الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"وعن علي كرَّم الله وجهه: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: اللهم إني أعوذ برضاكَ من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك"؛ أي: برحمتك من عذابك.
"لا أحصي ثناءً عليك"؛ أي: لا أطيقه ولا أبلغه حصرًا وتعددًا.
"أنت كما أثنيت على نفسك": ومعنى الحديث: الاستغفار من التقصير في بلوغ الواجب من حقِّ عبادته والثناء عليه.
* * *
35 - باب القُنوت
(باب القنوت)
وهو في الأصل: الطاعة، ثم سمي طول القيام في الصلاة قنوتًا، وهو المراد هنا.
مِنَ الصِّحَاحِ:
913 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ إذا أرادَ أن يدعوَ على أحدٍ، أو يدعوَ لأحدٍ قَنتَ بعدَ الركوعِ، فرُبَّما قال إذا قال: سمعَ الله لِمَن حَمِدَه، ربنا لك الحمدُ:"اللهم أَنْجْ الوليدَ بن الوليدِ، وسلمةَ بن هشامٍ، وعَيَّاشَ بن أبي ربيعةَ، اللهمَّ اشدُدْ وَطْأَتَكَ على مُضَرَ، واجعلْها سِنينَ كَسِنِيِّ يوسفَ" يجهرُ بذلك، وكانَ يقولُ في بعضِ صلاتِه:"اللهم العَنْ فلانًا وفلانًا" لأحياءٍ من العربِ حتى أنزلَ الله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآية.
"من الصحاح":
" عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان إذا أراد أن
يدعوَ على أحد": وذلك طلبُ أن يلحقه ضررٌ.
"أو يدعو لأحد": وذلك طلبُ خيره.
"قنت بعد الركوع، فربما قال - إذا قال: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد -: اللهم أَنجْ الوليدَ بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة"؛ أي: خلِّصهم، وهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أخذهم الكفار، فدعا صلى الله عليه وسلم لهم بالخلاص.
"اللهم اشددْ وطأتك"؛ أي: عذابك "على" كفار "مضر"، وخذهم أخذًا شديدًا.
"واجعلها"؛ أي: الوطأة.
"سنين": جمع سنة، وهو: القحط؛ أي: اجعل عذابك عليهم بأن تُسلِّط عليهم قحطًا عظيمًا سبع سنين أو أكثر.
"كسني يوسف"؛ أي: كما كان في زمن يوسف عليه السلام[التي] ذكرها الله تعالى بقوله: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ} [يوسف: 48]؛ أي: سبع سنين فيها قحطٌ وجدبٌ.
"يجهر"؛ أي: يرفع صوته.
"بذلك"؛ أي: بالدعاء المذكور.
"وكان يقول في بعض صلاته: اللهم العنْ فلانًا فلانًا لأحياءَ من العرب": جمع حي؛ بمعنى: القبيلة.
"حتى أنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} الآية": (أو) بمعنى: (إلى)؛ أي: اصبر على ما يصيبك إلى أن يتوب الله عليهم، أو يعذبهم، وليكون رضاك موافقًا لأمر الله وتقديره.
* * *
914 -
وقال عاصم الأَحوَلُ: سألتُ أنسَ بن مالكٍ رضي الله عنه عن القُنوتِ في الصلاةِ، كانَ قبلَ الركوعِ أو بعدَه؟، قال: قبلَه، إنما قنتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعدَ الركوعِ شهرًا، إنه كانَ بعثَ أُناسًا يقال لهم: القراءُ، سبعونَ رجلًا، فأُصيبوا، فقنتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعدَ الركوعِ شهرًا يَدعو عليهم.
"وقال عاصم الأحول: سألتُ أنسَ بن مالك عن القنوت في الصلاة كان قبل الركوع أو بعده؟ قال: قبله": أخذ بهذا أبو حنيفة.
"إنما قنت رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم بعد الركوع شهرًا، إنه كان بعث أناسًا": من أهل الصُّفة يتعلمون العلم والقرآن.
"يقال لهم: القراء" وهم "سبعون رجلًا"؛ يعني: بعثهم عليه الصلاة والسلام إلى أهل نجد؛ ليدعوهم إلى الإسلام، ويقرؤوا عليهم القرآن، فلما نزلوا بئر معونة قصدهم عامر بن الطفيل في أحياء من بني سُليم، وهم: رِعْل وذكوان وعُصية، وقاتلوهم.
"فأُصيبوا"؛ أي: قُتلوا إلا كعب بن زيد الأنصاري فإنه تخلَّص وبه رمقٌ، فعاش حتى استشهد يوم الخندق، وهذه الوقعة كانت بعد الهجرة في أول السنة الرابعة.
"فقنت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بعد الركوع شهرًا يدعو عليهم"؛ أي: على قاتليهم.
* * *
مِنَ الحِسَان:
915 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قنتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شهرًا متتابعًا في الظُّهرِ والعصرِ والمغربِ والعِشاءَ، وصلاةِ الصُّبحِ، إذا قال: "سَمعَ الله لمن
حَمِدَه" من الركعةِ الأَخيرة يدعو على أحياءٍ من سُلَيْمٍ - على رِعْلٍ، وذَكوانَ، وعُصَيَّةَ - ويُؤَمِّنُ مَن خَلْفَهُ.
"من الحسان":
" قال ابن عباس: قنت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة [في المتن: الآخرة]، يدعو على أحياء من بني سُليم؛ على رعلٍ وذكوان وعُصية، ويؤمِّن مَنْ خلفه": من المؤمنين، وهذا يدل على أن القنوت يسنُّ في جميع الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلةٌ من قحط، أو غلبة عدوٍّ، أو غير ذلك.
* * *
916 -
عن أنس رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قنتَ شهرًا، ثم تَرَكَه.
"عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قنت شهرًا، ثم تركه": الأكثرون على أنه لا يُقنَتُ في الصلوات؛ لهذا الحديث والذي بعده.
وذهب الشافعي ومالك إلى أنه يقنت في الصبح، وأوَّل الحديثَ على ترك اللعن والدعاء على أولئك القبائل المذكورة، أو تركه في الصلوات الأربع؛ لما رُوي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: ما زال عليه الصلاة والسلام يقنت في صلاة الصبح حتى فارقَ الدنيا، قلنا: معناه: طول القيام.
* * *
917 -
وعن أبي مالكٍ الأَشجَعي قال: قلتُ لأَبي: إنك قد صلَّيتَ خلْفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنهم بالكوفةِ نحوًا من خمسِ سنينَ، أكانوا يَقنُتونَ؟، قال: أَيْ بنيَّ، مُحْدَثٌ.