الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
49 - باب الاستِسقاء
(باب الاستسقاءَ)
مِنَ الصِّحَاحِ:
1061 -
عن عبد الله بن زيد قال: خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالناسِ إلى المصلَّى يستسقي، فصلَّى بهم ركعتين جهرَ فيهما بالقراءةِ، واستقبلَ القِبلةَ يدعُو، ويرفعُ يديهِ، وَحَوَّلَ رداءَهُ حينَ استقبلَ القبلة.
"من الصحاح":
" عن عبد الله بن زيد أنه قال: خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بالناس إلى المصلى يستسقي، فصلى بهم ركعتين جهر فيهما بالقراءة" فالسنة أن يصلَّى للاستسقاء بالجماعة كصلاة العيد، وبه قال أبو يوسف ومحمد.
"واستقبل القبلة يدعو، ورفع يديه وحوَّل رداءه حين استقبل القبلة" والغرض من تحويل الرداء هو التفاؤل بتحويل الحال من العسر إلى اليسر، ومن الجدب إلى الخصب، وكيفيته إن كان مربعاً يجعل أعلاه أسفله، وإن كان مدوراً كالجبة يجعل جانب الأيمن على الأيسر.
* * *
1062 -
وقال أنس رضي الله عنه: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يرفعُ يديهِ في شيء من دعائِه إلا في الاستسقاء وإنه ليرفعُ يديهِ حتى يُرَى بياضُ إبطيْهِ.
"وقال أنس رضي الله عنه: كان النبي عليه الصلاة والسلام لا يرفع يديه في شيء من دعائه"؛ أي: لا يرفعهما كل الرفع حتى يجاوِزَ بهما رأسه.
"إلا في الاستسقاء، فإنه يرفع يديه حتى يُرى بياض إبطيه".
* * *
1063 -
وعن أنس رضي الله عنه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسقى، فأشارَ بظهرِ كفَّيهِ إلى السماءَ.
"وعن أنس رضي الله عنه أنه قال: كان النبي عليه الصلاة والسلام استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء"؛ يعني: يجعل بطن كفيه إلى الأرض وظهرهما إلى السماء، يشير بذلك إلى قلب الحال سائلاً من الله أن يجعل بطن السحاب إلى الأرض.
وقيل: من أراد دفع بلاء من قحط ونحوه فليجعل ظهر كفيه إلى السماء، ومن سأل نعمة من الله فليجعل بطن كفيه إلى السماء.
* * *
1064 -
وقالت عائشة رضي الله عنها: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رَأَى المطرَ قال: "صَيِّباً نافِعاً".
"وقالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال: صَيِّباً" نصب بمقدر؛ أي: اسقنا صيباً، أو على الحال؛ أي: أنزله علينا صيباً؛ أي: مطراً.
"نافعاً": لا مُغْرِقاً كطوفان نوح عليه السلام، وأصله: صَيْوِب، قلبت الواو ياءً وأُدغمت.
* * *
1065 -
وقال أنس: أصابنا ونحنُ معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مطرٌ، قال: فحسَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثوبَه حتى أصابَه من المطرِ، فقلنا: يا رسولَ الله، لِمَ صنعتَ
هذا؛، قال:"لأنه حديثُ عهدٍ بربه".
"وقال أنس: أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مطر فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم "؛ أي: كشف عن بدنه "ثوبه حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله! لمَ صنعتَ هذا؟ قال: لأنه حديث عهد بربه"؛ أي: قريب العهد بالفطرة لم يخالطه ما يفسده من الأيدي الخاطئة.
* * *
مِنَ الحِسَان:
1066 -
عن عبد الله بن زَيدٍ رضي الله عنه قال: خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى المُصلَّى فاستَسقَى، وحوَّلَ رداءَه حين استقبلَ القبلَةَ، فجعل عِطافَه الأيمنَ على عاتِقِهِ الأيسرِ، وجعلَ عِطافه الأيسرَ على عاتِقِهِ الأيمنِ، ثم دَعا الله".
"من الحسان":
" عن عبد الله بن زيد أنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى وحوّل رداءه حين استقبل القبلة، فجعل عِطافَه"؛ أي: رداءه، سمّي به لوقوعه على العِطْفين؛ أي: الجانبين، والضمير فيه للرداء؛ أي أراد أحد شقيه، أو للنبي عليه الصلاة والسلام؛ أي: جانب ردائه "الأيمن على عاتقه الأيسر، وجعل عطافه الأيسر على عاتقه الأيمن ثم دعا الله".
* * *
1067 -
وعنه أنه قال: استسقَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم وعليهِ خَمِيصَةٌ له سوداءُ، فأرادَ أن يأخذَ أسفَلَها فيجعلَهُ أعلاها، فلمَّا ثَقُلَتْ عليه قلَبَها على عاتِقَيهِ.
"وعنه أنه قال: استسقى النبي عليه الصلاة والسلام وعليه خميصة له سوداء" وهي كساء مربع له عَلَمان.
"فأراد أن يأخذ أسفلها فيجعله أعلاها فلما ثقلت"؛ أي: عسر "عليه" جَعْلُ أسفلها أعلاها "قلبها على عاتقيه" أي: جعل ما على عاتقه الأيمن على عاتقه الأيسر.
* * *
1068 -
عن عُمَير مولى آبي اللحم: أنه رأَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يستسقي عندَ أحجارِ الزيتِ، قائماً يدعُو رافعاً يديهِ قِبَلَ وجهِهِ لا يجاوز بهما رأسَه.
"وعن عمير مولى آبي اللحم" بمد الهمزة: اسم رجل من قدماء الصحابة وكبارهم، اسمه عبد الله بن عبد الملك، استشهد يوم حنين، وكان لا يأكل اللحم فلقَّب به لذلك.
"أنه رأى النبي عليه الصلاة والسلام يستسقي عند أحجار الزيت": موضع بالمدينة من الحرة، سمي بها لسواد أحجارها كأنها طليت بالزيت.
"قائماً يدعو رافعًا يديه قِبَلَ وجهه لا يجاوز بهما رأسه"؛ أي: يرفع يديه بمحاذاة وجهه ورأسِه لا أكثر من هذا، وهذا خلاف حديث أنس، ولعل هذا كان في مرة أخرى.
* * *
1069 -
وقال ابن عباس: خرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يعني في الاستسقاءِ - مُبتذلاً مُتَواضعًا مُتخشَعا مُتضرِّعا.
"وقال ابن عباس: خرج النبي عليه الصلاة والسلام"؛ يعني: في الاستسقاء.
"متبذلاً"؛ أي: لابساً ثياب البذلة، وهي ما يُلبس كلَّ الأيام غيرَ لباس الزينة.
" متواضعاً متخشِّعاً متضرعاً".
* * *
1070 -
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يقولُ إذا استسقى: "اللهم اسْقِ عبادَكَ وبَهيمَتَكَ، وانشُرْ رحمَتَكَ، وأَحْيِ بلدَكَ الميِّتَ".
"وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان يقول إذا استسقى: اللهم اسق عبادك وبهيمتك وانشر"؛ أي: ابسط "رحمتك وأحيي بلدك الميت"؛ أي: بإنزال المطر حتى تصير الأرض اليابسةُ رطبةً خضراء بالنبات والماء.
* * *
1071 -
وعن جابر بن عبد الله قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُواكئ برفع يديه فقال: "اللهم اسقِنا غَيثاً مُغيثاً مَرِيئاً مَرِيعاً نافعاً غيرَ ضارٍّ عاجلاً غيرَ آجلٍ"، فأطبقَتْ عليهم السماءُ.
"وعن جابر بن عبد الله أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يواكئ"؛ أي: يتحامل على يديه إذا رفعهما في الدعاء كأنه متكئ عليهما حتى يجد ثقلاً بيديه (1) كالمتكئ على عصاً.
"فقال: اللهم اسقنا غيثاً"؛ أي: مطراً.
"مُغيثاً"؛ أي: مُعيناً.
"مَريئاً"؛ أي: هنيئاً صالحاً لا ضرر فيه.
(1) في "ت" و "م": "ببدنه".