الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- فلم أعط شيئا ولم أمنع (141)
أى فلم أعط شيئا طائلا. وما مبتدأ موصولة وصلتها عقل ومن المنعوت متعلق بعقل ويجوز حذفه فى موضع خبر ما وفاعل يقل ضمير يعود على الحذف.
التوكيد
التوكيد على قسمين: لفظى، ومعنوى؛ فالمعنوى على قسمين قسم يدل على إثبات الحقيقة ورفع المجاز وقسم يدل على الإحاطة والشمول وقد أشار إلى الأول فقال:
بالنّفس أو بالعين الاسم أكّدا
…
مع ضمير طابق المؤكّدا
يعنى أن الاسم يؤكد بلفظ النفس أو العين مضافين إلى ضمير مطابق للمؤكد فى الإفراد والتذكير وفروعهما فتقول قام زيد نفسه وعينه وقامت هند نفسها وعينها هذا فى حالة الإفراد فإن كان المؤكد مثنى أو مجموعا فقد نبه على ذلك بقوله:
واجمعهما بأفعل إن تبعا
…
ما ليس واحدا تكن متّبعا
يعنى أن النفس والعين إذا أكد بهما غير الواحد جمعا على أفعل، وشمل قوله ما ليس واحدا المثنى والمجموع مذكرين ومؤنثين فتقول قام الزيدان أنفسهما وقام الزيدون أنفسهم والهندان أنفسهما والهندات أنفسهن. ثم أشار إلى الثانى وهو الدال على الإحاطة والشمول بقوله:
وكلّا اذكر فى الشمول وكلا
…
كلتا جميعا بالضّمير موصلا
(141) صدره:
وقد كنت فى الحرب ذا تدرإ
والبيت من المتقارب، وهو للعباس بن مرداس فى ديوانه ص 84، والدرر 6/ 25، وشرح التصريح 2/ 119، وشرح شواهد المغنى 2/ 925، وشرح عمدة الحافظ ص 551، والشعر والشعراء 2/ 752، ولسان العرب 1/ 72 (درأ)، والمقاصد النحوية 4/ 69، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 322، وشرح الأشمونى 1/ 401، ومغنى اللبيب 2/ 627، وهمع الهوامع 2/ 120.
والشاهد فيه قوله: «فلم أعط شيئا» ، يريد:«فلم أعط شيئا طائلا» ، فحذف النعت.
ذكر فى هذا البيت من ألفاظ التوكيد أربعة كل ولا يؤكد بها إلا ذو أجزاء وكلا ويؤكد بها المثنى المذكر وكلتا ويؤكد بها المثنى المؤنث وجميع وهو مثل كل ولا يؤكد بهذه الألفاظ إلا مضافة إلى ضمير المؤكد وهو المنبه عليه بقوله بالضمير موصلا وأل فى الضمير للعهد ففهم منه أن الضمير يكون مطابقا للمؤكد كما فى النفس والعين فتقول جاء الجيش كله والقبيلة كلها والرجال كلهم والنساء كلهن والزيدان كلاهما والهندان كلتاهما والركب جميعه والجماعة جميعها والزيدون جميعهم والهندات جميعهن، ثم قال:
واستعملوا أيضا ككلّ فاعله
…
من عمّ فى التّوكيد مثل النّافله
من ألفاظ التوكيد عامة بمعنى كل تقول جاء الجيش عامته أى كله والقبيلة عامتها والزيدون عامتهم ولما لم يتزن له لفظ عامة لما فيه من الجمع بين ساكنين وذلك لا يتأتى فى الشعر عبر عنها بفاعلة من عم فإذا بنيت من عم فاعلة قلت عاممة فاجتمع مثلان فأدغم الأول فى الثانى وإنما قال مثل النافلة لإغفال كثير من النحويين عن ذكر عامة فى ألفاظ التوكيد فصار كأنه نافلة على ما ذكره النحويون من ألفاظ التوكيد فى هذا الباب، والنافلة الزيادة، ثم ذكر توابع كل فقال:
وبعد كلّ أكدوا بأجمعا
…
جمعاء أجمعين ثمّ جمعا
يعنى أن أجمع وما بعده يؤكد به بعد كل، وفهم من ترتيب هذه الألفاظ أن أجمع للمفرد المذكر وجمعاء للمفرد المؤنث وأجمعين للجمع المذكر وجمع للجمع المؤنث فتقول جاء الجيش كله أجمع والقبيلة كلها جمعاء والزيدون كلهم أجمعون والهندات كلهن جمع، وفهم من قوله وبعد كل أمران أحدهما واجب وهو أن أجمع إذا ذكر مع كل لا يكون إلا متأخرا عنها والآخر غالب وهو أنه لا يؤكد به دون كل وقد نبه على أنه يؤكد به دون كل بقوله:
ودون كل قد يجئ أجمع
…
جمعاء أجمعون ثمّ جمع
يعنى أن أجمع وما بعده يؤكد به دون كل فتقول جاء الجيش أجمع والقبيلة جمعاء والزيدون أجمعون والهندات جمع وفهم من قوله قد يجئ أن ذلك قليل بالنسبة لذكرها بعد كل وصرح الشارح بقلته وفيه نظر لأنه جاء فى القرآن التوكيد به دون كل كثيرا كقوله تعالى: لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص: 82] وجمعاء أجمعون معطوفان على أجمع بحذف العاطف، ثم قال:
وإن يفد توكيد منكور قبل
…
وعن نحاة البصرة المنع شمل
فى توكيد النكرة ثلاثة مذاهب: المنع مطلقا وهو مذهب البصريين، والجواز مطلقا وهو مذهب بعض الكوفيين،
والجواز إذا كانت النكرة مؤقتة نحو شهر ويوم وشبههما وهو اختيار المصنف وظاهر النظم لاشتراطه الفائدة ولا تحصل الفائدة إلا فى النكرة المؤقتة نحو صمت شهرا كله، ومنه قوله:
- يا ليتنى كنت صبيا مرضعا
…
تحملنى الذلفاء حولا أكتعا (142)
وقوله أيضا:
- لكنه شاقه أن قيل ذا رجب
…
يا ليت عدّة شهر كله رجب (143)
ويؤيده قوله فى التسهيل إن أفاد توكيد النكرة جاز وفاقا للأخفش والكوفيين، والمنقول عن الأخفش والكوفيين أن النكرة لا تؤكد إلا إذا كانت مؤقتة وفهم من كلامه أن المجيز لتوكيد النكرة الكوفيون لذكره البصريين فى المنع وفهم من قوله شمل أن البصريين يمنعون توكيدها مطلقا سواء كانت مؤقتة أو غير مؤقتة، وعن متعلق بشمل. ثم قال:
واغن بكلتا فى مثنى وكلا
…
عن وزن فعلاء ووزن أفعلا
يعنى أن العرب استغنت بكلتا فى المثنى المؤنث عن وزن فعلاء وبكلا فى المذكر عن وزن أفعل فتقول قامت المرأتان كلتاهما والرجلان كلاهما ولا يقال قامت المرأتان جمعاوان ولا قام الزيدان أجمعان كما قالوا فى المفرد أجمع وفى الجمع أجمعون، ولا بد من إضافة
(142) الرجز بلا نسبة فى الدرر 6/ 35، 41، وخزانة الأدب 5/ 169، وشرح الأشمونى 2/ 406، وشرح ابن عقيل ص 385، وشرح عمدة الحافظ ص 562، 565، ولسان العرب 8/ 305 (كتع)، والمقاصد النحوية 4/ 93، والمقرب 1/ 240، وهمع الهوامع 2/ 123، 124.
والشاهد فيه قوله: «حولا أكتعا» حيث أكد النكرة المحدودة، وهو مذهب الكوفيين.
(143)
البيت من البسيط، وهو لعبد الله بن مسلم الهذلى فى شرح أشعار الهذليين 2/ 910، ومجالس ثعلب 2/ 407، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص 190، والإنصاف ص 450، وأوضح المسالك 3/ 332، وتذكرة النحاة ص 640، وجمهرة اللغة ص 525، وخزانة الأدب 5/ 170، وشرح الأشمونى 2/ 407، وشرح التصريح 2/ 125، وشرح شذور الذهب ص 551، وشرح قطر الندى ص 296، والمقاصد النحوية 4/ 96.
والشاهد فيه قوله: «حول كله» حيث أكّد النكرة التى هى قوله: «حول» لما كانت النكرة محدودة، لأن «العام» معلوم الأول والآخر وكان لفظ التوكيد من الألفاظ الدالة على الإحاطة، وهو قوله:«كله» وتجويز ذلك هو مذهب الكوفيين.
كلا وكلتا لضمير المؤكد وقد تقدم فى قوله: وكلا اذكر فى الشمول
…
البيت، واغن فعل أمر من غنى بمعنى استغنى وبكلتا وعن وزن متعلقان باغن. ثم قال:
وإن تؤكد الضّمير المتّصل
…
بالنّفس والعين فبعد المنفصل
عنيت ذا الرّفع
…
يعنى أن ضمير الرفع المتصل إذا أكد بالنفس أو بالعين لا بد من توكيده بالضمير المنفصل تقول قمت أنت نفسك وزيد قام هو عينه وفهم أن الضمير المؤكد بالنفس والعين إذا كان منفصلا لا يلزم توكيده بالضمير نحو أنت نفسك قائم وفهم أيضا أن التأكيد إذا كان بغير النفس والعين لا يلزم توكيده بالضمير نحو قمتم كلكم أجمعون وفهم من قوله عنيت ذا الرفع أن الضمير المتصل إذا كان منصوبا أو مجرورا لا يؤكد أيضا نحو ضربتك نفسك ومررت بك نفسك ثم صرح بالمفهوم فى التوكيد بغير النفس والعين فقال:
وأكّدوا بما
…
سواهما والقيد لن يلتزما
يعنى أن ضمير الرفع المتصل إذا أكد بغير النفس والعين من ألفاظ التوكيد لا يلزم التوكيد بالضمير المنفصل فتقول الزيدون قاموا كلهم، وفهم من قوله لن يلتزما أن توكيده بالضمير جائز فتقول قاموا هم كلهم وقمتم أنتم أجمعون وإن تؤكد شرط والفاء جواب الشرط وبعد خبر مبتدأ مضمر والمنفصل نعت لمحذوف والتقدير فتوكيده بعد الضمير المنفصل.
ولما فرغ من التوكيد المعنوى شرع فى التوكيد اللفظى فقال:
وما من التّوكيد لفظىّ يجى
…
مكرّرا كقولك ادرجى ادرجى
التوكيد اللفظى إعادة اللفظ بموافقة، وفهم من قوله له مكررا أنه يكون المساوى لفظا ومعنى نحو ادرج ادرج، وبالمساوى معنى دون لفظ نحو:
144 -
أنت بالحقّ جدير قمن
لأن جديرا وقمنا متفقان معنى وفهم منه أيضا أنه يكون فى الاسم والفعل والحرف والجملة وسيذكر ذلك. وما مبتدأ وهى موصولة ولفظى خبر مبتدأ محذوف تقديره وما هو من التوكيد لفظى وهو العائد على الموصول والمبتدأ مع خبره صلة ما وإنما جاز حذف
الضمير وهو صدر الصلة بالمجرور وهو متعلق بالاستقرار على أنه حال من الضمير المستتر فى الخبر ويجى خبر مبتدأ ومكررا حال من الضمير المستتر فى يجى ثم قال:
ولا تعد لفظ ضمير متّصل
…
إلّا مع اللّفظ الّذى به وصل
يعنى أنه إذا أكد الضمير المتصل وجب أن يؤتى معه باللفظ الذى اتصل به فشمل المتصل بالفعل المرفوع نحو قمت قمت والمنصوب نحو ضربك ضربك والمجرور المتصل بالاسم نحو غلامك غلامك والمتصل بالحرف نحو بك بك، وفهم منه أن الضمير المنفصل لا يشترط فيه شئ نحو أنت أنت قائم وهو هو قاعد وإياك إياك ضربت. ثم قال:
كذا الحروف غير ما تحصّلا
…
به جواب
يعنى أن التوكيد اللفظى فى الحروف لا بد فيه من تكرار ما اتصل به فتقول فى توكيد «فى» من قولك فى الدار زيد فى الدار فى الدار زيد وإن من إن زيدا قائم إن زيدا إن زيدا قائم ولا يجوز توكيده بغير ما اتصل به إلا فى الضرورة كقوله:
- ولا للما بهم أبدا دواء (145)
فلو كان الحرف جوابيا لم يشترط فيه ذلك وإلى ذلك أشار بقوله: (غير ما تحصلا به جواب) ومثله بقوله: (كنعم وكبلى) فتقول: نعم نعم وبلى وبلى أنه لم يتصل به شئ يتكرر معه. والحروف مبتدأ وخبره كذا وغير منصوب على الاستثناء والتقدير الحروف كالضمائر فى وجوب إعادة ما اتصل بها إلا المتحصل به الجواب. ثم قال:
ومضمر الرّفع الّذى قد انفصل
…
أكّد به كلّ ضمير اتّصل
(145) صدره:
فلا والله لا يلفى لما بى
والبيت من الوافر، وهو لمسلم بن معبد الوالبى فى خزانة الأدب 2/ 308، 312، 5/ 157، 9/ 528، 534، 10/ 191، 11/ 267، 287، 330، والدرر 5/ 147، 6/ 53، 256، وشرح شواهد المغنى ص 773، وبلا نسبة فى الإنصاف ص 571، وأوضح المسالك 3/ 343، والجنى الدانى ص 80، 345، والخصائص 2/ 282، ورصف المبانى ص 202، 248، 255، 259، وسر صناعة الإعراب ص 282، 332، وشرح الأشمونى 2/ 410، وشرح التصريح 2/ 130، 230، والصاحبى فى فقه اللغة ص 56، والمحتسب 2/ 256، ومغنى اللبيب ص 181، والمقاصد النحوية 4/ 102، والمقرب 1/ 338، وهمع الهوامع 2/ 125، 158.