الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
38 - باب التطوع
(باب التطوع)
مِنَ الصِّحَاحِ:
932 -
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لبلالٍ عندَ صلاة الفجرِ: "يا بلالُ!، حدَّثني بأَرْجَى عمَلٍ عَمِلْتَه في الإسلَامِ؟، فإِني سمعتُ دَفَّ نعليكَ بين يديَّ في الجنةِ"، قال: ما عملتُ عملًا أَرْجَى عندِي إلا أني لم أتَطَهَّرْ طهُورًا في ساعةٍ من ليلٍ ولا نهارِ إلا صلَّيتُ بذلكَ الطُّهور ما كُتِبَ لي أنْ أُصَلِّيَ.
"من الصحاح":
" عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لبلال عند صلاة الفجر: يا بلالُ، حدِّثني بأرجى عملٍ"، أفعل التفضيل هنا يجوز أن يكون للفاعل؛ أي: أخبرني بعمل يكون رجاؤك بثوابه أكثرَ.
"عملْتَه في الإسلام"، وإنما أضافه إلى العمل لأنه هو السبب للرجاء.
"فإني سمعت دَفَّ"، بفتح الدال: هو السير اللين؛ يعني: صوت دَفِّ "نعليك بين يديَّ في الجنة"، وهذا أمرٌ كوشف به عليه الصلاة والسلام من عالم الغيب في نومه، أو يقظته، أو بين النوم واليقظة، أو رأى ذلك ليلةَ المعراج، ومشيُه بين يديه عليه الصلاة والسلام كان على سبيل الخِدمة كما جرت العادة بتقديم بعض الخدم بين يدي مخدومه، وإنما أخبره عليه الصلاة والسلام بما رآه ليَطِيبَ قلبُه ويداومَ على ذلك العمل، ولترغيب السامعين إليه.
"قال" بلال: "ما عملتُ عملًا أرجى عندي من أني لم أتطهَّر طَهورًا" بفتح الطاء؛ أي: وضوءًا، "في ساعةٍ من ليلٍ ولا نهار إلا صليتُ بذلك الطَّهور
ما كُتب لي"؛ أي: قُدَّرَ الله لي من النوافل.
"أن أصلي"، وسُمي شكرَ الوضوء.
* * *
933 -
وقال جابر رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعَلّمُنا الاستخارَةَ في الأُمورِ كما يُعَلِّمُنا السورةَ من القرآنِ يقولُ: "إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليركعْ ركعتينِ من غيرِ الفَريضةِ، ثم ليقلْ: اللهم إني أَستخيرُكَ بعلمِكَ، وأستقدرُكَ بقُدرتِكَ، وأَسألُكَ من فضْلِكَ العظيمِ، فإنك تَقدِرُ ولا أَقدِرُ، وتعلَمُ ولا أعلمُ، وأنتَ علَّامُ الغيوبِ، اللهم إنْ كنتَ تعلمُ أنَّ هذا الأمرَ - ويُسمِّي حاجَتَهُ - خيرٌ لي في دِيْني ومَعاشي وعاقبةِ أمري وآجِلِه فاقدرْه لي ويسِّرْه لي ثم بارِكْ لي فيه، وإنْ كنتَ تعلمُ أنَّ هذا الأمرَ شرٌّ لي في دِيْني ومَعاشي وعاقبةِ أَمري وآجله فاصرفْهُ عني واصرفني عنه، واقدرْ ليَ الخيرَ حيثُ كانَ ثم أَرْضني به".
"وقال جابر رضي الله عنه كان رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم يعلِّمُنا الاستخارةَ"؛ وهو طلب الخير "في الأمور كما يعلِّمُنا السورة من القرآن": يدلُّ على شدة اعتنائه بتعليم الاستخارة.
"يقول: إذا همَّ أحدُكم بالأمر"؛ أي: قصد أمرًا من نكاح، أو سفرٍ، وغيرهما.
"فليركَعْ"؛ أي: فليصلِّ "رَكعتين من غير الفريضة" بنية الاستخارة، يقرأ فيهما فاتحةَ الكتاب وآيةَ الكرسي.
"ثم ليقلْ: اللهم إني أستخيرك"؛ أي: أطلب منك الخير.
"بعلمك"، الباء للاستعانة؛ أي: مستعينًا بعلمك، فإني لا أعلم فيه خيرًا، أو للاستعطاف؛ أي: بحقِّ عِلمك الشامل لكل الخيرات.
"وأستقدِرُك"؛ أي: أطلب منك القدرة على ما نويته.
"بقدرتك": فإنه لا حول ولا قوة إلا بك.
"وأسألك من فضلِك العظيم، فإنك تقدِر ولا أقدر، وتعلَمُ ولا أعلم، وأنت علَاّم الغيوب، اللهم إن كنت تعلَم؛ أي: إن كان في علمك "أن هذا الأمر" - ويسمِّي حاجتَه - "خيرٌ لي في ديني ومَعاشي وعاقبةِ أمري فاقدُرْه لي"؛ أي: أطلبُ منك أن تجعلَ لي قدرَةَ عليه.
"ويسِّرْه"؛ أي: هيئه. "لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلَمُ أن هذا الأمرَ شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرِفْه عني واصرفني عنه"، تأكيد لقوله:(فاصرفه عني)؛ لأنه لا يكون مصروفًا عنه إلا ويكون مصروفًا عنه.
"واقدُرْ لي الخير"؛ أي: اقضِ لي به"حيث كان، ثم أَرْضني به"؛ أي: اجعلني راضيًا بخيرك المقدور؛ لأنه ربما قدرَ له ما هو خيرٌ فيراه شرًا.
* * *
مِنَ الحِسَان:
934 -
قال علي رضي الله عنه: ما حدَّثني أحدٌ حَديثًا إلا استحلَفتُه، فإذا حلَفَ لي صدَّقتُه، وحدَّثني أبو بكرٍ الصديقُ رضي الله عنه وصدَقَ أبو بكرٍ - قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما مِن رجلٍ يُذنِبُ ذَنْبًا ثم يقومُ فيتطهرُ، ثم يُصلِّي، ثم يستغفر الله تعالى إلا غفرَ الله لهُ، ثم قرأ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ. . .} ".
"من الحسان":
" قال علي رضي الله عنه: حدثني"؛ أي: أخبرَني أبو بكر الصديق.
"وصدق أبو بكر قال: سمعت رسولَ الله صلى الله تعالى عليه وسلم
يقول: ما من رجلٍ يُذنب ذنبًا ثم يقوم فيتطهَّر، ثم يصلي، ثم يستغفر الله"؛ أي: يتوب من ذلك الذنب ويعزِم على ألَّا يعود إليه؛ لأن هذا شرط التوبة والاستغفار.
"إلا غفرَ الله له، ثم قرأ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} "، قيل: الفاحشة في هذه الآية: الكبائرُ والزِّنَا والظُّلْم.
{أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} : بالصغائر.
{ذَكَرُوا اللَّهَ} ؛ أيَ: ذكرُوا عذابَه وخافُوا منه.
{فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 135]، الآية.
* * *
935 -
وقال حُذيفة: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبَه أمرٌ صَلَّى.
"قال حُذيفة رضي الله عنه: كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا حزبَه أمرٌ"؛ أي: نزل به أمر مُهِمٌّ، أو أصابه غَمٌّ.
"صلى"؛ ليسهلَ ذلك الأمرُ ببركةِ الصلاة.
* * *
936 -
عن بُرَيْدَةَ قال: أصبحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَدَعا بلالًا فقال: "بِمَ سَبقتني إلى الجنةِ؟، ما دخلتُ الجنةَ قَطُّ إلا سمعتُ خَشْخَشَتَكَ أَمامي"، قال: يا رسولَ الله!، ما أَذَّنتُ قَطُّ إلا صليتُ ركعتينِ، وما أَصابني حَدَثٌ قَطُّ إلا تَوضأتُ عندَه، ورأيتُ أن للهِ عليَّ ركعتينِ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"بهما".
"عن بُريدة رضي الله عنه أنه قال: أصبحَ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فدعا بلالًا فقال: بم سَبَقْتَني إلى الجنة"؛ أي: بأي عمل يوجب دخولَ الجنة
سبقتَ وأقدمتَ عليه قبلَ اْن آمرك به وأدعوَك إليه، بجعل السبق في السبب كالسبق في المسبب.
"ما دخلت الجنةَ قط إلا سمعتُ خَشْخَشَتَك"؛ أي: صوت نعليك.
"أمامي"؛ أي: قُدَّامي.
"قال: يا رسول الله! ما أذَّنْتُ قطُّ إلا صليت ركعتين، وما أصابني حدَثٌ قط إلا توضأت عنده، ورأيت"؛ أي: ظننتُ "أن لله عليَّ ركعتين، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: بهما"؛ أي: بهاتين الخصلتين دخلت الجنة.
* * *
937 -
عن عبدِ الله بن أبي أَوْفَى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كانتْ له حاجةٌ إلى الله تعالى، أو إلى أحدٍ مِن بني آدمَ فليتَوضأ فليُحسنِ الوُضوء، ثم ليُصلِّ ركعتينِ، ثم ليُثنِ على الله، وليُصلِّ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم ليقلْ: لا إلهَ إلا الله الحليمُ الكريمُ، سُبحانَ الله ربِّ العرشِ العظيم، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، أَسألُكَ مُوجباتِ رحمتِكَ، وعزائمَ مغفرتِكَ، والغنيمَةَ مِن كلِّ برٍّ، والسَّلامةَ مِن كل إثْمٍ، لا تَدعْ لي ذنبًا إلا غَفرتَهُ، ولا همًّا إلا فرَّجتَهُ، ولا حاجةً هي لك رِضًا إلا قضيتَها يا أرحمَ الراحمين"، غريب.
"عن عبد الله بن أبي أَوفى أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: من كانت له حاجة إلى الله أو إلى أحدٍ من بني آدم فليتوضَّأ فليُحْسِن الوضوء، ثم ليصلِّ ركعتين، ثم ليُثْنِ على الله وليصَلِّ على النبي عليه الصلاة والسلام، ثم ليقلْ لا إله إلا الله الحليمُ الكريمُ، سبحان الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك"، جمع مُوجِبة؛ يعني: الأفعال والأقوال والصفات التي تحصل رحمتُك لي بسببها.