الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"وطُعمة للمساكين"؛ أي: ليكون قوتهم يوم العيد مُهيئاً؛ تسوية بين الفقير والغني في وجدان القوت ذلك اليوم.
4 - باب من لا يحل له الصَّدَقة
(باب من لا تحل له الصدقة)
مِنَ الصِّحَاحِ:
1284 -
قال أنس رضي الله عنه: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة في الطَّريقِ، فقال:"لولا أنِّي أخافُ أن تكونَ من الصَدَقةِ لأكَلْتُها".
"من الصحاح":
" قال أنس: مرَّ النبي عليه الصلاة والسلام بتمرة في الطريق فقال: لولا أني أخاف أن تكونَ من الصدقة لأكلتها": الحديث يدل على حرمة الزكاة على النبي عليه الصلاة والسلام، وعلى جواز أكل ما وجد في الطريق من الطعام القليل الذي لا يطلبه مالكه.
1285 -
وقال أبو هُريرة رضي الله عنه: أخذَ الحسَنُ بن علي رضي الله عنهما تمرةً من تَمرِ الصدقةِ، فجعلَها في فيهِ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"كخْ كخْ"؛ لِيَطرَحَها، ثم قال:"أَما شَعَرتَ أنَّا لا نأْكلُ الصَّدَقَةَ؟ ".
"وقال أبو هريرة: أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة"؛ أي: من تمر الصدقة.
"فجعلها في فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: كَخ كخ": بفتح الكاف وكسرها زجر وردع للصبي عن تناول الشيء.
"ليطرحها"؛ أي: التمرة من فيه.
"ثم قال: أما شعرت"؛ أي: أما علمت.
"أنا لا نأكل الصدقة؟ ": وهذا يدل على أنه يجب على الآباء نهيُ الأولاد عما لا يجوز في الشرع.
1286 -
وقال: "إنَّ هذه الصَّدَقاتِ إنَّما هي أَوساخُ الناسِ، وإنَّها لا تَحِل لمحمدٍ ولا لآلِ محمدٍ".
"وعن عبد المطلب بن ربيعة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحلُّ لمحمد، ولا لآل محمد": فإن الصدقة لا تحلُّ للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فرضاً كانت أو تطوعاً، وكذا المفروضة لآله عليه الصلاة والسلام؛ أي: أقربائه، وأما التطوع فمباح لهم.
وعن أبي هريرة أنه قال: كان رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا أُتِيَ بطعام سأل عنه: "أهدية أم صدقة؟ " فإن قيل: هي صدقة، قال لأصحابه:"كلوا"، ولم يأكل، وإن قيل: هدية، ضرب بيده؛ أي: تناول بها، وكأنَّه من ضرب: إذا ذهب، فالباء للتعدية؛ أي: أذهب يده إلى ذلك الطعام، فأكل معهم، وذلك لأن الهدية إنما يراد بها ثوابُ الدنيا؛ لأنها تمليك الغير تقربًا إليه وإكراماً، والصدقة منحة لثواب الآخرة، ففيها نوع ترحم وإذلال للآخذ.
1288 -
وقالت عائشة رضي الله عنها: كانتْ في بَريرةَ ثلاثُ سُنَنٍ: إحدى السُّننِ أنها عَتَقَت، فَخُيِّرَت في زوجِها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الوَلاءُ لمن أَعتَقَ"، ودخلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والبُرْمَةُ تَفُورُ بلَحمٍ، فقُرِّبَ إليه خبزٌ وأُدمٌ من أُدمِ البيتِ، فقال:"أَلم أرَ بُرمةً فيها لَحم؟ "، قالوا: بلى، ولكنْ ذلكَ لحمٌ تُصُدِّقَ به على بَريرةَ، وأنتَ لا جملُ الصدقةَ، قال:"هو علَيها صَدَقة، ولنا هديَّةٌ".
"وقالت عائشة رضي الله عنها: كان في بريرة": وهي اسم جارية اشترتها عائشة رضي الله عنها، فأعتقتها.
"ثلاثُ سنن"؛ أي: حصل بسببها ثلاث مسائل شرعية.
إحدى السنن: "أنها عتقت، فخُيِّرت في زوجها": بين فسخ نكاحه وإمضائه، فالمرأة إذا كانت أمة زوجها عبد، فعتقت، تكون مخيرة؛ إن شاءت فسخت النكاح، وإن شاءت لا.
"وقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: الولاء لمن أعتق"؛ فإن من أعتق عبداً أو أمة كان ولاؤه له، هذه هي المسألة الثانية.
"ودخل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والبُرمةُ": وهي في الأصل: القدر المتخذ من الحجر المعروف بالحجاز واليمن وخراسان.
"تفور بلحم، فقرب إليه خبز وأُدُم من أُدُمِ البيت": بضمتين: جمع إدام، وهو ما يطيب به أكل الخبز ويصلحه ويتلذذ الآكل بسببه، فلما لم يؤتَ إليه صلى الله عليه وسلم مما رأى في البرمة.
"فقال: ألم أرَ برمةً فيها لحم؟ ": والاستفهام للتقرير.
"قالوا: بلى، ولكن ذلك لم تُصُدِّق به على بريرة، وأنت لا تأكل
الصدقة، قال: هو عليها"؛ أي: اللحم على بريرة "صدقة، ولنا هدية": فيحمل التصدق به على من حرم عليه بطريق الهدية، وهذه المسألة الثالثة.
1289 -
وقالت عائشة رضي الله عنها: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقبلُ الهديَّةَ، ويثيبُ علَيها.
"وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقبل الهديةَ، ويثيبُ عليها": من (أثاب): إذا أعطى الثواب؛ أي: يعطي عوضها.
1290 -
وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَو دُعيتُ إِلى كُراعٍ لأَجَبْتُ، ولو أُهدِيَ إلي ذِراعٌ لَقَبلتُ".
"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: لو دعيت إلى كُراعٍ": وهو مسترق الساق؛ يعني: لو دعاني أحد إلى ضيافة كراع غنم.
"لأجبت"؛ أي: الداعي، وهذا حثٌّ على التواضع وإجابة الدعوة.
قال القاضي: من حمله على (كراع الغنم)، وهو موضع بين مكة والمدينة، فقد غلط.
"ولو أُهدِي إليَّ ذراع"؛ يعني: لو أرسل أحدٌ إلي ذراعاً على رسم الهدية، وهو ذراع الغنم، أو ذراع الكرباس.
"لقبلت": فيه ترغيبٌ على قبول الهدية.
1291 -
وقال: "ليسَ المِسْكِيُن الذي يَطُوفُ على النَّاسِ تَرُدُّه اللُّقمةُ واللُّقْمتانِ، والتَّمرةُ والتَّمرتانِ، ولكن المِسْكينَ الذي لا يَجدُ غنًى يُغنيهِ، ولا يُفطَنُ به فيتصدَّقَ عليه، ولا يَقُوم فيَسأَلُ الناسَ".
"وعنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ليس المسكينُ الذي يطوفُ على الناس تردُّه اللقمةُ واللقمتان، والتمرةُ والتمرتان"؛ أي: ليس المسكين من يتردد على الأبواب، ويأخذ لقمة، فإن من فعل هذا ليس بمسكين؛ لأنه يقدر على تحصيل قوته، والمراد: ذم من هذا فعله إذا لم يكن مضطراً.
"ولكن المسكين": الكامل في المسكنة.
"الذي لا يجد غنًى يغنيه، ولا يفطن به"؛ أي: لا يُعلَم حالُهُ أنه محتاج.
"فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس"، بل يخفي حال نفسه.
رويَ عن ثوبان: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "من يتكفل أن لا يسأل شيئًا أتكفل له الجنة"، قال ثوبان: أنا يا رسول الله؛ فكأن لا يسأل أحداً شيئاً.
مِنَ الحِسَان:
1292 -
عن أبي رافع: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعثَ رجلًا عَلى الصَّدقة، فقالَ لأبي رافع: اصحَبني كَيْما تُصيبَ منها، فانطلَقَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال:"إنَّ الصدقةَ لا تَحِلُّ لنا، وإنَّ مَوالي القَومِ مِنْ أَنفُسِهم".
"من الحسان":
" عن أبي رافع" مُعتَقُ النبي عليه الصلاة والسلام: "أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بعث رجلاً على الصدقة" أي: أرسله ليجمع الزكاة، فجمعها، فلما أتى رأى أبا رافع في طريقه.
"فقال لأبي رافع: اصحبني"؛ أي: ائتِ معي النبيَّ عليه الصلاة والسلام.
"كيما تصيب" نصب بـ (كي)، و (ما) زائدة؛ أي: لأقول له أن يعطيك شيئًا منها؛ أي: من الصدقة.
"فانطلق إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فسأله فقال: إن الصدقة لا تحل لنا، وإن موالي القوم من أنفسهم": وهذا دليل لمن قال بحرمة الصدقة على موالي من يحرم الصدقة عليه، والمشهور أنها لا تحرم على موالي بني هاشم وبني المطلب، لانتفاء السبب، وجه الجمع بينهما أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا تنزيهاً وحثاً لهم على التشبه بساداتهم.
1293 -
وقال: لا تَحِلُّ الصَّدَقةُ لغنيٍّ، ولا لذكره مِرَةٍ سَوِيّ".
"وعن عبد الله بن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مِرَّة" بالكسر؛ أي: قوة.
"سَوِي"؛ أي: صحيح الأعضاء وتام الخِلْقةِ على طريق الاستقامة؛ يعني: لا تحل الزكاة لمن أعضاؤه صحيحة، وهو قوي يقدر على الاكتساب بقدر ما يكفيه وعياله.
وبه قال الشافعي.
1294 -
ويُروى: "لا حظَّ فيها لغَنيٍّ، ولا لقَويٍّ مُكتسِبٍ".
"ويروى: لا حظَّ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب".
1295 -
وقال: "لا تَحِلُّ الصدقةُ لغنيٍّ إلا لخمسةٍ: لغازٍ في سبيل الله، أو لعاملٍ عليها، أو لغَارِمٍ، أو لرجل اشتراها بمالِه، أو لرجلٍ له جارٌ مِسْكين، فتُصُدِّق على المِسْكين، فأَهدى المِسكِين للغنيِّ".
ويُروى: "أو ابن السَّبيل".
"وعن أبي سعيد أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله، أو لعامل عليها"؛ أي: على الصدقة.
"أو لغارم": وهو الذي استدان؛ ليصلح بين طائفتين تسكيناً للفتنة، وإن كان غنياً.
"أو لرجل اشتراهما"؛ أي: الصدقة من الفقير "بماله".
"أو لرجل له جارٌ مسكين، فتصدق على المسكين، فأهدى المسكينُ الغنيَّ. ويروى: أو ابن سبيل".
1296 -
عن زيَاد بن الحَارِث الصُّدَائيِّ قال: أَتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فبَايعْتُه، فأَتاهُ رجلٌ فقالَ: أعطِني من الصَّدَقةِ، فقال:"إنَّ الله تعالى لم يَرضَ بحُكْم نبيٍّ ولا غيرِه في الصَّدَقاتِ حتى حَكَمَ فيها هو، فجَزَّأها ثمانيةَ أجزاءٍ، فإنْ كنتَ مِن تلكَ الأَجزاءَ أَعطيتُكَ حَقَّك".