الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعنى أن أل التى للغلبة إذا نودى ما هى فيه أو أضيف إلى ما بعده وجب حذفها فمثال المنادى يا نابغة ويا أعشى
ومثال المضاف نابغة ذبيان وأعشى همدان وقوله وفى غيرهما قد تنحذف يعنى أن أل المذكورة قد تحذف فى غير النداء والإضافة وفهم من قوله قد قلة ذلك ومن حذفها فى غيرهما قولهم هذا يوم اثنين مباركا فيه وقول الشاعر:
- إذا دبران منك يوما لقيته
…
أؤمّل أن ألقاك غدوا بأسعد (22)
وحذف أل مفعول مقدم بأوجب وفى غيرهما متعلق بتنحذف والضمير فى غيرهما عائد على النداء والإضافة المفهومين من قوله إن تناد أو تضف.
الابتداء
الابتداء هو الاسم صريحا أو مؤولا مجردا عن العوامل اللفظية غير الزائدة مخبرا عنه أو وصفا رافعا لمكتفى به وقد فهم من هذا الحد أن المبتدأ على قسمين ذو خبر ووصف رافع لما يغنى عن الخبر وقد أشار إلى الأول بقوله:
مبتدأ زيد وعاذر خبر
…
إن قلت زيد عاذر من اعتذر
فاكتفى بالمثال عن الحد فزيد من قولك زيد عاذر مبتدأ وعاذر من المثال المذكور خبر ومن اعتذر تتميم للبيت ومبتدأ خبر مقدم وزيد مبتدأ وعاذر مبتدأ وخبر خبر عنه وإن قلت شرط وزيد عاذر مبتدأ وخبر ومن اعتذر مفعول بعاذر وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه، ولو قال:
إن قلت زيد عاذر من اعتذر
…
فالمبتدأ زيد وعاذر خبر
لم يكن فيه حذف ولا تقديم ولا تأخير. ثم أشار إلى النوع الثانى من المبتدأ بقوله:
وأوّل مبتدأ والثّانى
…
فاعل أغنى فى أسار ذان
وقس وكاستفهام النّفى وقد
…
يجوز نحو فائز أولو الرّشد
والثّان مبتدا وذا الوصف خبر
…
إن فى سوى الإفراد طبقا استقر
(22) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى تخليص الشواهد ص 176، والدرر 1/ 228، والمقاصد النحوية 1/ 508، وهمع الهوامع 1/ 72.
والشاهد فيه قوله: «دبران» حيث حذف «أل» من العلم الغلبى فى غير النداء والإضافة، وهو قليل. والدبران:
علم بالغلبة على الكوكب الذى يدبر الثريا.
يعنى أنك إذا قلت أسار ذان فالأول الذى هو أسار مبتدأ والثانى الذى هو ذان فاعل أغنى عن الخبر فأسار اسم فاعل من سرى وذان تثنية ذا وإنما لم يحتج هذا النوع من المبتدأ إلى الخبر لأنه بمنزلة الفعل فاكتفى بمرفوعه وقوله
وقس أى قس على المثالين وهما زيد عاذر وأسار ذان وقس أيضا على الثانى فى كونه بعد استفهام وقوله: وكاستفهام النفى يعنى أن النفى مثل الاستفهام فى وقوع الوصف المذكور بعده فمثال وقوعه بعد الاستفهام قول الشاعر:
- أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا
…
إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا (23)
ومثاله بعد النفى قوله:
- خليلىّ ما واف بعهدى أنتما
…
إذا لم تكونا لى على من أقاطع (24)
وقوله وقد يجوز نحو فائز أولو الرشد، يعنى أن هذا الوصف المذكور قد يأتى غير معتمد على استفهام ولا نفى وفهم من قوله وقد يجوز قلة ذلك، ومنه قوله:
- خبير بنو لهب فلا تك ملغيا
…
مقالة لهبىّ إذا الطير مرّت (25)
ففائز أولو الرشد فى المثال مثل خبير بنو لهب فى البيت وقوله والثانى مبتدأ وذا الوصف خبر إلخ، يعنى أن الوصف المذكور إذا كان مطابقا لمرفوعه فى غير الإفراد وهو التثنية والجمع جعل الثانى وهو الذى كان مرفوعا بالوصف مبتدأ وجعل الوصف خبرا مقدما وذلك نحو أقائمان الزيدان وأقائمون الزيدون؟ فالزيدان مبتدأ وخبره قائمان ولا يجوز أن يكون
(23) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 190، وتخليص الشواهد ص 181، وجواهر الأدب ص 295، وشرح الأشمونى 1/ 89، وشرح التصريح 1/ 157، وشرح شذور الذهب ص 233، وشرح قطر الندى ص 122، والمقاصد النحوية 1/ 512.
والشاهد فيه قوله: «أقاطن قوم سلمى» حيث أتى الوصف وهو «قاطن» ، معتمدا على الاستفهام، وهو الهمزة، وبذلك اكتفى بالفاعل الذى هو قوله «قوم سلمى» عن خبر المبتدأ.
(24)
البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 189، وتخليص الشواهد ص 181، والدرر 2/ 5، وشرح الأشمونى 1/ 89، وشرح التصريح 1/ 157، وشرح شذور الذهب ص 232، وشرح شواهد المغنى 2/ 898، وشرح قطر الندى ص 121، ومغنى اللبيب 2/ 556، والمقاصد النحوية 1/ 516، وهمع الهوامع 1/ 94.
والشاهد فيه قوله: «ما واف أنتما» حيث جاء الوصف مبتدأ وهو «واف» معتمدا على نفى، وهو «ما» فاستغنى بالفاعل عن الخبر وهو أنتما.
(25)
البيت من الطويل، وهو لرجل من الطائيين فى تخليص الشواهد ص 182، وشرح التصريح 1/ 157، والمقاصد النحوية 1/ 518، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 191، والدرر 2/ 7، وشرح الأشمونى 1/ 90، وشرح ابن عقيل ص 103، وشرح عمدة الحافظ ص 157، وشرح قطر
الندى ص 272، وهمع الهوامع 1/ 94.
والشاهد فيه قوله: (خبير بنو لهب) حيث سدّ الفاعل، وهو قوله:«بنو لهب» مسدّ الخبر من غير اعتماده على استفهام أو نفى وهذا قبيح عند سيبويه وسائغ عند الكوفيين والأخفش.
الوصف المذكور مبتدأ فى هذا المثال لتحمله ضمير الاسم الذى بعده وهذا الوصف جار مجرى الفعل فلا يثنى ولا يجمع وفهم من قوله فى سوى الإفراد أن المطابق فى الإفراد لا يتعين فيه كون الثانى مبتدأ والوصف خبر بل يجوز فيه الوجهان وذلك نحو أراغب أنت فيجوز فى أراغب أن يكون خبرا مقدما وأن يكون مبتدأ وأنت فاعل سد مسد الخبر فقوله وأول مبتدأ ومبتدأ خبره والثانى مبتدأ وفاعل خبره وأغنى فعل ماض فى موضع صفة للفاعل ومعموله محذوف وتقديره أغنى عن الخبر وفى أسار على حذف القول أى فى قولك أسار ذان وقس فعل أمر ومعموله محذوف أيضا وتقديره وقس على ما ذكر والنفى مبتدأ وخبره وكاستفهام ونحو فاعل يجوز وفائز مبتدأ وأولو الرشد فاعل سد مسد الخبر وهو محكى بقول محذوف أى نحو قولك فائز أولو الرشد والثانى مبتدأ وخبره مبتدأ وذا مبتدأ والوصف صفة له وخبر خبره وإن حرف شرط وفعل الشرط استقر وفى سوى متعلق باستقر وطبقا حال من فاعل استقر المستتر وهو عائد على الوصف والتقدير إن استقر الوصف مطابقا لمرفوعه فى غير الإفراد ويوجد فى بعض النسخ طبق بالرفع وإعرابه فاعل بفعل مقدر يفسره استقر وهو بمعنى مطابقة والتقدير إن استقر مطابقة بين الوصف ومرفوعه. ثم قال:
ورفعوا مبتدأ بالابتدا
…
كذاك رفع خبر بالمبتدا
يعنى أن الرافع للمبتدأ هو الابتداء والرافع للخبر هو المبتدأ والابتداء هو جعلك الاسم أولا لتخبر عنه ثانيا فهو معنى من المعانى وهذا الذى ذكر هو مذهب سيبويه قال فأما الذى يبنى عليه شئ هو هو فى معنى فإن المبنى عليه يرتفع به كما ارتفع هو بالابتداء وذلك كقولك عبد الله منطلق انتهى والضمير فى رفعوا عائد على العرب ورفع خبر مبتدأ وخبره بالمبتدأ والعامل فى كذاك الاستقرار الذى تعلقت به الباء فى قوله بالمبتدأ. ثم قال:
والخبر الجزء المتمّ الفائده
…
كالله برّ والأيادى شاهده
يعنى أن الخبر هو الجزء الذى تتم به فائدة الجملة الاسمية وإنما خص الخبر بكونه متم الفائدة وإن كانت الفائدة حصلت بمجموع الجزأين لأن الخبر هو الجزء الأخير من الجزأين فبه تتم الفائدة ولأنه الجزء المستفاد من الجملة ولذلك كان أصله أن يكون نكرة وأتى بمثالين الله برّ لأن الله تعالى بر بعباده والأيادى شاهدة والأيادى النعم وهو جمع أيد وأيد جمع يد فهو جمع الجمع. ثم قال:
ومفردا يأتى ويأتى جمله
…
حاوية معنى الّذى سيقت له
يعنى أن خبر المبتدأ يأتى مفردا وهو الأصل ويأتى جملة والمفرد فى هذا الباب ما ليس بجملة وذلك نحو زيد قائم والزيدان قائمان والزيدون قائمون وشملت الجملة الاسمية نحو زيد أبوه ذاهب والفعلية نحو زيد قام أبوه وقوله حاوية معنى الذى سيقت له يعنى أن الجملة تكون مشتملة على رابط يربطها بالمبتدأ وإنما قال حاوية معنى ولم يقل حاوية ضميرا ليشمل الضمير نحو زيد قام أبوه وغيره مما يقع به الرابط وهو اسم الإشارة كقولة تعالى: وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ [الأعراف: 26] فى قراءة الرفع وتكرر اللفظ بعينه كقوله تعالى: الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة: 1 - 2] ومفردا حال من فاعل يأتى الأول المستتر وجملة حال من الضمير فى يأتى الثانى والضميران معا عائدان على الخبر وحاوية وصف لجملة ومعنى مفعول بحاوية والذى واقع على المبتدأ وصلته سيقت له والضمير العائد من الصلة إلى الموصول المجرور باللام وفى سيقت ضمير مستتر يعود على الجملة والتقدير يأتى الخبر مفردا ويأتى جملة مشتملة على رابط يعود على الاسم الذى سيقت له الجملة وهو المبتدأ ولما كان من الجملة الواقعة خبرا ما لا يحتاج إلى رابط نبه على ذلك بقوله:
وإن تكن إيّاه معنى اكتفى
…
بها كنطقى الله حسبى وكفى
يعنى أن الجملة المخبر بها إذا كانت هى المبتدأ فى المعنى اكتفى بها عن الرابط ثم مثل ذلك بقوله كنطقى الله حسبى فنطقى مبتدأ والله حسبى جملة فى موضع الخبر وليس فيها ضمير لأن الله حسبى هو نطقى ونطقى هو الله حسبى ومثل ذلك هجّيرى أبى بكر لا إله إلا الله. وإياه خبر تكن واسمها مستتر يعود على الجملة ومعنى منصوب على إسقاط حرف الجر أى فى المعنى واكتفى جواب الشرط وفيه ضمير مستتر يعود على المبتدأ والضمير فى بها عائد على الجملة. ثم قال:
والمفرد الجامد فارغ وإن
…
يشتقّ فهو ذو ضمير مستكن
قسم الخبر المفرد إلى جامد وإلى مشتق وذكر أن الجامد فارغ يعنى أن الضمير نحو زيد أخوك وأنت زيد وأن المشتق يتحمل ضميرا مستكنا أى لا يظهر نحو زيد قائم ففى قائم ضمير مستكنّ تقديره هو والمشتق هنا هو اسم الفاعل واسم المفعول وأمثلة المبالغة والصفة المشبهة وأفعل التفضيل ودخل فى قوله إن يشتق ما هو مؤول بالمشتق فإنه يتحمل الضمير نحو زيد تميمى وزيد أسد. فإن قلت ظاهر كلامه أن الضمير فى يشتق عائد على الخبر المفرد
الموصوف بالجمود وهو غير صحيح لأن الجامد لا يشتق. قلت هو عائد على الخبر المفرد غير مقيد بالجمود ونظيره فيما تقدم فى قوله وقد تزاد وما ذكره من كون المشتق يستكن فيه الضمير إنما هو فى الخبر الحقيقى حيث يرفع ضمير المبتدأ، وأما السببى فلا يستتر فيه الضمير بل يجب بروزه ضميرا كان الفاعل أو ظاهرا، وإلى ذلك أشار بقوله:
وأبرزنه مطلقا حيث تلا
…
ما ليس معناه له محصّلا
يعنى أن الخبر المفرد المشتق إذا تلا غيره من هو له وجب إبراز الضمير العائد على المبتدأ وشمل صورتين إحداهما أن يكون المرفوع ظاهرا نحو زيد قائم أبوه فالضمير المضاف إليه أب عائد على المبتدأ وهو بارز، والأخرى أن يكون المرفوع ضميرا وقوله مطلقا يعنى سواء خيف اللبس أو لم يخف وشمل صورتين إحداهما يعرض فيها اللبس نحو زيد عمرو ضاربه هو إذا أردت أن الضارب هو زيد والمضروب هو عمرو، وهذه الصورة متفق على وجوب إبراز الضمير فيها. والأخرى ما لا لبس فيها نحو زيد هند ضاربها هو وهذه مختلف فيها فمذهب البصريين أنه يجب الإبراز فيها كالتى قبلها ومذهب الكوفيين أنه يجوز فيها الإبراز والاستتار ومذهب الناظم فى هذا الرجز موافق للبصريين ولذلك قال مطلقا وقوله وأبرزنه أى أبرز الضمير ومطلقا منصوب على الحال من الضمير المنصوب فى أبرزنه وفى تلا ضمير يعود على الخبر وما واقعة على المبتدأ وهى موصولة مفعولة بتلا ومعناه اسم ليس والضمير فى معناه عائد على الخبر وهو الرابط بين الصلة والموصول والضمير فى له عائد على المبتدأ وفى قوله محصلا ضمير مستتر يعود على الخبر وتقدير البيت وأبرز الضمير العائد من الخبر إلى المبتدأ مطلقا إذا تلا الخبر مبتدأ ليس معنى ذلك الخبر محصلا لذلك المبتدأ، ثم قال:
وأخبروا بظرف أو بحرف جر
…
ناوين معنى كائن أو استقر
من أقسام الخبر أن يكون ظرفا أو جارا ومجرورا وهو راجع بالتقدير إلى المفرد والجملة ولذلك قال ناوين معنى كائن أو استقر فإذا قلت زيد عندك أو زيد فى الدار فالتقدير زيد كائن أو مستقر عندك وزيد كان أو استقر عندك، وإنما جعلوا هذا النوع قسما ثالثا زائدا على المفرد والجملة لأنه عوض عن الخبر ولذلك لا يجمع بينهما، واختار الناظم تقديره بالمفرد ولذلك قدمه ووجهه أن أصل الخبر الإفراد واختار أكثر البصريين تقديره بالفعل لأنه أصل فى العمل والضمير فى وأخبروا عائد على العرب وناوين حال منه ومعنى مفعول بناوين، ثم قال:
ولا يكون اسم زمان خبرا
…
عن جثّة وإن يفد فأخبرا
يعنى أن اسم الزمان لا يخبر به عن الجثة فلا يقال زيد اليوم وفهم منه أن الجثة يخبر عنها باسم المكان نحو زيد
أمامك وأن اسم الزمان يخبر به عن المعنى نحو القتال يوم الجمعة وقوله وإن يفد فأخبرا أى وإن يفد الإخبار عن الجثة باسم الزمان فأجز الإخبار به ومنه قولهم الهلال الليلة وهو فى المعنى راجع إلى الإخبار باسم الزمان عن المعنى لأن التقدير حدوث الهلال الليلة وقوله فأخبرا أراد فأخبرن فوقف على نون التأكيد الخفيفة بالألف وفاعل يفد ضمير عائد على الإخبار المفهوم من قوله خبرا، ثم قال:
ولا يجوز الابتدا بالنّكره
…
ما لم تفد كعند زيد نمره
وهل فتى فيكم فما خل لنا
…
ورجل من الكرام عندنا
ورغبة فى الخير خير وعمل
…
برّ يزين وليقس ما لم يقل
الغالب فى المبتدأ أن يكون معرفة وقد يكون نكرة بشرط حصول الفائدة وقد ذكر النحويون للابتداء بالنكرة مسوغات كثيرة واقتصر الناظم منها على ستة. الأول أن يقدم عليها الخبر وهو ظرف أو مجرور وهو المشار إليه بقوله كعند زيد نمرة. الثانى أن يتقدم عليها أداة استفهام وهو المشار إليه بقوله وهل فتى فيكم. الثالث أن يتقدم عليها أداة نفى وهو المشار إليه بقوله فما خل لنا. الرابع أن تكون موصوفة وهو المشار إليه بقوله ورجل من الكرام عندنا. الخامس أن تكون عاملة فيما بعدها وهو المشار إليه بقوله ورغبة فى الخير خير.
السادس أن تكون مضافة إلى نكرة وهو المشار إليه بقوله: وعمل برّ يزين ثم قال وليقس ما لم يقل ففهم منه أنه لم يستوف المسوغات ولم يشترط سيبويه فى الابتداء بالنكرة إلا حصول الفائدة، وحكى من كلام العرب: أمت فى الحجر لا فيك، وليس فيه شئ من المسوغات التى ذكرها النحويون وما فى قوله ما لم تفد ظرفية مصدرية أى مدة كونها غير مفيدة واللام فى قوله وليقس لام الأمر والفعل مجزوم بها وما موصولة أو نكرة موصوفة فى موضع رفع على النيابة عن الفاعل، ثم قال:
والأصل فى الأخبار أن تؤخّرا
…
وجوّزوا التّقديم إذ لا ضررا
فامنعه حين يستوى الجزآن
…
عرفا ونكرا عادمى بيان
كذا إذا ما الفعل كان الخبرا
…
أو قصد استعماله منحصرا
أو كان مسندا لذى لام ابتدا
…
أو لازم الصّدر كمن لى منجدا
إنما كان الأصل فى الخبر أن يتأخر عن المبتدأ لأنه وصف له فى المعنى وحق الوصف أن يكون متأخرا عن الموصوف والخبر بالنسبة إلى تقديمه على المبتدأ وتأخيره عنه على ثلاثة أقسام: الأول جواز تقديمه وهو المشار إليه بقوله: (وجوزوا التقديم) وقوله: (إذ لا ضررا) أى إن لم يعرض عارض يمنع من تقديمه كما سيأتى،
ومن تقديم الخبر على المبتدأ جوازا قولهم تميمى أنا ومشنوء من يشنؤك. الثانى وجوب تأخيره وذلك فى خمسة مواضع: الأول أن يستوى المبتدأ والخبر فى التعريف أو التنكير وهو المشار إليه بقوله: (فامنعه حين يستوى الجزءان * عرفا ونكرا) فمثال استوائهما فى التعريف زيد أخوك ومثال استوائهما فى التنكير أفضل منى أفضل منك، وقوله:(عادمى بيان) يعنى أنه لا يمتنع تقديم الخبر على المبتدأ إذا كانا متساويين فى التعريف أو التنكير إلا مع عدم البيان كالمثالين المذكورين وفهم منه أنه إذا كان فى الكلام ما يبين المبتدأ من الخبر جاز تقديم الخبر على المبتدأ نحو أبو حنيفة أبو يوسف فأبو حنيفة خبر مقدم وأبو يوسف مبتدأ مؤخر، وعلم ذلك من أن أبا يوسف هو المشبه بأبى حنيفة فهو المبتدأ، ومن ذلك قول الشاعر:
- بنونا بنو أبنائنا وبناتنا
…
بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد (26)
فبنونا خبر مقدم لأن المعنى تشبيه أبناء البنين بالبنين. الموضع الثانى أن يكون فعلا مسندا إلى ضمير المبتدأ مع كون المبتدأ مفردا وهو المشار إليه بقوله: (كذا إذا ما الفعل كان الخبرا)، يعنى أنه يمتنع أيضا تقديم الخبر على المبتدأ إذا كان فعلا فأطلق وهو مقيد بما تقدم فإنه لا يمتنع تقديمه فى نحو الزيدان قاما وزيد قام أبوه وإنما يمتنع تقديمه فى نحو زيد قام وهند قامت.
الموضع الثالث أن يكون الخبر محصورا بإلا أو بإنما وهو المشار إليه بقوله: (أو قصد استعماله منحصرا) مثاله ما زيد إلا قائم وإنما زيد قائم. الموضع الرابع أن يكون الخبر مسندا لمبتدأ مقرون بلام الابتداء وهو المشار إليه بقوله: (أو كان مسندا لذى لام ابتدا) يعنى أنه يمتنع تقديم الخبر إذا كان مسندا لمبتدأ ذى لام ابتداء نحو لزيد قائم. الموضع الخامس أن يكون مسندا
(26) البيت من الطويل، وهو للفرزدق فى خزانة الأدب 1/ 444، وبلا نسبة فى الإنصاف 1/ 66، وأوضح المسالك 1/ 106، وتخليص الشواهد ص 198، والحيوان 1/ 346، والدرر 2/ 24، وشرح الأشمونى 1/ 99، وشرح التصريح 1/ 173، وشرح شواهد المغنى 2/ 848، وشرح ابن عقيل ص 119، وشرح المفصل 1/ 99، 9/ 132، ومغنى اللبيب 2/ 452، وهمع الهوامع 1/ 102.
والشاهد فيه قوله: «بنونا بنو أبنائنا» حيث جاز تقديم الخبر على المبتدأ مع مساواتهما فى التعريف، لأجل القرينة المعنوية لأن الخبر هو محط الفائدة، فما يكون فيه التشبيه الذى تذكر الجملة لأجله، فهو الخبر، وهو قوله:
«بنونا» إذ المعنى أن بنى أبنائنا مثل بنينا، لا أن بنينا مثل بنى أبنائنا.
لمبتدأ من أدوات الصدر وهو المشار إليه بقوله: (أو لازم الصدر) يعنى أو كان مسندا للازم الصدر وذلك نحو أدوات الاستفهام وأدوات الشرط ومثل للاستفهام بقوله: (كمن لى منجدا)، ومثال الشرط من يقم أقم معه. الثالث وجوب تقديمه أعنى تقديم الخبر وذلك فى أربعة مواضع: الموضع الأول أن يكون ظرفا أو مجرورا مع كون المبتدأ نكرة وهو المشار إليه بقوله:
ونحو عندى درهم ولى وطر
…
ملتزم فيه تقدم الخبر
الموضع الثانى أن يعود على الخبر ضمير من المبتدأ وهو المشار إليه بقوله:
كذا إذا عاد عليه مضمر
…
ممّا به عنه مبينا يخبر
هذا على حذف مضاف أى على ملابسه والتقدير كذا يلزم تقديم الخبر إذا عاد على ملابسه ضمير من المبتدأ الذى يخبر بالخبر عنه نحو على التمرة مثلها زبدا فلا يجوز مثلها على التمرة لئلا يعود الضمير من مثلها على التمرة وهو متأخر لفظا ورتبة. الموضع الثالث أن يكون الخبر من ذوات الصدور وهو المشار إليه بقوله.
كذا إذا يستوجب التّصديرا
…
كأين من علمته نصيرا
يعنى أنه يلزم تقديمه إذا كان صدرا ومثل ذلك بقوله: كأين من علمته نصيرا فأين ظرف مكان مضمن معنى همزة الاستفهام ومن مبتدأ موصول وعلمته صلته ونصيرا مفعول ثان أو حال من الهاء فى علمته إذا جعلت علم بمعنى عرف.
وخبر المحصور قدّم أبدا
…
كما لنا إلّا اتباع أحمدا
الموضع الرابع أن يكون المبتدأ محصورا بإلا أو بإنما وهو المشار إليه بقوله: (وخبر المحصور قدّم أبدا) ومثل ذلك بقوله: (كما لنا إلا اتباع أحمدا) فلنا خبر واجب التقديم لأن المبتدأ هو اتباع أحمد إذ هو محصور بإلا، ومثاله محصورا بإنما إنما فى الدار زيد، وقوله والأصل مبتدأ وفى الأخبار متعلق به وأن تؤخرا خبر المبتدأ والضمير فى وجوّزوا عائد على العرب، وضررا اسم لا، والخبر محذوف تقديره فى التقديم والضمير فى امنعه عائد على التقديم وعرفا ونكرا منصوبان على إسقاط الجار والتقدير فى عرف ونكر وعادمى منصوب على الحال من الجزأين والعامل فى كذا محذوف تقديره ويمتنع والفعل مرفوع بكان مقدرة من باب الاشتغال وفى كان ضمير مستتر عائد على الفعل وأو قصد استعماله جملة معطوفة على الجملة
التى بعد إذا والهاء فى استعماله عائدة على الخبر والتقدير كذا إذا كان الفعل خبرا أو قصد استعمال الخبر منحصرا
وكذا متعلق بمحذوف كما تقدم فى الذى قبله ومضمر فاعل بعاد والضمير فى عليه عائد على الخبر وما فى قوله مما واقعة على المبتدأ وهى موصولة وصلتها يخبر وبه وعنه متعلقان بيخبر والضمير العائد على الموصول الضمير فى عنه والضمير فى به عائد على الخبر ومبينا حال من الضمير فى به وهذا البيت من الأبيات المعقدة فى هذا الرجز وكذا متعلق أيضا بمحذوف كما سبق والفاعل بيستوجب ضمير عائد على الخبر والتصديرا مفعول بيستوجب وخبر المحصور مفعول مقدم بقدّم وأبدا منصوب على الظرف.
وحذف ما يعلم جائز كما
…
تقول زيد بعد من عندكما
ثم قال: (وحذف ما يعلم جائز) يعنى أنه يجوز حذف كل واحد من المبتدأ والخبر إذا علم ثم مثل حذف الخبر للعلم به بقوله: (كما * تقول زيد بعد من عندكما) فزيد مبتدأ والخبر محذوف للعلم به وتقديره زيد عندنا ثم مثل حذف المبتدأ للعلم به بقوله:
وفي جواب كيف زيد قل دنف
…
فزيد استغنى عنه إذ عرف
فدنف خبر والمبتدأ محذوف تقديره زيد دنف وفهم من قوله وحذف ما يعلم جائز أنه يجوز حذف المبتدأ والخبر معا إذا علما ومنه قوله تعالى: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق: 4] أى فعدتهن ثلاثة أشهر فحذف المبتدأ والخبر لدلالة ما تقدم عليه وفى جواب متعلق بقل وقوله فزيد استغنى عنه إذ عرف تتميم للبيت ولو استغنى عنه لصح المعنى.
وبعد لولا غالبا حذف الخبر
…
حتم وفى نصّ يمين ذا استقر
وبعد واو عيّنت مفهوم مع
…
كمثل كلّ صانع وما صنع
ثم إن الخبر يحذف وجوبا فى أربعة مواضع. الأول بعد لولا الامتناعية وإليه أشار بقوله:
(وبعد لولا غالبا حذف الخبر * حتم) وفهم من قوله غالبا أن للو لا استعمالين غالبا وغير غالب وأنه لا يجب الحذف إلا بعد الاستعمال الغالب والاستعمال الغالب فيها أن يعلق الامتناع على نفس المبتدأ نحو لولا زيد لأكرمتك ففى مثل هذا يجب حذف الخبر لسدّ الجواب مسده وغير غالب أن يعلق الامتناع على صفة فى المبتدأ نحو لولا زيد باك لضحكت فالامتناع فى هذه الصورة معلق على بكاء زيد لا على زيد ففى مثل هذا لا يجب حذف الخبر بل يجوز إذا دل عليه دليل فغالبا حال من لولا، وحذف الخبر حتم جملة من مبتدأ وخبر وبعد متعلق بحذف أو بحتم والتقدير وحذف الخبر متحتم بعد لولا فى غالب أمرها وهو تعليق الامتناع على نفس المبتدأ.
الثانى بعد مبتدأ هو نص فى القسم وإليه أشار بقوله: (وفى نص يمين ذا استقر) وذلك نحو قولك لعمرك لأفعلن فالخبر واجب الحذف تقديره قسمى ووجب حذفه لسد الجواب مسده وذا إشارة لتحتم حذف الخبر. الثالث بعد واو
المعية وهو المشار إليه بقوله: (وبعد واو عينت مفهوم مع) أى يجب حذف الخبر بعد الواو التى بمعنى مع، ومثل ذلك بقوله:(كمثل كل صانع وما صنع) فكل صانع مبتدأ وما معطوفة عليه وهى موصولة أو مصدرية وهو أظهر والخبر محذوف وجوبا تقديره مقرونان. وبعد واو متعلق بمحذوف تقديره ويحذف. الرابع أن يقع المبتدأ قبل حال لا يصح جعلها خبرا عن المبتدأ وهو المشار إليه بقوله:
وقبل حال لا يكون خبرا
…
عن الّذى خبره قد أضمرا
أى يجب حذف الخبر أيضا قبل الحال الممتنع جعلها خبرا عن المبتدأ المذكور قبلها فقبل متعلق بمحذوف تقديره ويحذف ولا يكون خبرا جملة فى موضع الصفة لحال وعن الذى متعلق بخبرا والذى نعت لمحذوف تقديره عن المبتدأ الذى وشرط هذا المبتدأ أن يكون مصدرا عاملا فى مفسر صاحب الحال المذكورة أو أفعل التفضيل مضافا إلى المصدر المذكور وقد مثل للأول بقوله:
كضربى العبد مسيئا وأتمّ
…
تبيينى الحقّ منوطا بالحكم
والتقدير ضربى العبد إذا كان مسيئا فضربى مبتدأ وهو مصدر عامل فى العبد والعبد مفسر للضمير المستتر فى كان المحذوفة وكان المحذوفة تامة ومسيئا اسم فاعل من أساء وهو حال من الضمير المذكور فالخبر على هذا الاستقرار العامل فى إذا المحذوفة أى ضربى كائن إذا.
ثم مثل للثانى أيضا بقوله: (وأتم * تبيينى الحق منوطا بالحكم) فأتم أفعل تفضيل وهو مبتدأ مضاف إلى تبيينى والحق مفعول بتبيينى ومنوطا حال من الضمير المستتر فى كان المقدرة ومعنى منوطا متعلق وبالحكم متعلق به. ثم قال:
وأخبروا باثنين أو بأكثرا
…
عن واحد كهم سراة شعرا
يعنى أن المبتدأ الواحد قد يتعدد خبره فيكون أكثر من واحد وذلك على وجهين: أحدهما أن تتعدد لفظا لا معنى نحو الرمان حلو حامض لأن معنى الخبرين راجع إلى شئ واحد إذ معناهما مزّ فهذا لا يجوز فيه عطف أحد الخبرين على الآخر لأنهما بمنزلة اسم واحد والثانى