الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شُعيب، وابن الصباح ضعيف في هذا الباب.
2 - باب ما يجب فيه الزكاةُ
(باب ما تجب فيه الزكاة)
مِنَ الصِّحَاحِ:
1260 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليسَ فيما دونَ خمسةِ أوسُقٍ من التمرِ صدَقة، وليسَ فيما دونَ خمسِ أَوَاقٍ من الوَرِق صدَقة، وليسَ فيما دونَ خمسٍ ذَوْدٍ من الإبلِ صدقةٌ".
"من الصحاح":
" عن أبي سعيد الخُدري أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ليس فيما دون خمسة أَوْسُقٍ": جمع وسق، وهو: ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أربعة أمداد، كل مُا رطل وثُلُث بالبغدادي عند أبي يوسف والشافعي، والرطل مئة وثلاثون درهماً، وعند أبي حنيفة: كل مد رطلان.
"من التمر صدقة": وفيه حجة لأبي يوسف ومحمد في عدم وجوب العشر حتى يبلغ خمسة أوسق، وأوَّله أبو حنيفة بأن المراد منه: زكاة التجارة؛ لأن الناس كانوا يتبايعون بالأوساق، وقيمة الوسق أربعون درهماً.
"وليس فيما دون خمسة أواق": جمع أوقية، وهي في الشرع: أربعون درهما، وهي أوقية الحجاز وأهل مكة.
"من الوَرِق" بكسر الراء: الفضة مضروبة كانت أو غيرها.
"صدقة، وليس فيما دون خمس ذَوْدٍ من الإبل صدقة": الذود من الإبل: ما بين الثنتين إلى التسع، وقيل: ما بين الثلاث إلى العشر؛ أي: ليس فيها صدقة حتى تبلغ خمسة رؤوس.
1261 -
وقال: "ليسَ على المُسلِم صَدَقة في عبْدِه ولا فَرَسِه".
"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ليس على المسلم صدقة في عبده، ولا في فرسه": وهذا حجة لأبي يوسف ومحمد رحمهم الله في عدم وجوب الزكاة في الفرس وللشافعي في عدم وجوبها في العبد والخيل مطلقاً في قوله القديم.
وذهب أبو حنيفة إلى وجوبها في الفرس، وفي العبد إذا لم يكن للخدمة، وحمل العبدَ في الحديث على العبد للخدمة، والفرس على فرس الغازي.
1262 -
وقال: "ليسَ في العبدِ صدقةٌ إلا صدَقةٌ الفِطْرِ".
"وعنه أيضاً: أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر".
* * *
1263 -
عن أنس: أنَّ أبا بكرٍ رضي الله عنه كتبَ له هذا الكتابَ لَمَّا وجّهه إلى البَحْرينِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذه فريضةُ الصَّدَقةِ التي فَرَضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على المُسلمين، والتي أَمرَ الله بها رسولَه، فمَنْ سُئلَها من المُسلمين على وَجْهِها فليُعْطِها، ومَنْ سُئلَ فوقَها فلا يُعطِ: في أربع وعشرينَ من الإبلِ فما
دونَها من الغنم في كل خمسٍ شاة، فإذا بلغَتْ خمساً وعشرين إلى خمسٍ وثلاثينَ ففيها بنتُ مخَاضٍ أُنثى، فإذا بلغتْ سِتًّا وثلاثين إلى خمسٍ وأَربعين ففيها بنتُ لبونٍ أُنثى، فإذا بلغَت سِتاً وأَربعين إلى ستين ففيها حِقَّة طَرُوقةُ الجمَلِ، فإذا بلغتْ واحدة وستين إلى خمسٍ وسبعينَ ففيها جَذَعَة، فإذا بلغتْ ستاً وسبْعين إلى تِسْعين ففيها بنتا لبونٍ، فإذا بلغتْ إحدى وتسعين إلى عِشْرين ومائةٍ ففيها حِقَّتان طَرُوقتا الجمَلِ، فإذا زادتْ على عشرين ومائةٍ ففي كلِّ أربعين بنتُ لَبُونٍ، وفي كل خمسين حِقَّة، ومن لم يكن معه إلا أربعٌ مِنَ الإبلِ فليسَ فيها صدقة إلا أنْ يشاء ربِّها، فإذا بلغت خمساً ففيها شاةٌ، ومن بلغت عندَه من الإبل صدقةُ الجَذَعَةِ وليست عندَه جذَعَةٌ وعنده حِقَّة فإنها تُقبَلُ منه الحِقَّةُ، ويَجعلُ معها شاتين إنْ استَيْسَرَتَا، له أو عشرين درهماً، ومَن بلغتْ عندَه صدقةُ الحِقَّةِ ليست عندَه الحِقَّة، وعندَه الجَذَعَهُ، فإنها تُقبَل منه الجَذَعَةُ ويُعطيهِ المُصَدِّقُ عشرين دِرهماً أو شاتَيْنِ، ومَنْ بَلَغَتْ عِنْدِهُ صَدَقَةُ الحِقَّةِ وليستْ عندَه إلا بنت لَبُونٍ فإنها تُقبل منه بنتُ لبونٍ، ويُعطي معها شاتين أو عشرينَ درهماً، ومَن بلغت صدَقته بنتَ لَبُون وعِندَهُ حِقَّةً فإنَّها تقْبَلُ مِنهُ الحقَّة، ويُعْطيهِ المُصَدِّقُ عشرينَ درهما أو شاتَيْنِ، ومَنْ بَلَغَت صَدَقته بنتَ لَبُون وليستْ عندَه وعندَه بنتُ مَخَاضٍ فإنها تُقبلُ منه بنت مخاضٍ، ويُعطي معها شاتين أو عشرينَ درهماً، ومَنْ بلغت صدقته بنتَ مَخَاضٍ وليست عندَه، وعندَه بنتُ لَبُون فإنها تُقبلُ منه، ويعطيه المُصَدِّق عشرينَ درهماً أو شاتينِ، فإنْ لم يكنْ عنده بنتُ مَخَاضٍ على وجهِها، وعندَه ابن لبون فإنه يُقبلُ منه، وليسَ معَه شيء، وفي صدقةِ الغنَم في سائِمَتِها إذا كانت أربعينَ إلى ومائةٍ وعشرين شاةٌ، فإذا زادَت على عشرينَ ومائةٍ إلى مائتينِ ففيها شاتانِ، فإذا زادَت على مائتين إلى ثلاثمائةٍ ففيها ثلاثُ شياهٍ، فإذا زادَت على ثلاثمائة ففي كل مائةٍ شاةٌ، فإذا كانت سائمةُ الرجل ناقصةً من أربعينَ شاةً واحدةٌ فليسَ فيها صدقةٌ إلا أنْ يشاءَ
ربِّها، ولا تُخرَج في الصدقةِ هرِمَةٌ، ولا ذاتُ عَوَارٍ، ولا تَيْسٌ إلا ما شاءَ المُصَدِّق، ولا يُجْمَعُ بينَ مُتَفَرِّقٍ، ولا يُفَرَّقُ بين مُجتَمعٍ خشيةَ الصدقةِ، وما كانَ من خَليطينِ فإنهما يتراجَعَانِ بينَهما بالسَّوَّيةِ، وفي الرِّقَةِ ربعُ العُشرِ، فإنْ لم تكنْ إلا تسعينَ ومائة فليسَ فيها شيء إلا أنْ يشاءَ ربُّها.
"عن أنس: أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له"؛ أي: لأنس.
"هذا الكتاب لما وجَّهه إلى البحرين: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم"؛ أي: فرضها وأوجبها بأمر الله تعالى.
"على المسلمين، والتي أمر الله بها"؛ أي: بالصدقة.
"رسولَهُ، فمن سُئلها من المسلمين على وجهها"؛ أي: على حسب ما بيَّن صلى الله عليه وسلم من تعيين مقاديرها.
"فليعطها، ومن سُئِل فوقها"؛ أي: فوق حقها.
"فلا يعطِ"؛ أي: الزيادة، أو لا يعطِ شيئًا إلى الساعي، بل إلى الفقراء، لأنه بذلك يصير خائناً فتسقط طاعته.
وهذا يدل على أن المصدق إذا أراد أن يظلم المزكي فله أن يأباه، ولا يتحرَّى رضاه.
فإن قلت: هذا مخالف حديث جرير: "أرضوا مصدقيكم، وإن ظلمتم".
قلت: أولئك المصدقين من الصحابة، وهم لم يكونوا ظالمين، وكأن نسبة الظلم إليهم على زعم المزكي، وهذا عام، فلا منافاةَ بينهما.
"في أربع": خبر مبتدأ محذوف؛ أي: الواجب او المفروض أو المعطى في أربع "وعشرين من الإبل": تمييز لقوله: (أربع وعشرين).
"فما دونها من الغنم": بيان اللام في (الواجب)؛ لأنه بمعنى: الذي.
"عن كل خمس شاة"؛ أي: الواجب من الغنم في أربع وعشرين إبلاً عن كل خمس إبل شاة.
"فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين، ففيها بنت مخاض أنثى": وهي التي لها سنة واحدة، سميت بذلك؛ لأن أمها صارت مخاضاً بأخرى؛ أي: حاملاً، وإنما قيَّده بالأنثى؛ لأن (البنيت) في غير الآدمي قد يقال، ويراد به الجنس، لا الأنثى خاصة، فقيده به دفعاً لهذا التوهم.
"فإذا بلغت ستًا وثلاثين إلى خمس وأربعين، ففيها بنت لبون أنثى": وهي التي لها سنتان سميت بذلك؛ لأن أمها لبون بولادة أخرى.
"فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين، فنفيها حِقَّة": وهي التي لها ثلاث سنين، سميت بها؛ لأنها استحقت الركوب والتحميل عليها.
"طَروقة الجمل": بفتح الطاء، فعولة بمعنى: مفعولة: وهي من الإبل أنثى بلغت أن يضربها الفحل.
"فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين؛ ففيها جذعة": وهي التي لها أربع سنين سميت بها؛ لأنها سقطت أسنانها، والجذع: السقوط.
"فإذا بلغت ستاً وسبعين إلى تسعين، ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومئة، ففيها حقتان طروقتا الجمل، فإذا زادت على مئة وعشرين، ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حِقة": والحديث يدل على أنه لا شيء في الأوقاص، وهي: ما بين الفريضتين، وعلى أن الإبل إذا زادت على مئة وعشرين ألا تستأنف الفريضة.
"ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها"؛ أي: مالكها.
"فإذا بلغت خمساً ففيها شاة، ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة، وليست عنده جذعة، وعنده حقة، فإنها تُقبَل منه الحِقَّة، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له، أو عشرين درهماً، ومن بلغت عنده صدقة الحقة ليست عنده حقة، وعنده الجذعة، فإنها تقبل منه الجذعة، ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة الحقة، وليست عنده إلا بنت لبون، فإنها تقبل منه بنت لبون، ويعطي معها شاتين أو عشرين درهماً، ومن بلغت صدقته بنت لبون، وليست عنده، وعنده حقة، فإنها تقبل منه حقة، ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين، ومن بلغت صدقته بنت لبون، وليست عنده، وعنده بنت مخاض، فإنها تقبل منه بنت مخاض، ويعطي معها عشرين درهماً أو شاتين، ومن بلغت صدقته بنت مخاض، وليست عنده، وعنده بنت لبون، فإنها تُقبل منه، ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين"، وهذا يدل على جواز النزول والصعود من السن الواجب عند فقده إلى سنٍّ آخر يليه.
"فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها": يحتمل معناه على ثلاثة أوجه: إما أن لا يكون عنده بنت مخاض أصلاً، أو لا تكون صحيحة بل مريضة فهي كالمعدومة، أو لا يكون عنده بنت مخاض على غاية الجودة.
"وعنده ابن لبون، فإنه يُقبل منه" بدلاً من بنت مخاض.
"وليس معه شيء"؛ أي: لا يلزم عليه مع ابن اللبون شيء آخر من الجبران، وهذا يدل على أن أفضلية الأنوثة تجبر بفضل السن.
"وفي صدقة الغنم في سائمتها": بدل من قوله: (في صدقة الغنم) أو حال.
"إذا كانت أربعين إلى عشرين ومئة شاة"، وهذا يدل على أن الوجوب في الغنم إنما يكون إذا كانت سائمة دون العلوفة.
"فإذا زادت على عشرين ومئة إلى مئتين، ففيها شاتان، فإذا زادت على مئتين إلى ثلاث مئة، ففيها ثلاث شياهٍ، فإذا زادت على ثلاث مئة، ففي كل مئة شاة": معناه: أن يزيد مئة أخرى، فيصير أربع مئة، فيجب أربع شياه، وعليه الأكثر، وقيل: إذا زادت على ثلاث مئة واحدة، ففيها أربع شياه.
"فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدةً": بالنصب عطف بيان لـ (ناقصة)، أو مفعول (ناقصة)، كان رفعت فتقديره: وهو واحدة من أربعين شاةً.
"فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها"؛ أي: مالكها.
"ولا تُخرَج في الصدقة هَرِمة": وهي التي صارت من الكبر ضعيفة كالمريضة.
"ولا ذات عَوار": وهو بالفتح: العيب، وقد يضم، والفتح أفصح.
قيل: هذا إذا كان كل ماله أو بعضه سليماً، فإن كان كله معيباً، فإنه يأخذ واحداً من أوسطه.
"ولا تيس": وهو فحل المعز؛ أي: لا يأخذ منه فحلٌ إذا كان الكلُّ أو البعض إناثًا.
"إلا ما شاء المصدِّق": بكسر الدال وتشديدها على رواية الجمهور، وهو العامل، يدل على أن الاجتهاد إليه؛ ليأخذ الأنفع للمساكين؛ "لأنه نائبٌ عنهم بدليل أن أجرة عمله من مالهم، ورواه أبو عُبيدة بفتح الدال المثقلة، وهو صاحب الماشية.
"ولا يجمع بين متفرق": بأن يكون لكلِّ واحد من الرجلين أربعون شاة، ولم يخلطا حتى مضى عليها سنة، ثم خلطا في آخر السنة؛ لتكون زكاتهما شاة واحدةً، فهذا لا يجوز، بل على كل واحد منهما شاة.
"ولا يفرق بين مجتمع": بأن يكون لكل واحد منهما أربعون شاة وخلطا، ومضى عليها سنة، فجاء العاملُ، وأمرهما بالتفريق؛ لياخذ من كل واحد شاة، فهذا لا يجوز أيضاً، بل عليهما شاة واحدة.
وقوله: "خشيةَ الصدقة": يتوجه إلى الجانبين؛ أما من جانب الساعي؛ فخشية القلة في الصدقة، وأما من جانب المالك فخشية الكثرة، فأمر عليه الصلاة والسلام كلَّ واحد منهما أن لا يحدث في المال شيئاً من الجمع والتفريق خشية الصدقة.
"وما كان من الخليطين خليطين"؛ أي: الواجب الذي أخذه الساعي من الخليطين.
"فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية": مثل إن كان بينهما خمس إبل، فأخذ الساعي وهي في يدٍ أحدهما شاةً، فإنه يرجع على شريكه بقيمة حصته على السوية.
وفيه دلالة على أن الساعي إذا ظلم وأخذ منه زيادة على فرضه، فإنه لا يرجع على شريكه.
"وفي الرِّقَةِ": بكسر الراء وتخفيف القاف؛ أي: الفضة، وأصلها الوَرِق، والتاء عوض عن الواو؛ أي: يجب فيما إذا بلغت مئتي درهم.
"ربع العشر": وهو خمسة دراهم.
"فإن لم تكن إلا تسعين ومئة، فليس فيها شيء"؛ يعني: لا زكاةَ فيما نقص عن كمال المئتين، "إلا أن يشاء ربها".
1264 -
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فيما سقَتْ
السَّماءُ والعُيونُ أو كان عَثَرِيًّا العشرُ، وما سُقِيَ بالنَّضْح نصف العُشر".
"وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام: أنه قال: فيما سقت السماء"؛ أي: المطر.
"والعيون، أو كان عَثَرِياً": وهو الذي يشرب بعروقه من ماء المطر يجتمع في حفيرة، من عئر على الشيء يعثر عثوراً وعثراً؛ أي طلع عليه؛ لأنه يهجم على الماء بلا عمل من صاحبه، كأنه ينسب إلى العثر.
"العشرُ، وما سُقِي بالنضح"؛ أي: ما يسقى من بئر بالبعير، أو البقر، أو غير ذلك.
"نصفُ العشر"؛ لما فيه من المؤنة.
1265 -
وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "العَجْماءُ جُرْحُها جُبارٌ، والبئرُ جُبارٌ، والمَعدِنُ جُبارٌ، وفي الرِّكازِ الخمُسُ".
"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: العجماء"؛ أي: البهيمة، سميت بها لأنها لا تتكلم، وكلُّ من لا يقدر على الكلام أصلاً، فهو أعجم ومستعجم، كذا في "الصحاح".
"جرحُها جُبارٌ"؛ أي: هدر؛ يعني: إذا أتلفت الدابة شيئاً، ولم يكن معها صاحبها، وكان نهاراً، فلا ضمان؛ بخلاف ما إذا كان ليلاً؛ لتقصير المالك في ربطها؛ إذ العادةُ أن تربط الدابة ليلاً، وتسرح نهاراً.
"والبئر جبار"؛ يعني: إذا حفر أحد بئراً في ملكه، أو في موات، ووقع فيه أحدٌ أو دابة لا ضمانَ على حافرها؛ لعدم العدوان فيه، أما إذا حفرها في الطريق، أو في ملك الغير بغير إذنه؛ فالضمانُ على عاقلة الحافر.
"والمعدن جُبارٌ" يعني: إذا حفر واحد موضعاً فيه ذهب أو فضة؛ ليخرجها منه، ووقع فيه أحد أو دابة لا ضمانَ عليه؛ لأنه غير معتد، وكذلك الفيروزج والطين وغير ذلك.
"وفي الرِّكاز الخمسُ": وهو - بكسر الراء - عند أهل الحجاز: كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض، وعند أهل العراق: المعادن، واللغة تحتملهما، لأن كلًّا منهما مركوز في الأرض؛ أي: ثابت، يقال: ركزه؛ أي: دفنه.
قيل: والحديث على رأي الحجاز، وإنما كان فيه الخمس؛ لكثرة نفعه وسهولة أخذه، وفي رواية أبي هريرة: قيل: يا رسول الله! وما الركاز؟ قال: "الذهب والفضة التي خلق الله في الأرض يوم خلقها"، وهذا ينافى الأول.
مِنَ الحِسَان:
1266 -
عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد عَفَوتُ عن الخَيلِ والرَّقيقِ، فَهاتُوا صدَقةَ الرِّقَةِ مِنْ كلِّ أربعينَ درهماً درهم، وليسَ في تسعين ومائةٍ شيءٌ، فإذا بلغَتْ مائتينِ ففيها خمسة دراهم، فما زادَ فعلى حِسابِ ذلك، وفي الغنَم في أربعينَ شاةً شاةٌ إلى عشرين ومائة، فإذا زادت واحدةً فشاتانِ إلى مائتينِ، فإنْ زادتْ فثلاثُ شياهٍ إلى ثلاث مئة، فإذا زادت على ثلاث مئة؛ ففي كلِّ مائةٍ شاةٌ، فإنْ لم تكُنْ إلا تِسْعاً وثلاثينَ فليسَ عليكَ فيها شيء، وفي البقَرِ في كلِّ ثلاثين تَبيعْ، وفي الأَربعين مُسِنَّة، وليسَ على العَوامل شَيٌ".
"من الحسان":
" عن علي رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: قد عفوت عن الخيل والرقيق"؛ أي: تركت أخذ زكاتهما، وتجاوزت عنه.
"فهاتوا صدقة الرِّقَةِ من كلِّ أربعين درهماً درهم، وليس في تسعين ومئة شيء، فإذا بلغت مئتين، ففيها خمسة دراهم، فما زاد فعلى حساب ذلك": وهذا يدل على أنه تجب الزكاة في الزائد على النصاب بقدره؛ قل أو أكثر.
وإليه ذهب أبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: لا زكاة في الزائد عليه حتى يبلغ أربعين درهماً، وحمل الحديث على أن يكون الزائد على المئتين الأربعينات.
"وفي الغنم في أربعين شاةً شاةٌ إلى عشرين ومئة، فإذا زادت واحدة فشاتان إلى مئتين، وإذا زادت فثلاث شياه إلى ثلاث مئة فإذا زادت على ثلاث مئة، ففي كل مئة شاة، فإن لم تكن إلا تسعاً وثلاثين، فليس عليك فيها شيء، وفي البقر في كل ثلاثين تَبيعٌ": وهو الذكر الذي له سنة واحدة، سمي به؛ لأنه يتبع أمه بعدَ تمام سنة، والأنثى تبيعة.
"وفي الأربعين مسنة": وهي التي لها سنتان.
"وليس على العوامل شيء": جمع عاملة، وهي: التي تعمل عملاً من البقر أو الجمل، كالحراثة وسقي الماء والحمل؛ يعني: لا زكاة فيها وإن كانت نصاباً، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد، وعند مالك تجب.
1267 -
على معاذ رضي الله عنه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا وجّهه إلى اليَمَنِ أمرَه أنْ يأخُذَ من البقَرِ من كل ثلاثينَ تَبيْعاً أو تَبيْعةً، ومِن كل أربعينَ، مُسِنَّةً.
"عن معاذ رضي الله عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام لما وجَّهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنةً".
1268 -
وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "المُعتَدي في الصَّدَقةِ كمانِعِها".
"وعن أنس أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم المعتدي في الصدقة"؛ أي: العامل الذي تعدى على المزكي في أخذ الزكاة عن القدر الواجب.
"كمانعها": في الإثم؛ لأنه ربما يكون سبباً لمنع ربِّ المال من إخراج الزكاة في السنة القابلة، فكان ظلماً للفقراء فيه، فهما في الإثم سواء.
وقيل: المعتدي الذي تجاوز الحد في الصدقة بحيث لا يُبقي لعياله شيئاً، وقيل: هو الذي يعطي ويمنُّ ويؤذي، فالإعطاء مع المن والأذى كالمنع عن أداء ما وجب عليه.
1269 -
وعن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "ليسَ في حَبٍّ ولا تمرٍ صدقةٌ حتى يبلُغَ خمسةَ أَوْسُقٍ".
"عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: ليس في حَبٍّ ولا تمرٍ صدقةٌ حتى يبلغ خمسة أوسق": تقدم البيان فيه في أول هذا الباب.
1270 -
عن موسى بن طَلْحة قال: كانَ عندَنا كتابُ مُعاذِ بن جبَلٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنه إنَّما أَمرَه أنْ يأخُذَ الصدقةَ مِن الحِنْطةِ، والشَّعيرِ، والزَّبيبِ، والتَّمرِ، مُرسَل.
"عن موسى بن طلحة أنه قال: كان عندنا كتاب معاذ بن جبل، عن النبي
عليه الصلاة والسلام: أنه إنما أمره أن يأخذ الصدقة من الحنطة والشعير والزبيب والتمر": ليس معناه: أنه لا تجب الزكاة إلا في هذه الأربعة فقط، بل تجب عند الشافعي فيما ينبته الآدميون إذا كان قوتاً، وعندنا فيما تنبت الأرض؛ قوتاً كان أو لا، وإنما أمره عليه الصلاة والسلام بالأخذ من هذه الأربعة؛ لأنه لم يكن ثمة غيرها.
"مرسل".
1271 -
عن عَتَّاب بن أَسِيد: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في زكاةِ الكُرومِ: "إنَّها تُخرَصُ كما تُخرَصُ النَّخلُ، ثم تُؤدَّى زكاته زَبيْباً كما تُؤدَّى زكاةُ النَّخلِ تَمراً".
"عن ابن عتَّابِ ابن أسيد: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال في زكاة الكروم": جمع كرم، وهو: شجر العنب.
"إنها تخرص"؛ أي: تحرز وتجمع.
"كما تخرص النخل": ويقدر الخارص أن هذا العنب أو الرطب كم يكون إذا كان زبيباً أو تمراً.
"ثم تُؤدَّى زكاتها زبيباً" إذا بلغ نصاباً، "كما تؤدى زكاة النخل تمراً".
1272 -
عن سَهْل بن أبي حَثْمَة رضي الله عنه حدَّث أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "إذا خَرَصتُم فَدَعوا الثُّلُث، فإنْ لم تدَعوا الثُّلُث فدَعوا الرُّبُع".
"عن سهل بن أبي حَثْمة رضي الله عنه أنه حدث: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان يقول: إذا خرصتم فدعوا"؛ أي: اتركوا للمالك "الثلث" توسعةً
عليه، "وإن لم تدعوا الثلث، فدعوا الربع". حتى يتصدق على جيرانه ومن يمر عليه، ويطلب منه، وبه قال الشافعي في القديم.
وعند أبي حنيفة والشافعي في الجديد ومالك: لا يترك شيئاً من الزكاة، وتأويلُ الحديث عندهم: أنه إنما يكون في حق يهود خيبر؛ فإنه صلى الله عليه وسلم ساقاهم على أن يكون لهم نصف التمر ولرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نصفها، فأمر الخارص أن يترك الثلث أو الربع مسلمًا لهم، ويقسم الباقي نصفين؛ نصفاً لهم ونصفاً له صلى الله عليه وسلم.
1273 -
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يَبعَثُ عبدَ الله بن رَواحةَ إلى يهودَ، فَيَخْرُص النَّخلَ حينَ يطيبُ قبلَ أن يُؤكلَ منه.
"وقالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يبعث"؛ أي: يرسل.
"عبد الله بن رواحة إلى يهود خيبر، فيخرص النخل حين يطيب"؛ أي: حين يظهر في الثمار الحلاوة.
"قبل أن يُؤكَل منه".
1274 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "في العَسلِ في كلِّ عشرةِ أَزقِّ زِقٌّ".
"وعن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: في العسل في كل عشرة أَزُقٍّ زِقٌّ" بفتح الهمزة: جمع زق؛ ظرف من جلد
يُجعَل فيه العسلُ والسمنُ وغير ذلك.
وهذا يدل على أن في العسل العُشْر، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي في القديم وأحمد، وفي الجديد: لا عشرَ فيه، وعليه مالك.
1275 -
وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "يا مَعشرَ النِّساء!، تصدَّقْنَ ولو من حُلِيكُن، فإنكنَّ أكثرُ أهلِ جهنَّمَ يومَ القيامةِ".
"عن زينب رضي الله عنها امرأة عبد الله بن مسعود أنها قالت: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: يا معشر النساء! تصدقن"؛ أي: أخرجن زكاة أموالكن.
"ولو من حُليِّكن": يدل على وجوب الزكاة في الحلي وإن كان مباحاً، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه، وفي قوله الآخر ومالك وأحمد: لا زكاةَ في العلي المباح.
"فإنكن أكثر أهل جهنم يوم القيامة".
1276 -
عن عمرو بن شُعَيب، عن أبيه، عن جدِّه: أنَّ امرأَتينِ أتتا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وفي أَيديهما سِوارانِ من ذَهب، فقال لهما:"أتحِبَّانِ أنْ يُسَوِّركما الله تعالى بِسِوَارَينِ من نار؟ "، قالتا: لا، قال:"فأدِّيا زكاتَه"، ضعيف.
"عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جده: أن امرأتين أتتا رسولَ الله صلى الله تعالى عليه وسلم وفي أيديهما سواران من ذهب، فقال لهما: أتحبان أن يُسوّركما الله بسوارين من نار؟ قالتا: لا، قال: فأدّيا زكاته": الضمير فيه
بمعنى اسم الإشارة، يدل أيضاً على وجوب الزكاة في الحلي.
"ضعيف".
1277 -
عن أُمِّ سلَمة قالتْ: كنتُ أَلبَسُ أَوْضَاحاً من ذهبٍ، فقلتُ: يا رسولَ الله، أكَنزٌ هو؟، فقال:"ما بلَغَ أنْ تؤدَّى زكاتُه فزكِّيَ فليسَ بكَنْزٍ".
"عن أم سلمة أنها قالت: كنت ألبس أوضاحاً من ذهب": جمع (وَضَح) بفتحتين، وهي: نوع من العلي يعمل من الفضة، سميت بها لبياضها.
"قلت: يا رسول الله! أكنز هو؟ "، يعني: استعمال العلي كنز من الكنوز الذي أنذر الله صاحبه بالنار في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] الآية، أم لا؟ "فقال: ما"، أي: الذي "بلغ أن تؤدَّى زكاته فزكي، فليس بكنز".
1278 -
عن سَمُرَة بن جُندب: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يأمرُنا أنْ نُخرِجَ الصَّدَقةَ مِنَ الذي نُعِدُّ للبيعِ.
"عن سمرة بن جندب: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نُعِدُّ للبيع"؛ أي: من المال الذي نهيئه للتجارة.
1279 -
وروى ربيعةُ عن غيرِ واحدٍ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ لبلالِ بن الحارثِ المُزَني مَعادِنَ القَبَليةِ، وهي مِنْ ناحيةِ الفرعِ، فتلكَ المعادنُ لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليومِ.