الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فجملة (تعشو): في محل نصب على الحال من فاعل (تأته)، والتقدير:(متى تلقه عاشيًا تجد خير نار).
تنبيه:
- إذا توالى شرطان؛ فإن وجد عطف .. فالجواب للشرطين؛ نحو: (إن يقم زيد ويقعد عمرو أكرمك).
- وإن لم يكن عطف .. فالجواب للأول؛ نحو: (إن تقم إن تضحك أكرمك).
قال الشيخ في "الكافية": لأن الثاني حل محل ما لا جواب له وهو الحال، فالتقدير عنده:(إن تقم ضاحكًا أكرمك).
وقيل: الجواب للأول، وجواب الثاني: محذوف لدلالة الشرط الأول وجوابه عليه، وكأنه قيل:(إن تضحك فإن تقم أكرمك).
وقيل: الجواب للثاني، والشرط الثاني وجوابه: جواب الأول، وفيه حذف الفاء لغير ضرورة؛ لأنها تلزم حينئذ؛ كقوله تعالى:{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} ، فالشرط الثاني وأجوبته: جواب الأول.
ومن توالي الشرطين في القرآن: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} .
فعلى كلام الشيخ رحمه الله: تكون (ولا ينفعكم) دليلًا على جواب الأول، والتقدير:(إن أردت أن أنصح لكم مرادًا غَيُّكُمُ لا ينفعكم نصحي).
ومنه أيضًا: {إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} .
وقول ابن دريد:
مفعول به منصوب، وهو مضاف. نارٍ: مضاف إليه مجرور. عندها: ظرف مكان منصوب متعلق بخبر مقدم محذوف، وهو مضاف، وها: ضمير متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. خير: مبتدأ مؤخر مرفوع، وهو مضاف. موقد: مضاف إليه مجرور.
وجملة (متى تأته تجد) الشرطية: ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (تأته): في محل جر بالإضافة. وجملة (تعشو): في محلّ نصب حال. وجملة (تجد): جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء أو إذا لا محل لها من الإعراب. وجملة (عندها خير موقد): في محلّ جرّ صفة لـ (نار).
الشاهد: فيه قوله: (متى تأته تعشو تجد) حيث جاءت جملة تعشو في محلّ نصب حال.
فَإِنْ عَثَرتُ بَعْدَهَا إِنْ وَأَلَتْ
…
نَفسِي مَن هَاتَا فَقُولا لَا لَعَا
(1)
أي: (فإن عثرت وائلة نفسي .. فقولا: لا لعا)؛ أي: (لا سلمت) وهي كلمة تقال للعاثر، وسبق في أسماء الأفعال.
وقول الآخر:
إِن يَستَغِيثُوا بِنَا إِن تُذعَرُوا تَجِدُوا
…
...................
(2)
أي: (إن يستغيثوا بنا مذعورين يجدوا كذا وكذا).
و (جزم): مبتدأ، والمسوغ: التفصيل، و (إثر فا): ظرف في موضع الصفة لقوله: (فعل) واكتفى بالبناء للمفعول.
واللَّه الموفق
(1)
التخريج: تقدم إعرابه وشرحه.
والشاهد هنا: أنه إذا اعترض شرط على آخر .. فإن الجواب المذكور للسابق منهما. وجواب الثاني محذوف مدلول عليه بالشرط الأول وجوابه. كما قالوا: في الجواب المتأخر عن القسم والشرط.
(2)
التخريح: صدر بيت من البسيط، وعجزه: منَّا مَعَاقِلَ عِزٍّ زانَهَا كرمُ
وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 112، وخزانة الأدب 11/ 358، والدرر 5/ 90، وشرح الأشموني 3/ 596، وشرح التصريح 2/ 254، ومغني اللبيب 2/ 614، والمقاصد النحويَّة 4/ 452، وهمع الهوامع 2/ 63.
الشاهد: قوله: (إن يستغيثوا
…
إن تذعروا تجدوا)، حيث اكتفى بجواب واحد لشرطين، وذلك قوله:(إن يستغيثوا) وقوله: (إن يذعروا) ، فاكتفى بجواب السابق عن جواب الثاني مقيدًا للأول كتقييده بحال واقعة موقعه، والتقدير: إن يستغيثوا بنا مذعورين يجدوا، ومنهم من جعل الشرط الثاني ها هنا متقدمًا في التقدير وإن كان متأخرًا في اللفظ، فكأنه قال: إن يذعروا وإن يستغيثوا بنا يجدوا معاقل عز؛ فيكون الشرطان بالعطف، وقد علم أن الشرطين إذا كانا بالعطف يكتفى بجواب واحد.
قال ابن مالك: وإن توالى شرطان أو قسم وشرط استغني بجواب سابقهما، وربما استغني بجواب الشرط عن جواب قسم سابق، ويتعين ذلك إن تقدمهما ذو خبر أو كان حرف الشرط لو ولولا. انتهى.
ص:
705 -
وَالشَّرْطُ يُغْنِي عَنْ جَوَابٍ قَدْ عُلِمْ
…
وَالْعَكْسُ قَدْ يَأْتِي إِنِ المَعْنَى فُهِمْ
(1)
ش:
يجوز أن يحذف الجواب ويستغنى عنه بالشرط.
لكن يشرط: أن يُعلم الجواب؛ إما بقرينة مذكورة قبل الشرط، أو غير ذلك؛ نحو:(أنت ظالم إن فعلت)؛ فالجواب محذوف لدلالة (أنت ظالم عليه)، والتقدير:(أنت ظالم إن فعلت فأنت ظالم)، وفي القرآن:{قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} ، {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ} ، {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} .
وقول الشاعر:
وَنُنكِرُ إِنْ شِئْنَا عَلَى النَّاسِ قَوْلَهُمْ
…
وَلَا يُنكِرونَ القَولَ حِينَ نَقُولُ
(2)
(1)
والشرط: مبتدأ. يغني: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى الشرط، والجملة من يغن وفاعله المستتر فيه: في محل رفع خبر المبتدأ. عن جواب: جار ومجرور متعلق بيغني. قد: حرف تحقيق. علم: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود على جواب، والجملة من علم ونائب فاعله المستتر فيه: في محل جر صفة لجواب. والعكس: مبتدأ. قد: حرف تقليل. يأتي: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى العكس، والجملة من يأتي وفاعله المستتر فيه: في محل رفع خبر المبتدأ. إن: شرطية. المعنى: نائب فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده. فهم: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى المعنى، والجملة لا محل لها تفسيرية، وجواب الشرط محذوف.
(2)
التخريج: البيت من الطويل، وهو في المقاصد النحوية 2/ 626، معاهد التنصيص 1/ 382، شرح شواهد المغني 2/ 532، وهو للسموأل بن عادياء اليَهُودِيّ من قصيدة أَولهَا:
إِذا المَرْء لم يَدْنَسْ من اللُّؤم عرضُه
…
فَكُلُّ رِدَاءٍ يَرتَديهِ جَمِيلُ
وإِنْ هُوَ لم يَحْمِل على النَّفس ضَيْمَهَا
…
فَلَيْسَ إِلَى حسن الثَّنَاء سبيلُ
تُعيِّرنا أَنا قَلِيل عديدُنا
…
فَقلت لَهَا إِن الكِرَام قليلُ
وَمَا قَلَّ مَنْ كَانَت بقاياه مثلنَا
…
شباب تسامت للعلا وكهولُ
وَإِنَّا لَقَوْمٌ لَا نرى القَتْل سُبة
…
إِذا مَا رَأَتْهُ عَامر وسلول
يقرب حب المَوْت آجالنا لنا
…
وتكرهه آجالهمْ فتطولُ
والمبرد والسيرافي والكوفيون: أن المتقدم هو الجواب.
ومِن حذف الجواب للقرينة المعلومة قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ} ، التقدير:(فافعل).
وكقولك: (مررت برجل ما شئت من رجل)، فحذف الجواب لدلالة الكلام عليه، والمعنى:(ما شئت من رجل فهو ذاك)، والجملة من الشرط، والجواب: صفة (لرجل) هذا هو الصحيح.
وقال الفارسي: (ما) مصدرية منعوت بها؛ أي: (مررت برجل مشيئتك من رجل).
ويشترط عند حذف الجواب والاستغناء عنه بالشرط: أن يكون الشرط ماضيًا، أو مضارعًا مجزومًا بـ (لم).
ولا يكون مضارعًا مثبتًا إلا في الشعر، نص عليه في "الكافية"، فلا يقال في النثر:(أنت ظالم إن تفعل).
وقد يغني خبر المبتدأ عن جواب الشرط، ويكون ذلك المبتدأ مذكورًا قبل الشرط، والخبر مذكورًا بعد الشرط؛ نحو:(أنت إن فعلت ظالم)، فـ (أنت). مبتدأ، و (ظالم): خبره، أغنى عن جواب الشرط.
وَمَا ماتَ منَّا سيِّدٌ فِي فِراشهِ
…
وَلَا طُلَّ منّا حيثُ كانَ قتيلُ
تَسيلُ على حدِّ الظُّبات نفوسُنَا
…
وَلَيْسَ على غير السُّيوف تسيلُ
إِلَى أَن يَقُول فِيهَا:
فنحنُ كماءِ المُزن مَا فِي نِصالنا
…
كَهَامٌ وَلَا فِينا يعدُّ بخيلُ
إِذا سيدٌ منَّا خلَا قامَ سيدٌ
…
قؤولٌ لما قالَ الكرامُ فَعُولُ
وَما أُخمِدتْ نارٌ لنا دُون طَارق
…
وَلَا ذمَّنا فِي النَّازلينَ نَزيلُ
وأيامُنا مشهورَةٌ فِي عدُونا
…
لَهَا غُرَر معرُوفة وحُجُولُ
وأسْيافُنَا فِي كلِّ شرقٍ ومغربٍ
…
بهَا منْ قِراع الدَّارعينَ فلولُ
مُعَوَّدة أنْ لَا تُسلَّ نِصالها
…
فتغمدَ حَتَّى يُستباحَ قتيلُ
سلي إنْ جهلتِ النَّاسَ عنّا وعنهمُ
…
فليسَ سواءَ عَالم وجهول
الشاهد: قوله: (وننكرُ إنْ شِئْنَا على الناسِ قَوْلَهُمْ)؛ حيث حذف جواب الشرط واستغنى عنه بالشرط؛ لوجود قرينة يعلم الجواب بها، والأصل:(وننكر إن شئنا على الناس ننكر قولهم).
وفي القرآن: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} .
ولا يضر وجود الناسخ كما في هذه الآية.
وقد يحذف مبتدأ هذا الخبر، بشرط: أن يكون مقدرًا بعد الشرط، كقولك:(من يضرب زيدًا ظالم)، التقدير:(فهو ظالم).
ومنه قوله:
..................
…
بَنِي ثُعَلٍ مَن يَنْكَعِ العَنزَ ظَالِمُ
(1)
بكسر عين (ينكَعِ) لالتقاء الساكنين؛ أي: (فهو ظالم).
قال في الكافية:
وَرُبَّما أَغنَى عَنِ الجَزاءِ خَبَرْ
…
سَابِقٌ أو مُؤَخّرٌ قَدِ استَتَرْ
يعني: (وربما أغنى عن جواب الشرط: خبر مبتدأ سابق على الشرط أو خبر مبتدأ محذوف مؤخر عن الشرط).
- وأشار بقوله: (والْعَكْسُ قَدْ يَأْتِي إِنِ المَعْنَى فُهِمْ): إلى أنه يجوز على قلة أن يحذف الشرط ويستغنى عنه بالجواب؛ كقوله:
فَطَلِقْها فَلَستَ لَهْا بِكُفْءٍ
…
وإلَّا يَعْلُ مِفْرَقَكَ الحُسَامُ
(2)
(1)
التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: بَني ثعل لا تَنْكَعُوا العَنْزَ شِربهَا
وهو للأسدي (دون تحديد) في الكتاب 3/ 65، والمقاصد النحوية 4/، وبلا نسبة في شرح الأشموني 3/ 588، ولسان العرب 8/ 364 (نكع)، والمحتسب 1/ 122، 193.
اللغة: ثعل: قبيلة في طيء. ونكَع: من باب (مَنَع) من نكعت الناقة: جهدتها حلبًا. والشِّرب: بكسر الشين: الحظ من الماء.
الشاهد: قوله: (من ينكع العنز ظالم) حيث حذف منه المبتدأ مع الفاء التي هي جواب الشرط؛ أي: (فهو ظالم).
(2)
التخريج: البيت للأحوص يخاطب مطرًا، وكان دميمًا وتحته امرأة حسناء، وهو في ديوانه ص 190، والأغاني 15/ 234، والدرر 875، وخزانة الأدب 2/ 151، وشرح التصريح 2/ 252، وشرح شواهد المغني 2/ 767، 936، والمقاصد النحويّة 4/ 435، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 72، وأوضح المسالك 4/ 215، ورصف المباني ص 106، وشرح الأشموني 3/ 591،