الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سوى ذا ارفع بحبّ أو فجرّ * بالبا) يعنى أن حب قد يكون فاعلها غير ذا من الأسماء مع إرادة المدح وفى فاعلها حينئذ وجهان أحدهما الرفع والآخر الجر بالباء الزائدة وفى حائها إذ ذاك لغتان الضم وهو الأكثر والفتح وإلى
ذلك أشار بقوله:
(ودون ذا انضمام الحا كثر) ووجه الفتح البقاء مع الأصل ووجه الضم أن الأصل حبب بضم الباء فنقلت الضمة إلى الحاء فتقول على هذا حب زيد وحب بزيد وحب بزيد. ومن شواهد ضم الحاء وزيادة الباء فى الفاعل قوله:
- فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها
…
وحبّ بها مقتولة حين تقتل (138)
وما مفعول مقدم بارفع أو بجرّ فهو من باب التنازع وصلتها سوى.
أفعل التفضيل
أفعل التفضيل مضاف ومضاف إليه وإنما أضيف إلى التفضيل لأنه دال عليه واحترز به من أفعل الذى ليس للتفضيل كأحمر وأشهر.
صغ من مصوغ منه للتّعجّب
…
أفعل للتّفضيل وأب اللّذ أبى
يعنى أن أفعل التفضيل يجوز صوغه من كل فعل صيغ منه فعل التعجب ويمتنع صوغه من كل فعل عدم بعض الشروط المذكورة فى باب التعجب فأفعل مفعول صغ ومن مصوغ متعلق بصغ ومنه متعلق بمصوغ وكذلك للتعجب وأب فعل أمر من أبى يأبى أى امتنع واللذ مفعول بأب وهى لغة فى الذى وأبى فعل ماض مبنى للمفعول وفيه ضمير عائد على اللذ. ثم قال:
وما به إلى تعجّب وصل
…
لمانع به إلى التّفضيل صل
(138) البيت من الطويل، وهو للأخطل فى ديوانه ص 263، وإصلاح المنطق ص 35، وخزانة الأدب 9/ 427، 430، 431، والدرر 5/ 229، وشرح شواهد الشافية ص 14، ولسان العرب 11/ 551 (قتل)، 15/ 227 (كفى)، والمقاصد النحوية 4/ 26، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص 108، وسر صناعة الإعراب ص 143، وشرح الأشمونى 2/ 382، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 43، 77، وشرح ابن عقيل ص 461، وشرح عمدة الحافظ ص 806، وشرح المفصل 7/ 129، 141، وهمع الهوامع 2/ 89.
والشاهد فيه قوله: «حبّ» أو «حبّ» «بها» حيث جاء فاعل «حبّ» أو «حبّ» غير «ذا» وكلا الوجهين جائز، ولكن إذا كان الفاعل «ذا» تعيّن فتح الحاء فى «حبّ» .
قد تقدم فى باب التعجب أن الفعل إذا عدم بعض الشروط المصوغة لبناء فعل التعجب يتوصل إلى صوغ أفعل منه بأشد وشبهه وكذلك أيضا يتوصل إلى صوغ أفعل التفضيل من الفعل العادم لبعض الشروط بما يتوصل به إلى
صوغ فعل التعجب إلا أنه نبه على تمام الكيفية فى التعجب بقوله ومصدر العادم إلى آخر البيت ولم ينبه هنا على تمامها، وتمامها أن يؤتى بمصدر العادم بعد أفعل منصوبا على التمييز فتقول أنت أشد بياضا من زيد وأكثر استخراجا من عمرو. وما مبتدأ أو مفعول بفعل محذوف يفسره صل وهى موصولة وصلتها وصل به، وبه الأول متعلق بوصل وكذلك إلى تعجب ولمانع وبه الثانى متعلقان بصل وهو على حذف مضاف تقديره مثل وإلى التفضيل متعلق بصل والتقدير وما وصل به إلى التعجب لأجل المانع صل بمثله إلى أفعل التفضيل. ثم قال:
وأفعل التفضيل صله أبدا
…
تقديرا أو لفظا بمن إن جرّدا
أفعل التفضيل على ثلاثة أقسام: مجرد من أل والإضافة ومعرّف بأل ومضاف وأشار بهذا البيت إلى القسم الأول يعنى أن أفعل التفضيل إذا كان مجردا من أل والإضافة فلا بد من اقترانه بمن لفظا كقوله عز وجل: وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى [الضحى: 4] أو تقديرا كقوله تعالى: وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى [الأعلى: 17] أى من الدنيا، وفهم منه أن ما سوى المفرد وهو المعرف بأل والمضاف لا يقترن بمن ثم إن أفعل التفضيل بالنظر إلى مطابقة الموصوف على ثلاثة أقسام: لزوم عدم المطابقة ووجوب المطابقة وجواز الوجهين وقد أشار إلى الأول بقوله:
وإن لمنكور يضف أو جرّدا
…
ألزم تذكيرا وأن يوحّدا
يعنى أن أفعل التفضيل إذا كان مجردا من أل والإضافة أو مضافا إلى نكرة يلزم الإفراد والتذكير فتقول زيد أفضل من عمرو والزيدان أفضل من عمرو والزيدون أفضل من عمرو وهند أفضل من عمرو والهندان أفضل من عمرو وزيد أفضل رجل والزيدان أفضل رجلين والزيدون أفضل رجال. ويضف مجزوم بإن وأو جردا معطوف عليه وألزم جواب الشرط وتذكيرا مفعول ثان بألزم وأن يوحدا معطوف على تذكيرا أى ألزم تذكيرا وتوحيدا وعبر بذلك عن عدم المطابقة. ثم أشار إلى الثانى بقوله: (وتلو أل طبق) يعنى أن أفعل التفضيل إذا دخلت
عليه أل لزمت مطابقته لموصوفه فتقول زيد الأفضل وهند الفضلى والزيدان الأفضلان والهندان الفضليان والزيدون الأفضلون والهندات الفضليات. وتلو أل طبق مبتدأ وخبر والطبق المطابق. ثم أشار إلى الثالث فقال:
وما لمعرفه
…
أضيف ذو وجهين عن ذى معرفه
يعنى أن أفعل التفضيل إذا أضيف إلى ذى معرفة جاز أن يطابق موصوفه وأن لا يطابق وقد جمع الوجهين قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأحبكم إلىّ وأقربكم منى مجالس يوم القيامة؟
أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون» فأفرد أحب وأقرب وجمع أحاسن. وما مبتدأ وخبره ذو وجهين وهى موصولة وصلتها أضيف ولمعرفة متعلق بأضيف. ثم قال:
هذا إذا نويت معنى من وإن
…
لم تنو فهو طبق ما به قرن
يعنى أن جواز المطابقة وعدمها فى المضاف إلى المعرفة مشروط بأن تكون الإضافة فيه بمعنى من وذلك إذا كان أفعل مقصودا به التفضيل، وأما إذا لم يقصد به التفضيل فلا بد فيه من المطابقة لما هو له كقولهم: الأشج والناقص أعد لا بنى مروان أى عادلاهم فهذا إشارة لجواز الوجهين فى المضاف إلى المعرفة وهو مبتدأ والخبر محذوف أى هذا الحكم ويجوز أن يكون خبرا مقدما والمبتدأ محذوف لدلالة ما تقدم عليه وإن لم تنو شرط وحذف معمول تنو والتقدير وإن لم تنو معنى من، والمراد بما به قرن ما هو أفعل التفضيل له، ثم اعلم أن من المصاحبة لأفعل التفضيل تارة تدخل على اسم الاستفهام وتارة تدخل على غيره، وقد أشار إلى الأول بقوله:
وإن تكن بتلو من مستفهما
…
فلهما كن أبدا مقدّما
يعنى أن المجرور بمن المصاحبة لأفعل التفضيل إذا كان اسم استفهام وجب تقديم من ومجرورها على أفعل لأن الاستفهام له صدر الكلام، وشمل صورتين: الأولى أن يكون المجرور اسم استفهام، والأخرى أن يكون مضافا إلى اسم استفهام وقد مثل للأولى بقوله:
(كمثل ممّن أنت خير) ومثال الثانية من غلام من أنت أجمل ثم أشار إلى الثانى بقوله: (ولدى * إخبار التقديم نزرا وجدا) يعنى أن المجرور بمن المذكورة إذا كان خبرا أى غير استفهام لزم
تأخيره عن أفعل لأنه بمنزلة الفاعل فمحله التأخير، وقد يتقدم عليه بقلة. وقد استشهد المصنف على ذلك بأبيات منها قوله:
- فقالت لنا أهلا وسهلا وزوّدت
…
جنى النحل بل ما زودت منه أطيب (139)
أى أطيب منه. قلت وليس فى هذا البيت دليل لاحتمال أن يكون منه متعلقا بزودت وبتلو متعلق بمستفهم ولهما متعلق بمقدما والضمير فى لهما عائد على من ومجرورها أما من فقد لفظ بها قبل وأما مجرورها فمفهوم من قوله مستفهما والباء للاستعانة أو السببية وتلو الشئ الذى يتلوه. ثم اعلم أن أفعل التفضيل يرفع المضمر فى لغات العرب كقولك زيد أفضل من عمرو ففى أفعل ضمير يعود على زيد، وأما رفعه الظاهر ففيه لغتان أشار إلى الأولى منهما بقوله:(ورفعه الظاهر نزر) يعنى أن أفعل المذكور يرفع الظاهر وهى لغة حكاها سيبويه فتقول مررت برجل أفضل من أبوه ورفعه مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى الفاعل والظاهر مفعول به وخبره نزر. ثم أشار إلى اللغة الثانية بقوله:
(ومتى * عاقب فعلا فكثيرا ثبتا)
هذه اللغة لجميع العرب وهى أن أفعل يرفع الظاهر لكن ذلك مشروط بأن يكون معاقبا للفعل وذلك إذا ولى نفيا وكان فاعله أجنبيا مفضلا على نفسه باعتبار محلين كقولهم ما رأيت رجلا أحسن فى عينه الكحل منه فى عين زيد والتقدير ما رأيت رجلا يحسن فى عينه الكحل كحسنه فى عين زيد وهذا هو المراد بقوله عاقب فعلا، ثم مثل ذلك بقوله:
كلن ترى فى النّاس من رفيق
…
أولى به الفضل من الصّدّيق
والأصل أولى به الفضل منه بالصديق ثم اختصر، والمراد بالصديق أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه فالشروط قد توفرت وهو تقدم النفى وهو لن والفاعل أجنبى من الموصوف وهو مفضل على نفسه باعتبار محلين.
(139) البيت من الطويل، وهو للفرزدق فى خزانة الأدب 8/ 269، والدرر 5/ 296، وشرح المفصل 2/ 60، والمقاصد النحوية 4/ 43، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 8/ 294، 295، وتذكرة النحاة ص 47، وشرح الأشمونى 2/ 389، وشرح ابن عقيل ص 468، وشرح عمدة الحافظ ص 766، وهمع الهوامع 2/ 104.
والشاهد فيه قوله: «منه أطيب» حيث قدم «من» التى فى الخبر على أفعل التفضيل للضرورة الشعرية.