الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
كِتَابُ الصَّومِ
(كتاب الصوم)
1 - باب
مِنَ الصِّحَاحِ:
1391/ -م - قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دَخَلَ رَمضانُ فُتِحَتْ أَبْوابُ السَّماءِ".
وفي رواية: "فُتحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أَبْوابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتْ الشَّياطينُ".
وفي روايةٍ: "فُتِحتْ أَبْوابُ الرَّحْمَةِ".
"من الصحاح":
" عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا دخل رمضان فُتِحت أبوابُ السماء": فتحُ أبوابها كنايةٌ عن تواتر نزول الرحمة والمغفرة وإزالة الغلق عن مصاعد أعمال العباد تارةً ببذل التوفيق، وتارةً بحسن القَبولِ عنهم.
"وفي رواية: فتحت أبواب الجنة": فتح أبوابها كناية عن فعل ما يؤدي ويهيأ إلى دخولها.
"وغلقت أبواب جهنم": تغليق أبوابها كناية عن انتفاء ما يُدخِل إليها؛ إذ الصائمُ يتنزَّه عن كبائر الذنوب، ويُغفَرُ له ببركة الصيام صغائرها.
"وسلسلت الشياطين": كناية عن امتناع تسويل النفوس، واستعصائها عن قَبولِ وساوسهم؛ إذ بالصوم تنكسر القوة الحيوانية التي هي مبدأ الشهوة والغضب الداعيين إلى أنواع المعاصي، وتنبعث القوة العقلية إلى الطاعات.
"وفي رواية: فتحت أبواب الرحمة".
* * *
1392 -
وقال: "في الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوابٍ، فيها بابٌ يُسَمَّى الرَّيَّان لا يَدْخُلُهُ إلَّا الصَّائِمُونَ".
"وعن سهل بن سعد أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: للجنة ثمانيةُ أبواب، منها بابٌ يسمَّى الريان، لا يدخلُهُ إلا الصائمون".
* * *
1393 -
وقال: "مَنْ صَامَ رمضانَ إِيْماناً واحْتِسَاباً غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبهِ، ومَنْ قامَ رَمَضَانَ إِيْماناً وَاحْتِساباً غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبهِ، ومَنْ قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيْماناً واحْتِسَاباً غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبهِ".
"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: من صام رمضان إيماناً"؛ أي: تصديقاً لثوابه.
"واحتساباً"؛ أي: إخلاصاً، نصبهما على الحال، أو على أنه مفعول له.
"غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان"؛ أي: أحيا لياليه بالعبادة غير ليلة القدر تقديراً، أو معناه: أدَّى التراويح فيها "إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم
من ذنبه، ومن قام ليلة القدر"؛ أي: أحياها مجردة عن قيام رمضان "إيماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه".
* * *
1394 -
وقال: "كُلُّ عَمَلِ ابن آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِها إلى سَبْعِمائَةِ ضعْفٍ، قال الله تعالى: إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لي، وأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلي".
وقال: "للصائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقاءِ رَبهِ، ولَخُلوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ الله تعالى مِنْ رِيْحِ المِسْكِ، والصِّيامُ جُنَّةٌ، فَإِذا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ؛ فلا يَرْفُثْ، وَلَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صائِمٌ".
"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: كلُّ عمل ابن آدم"؛ أي: كل عمل صالح لابن آدم.
"يضاعف، الحسنةُ بعشر أمثالها"، وقد يُزاد "إلى سبعة مئة ضعف": والضعف المثل؛ لقوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: 261].
وسبب الزيادة إليها؛ إما لكمال إخلاص نية المتصدق، وإما لشدة استحقاق الفقير، وقد يزاد عن سبع مئة ضعف، كما قال الله تعالى:{وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261].
"قال الله تعالى: إلا الصومَ، فإنه لي"؛ أي: لم يشاركني فيه أحد، ولا عُبدَ به غيري، وهذا لأن جميع العبادات التي يَتقرَّب بها إلى الله تعالى قد عَبَدَ بها المشركون آلهتهم، ولم يُسمع أن طائفة منهم عبدت آلهتها بالصوم، ولا تقربت به
إليها في عصر من الأعصار، فلذا قال تعالى: الصوم لي.
"وأنا أجزي به": وأتولى الجزاء عليه على قدر اختصاصه بي، فإن الصوم عمل خالص، قلَّما يطلع عليه غيرُ الله.
"يدع شهوته"، أي: يترك ما اشتهته نفسه من اللذات.
"وطعامه من أجلي، وقال: للصائم فرحتان": الفَرْحة: فَعْلة للمرة من الفرح.
"فرحة عند فطره"، وذلك إما سروره بالأكل والشرب؛ فإن نفس الإنسان تفرح بهما بعد الجوع والعطش، وإما سروره بما وُفِّقَ له من إتمام الصوم الموعود عليه الثواب الجزيل.
"وفرحة عند لقاء ربه" يوم القيامة، وإعطائه جزاءَ صومه، يفرح فرحاً لا يبلغ أحد كنهه.
"ولخُلُوف فم الصائم" بضم الخاء المعجمة: ما تخلف بعد الطعام في الفم من رائحة كريهة؛ بخلاء المعدة، منه.
"أطيب"، أي: أرضى وأحب "عند الله من ريح المسك" عندكم؛ لأن رائحه فم الصائم من أثر الصوم، وهو عبادة يجزي الله تعالى بنفسه صاحبها.
"والصيام جنة"؛ أي: ترس يقي نفسه من المعاصي؛ لأنه يكسر الشهوة، فلا يوقع فيها، كما تقي الجنةُ السهمَ، أو هو جنة للصائم تقيه من النار.
"وإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفثُ"؛ أي: لا يتكلم بكلام قبيح.
"ولا يصخبْ": بالخاء المعجمة؛ أي: لا يرفع صوته بالهذيان، بل ليكن صائماً من جميع المناهي.
"فإن سابَّه أحدٌ"؛ أي: شتمه، "أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم"؛ أي:
يقول لصاحبه باللسان يرده به عن نفسه، أو يقول في نفسه؛ أي: ليتفكر في نفسه أنه صائم، فلا يخوض معه بمكافأته على شتمه؛ لئلا يُحبَط أجرُ تحمله، وثواب عمله.
* * *
مِنَ الحِسَان:
1395 -
قال: "إذا كانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الجنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوُابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْها بابٌ، وفُتِّحَتْ أَبْوابُ الجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ منها بابٌ، ويُنادي مُنادٍ: يا باغِيَ الخَيْرِ أَقْبلْ، ويَا باغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، ولِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وذلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ"، غريب.
"من الحسان":
" عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا كان أول ليلة من شهر رمضان، صُفِّدت الشياطينُ ومردةُ الجن": جمع مارد، وهو الشرير؛ أي: شُدُّوا بالأغلال؛ كيلا يوسوسِ في الصائمين، ويحملوهم على المعاصي.
"وغلقت أبواب النار، فلم يُفتَحْ منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يُغلْق منها باب، وينادي منادٍ: يا باغيَ الخير"؛ أي: يا طالبَ الثواب "أقبل"؛ أي: ارجع وتعال واطلب الثواب بالعبادة؛ فإنك تُعطى ثواباً كثيراً بعمل قليل، وذلك لشرف الوقت.
"ويا باغيَ الشرِّ أقصرْ"؛ أي: يا من سعى بالمعاصي اتركها، وتبْ وارجعْ إلى الله تعالى.
"ولله عتقاء من النار"؛ أي: يعتق الله عباداً كثيراً من النار بحرمة هذا الشهر.