الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مكتوبًا بيده؛ يعني: قراءة القرآن أفضلُ من الذِّكْر لأنه كلام الله.
وفيه: التسبيح والتحميد والتكبير والمواعظ والحكَم والاعتبارات، وغير ذلك من الفوائد التي لا يمكن إحصاؤها.
* * *
40 - باب صلاة السَّفَر
(باب صلاة السفر)
مِنَ الصِّحَاحِ:
941 -
قال أنس رضي الله عنه: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى الظُّهرَ بالمدينةِ أربعًا، وصلى العصرَ بذي الحُلَيْفَةِ ركعتينِ.
"من الصحاح":
" قال أنس رضي الله عنه: إن النبي عليه الصلاة والسلام صلَّى الظهر بالمدينة أربعًا" في اليوم الذي أراد فيه الخروج إلى مكة للحج.
"وصلَّى العصرَ بذي الحُلَيفة" ميقاتِ أهل مدينة "ركعتين"؛ لأنه كان في السفر.
* * *
942 -
قال حارثة بن وَهْب الخُزاعي: صلَّى بنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم ونحنُ أكثرُ ما كنَّا قطُّ وآمَنُه بِمِنى، ركعتينِ ركعتينِ.
"قال حارثةُ بن وهب الخُزَاعي: صلى بنا النبي عليه الصلاة والسلام ونحن أكثرُ ما كنَّا"، (ما) مصدرية، ومعناه الجمع لأنَّ ما أضيف إليه أفعل
التفضيل يكون جمعًا؛ يعني: أكثر أكواننا في سائر الأوقات عددًا.
"قَطُّ": ظرفٌ بمعنى الدهر، أو الزمان متعلق بـ (كنَّا).
"وآمنه": أفعل تفضيل معطوف على (أكثر)، والضمير عائد إلى (ما)، والجملة حالية معترِضة بين (صلَّى) وبين معموله وهو:"بمنى"؛ أي: صلَّى بمنى "ركعتين"؛ وهذا دليل على جواز قَصْر الرباعية في السفر غير مختصٍّ بالخوف، وإن فهم الاختصاص من ظامر قوله تعالى:{إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: 101] كما يجيء بعد.
* * *
943 -
وقال يَعْلى بن أُميَّة: قلت لعُمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنما قال الله تعالى: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} ، فقد أمِنَ الناسُ؟، قال عمر: عَجِبتُ مما عجبتَ منه، فسألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:"صدقةٌ تصدَّقَ الله بها عليكم، فاقبلوا صَدَقتَه".
"وقال يَعْلَى بن أمية: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنما قال الله تعالى: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: 101] يعني: شرطُ قَصْر الصلاة في السفر خوفُ المسلمين من الكفار.
"فقد أَمِنَ الناسُ، فقال عمر رضي الله عنه: عجبتُ مما عجبتَ منه، فسألتُ رسولَ الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: صَدَقة"؛ أي: القَصْرُ رُخْصَة.
"تصدَّقَ الله بها عليكم فاقبلوا صدقتَه"؛ أي: اعملوا له برخصته، وقابلوا فضلَه بالشكر، فيجوز القصرُ عند الأمن أيضًا تفضلًا منه على عباده.
وهذا يدلُّ على أنه ليس عزيمةً إذ الواجب لا يسمَّى صدقة.
* * *
944 -
وقال أنس: خرجْنا مع النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن المدينةِ إلى مكةَ، فكانَ يُصلي ركعتينِ ركعتينِ، حتى رجعْنا إلى المدينةِ، قيل له: أَقَمتم بمكةَ شيئًا؟، قال: أَقمنا بها عشرًا.
"وقال أنس رضي الله عنه خرجْنا مع النبي عليه الصلاة والسلام من المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة، قيل له: [هل] أقمتم بمكة شيئًا؟ قال: أقمْنا بها عشرًا"؛ أي: عشر ليال، وإنما قصر عليه الصلاة والسلام حين أقامَ عشرًا؛ لأنه عازمٌ على الخروج متى انقضى شغلُه.
قال أبو حنيفة: يجوز القصرُ لما لم ينوِ الإقامة خمسة عشر يومًا.
* * *
945 -
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أقامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بمكةَ تسعةَ عشرَ يومًا يُصلي ركعتينِ.
"وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أقامَ النبيُّ عليه الصلاة والسلام "؛ أي: لَبثَ "بمكة" لشغلٍ على عزم الخروج.
"تسعةَ عشر يومًا يصلِّي ركعتين"، وبهذا جوَّز الشافعي القصرَ إلى تسعة عشر يومًا في أحد أقواله.
* * *
946 -
وقال حَفْص بن عاصم: صَحِبتُ ابن عمرَ في طريقِ مكةَ، فصلَّى لنا الظهرَ ركعتينِ، ثم جاءَ رَحْلَهُ وجلسَ، فرأَى ناسًا قيامًا فقال: ما يصنعُ هؤلاءِ؟، قلتُ: يُسبحون، قال: لو كنتُ مسبحًا أَتممتُ صلاتي، صحبتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فكانَ لا يزيدُ في السَفرِ على ركعتينِ، وأبا بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ رضي الله عنهم كذلك.
"وقال حفص بن عاصم: صحبتُ ابن عمر رضي الله عنه في طريق مكة فصلَّى لنا الظهرَ ركعتين، ثم جاء رَحْلَه"، رحلُ الرجل مسكنُه وما يستصحبُه من الأثاث، وجَلَسَ "فرأى ناسًا قيامًا": جمع قائم.
"فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلتُ: يسبحون"؛ أي: يصلُّون السنة والنافلة، وقيل: أي: يصلُّون السُّبْحَةَ، وهي صلاة الضحى قال:"لو كنت مسبحًا"؛ أي: مصليًا النافلة في السفر.
"أتممتُ صلاتي"؛ أي: الفريضة.
"صحبتُ رسولَ الله صلى الله تعالى عليه وسلم فكان لا يَزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر"؛ أي: صحبت أبا بكر "وعمرَ وعثمانَ رضي الله عنهم كذلك"؛ أي: لا يَزيدون في السفر على ركعتين.
فيه دليل لمن اختار ألَّا يتطوع في السفر قَبولًا للرخصة كما قال به بعض.
* * *
947 -
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يجمعُ بينَ صلاةِ الظُّهر والعصرِ إذا كانَ على ظَهرِ سَيْرٍ، ويجمعُ بينَ المغربِ والعشاءِ، رواه ابن عمر، وأنسٌ، ومعاذ.
"وقال ابن عباس: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يجمَعُ بين صلاة الظهر والعصر إذا كان ظهرِ سَيْر"؛ يعني: في السفر، جعل للسير ظَهْرًا؛ لأن السائر ما دام على سيره فكأنه راكبٌ عليه، يعني: تارة يَنوي تأخير الظهر ليصلِّيَها في وقت العصر، وتارة يقدم إلى العصر وقتَ الظهر ويؤدِّيها بعد صلاة الظهر.
"ويجمع بين المغرب والعشاء"كذلك.
"ورواه ابن عمر وأنس ومعاذ"، وإليه ذهب الشافعي.
* * *
948 -
قال ابن عمر رضي الله عنهم: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصلِّي في السَّفَر على راحلتِه حيثُ توجَّهَتْ بهِ، يومئُ إيماءَ صلاةِ الليلِ إلا الفرائضَ، ويُؤتِرُ على راحلتِه.
"وقال ابن عمر رضي الله عنه: كان رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم يصلِّي في السفر على راحلته"؛ أي: على ظهر دابته.
"حيث توجَّهت به، يومئ إيماءً" بالركوع والسجود.
"صلاةَ اللَّيل": مفعول (يصلّي).
"إلا الفرائضَ"؛ فإنه لا يجوز أداؤها على الدابة بالإيماء إلا لعذر.
"ويوتِرُ على راحلته"، يدل على عدم وجوب الوتر، وعند أبي حنيفة لا يجوزُ أداء الوتر إلا مستقبلَ القِبلة؛ لاْنه واجبٌ عنده.
* * *
مِنَ الحِسَان:
949 -
قالت عائشة رضي الله عنها: كلُّ ذلكَ قد فعلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قَصَرَ الصلاةَ وأتمَّ.
"من الحسان":
" قالت عائشة رضي الله عنها: كلَّ ذلك"، إشارة إلى ما ذكرتْ بعده من العصر والإتمام، نُصب على أنه مفعول.
"قد فعلَ رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم، قَصَرَ الصلاةَ" في الرباعية في السَّفَر.
"وأتمَّ"، وبهذا ذهب الشافعي إلى جواز القصر والإتمام في السفر، وعند أبي حنيفة لا يجوز الإتمام بل يأثم.
* * *
950 -
قال عِمْران بن حُصَين: غزَوتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم وشهدتُ معه الفتحَ، فأقامَ بمكةَ ثماني عشرةَ ليلةً لا يُصلي إلا ركعتينِ، يقول:"يا أهلَ البلدِ، صلُّوا أربعًا فإنَّا سَفْرٌ".
"وقال عِمران بن حُصين: غزوت مع النبي عليه الصلاة والسلام، وشهدتُ معه الفتح، فأقام بمكة ثماني عشرة ليلةً لا يصلي إلا ركعتين"، وإليه ذهب الشافعي في أصحِّ أقواله.
"يقول: يا أهلَ البلد! صلُّوا أربعًا؛ فإنا سفْر" بالسكون: أي مسافرون.
* * *
951 -
وقال ابن عمر رضي الله عنه: صلَّيتُ معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الظُّهرَ في السفَرِ ركعتينِ، وبعدَها ركعتينِ، والعصرَ ركعتينِ، ولم يُصلِّ بعدَها، والمغربَ ثلاثَ ركعاتٍ وبعدَها ركعتينِ.
"وقال ابن عمر: صليتُ مع النبي عليه الصلاة والسلام الظهرَ في السفر ركعتين، وبعدها ركعتين، أرادَ بهما سنةَ الظُّهر والعصر ركعتين ولم يصلِّ بعدها، والمغرب ثلاث ركعات، وبعدها ركعتين"، يدلُّ على الإتيان بالرواتب في السفر إتيانهُا في الحضر.
* * *
952 -
وعن مُعاذ بن جبَل رضي الله عنه: أنَّ رسولَ صلى الله عليه وسلم كانَ في غزوةِ تبُوكَ إذا
زاغتْ الشمسُ قبلَ أن يرتحِلَ جمعَ بينَ الظُّهرِ والعصرِ، وإنْ تَرَحَّل قبلَ أن تَزيغَ الشمسُ أَخَّرَ الظهرَ حتى ينزلَ للعصرِ، وفي المغربِ مثْلَ ذلكَ، إن غابَت الشمسُ قبلَ أن يرتحِلَ جمعَ بينَ المغربِ والعشاءَ، وإن ارتحل قبل أن تغيبَ الشمسُ أخَّرَ المغربَ حتى ينزِلَ للعشاءِ، ثم جمعَ بينهما.
"وعن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا زاغت الشمس"؛ أي: مالَتْ عن وسط السماء جانِبَ المغرب، أراد به الزوال.
"قبل أن يرتحِلَ جَمعَ بين الظهر والعصر، وإن ارتحلَ قبل أن تَزيغَ الشمس أخَّر الظهر حتى ينزِلَ للعصر، وفي المغرب مثل ذلك إن غابت الشمس قبلَ أن يرتحِلَ جمعَ بين المغرب والعشاء، وإن ارتحلَ قبلَ أن تغيبَ الشمسُ أخَّر المغرب حتى ينزلَ للعشاء، ثم جمع بينهما"، يدلُّ على أن النازل في وقت أُولى الصلاتين يُندَب له التقديمُ، والراكب فيه يندَبُ له وفيه التأخير.
* * *
953 -
عن أنس رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ إذا سافرَ وأرادَ أنْ يتطوعَ استقبلَ القِبْلةَ بناقتِهِ، فكبَّرَ ثم صلَّى حيثُ وَجَّهَهُ رِكابُه.
"وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان إذا سافر وأراد اْن يتطوُّع استقبل القِبلة بناقته فكبَّر" للافتتاح.
"ثم صلَّى حيث وجَّهه رِكَابُه"؛ أي: يذهب به مركوبه.
* * *
954 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: بعثني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حاجةٍ فجئتُ وهو يُصلي على راحلتِهِ نحوَ المشرقِ، ويجعلُ السجودَ أخفضَ من الركوعِ.