِ الوَهُوب المُجْزِل
وهو لأبي النجم في الأغاني 10/ 157، 158، 163، 165، وجمَهرة اللغة ص 471، وخزانة الأدب 2/ 392، 394، والدرر 6/ 238، وشرح التصريح 2/ 403، وشرح شواهد الشافية ص 313، والطرائف الأدبية ص 57، والكتاب 4/ 214، والمقاصد النحوية 4/ 595، وبلا نسبة في الأشباه والأنظار 1/ 51، وأوضح المسالك 4/ 412، وسر صناعة الإعراب ص 503.
شرح المفردات: الأجلل: أي الأجلّ. الواسع الفضل: الكثير الإحسان. الوهوب: الكثير الوهب، أي العطاء. المجزل: المكثر.
الإعراب: الحمد: مبتدأ مرفوع بالضمة. لله: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. العلي: نعت الله مجرور بالكسرة. الأجلل: نعت ثان لـ (الله). الواسع: نعت ثالث لـ (الله)، وهو مضاف. الفضل: مضاف إليه مجرور. الوهوب: نعت رابع لـ (الله). المجزل: نعت خامسا لـ (الله) مجرور.
الشاهد فيه قوله: (الأجلل)؛ حيث فك الإدغام، لإقامة الوزن، والقياس:(الأجلّ).
ص:
994 -
وَحَيِىَ اْفْكُكْ وَادَّغِمْ دُوْنَ حَذَرْ
…
كَذَاكَ نَحْوُ تَتَجَلَّى وَاسْتَتَر
(1)
ش:
يجوز والإدغام والفك: في نحو: (حَيِيَ)، و (عَيِييَ).
وضابطه: ما كان المثلان فيه ياءين متحركتين تحريكًا لازمًا.
فالإدغام: على أنهما مثلان متحركان في كلمة.
والفك: على أن اجتماع المثلين هنا بمنزلة العارض؛ لأنهما لا يوجدان إلا في الماضي فقط، والعارض: لا يعتد به؛ ألا ترى أنهما لا يوجدان في نحو: (يحيا)، و (يعيا).
والفك أجود.
وقرئ بالوجهين في: (حىَّ) من قوله تعالى: {وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ} .
ولا إدغام في نحو: (لن يحيَ)؛ لأن حركة الثاني تزول بزوال الناصب، بل ربما حذفت الحركة مع الناصب؛ كقراءة طلحة بن سليمان:(أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) بسكون الياء.
ولا إدغام في أصل: (يرعوي) وهو: (يرعَوِوُ)؛ لأن الثانية تقلب ياءً لتطرفها وانكسار ما قبلها.
وأما ما تصدر في أوله تاء؛ نحو: (تتجلَّى)، و (تتلظَّى) .. فقياسه الفك؛ لتصدر المثلين كما سبق.
وذكر الشيخ هنا: أنه يجوز فيه الإدغام، فيدغم الأول في الثاني، ثم يؤتى بهمزة وصل لتعذر النطق بالساكن ابتداء، فيقال:(اِتْجَلَّى)، و (اتْلظَّى).
(1)
وحَيِيَ: قصد لفظه: مفعول تقدم على عامله وهو قوله: (افكك) الآتي. افكك: فعل أمر، وفاعله: ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. وادّغم: فعل أمر معطوف على افكك، وفيه ضمير مستتر وجوبًا: فاعل، وله مفعول محذوف مماثل للمفعول المذكور لافكك. دون: ظرف متعلق بمحذوف حال من الفك والإدغام المدلول عليهما بالفعلين، ودون: مضاف، وحذر: مضاف إليه. كذاك: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. نحو: مبتدأ مؤخر، ونحو: مضاف، وتتجلى: قصد لفظه: مضاف إليه. واستتر: معطوف على تتجلى، وقد قصد لفظه أيضًا.
وقال بعضهم: لا تكون همزة الوصل أول المضارع.
ولم يدغم مثل هذه إلا وصلًا؛ كقراءة البزي: (ولا اتَّبَرَّجن)، و (لا اتَّيَمَّمُوا).
ويجوز الوجهان في نحو: (اقتَتَل)، و (استَتَر)، فإذا أردت الإدغام .. نقلت حركة أول المثلين إلى الفاء، ثم تحذف همزة الوصل للاستغناء عنها، فيقال:(قتّل)، و (ستّر) بالتشديد.
وكذا المصدر والمضارع:
فالفك: (يستتر استتارًا)، و (يقتَتِل اقتتالًا).
والإدغام: (يُستِّر سِتَّارًا)، و (يُقتِّل قتّالًا)؛ بنقل حركة أول المثلين إلى ما قبله، وحذف همزة الوصل من المصدر للاستغناء عنها، فلما كان الأصل في:(ستّر)، و (قتّل):(استتر)، و (اقتتل) .. كان المصدر (سِتّارًا)، و (قِتّالًا).
بخلاف: (ستَّر تستيرًا)، و (قتَّل تقتيلًا) .. فماضيه على (فعَّل) بالتشديد أصالة؛ كـ (قدَّس تقديسًا).
واللَّه الموفق
ص:
995 -
وَمَا بِتَاءَيْنِ ابْتُدِي قَدْ يُقْتَصَرْ
…
فِيهِ عَلَى تَا كَتَبَيَّن العِبَر
(1)
ش:
ما كان في أوله تاءان؛ نحو: (تتجلّى)، و (تتبيّن) .. قد يقتصر فيه على واحدة؛ فرارًا من توالي الأمثال؛ نحو:(تجلّى الشمس)، و (تبيّن العِبَر)، والأصل:(تتجلى الشمس)، و (تتبين العِبَر).
(1)
وما: اسم موصول: مبتدأ. بتاءين: جار ومجرور متعلق بابتُدي. ابتُدي: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى الاسم الموصول، والجملة: لا محل لها صلة الموصول. قد: حرف تقليل. يُقتصَر: فعل ماض مبني للمجهول. فيه: جار ومجرور متعلق بيقتصر إما على أنه نائب فاعل له، أو لا ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه، والجملة -على الحالين- في محل رفع خبر المبتدأ. على تا: قصر للضرورة: جار ومجرور متعلق بيقتصر. كتَبَيَّنُ: الكاف جارة لقول محذوف كما سبق مرارًا، تبيّنُ: فعل مضارع. العبر: فاعل تبيَّنُ.