المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌18 - باب ما لا يجوز من العمل في الصلاة وما يباح منه - شرح المصابيح لابن الملك - جـ ٢

[ابن الملك]

فهرس الكتاب

- ‌12 - باب الرُكُوع

- ‌13 - باب السُجود وفَضْله

- ‌14 - باب التَّشهُّدِ

- ‌15 - باب الصَّلاةِ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وفَضْلِها

- ‌16 - باب الدُعاء في التَّشهُدِ

- ‌17 - باب الذِّكر بعد الصَّلاة

- ‌18 - باب ما لا يَجُوزُ من العَمَل في الصَّلاة وما يُباحُ منه

- ‌19 - باب سُجُود السَّهْوِ

- ‌20 - باب سُجود القُرآن

- ‌21 - باب أَوقات النَّهْي عن الصَّلاة

- ‌22 - باب الجَماعة وفَضْلِها

- ‌23 - باب تَسْوية الصَّفِّ

- ‌24 - باب المَوْقِفِ

- ‌25 - باب الإِمامةِ

- ‌26 - باب ما علَى الإِمامِ

- ‌27 - باب ما على المَأْموم مِنَ المُتابعة وحُكْم المَسْبُوق

- ‌28 - باب مَنْ صلَّى صلاةً مرَّتَين

- ‌29 - باب السُّنَن وفَضْلها

- ‌30 - باب صلاة الليل

- ‌31 - باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌32 - باب التَّحريض على قِيَام اللَّيل

- ‌33 - باب القَصْد في العمَل

- ‌34 - باب الوِتْر

- ‌35 - باب القُنوت

- ‌36 - باب قِيَام شَهْر رمَضان

- ‌37 - باب صلاة الضُّحى

- ‌38 - باب التطوع

- ‌39 - باب صلاة التَّسْبيح

- ‌40 - باب صلاة السَّفَر

- ‌41 - باب الجُمُعة

- ‌42 - باب وجوبها

- ‌43 - باب التَّنظيف والتَّبكير

- ‌44 - باب الخُطبة والصَّلاة

- ‌45 - باب صلاة الخَوف

- ‌46 - باب صَلاةِ العِيْد

- ‌فصل في الأُضحيَة

- ‌47 - باب العَتِيْرةِ

- ‌48 - باب صلاة الخُسُوف

- ‌فصل في سجود الشكر

- ‌49 - باب الاستِسقاء

- ‌فصل في صفة المَطَر والرِّيح

- ‌5 - كِتَابُ الجَنَائِزِ

- ‌1 - باب عِيَادة المَريض وثَواب المَرَض

- ‌2 - باب تمنِّي المَوت وذِكْره

- ‌3 - باب ما يقال لمَنْ حَضَرَهُ الموتُ

- ‌4 - باب غسْلِ المَيِّت وتكفينه

- ‌5 - باب المَشْي بالجَنازة والصَّلاة علَيها

- ‌6 - باب دَفْن الميِّت

- ‌7 - باب البُكاء على المَيت

- ‌8 - باب زيارة القبور

- ‌6 - كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌2 - باب ما يجب فيه الزكاةُ

- ‌3 - باب صدقة الفطر

- ‌4 - باب من لا يحل له الصَّدَقة

- ‌5 - باب مَنْ لا تَحِل له المَسْألة ومَنْ تَحِل له

- ‌6 - باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌7 - باب فضل الصدقة

- ‌8 - باب أَفْضَل الصَّدَقة

- ‌9 - باب صدَقة المَرأَة من مال زَوجها

- ‌10 - باب مَنْ لا يَعْود في الصَّدقَة

- ‌7 - كِتَابُ الصَّومِ

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب رُؤية الهِلال

- ‌فصل

- ‌3 - باب تَنْزيه الصَّوم

- ‌4 - باب صَوْم المُسافِر

- ‌5 - باب القَضَاء

- ‌6 - باب صِيَام التَّطوُّع

- ‌7 - باب لَيْلَةِ القَدْر

- ‌8 - باب الاعتِكاف

الفصل: ‌18 - باب ما لا يجوز من العمل في الصلاة وما يباح منه

ووجه تخصيصه بأربعة لأن ما فضله عليه الصلاة والسلام على إعتاقهم أربعةُ أشياء: القعود، وكونه مع قوم يذكرون الله، وكون ذلك من الغَداة أو العصر، واستمراره إلى طلوع الشمس أو الغروب.

692 -

وعن أَنسٍ قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى الفَجْرَ في جَماعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كانَتْ لَهُ كأَجْرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ"، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تامَّةٍ تامَّةٍ".

"وعن أنس أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: من صلَّى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تَطْلُعَ الشَّمس، ثم صلَّى ركعتين"؛ أي: بعد أن تطلع الشَّمس قَدْرَ رُمْحٍ، وهذه الصَّلاة تسمى صلاة الإشراق.

"كانت له كَأَجْرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ، قال"؛ أي: الراوي: "قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: تامَّة تامَّة": صفته (لحجة وعمرة)، والتكرار للتأكيد.

‌18 - باب ما لا يَجُوزُ من العَمَل في الصَّلاة وما يُباحُ منه

(باب ما لا يجوز من العمل في الصلاة وما يباح)

مِنَ الصِّحَاحِ:

693 -

عن مُعاوِيَةَ بن الحَكَمِ رضي الله عنه قالَ: بَيْنا أَنا أُصَلِّي مَعَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إذْ عَطَسَ رَجُلٌ، فَقُلْتُ لَهُ: يَرْحَمُكَ الله، فَرَماني القَوْمُ بِأَبْصارِهِمْ، فَقُلْتُ:

ص: 51

ما شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ؟، فَجَعلوا يَضرِبُونَ بأَيْديهمْ عَلى أَفْخاذِهِم، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُوننَي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَبأَبي هُوَ وأُمِّي، ما رَأَيتُ مُعَلِّماً قَبْلَهُ ولا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعليماً مِنْهُ، والله ما كَهَرَني ولا ضَرَبني ولا شَتَمَني، قال:"إنَّ هذهِ الصلاةَ لا يَصْلُحُ فيها شَيءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ، إنَّما هِيَ التَّسْبيحُ والتَّكْبيرُ وَقِراءَةُ القُرْآنِ" - أو كما قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قلتُ: يا رسول الله!، إنِّي حَديثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وقَدْ جاءَ الله بالإِسْلامِ، وإِنَّ مِنَّا رِجالاً يَأْتُونَ الكُهَّان؟، قالَ:"فَلا تَأْتِهِم"، قُلتُ: ومِنَّا رِجالٌ يَتَطَيَّرُونَ؟، قالَ:"ذاكَ شَيءٌ يَجِدُونَهُ في صُدورِهِمْ، فَلا يَصُدَّنَّهُمْ"، قلت: ومِنَّا رِجالٌ يَخُطُّونَ؟، قالَ:"كانَ نبِيٌّ مِنَ الأنْبياءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وافَقَ خَطَهُ فَذاكَ".

"من الصحاح":

" عن معاوية بن الحَكَم أنه قال: بينا أنا أصلِّي مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذ عَطَسَ رجلٌ، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبْصَارهم"؛ أي: أشاروا إليَّ بسرعة التِفَابٍ بأعينهم مِنْ غير كلام.

"فقلت: ما شأنكم"؛ أي: حالكم.

"تنظرون إليَّ؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلمَّا رأيْتُهُم يُصَمِّتُونني سَكَتُّ، فلما صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فَبأَبي هو وأُمِّي"، والضمير يعود إلى (رسول الله)؛ أي: هو مُفَدًّا بهما.

"ما رأيْتُ مُعَلِّماً قبلَه ولا بعدَه أحسنَ تعليماً منه صلى الله عليه وسلم، والله ما كَهَرَني"؛ أي: ما زجرني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، (الكَهْر): استقبالك الإنسان بوجهٍ عبوس.

"ولا ضَرَبني ولا شَتَمني، قال: إنَّ هذه الصلاة" إشارة إلى جنس الصلاة.

ص: 52

"لا يَصْلُحُ فيها شَيءٌ من كلام الناس"؛ والمراد بـ (كلامهم): ما يجري به الخطاب بينهم.

"إنما هي التَّسبيح والتكبير وقراءة القرآن"، استدل به الشافعي على أن تكبير الإحرام جُزْءٌ من الصلاة، قلنا: معناه: إنما هي ذات التَّسبيح والتَّكبير.

"أو كما قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم" شَكٌّ من الراوي.

"قلت: يا رسول الله! إنِّي حديثُ عَهْدٍ"؛ أي: جديد عَهْدٍ.

"بجاهليَّة"؛ يعني: انتقلت من الكفر إلى الإسلام عن قريب، ولم أعرف بعدُ أحكام الدين ما تبطل به الصلاة.

"وقد جاء الله بالإسلام"، هذا لا يتعلق بما قبله، بل شروعٌ في ابتداء سؤال منه.

"وإنَّ منَّا رجالاً يأتون الكهان": جمع كاهن، وهو مَنْ يتكلم بما هو كائن في المستقبل.

"قال: فلا تأتهم، قلت: ومنَّا رجالٌ يتطَيَّرون"؛ أي: يتفاءلون بالطِّير؛ فإن طار في سفرهم طير عن يمينهم يقولون: هذا سفر مبارك، وإن طار في سفرهم عن يسارهم يتشاءمون به.

"قال: ذلك شيء يجدونه في صدورهم"؛ أي: في أنفسهم؛ يعني: أنه وَهْمٌ منهم وظَنٌّ وليس له حقيقة وتأثير في جَلْبِ نفع أو دفع ضَرٍّ.

"فلا يَصُدَّنهم"؛ آي: فلا يمنعنَّهم هذا الوهم عما يقصدونه ويتوجهون إليه من المقاصد، أو عن الطريق المستقيم.

"قلت: ومنَّا رجالٌ يَخُطُّونَ"، وكيفيته: أنَّ الرجل إذا عزم على شغل يأخذ

ص: 53

خشباً ويخطُّ على العجلة خطوطاً كثيرةً بلا حساب على الأرض، أو على الرمل، ثم يمحو خطين خطين، فإن بقي زوج فهي علامة الخير في ذلك الشغل، وإلا فلا.

"قال: كان نبي من الأنبياء يَخُطُّ"، قيل: هو دانيال، وقيل: إدريس عليهما السلام.

"فمن وافق": قيل: ضمير الفاعل راجع إلى (من)؛ أي: فمن وافق فيما يخطُّ.

"خطه"؛ أي: خطُّ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

"فذاك"؛ أي: فذاك مصيب.

قال الخطابي: يجوز أن يكون النبي عليه الصلاة والسلام أراد بقوله: (فذاك) على سبيل الزَّجر عنه؛ لأنهم ما كانوا صادفوا خط ذلك النبي حتى يعرفوا الموافقة من المخالفة؛ لأن خطه كان عَلَماً لنبوته وقد انقضت، والشيء إذا عُلِّق بأمر ممتنع فهو ممتنع.

694 -

قال عبد الله بن مَسْعودٍ رضي الله عنه: كُنا نُسَلِّمُ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهُوَ في الصَّلاة، يَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجاشِيِّ سَلَّمْنا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنا، وقال:"إنَّ في الصلاةِ لَشُغُلاً".

"قال عبد الله بن مسعود: كلنا نسلِّم على النبي عليه الصلاة والسلام وهو في الصَّلاة، فيردُّ علينا"، قيل: المراد منه: هو الردُّ بالإشارة؛ أي: كان يردُّ علينا بالإشارة قبل رجوعنا من عند النَّجَاشي.

"فلمَّا رجعنا من عند النَّجَاشي" هو ملك الحبشة وقد كان هاجر جماعة

ص: 54

من الصحابة من مكة إلى أرض الحبشة حين كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بمكة فَارِّين منها؛ لِمَا يلحقهم من إيذاء الكفار.

فلما خرج عليه الصلاة والسلام منها إلى المدينة، وسمع أولئك به هاجروا من الحبشة إلى المدينة، فوجدوا النبي عليه الصلاة والسلام في الصلاة، ومنهم ابن مسعود، قال:"سَلَّمْنَا عليه، فلم يردَّ علينا وقال: إنَّ في الصلاة لَشُغُلاً"؛ أي: بالقراءة والتَّسبيح والدُّعاء، وذلك مانع من كلام الناس، والتنوين للتهويل، والأكثر على أن ردَّ السلام باللسان مبطل، وقد كان جائزاً في بدء الإسلام ثم حُرِّم.

695 -

وعن مُعَيقيب: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ في الرجلِ يُسَوِّي التُّرابَ حَيْثُ يَسْجُدُ قال: "إنْ كانَ فاعِلاً فَواحِدَةً".

"وعن معيقيب أن النبي عليه الصلاة والسلام قال في الرَّجُل يسوِّي التُّراب حيث يسجد قال: إن كان فاعلاً"؛ أي: إن كان يفعله البَتَّة.

"فواحدةً" منصوب بفعل مضمر؛ أي: فليسوِّه مرةً واحدةً، أو ليفعل فعلة واحدةً.

696 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نَهى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عن الخَصْرِ في الصَّلاةِ.

"عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الخصر في الصلاة": وهو أن يضع يده على خاصرته، قيل: لأنه صنيع اليهود.

وروي في بعض الأخبار: أنَّ إبليس لما هبط إلى الأرض بعد صيرورته مَلْعُوناً هبط على هذه الهيئة.

ص: 55

وقيل: هو أن يأخذ بيده عصاً يتَّكئ عليها.

697 -

وقالت عائشة: سَأَلْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الالْتِفاتِ في الصَّلاةِ؟، فقالَ:"هُوَ اخْتِلاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطانُ مِنْ صَلاةِ العَبْدِ"

"وقالت عائشة: سألت رسول الله عليه الصلاة والسلام عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: هو اختلاس": وهو استلاب الشيء وأخذه بسرعة.

"يختِلسُهُ الشيطان من صلاة العبد": يريد به: استلابَ كمالِ صلاته؛ بأن يحمله على هذا الفعل.

698 -

عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَيَنْتهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِهِمْ أَبْصَارَهُمْ عِنْدَ الدُّعاءِ في الصَّلاةِ إلى السَّماءِ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُم".

"وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال: لينتهِيَنَّ": خبر بمعنى الأمر، ويجوز أن يكون جواب قسم؛ أي: ليمتنِعَنَّ.

"أقوامٌ عن رفعهم أبصارَهُم عند الدُّعاء في الصَّلاة إلى السَّماء أو لَتُخْطَفَنَّ"؛ أي: لَتُسْلَبن "أبصارهم" إن لم ينتهوا عن ذلك.

وفيه إشارة إلى أن المعصية اللاحقة عن عضو يقع العذاب بذلك العضو، وإنما نُهُوا عن رفع الأبصار إلى نحو السماء لِمَا يُوهم ذلك مِنْ نِسْبَةِ العُلُوِّ المكاني إليه تعالى.

699 -

عن أبي قَتَادَةَ الأَنْصارِي أنه قال: رَأَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَؤُمُّ الناسَ وأُمامَةُ بنتُ أبي العاصِ عَلى عاتِقِهِ، فإذا رَكَعَ وَضَعَها، وإذا رَفَعَ مِنَ السُّجودِ أَعادَها،

ص: 56

ويروى: رَفَعها.

"عن أبي قَتَادة الأنصاري أنه قال: رأيْتُ النبي عليه الصلاة والسلام يَؤُمُّ الناس، وأُمَامَةُ بنت أبي العاص على عاتقه"، وكان أبو العاص زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

"فإذا رَكَعَ وَضَعَها، وإذا رَفَعَ" رأسه "من السجود أعادها" ويروى: رَفَعَها"، يشبه أن يكون هذا الصَّنيع منه عليه الصلاة والسلام لا عن قَصْدٍ وتعمد في الصلاة، بل لعل الصَّبية لكثرة ملابستها له في غير الصلاة كانت تتعلق به، فلا يدفعها عن نفسه.

وإذا أراد السجود وهي على عاتقه، وضعها بأن يحطها أو يرسلها إلى الأرض حتى يفرغ من سجوده، فإذا أراد القيام وعادَتْ إلى مثل الحالة الأولى لم يمنعها، حتى إذا قام عليه الصلاة والسلام لم يمنعها بل بقيَتْ محمولة.

ويحمل الحديث على هذا، لا على التَّعمد بحملها ووضعها وإمساكها في الصلاة مرة بعد أخرى؛ لأن العمل يكثر فيه ويشغل عن الصلاة.

700 -

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ في الصَّلاةِ فَلْيَكْظِمْ ما اسْتَطَاعَ، فَإنَّ الشَّيطانَ يَدْخُلُ في فيهِ".

"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.

إذا تَثَاءَبَ أحدُكُم في الصلاة": يقال: تثاءَبَ الرَّجُل: إذا فَتَحَ فاه من غَلَبة النوم أو الغفلة، أو كثرة امتلاء البطن، وكل ذلك غير مَرضي؛ لأنه يكون سبباً للكسل عن الطاعات والحضور فيها.

"فَلْيَكْظِمْ"؛ أي: فليَدْفَع ذلك.

ص: 57

"ما استطاع": بأن يضمَّ شفتيه، أو يضع يده على فيه.

"فإن الشَّيطان يدخل في فيه"؛ للوسوسة، وخُصَّ دخوله في الفم؛ لأن الفم إذا انفتح لشيء مكروهٍ للشرع صَار طريقاً للشيطان.

701 -

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ عِفْريتاً مِنَ الجنِّ تَفَلَّتَ البارِحَةَ لِتقْطَعَ عَلَيَّ صَلاتي، فَأَمْكَنَني الله مِنْهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبطَهُ إلى سارِيَةٍ مِنْ سَواري المَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُروا إلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخي سُلَيْمانَ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}، فَرَدَدْتُهُ خاسِئاً".

"وعنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إن عِفْرِيْتًا" بكسر العين، هو الخبيث المنْكَر من الجنِّ.

"تفلَّتَ"؛ أي: تعرَّضَ لي في صلاتي.

"البارحة"؛ أي: الليلة الماضية.

"ليقطع عليَّ صلاتي"؛ أي: أراد أن يشغلني في صلاتي بوسوسته فيها.

"فأمكَنَني الله منه"؛ أي: أعطاني مَكِنَةً من أَخْذِهِ وقُدْرَة عليه.

"فأخذته"، وهذا يدلُّ على أن الشيطان عينه غير نجس، وأن الصلاة لاتبطل بمسِّه.

"فأردْتُ أن أَرْبطَهُ"؛ أي: أشدَّه.

"على سارية"؛ أي: أسطوانة.

"من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم"، فيه دلالة على أن المصلِّي لا تبطل صلاته بِخُطُور ما ليس من أفعالها بباله.

"فذكرت دعوة أخي سليمان: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ

ص: 58

مِنْ بَعْدِي} فرددته خاسئاً"؛ أي: ذليلاً مطروداً؛ لأن التَّسخير التَّام مختصٌّ به.

والحديث يدل على أن رؤية الجنِّ غير مستحيلة، وقوله تعالى:{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: 27] هو حكم الأعمِّ الأغلب.

702 -

وقال: "مَنْ نابَهُ شَيْءٌ في صَلاتِهِ فَلْيُسَبحْ، فَإنَّما التَّصْفيقُ لِلنِّساءَ".

"وعن سَهْلٍ أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: مَنْ نابه شيء"؛ أي: أصابه أمرٌ.

"في صلاته": بأن يدعوه أحد، أو يستأذنه في دخول البيت ولم يعلم أنه في الصلاة.

"فليسبح"؛ أي: فليقل: سبحان الله.

"فإنما التَّصفيق": وهو ضرب إحدى اليدين على الأخرى.

"للنِّساء"؛ يعني: إن كان المصلِّي امرأة فليضْرِبْ بطن كفه اليمنى على ظهر كفه اليسرى؛ لأن صوتهنَّ عورة.

703 -

وقال: "التَّسْبيحُ لِلرِجالِ، والتَّصْفيقُ لِلنِساءِ".

"وعن سهل أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: التَّسبيح للرجال والتَّصفيق للنِّساء".

ص: 59

مِنَ الحِسَان:

704 -

قال عبد الله بن مَسْعود رضي الله عنه: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهُوَ في الصَّلاةِ قَبْل أن نأْتيَ أَرْضَ الحَبَشَةِ فَيَرُدَّ عَلَيْنا، فَلَمَّا رَجَعْنا مِنْ أَرْضِ الحَبَشَةِ أَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، حتَّى إذا قَضى صَلاتَهُ قالَ:"إنَّ الله تَعالى يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ ما يَشاءُ، وإنَّ مِمَّا أَحْدَثَ أَنْ لا تَكَلَّمُوا في الصَّلاةِ"، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلامَ.

"من الحسان":

" قال عبد الله بن مسعود: كنا نسلِّم على النبي عليه الصلاة والسلام وهو في الصلاة، قَبْلَ أن نأتي أرضَ الحبشة فيردُّ علينا، فلمَّا رجعنا من أرض الحبشة أتيتُهُ فوجدْتُهُ يصلِّي، فسلَّمْتُ عليه، فلم يَرُدَّ علي، حتى إذا قضى صلاته قال: إن الله تعالى يُحْدِثُ"؛ أي: يُظْهِرُ "من أمره ما يشاء، وإنَّ مما أحدَثَ أن لا تَكَلَّمُوا في الصلاة، فَرَدَّ عليَّ السَّلام" هذا دليل على استحباب رَدِّ جواب السَّلام بعد الفراغ من الصلاة، وكذلك لو كان على قضاء الحاجة أو قراءة القرآن وسلَّم عليه أحد.

705 -

وقال: "إنما الصلاةُ لِقِراءَةِ القُرآنِ، وذِكْرِ الله تعالى، فإذا كنتَ فيها فَلْيَكُنْ ذلكَ شَأْنُكَ".

"وقال: إنما الصَّلاة لقراءة القرآن وذِكْرِ الله، فإذا كنْتُ فيها"؛ أي: في الصلاة.

"فليَكُنْ ذلك"؛ أي القرآن وذِكْرُ الله.

ص: 60

"شَأْنُكَ"؛ أي: حالك، لا غير ذلك من التَّكلم وغيره.

706 -

قال ابن عمر: قلتُ لِبلالٍ: كيفَ كانَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ كانُوا يُسَلِّمونَ عَلَيْهِ وهُوَ في الصَّلاةِ؟، قالَ: كانَ يُشيرُ بِيَدِهِ.

"قال ابن عمر: قلْتُ لبلال: كيف كان النبي عليه الصلاة والسلام يردُّ عليهم حين كانوا يسلِّمون عليه وهو في الصلاة؟ قال: كان يُشير بيده"، وكذلك لو أشار برأسه أو بعينه جاز.

707 -

قال رِفاعَة بن رافِع: صَلَّيْتُ خَلْفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَعَطَسْتُ، فَقُلْتُ: الحَمدُ لِلَّهِ حَمْداً كَثيراً طَيباً مُبارَكاً فيهِ مُبارَكاً عَلَيْهِ كما يُحِبُّ رَبنا وَيرْضى، فَلمَّا صَلَّى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ فقال:"مَن المُتَكَلِّمُ؟ "، قال رِفاعةُ: أنا يا رسول الله! قال: "وَالذي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ ابْتَدَرَها بِضْعَةٌ وثَلاثونَ مَلَكاً أَيُّهُمْ يَصْعَدُ بِها".

"قال رِفَاعَة بن رافع: صَلَّيْتُ خَلْفَ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فَعَطَسْتُ فقلت: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه مُبَاركاً عليه" كلاهما واحد، ولعل المراد منه: أنواع البركة وهي الزيادة.

"كما يحبُّ ربنا ويرضى، فلمَّا صلَّى النبي عليه الصلاة والسلام انصرف فقال: من المتكلم؟ قال رِفاعة: أنا يا رسول الله! قال"؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده! لقد ابْتَدَرَها بِضْعَةٌ وثلاثون مَلَكًا أيُّهم يصعد بها"؛ أي: سبق بعضهم بعضاً لأن يصعد بها.

ص: 61

والحديث يدل على جواز الحمد للعاطس في الصلاة.

708 -

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التَّثاؤُبُ في الصَّلاةِ مِنَ الشَّيْطانِ، فإذا تَثَاءَبَ أَحَدُكُم فَلْيَكْظِمْ ما اسْتَطَاعَ".

وفي روايةٍ: "فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلى فِيهِ".

"عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إن التَّثاؤب في الصَّلاة من الشَّيطان"؛ يعني: يحصل التثاؤب من الغفلة، أو كثرة الأكل، أو غلبة النوم، وكل ذلك من الشيطان.

"فإذا تثاءب أحدكم فْليَكْظِم ما استطاع"، تقدم.

"وفي رواية: فليضع يده على فيه".

709 -

وقال: "إذا تَوَضَّأَ أَحَدْكُمْ فأَحْسَنَ وُضوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عامِداً إلى المَسْجِدِ فَلا يُشَبكَنَّ بَيْنَ أَصابعِهُ، فإنَّهُ في الصَّلاةِ".

"وعن كعب بن عُجْرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا توضَّأ أحدُكُم فَأَحْسَنَ الوضوء" بإسباغه.

"ثم خرج عامداً"؛ أي: قاصداً.

"إلى المسجد فلا يُشَبكَنَّ بين أصابعَهُ؛ فإنَّه في الصَّلاة"، (تشبيك الأصابع): إدخال بعضها في بعض، وهو مكروه في الصلاة؛ لأنه ينافي الخشوع، ومن قصدها فكأنما هو فيها في حصول الثَّواب.

ص: 62

710 -

وقال: "لا يَزالُ الله - تَعالى - مُقبلاً عَلى العَبْدِ وَهُوَ في صَلاتِهِ ما لَمْ يَلْتَفِتْ، فإذا الْتَفَتَ أَعْرَضَ عَنْهُ" يَرويه أبو ذَرٍّ.

"وعن أبي ذرٍّ أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: لا يزال الله مُقْبلاً على العبد"؛ أي: ناظرٌ إليه بالرَّحمة وإعطاء الثواب.

"وهو في صلاته"؛ يعني: لا يقطع أثر الرحمة عنه.

"ما لم يَلْتَفِتْ، فإذا الْتَفَتَ أعَرَضَ عنه"؛ المراد منه: قلة الثواب.

711 -

وعن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا أَنسُ!، اجْعَلْ بَصَرَكَ حَيْثُ تَسْجُدُ".

"وعن أنس: أنَّ النَّبي عليه الصلاة والسلام قال: يا أنس! اجعَلْ بَصَرَكَ حيثُ تسجُد"، هذا في حال القيام، وأما في حال الركوع فالمستحبُّ أن ينظر إلى ظهر قدميه، وفي حال السجود إلى أنفه، وفي حال التشهد إلى حِجْره.

712 -

وعن أنس قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "يا بنيَّ! إيَّاكَ والالتِفاتَ في الصلاةِ، فإنَّ الالتِفاتَ في الصَّلاةِ هَلَكَةٌ، فإنْ كانَ لا بُدَّ؛ فَفي التَّطَوُّعِ، لا في الفَريضَةِ".

"وقال: قال لي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: يا بنيَّ! إيَّاك والالتفات في الصلاة، فإن الالتفات في الصلاة هَلَكَة"؛ يعني: طاعةٌ للشيطان، وذلك هَلَكَةٌ للإنسان؛ أي: سبب الهلاك.

"فإن كان لا بد"؛ أي: من الالتفات.

ص: 63

"ففي التَّطوُّع لا في الفريضة": لأن مبنى التَّطوُّع على المساهلة، ألا ترى أنه تجوز قاعداً أو مضطجعاً مع القدرة على القيام.

713 -

ورُوِيَ عن ابن عبَّاس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَلْحَظُ في الصَّلاةِ يَميناً وشِمالاً، وَلا يَلْوي عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ.

"وروي عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان يَلْحَظُ"؛ أي: ينظر.

"في الصلاة يميناً وشمالاً ولا يَلْوي"؛ أي: لا يَصْرِفُ.

"عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرهِ": قيل: التفاته صلى الله عليه وسلم كان مَرَّةً أو مِرَارًا قليلة؛ ليُعْلَم أنه غير مبطل، أو كان لشيء ضروري؛ لأنه يجوز أن ينهى أمَّته عن شيء وهو يفعله لغير ضرورة، فإن كان بحيث يلوي عنقه خلف ظهره فهو مبطل للصلاة.

714 -

عن عَدِيِّ بن ثابت، عن أبيه، عن جدِّه رفعَه قال:"العْطَاسُ، والنُّعاسُ، والتَثاؤُبُ في الصَّلاةِ، والحَيْضُ، والقَيْءُ، والرُّعافْ مِنَ الشَّيطانِ".

"عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده رفعه"؛ أي: أسند هذا الحديث إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: "العطاس والنعاس": وهو النوم الخفيف.

"والتثاؤب في الصلاة، والحيض، والقيء، والرعاف من الشيطان"؛ يعني: هذه الأشياء مما يرضاه الشيطان ويفرح به؛ لأن بعضها يبطل الصلاة، وبعضها يزيل الحضور.

ص: 64

715 -

عن مُطَرِّف بن عبدِ الله بن الشِّخِّير، عن أبيه قال: أتَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وهُوَ يُصَلِّي، وَلِجَوْفِهِ أَزيزٌ كَأَزيرِ المِرْجَلِ مِنَ البُكاءِ.

"عن مُطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير عن أبيه أنه قال: أتيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهو يصلِّي وَلِجَوْفِهِ أَزِيْزٌ"؛ أى: صوت غليان.

"كأزيز المِرْجَلِ": وهو ما يُطْبَخ فيه الشيء من حجر أو حديد أو خزف؛ أي: كصوت غليانه.

"من البكاء": وهذا يدلُّ على أن البكاء لا يبطل الصلاة، ولعله غلب عليه عليه الصلاة والسلام.

716 -

عن أبي ذَرٍّ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا قامَ أَحَدُكم إلى الصَّلاةِ فَلا يَمسَحْ الحَصا، فَإنَّ الرَّحْمَةَ تُواجِهُهْ".

"عن أبي ذر أنه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يمسح الحصا"، وهي الحجارة الصغيرة.

"فإن الرَّحمة تواجِهُهُ"؛ أي: تتوجه إلى المصلِّي من ربه وتنزل عليه، فلا يليق به اللعب بالحصا وغيره. فلعل أثر الرحمة يكون مع غبار الحصا الذي يمسحه عنها.

717 -

وقالت أمُّ سَلَمَةَ: رَأَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم غُلاماً لنا يُقالُ لهُ: أَفلَح، فإذا سَجَدَ نَفَخَ، فقال:"يا أَفْلَحُ!، تَرِّبْ وَجْهَكَ".

"وقالت أمُّ سَلَمَة: رأى النَّبي عليه الصلاة والسلام غُلاماً لنا يقال له:

ص: 65

أفلح، إذا سجد نَفَخَ"؛ يعني: نفخ في الأرض ليزول عنها التُّراب ليسجد.

"فقال: يا أفْلَح! تَرِّب وجهك": أمر من التَّتْرِيْب، وهو جعل الشيء ملوثاً بالتُّراب؛ أي: أوصله إلى التراب واسجد عليه؛ فإنه أعظم للثواب، فلا تنفخه عن موضع سجودك.

"ضعيف".

718 -

وقال "الاخْتِصارُ في الصَّلاةِ راحَةُ أَهْلِ النَّارِ".

"وقال ابن عمر رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: الاختصار"؛ أي: وضع اليد على الخاصِرَة.

"في الصلاة راحَةُ أهل النَّار"، قيل: إنهم يتعبون من طول قيامهم في الموقف فيستريحون بالاختصار، أو أنه فعل اليهود والنصارى وهم أهل النار، لا أنَّ لأهل النَّار راحة لقوله تعالى:{لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} [الزخرف: 75] العذاب.

719 -

وقال "اقتُلوا الأَسْوَدَيْنِ في الصَّلاةِ: الحَيَّةَ، والعَقْرَبَ".

"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: اقتلوا الأَسْوَدَيْنِ في الصلاة: الحيَّة والعقرب": بيان للأسوَدَيْنِ؛ فإنه يجوز قتلهما بضربة أو ضربتين لا أكثر؛ لأن العمل الكثير مبطل للصلاة.

720 -

وقالت عائشة رضي الله عنها: كانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي تَطَوُّعاً والبابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ، فجئْتُ فَاسْتَفْتَحْتُ، فَمَشَى فَفَتَحَ لي، ثُمَّ رَجَعَ إلى مُصَلَاّهُ،

ص: 66

وذَكَرَتْ أنَّ البابَ كانَ في القِبْلَةِ.

"وقالت عائشة رضي الله عنها؛ كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يصلِّي تطوُّعاً، والباب عليه مُغْلَقٌ، فجئْتُ فاسْتَفْتَحْتُ"؛ أي: طلبْتُ فَتْحَ الباب.

"فمشى ففتح لي، ثمَّ رَجَعَ إلى مصلَاّه"، مشيه صلى الله عليه وسلم وفتحه الباب ثم رجوعه إلى مُصلَاّه يدل على أن الأفعال الكثيرة إذا لم تتوالى لا تبطل الصلاة، وإليه ذهب بعضهم.

"وذَكَرَتْ"؛ أي: عائشة: "أنَّ الباب كان في القبلة"؛ دفعاً لوهم مَنْ تَوَهَّم أن هذا الفعل يستلزم ترك الاستقبال.

721 -

عن عَليِّ بن طلق أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا فَسا أَحَدُكُم في الصَّلاةِ فلينصَرِفْ، فليتوضَّأ، وَلْيُعِدِ الصَّلاةَ".

"وعن عَليِّ بن طَلْق رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا فسا أحدكم"؛ أي: خرج منه ريح في الصلاة.

"فلينصرف"؛ أي: فليرجع "وليتوضَّأْ وَلْيُعِدْ الصَّلاة".

722 -

وعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أَحْدَثَ أَحَدُكم في صَلاتِهِ فَلْيَأْخُذْ بأنْفِهِ، ثمَّ ليَنْصَرِف".

"وعن عائشة رضي الله عنه أنها قالت: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا أحْدَثَ أحدُكم في صَلاته فَلْيَأْخُذْ بأنفه ثمَّ ليَنْصَرِفْ"، أمره -

ص: 67