الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثانى وإليه أشار بقوله: (وقد يكون حذفه ملتزما) وفهم منه أن قوله ويحذف بمعنى يجوز حذفه لأنه فى مقابلة الحذف على جهة الوجوب. والناصبها مفعول لم يسم فاعله بيحذف وهو اسم فاعل والضمير المتصل به منصوب الموضع على أنه مفعول به وهو عائد على الفضلة وحذفه اسم يكون والضمير فيه عائد على الناصب.
التنازع فى العمل
التنازع هو أن يتقدم عاملان ويتأخر عنهما معمول واحد وكل واحد من العاملين يطلبه من جهة المعنى، وقد بين ذلك بقوله:
إن عاملان اقتضيا فى اسم عمل
…
قبل فللواحد منهما العمل
المراد بالعامل هنا الفعل أو ما جرى مجراه ولا مدخل للحرف فى هذا الباب وشمل قوله عاملان تنازع الفعلين كقوله عز وجل: آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً [الكهف: 96] والاسمين كقول الشاعر:
- عهدت مغيثا مغنيا من أجرته
…
فلم أتخذ إلا فناءك موئلا (68)
والفعل والاسم مع تقدم الاسم كقوله تعالى: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ [الحاقة: 19] والفعل والاسم مع تقدم الفعل كقوله:
- لقد علمت أولى المغيرة أنّنى
…
لحقت فلم أنكل عن الضرب مسمعا (69)
ومعنى اقتضيا طلبا فخرج به نوعان أحدهما أن يكون أحد العاملين لا يقتضى عملا فى المتنازع فيه كقول امرئ القيس بن حجر:
(68) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 189، وتخليص الشواهد ص 513، وشرح الأشمونى 1/ 202، وشرح التصريح 1/ 316، والمقاصد النحوية 3/ 2.
والشاهد فيه قوله: «مغيثا مغنيا من أجرته» حيث تقدّم عاملان وكلاهما اسم فاعل صالح للعمل فى المعمول، وهو قوله:«من أجرته» وفى كل منهما ضمير مستتر هو فاعله، وقد أعمل الثانى لقربه فنصب به «من» على المفعولية، وأعمل الأوّل فى ضميره، وحذف هذا الضمير، لأن فى ذكره إعادة على متأخر لفظا ورتبة من غير ضرورة ولو أمكنه إعمال العامل الأوّل لقال: عهدت مغيثا مغنيه من أجرته.
(69)
البيت من الطويل، وهو للمرار الأسدى فى ديوانه ص 464، وشرح أبيات سيبويه 1/ 60، والكتاب 1/ 193، وللمرار الأسدى أو لزغبة بن مالك فى شرح شواهد الإيضاح ص 136، وشرح المفصل 6/ 64، والمقاصد النحوية 3/ 40، 501، ولمالك بن زغبة فى خزانة الأدب 8/ 128، 129، والدرر 5/ 255، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 1/ 202، وشرح ابن عقيل ص 412، واللمع ص 271، والمقتضب 1/ 14، وهمع الهوامع 2/ 93.
- ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة
…
كفانى ولم أطلب قليل من المال (70)
فإن أطلب غير طالب لقليل. الثانى أن يؤتى بالعامل الثانى توكيدا للأول كقوله:
- أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس (71)
فأتاك الثانى غير طالب للاحقون لأنه أتى به توكيدا لأتاك الأول وفهم من قوله فى اسم أن المتنازع فيه لا يكون أكثر من اسم واحد وفهم من قوله قبل أن المتنازع فيه لا يتقدم على العاملين ولا على أحدهما وفى ذلك خلاف، وقوله فللواحد منهما العمل يعنى أن العمل لأحدهما. وعاملان فاعل بفعل محذوف يفسره اقتضيا وفى اسم متعلق
باقتضيا وكذلك قبل وعمل مفعول به ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة والعمل مبتدأ وخبره للواحد ومنهما فى موضع الحال من الواحد وفهم منه جواز إعمال كل واحد منهما ولا خلاف فى ذلك وإنما الخلاف فى الاختيار وقد نبه عليه بقوله:
والثّان أولى عند أهل البصره
…
واختار عكسا غيرهم ذا أسره
اختار البصريون إعمال الثانى لقربه من المعمول واختار الكوفيون إعمال الأول لسبقه والصحيح مذهب البصريين لأن إعمال الثانى فى كلام العرب أكثر من إعمال الأول ذكر ذلك سيبويه وصرح الناظم بأهل البصرة وفهم من قوله غيرهم أنهم أهل الكوفة لكونه أتى بهم فى مقابلة أهل البصرة. والثان مبتدأ وهو على حذف المضاف والتقدير وإعمال الثانى وأولى خبره وعند متعلق بأولى وعكسا مفعول باختار وغيرهم فاعل وذا أسرة حال من الفاعل وأسرة الرجل رهطه وكنى بذلك عن كثرة القائلين باختيار إعمال الأول. ثم قال:
(70) البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص 39، والإنصاف 1/ 84، وتذكرة النحاة ص 339، وخزانة الأدب 1/ 327، 462، والدرر 5/ 322، وشرح شذور الذهب ص 296، وشرح شواهد المغنى 1/ 342، 2/ 642، وشرح قطر الندى ص 199، والكتاب 1/ 79، والمقاصد النحوية 3/ 35، وهمع الهوامع 2/ 110، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 1/ 201، 3/ 602، وشرح شواهد المغنى 2/ 880، ومغنى اللبيب 1/ 256، والمقتضب 4/ 76، والمقرب 1/ 161.
والشاهد فيه قوله: «كفانى ولم أطلب قليل» حيث جاء قوله: «قليل» فاعلا ل «كفانى» ، وليس البيت من باب التنازع، لأن من شرط التنازع صحة توجه كل واحد من العاملين إلى المعمول المتأخر مع بقاء المعنى صحيحا، والأمر ههنا ليس كذلك لأنه ليس مطلوبا.
(71)
صدره:
فأين إلى أين النجاة ببغلتى
والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى الأشباه والنظائر 7/ 267، وأوضح المسالك 2/ 194، وخزانة الأدب 5/ 158، والخصائص 3/ 103، 109، والدرر 5/ 323، 6/ 44، وشرح الأشمونى 1/ 201، وشرح ابن عقيل ص 487، وشرح قطر الندى ص 290، والمقاصد النحوية 3/ 9، وهمع الهوامع 2/ 111، 125.
وأعمل المهمل فى ضمير ما
…
تنازعاه والتزم ما التزما
المهمل هو العامل الذى لم يعمل فى الاسم المتنازع فيه فيعمل فى ضميره. وقوله والتزم ما التزما يعنى من مطابقة الضمير للظاهر ومن حذف الفضلة وإثبات العمدة ومن وجوب حذف الضمير فى بعض الأحوال وتأخيره فى بعضها وما صلح لوقوعه على جميع ما ذكر وما الأولى واقعة على الاسم المتنازع فيه وصلتها
تنازعاه والعائد على الموصول الهاء فى تنازعاه وفى متعلق بأعمل ثم أتى بمثلين فقال:
كيحسنان ويسئ ابناكا
…
وقد بغى واعتديا عبداكا
فالمثال الأول على اختيار البصريين وهو إعمال الثانى فابناكا فاعل يسئ ويحسنان هو المهمل ولذلك عمل فى ضميره وهو الألف والمثال الثانى على اختيار الكوفيين وهو إعمال الأول فعبداك فاعل بغى واعتديا هو المهمل ولذلك عمل فى ضميره وهو الألف من اعتديا وفهم من المثالين أنه يجب إضمار المرفوع قبل المفسر وبعده فأما على إعمال الأول فتشترك الفضلة مع العمدة فى الإضمار فى المهمل وهو الثانى وأما على إهمال الأول ففيه تفصيل بينه بقوله:
ولا تجئ مع أوّل قد أهملا
…
بمضمر لغير رفع أوهلا
بل حذفه الزم إن يكن غير خبر
…
وأخّرنه إن يكن هو الخبر
يعنى أن المهمل إذا كان أولا وكان يطلب ضمير الاسم المتنازع فيه بالنصب لم يضمر فيه نحو ضربت وضربنى زيد ولما كان المنصوب شاملا للفضلة ولما أصله العمدة أشار إلى أن حكم الفضلة لزوم الحذف بقوله: بل حذفه الزم إن يكن غير خبر، وغير الخبر هو الفضلة وهو تصريح بما فهم من قوله قبل (ولا تجئ مع أول قد أهملا) ثم أشار إلى أن حكم ما ليس بفضلة وهو ما أصله الخبر الإضمار والتأخير عن المفسر بقوله:(وأخرنه إن يكن هو الخبر)، فمن كونه منصوبا ينبغى أن لا يضمر قبل الذكر كالمرفوع، ومن كونه عمدة فى الأصل ينبغى أن لا يحذف فوجب عنده الإضمار والتأخير ومثال ذلك ظننى وظننت زيدا قائما إياه وتجوّز فى إطلاقه الخبر على ما هو عمدة فى الأصل إذ لا فرق بين أن يكون أصله الخبر أو المبتدأ لأن كل واحد منهما عمدة فى الأصل وإذا حمل على هذا لم يحتج إلى ما قاله الشارح