الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- إذا قيل أىّ الناس شرّ قبيلة
…
أشارت كليب بالأكفّ الأصابع (105)
ومطرد وهو المشار إليه بقوله: (وبعضه يرى مطردا) وذلك فى لفظ الله فى القسم نحو الله لأفعلن وبعد «كم» الاستفهامية إذا دخل عليها حرف جر نحو بكم درهم أى بكم من درهم وذكر المرادى فى هذا الفصل مواضع غير هذين لم تشتهر.
الإضافة
قال:
نونا تلى الإعراب أو تنوينا
…
ممّا تضيف احذف كطور سينا
يعنى أنك إذا أردت إضافة اسم إلى اسم حذفت ما فى المضاف من نون تلى علامة الإعراب أو تنوين وشمل النون نون المثنى والمجموع على حده وما ألحق بهما نحو غلاماك وابنا زيد وصاحبو زيد وعشروك وأهلو عمرو، وشمل التنوين التنوين الظاهر نحو غلامك فى غلام، والمقدر نحو دراهمك فى دراهم. وطور سينا اسم جبل بالشام ويقال له أيضا طور سينين وقد جاء بالوجهين وأصله قبل الإضافة طور فهو اسم جبل أيضا. ونونا مفعول مقدم باحذف وتنوينا معطوف عليه ومما متعلق باحذف.
والثّانى اجرر وانو من أو فى إذا
…
لم يصلح الّا ذاك واللّام خذا
لما سوى ذينك
وهذا الذى ذكر فى هذا البيت حكم الاسم الأول من المضافين وأما الثانى فحكمه الجر وعلى ذلك نبه بقوله: (والثانى اجرر) يعنى أن حكم المضاف إليه الجر ثم إن الإضافة تتقدر عنده بثلاثة أحرف وإلى ذلك أشار بقوله: (وانو من أو فى إذا * لم يصلح الّا ذاك واللام خذا * لما سوى ذينك) مثال الإضافة المقدرة بمن خاتم فضة وباب ساج ونحو ذلك وضابطه أن يكون المضاف إليه اسما للجنس الذى منه المضاف ومثال المقدرة بفى بل مكر الليل وضابطه
(105) البيت من الطويل، وهو للفرزدق فى ديوانه 1/ 420، وتخليص الشواهد ص 504، وخزانة الأدب 9/ 113، 115، والدرر 4/ 191، وشرح التصريح 1/ 312، وشرح شواهد المغنى 1/ 12، والمقاصد النحوية 2/ 542، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 2/ 178، وخزانة الأدب 10/ 41، والدرر 5/ 185، وشرح الأشمونى 1/ 196، وشرح ابن عقيل ص 374، ومغنى اللبيب 1/ 61، 2/ 643، وهمع الهوامع 2/ 36، 81.
والشاهد فيه قوله: «أشارت كليب» يريد: أشارت إلى كليب، فحذف حرف الجر لضرورة الوزن.
أن يكون المضاف إليه اسم زمان وقع فيه المضاف وإلى هذين القسمين أشار بقوله: (وانو من أو فى) فقوله: (إذا لم يصلح إلا ذاك) يعنى إن لم يصلح فى التأويل إلا تقديرهما، وقوله:
(واللام خذا لما سوى ذينك) أى قدر اللام فيما سوى ذينك القسمين وهو أكثر أقسام المضاف وشمل قوله التى للملك نحو دار زيد والتى للاستحقاق نحو باب الدار وسرج الدابة. ومن مفعول بانو وفى معطوف على من وأو
للتقسيم وذاك فاعل بيصلح وهو إشارة لنية من أو فى واللام مفعول بخذا والألف فى خذا بدل من نون التوكيد الخفيفة ولما متعلق بخذا وما موصولة صلتها سوى ذينك وتجوّز فى قوله خذا لأنه أراد به قدر. ثم اعلم أن الإضافة على قسمين: محضة، وغير محضة وقد أشار إلى القسم الأول فقال:
واخصص أوّلا
…
أو أعطه التّعريف بالّذى تلا
يعنى أن الإضافة المحضة تفيد تخصيص الأول إن أضيف إلى نكرة نحو غلام رجل أو تعريفه إن أضيف إلى معرفة نحو غلام زيد وفهم كون القسم الأول هو المضاف إلى نكرة من ذكر المعرفة فى قسميه. وأولا مفعول باخصص وأو أعطه معطوف على اخصص وأو للتقسيم والتعريف مفعول ثان لأعطه وبالذى متعلق بأعطه وهو مطلوب أيضا لاخصص لأن الاختصاص إنما يتحصل للأول بالثانى وتلا صلة للذى والذى واقع على المضاف إليه والضمير العائد على الموصول الفاعل المستتر فى تلا. ثمّ أشار إلى القسم الثانى من الإضافة وهى الإضافة غير المحضة فقال:
وإن يشابه المضاف يفعل
…
وصفا فعن تنكيره لا يعدل
يعنى أن المضاف إذا كان شبيها بالفعل المضارع لكونه اسم فاعل أو اسم مفعول بمعنى الحال أو الاستقبال أو ما حمل عليه من أمثلة المبالغة أو الصفة المشبهة كانت إضافته غير محضة لا تفيد تخصيصا ولا تعريفا وإنما هى لمجرد التخفيف وذلك نحو ضارب زيد وضاربا عمرا وأصله ضارب زيدا وضاربان عمرا. والمضاف مفعول بيشابه ويفعل فاعل به ويجوز العكس وهو أظهر ووصفا حال من المضاف والفاء جواب الشرط وعن تنكيره متعلق بيعدل. ثم أتى بمثالين من الإضافة غير المحضة فقال:
كربّ راجينا عظيم الأمل
…
مروّع القلب قليل الحيل
فرب راجينا اسم فاعل مضاف إلى الضمير ولم تفد الإضافة تخصيصا ولا تعريفا بل هو نكرة ولذلك أدخل عليه رب لاختصاصها بالنكرة وعظيم صفة مشبهة باسم الفاعل وإضافته إلى الأمل غير محضة وهو نعت لراجينا ونعت النكرة نكرة ومروّع اسم مفعول وإضافته إلى القلب غير محضة وقيل صفة مشبهة وإضافتها إلى الحيل غير محضة وهذه الصفات نعوت لراجينا ونعت النكرة نكرة. ثم قال:
وذى الإضافة اسمها لفظيّه
…
وتلك محضة ومعنويّه
الإشارة بذى لأقرب القسمين وهى الإضافة غير المحضة يعنى أنها تسمى لفظية لأن فائدتها راجعة إلى اللفظ فقط
وهى تسمى أيضا مجازية وغير محضة والإشارة بتلك إلى أول القسمين يعنى أنها تجئ محضة أى خالصة لإفادتها التخصيص أو التعريف وتسمى أيضا معنوية لإفادتها معنى التخصيص أو التعريف. وذى مبتدأ والإضافة نعت له واسمها مبتدأ ثان ولفظية خبر المبتدأ الثانى والجملة خبر المبتدأ الأول وتلك محضة ومعنوية مبتدأ وخبر. ثم قال:
ووصل أل بذا المضاف مغتفر
…
إن وصلت بالثّان كالجعد الشّعر
أو بالذى له أضيف الثّاني
…
كزيد الضّارب رأس الجانى
الإشارة بذا إلى أقرب مذكور وهو ما إضافته غير محضة يعنى أنه يغتفر دخول أل على المضاف، لكن بشرط أن تدخل على الثانى نحو الضارب الرجل والجعد الشعر أو يكون الثانى مضافا إلى ما فيه أل نحو الحسن وجه الأب والضارب رأس الجانى فلو لم تتصل أل بالثانى ولا بما أضيف إليه الثانى لم يجز دخول أل على المضاف فلا يجوز الضارب زيد ولا الضارب صاحب زيد. ووصل أل مبتدأ ومضاف إليه ومغتفر خبره وبذا متعلق بوصل والمضاف نعت لذا وإن وصلت شرط جوابه محذوف لدلالة ما تقدم عليه والجعد من باب الصفة المشبهة باسم الفاعل وفعله جعد جعادة وأو بالذى معطوف على قوله بالثانى وزيد مبتدأ والضارب إلى آخر البيت خبره والجملة على حذف القول والتقدير كقولك. ثم قال:
وكونها فى الوصف كاف إن وقع
…
مثنّى او جمعا سبيله اتّبع
يعنى أن وجود أل فى الوصف المضاف إن كان مثنى أو مجموعا على حده وهو الذى اتبع سبيل المثنى فى كون الإعراب بحرف بعده نون واحترز به من جمع التكسير فإنه يكفى عن وجودها فى المضاف إليه نحو الضاربا زيد والمكرمو عمرو وقوله سبيله اتبع أى سبيل المثنى فيما ذكر. وكونها مبتدأ وإن وقع مبتدأ ثان وكاف خبره والجملة خبر الأول هذا ما أعرب به الشارح هذا البيت وهو صعب التقدير وعندى فى إعرابه غير هذا الوجه وهو أن كونه مبتدأ والظاهر أنه مصدر كان التامة أى وجوده وفى الوصف متعلق به وكاف خبره وإن وقع فى موضع نصب على إسقاط لام التعليل والتقدير وجوده أى أل فى الوصف كاف لوقوعه أى لوقوع الوصف مثنى أو مجموعا على حده ويجوز فى همزة إن الكسر وقد جاء كذلك فى بعض النسخ فوقوع الوصف مثنى أو مجموعا على حده شرط فى الاكتفاء عن وجود أل فى المضاف إليه وسبيله مفعول باتبع والجملة فى موضع الصفة لجمع، ثم قال:
وربّما أكسب ثان أوّلا
…
تأنيثا ان كان لحذف موهلا
يعنى أن المضاف المذكور قد يكتسب التأنيث من المضاف إليه إذا كان مؤنثا وذلك بشرط صحة الاستغناء بالثانى عن الأول وهو المنبه عليه بقوله إن كان لحذف موهلا أى إذا كان المضاف صالحا للحذف والاستغناء عنه بالثانى كقول الشاعر:
- مشين كما اهتزت رماح تسفهت
…
أعاليها مرّ الرياح النواسم (106)
فمر فاعل بتسفهت ولحقت التاء الفعل المسند إليه لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه وهو الرياح لأنه يجوز الاستغناء بالرياح عن مر فتقول تسفهت الرياح فلو كان المضاف إلى المؤنث مما لا يصلح الاستغناء عنه بالثانى لم يجز تأنيثه نحو قام غلام هند إذ لا يصح أن تقول قام هند وأنت تريد غلام هند وفهم من قوله وربما أن ذلك قليل وفى ذكر هذا الشرط إشعار بأنه يجوز أن يكتسب المؤنث التذكير من المضاف إليه إذا صح الاستغناء عنه بالثانى كقوله:
(106) البيت من الطويل، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص 754، وخزانة الأدب 4/ 225، وشرح أبيات سيبويه 1/ 58، والكتاب 1/ 52، 65، والمحتسب 1/ 237، والمقاصد النحوية 3/ 367، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 5/ 239، والخصائص 2/ 417، وشرح الأشمونى 2/ 310، وشرح ابن عقيل ص 380، وشرح عمدة الحافظ ص 838، ولسان العرب 3/ 288 (عرد)، 4/ 446 (صدر)، 11/ 536 (قبل)، 13/ 499 (سنه)، والمقتضب 4/ 197.
والشاهد فيه قوله: «تسفهت
…
مرّ الرياح» حيث أنث الفعل مع أن فاعله «مرّ» مذكر. والذى سوغ ذلك اكتسابه التأنيث من المضاف إليه المؤنث، وهو قوله:«الرياح» وصحة الاستغناء بالمضاف إليه عنه.
- رؤية الفكر ما يؤول له الأم
…
ر معين على اجتناب التوانى (107)
فمعين خبر عن رؤية وذكره وهو خبر عن مؤنث لاكتساب المبتدأ التذكير من المضاف إليه وهو الفكر لصحة الاستغناء بالثانى عن الأول لأنه يجوز أن يقول الفكر معين إذ العلة فى ذلك واحدة. وثان فاعل بأكسب وأوّلا مفعول أول وتأنيثا مفعول ثان وإن كان شرط جوابه محذوف لدلالة ما تقدم عليه ولحذف متعلق بموهلا. ثم قال:
ولا يضاف اسم لما به اتّحد
…
معنى وأوّل موهما إذا ورد
يجب أن يكون المضاف مغايرا للمضاف إليه ولو بوجه ما لأن المضاف يكتسب من المضاف إليه التخصيص أو التعريف والشئ لا يتخصص ولا يتعرف بنفسه فإن ورد من كلام العرب ما يوهم إضافة الشئ إلى نفسه أوّل
ذلك بإضافة الاسم إلى اللقب نحو سعيد كرز فيؤول الأول بالمسمى والثانى بالاسم والاسم خلاف المسمى ونحو مسجد الجامع فى قولهم مسجد الجامع فيؤول على حذف الموصوف والتقدير مسجد المكان الجامع. ومعنى منصوب على التمييز أو على إسقاط فى وموهما مفعول بأول وحذف معموله لاقتضاء المعنى له وتقديره موهما جواز إضافة الشئ إلى نفسه.
وبعض الأسماء يضاف أبدا
…
وبعض ذا قد يأت لفظا مفردا
ثم اعلم أن من الأسماء ما يلزم الإضافة لفظا ومعنى ولا يخلو عنها البتة ومنها ما يلزمها معنى ويخلو عنها لفظا وقد أشار إلى الأول فقال: (وبعض الأسماء يضاف أبدا) يعنى أن من الأسماء ما لا يستعمل إلا مضافا نحو قصارى الشئ وحماداه وذلك على خلاف الأصل فإن الأصل فى الاسم أن يستعمل مضافا تارة وغير مضاف أخرى ثم إن من اللازم للإضافة ما يلزمها معنى ويجوز إفراده لفظا وإلى ذلك أشار بقوله: (وبعض ذا قد يأت لفظا مفردا) وذلك نحو كل وبعض وقبل وبعد وبعض الأسماء مبتدأ ويضاف خبره وأبدا منصوب على الظرف وبعض ذا مبتدأ وقد يأت خبره وحذف الياء من يأت استغناء بالكسرة ومفردا حال من الضمير المستتر فى يأت ولفظا منصوب على إسقاط الخافض ويجوز نصبه على التمييز.
ثم قال:
(107) البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة فى الدرر 5/ 21، والمقاصد النحوية 3/ 369، همع الهوامع 2/ 49.
والشاهد فيه قوله: «رؤية الفكر ما يؤول له» حيث اكتسب المضاف وهو قوله: «رؤية» التذكير من المضاف إليه، وهو قوله:«الفكر» فأعاد عليه الضمير مذكّرا فى قوله «له» .
وبعض ما يضاف حتما امتنع
…
إيلاؤه اسما ظاهرا حيث وقع
يعنى أن بعض الأسماء اللازمة للإضافة لفظا ومعنى يمتنع أن تضاف إلى الظاهر فتجب إضافته للمضمر وفى هذا النوع خروج عن الأصل من وجهين لزوم الإضافة وكون المضاف إليه مضمرا.
كوحد لبّى ودوالى سعدى
…
وشذّ إيلاء يدى للبّى
ثم أتى من ذلك بأربعة ألفاظ فقال: (كوحد لبى ودوالى سعدى) أما وحد فقد تقدم الكلام عليه فى باب الحال وأنه لازم النصب تقول جاء زيد وحده أى منفردا وقد جاء مضافا إليه فى قولهم فى المدح نسيج وحده وفريد دهره وفى الذم فى قولهم جحيش وحده وعيير وحده أما لبى فإنه أيضا لازم الإضافة إلى الضمير نحو لبيك ومعنى لبيك
إقامة على إجابتك بعد إقامة وأما دوالى فيضاف أيضا إلى الضمير وجوبا نحو دواليك ومعناه إدالة لك بعد إدالة وسعدى كذلك تقول سعديك ومعناه إسعادا بعد إسعاد وقد جاء فى الشعر إضافة لبى إلى الظاهر على وجه الشذوذ وعلى ذلك نبه بقوله: (وشذ إيلاء يدى للبى) أى وشذ إضافة لبى ليدى وأشار بذلك إلى قول الشاعر:
- دعوت لمّا نابنى مسورا
…
فلبا فلبّى يدى مسور (108)
فأضاف لبى إلى يدى مسور وإيلاء فاعل بشذ وهو مصدر مضاف إلى المفعول الأول واللام فى للبى زائدة فى المفعول الثانى تقوية لضعف العامل لكونه فرعا أعنى فى العمل فإن إيلاء مصدر أولى وهو متعد إلى اثنين بنفسه.
وألزموا إضافة إلى الجمل
…
حيث وإذ وإن ينوّن يحتمل
إفراد إذ
(108) البيت من المتقارب، وهو لرجل من بنى أسد فى الدرر 3/ 68، وشرح التصريح 2/ 38، وشرح شواهد المغنى 2/ 910، ولسان العرب 15/ 239 (لبى)، والمقاصد النحوية 3/ 381، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 123، وخزانة الأدب 2/ 92، 93، وسر صناعة الإعراب 2/ 747، وشرح أبيات سيبويه 1/ 379، وشرح الأشمونى 2/ 312، وشرح ابن عقيل ص 383، 385، والكتاب 1/ 352، ولسان العرب 1/ 731 (لبب)، 4/ 388 (سور)، والمحتسب 1/ 78، 2/ 23، ومغنى اللبيب 2/ 578، وهمع الهوامع 1/ 190.
ثم قال: (وألزموا إضافة إلى الجمل * حيث وإذ) أما حيث فهى ظرف مكان وأما إذ فهى ظرف للزمان الماضى وكلاهما يلزم الإضافة إلى الجمل وشمل قوله الجمل الجملة الاسمية نحو جلست حيث زيد جالس والفعلية نحو جلست حيث جلس زيد وأتيتك إذ زيد قائم وإذ قام زيد ثم إن إذ تنفرد بجواز حذف الجملة بعدها وتعويض التنوين منها وإلى ذلك أشار بقوله: (وإن ينون يحتمل إفراد إذ) الضمير فى ينون عائد على أقرب المذكور وهو إذ أى وإن ينون إذ يحتمل الإفراد كقوله تعالى: وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ [الروم: 4، 5] وقوله: وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ [الواقعة: 84] والضمير فى وألزموا عائد على العرب وحيث وإذ مفعول بألزموا وإضافة مفعول ثان وهو مقدم من تأخير وإلى الجمل متعلق بألزموا والضمير فى ينون عائد على إذ وكذلك الهاء فى إفراده. واعلم أن من أسماء الزمان ما يجرى مجرى إذ فى الإضافة إلى الجمل وإلى ذلك أشار بقوله:
وما كإذ معنى كإذ
…
أضف جوازا نحو حين جا نبذ
يعنى أن ما شابه إذ فى كونه اسم زمان مبهم بمعنى الماضى يجرى مجرى إذ فى إضافته إلى الجملة الاسمية والفعلية جوازا لا لزوما نحو يوم ووقت وحين فتقول قمت يوم قام زيد وحين زيد قائم وفهم منه أنه إذا كان غير
مبهم لم يضف إلى الجمل نحو نهار وكذلك إذا كان محدودا نحو شهر فلا يجرى مجرى إذ إلا إذا استوى الشبه فى الأوجه المذكورة وما موصولة واقعة على أسماء الزمان الشبيهة بإذ وهو مفعول مقدم بأضف وصلتها كإذ ومعنى منصوب على إسقاط الخافض وجوازا مصدر وصف لمصدر محذوف تقديره أضف إضافة جائزة ويحتمل أن يكون منصوبا على الحال إذا قدرنا المصدر المحذوف معرفة والأول أظهر وكإذ الثانى متعلق بأضف وهو على حذف مضاف أى كإضافة إذ ويحتمل أن يكون فى موضع الحال على أنه نعت نكرة مقدم عليها والتقدير إضافة كإضافة إذ وهو أظهر ويكون التقدير أضف ما أشبه إذ من ظروف الزمان كإضافة إذ إلى الجمل ولذلك عقبه بقوله جوازا لأنه لو لم يقل جوازا لفهم منه أنها تضاف إلى الجمل لزوما وقوله حين جا نبذ مثال لإضافة حين للجملة الفعلية وهو متعلق بنبذ ومعنى نبذ: طرح. ثم قال:
وابن أو اعرب ما كإذ قد أجريا
…
واختر بنا متلوّ فعل بنيا
وقبل فعل معرب أو مبتدا
…
أعرب ومن بنى فلن يفنّدا
يعنى أن ما جرى من أسماء الزمان مجرى إذ فأضيف إلى الجملة يجوز فيه حينئذ البناء والإعراب إلا أن الجملة إذا كانت مصدرة بفعل مبنى اختير البناء، وشمل قوله فعل بنيا الماضى كقوله:
- على حين ألهى الناس جل أمورهم (109)
والمضارع المبنى كقوله:
- على حين يستصبين كل حليم (110)
وإن كانت الجملة المضاف إليها مصدرة بالفعل المعرب وهو المضارع العارى عن موانع الإعراب نحو قول الله عز وجل هذا يَوْمُ يَنْفَعُ [المائدة: 119] أو بالمبتدأ نحو قول الشاعر:
- ألم تعلمى يا عمرك الله أننى
…
كريم على حين الكرام قليل (111)
فالوجه الإعراب وهو متفق عليه ولذلك قال: (وقبل فعل معرب أو مبتدا * أعرب) وأجاز الكوفيون فيه البناء وتبعهم الناظم ولذلك قال: (ومن بنى فلن يفندا) ويؤيده قراءة نافع هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [المائدة: 119] وأن قوله على حين الكرام قليل روى بفتح حين.
والتفنيد التكذيب والذى يبنى عليه الظرف فى هذا الفصل الفتح ولم ينبه عليه الناظم وما موصولة واقعة على أسماء الزمان الجارية مجرى إذ وهى مفعولة بأعرب ومطلوبة لابن فهو
(109) عجزه:
فندلا زريق المال ندل الثعالب
والبيت من الطويل، وهو لأعشى همدان فى الحماسة البصرية 2/ 262، 263، ولشاعر من همدان فى شرح أبيات سيبويه 1/ 371، 372، ولأعشى همدان أو للأحوص أو لجرير فى المقاصد النحوية 3/ 46، وهو فى ملحق ديوان الأحوص ص 215، وملحق ديوان جرير 1021، وبلا نسبة فى الإنصاف ص 293، وأوضح المسالك 2/ 218، وجمهرة اللغة ص 682، والخصائص 1/ 120، وسر صناعة الإعراب ص 507، وشرح الأشمونى 1/ 204، وشرح التصريح 1/ 331، وشرح ابن عقيل ص 289، والكتاب 1/ 115، ولسان العرب 9/ 70 (خشف)، 11/ 653 (ندل).
(110)
صدره:
لأجتذبن منهن قلبى تحلّما
والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 135، وخزانة الأدب 3/ 307، والدرر 3/ 145، وشرح الأشمونى 2/ 315، وشرح التصريح 2/ 42، وشرح شواهد المغنى 2/ 833، ومغنى اللبيب 2/ 518، والمقاصد النحوية 3/ 410، وهمع الهوامع 1/ 218.
والشاهد فيه قوله: «على حين يستصبين» حيث بنى «حين» على الفتح لإضافته إلى الفعل المضارع المبنى لاتصاله بنون النسوة.
(111)
البيت من الطويل، وهو لمبشر بن هذيل فى ديوان المعانى 1/ 89، ولموبال بن جهم المذحجى فى شرح شواهد المغنى 2/ 884، ولمبشر بن هذيل أو لموبال بن جهم فى المقاصد النحوية 3/ 412، وبلا نسبة فى الدرر 3/ 147، وشرح الأشمونى 2/ 315، ومغنى اللبيب 2/ 518، وهمع الهوامع 1/ 218.
والشاهد فيه قوله: «على حين الكرام قليل» حيث بنيت «حين» على الفتح رغم إضافتها إلى جملة معربة الصّدر، والأكثر إعرابها قبل المعرب.
من باب التنازع وأو للتخيير وصلة ما قد أجريا وكإذ متعلق بأجريا وقصر بنا لضرورة الوزن، وبنيا فى موضع الصفة لفعل، وقبل متعلق بأعرب، وأو للتقسيم ومن شرط فى موضع رفع بالابتداء وخبره بنى، والفاء جواب الشرط. ثم قال:
وألزموا إذا إضافة إلى
…
جمل الأفعال كهن إذا اعتلى
يعنى أن العرب ألزمت إذا الإضافة إلى الجمل الفعلية، ويعنى بإذا الظرفية دون الفجائية، والجملة بعدها فى موضع جر عند الجمهور، والعامل فيها جوابها على المشهور وإذا مفعول أول بألزموا وإضافة مفعول ثان وإلى متعلق بإضافة وهن فعل أمر من هان يهون ضد صعب.
ثم قال:
لمفهم اثنين معرّف بلا
…
تفرّق أضيف كلتا وكلا
من الأسماء اللازمة للإضافة لفظا ومعنى كلتا وكلا وفهم من قوله لمفهم اثنين أنهما لا يضافان للمفرد وشمل مفهم اثنين المثنى نحو كلا الرجلين وضميره نحو كلاهما وما دل عليه نحو كلانا واسم الإشارة نحو كلا ذينك، وفهم من قوله معرف أنهما لا يضافان إلى نكرة فلا يقال كلا رجلين. وفهم من قوله بلا تفرق أنه يقال كلا زيد وعمرو وقد جاء فى ضرورة الشعر كقوله:
- كلا أخى وخليلى واجدى عضدا
…
فى النائبات وإلمام الملمّات (112)
ومعرف نعت لمفهم واللام فيه متعلقة بأضيف وكذلك كلا ولا زائدة بين الجار والمجرور.
ولا تضف لمفرد معرّف
…
أيا وإن كرّرتها فأضف
أو تنو الأجزا واخصصن بالمعرفه
…
موصولة أيّا وبالعكس الصّفه
ثم قال: (ولا تضف لمفرد معرف * أيا) من الأسماء اللازمة للإضافة معنى دون لفظ أى.
وقوله ولا تضف نهى أن تضاف أى لمفرد معرف وفهم منه أنها تضاف للجمع والمثنى مطلقا
(112) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 140، والدرر 3/ 112، وشرح الأشمونى 2/ 317، وشرح التصريح 2/ 43، وشرح شواهد المغنى ص 552، وشرح ابن عقيل ص 390، ومغنى اللبيب ص 203، والمقاصد النحوية 3/ 419، وهمع الهوامع 2/ 50.
والشاهد فيه قوله: «كلا أخى وخليلى» حيث أضيفت «كلا» إلى كلمتين، وهذا ضرورة نادرة، وأجاز ابن الأنبارى إضافتها إلى المفرد بشرط تكررها.
نكرة كان أو معرفة نحو أى رجال وأى رجلين وأى الرجال وأى الرجلين وفهم منه أيضا أنها تضاف للمفرد النكرة نحو أى رجل ويمتنع أن تضاف إلى المفرد المعرفة إلا فى صورتين أشار إلى الأول بقوله:
(وإن كررتها فأضف) يعنى أنك إذا كررت أيا جاز أن تضيفها إلى المفرد المعرفة نحو أى زيد وأى عمرو عندك يعنى أى الرجلين قيل ولا تأتى إلا فى الشعر كقوله:
- ألا تسألون الناس أيّى وأيّكم
…
غداة التقينا كان خيرا وأكرما (113)
ثم أشار إلى الصورة الثانية بقوله: (أو تنو الأجزا) أى يجوز إضافتها إلى المفرد المعرفة إذا نويت أجزاء ذلك الاسم كقولك أى زيد ضربت والتحقيق أنها فى هذه الصورة مضافة إلى الجمع لأن التقدير أى أجزائه ضربت
ولذلك يكون الجواب يده أو رأسه. ثم اعلم أن أيا بالنظر إلى إضافتها إلى المعرفة والنكرة على ثلاثة أقسام أشار إلى القسم الأول منها بقوله:
(واخصصن بالمعرفة * موصولة أيا) يعنى أن أيا إذا كانت موصولة تختص بإضافتها إلى المعرفة نحو مررت بأى الرجال هو أفضل وأيهم هو أكرم ثم أشار إلى الثانى بقوله:
(وبالعكس الصفة) يعنى أن أيا إذا كانت صفة بعكس الموصولة، وهى أنها تختص بإضافتها إلى النكرة نحو مررت برجل أى رجل وكذلك إذا كانت حالا كقولك جاء زيد أىّ فارس ثم أشار إلى الثالث بقوله:
وإن تكن شرطا أو استفهاما
…
فمطلقا كمّل بها الكلاما
يعنى أن أيا إذا كانت شرطا أو استفهاما جاز أن تضاف إلى المعرفة والنكرة نحو أىّ رجل تضرب أضربه وأى الرجال تكرم أكرمه وأىّ رجل عندك وأىّ رجال عندك. وأيا مفعول بتضف وإن كررتها شرط وجوابه فأضف وحذف مفعول فأضف والمجرور المتعلق به لدلالة ما تقدم عليه والتقدير فأضفها للمعرفة، وأو تنو معطوف على كررتها فهو شرط والتقدير وإن كررتها أو نويت الأجزاء فأضفها، وفيه نظر لأن ما عطف على الشرط شرط وتقدم عليه فأضف وهو جواب ولا يجوز تقديم الجواب على الشرط ولم أر فيما وقفت عليه من كلام العرب مثل هذا التركيب، ونظيره: إن قام زيد فأكرمه أو يقعد، على أن الإكرام مرتب على
(113) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى شرح الأشمونى 2/ 317، وشرح ابن عقيل ص 391، والمقاصد النحوية 3/ 423.
والشاهد فيه قوله: «أيّى» و «أيّكم» حيث أضاف «أى» إلى مفرد معرفة، والذى جوّز ذلك تكريرها.
الفعلين ويتخرج على أن يكون حذف إن الشرطية قبل تنو على مذهب من أجاز ذلك فيكون التقدير أو إن تنو الأجزاء فأضف وحذف فأضف لدلالة الأول عليه. فإن قلت مذهب من أجاز ذلك أن الفعل يرتفع بعد حذف إن كقوله:
- وإنسان عينى يحسر الماء تارة
…
فيبدو
…
(114)
قلت يجوز أن يكون تنو مرفوعا واكتفى بالكسرة عن الياء كقوله تعالى: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ فى قراءة من حذف الياء أو تكون حذفت من تنو لالتقاء الساكنين على مذهب من لا يعتد بحركة الثقل فى أل. وقوله أيا مفعول باخصصن وبالمعرفة متعلق به وموصولة حال من أى مقدم عليها والصفة مبتدأ خبره بالعكس وإن تكن شرطا شرط جوابه فمطلقا إلى آخر البيت ومطلقا حال من أى يعنى مضافة إلى المعرفة أو النكرة ومعنى كمل بها الكلام أى الكلام
الذى هى جزؤه لأنها مع ما أضيفت إليه جزء كلام.
ثم قال:
وألزموا إضافة لدن فجرّ
لدن من الأسماء اللازمة للإضافة لفظا ومعنى ومعناها قيل بمعنى عند وقيل هى لأول غاية من الزمان والمكان وفهم من قوله فجرّ أنها لا تضاف إلا للمفرد وجعل المرادى قوله فجر شاملا للجر فى اللفظ والمحل لتندرج الجملة وجعل من إضافتها إلى الجملة قوله:
(114) عجزه:
فيبدو وتارات يجم فيغرق
والبيت من الطويل، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص 460، وخزانة الأدب 2/ 192، والدرر 2/ 17، والمقاصد النحوية 1/ 578، 4/ 449، ولكثير فى المحتسب 1/ 150، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 3/ 103، 7/ 257، وأوضح المسالك 3/ 362، وتذكرة النحاة ص 668، وشرح الأشمونى 1/ 92، ومجالس ثعلب ص 612، ومغنى اللبيب 2/ 501، والمعرب 1/ 83، وهمع الهوامع 1/ 98.
والشاهد فيه قوله: «يحسر الماء» حيث حذف منه «إن» ، إذ أصله:«إن يحسر الماء» فلمّا حذف ارتفع الفعل، وإنما قدّروا فيه «إن» محذوفة وأن تقديره: وإنسان عينى إن يحسر الماء تارة فيبدو، لأن قوله:«وإنسان عينى» مبتدأ و «يحسر الماء تارة» جملة في موضع الخبر ولا رابط فيه لهذه الجملة بالمبتدأ، فلمّا عدم الرابط ذهب من ذهب إلى أن أصلها جملة شرطية لأنه لا يشترط فى الشرط إذا وقع خبرا أن يكون الرابط فى جملة الشرط، بل قد يكون فى الجزاء نحو:«زيد إن تقم هند يغضب» . وقال أبو حيّان: «ولا ضرورة إلى تكلف إضمار أداة الشرط لأن فى الروابط ما تقع الجملة خالية عن الرابط فيعطف بالفاء وحدها من بين سائر حروف العطف- جملة فيها رابط فيكتفى به لانتظام الجملتين
…
» (المقاصد 4/ 449).
- لدن شب حتى شاب سود الذوائب (115)
والفعل عند المصنف فى نحو هذا على تقدير أن، قال فى الكافية:
واثر ربت ولدن إن قدرا
…
من قبل فعل نحو من لدن قرا
وأجاز المرادى أيضا أن يضاف إلى الجملة الاسمية كقوله: لدن أنت يافع، وليس فيه دليل لاحتمال أن تكون الجملة صفة لزمان محذوف تقديره لدن وقت أنت فيه يافع وقد سمع نصب غدوة بعد لدن وقد أشار إليه بقوله:
ونصب غدوة بها عنهم ندر
يعنى أنه قد نصب غدوة بعد لدن كقول ذى الرمة:
- لدن غدوة حتى إذا امتدّت الضحى
…
وحثّ القطين الشّحشحان المكلّف (116)
ونصبه قيل على تشبيه لدن باسم الفاعل المنون وقيل على إضمار كان الناقصة وقيل على التمييز وقد سمى بعض المتأخرين تنوين غدوة مع لدن تنوين الفرق. ولدن مفعول أول بألزموا وإضافة مفعول ثان ومفعول فجر محذوف تقديره فجر ما أضيف إليه ونصب مبتدأ خبره ندر وبها متعلق بنصب. ثم قال:
ومع مع فيها قليل ونقل
…
فتح وكسر لسكون يتّصل
من الأسماء اللازمة للإضافة مع وهى اسم لموضع الاجتماع ملازمة للظرفية وتفرد فيلزم نصبها على الحال نحو جاء الزيدان معا أى جميعا وقد حكى جرها وحكى سيبويه من قولهم ذهبت من معه. وقوله مع فيها قليل يعنى أن فيها لغتين فتح العين وسكونها ولغة السكون
(115) صدره:
صريع غوان راقهنّ ورقنه
والبيت من الطويل، وهو للقطامى فى ديوانه ص 44، وخزانة الأدب 7/ 76، والدرر 3/ 137، وسمط اللآلى ص 132، وشرح التصريح 2/ 46، وشرح شواهد المغنى ص 455، ومعاهد التنصيص 1/ 181، والمقاصد النحوية 3/ 427، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 4/ 427، وأوضح المسالك 3/ 145، وتخليص الشواهد ص 263، وشرح الأشمونى 2/ 318، ومغنى اللبيب ص 157، وهمع الهوامع 1/ 215.
والشاهد فيه قوله: «لدن شبّ» حيث أضاف لفظ «لدن» إلى جملة «شبّ» وفاعله المستتر فيه.
(116)
البيت من الطويل، وهو فى ديوان ذى الرمة ص 1565، وشرح المفصل 4/ 102، ولسان العرب 2/ 496 (شحح)، 13/ 383 (لدن).
والشاهد فيه قوله: «لدن غدوة» حيث نصب «غدوة» ب «لدن» .
قليلة وقوله ونقل فتح وكسر يعنى فى لغة السكون إذا التقت العين الساكنة مع ساكن بعدها وجب تحريكها فمن حركها بالفتح فتخفيف ومن حركها بالكسر فعلى أصل التقاء الساكنين وقول المرادى هما مرتبان لا مفرعان غير صحيح بل هما مفرعان لا مرتبان لأن لغة الفتح لا يحدث الساكن فيها حكما وإنما يحدثه فى الساكنة ويدل على صحة ما ذكرته قوله لسكون فجعل الفتح والكسر لأجل السكون ومع معطوف على لدن فى البيت الذى قبله والتقدير وألزموا إضافة لدن ومع ومع الساكن العين مبتدأ وقليل خبره وفيها متعلق بقليل ولا يصح أن يكون مع
المفتوح العين مبتدأ والجملة بعده خبر لأن ذلك لا يؤخذ منه حكم مع فى لزومها الإضافة بل يؤخذ منه أن فيها لغتين فقط بخلاف الإعراب الأول. ثم قال:
واضمم بناء غيرا ان عدمت ما
…
له أضيف ناويا ما عدما
غير من الأسماء اللازمة للإضافة وقد تخلو منها لفظا وذلك مفهوم من قوله إن عدمت ما له أضيف يعنى إن عدمته فى اللفظ وقوله ناويا ما عدما يعنى أن المضاف إليه يكون محذوفا لفظا ومنويا معنى وفهم منه أنه إن لم يعدم المضاف إليه لم يبن على الضم وأنه إن حذف ولم ينو لم يبن أيضا على الضم وأن المعنى ناويا معنى ما عدم دون لفظه فهو على حذف مضاف لأنه إذا نوى لفظه ومعناه كان معربا كما لو لفظ بالمضاف إليه وغير مفعول باضمم وبناء مصدر فى موضع الحال أى بانيا وإن عدمت شرط وما مفعول بعدمت واقع على المضاف إليه وأضيف صلة لما وله متعلق بأضيف والضمير العائد من الصلة إلى الموصول الهاء فى له والضمير فى أضيف عائد على غير وناويا حال من الفاعل باضمم أو من التاء فى عدمت وما مفعول بناويا وهى واقعة على المضاف إليه وصلته عدما. ثم قال:
قبل كغير بعد حسب أوّل
…
ودون والجهات أيضا وعل
لما قدم حكم غير وهو أنها تبنى على الضم إذا قطعت عن الإضافة ونوى المضاف إليه ألحق بغير فى ذلك الحكم قبل وما بعده فقبل وبعد نحو قوله عز وجل: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ [الروم: 4] وحسب كقولك ما عندى غير درهم حسب وأول نحو ابدأ بذا من أول ودون نحو من دون والجهات يعنى الجهات الست وهى يمين وشمال وفوق وتحت ووراء وأمام تقول جئتك من تحت ومن فوق وعن يمين وشمال فهذه كلها تبنى على الضم كغير إذا عدم ما أضيف إليه ونوى معناه دون لفظه. ثم قال:
وأعربوا نصبا إذا ما نكّرا
…
قبلا وما من بعده قد ذكرا
هذا تصريح بما فهم من قوله ناويا ما عدما فإنه إن لم ينو لم يبن على الضم فلم يبق إلا الإعراب وهو الأصل إلا أن قوله نصبا يوهم أنه لا يعرب حال قطعه عن الإضافة إلا بالنصب وليس كذلك بل يعرب بالنصب إن كان ظرفا كقوله:
- فساغ لى الشراب وكنت قبلا
…
أكاد أغصّ بالماء الزلال (117)
وبالجر إذا دخل عليه حرف الجر نحو قوله عز وجل: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ [الروم: 4] فى قراءة من جر ونون
وكأنه استغنى عن ذكر الجر لشمول المفهوم الأول له وخص النصب بالذكر لكثرته. والحاصل أن قبلا وما بعدها لها أربعة أحوال تصريح بالمضاف إليه ونيته معنى ولفظا وعدمه لفظا ومعنى وهى فى هذه الأحوال الثلاثة معربة وعدم ذكر المضاف إليه ونيته معنى لا لفظا وهى فى هذه الحالة مبنية على الضم وإنما بنيت فى هذه الصورة لأن لها شبها بالحرف لتوغلها فى الإبهام فإذا انضم إلى ذلك تضمن معنى الإضافة ومخالفة النظائر بتعريفها بمعنى ما هى مقطوعة عنه كمل بذلك شبه الحرف فاستحقت البناء وبنيت على الضم لأنه أقوى الحركات تنبيها على عروض شبه البناء. وقبل مبتدأ وخبره كغير ويجوز ضبط غير وقبل بالضم من غير تنوين وبالتنوين والرفع وهو الأصل لأنها أسماء ليس فيها ما يوجب البناء ووجه الضم أنه ذكرها على الحالة التى تكون عليها فى حال قطعها عن الإضافة وأما بعد ودون وما بينهما فيتعين فيها الضم من غير تنوين إذ لا يستقيم الوزن إلا به ووجهه ما تقدم فى قبل وغير وهى معطوف على قبل والجهات وعلى كذلك والواو فى أعربوا تعود على العرب ونصبا مصدر فى موضع الحال أى ناصبين ويجوز أن يكون منصوبا على حذف الجار أى بنصب وقبلا مفعولا بأعربوا ولا يجوز فيه الضم كما جاز فيما قبل إذ لا وجه فيه للضم وما موصولة معطوفة على قبل وصلتها قد ذكرا ومن متعلق بذكر وغير داخل فيما بعد قبل لأنه قال قبل كغير ونطق بعل مبنيا على الضم ووجهه ما تقدم فى بعد ودون. ثم قال:
(117) البيت من الوافر، وهو ليزيد بن الصعق فى خزانة الأدب 1/ 426، 429، ولسان العرب 12/ 154 (حمم)، ولعبد الله بن يعرب فى الدرر 3/ 112، والمقاصد النحوية 3/ 435، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 156، وتذكرة النحاة ص 527، وخزانة الأدب 6/ 505، 510، وشرح الأشمونى 2/ 322، وشرح التصريح 2/ 50، وشرح ابن عقيل ص 397، وشرح قطر الندى ص 21، وشرح المفصل 4/ 88، وهمع الهوامع 1/ 210، ويروى «الفرات» و «الحميم» مكان «الزلال» .
وما يلى المضاف يأتى خلفا
…
عنه فى الإعراب إذا ما حذفا
ما يلى المضاف هو المضاف إليه والغرض بهذا الكلام الإعلام بأن المضاف قد يحذف ويقام المضاف إليه مقامه فى الإعراب كقوله تعالى: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ [البقرة: 93] أى حب العجل وكقوله عز وجل: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: 82] أى أهل القرية وما موصولة وهى مبتدأ وصلتها يلى المضاف وخبرها يأتى خلفا ونصب خلفا على الحال من الضمير فى يأتى العائد على ما وعنه متعلق بخلفا وفى الإعراب متعلق بيأتى وإذا متعلق بخلفا أو بيأتى. ثم قال:
وربّما جرّوا الّذى أبقوا كما
…
قد كان قبل حذف ما تقدّما
الوجه فى حذف المضاف أن ينوب عنه المضاف إليه فى الإعراب كما تقدم وقد يجئ المضاف إليه مجرورا كما لو صرح بالمضاف والذى أبقوا هو المضاف إليه لأنه هو الباقى بعد حذف المضاف ومعنى قوله أبقوا كما إلى آخر البيت أى تركوه على الحالة التى كان عليها قبل حذف المضاف وهى الجر وفهم من قوله وربما أن ذلك قليل وفيه مع قلته شرط نبه عليه بقوله:
لكن بشرط أن يكون ما حذف
…
مماثلا لما عليه قد عطف
يعنى أنه لا يجوز بقاء المضاف إليه مجرورا إذا حذف المضاف إلا بشرط أن يكون المحذوف معطوفا على ما قبله لفظا ومعنى كقوله:
- أكلّ امرئ تحسبين امرأ
…
ونار توقّد بالليل نارا (118)
فنار مضاف إليه كل وحذف كل وبقى نار مجرورا لأن المضاف الذى هو كل معطوف على كل المنطوق به المضاف إلى امرئ وما موصولة واقعة على المضاف وحذف صلتها وهى
(118) البيت من المتقارب، وهو لأبى دؤاد فى ديوانه ص 353، والأصمعيات ص 191، وأمالى ابن الحاجب 1/ 134، 297، وخزانة الأدب 9/ 592، 10/ 481، والدرر 5/ 39، وشرح التصريح 2/ 56، وشرح شواهد الإيضاح ص 299، وشرح شواهد المغنى 2/ 700، وشرح عمدة الحافظ ص 500، وشرح المفصل 3/ 26، والكتاب 1/ 66، والمقاصد النحوية 3/ 445، ولعدى بن زيد فى ملحق ديوانه ص 199، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 8/ 49، والإنصاف 2/ 473، وأوضح المسالك 3/ 169، وخزانة الأدب 4/ 417، 7/ 180، ورصف المبانى ص 348، وشرح الأشمونى 2/ 235، وشرح ابن عقيل ص 399، وشرح المفصل 3/ 79، 142، 8/ 52، 9/ 105، والمحتسب 1/ 281، ومغنى اللبيب 1/ 290، والمقرب 1/ 237، وهمع الهوامع 2/ 52.
والشاهد فيه قوله: «ونار» حيث حذف المضاف «كلّ» وأبقى المضاف إليه مجرورا كما كان قبل الحذف، وذلك لأن المضاف المحذوف معطوف على مماثل له، وهو قوله:«كل امرئ» .
اسم يكون ومماثلا خبر يكون ولما متعلق به وما موصولة وصلتها قد عطف وعليه متعلق بعطف وفى عطف ضمير يعود على ما والضمير فى عليه عائد على المعطوف عليه. ثم قال:
ويحذف الثّانى فيبقى الأوّل
…
كحاله إذا به يتّصل
يعنى أن الثانى الذى هو المضاف إليه يحذف ويبقى الأول الذى هو المضاف على الحالة التى كان عليها مع اتصال المضاف به من حذف التنوين إن كان مفردا أو النون إن كان مثنى أو مجموعا على حده لكن بشرط نبه عليه بقوله:
بشرط عطف وإضافة إلى
…
مثل الّذى له أضفت الأوّلا
يعنى أن بقاء المضاف إذا حذف المضاف إليه على الحالة التى كان عليها مشروط بأن يعطف عليه اسم مضاف إلى مثل المضاف إليه الأول وذلك مثل قولهم قطع الله يد ورجل من قالها أى قطع الله يد من قالها فحذف من قالها وبقى يد غير منون كما كان مع وجود المضاف إليه لأنه قد عطف رجل مضافا إلى مثل المحذوف، ومنه قول الشاعر:
- يا من رأى عارضا يسرّ به
…
بين ذراعى وجبهة الأسد (119)
فذراعى مضاف إلى محذوف مثل الذى أضيف إليه المعطوف عليه وكحاله فى موضع الحال من الأول وإذا متعلق بالاستقرار العامل فى كحاله وهى مضافة إلى يتصل وبه متعلق بيتصل وبشرط متعلق بيحذف وإلى متعلق بإضافة والذى واقع على المضاف إليه المحذوف وصلته أضفت وله متعلق به والضمير المجرور عائد على الموصول. ثم اعلم أن المضاف والمضاف إليه كالشئ الواحد فلا يفصل بينهما كما لا يفصل بين أبعاض الكلمة إلا فى ضرورة الشعر هذا مذهب جمهور النحويين وأما الناظم فالفصل عنده بين المضاف والمضاف إليه على قسمين جائز فى السعة ومخصوص بالضرورة وقد أشار إلى الأول بقوله:
فصل مضاف شبه فعل ما نصب
…
مفعولا او ظرفا أجز ولم يعب
فصل يمين
(119) البيت من المنسرح، وهو للفرزدق فى خزانة الأدب 2/ 319، 4/ 404، 5/ 289، وشرح شواهد المغنى 2/ 799، وشرح المفصل 3/ 21، والكتاب 1/ 180، والمقاصد النحوية 3/ 451، والمقتضب 4/ 229، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر 1/ 100، 2/ 264، 390، وتخليص الشواهد ص 87، وخزانة الأدب 10/ 187، والخصائص 2/ 407، ورصف المبانى ص 341، وسر صناعة الإعراب ص 297، وشرح الأشمونى 2/ 336، وشرح عمدة الحافظ ص 502، ولسان العرب 3/ 92 (بعد)، 15/ 492 (يا)، ومغنى اللبيب 2/ 380، 621.
فجعل الجائز فى السعة ثلاثة أنواع: الأول أن يكون المضاف شبيها بالفعل والفصل بينهما بمفعول المضاف فشمل نوعين الأول المصدر كقراءة ابن عامر وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ [الأنعام: 137] بنصب أولادهم وجر شركائهم وأصله قتل شركائهم أولادهم ففصل بالمفعول بين المضاف والمضاف إليه لأن المضاف مصدر والمصدر شبيه بالفعل. الثانى اسم الفاعل كقوله عز وجل فى قراءة بعضهم: فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ [إبراهيم: 47] ففصل بين مخلف ورسله بالمفعول وهو وعده لأن المضاف اسم الفاعل واسم
الفاعل شبيه بالمضاف هذا معنى قوله: (فصل مضاف شبه فعل ما نصب مفعولا) النوع الثانى أن يكون الفصل بين المضاف والمضاف إليه بظرف معمول المضاف كقوله:
- كناحت يوما صخرة بعسيل (120)
وهذا معنى قوله أو ظرفا وفهم منه جواز الفصل بالمجرور إذ الظرف والمجرور من واد واحد ومن ذلك قوله:
لا أنت معتاد فى الهيجا مصابرة
ففصل بين معتاد ومصابرة بقوله الهيجا. النوع الثالث الفصل بالقسم ومنه ما حكى الكسائى هذا غلام والله زيد ففصل بين غلام وزيد بالقسم وهذا معنى قوله ولم يعب فصل يمين. ثم أشار إلى الثانى بقوله:
واضطرارا وجدا
…
بأجنبىّ أو بنعت أو ندا
فجعل الفصل للاضطرار ثلاثة أنواع: الأول أن يكون الفاصل أجنبيا يعنى أجنبيا عن المضاف كقوله:
(120) صدره:
فرشنى بخير لا أكون ومدحتى
والبيت من الطويل وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 184، والدرر 5/ 43، وشرح الأشمونى 2/ 328، وشرح التصريح 2/ 58، وشرح عمدة الحافظ ص 328، ولسان العرب 11/ 447 (عسل)، والمقاصد النحوية 3/ 481، وهمع الهوامع 2/ 52.
والشاهد فيه قوله: «كناحت يوما صخرة» فإنّ قوله: «ناحت» اسم فاعل مضاف إلى مفعوله، وهو قوله:
«صخرة» وقد فصل بينهما بالظرف وهو قوله: «يوما» .
- كما خط الكتاب بكفّ يوما
…
يهودىّ يقارب أو يزيل (121)
ففصل بين كف ويهودى بيوم وهو أجنبى من المضاف أى غير معمول له. الثانى أن يفصل بين المضاف والمضاف إليه بالنعت أى ينعت المضاف كقول الشاعر:
- نجوت وقد بلّ المرادىّ سيفه
…
من ابن أبى شيخ الأباطح طالب (122)
أراد ابن أبى طالب شيخ الأباطح وهو المراد بقوله أو بنعت. الثالث النداء كقول الشاعر:
- وفاق كعب بجير منقذ لك من
…
تعجيل تهلكة والخلد فى سقر (123)
وهو المراد بقوله أو ندا وفصل مفعول مقدم بأجز وهو مصدر مضاف إلى المفعول وشبه فعل نعت لمضاف وما موصولة واقعة على الفاصل وصلتها نصب والضمير العائد على الموصول محذوف تقديره نصبه وهى فاعل
بفصل ومفعولا أو ظرفا حالان من ما أو من الضمير المحذوف وتقدير البيت أجز أن يفصل المضاف منصوبه فى حال كونه مفعولا أو ظرفا وفصل يمين مفعول لم يسم فاعله بيعب وهو مصدر مضاف إلى الفاعل والتقدير لم يعب أن يفصل اليمين المضاف واضطرارا مفعول له وهو تعليل لوجد وفى وجد ضمير عائد على الفصل وبأجنبى متعلق بوجد.
(121) البيت من الوافر، وهو لأبى حية النميرى فى الإنصاف 2/ 432، وخزانة الأدب 4/ 219، والدرر 5/ 45، وشرح التصريح 2/ 59، والكتاب 1/ 179، ولسان العرب 12/ 390 (عجم)، والمقاصد النحوية 3/ 470، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 189، والخصائص 2/ 405، ورصف المبانى ص 65، وشرح الأشمونى 2/ 328، وشرح ابن عقيل ص 403، وشرح عمدة الحافظ ص 495، وشرح المفصل 1/ 103، ولسان العرب 4/ 158 (حبر)، والمقتضب 4/ 377، وهمع الهوامع 2/ 52.
والشاهد فيه قوله: «بكفّ يوما يهودىّ» حيث فصل بالظرف «يوما» بين المضاف والمضاف إليه.
(122)
البيت من الطويل، وهو لمعاوية بن أبى سفيان فى الدرر 5/ 46، وشرح التصريح 2/ 59، والمقاصد النحوية 3/ 478، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 1/ 258، وشرح ابن عقيل ص 404، وشرح عمدة الحافظ ص 296، وهمع الهوامع 2/ 52.
والشاهد فيه قوله: «من ابن أبى شيخ الأباطح طالب» حيث فصل بين المضاف وهو قوله «أبى» والمضاف إليه، وهو قوله:«طالب» بالنعت للضرورة الشعرية.
(123)
البيت من البسيط، وهو لبجير بن زهير فى الدرر 5/ 48، والمقاصد النحوية 3/ 489، وهمع الهوامع 2/ 53، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى 2/ 329، وشرح ابن عقيل ص 405.