الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - باب الصَّلاةِ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وفَضْلِها
(باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم)
مِنَ الصِّحَاحِ:
651 -
قال كعْب بن عُجْرة: سَأَلْنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقُلْنا: يا رسولَ الله!، كيف الصلاةُ عليكم أهْلَ البَيْتِ، فإنَّ الله تعالى قد علَّمنا كيف نُسَلِّمُ عليكَ؟، قالَ:"قولوا: اللهمَّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيمَ، إنَّك حَميدٌ مَجيدٌ، اللهمَّ بارِكْ على محمد وعلى آل محمد، كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيمَ، إنك حَميدٌ مَجيدٌ".
"من الصحاح":
" قال كعب بن عُجْرة: سألْنا رسولَ الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقلنا: يا رسولَ الله! كيف الصلاةُ عليكم أهلَ البيت" بالنصب: على المدح والاختصاص، أو منادى مضاف.
"فإن الله قد علَّمَنا كيف نسلِّم عليك"، قيل: التقدير: قد علَّمنا كيف نصلِّي ونسلِّم عليك في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56]، ولكن لا نَعلَم كيف الصلاةُ على أهل بيتك؟
وقيل: معناه: أن الله تعالى قد علَّمَنا بلسانك وبواسطة بيانك كيف نسلِّم عليك، كما بيَّنت لنا في: التحيات السلام عليك أيها النبي، فكيف الصلاةُ عليك وعلى أهل بيتك؟
"قال: قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارِكْ على محمد"؛ أي:
أثبت عليه ما أعطيته من الشرف والكرامة، "وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
652 -
عن أبي حُمَيدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه: قالوا يا رسولَ الله!، كيفَ نُصَلِّي عليكَ؟، قال:"قولوا: اللهمَّ صَلِّ على محمَّدٍ وأزواجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما صلَّيتَ على آل إبراهيمَ، وبارِكْ على محمَّدٍ وأزواجِهِ وذُرِّيَّتِهِ كما باركتَ على آل إبراهيم، إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ".
"وعن أبي حُميد الساعدي أنه قال: يارسولَ الله! كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صلِّ على محمد وأزواجه وذُرِّيَّاته، كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارِكْ على محمد وأزواجه وذُرِّيَّاته كما باركتَ على إبراهيم، إنك حميد مجيد"، فيه: جواز الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم بالتبعية.
653 -
وقالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صلاةً صَلَّى الله عَلَيْه عَشْرًا".
"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلى الله عليه عشرًا"، الصلاة من الله تعالى على العبد: رحمة الله له.
مِنَ الحِسَان:
654 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صلاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا،
وحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطيئاتٍ، ورُفِعَتْ لهُ عَشْرُ دَرَجاتٍ".
"من الحسان":
" قال أنس: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله تعالى عليه عشرًا، وحُطَّت عنه عشرُ خطيئات، ورُفعت له عشرُ درجات".
655 -
وقال: "إنَّ أَوْلَى الناسِ بي يَوْمَ القِيامَةِ أكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً".
"وعن ابن مسعود أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إن أَولى الناس بي"؛ أي أقربَهم مني وأحقَّهم بشفاعتي "يومَ القيامة أكثرُهم عليَّ صلاةً".
656 -
وقال: "إنَّ لِلَّهِ مَلائِكةً سَيَّاحِينَ في الأَرْضِ يُبَلِّغُوني عَنْ أُمَّتي السَّلامَ".
"وعنه: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: إن لله ملائكة سيَّاحين"؛ أي: ذاهبين "في الأرض يبلِّغونني عن أمتي السلام".
657 -
وقال: "ما مِنْ أحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَاّ رَدَّ الله عَلَيَّ رُوحي حَتَّى أَرُدَّ عليه السلام".
"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ما مِن أحدٍ يسلِّم عليَّ إلا ردَّ الله عليَّ روحي"، رَدُّ الرُّوحِ: كناية عن إعلام الله
تعالى إياه بأنَّ فلانًا صلَّى عليك.
"حتى أردَّ عليه السلام"؛ يعني: أقول: وعليك السلام.
658 -
وقال: "لا تَجْعَلُوا قَبْري عِيْدًا، وصَلُّوا عَلَيَّ، فإنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُني حَيْثُ كُنْتُم".
"وعنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: لا تجعلوا قبري"؛ أي: زيارةَ قبري "عيدًا" نهاهم عن الاجتماع لها اجتماعَهم للعيد زينةً ونزهة، كانت اليهود والنصارى يجتمعون لزيارة قبور أنبيائهم ويشتغلون باللهو والطرب، أو العيد اسم من: الاعتياد؛ أي: لا تجعلوا قبري عادةً ورسمًا كاليهود والنصارى، أو محلَّ اعتيادٍ لذلك؛ لئلا يُظَنَّ بأن دعاء الغائب لا يصل إلى الغائب، ولذا عقَّب بقوله:"وصلُّوا عليَّ؛ فإن صلاتَكم تَبلُغني حيث كنتم"؛ يعني: لا تتكلفوا المعاودة إلى قبري، فقد استغنيتم عنها بالصلاة عليَّ، ولأن اعتيادَ ذلك يُفضي بهم إلى حال يرتفع دونهَا حجابُ الهيبة والتعظيم عن خواطرهم بكثرة الزيارة، ولذا كره بعض العلماء مجاورةَ حَرَم مكة؛ نعم، يُستحب لمن حجَّ زيارةُ الرسول عليه الصلاة والسلام؛ إذ لا تلحقه مشقة عظيمة لكونه مرةَ في كل سنة أو في العمر.
659 -
وقال: "رَغِمَ أنفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أبَواهُ الكِبَرَ أَوْ أَحَدُهما، فَلَمْ يُدْخِلاهُ الجَنَّةَ".
"وعنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: رَغِمَ أنفُ
رجلٍ": هذا دعاء عليه؛ يعني: لحقَه ذلٌّ وهوانٌ؛ مجازاةً بترك تعظيمي بأني: "ذُكرت عندَه فلم يصلِّ عليَّ، ورَغِمَ أنفُ رجلٍ دخلَ عليه رمضان" ولم يتب، ولم يعظِّمه بالمبالغة في الطاعة، حتى يُغفَرَ له بذلك.
"ثم انسلخَ"؛ أي: تمَّ الشهرُ وانقضى "قبل أن يُغفَر له، ورَغِمَ أنفُ رجلٍ أدركَ عنده أبواه الكِبَرَ أو أحدُهما، فلم يُدخلاه الجنةَ"؛ أي: لم يعملْ في حقِّهما عملًا يدخل بسببه الجنةَ بأن يخدمَهما، وخاصة عند الكِبَر؛ فإنهما عند الكِبَر أحوجُ إلى مَن يخدمهما.
660 -
عن أبي طَلْحَةَ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم جاءَ ذاتَ يومٍ والبشْرُ في وَجْهِهِ، فقالَ:"إنَّه جاءَني جِبْريلُ عليه السلام فقال: إنَّ رَبَّكَ يَقولُ: أما يُرْضيكَ يا مُحَمَّدُ أن لا يُصَلِّيَ عليكَ أحدٌ مِنْ أُمَّتِكَ إلَاّ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا، ولا يُسَلِّمُ عليكَ أحَدٌ مِنْ أمَّتِكَ إلا سَلَّمْتُ عَلَيهِ عَشْرًا".
"عن أبي طلحة: أن رسولَ الله صلى الله تعالى عليه وسلم جاء ذاتَ يومٍ والبشْرُ" بكسر الباء؛ أي: أثر السرور والبهجة "في وجهه، فقال: إنه"؛ أي: إن الشأنَ.
"جاءني جبرائيل عليه السلام فقال: إن ربك يقول: أَمَا يُرضيك يا محمدُ أنْ لا يصلي"، (أن) هذه: مصدرية.
"عليك أحدٌ من أمتك إلا صلَّيتُ عليه عشرًا، ولا يسلِّم عليك وأحدٌ من أمتك إلا سلَّمتُ عليه عشرًا؟ ".
661 -
وعن أُبَيِّ بن كعْبٍ رضي الله عنه أنَّه قال: قلتُ: يا رسولَ الله!، إني أُكْثِرُ
الصلاةَ عَليكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاتي؟، فقالَ:"ما شِئْتَ"، قلتُ: الرُّبعَ؟، قال:"ما شِئْتَ، فإنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لكَ"، قلتُ: النِّصفَ؟، قالَ:"ما شِئْتَ، فإنْ زِدْتَ فهو خيرٌ لكَ"، قلتُ: فالثُّلُثَيْن؟، قالَ:"ما شئتَ، فإنْ زِدْتَ فهوَ خَيْرٌ لكَ"، قلتُ: أَجْعَلُ لكَ صَلاتي كلَّها؟، قال:"إذًا تُكْفَى هَمَّكَ، ويُكفَّرُ لكَ ذَنْبُكَ".
"عن أُبي بن كعب أنه قال: قلت: يا رسولَ الله! إني أُكْثِرُ الصلاةَ عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ "؛ أي: من دعائي؛ فإن الصلاةَ من الخلق الدعاء؛ يعنى: لي زمان ومدة أدعو إلى الله لنفسي، فكم أصرف من ذلك في الدعاء لك؟ "فقال: ما شئتَ، قلت: الرُّبع؟ قال: ما شئتَ، فإن زدتَ فهو خير لك، قلت: النصفَ؟ قال: ما شئتَ، فإن زدتَ فهو خير لك، قلت: فالثلثَين؟ قال: ما شئتَ، فإن زدتَ فهو خير لك"، فلم يحدَّ له عليه الصلاة والسلام حدًّا في ذلك؛ لئلا تلتبسَ الفضيلةُ بالفريضة، ويغلقَ عليه باب المزيد، فلم يزل يفوِّض الاختيارَ إليه مع مراعاة الحب عليه.
"قلت: أجعلُ لك صلاتي كلَّها؟ "؛ أي: أصلِّي عليك بدل ما أدعو به لنفسي؟
"قال: إذًا تُكفَى همَّك"، الهم: ما يقصده المرء من أمر الدِّين والدنيا؛ أي: إذا صرفتَ جميعَ زمانك في الصلاة عليَّ كُفيتَ ما يهمُّك من أمر دِينك ودنياك؛ لأن الصلاةَ عليه الصلاة والسلام أفضلُ للمرء من الدعاء لنفسه.
"ويكفَّر لك ذنبُك".
662 -
عن فَضالَةَ بن عُبَيْدٍ رضي الله عنه قال: دخلَ رجلٌ فصلَّى، فقالَ: اللهمَّ اغفِرْ لي وارْحَمْني، فقالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عَجلْتَ أَيُّها المُصَلِّي، إذا صلَّيْتَ
فقعدتَ فاحمَد الله بما هو أهلُهُ، وصَلِّ عَلَيَّ، ثم ادْعُهُ"، قالَ: ثُمَّ صَلَّى رجلٌ آخرُ بَعْدَ ذلكَ، فَحَمِدَ الله، وصلَّى على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ لهُ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّها المُصَلِّي!، ادعُ تُجَبْ".
"عن فَضَالة بن عُبيد أنه قال: دخل رجلٌ فصلَّى، فقال: اللهم اغفرْ لي وارحمني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عَجلْتَ"؛ أي: تركتَ الترتيبَ في الدعاء، لأن مِن شرطِ السائل التقرُّبَ إلى المسؤول عنه قبلَ عرض حاجته بما يوجب له التقرُّب إليه، ثم يتوسَّل بشفيع له بين يديه؛ ليكونَ أحقَّ بالإجابة وأطمعَ بالإصابة، فمَن لم يفعل كذلك فقد استعجل.
"أيها المصلِّي، إذا صليتَ، فقعدتَ، فاحمد الله"؛ أي: أَثْنِ عليه "بما هو أهلُه، وصلِّ عليَّ ثم ادْعُهُ، قال: ثم صلَّى رجل آخر بعد ذلك، فحمد الله وصلَّى على النبي عليه الصلاة والسلام، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: أيها المصلِّي! ادْعُ تُجَبْ".
663 -
وقال عبد الله بن مَسْعود رضي الله عنه: كنتُ أُصَلِّي، فلمَّا جَلَسْتُ بَدَأْتُ بالثَّناءَ على الله تعالى، ثُمَّ بالصَّلاةِ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ دَعَوْتُ لِنفْسي، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ".
"وقال عبد الله بن مسعود: كنت أصلِّي، فلما جلستُ بدأتُ بالثناء على الله تعالى، ثم الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ثم دعوت لنفسي، فقال النبي عليه الصلاة والسلام سَلْ تعطه، سَلْ تُعْطَه": يحتمل أن يكون هاء السكت وهاء الضمير، وإن لم يُذكر مرجعُه، وتقديره: سَلْ تَعْطَ ما تطلب.