الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
678 -
وعن المُغيرة بن شُعبة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يُصلِّي الإمامُ في المَوْضعِ الذي صَلَّى فيه حتَّى يَتَحَوَّلَ".
"عن المغيرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: لا يصلِّي الإمام في الموْضعِ الذي صَلَّى فيه"؛ يعني: لا يصلِّي السُّنَّة والنَّافلة في الموضع الذي صَلَّى فيه الفريضة.
"حتى يتحوَّلَ"؛ أي: حتى ينتقل منه إلى آخر؛ ليشهد له موضعان بالطاعة يوم القيامة، ولذلك يستحبُّ تكثير العبادة في مواضع مختلفة، والأولى أن يتحوَّل إلى جانب يمينه.
679 -
عن أنس رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهَاهُم أن يَنصَرِفُوا قبلَ انْصِرافِهِ مِنَ الصَّلاة.
"عن أنس رضي الله عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام نهاهُم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة"؛ لتنصرف النساء، ولا يختلط بهنَّ الرجال.
17 - باب الذِّكر بعد الصَّلاة
(باب الذكر بعد الصلاة)
مِنَ الصِّحَاحِ:
680 -
قال ابن عبَّاس: كنتُ أَعْرِفُ انقِضاءَ صلاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتَّكْبيرِ.
"من الصحاح":
" قال ابن عباس: كنت أعرف انقضاء صلاة النبي عليه الصلاة والسلام "؛ أي: أعرف انتهاءها.
"بالتَّكبير"؛ لأنه صلى الله عليه وسلم يكبر الله تعالى في الذِّكر المعتاد بعد الصلاة، وأراد بالتكبير: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
681 -
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إلا مِقدارَ ما يقولُ: "اللهمَّ أنتَ السَّلامُ، ومِنْكَ السَّلامُ، تبارَكْتَ يا ذا الجلال والإكرام".
"وقالت عائشة: كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إذا سلَّم لم يَقْعُدْ" بين الفريضة والنهوض إلى السُّنَّة بعدها.
"إلا مِقْدَار ما يقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام"، وإليك يرجع السلام.
"تبارَكْتَ يا ذا الجلال والإكرام"، ثم يشتغل بالسُّنَّة.
682 -
وقال ثَوبان: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا انصرفَ مِنْ صلاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثلاثًا وقالَ: "اللهمَّ أنتَ السلامُ ومنكَ السلامُ، تبارَكْتَ يا ذا الجَلالِ والإِكرامِ".
"وقال ثوبان: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا، وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام! وإليك يرجع السلام، "تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
683 -
وعن المُغيرة بن شُعبة رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يقولُ في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ مَكْتوبَةٍ: "لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له، لَهُ الملكُ ولَهُ الحَمْدُ وهُوَ على كلِّ شيءٍ قَديرٌ، اللهمَّ لا مانِعَ لما أَعْطَيْتَ، ولا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ، ولا يَنْفَعُ ذا الجَدِّ منكَ الجَدُّ".
"وعن المغيرة بن شعبة: أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يقول في دُبُر كلِّ صلاة"؛ أي عقيب كلِّ صلاة. "مكتوبة"؛ أي: مفروضة:
"لا إله إلا الله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطَيْتَ، ولا مُعطِيَ لما مَنَعْتَ، ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدُّ".
684 -
وعن عبد الله بن الزُّبير قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا سَلَّمَ مِنْ صَلاتِهِ قالَ بصَوْتهِ الأَعْلى: "لا إلهَ إلاّ الله وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولهُ الحُمْد وهُوَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا بالله، لا إله إلا الله لا نَعْبُدُ إلا إيَّاهُ، لَهُ النِّعمةُ، ولَهُ الفَضْلُ، ولَهُ الثَّناءُ الحَسَنُ، لا إله إلَاّ الله مُخْلِصينَ لَهُ الدينَ وَلَوْ كَرِهَ الكافِرونَ".
"وعن عبد الله بن الزبير: أنه قال: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا سلَّم من صلاته قال بصوته الأعلى: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحَسَنُ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين"؛ أي: في حال كوننا مخلصين له الدين، وهو التَّوحيد.
"ولو كره الكافرون"؛ أي: ولو كرهوا كوننا مخلصين لدين الله، وكوننا عابدين له.
685 -
وعن سَعْدٍ: أنه كان يُعَلِّمُ بنيه هؤلاءِ الكَلماتِ، ويقولُ: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَتَعَوَّذُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ: "اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبن، وأَعوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وأعوذُ بِكَ مِنْ أَرْذَلِ العُمُرِ، وأَعوذُ بِكَ مِن فِتْنَةِ الدُّنْيا وعذابِ القَبْرِ".
"وعن سعد": وهو سعد بن أبي وقاص.
"أنه كان يعلّم بنيه هؤلاء الكلمات ويقول: إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان يتعوَّذ بهنَّ دُبُرَ الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من الجُبن"؛ أي: من خوف الخروج في الغَزاة في سبيل الله تعالى.
"وأعوذ بك من البخل"؛ أي: من عدم أداء الزكاة خوفًا من الفقر.
"وأعوذ بك من أَرْذَل العُمُر" من الرَّذَالة، وهي الخَسَاسة، و (أرذل العمر): آخره في حال الكبر والعجز، فإنه إذ ذاك يكون خَرِفًا حقيرًا في أعين الناس.
"وأعوذ بك من فتنة الدُّنيا وعذاب القبر".
686 -
وعن أبي هُريرة رضي الله عنه. قال: قالوا: يا رسولَ الله!، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثورِ بالدَّرَجاتِ والنَّعيم المُقيم، صَلُّوا كما صَلَّيْنا، وجاهَدوا كما جاهَدْنا، وأنْفَقوا مِنْ فُضولِ أَمْوالِهِمْ، وَلَيْسَتْ لنا أَمْوالٌ، قالَ: "أفلا أُخْبرُكُمْ بِأَمْرٍ تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ قَبْلَكُمْ، وتَسْبقُونَ مَنْ جاءَ بَعْدَكُمْ، وَلا يَأْتي أَحَدٌ بِمَثْل ما جِئْتُمْ
بِهِ، إلَاّ مَنْ جاءَ بمثْلِهِ!، تُسَبحُونَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ عَشْرًا، وتَحْمَدونَ عَشْرًا، وتُكَبرونَ عَشْرًا".
وفي روايةٍ: "تُسَبحُونَ، وَتَحْمَدُونَ، وتُكَبرونَ خَلْفَ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثينَ".
"وعن أبى هريرة أنه قال: قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب أهل الدُّثور": جمع دَثْرٍ، وهو المال الكثير؛ أي: الأغنياء.
"بالدرجات [العلى] والنَّعيم المقيم"؛ أي: العيش الدائم، والمراد به: الجنة.
"صلُّوا كما صلَّينا، وجاهدوا كما جاهدنا، وأنفقوا من فُضُول أموالهم، وليسَتْ لنا أموال، قال: أفلا أخبركم بأمر تُدْرِكُون به من قَبْلَكم"؛ أي: في الثَّواب.
"وتسبقون مَنْ جاء بعدكم"؛ أي: تسبقون به أمثالكم الذين يقولون هذه الأذكار، فتكون البعدية بحسب الرتبة.
"ولا يأتي أحدٌ بمثل ما جئتم به إلا مَنْ جاء بمثله"؛ أي: فعد مثل فعله.
"تسبحون في دُبُر كلِّ صلاة عشرًا، وتحمدون عشرًا، وتكبرون عشرًا، وفي رواية: تسبحون وتحمدون وتكبرون خَلْفَ كلّ صلاة ثلاثًا وثلاثين"، قيل: معناه: يكون جميعها ثلاثًا وثلاثين، لكن الأشهر: أنَّ كل واحد من الأذكار يكون ثلاثًا وثلاثين.
687 -
وعن كعْبِ بن عُجْرَةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مُعَقِّباتٌ لا يَخيبُ قائِلُهُنَّ - أَوْ فاعِلُهُنَّ - دُبُرَ كلِّ صَلاةٍ مَكتوبةٍ: ثَلاثٌ وثَلاثونَ تَسْبيحَةً، وثَلاثٌ
وثَلاثون تَحْميدَةٌ، وأَرْبَعٌ وثَلاثونَ تَكْبيرَةً".
"وعن كَعْبِ بن عُجْرَة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: مُعَقِّباتٌ": موصوفه محذوف، تقديره: كلمات أو دعوات مُعَقِّبات؛ يعني: كلمات تأتي بعَقْبِ بعض، وقيل: سميت بها لأنهنَّ يعقُبن الصلاة.
"لا يخيب قائلُهُنَّ"، من الخَيبة، وهو الحرمان والخسران.
"أو فاعلُهُنَّ" شكٌّ من الراوي.
"دُبُرَ كلِّ صلاة مكتوبة: ثلاثٌ وثلاثون" خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هنَّ ثلاث وثلاثون "تسبيحة"، والجملة خبر (معقبات).
"وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة".
688 -
وعن أبي هريرة قال قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَبَّحَ الله في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثاً وثَلاثينَ، وحَمِدَ الله ثلاثاً وثَلاثينَ، وكَبَّرَ الله ثَلاثاً وثَلاثينَ، فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، ثم قالَ تَمامَ المائة: لا إله إلَاّ الله وَحْدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ ولَهُ الحَمْدُ، وهُوَ عَلى كلِّ شيءٍ قديرٌ، غُفِرَتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثلَ زَبَدِ البَحْرِ".
"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: مَنْ سبَّحَ الله في دُبُرِ كلِّ صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحَمِدَ الله ثلاثاً وثلاثين، وكَبَّرَ الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك"؛ أي: التسبيحات والتحميدات والتكبيرات.
"تسعة وتسعون، وقال تمامَ المئة" بالنصب، مفعول به لـ (قال)؛ لأنه في المعنى جملة؛ لأن ما بعده عطف بيان له أو بدل، فصحَّ كونه مقول القول.
والمراد من (تمام المئة): ما يتم به المئة، ويجوز أن يكون نصبه بالظرفية؛
أي: في وقت تمام المئة، والعامل فيه (قال)، ويجوز رفع (تمام) على أنه مبتدأ وخبره:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير": فيكون (تمام) مع خبره حالاً من ضمير (سبَّح) فلفظة (قال) على هذا تكون للراوي، وضميره عائد إلى الرسول.
"غُفِرَتْ خطاياه، وإن كانت مثل زَبَدِ البَحْرِ"، وهو ما يعلو على وجهه عند هيجانه.
مِنَ الحِسَان:
689 -
عن أبي أُمامَةَ أنه قال: قيلَ: يا رسولَ الله!، أيُّ الدُّعاءِ أَسْمَعُ؟، قالَ:"جَوْفُ الليلِ الآخِرُ، ودُبْرَ الصَّلَواتِ المَكْتوبات".
"من الحسان":
" عن أبي أمامة أنه قال: قيل: يا رسول الله! أيُّ الدعاء أسمع؟ "؛ أي: أوفق للاستماع، وأولى بالاستجابة.
"قال: جَوْف الليل": نصب على الظرفية، خبر مبتدأ محذوف، (الآخر): صفته؛ أي: الدعاء في الجوف الأخير من الليل.
أو رفع وهو أكثرُ روايةً على حذف مضاف وإقامته مقامه؛ أي: دعاء جوف الليل الأخير أسمع؛ يعني: ثلثه الأخير، وهو أول الجزء الخامس من أسداس الليل، وقيل: وسط النصف الأخير.
"ودُبُر الصلوات المكتويات": عطف على (جوف) تابع له في الإعراب.
690 -
عن عُقْبَةَ بن عامِرٍ أنَّه قال: أَمَرني رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ أَقْرَأَ المُعَوِّذَتَيْنِ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ.
"عن عقبة بن عامر أنه قال: أمرني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن أقرأ المعوِّذَتين في دُبُرِ كلِّ صلاة"؛ أريد بهما: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} "، سُمِّيتا بذلك؛ لأنهما يدفعان الآفة عن قارئهما.
691 -
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرونَ الله مِنْ صَلاةِ الغَداةِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمسُ أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وُلْدِ إسْماعيلَ، ولأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرونَ الله مِنْ صَلاةِ العَصْرِ إلى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَةً".
"عن أنس أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: لأَنْ أَقْعُدَ"؛ أي: لَقَعُودي.
"مع قومٍ يذكرون الله من صلاة الغَدَاة حتى تَطْلُعَ الشَّمس أحبُّ إليَّ من أن أُعْتِقَ أربعةً من وَلَدِ إسماعيل"، وإنما خصَّ عليه الصلاة والسلام وَلَدَ إسماعيل؛ لأن العرب أفضل الأمم، وأولاد إسماعيل أفضل العرب؛ لكونه عليه الصلاة والسلام منهم، وإطلاق الأرقاء والعتق عليهم على الفرض والتقدير.
"ولأَن أقعُدَ مع قومٍ يذكرون الله تعالى من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحبُّ إليَّ من أن أُعْتِقَ أربعةً"، وإنما خصَّ هذين الوقتين لشرفهما؛ لأن أحدهما أول النهار والآخَر آخِره، ولاجتماع ملائكة الليل وملائكة النهار في هذين الوقتين.