الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أو اعتقد إضمار عامل تصب) يعنى إذا لم يصح عطفه ولا نصبه على المعية فيعتقد أن ناصبه مضمر وذلك كقول الشاعر:
- علفتها تبنا وماء باردا
…
حتّى شتت همّالة عيناها (76)
فهذا ونحوه لا يجوز فيه العطف ولا النصب على المعية فيكون ماء مفعولا بفعل مضمر تقديره وسقيتها ويحتمل
أن يكون قوله أو اعتقد إضمار عامل تصب فيما يمتنع عطفه وينتصب على المعية كقوله عز وجل فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ [يونس: 71] فيمتنع العطف فى «شركاءكم» لأن أجمع بمعنى عزم لا ينصب إلا الأمر ونحوه ويجوز نصبه على المعية أى من شركائكم أو يكون مفعولا بفعل مضمر تقديره وأجمعوا شركاءكم من جمع. والنصب مبتدأ ويجب خبره وأو اعتقد معطوف على يجب وأو للتخيير وجاز عطف اعتقد وهو طلب على يجب وهو خبر لأن يجب فى معنى أوجب وتصب مجزوم على جواب الأمر.
الاستثناء
الاستثناء: الإخراج بإلا أو إحدى أخواتها، وأدوات الاستثناء أربعة أقسام: حرف واسم وفعل ومشترك بين الفعل والحرف فالحرف إلا وهى الأصل فى أدوات الاستثناء لأن غيرها يقدر بها ولذا بدأ بها فقال:
ما استثنت الّا مع تمام ينتصب
يعنى أن المستثنى بإلا ينتصب إذا كان الكلام تاما واحترز بالمستثنى بإلا من المستثنى بغيرها من أدوات الاستثناء واحترز بالتام من المفرّغ. والتام هو ما ذكر فيه المستثنى منه وشمل الموجب نحو قولك قام القوم إلا زيدا والمنفى نحو ما قام أحد إلا زيدا إلا أن الأول واجب النصب والثانى فيه تفصيل وإليه أشار بقوله:
وبعد نفى أو كنفى انتخب
…
إتباع ما اتّصل وانصب ما انقطع
(76) انظر التخريج رقم 153.
والشاهد فيه قوله: «وماء» حيث لا يصح أن يكون مفعولا به لأنه لا يصح أن يشترك مع لفظة «التبن» بعامل واحد وهو قوله «علفتها» لأن الماء لا يعلف، وإنما يسقى، فلا بد من تقدير عامل، والتقدير:«سقيتها» . وقيل: «الماء» مفعول معه. وقيل إنه معطوف على «تبنا» لأن الشاعر ضمّن الفعل «علفتها» معنى الفعل «أنلتها» أو «قدمت لها» .
يعنى أن المستثنى بعد النفى أو ما أشبهه وهو الاستفهام والنهى إذا كان متصلا اختير إتباعه على نصبه على الاستثناء فنحو ما قام أحد إلا زيد بالرفع وما مررت بأحد إلا زيد بالجر أحسن من ما قام أحد إلا زيدا وما مررت بأحد إلا زيدا بالنصب فيهما. والمتصل ما كان المستثنى بعض الأول. وإذا كان منقطعا فلغة أهل الحجاز وجوب النصب على الاستثناء وهذه اللغة مفهومة من قوله وانصب ما انقطع. والمنقطع ما كان المستثنى فيه من غير جنس المستثنى منه نحو ما فى الدار أحد إلا وتدا وأما بنو تميم فيجوز فيه عندهم النصب وهو الراجح والإتباع
وإلى ذلك أشار بقوله:
وعن تميم فيه إبدال وقع
يعنى أن بنى تميم يجيزون فى المنقطع الإبدال فيقولون ما فيها أحد إلا وتد. ومنه قوله:
- وبلدة ليس بها أنيس
…
إلّا اليعافير وإلّا العيس (77)
وما فى قوله: ما استثنت إلا مبتدأ موصول وصلته استثنت والضمير العائد إلى الموصول محذوف تقديره استثنته ومع متعلق باستثنت وينتصب خبر ما وهو على هذا الوجه مرفوع وقف عليه بالسكون ويجوز أن تكون ما شرطية منصوبة باستثنت وينتصب جواب الشرط ويصح تقديره مجزوما ومرفوعا ووقف عليه بالسكون وانتخب فعل أمر وإتباع مفعول بانتخب وبعد نفى متعلق بانتخب ويجوز ضم التاء من انتخب فيكون مبنيا للمفعول فيرتفع به إتباع على أنه نائب عن الفاعل والأول أجود لمناسبته لقوله بعد (وانصب ما انقطع) وما موصولة وصلتها انقطع وإبدال مبتدأ ووقع صفته وفيه متعلق بوقع وعن تميم خبره ويحتمل أن يكون فيه متعلقا بالاستقرار الذى فى الخبر وفى تنكير إبدال إشعار بقلة إتباعه عند تميم. ثم قال:
(77) الرجز لجران العود فى ديوانه ص 97، وخزانة الأدب 10/ 15، 18، والدرر 3/ 162، وشرح أبيات سيبويه 2/ 140، وشرح التصريح 1/ 353، وشرح المفصل 2/ 117، 3/ 27، 7/ 21، والمقاصد النحوية 3/ 107، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 2/ 91، والإنصاف 1/ 271، وأوضح المسالك 2/ 261، والجنى الدانى ص 164، وجواهر الأدب ص 165، وخزانة الأدب 4/ 121، 123، 124، 7/ 363، 9/ 258، 314، ورصف المبانى ص 417، وشرح الأشمونى 1/ 229، وشرح شذور الذهب ص 344، وشرح المفصل 2/ 80، والصاحبى فى فقه اللغة ص 136، والكتاب 1/ 263، 2/ 322، ولسان العرب 6/ 198 (كنس)، 15/ 433 (ألا)، ومجالس ثعلب ص 452، والمقتضب 2/ 319، 347، 414، وهمع الهوامع 1/ 225.
والشاهد فيه قوله: «إلا اليعافير» فإن ظاهره أنه استثناء منقطع تقدم فيه المستثنى منه، فكان ينبغى انتصابه على المشهور من لغات العرب وهى لغة أهل الحجاز، وقد وجّه سيبويه رفعه بوجهين: الأول أنه جعل كالاستثناء المفرّغ، وجعل ذكر المستثنى منه مساويا فى هذه الحالة لعدم ذكره، من جهة أنّ المعنى على ذلك، فكأنه قال:
ليس لها إلا اليعافير. والوجه الثانى أنه توسّع فى معنى الاستثناء حتى جعله نوعا من المستثنى منه.
وغير نصب سابق فى النّفى قد *
…
يأتى
يعنى أن المستثنى إذا كان مقدما على المستثنى منه بعد نفى قد يأتى غير منصوب فيكون مفرغا له العامل الذى قبل إلا ويعرب هو بدلا منه قال سيبويه حدثنى يونس أن قوما يوثق بعربيتهم يقولون ما لى إلا أخوك ناصر
فيجعلون ناصر بدلا وفهم من قوله قد يأتى أن غير النصب قليل وقد صرح بهذا المفهوم فقال:
ولكن نصبه اختر إن ورد
وثبت هذا البيت فى بعض النسخ وغير نصب سابق برفع غير وجر نصب وسابق وإعرابه على هذا الوجه مبتدأ ونصب وسابق مضافان إليه وقد يأتى خبر المبتدأ وفى النفى متعلق بيأتى وثبت أيضا فى بعض النسخ وغير نصب سابق بنصب غير وجر نصب منونا ورفع سابق وإعرابه على هذا الوجه سابق مبتدأ وفى النفى متعلق به هو الذى سوّغ الابتداء بالنكرة وخبره قد يأتى وغير نصب حال من فاعل يأتى ونصب مضاف إليه وهو مصدر بمعنى اسم المفعول والتقدير قد يأتى سابق فى النفى غير منصوب. ثم قال:
وإن يفرّغ سابق إلّا لما
…
بعد يكن كما لو الّا عدما
يعنى ما قبل إلا إذا كان مفرّغا لما بعدها فلا حكم لإلا فتكون كأنها لم تذكر ولا يكون ذلك إلا فى نفى أو شبهه وكان حقه أن ينبه على ذلك وإنما ترك التنبيه عليه لوضوحه وشمل قوله سابق ما كان السابق فيه عاملا نحو ما قام إلا زيد وما كان غير عامل نحو ما فى الدار إلا زيد ويكون التفريغ فى جميع المعمولات إلا مع المصدر المؤكد فلا يجوز ما ضربت إلا ضربا.
وسابق مفعول لم يسم فاعله بيفرغ وإلا مفعول بسابق ولما متعلق بيفرغ وبعد صلة لما وهو مقطوع عن الإضافة وتقدير المضاف إليه بعده أى بعد إلا أو بعد السابق واسم يكن ضمير عائد على السابق أو على ما وهذان الوجهان ذكرهما المرادى ويحتمل أن يكون عائدا على الحكم المفهوم من الكلام أى يكن الحكم ويحتمل أن يكون عائدا على الكلام المشتمل على السابق وعلى التالى لإلا أى يكن الكلام والظاهر أن ما فى قوله كما زائدة ولو فى موضع جر بالكاف وهى مصدرية والتقدير يكن كعدم إلا. ثم اعلم أن إلا تتكرر للتوكيد ولغير التوكيد، وقد أشار إلى تكرارها للتوكيد فقال:
وألغ إلّا ذات توكيد كلا
…
تمرر بهم إلّا الفتى إلّا العلا
يعنى أن إلا إذا تكررت للتوكيد ألغيت وإلغاؤها هو أن لا تنصب وتلغى مع البدل نحو ما قام إلا أخوك إلا زيد فلو أسقطت إلا لصح الكلام فتقول ما قام إلا أخوك زيد وكررت لتوكيد إلا الأولى ومثله بقوله إلا الفتى إلا العلا فالعلا بدل من الفتى والتقدير لا تمرر بهم إلا الفتى العلا فالعلا هو الفتى ومع عطف النسق نحو ما قام إلا أخوك وإلا زيد فلو قلت ما قام إلا أخوك وزيد لصح الكلام وقد جمع الشاعر بينهما فقال:
- ما لك من شيخك إلا عمله
…
إلا رسيمه وإلا رمله (78)
وذات توكيد حال من إلا. ثم إن تكرارها لغير التوكيد يكون مع التفريغ ومع غيره وقد أشار إلى الأول بقوله:
وإن تكرّر لا لتوكيد فمع
…
تفريغ التّأثير بالعامل دع
فى واحد ممّا بإلّا استثنى
…
وليس عن نصب سواه مغنى
قد قدم أن التفريغ هو أن يكون ما قبل إلا طالبا لما بعدها فإذا كررت إلا فى التفريغ فإنه يترك تأثير العامل الذى هو إلا فى واحد من المستثنيين أو المستثنيات ويكون بحسب ما يطلب ما قبل إلا وما عدا الواحد منصوبا، وفهم من قوله فى واحد أن ترك العمل بإلا ليس مخصوصا بواحد دون واحد بل يجوز إلغاء إلا فى الأول دون الثانى والثالث وفى الثانى دون الأول والثالث وفى الثالث دون الأول والثانى فتقول ما قام إلا زيد إلا عمرا إلا خالدا وما قام إلا زيدا إلا عمرو إلا خالدا وما قام إلا زيدا إلا عمرا إلا خالد. وقوله:(وليس عن نصب سواه مغنى) يعنى أن ما سوى المستثنى الذى تلغى إلا معه ينصب ونصبه بالعامل الذى هو إلا وعلى هذا الوجه حمل المرادى العامل وحمله ابن عقيل على أنه العامل الذى قبل إلا وجعل دع بمعنى اجعل، وما ذكره المرادى أصوب لثلاثة أوجه: الأول أن فيه التنبيه على أن إلا هى العامل فى المستثنى وهو موافق لتصريح الناظم به فى غير هذا النظم. الثانى أن دع بمعنى
(78) الرجز بلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 272، والدرر 3/ 167، ورصف المبانى ص 89، وشرح الأشمونى 1/ 232، وشرح التصريح 1/ 356، وشرح ابن عقيل ص 311، والكتاب 2/ 341، والمقاصد النحوية 3/ 117، وهمع الهوامع 1/ 227.
والشاهد فيه قوله: «إلا عمله، إلا رسيمه وإلا رمله» ، ف «رسيمه» بدل، و «رمله» معطوف، و «إلا» المقترنة بكل منهما مؤكدة.
اجعل غير معهود فى اللغة وإنما يكون دع بمعنى اترك. الثالث أن ما قبل إلا فى التفريغ قد يكون غير عامل نحو ما فى الدار إلا زيد. وقوله وإن تكرر شرط وفى تكرر ضمير يعود على إلا ولا عاطفة على معطوف مقدر تقديره لغير التوكيد لا للتوكيد والتأثير مفعول مقدم بدع ومع متعلق بدع وكذلك فى واحد وما موصولة واقعة على المستثنيات واستثنى صلتها وبإلا متعلق باستثنى والضمير المستكن فى استثنى هو الرابط بين الصلة والموصول ومغنى اسم ليس وعن نصب متعلق به وخبر ليس محذوف تقديره وليس فى ذلك أو ليس مغن عن نصب سواه موجودا ويحتمل أن يكون اسم ليس مضمرا تقديره ذلك ومغن خبرها ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة والأول أظهر ثم إن تكرار إلا لغير التوكيد فى غير التفريغ على قسمين الأول أن يكون المستثنى مقدما
على المستثنى منه والآخر أن يكون متأخرا عنه، وقد أشار إلى الأول بقوله:
ودون تفريغ مع التّقدّم
…
نصب الجميع احكم به والتزم
يعنى أن الاستثناء التام إذا تكررت فيه إلا لغير توكيد وكان المستثنى مقدما على المستثنى منه نصب جميع المستثنيات نحو ما قام إلا زيدا إلا عمرا إلا خالدا القوم. ودون ومع وبه متعلقات باحكم ونصب مفعول بفعل محذوف يفسره احكم وفى قوله والتزم زيادة فائدة وهى أن قوله احكم به قد يحمل على الوجوب وقد يحمل على الجواز لأن الحكم بالشئ قد يكون واجبا وقد يكون جائزا وقوله والتزم نص فى الوجوب. ثم أشار إلى الثانى بقوله:
وانصب لتأخير وجئ بواحد
…
منها كما لو كان دون زائد
يعنى أن المستثنيات إذا كانت متأخرة عن المستثنى منه نصب جميعها إلا واحدا منها فإنه يحكم له بحكم ما لم يتكرر فيه إلا وينصب وجوبا إذا كان الاستثناء موجبا نحو قام إلا زيدا إلا عمرا ويترجح إتباعه على نصبه إن كان منفيا، وفهم من قوله وجئ بواحد منها أن الواحد الذى يجاء به يجوز أن يكون الأول أو الثانى أو الثالث فتقول ما قام أحد إلا زيد إلا عمرا إلا خالدا وما قام أحد إلا زيدا إلا عمرو إلا خالدا وما قام أحد إلا زيدا إلا عمرا إلا خالد إلا أن الأولى أن ذلك الواحد هو الأول. ثم مثل بقوله:
كلم يفوا إلّا امرؤ إلّا على
…
وحكمها فى القصد حكم الأوّل
يجوز فى هذا المثال رفع الأول بدلا من الواو فى يفوا ونصبه على الاستثناء وهو الأجود
ويجوز نصب امرؤ ورفع على ثم نبه على أن ما زاد على المستثنى الأول من المستثنيات حكمه فى المعنى حكم الأول فإن كان مخرجا كان ما زاد عليه كذلك وإن كان مدخلا كان ما زاد عليه كذلك وبيان ذلك أنك إذا قلت قام القوم إلا زيدا إلا عمرا إلا خالدا فهى كلها مخرجة من القوم. وإن قلت ما قام أحد إلا زيدا إلا عمرا إلا خالدا فهى مدخلة والمراد بها إخراج الأول من المستثنى منه ثم إخراج الثانى مما بقى بعد إخراج الأول ثم إخراج الثالث مما بقى بعد إخراج الأول والثانى. ولتأخير متعلق بانصب والظاهر أن اللام بمعنى مع ومنها فى موضع الصفة لواحد وكما فى موضع الحال من واحد لاختصاصه بالصفة أو صفة بعد صفة وما كافة ولو مصدرية وهى على حذف مضاف أى كحال. وكان هنا تامة بمعنى وجد ودون فى موضع الحال والتقدير وجئ بواحد منها كحال وجوده دون زائد عليه. ثم أشار إلى القسم الثانى من أدوات الاستثناء، وهو الاسم فقال:
واستثن مجرورا بغير معربا
…
بما لمستثنى بإلّا نسبا
يعنى أن غيرا يستثنى بها مجرور بإضافتها إليه وتكون هى معربة بما يستحقه الاسم الواقع بعد إلا من وجوب النصب أو رجحانه أو رجحان التبعية فتقول قام القوم غير زيد بوجوب النصب لأنك تقول قام القوم إلا زيدا وما فيها أحد غير فرس برجحان النصب وما قام أحد غير زيد برجحان التبعية وأصل غير أن تكون صفة واجبة الإضافة لمخالف موصوفها وقد تقطع عن الإضافة لفظا لا معنى فتبنى على الضم وتستعمل بمعنى إلا كما ذكر فى هذا الباب ومجرورا مفعول باستثن وبغير متعلق باستثن ومعربا حال من غير وبما متعلق بمعرب وما موصولة وصلتها نسب والمستثنى متعلق بنسب وبإلا متعلق بمستثنى. ثم قال:
ولسوى سوى سواء اجعلا
…
على الأصحّ ما لغير جعلا
ذكر أن فى سوى ثلاث لغات القصر مع كسر السين وضمه والمد مع فتح السين وأنها كلها يستثنى بها كما يستثنى بغير وتعرب بما يعرب به غير إلا أنه يقدر فى المقصورة الإعراب وأشار بقوله على الأصح إلى مخالفة سيبويه والخليل فيها فإنها عندهما ظرف غير متصرف ولا تخرج عن الظرفية إلا فى الشعر. قال سيبويه رحمه الله فى باب ما يحتمل فى الشعر وجعلوا ما لا يجئ فى الكلام إلا ظرفا بمنزلة غيره من الأسماء وذلك قول المرار بن سلامة العجلى:
- ولا ينطق الفحشاء من كان منهم
…
إذا جلسوا منّا ولا من سوائنا
وقال الأعشى: (79)
وما قصدت من أهلها لسوائنا اهـ
واستدل المصنف على مذهبه بأدلة واستشهد بشواهد هى مذكورة فى كتبه فلا نطيل بها وفهم من قوله على الأصح أن مذهب سيبويه صحيح إلا أن مذهبه أصح منه ووقف على اجعلا بالألف لأنها مبدلة من نون التوكيد الخفيفة. ثم أشار إلى القسم الثالث والرابع فقال:
واستثن ناصبا بليس وخلا
…
وبعدا وبيكون بعد لا
ذكر فى هذا البيت من أدوات الاستثناء أربعة: منها ما لا يستعمل إلا فعلا وهو ليس ولا يكون والمستثنى بهما واجب النصب نحو قام القوم ليس زيدا ولا يكون عمرا وما قام أحد ليس زيدا ولا يكون عمرا وهو خبر لهما واسمهما ضمير مستتر عائد على البعض المفهوم من الكلام والتقدير ليس بعضهم زيدا ولا يكون بعضهم عمرا. ومنها ما يستعمل فعلا فينصب ما بعده، وحرف جر فيجر ما بعده وهو خلا وعدا، ولهما حالتان: الأولى تجردهما من ما، والثانية اقترانهما بها فإذا كانا مجردين من ما جاز فيهما وجهان النصب والجر والأرجح النصب وفهم
ذلك من ذكره لهما مع ليس ولا يكون وإلى ذلك أشار بقوله:
واجرر بسابقى يكون إن ترد
…
وبعد ما انصب وانجرار قد يرد
يعنى أن سابقى يكون فى البيت الذى قبل هذا وهما خلا وعدا يجوز جر المستثنى بهما وفهم منه شرط التجريد فإنه أحال على لفظهما وهما خاليان من ما وفهم من قوله إن ترد أن الجر بهما مرجوح ثم أشار إلى الحالة الثانية وهى اقترانهما بما بقوله: (وبعد ما انصب)، أى إذا اقترن عدا وخلا بما فالوجه نصب المستثنى بهما وإنما انتصب لأن ما مصدرية فلا يليها حرف جر هذا مذهب الجمهور وحكى بعضهم الجر بهما مقترنتين بما وإلى ذلك أشار بقوله:(وانجرار قد يرد) وفهم من تنكير انجرار ومن قوله قد يرد أن الجر بهما مع ما قليل. وناصبا حال من فاعل
(79) البيت من الطويل، وهو للمرار بن سلامة العجلى فى خزانة الأدب 3/ 438، وشرح أبيات سيبويه 1/ 424، والكتاب 1/ 31، والمقاصد النحوية 3/ 126، ولرجل من الأنصار فى الكتاب 1/ 408، وبلا نسبة فى الإنصاف 1/ 294، وشرح الأشمونى 1/ 235، وشرح ابن عقيل ص 315، والمقتضب 4/ 350.
والشاهد فيه وضع «سواء» موضع «غير» وإدخال «من» عليها لأنها لا تستعمل فى الكلام إلا ظرفا.