المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فجملة (تعشو): في محل نصب على الحال من فاعل (تأته)، - شرح الفارضي على ألفية ابن مالك - جـ ٤

[الفارضي]

الفصل: فجملة (تعشو): في محل نصب على الحال من فاعل (تأته)،

فجملة (تعشو): في محل نصب على الحال من فاعل (تأته)، والتقدير:(متى تلقه عاشيًا تجد خير نار).

‌تنبيه:

- إذا توالى شرطان؛ فإن وجد عطف .. فالجواب للشرطين؛ نحو: (إن يقم زيد ويقعد عمرو أكرمك).

- وإن لم يكن عطف .. فالجواب للأول؛ نحو: (إن تقم إن تضحك أكرمك).

قال الشيخ في "الكافية": لأن الثاني حل محل ما لا جواب له وهو الحال، فالتقدير عنده:(إن تقم ضاحكًا أكرمك).

وقيل: الجواب للأول، وجواب الثاني: محذوف لدلالة الشرط الأول وجوابه عليه، وكأنه قيل:(إن تضحك فإن تقم أكرمك).

وقيل: الجواب للثاني، والشرط الثاني وجوابه: جواب الأول، وفيه حذف الفاء لغير ضرورة؛ لأنها تلزم حينئذ؛ كقوله تعالى:{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} ، فالشرط الثاني وأجوبته: جواب الأول.

ومن توالي الشرطين في القرآن: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} .

فعلى كلام الشيخ رحمه الله: تكون (ولا ينفعكم) دليلًا على جواب الأول، والتقدير:(إن أردت أن أنصح لكم مرادًا غَيُّكُمُ لا ينفعكم نصحي).

ومنه أيضًا: {إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} .

وقول ابن دريد:

مفعول به منصوب، وهو مضاف. نارٍ: مضاف إليه مجرور. عندها: ظرف مكان منصوب متعلق بخبر مقدم محذوف، وهو مضاف، وها: ضمير متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. خير: مبتدأ مؤخر مرفوع، وهو مضاف. موقد: مضاف إليه مجرور.

وجملة (متى تأته تجد) الشرطية: ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (تأته): في محل جر بالإضافة. وجملة (تعشو): في محلّ نصب حال. وجملة (تجد): جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء أو إذا لا محل لها من الإعراب. وجملة (عندها خير موقد): في محلّ جرّ صفة لـ (نار).

الشاهد: فيه قوله: (متى تأته تعشو تجد) حيث جاءت جملة تعشو في محلّ نصب حال.

ص: 37

فَإِنْ عَثَرتُ بَعْدَهَا إِنْ وَأَلَتْ

نَفسِي مَن هَاتَا فَقُولا لَا لَعَا

(1)

أي: (فإن عثرت وائلة نفسي .. فقولا: لا لعا)؛ أي: (لا سلمت) وهي كلمة تقال للعاثر، وسبق في أسماء الأفعال.

وقول الآخر:

إِن يَستَغِيثُوا بِنَا إِن تُذعَرُوا تَجِدُوا

...................

(2)

أي: (إن يستغيثوا بنا مذعورين يجدوا كذا وكذا).

و (جزم): مبتدأ، والمسوغ: التفصيل، و (إثر فا): ظرف في موضع الصفة لقوله: (فعل) واكتفى بالبناء للمفعول.

واللَّه الموفق

(1)

التخريج: تقدم إعرابه وشرحه.

والشاهد هنا: أنه إذا اعترض شرط على آخر .. فإن الجواب المذكور للسابق منهما. وجواب الثاني محذوف مدلول عليه بالشرط الأول وجوابه. كما قالوا: في الجواب المتأخر عن القسم والشرط.

(2)

التخريح: صدر بيت من البسيط، وعجزه: منَّا مَعَاقِلَ عِزٍّ زانَهَا كرمُ

وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 112، وخزانة الأدب 11/ 358، والدرر 5/ 90، وشرح الأشموني 3/ 596، وشرح التصريح 2/ 254، ومغني اللبيب 2/ 614، والمقاصد النحويَّة 4/ 452، وهمع الهوامع 2/ 63.

الشاهد: قوله: (إن يستغيثوا

إن تذعروا تجدوا)، حيث اكتفى بجواب واحد لشرطين، وذلك قوله:(إن يستغيثوا) وقوله: (إن يذعروا) ، فاكتفى بجواب السابق عن جواب الثاني مقيدًا للأول كتقييده بحال واقعة موقعه، والتقدير: إن يستغيثوا بنا مذعورين يجدوا، ومنهم من جعل الشرط الثاني ها هنا متقدمًا في التقدير وإن كان متأخرًا في اللفظ، فكأنه قال: إن يذعروا وإن يستغيثوا بنا يجدوا معاقل عز؛ فيكون الشرطان بالعطف، وقد علم أن الشرطين إذا كانا بالعطف يكتفى بجواب واحد.

قال ابن مالك: وإن توالى شرطان أو قسم وشرط استغني بجواب سابقهما، وربما استغني بجواب الشرط عن جواب قسم سابق، ويتعين ذلك إن تقدمهما ذو خبر أو كان حرف الشرط لو ولولا. انتهى.

ص: 38

ص:

705 -

وَالشَّرْطُ يُغْنِي عَنْ جَوَابٍ قَدْ عُلِمْ

وَالْعَكْسُ قَدْ يَأْتِي إِنِ المَعْنَى فُهِمْ

(1)

ش:

يجوز أن يحذف الجواب ويستغنى عنه بالشرط.

لكن يشرط: أن يُعلم الجواب؛ إما بقرينة مذكورة قبل الشرط، أو غير ذلك؛ نحو:(أنت ظالم إن فعلت)؛ فالجواب محذوف لدلالة (أنت ظالم عليه)، والتقدير:(أنت ظالم إن فعلت فأنت ظالم)، وفي القرآن:{قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} ، {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ} ، {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} .

وقول الشاعر:

وَنُنكِرُ إِنْ شِئْنَا عَلَى النَّاسِ قَوْلَهُمْ

وَلَا يُنكِرونَ القَولَ حِينَ نَقُولُ

(2)

(1)

والشرط: مبتدأ. يغني: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى الشرط، والجملة من يغن وفاعله المستتر فيه: في محل رفع خبر المبتدأ. عن جواب: جار ومجرور متعلق بيغني. قد: حرف تحقيق. علم: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود على جواب، والجملة من علم ونائب فاعله المستتر فيه: في محل جر صفة لجواب. والعكس: مبتدأ. قد: حرف تقليل. يأتي: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى العكس، والجملة من يأتي وفاعله المستتر فيه: في محل رفع خبر المبتدأ. إن: شرطية. المعنى: نائب فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده. فهم: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو يعود إلى المعنى، والجملة لا محل لها تفسيرية، وجواب الشرط محذوف.

(2)

التخريج: البيت من الطويل، وهو في المقاصد النحوية 2/ 626، معاهد التنصيص 1/ 382، شرح شواهد المغني 2/ 532، وهو للسموأل بن عادياء اليَهُودِيّ من قصيدة أَولهَا:

إِذا المَرْء لم يَدْنَسْ من اللُّؤم عرضُه

فَكُلُّ رِدَاءٍ يَرتَديهِ جَمِيلُ

وإِنْ هُوَ لم يَحْمِل على النَّفس ضَيْمَهَا

فَلَيْسَ إِلَى حسن الثَّنَاء سبيلُ

تُعيِّرنا أَنا قَلِيل عديدُنا

فَقلت لَهَا إِن الكِرَام قليلُ

وَمَا قَلَّ مَنْ كَانَت بقاياه مثلنَا

شباب تسامت للعلا وكهولُ

وَإِنَّا لَقَوْمٌ لَا نرى القَتْل سُبة

إِذا مَا رَأَتْهُ عَامر وسلول

يقرب حب المَوْت آجالنا لنا

وتكرهه آجالهمْ فتطولُ

ص: 39

والمبرد والسيرافي والكوفيون: أن المتقدم هو الجواب.

ومِن حذف الجواب للقرينة المعلومة قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ} ، التقدير:(فافعل).

وكقولك: (مررت برجل ما شئت من رجل)، فحذف الجواب لدلالة الكلام عليه، والمعنى:(ما شئت من رجل فهو ذاك)، والجملة من الشرط، والجواب: صفة (لرجل) هذا هو الصحيح.

وقال الفارسي: (ما) مصدرية منعوت بها؛ أي: (مررت برجل مشيئتك من رجل).

ويشترط عند حذف الجواب والاستغناء عنه بالشرط: أن يكون الشرط ماضيًا، أو مضارعًا مجزومًا بـ (لم).

ولا يكون مضارعًا مثبتًا إلا في الشعر، نص عليه في "الكافية"، فلا يقال في النثر:(أنت ظالم إن تفعل).

وقد يغني خبر المبتدأ عن جواب الشرط، ويكون ذلك المبتدأ مذكورًا قبل الشرط، والخبر مذكورًا بعد الشرط؛ نحو:(أنت إن فعلت ظالم)، فـ (أنت). مبتدأ، و (ظالم): خبره، أغنى عن جواب الشرط.

وَمَا ماتَ منَّا سيِّدٌ فِي فِراشهِ

وَلَا طُلَّ منّا حيثُ كانَ قتيلُ

تَسيلُ على حدِّ الظُّبات نفوسُنَا

وَلَيْسَ على غير السُّيوف تسيلُ

إِلَى أَن يَقُول فِيهَا:

فنحنُ كماءِ المُزن مَا فِي نِصالنا

كَهَامٌ وَلَا فِينا يعدُّ بخيلُ

إِذا سيدٌ منَّا خلَا قامَ سيدٌ

قؤولٌ لما قالَ الكرامُ فَعُولُ

وَما أُخمِدتْ نارٌ لنا دُون طَارق

وَلَا ذمَّنا فِي النَّازلينَ نَزيلُ

وأيامُنا مشهورَةٌ فِي عدُونا

لَهَا غُرَر معرُوفة وحُجُولُ

وأسْيافُنَا فِي كلِّ شرقٍ ومغربٍ

بهَا منْ قِراع الدَّارعينَ فلولُ

مُعَوَّدة أنْ لَا تُسلَّ نِصالها

فتغمدَ حَتَّى يُستباحَ قتيلُ

سلي إنْ جهلتِ النَّاسَ عنّا وعنهمُ

فليسَ سواءَ عَالم وجهول

الشاهد: قوله: (وننكرُ إنْ شِئْنَا على الناسِ قَوْلَهُمْ)؛ حيث حذف جواب الشرط واستغنى عنه بالشرط؛ لوجود قرينة يعلم الجواب بها، والأصل:(وننكر إن شئنا على الناس ننكر قولهم).

ص: 40

وفي القرآن: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} .

ولا يضر وجود الناسخ كما في هذه الآية.

وقد يحذف مبتدأ هذا الخبر، بشرط: أن يكون مقدرًا بعد الشرط، كقولك:(من يضرب زيدًا ظالم)، التقدير:(فهو ظالم).

ومنه قوله:

..................

بَنِي ثُعَلٍ مَن يَنْكَعِ العَنزَ ظَالِمُ

(1)

بكسر عين (ينكَعِ) لالتقاء الساكنين؛ أي: (فهو ظالم).

قال في الكافية:

وَرُبَّما أَغنَى عَنِ الجَزاءِ خَبَرْ

سَابِقٌ أو مُؤَخّرٌ قَدِ استَتَرْ

يعني: (وربما أغنى عن جواب الشرط: خبر مبتدأ سابق على الشرط أو خبر مبتدأ محذوف مؤخر عن الشرط).

- وأشار بقوله: (والْعَكْسُ قَدْ يَأْتِي إِنِ المَعْنَى فُهِمْ): إلى أنه يجوز على قلة أن يحذف الشرط ويستغنى عنه بالجواب؛ كقوله:

فَطَلِقْها فَلَستَ لَهْا بِكُفْءٍ

وإلَّا يَعْلُ مِفْرَقَكَ الحُسَامُ

(2)

(1)

التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: بَني ثعل لا تَنْكَعُوا العَنْزَ شِربهَا

وهو للأسدي (دون تحديد) في الكتاب 3/ 65، والمقاصد النحوية 4/، وبلا نسبة في شرح الأشموني 3/ 588، ولسان العرب 8/ 364 (نكع)، والمحتسب 1/ 122، 193.

اللغة: ثعل: قبيلة في طيء. ونكَع: من باب (مَنَع) من نكعت الناقة: جهدتها حلبًا. والشِّرب: بكسر الشين: الحظ من الماء.

الشاهد: قوله: (من ينكع العنز ظالم) حيث حذف منه المبتدأ مع الفاء التي هي جواب الشرط؛ أي: (فهو ظالم).

(2)

التخريج: البيت للأحوص يخاطب مطرًا، وكان دميمًا وتحته امرأة حسناء، وهو في ديوانه ص 190، والأغاني 15/ 234، والدرر 875، وخزانة الأدب 2/ 151، وشرح التصريح 2/ 252، وشرح شواهد المغني 2/ 767، 936، والمقاصد النحويّة 4/ 435، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 72، وأوضح المسالك 4/ 215، ورصف المباني ص 106، وشرح الأشموني 3/ 591،

ص: 41