الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14 - باب التَّشهُّدِ
(باب التشهد)
سُمِّي الذِّكرُ المخصوصُ تشهُّدًا؛ لاشتماله على كلمة الشهادة.
مِنَ الصِّحَاحِ:
642 -
قال ابن عمر: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا قعدَ في التشهدِ وضعَ يدَهُ اليُسرى على ركبتِهِ اليُسرى، ووضعَ يدَهُ اليُمْنَى على ركبتِهِ اليُمْنَى، وعقدَ ثلاثةً وخمسينَ، وأشارَ بالسَّبَّابَةِ.
وفي روايةٍ: وضعَ يديهِ على ركبتيْهِ، ورفعَ إصبَعَهُ التي تلي الإِبهامَ اليُمنَى يَدعُو بها، ويدَه اليُسرى على ركبتِهِ باسِطَها عليها.
"من الصحاح":
" عن ابن عمر: كان رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا قعد في التشهُّد وضعَ يدَه اليسرى على ركبته اليسرى، ووضعَ يدَه اليمنى على ركبته اليمنى، وعقد ثلاثةً وخمسين"؛ أي: أخذ إصبعه كما يأخذ المُحاسِب، وهو أن يقبضَ الخِنْصِرَ والبنصِرَ والوسطى ويُرسِلَ المسبحةَ، ويضمَّ الإبهامَ إلى أصل المسبحة.
"وأشار بالسبَّابة"؛ أي: رفعَها عند قوله: لا إله إلا الله؛ ليطابقَ القول والفعل على التوحيد.
"وفي رواية: وضعَ يدَيه على ركبتيه، ورفعَ إصبعَه التي تلي الإبهام يدعو"؛ أي: يشير بها إلى وحدانية الله تعالى بالإلهية، وقيل: أي: يهلِّل، سُمِّي التهليلُ دعاءً؛ لأنه بمنزلته في استجلاب لطفه تعالى.
"ويدَه اليسرى على ركبته باسطَها": بفتح الطاء وضمها، أي: ينشرها "عليها".
643 -
عن عبد الله بن الزُّبير أنه قال: كانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعدَ يدعو وضعَ يده اليُمنى على فخذِه اليمنى، ويدَه اليُسرى على فخذِه اليُسرى، وأشارَ بإصبعهِ السبَّابةِ، ووضعَ إبهامَه على إصبعِهِ الوسطى، ويُلْقِمُ كفَّه اليُسرى ركبتَه.
"عن عبد الله بن الزبير: أنه قال: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا قعدَ يدعو"، أي: يقرأ: التحيات لله. . . إلى آخره.
"وضع يدَه اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى وأشار بإصبعه"، يعني: السبَّابة.
"ووضعَ إبهامَه على إصبعه الوسطى، ويُلْقِمُ كفَّه اليسرى ركبتَه"، أي: يُدخل ركبتَه في راحة كفه اليسرى حتى صارت ركبتُه كاللُّقمة في كفِّه.
644 -
قال عبد الله بن مَسْعود: كنا إذا صلَّينا معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قُلنا: السلامُ على الله - قبلَ عبادِهِ - السلامُ على جبريلَ، السلامُ على ميكائيلَ، السلامُ على فلانٍ، فلما انصرفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ أَقْبَلَ علينا بوجهِهِ فقال:"لا تقولوا: السلامُ على الله، فإنَّ الله هو السلامُ، فإذا جلسَ أحدُكم في الصلاةِ فليقلْ: التحياتُ للهِ والصلواتُ والطيباتُ، السلامُ عليكَ أيها النَّبيّ ورحمةُ الله وبركاتُهُ، السلامُ علينا وعلى عبادِ الله الصالحينَ، فإنه إذا قالَ ذلك، أصابَ كلَّ عبدٍ صالحٍ في السماءَ والأرض، أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُه، ثم ليتخَيَّرْ من الدعاءَ أعجبَهُ إليه فيدعو به".
"قال عبد الله بن مسعود: كنا إذا صلينا مع النبي عليه الصلاة والسلام قلنا: السلام على الله قبل عباده، السلام على جبرائيل، السلام على ميكائيل، السلام على فلان"؛ أي: على ملَك من الملائكة؛ يعني: كانوا يقولون هذه الكلماتِ عوضًا عن التحيات.
"فلما انصرف النبي صلى الله تعالى عليه وسلم"؛ أي: فرغَ من صلاته "أقبل علينا بوجهه قال: لا تقولوا: السلام على الله"؛ إذ معنى (السلام): هو الدعاء بالسلامة من آفات الدنيا وعذاب الآخرة، وهذا لا يجوز لله.
"فإن الله هو السلام"؛ يعني: هو الذي يخلِّص عبادَه ويحفظهم عن الآفات والضَّرر.
"فإذا جلس أحدُكم في الصلاة فَلْيقلْ": الأمر فيه للوجوب.
"التحيات لله" جمع: تحية، تَفْعِلَة من: الحياة، بمعنى: الإحياء، أو بمعنى: التمليك، يقال: حيَّاك الله؛ أي: ملَّكك الله، أو بمعنى: السلامة من الحدوث ونقائصه، جُمعت لإرادة استغراق الأنواع.
"والصلوات"؛ أي: الصلوات المعروفة وأنواع الرحمة، أو الأدعية التي يراد بها التعظيم.
"والطيبات"؛ أي: من الصلاة والدعاء والثناء، أو المراد منها: الكلمات الطيبات المشتملة على التنزيه والتقديس.
"السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته": وهي اسمٌ لكل خير فائضٍ منه تعالى على الدوام، وإنما جُمعت (البركة) دون (السلام) و (الرحمة)؛ لأنهما مصدران.
"السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين"، قيَّدهم بالصلاح؛ لأن التسليمَ لا يليق بالمُفسِد.
"فإنه إذا قال ذلك أصابَ"؛ أي: ثوابُ ذلك "كلَّ عبدٍ صالحٍ في السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله"، رُوي: أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لمَّا عرج إلى السماء أَثْنَى على الله بهذه الكلمات، فقال الله تعالى: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فقال عليه الصلاة والسلام:"السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين"، فقال جبرائيل: أشهد أن لا إله إلا الله. . . إلخ.
"ثم لِيتخيَّر من الدعاء أعجبَه إليه"؛ أي: أرضاه وأحبَّه من أمر الدِّين والدنيا.
"فيدعو به"، اختار أبو حنيفة روايةَ ابن مسعود في التشهُّد.
645 -
وقال عبد الله بن عباس: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمنا التشهدَ كما يعلِّمنا السُّورةَ من القرآنِ، فكانَ يقولُ:"التحياتُ المُباركاتُ الصَّلواتُ الطَّيباتُ للهِ، سلامٌ عليكَ أَيُّها النبيُّ! ورحمةُ الله وبركاتُهُ، سلامٌ علينا وعلى عبادِ الله الصالحينَ، أشهدُ أنْ لا إله إلا الله وأشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله".
"وقال عبد الله بن عباس: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يعلِّمنا التشهُّدَ كما يعلِّمنا السورةَ من القرآن، فكان يقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله"، اختار الشافعي رواية ابن عباس.
مِنَ الحِسَان:
646 -
عن وائل بن حُجْر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم جلسَ فافترشَ رجلَهُ اليُسرى، ووضعَ يدَه اليُسرى على فخذ اليُسرى، وحدَّ مِرْفقَه اليُمنى على فخذِه اليُمنى، وقبضَ ثِنتينِ، وحلَّق حلقةً، ثم رفعَ إصبعَهُ، فرأيتُهُ يُحرِّكُها يَدعُو بها.
"من الحسان":
" عن وائل بن حُجْر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: أنه قال: ثم جلس": هذا عطف على قوله: "وإذا نهض رفع يديه قبلَ ركبتيه" في أول (حِسَان باب السجود).
"فافترش رِجلَه اليسرى"، فجلس عليها ونَصَبَ اليمنى.
"ووضعَ يدَه اليسرى على فخذه اليسرى، وحدَّ": بتشديد الدال على صيغة الماضي: عطفًا على (وضع)؛ أي: رفعَ.
"مِرْفقَه اليمنى على فخذه اليمنى"، وجعلَ عظمَ مِرْفَقه كأنه رأس وتد، من: الحِدَّة، وقيل بتشديد الحاء من: الوحدة؛ أي: كأنه جعله منفردًا عن فخذه.
"وقبض ثنتين"؛ أي: الخِنْصِر والبنصِر.
"وحلَّق" بتشديد اللام "حلقة"؛ أي: أخذَ إبهامَه بإصبعه الوسطى كالحلقة.
"ثم رفعَ إصبعَه"؛ أي: السبَّابة.
"فرأيتُه يحرِّكها يدعو"؛ أي: يشير "بها" إلى وحدانية الله تعالى.
647 -
وعن عبد الله بن الزُّبير: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يُشيرُ بإصبعِهِ إذا دَعَا، ولا يُحَرِّكها، ولا يُجاوزُ بصرُه إشارَتَهُ.
"وعن عبد الله بن الزبير: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يشير بإصبعه إذا دعا" المراد به: التشهد.
"ولا يحرِّكها": يدل على أنه لا يحرِّك الإصبعَ إذا رفعَها للإشارة، وعليه أبو حنيفة.
"ولا يجاوز بصرُه إشارتَه"؛ يعني: لا ينظر إلى السماء حين أشار بإصبعه إلى وحدانية الله تعالى، كما هو عادة بعض الناس؛ [. . .] بل ينظر إلى إصبعه المشيرة إلى ذلك.
648 -
عن أبي هريرة: أن رجلًا كانَ يدعو بإصبَعَيْهِ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أَحِّدْ أَحِّدْ".
"عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلًا"، قيل: هو سعد.
"كان يدعو"؛ أي: يشير "بإصبعيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أَحِّدْ أَحِّدْ": أمر بالوحدة من: التوحيد، وهو القول والشهادة بأن الله واحدٌ؛ أي: أشِرْ بإصبعٍ واحدةٍ؛ لأن المَدعوَّ والمُشارَ إليه واحدٌ، كرَّر للتأكيد، أصله: وَحِّدْ، قُلبت الواو همزة.
649 -
وعن ابن عمر أنه قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يجلسَ الرجلُ في الصلاةِ وهو مُعتمِد على يدَيه.
ويُروى عنه: نهى أن يعتَمِدَ الرجلُ على يديهِ إذا نهضَ في الصلاةِ.
"وعن ابن عمر رضي الله عنه: أنه قال: نهى رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يجلسَ الرجلُ في الصلاة وهو معتمدٌ على يدَيه"؛ أي: متكئًا عليهما؛ يعني: نهى أن يضعَهما المصلِّي على الأرض إذا جلس للتشهد، بل يضعهما على رُكبتَيه.
"ويُروى: نهى أن يعتمدَ الرجلُ على يدَيه إذا نهض"؛ أي: قامَ "في الصلاة"، بل ينهض على صدور قدميه من غير اعتماد على الأرض، وبه قال أبو حنيفة.
650 -
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الركعتين الأُوليينِ كأنه على الرَّضْفِ حتى يقومَ.
"قال عبد الله بن مسعود: كان النبي عليه الصلاة والسلام في الركعتين الأوليين"؛ أي: فيما بعدهما، وهو التشهُّد الأول من صلاة ذات أربع أو ثلاث.
"كأنه على الرَّضْف" جمع: رَضْفَة، وهي الحجارة المحمَّاة على النار.
"حتى يقوم"، قيل: كأنه أراد تخفيفَ التشهد الأول وسرعةَ القيام منه إلى الركعة الثالثة.