الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1406 -
عن ابن عُمر رضي الله عنه قال: تَرَاءَى النَّاسُ الهِلالَ، فَأَخْبَرْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أنِّي رَأَيْتُهُ، فَصَامَ، وَأَمَرَ النَّاس بِصِيامِهِ.
"وعن ابن عمر أنه قال: تراءى الناس الهلال": الترائي: أن يرى بعضُ القوم بعضاً، والمراد: اجتماعهم لطلب الهلال.
"فأخبرت النبي عليه الصلاة والسلام: أني رأيته، فصام، وأمر الناس بصيامه".
* * *
فصل
(فصل)
مِنَ الصِّحَاحِ:
1407 -
عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَسَحَّرُوا، فإنَّ في السُّحُورِ بَرَكةٌ".
"من الصحاح":
" عن أنس أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: تسحَّروا"؛ أي: كلوا الطعام في السحر، وهو ما قَبْل الصبح.
"فإن في السَّحور": وهو بفتح السين: ما يُتسحَّر به، وبضمها: المصدر والفعل نفسه.
"بركة": وهي الزيادة في الخير، وهذه الزيادة تكون في قوة البدن على المعنى الأول، وفي الثواب على المعنى الثاني؛ لأن الأجر في الفعل بإتيان السنة، لا بنفس الطعام.
* * *
1408 -
وقال: "فَصْلُ ما بَيْنَ صِيامِنَا وصِيامِ أَهْلِ الكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ"، رواه عَمْرو بن العاص.
"عن عمرو بن العاص أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: فَصْلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب": الفصل بالصاد المهملة: الفرق.
"أكَلَةُ السَّحر" بضم الهمزة: اللقمة؛ يعني: كان الطعام والشراب والجماع حراماً على بني إسرائيل ليلة صيامهم بعد النوم، وكذا كان الحكم في بدء الإسلام، ثم أذن الله بهذه الأشياء ما لم يطلع الصبح.
* * *
1409 -
وقال: "لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ ما عَجَّلُوا الفِطْرَ"، رواه سَهْل بن سَعْد.
"عن سهل بن سعد أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: لا يزال الناس بخيرٍ ما عجَّلوا الفطرَ": (ما) للدوام؛ أي: ما داموا يحفظون هذه السنة، وهذا لأن في تعجيل الفطر مخالفةَ أهل الكتاب؛ فإنهم يؤخِّرونه إلى اشتباك النجوم.
* * *
1410 -
وقال: "إذا أَقبلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، وغَرَبَتِ الشَّمْسُ؛ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ".
"وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا أقبل الليل من هاهنا": إشارة إلى المشرق؛ لأن الظلمة تظهر أولاً من ذلك
الجانب، "وأدبر النهار"؛ أي: ذهب ضوؤه "من هاهنا" إشارة إلى المغرب، "وغربت الشمس": هذا لبيان كمال الغروب؛ لئلا يُظَنَّ جوازُ الإفطار بغروب بعض الشمس.
"فقد أفطر الصائم"؛ أي: صار مفطراً حُكماً، وإن لم يفطر حساً، بدليل أنه يحتاج إلى نية صوم الغد، وإن لم يأكل ولم يشرب شيئاً.
* * *
1411 -
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: نَهَى رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الوِصَالِ في الصَّوْمِ، فقالَ لَهُ رَجُلٌ: إنَّكَ تُواصِلُ يا رسُولَ الله!، قال:"وَأَيُّكُمْ مِثلي؟، إنِّي أَبيتُ عِنْدَ رَبي يُطْعِمُني ويَسْقِينِي".
"وقال أبو هريرة: نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الوِصالِ في الصوم": وهو تتابع الصوم من غير إفطار بالليل، نهى النبي عليه الصلاة والسلام عنه؛ لإضعافه، وللعجز عن المواظبةِ على كثير من وظائف العبادات.
"فقال له رجل: إنك تواصل يا رسول الله؟ قال: وأيكم مثلي؟ إني أبيتُ يطعمني ربي ويسقين"؛ أي: يعينني على الصوم، ويعطيني القوة على الوصال، فيكون ذلك لي بمنزلة الطعام والشراب لكم.
أو المراد: يؤتى على الحقيقة بطعام وشراب يطعمهما؛ تكريماً وتشريفاً له.
* * *
مِنَ الحِسَان:
1412 -
عن حَفْصَة رضي الله عنها، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيامَ مِنَ اللَّيْلِ قَبْلَ الفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ"، ويُروى موقوفاً على حَفْصَةَ.
"من الحسان":
" عن حفصة، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: مَنْ لم يُجمِعِ الصيامَ"؛ أي: لم يعزمه؛ يعني: من لم ينوِ الصومَ.
"قبل الفجر، فلا صيامَ له": اتفقوا على أن الصوم المفروض قضاءً وكفارةً ونذراً مطلقاً لا يصحُّ بدون النية قبل الفجر، وكذا صوم رمضان والنذر المعين عند الشافعي وأحمد، وعند أبي حنيفة يجوز نيته بعد الصبح وقبل الزوال.
"ويروى موقوفاً على حفصة" رضي الله عنها.
* * *
1413 -
وقال: "إذا سَمِعَ النِّدَاءَ أَحَدُكُمْ والإناءُ في يَدِهِ؛ فلا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضيَ حاجَتَهُ مِنْهُ".
"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا سمع النداء"؛ أي: أذان الصبح.
"أحدكم والإناء في يده فلا يضعه"؛ أي: الإناء بسماع النداء "حتى يقضي حاجته منه" بالأكل والشرب، وهذا إذا لم يعلم طلوع الصبح، وأما إذا علم أنه قد طلع أو شك فلا.
* * *
1414 -
وقال: "قال الله تعالى: أَحَبُّ العِبادِ إليَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْراً".
"عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: قال الله تبارك وتعالى: أحبُّ عبادي إليَّ أعجلهم فطراً"؛ أي: أكثرهم تعجيلاً في الإفطار، ولعل سبب محبته تعالى إياه؛ لطاعته سنة رسول الله صلى الله تعالى
عليه وسلم؛ ولأنه إذا أفطر قبل الصلاة يؤدِّيها عن حضور قلب وطمأنينة نفس، ومن كان بهذه الصفة، فهو أحبُّ إلى الله تعالى ممن لم يكنْ كذلك.
* * *
1415 -
وقال: "إذا أَفْطَرَ أَحَدُكم فَلْيُفْطِرْ على تَمْرٍ، فَإِنَّهُ بَرَكةٌ، فإنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ على ماءٍ، فإنَّهُ طَهُورٌ".
"وعن سلمان بن عامر أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا أفطر أحدكم، فليفطرْ على تمر؛ فإنه بركة": فالأولى أن تحال علته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأما ما يجري في الخاطر أن التمر حلو وقوت، والنفس قد تعبت بمرارة الجوع، فأمر الشارعُ إزالة هذا التعب بشيء هو قوت وحلو.
"فإن لم يجد فليفطرْ على ماء؛ فإنه طهور" يزيل أيضاً تعب العطش عن النفس.
* * *
1416 -
وقال أَنسٌ: كانَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لم تَكُنْ فَتُمَيْرَاتٍ، فإنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ ماءٍ"، غريب.
"وقال أنس: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يفطرُ قبل أن يصليَ على رُطَبات، فإن لم تكن فتُمَيْرات، فإن لم تكن حَسَا حَسَواتٍ من ماء"؛ أي: يشرب شربات من ماء.
"غريب".
* * *
1417 -
عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ فَطَّرَ صائِماً
أو جَهَّزَ غَازِياً فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِه"، صحيح.
"وعن زيد بن خالد أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: من فطَّر صائماً"؛ أي: جعله مفطراً؛ يعني: من أطعم صائماً.
"أو جهَّز غازياً"؛ أي: هيَّأ أسبابه من السلاح والفرس والنفقة، "فله مثل أجره".
"صحيح".
* * *
1418 -
عن ابن عمر قال: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أَفْطَرَ قال: "ذَهَبَ الظَّمَأُ، وابْتَلَّتِ العُرُوقُ، وثَبَتَ الأَجْرُ إنْ شَاءَ الله تعالى".
"عن ابن عمر أنه قال: كان رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا أفطر قال: ذهب الظمأ"؛ أي: زال العطش الذي كان بي.
"وابتلت العروق": بزوال اليبوسة الحاصلة بالعطش؛ أي: زال التعب.
"وثبت الأجر"؛ أي: حصل الثواب.
"إن شاء الله تعالى": وهذا حثٌّ على العبادات؛ فإن التعبَ يسير؛ لذهابه وزواله، والأجرَ كثير؛ لبقائه وثباته.
* * *
1419 -
ورُوي: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذَا أَفْطَرَ قال: "اللهمَّ لكَ صُمْتُ، وعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ".
"وعن ابن عباس أنه قال: إن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا أفطر قال: اللهم لك صمتُ"؛ يعني: لم يكن صومي رياء، بل كان خالصاً.