المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الأضحية - شرح المصابيح لابن الملك - جـ ٢

[ابن الملك]

فهرس الكتاب

- ‌12 - باب الرُكُوع

- ‌13 - باب السُجود وفَضْله

- ‌14 - باب التَّشهُّدِ

- ‌15 - باب الصَّلاةِ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وفَضْلِها

- ‌16 - باب الدُعاء في التَّشهُدِ

- ‌17 - باب الذِّكر بعد الصَّلاة

- ‌18 - باب ما لا يَجُوزُ من العَمَل في الصَّلاة وما يُباحُ منه

- ‌19 - باب سُجُود السَّهْوِ

- ‌20 - باب سُجود القُرآن

- ‌21 - باب أَوقات النَّهْي عن الصَّلاة

- ‌22 - باب الجَماعة وفَضْلِها

- ‌23 - باب تَسْوية الصَّفِّ

- ‌24 - باب المَوْقِفِ

- ‌25 - باب الإِمامةِ

- ‌26 - باب ما علَى الإِمامِ

- ‌27 - باب ما على المَأْموم مِنَ المُتابعة وحُكْم المَسْبُوق

- ‌28 - باب مَنْ صلَّى صلاةً مرَّتَين

- ‌29 - باب السُّنَن وفَضْلها

- ‌30 - باب صلاة الليل

- ‌31 - باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌32 - باب التَّحريض على قِيَام اللَّيل

- ‌33 - باب القَصْد في العمَل

- ‌34 - باب الوِتْر

- ‌35 - باب القُنوت

- ‌36 - باب قِيَام شَهْر رمَضان

- ‌37 - باب صلاة الضُّحى

- ‌38 - باب التطوع

- ‌39 - باب صلاة التَّسْبيح

- ‌40 - باب صلاة السَّفَر

- ‌41 - باب الجُمُعة

- ‌42 - باب وجوبها

- ‌43 - باب التَّنظيف والتَّبكير

- ‌44 - باب الخُطبة والصَّلاة

- ‌45 - باب صلاة الخَوف

- ‌46 - باب صَلاةِ العِيْد

- ‌فصل في الأُضحيَة

- ‌47 - باب العَتِيْرةِ

- ‌48 - باب صلاة الخُسُوف

- ‌فصل في سجود الشكر

- ‌49 - باب الاستِسقاء

- ‌فصل في صفة المَطَر والرِّيح

- ‌5 - كِتَابُ الجَنَائِزِ

- ‌1 - باب عِيَادة المَريض وثَواب المَرَض

- ‌2 - باب تمنِّي المَوت وذِكْره

- ‌3 - باب ما يقال لمَنْ حَضَرَهُ الموتُ

- ‌4 - باب غسْلِ المَيِّت وتكفينه

- ‌5 - باب المَشْي بالجَنازة والصَّلاة علَيها

- ‌6 - باب دَفْن الميِّت

- ‌7 - باب البُكاء على المَيت

- ‌8 - باب زيارة القبور

- ‌6 - كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌2 - باب ما يجب فيه الزكاةُ

- ‌3 - باب صدقة الفطر

- ‌4 - باب من لا يحل له الصَّدَقة

- ‌5 - باب مَنْ لا تَحِل له المَسْألة ومَنْ تَحِل له

- ‌6 - باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌7 - باب فضل الصدقة

- ‌8 - باب أَفْضَل الصَّدَقة

- ‌9 - باب صدَقة المَرأَة من مال زَوجها

- ‌10 - باب مَنْ لا يَعْود في الصَّدقَة

- ‌7 - كِتَابُ الصَّومِ

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب رُؤية الهِلال

- ‌فصل

- ‌3 - باب تَنْزيه الصَّوم

- ‌4 - باب صَوْم المُسافِر

- ‌5 - باب القَضَاء

- ‌6 - باب صِيَام التَّطوُّع

- ‌7 - باب لَيْلَةِ القَدْر

- ‌8 - باب الاعتِكاف

الفصل: ‌فصل في الأضحية

1024 -

ورُويَ: عن أبي عُمَيْر بن أنس، عن عمومةٍ له من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أن ركْباً جاؤوا إلى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَشهدُونَ أنهم رأَوْا الهلالَ بالأمس، فأمَرهم أنْ يفْطِروا، وإذا أصبحُوا بغدوا إلى مُصَلَاّهم.

"ورُوي: عن أبي عُمير بن أنس عن عمومة له": جمع عم.

"مِن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام أن ركْباً": جمع راكب.

"جاؤوا إلى النبي": عليه الصلاة والسلام حين لم ير الهلالُ في المدينة ليلة الثلاثين من رمضان.

"يَشْهَدون أنهم رَأَوا الهلال بالأمس" في بلد آخر.

"فأمرَهم أن يُفطِروا" ذلك اليوم.

"وإذا أصبَحوا" يوم الحادي والثلاثين.

"أن يغدُوا إلى مصلَاّهم" لصلاة العيد.

* * *

‌فصل في الأُضحيَة

(فصل في الأضحية)

مِنَ الصِّحَاحِ:

1025 -

عن أنس رضي الله عنه أنه قال: ضحَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بكبشينِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنينِ، ذَبَحهما بيدهِ وسمَّى وكبَّر، قال: رأيتُه واضعاً قدمَه على صفَاحِهِما ويقولُ: "بسمِ الله والله أكبر".

"من الصحاح":

" عن أنس أنه قال: ضَحَّى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم"، من

ص: 259

التضحية؛ وهي ذَبْحُ الأُضْحِية، والأُضْحِية ما يُذْبَح يومَ النحر.

"بكَبْشَين أَمْلَحين"، أفعل من المُلْحة، وهي عند أكثر أهل اللغة بياض يخالطه سواد، وقيل: بياضُه اكثرُ من سواده.

"أَقْرَنين": الأَقْرَنُ: العظيم القرن.

"ذبحَهما بيده"، وإنما قال: بيده لنفي أن ذُبحَ عنه بأمره.

"وسمَّى"؛ أي: قال بسم الله.

"وكبَّر"؛ أي قال: الله أكبر.

"قال"؛ أي: الراوي: "رأيته"؛ أي: النبي عليه الصلاة والسلام "واضعاً قدمَه على صِفاحهما": بالكسر: جمع صَفْح بالفتح، وهو الجَنْب.

وقيل: جمع صَفْحَةِ الوجه وهي عُرْضه، وقيل: صفاحهما نواحي عنقهما، وصفح الشيء ناحيته.

"ويقول: بسم الله والله أكبر".

* * *

1026 -

عن عائشة رضي الله عنها: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أمرَ بكبشٍ أقْرَنَ يَطأُ في سوادٍ، ويَبْرُكُ في سوادٍ، وينظرُ في سوادٍ، فأُتي به ليُضحِّيَ به، قال:"يا عائشةُ، هلُمِّي المُدْيَةَ"، ثم قال:"اشْحَذِيهَا بحجرٍ"، فَفَعَلَتْ ثم أخذَها، وأخذَ الكبشَ فأضجَعَه ثم ذبحه، ثم قال:"بسم الله، اللهم تَقَبَّلْ من محمدٍ وآلِ محمدٍ، ومن أُمَّةِ محمدٍ"، ثم ضحَّى به.

"وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أمر بكبش أقرنَ يطَأ في سواد"، كناية عن سواد القوائم.

"ويبرُكُ"؛ أي: يضطجع "في سواد"، كناية عن سواد البطن، وقيل:

ص: 260

عن سواد ركبتيه.

"وينظرُ في سواد"، كناية عن سواد العين.

"فأتى به ليضحِّيَ به، قال: يا عائشة! هلمِّي المُدْيَة"؛ أي: هاتي السكين.

"ثم قال: اشحذِيها"؛ أي: حَدِّدي المدية" بحجر، ففعلتْ، ثم أخذَها وأخذَ الكَبْش فأضْجَعه ثم ذبَحه"؛ أي: قصد ذبحه.

"ثم قال: بسم الله، اللهم تقبَّلْ من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد، ثم ضحَّى به"، والمراد إيصال الثواب إليهم؛ لأن الواحدَ من الغَنَم يقع عن أكثرَ مِن واحدٍ، ولكن إذا ضحى واحد من بيتٍ بشاة تأدَّت السنةُ لجميعهم.

وبهذا الحديث قال الشافعي ومالك وأحمد: المستحب للرجل أن يقول إذا ذبح أضحية: أضحي هذا عني وعن أهل بيتي، وكُرِهَ هذا عند أبي حنيفة.

* * *

1027 -

عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تذبَحوا إلا مُسِنةً إلا أن يَعْسُر عليكم، فتذبَحُوا جَذَعَةً من الضَّانِ".

"وعن جابر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: لا تَذبحوا إلا مُسِنَّة": وهي من الضأن والمعز بنتُ سَنة، ومن البقر بنتُ سنتين، ومن الإبل بنتُ خمس سنين.

"إلا أن يَعْسُرَ عليكم"؛ أي: ذبُحها، بألَاّ تَجِدُوها.

"فتذبحوا جَذَعَة": وهي ما يكون قبلَ المسنة.

"من الضأن"، وبهذا قال بعض الفقهاء: الجَذَعةُ لا تُجزئ في الأضحية إذا كان قادراً على مُسِنَّة، ومَن قال بجوازه حمل الحديث على الاستحباب.

* * *

ص: 261

1028 -

عن عُقْبة بن عامر: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أعطاهُ غنماً يقسِمُها على أصحابهِ ضَحَايَا، فبقيَ عَتُودٌ، فقال:"ضَحِّ به أنتَ".

وفي رواية: قلتُ: يا رسولَ الله، أَصابني جَذع، قال:"ضَحِّ به أنت".

"وعن عقبة بن عامر: أن النبي عليه الصلاة والسلام أعطاه غَنَماً يقسِمها على أصحابه ضحايا"، حال من الضمير المنصوب في "يقسمها"؛ أي: إرادة التضحية.

"فبقي عَتُود" بفتح العين المهملة، قيل: هو من أولاد المَعْز ما أتى عليه حولٌ.

"فقال: ضحِّ به أنت".

"وفي رواية: قلت: يا رسول الله! أصابني جَذَعٌ، قال: ضحِّ به".

* * *

1029 -

وقال ابن عمر - رضى الله عنه -: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يذبحُ وينحرُ بالمُصلَّى.

"وقال ابن عمر: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يذبَحُ وينحَرُ بالمصلَّى"، قد مر هذا الحديثُ برواية ابن عمر في (صلاة العيد)، وذكره هنا لبيان مكان الذَّبح، وثَمةَ لبيان وقت التَّضْحية.

* * *

1030 -

وعن جابرٍ رضي الله عنه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "البقرةُ عن سبعةٍ، والجَزُورُ عن سبعةٍ".

"وعن جابر: أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام قال: البقرةُ عن سبعة، والجَزُور"؛ وهو ما يُجْزَر من الإبل؛ أي: يُنْحَر ذكرًا كان أو أنثى.

ص: 262

"عن سبعة"؛ يعني لو اشترك سبعةُ أنفس بذبح بقرة أو نحر جملٍ جاز، فلو أراد بعضُهم أن يأكل نصيبَه، أو يصرف إلى شيء آخرَ جاز عند الشافعي، ولا، يجوز عند أبي حنيفة.

* * *

1031 -

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخلَ العَشرُ وأرادَ بعضُكم أن يُضَحِّي فلا يمس من شعرٍ؛ وَبَشَرِه شيئاً".

وفي رواية: "فلا يأخُذَنَّ شعراً، ولا يُقَلِّمَنَّ ظُفْراً".

وفي رواية: "مَن رأى هلالَ ذي الحِجَّة وأرادَ أن يُضَحِّي فلا يأخذْ من شعرِه ولا مِن أظفاره".

"وعن أم سَلَمة أنها قالت: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا دخل العَشْرُ"؛ أي: عَشْرُ ذي الحجة.

"وأرادَ بعضُكم أن يضحِّيَ"، قيل: هذا يدلُّ على أنها غيرُ واجبة، وإلا لم يفوِّض إلى إرادتنا بل هي مستحَبة، وبه قال الشافعي، وقال بعضُهم بوجوه.

"فلا يمسَّنَّ مِن شَعرِه"؛ أي: من شَعْرِ ما يضحِّي به.

"وبَشَرِه"؛ أي: ظُفْره.

"شيئاً"، ذهب قومٌ إلى ظاهر الحديث، فمنع من أخذ الشعر والظفر ما لم يذبح، وكان مالكٌ والشافعي يَريان ذلك على الاستحباب، ورخَّص فيه أبو حنيفة وأصحابه.

"وفي رواية: فلا يأخذن شعراً ولا يَقْلِمنَّ ظُفْراً": المراد به الظِّلْف.

"وفي رواية: مَن رأى هلال ذي الحجة وأراد أن يضحِّيَ فلا يأخذنَّ من شَعر؛ ولا من أظفاره"، وهذا لأن التضحيةَ يفدي يوم القيامة للمضحِّي، ويصلُ

ص: 263

بكل عضو وشعر وظفرٍ منها بركةٌ ورحمةٌ إلى كل جزء من المضحِّي، فنهى عليه الصلاة والسلام عن إزالتها لينالَ بكلِّ عضو بركةَ الأضحية.

* * *

1032 -

وقال: "ما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى الله مِنْ هذه الأيامِ العَشْرِ"، قالوا: يا رسولَ الله!، ولا الجهادُ في سَبيلِ الله؟ قالَ:"ولا الجهادُ في سَبيلِ الله إلَاّ رجل خرجَ بنفسِه ومالِهِ فلمْ يرجِعْ من ذلكَ بشيء".

"وعن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ما من أيام العملُ الصالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى الله تعالى من هذه الأيام العشر"، وإنما كان أحبَّ فيها؛ لأنها أيام زيارةِ بيتِ الله المحرَّم والبلدِ الحرام، والوقتُ إذا كان أفضلَ كان العملُ الصالح فيه أفضلَ.

"قالوا: يا رسولَ الله! ولا الجهادُ في سبيل الله؟ قال: ولا الجهادُ في سبيل الله، إلا رجل خرجَ بنفسه وماله" إلى الجهاد.

"فلم يرجِع من ذلك بشيءٍ"؛ يعني: أخذَ مالُه، وأريق دمُه في سبيل الله، فهذا الجهاد أفضلُ وأحب إلى الله من الأعمال في هذه الأيام؛ لأن الثوابَ يكون بقدر المشقَّة في سبيل الله تعالى.

* * *

مِنَ الحِسَان:

1033 -

عن جابر - رضى الله عنه - قال: ذبحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوم الذَّبح كبشَين أَقْرنين أملَحين مَوجُوأَين، فلما ذبحهما قال: "إني وَجَّهتُ وجهيَ للذي فطر السَّماواتِ والأرضَ على مِلةِ إبراهيمَ حنيفاً ومَا أنا من المشركين، إن صلاتي

ص: 264

ونُسُكي ومَحْيَايَ ومَمَاتي للهِ ربِّ العالمينَ لا شريكَ له، وبذلك أُمِرْتُ وأنا من المسلمينَ، اللهم منكَ ولَكَ عن محمدٍ وأُمَّتِهِ، بسم الله والله أكبرُ".

وفي روايةٍ: ذبَح بيده وقال: "بسم الله والله أكبرُ، اللهم هذا عني وعمن لم يُضَح مِن أُمَّتي".

"من الحسان":

" عن جابر - رضى الله عنه - أنه قال: ذبح النبيُّ عليه الصلاة والسلام يومَ الذَّبح كَبْشَين أَقْرَنين أَمْلَحين مُوْجَأين"؛ أي: خَصِيَّين، ويروى:"موجوءَين"، وهو القياس؛ لأنه مفعول من وَجَأَ إذا دقَّ عروقَ الخُصْيتين حتى يصيرَ شبيهاً بالخَصِيِّ، لكن قلَبُوا الهمزة والواو ياءً على غير قياس، وأدغموا مثل: مَرْمَيَيْن.

وفيه دليل: على أن الخَصِيَّ في الضحايا غيرُ مكروه، وقد كرهه بعضهم لنقصه.

"فلمَّا ذبحهم"؛ أي: أرادَ ذَبْحَهما.

"قال: إني وجَّهْتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرضَ"؛ أي: خلَقهَما. "على مِلَّة"؛ أي: أنا على ملة.

"إبراهيم حنيفاً وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي لله ربِّ العالمين لا شريكَ له، وبذلك أُمِرْتُ وأنا من المسلمين، اللهمّ منك"؛ أي: حصل لي هذا الكَبْشُ منك.

"ولك"؛ أي: جعلتهُ لك، وأتقرَّب به إليك.

"عن محمد وأمته، بسم الله والله أكبر".

"وفي رواية: ذبح بيده، وقال: بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عني وعمَّن لم يضحِّ من أمتي".

* * *

ص: 265

1034 -

عن حَنشٍ أنه قال: رأيتُ علياً يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ، وقال: إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَوْصَاني أن أُضَحِّي عنه، فأنا أُضَحِّي عنه.

"وعن حنشٍ أنه قال: رأيت علياً يضحِّي بكبشين، وقال: إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أوصاني أن أضحِّي عنه، فأنا أضحي عنه"، يدل على أن التضحية تجوز عمن مات.

* * *

1035 -

وعن علي - رضى الله عنه - قال: أَمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرِفَ العينَ والأذُنَ، وأن لا نُضَحِّيَ بِمُقابَلَةٍ، ولا مُدابَرَةٍ، ولا شَرْقاء، ولا خَرْقاءَ.

"وعن علي رضي الله عنه أنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن نستَشْرِف العينَ والأذن"؛ أي: نتأمَّل سلامتَهما من آفة بهما كالعَوَر والجَدْع، من الاستشراف كالاستكشاف.

"وأن لا نضحِّي بمقابَلَة": وهي التي قُطع مقدَّمُ أذنها ثم يُترَك معلَّقاً.

"ولا مدابَرة": وهي ما قُطعَ مؤخَّر أذنها.

"ولا شَرْقَاء"؛ أي: التي مشقوقة الأذن.

"ولا خَرْقَاء"؛ أي: التي مثقوبة الآذن ثقباً مستديراً، وقيل: الشَّرْقَاء ما قُطع أذنها طولاً، والخَرْقَاء ما قطع أذنها عرضاً.

فعند الشافعي: لا يجوز التضحية بشاة قُطِعَ بعضُ أذنها، وعند أبي حنيفة يجوز إذا قطع أقلُّ من النصف.

* * *

1036 -

وعن علي - رضى الله عنه - قال: نَهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُضَحِّي بأغْضَبِ

ص: 266

القَرنِ والأذُنِ.

"وعن علي - رضى الله عنه - أنه قال: نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن نُضَحيَ بأغضَبِ القَرْن والأُذُن"؛ أي: مكسور القَرْن ومقطوع الأذن، يقال للمكسور داخل قرنه: أغضب، وللمكسور الخارج: أقصم.

* * *

1037 -

وعن البَراء بن عازب: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئل ماذا يُتَّقَى من الضحايا؟، فأشارَ بيدِه فقال:"أربعاً: العرجاءُ البَينُ ظَلَعُها، والعوراء البَينُ عَوَرُها، والمريضةُ البينُ مرضُها، والعَجْفاءُ التي لا تُنْقي".

"وعن البراء بن عازب: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سُئل: ماذا يتقى"؛ أي: يُحترز.

"من الضحايا؟ فأشار بيده فقال: أربعاً"؛ أي: اتقوا أربعاً.

"العَرْجَاء البَين ظَلْعها"؛ أي: الظاهر عَرَجُها.

"والعوراءُ البَينُ عَوَرُها، والمريضة البَينُ مَرَضُها، والعَجْفَاء"؛ أي: المهزولة.

"التي لا تنْقِي"؛ أي: لا نِقْيَ لعظامها، والنِّقْيُ المُخُّ، يقال: أنْقَتِ الناقةُ: إذا سَمِنَت وصار في عظامها النِّقْيُ.

والحديث يدل على أن العيب الخفيَّ في الضحايا معفوٌّ عنه.

* * *

1038 -

وعن أبي سعيد - رضى الله عنه - قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُضَحِّي بكبشٍ أَقْرَنَ فَحيلٍ، يَنظرُ في سواد ويأكلُ في سوادٍ، ويمشي في سوادٍ.

ص: 267

"وعن أبي سعيد أنه قال: كان رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم يضحِّي بكبشٍ أقرنَ فَحِيلٍ"، قيل: هو المُنجِب الكريم القويُّ في ضرَابه، وأراد به النُّبْلَ وعِظَمَ الخَلْق.

"ينظرُ في سَواد"؛ أي: حوالي عينيه أسود.

"ويأكلُ في سواد"؛ أي: فمُه أسود.

"ويمشي في سواد"؛ أي: قوائمه سود.

* * *

1039 -

عن مُجاشِعٍ - من بني سُلَيْم - أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يقول: إن الجَذع يُوَفِّي مما يُوَفِّي منه الثَّنِي".

"وعن مجاشع من بني سُلَيم: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان يقول: إن الجَذع يوفَّى"، من التوفية؛ أي: يجزئ.

"مما يوفَّى منه الثَّنِيُّ"، يجوز تضحية الجَذع من الضأن كتضحية الثنِي من المَعْز.

* * *

1040 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "نِعْمَتِ الأضْحيةُ الجَذع مِن الضَّأنِ".

"وعن أبي هريرة أنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول: نعمتِ الأضحيةُ الجَذع من الضَّأن"، مدحه عليه الصلاة والسلام ليَعلمَ الناسُ أنه جائز فيها.

* * *

ص: 268

1041 -

عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كنا معَ النبيِّ الله صلى الله عليه وسلم في سفَرٍ، فحضرَ الأَضحى، فاشتركنا في البقرةِ سبعةً، وفي البعيرِ عشرةً"، غريب.

"عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في سفر، فحضرَ الأضحى، فاشتركنا في البقرة سبعةً": نصب على الحال.

"وفي البعير عشرة. غريب".

عمل بهذا إسحاق بن راهويه قالوا: هذا منسوخٌ بما مر من قوله: البقرة عن سبعة، والجَزور عن سبعة.

* * *

1042 -

عن عائشة رضي الله عنها، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"ما عَمِلَ ابن آدمَ مِنْ عملٍ يومَ النحرِ أحبَّ إلى الله مِن هِراقةِ الدمِ، وإنه لتأتي يومَ القيامةِ بقُرونها وأَشعارِها وأَظلافِها، وإن الدمَ ليقعُ من الله بمكانٍ قبلَ أن يقعَ بالأرضِ، فَطِيبُوا بها أَنْفُساً".

"وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ما عملَ ابن آدم مِن عملٍ يومَ النحر" نصب على الظرفية.

"أحبَّ": صفة عمل.

"إلى الله مِن هراقة الدم"؛ أي: إراقته؛ يعني: أفضل العبادات يوم النحر إراقة الدم. "وإنه"؛ أي: المضحِّي به، وفي بعض النسخ:"وإنها الأضحية"، وهو الأنسب بالضمائر بعد.

"لتأتي يوم القيامة بقرونها": جمع قَرْن، وفي بعض النسخ: بفروثها جمع فَرْث، وهو النجاسة التي في الكرش.

"وأشعارِها": جمع شعر.

ص: 269

"وأظلافِها": جمع ظِلْف يعني: أنه يأتي يوم القيامة كما كان في الدنيا من غير أن ينقصَ منه شيء، ليكون بكل عضو منه أجرٌ، ويصير مركبه على الصراط.

"وإن الدم يقع من الله تعالى بمكان"؛ أي: بموضع قَبول.

"قبل أن يقعَ بالأرض فطِيبوا بها أنفساً": الفاء جواب شرط مقدَّر؛ أي: إذا علمتُم أنه تعالى يقبلُه ويجزيكم بها ثوابا كثيراً، فلتكنْ أنفسُكم بالتضحية طَيبةً غيرَ كارهةٍ لها.

* * *

1043 -

ويروى أنه قال: "ما من أيامٍ أحبُّ إلى الله أنْ يتعبَّدَ له فيها مِن عشرِ ذي الحِجَّةِ، يَعدلُ صيامُ كلِّ يوم منها بصيامِ سنةٍ، وقيامُ كلِّ ليلةٍ منها بقيامِ ليلةِ القدرِ"، ضعيف.

"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد" في محل الرفع بالفاعلية من "أحبَّ" الذي هو أفعل تفضيل.

"له فيها من عشر ذي الحجة يعدل"؛ أي: يسوَّى.

"صيام كل يوم منها"؛ أي: من أول ذي الحجة إلى يوم عرفة.

"بصيام سنة" لم يكن فيها عشر ذي الحجة، وقد صح الحديث في أن صوم يوم عرفة كفارة سنتين.

"ويُعدل قيام كلِّ ليلة منها بقيام ليلة القدر" ضعيف.

* * *

ص: 270