الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لا ينصرف
الصّرف تنوين أتى مبيّنا
…
معنى به يكون الاسم أمكنا
يعنى أن الصرف هو التنوين الذى به يتبين أن الاسم الذى يتصل به يسمى أمكن وما صرح به من أن الصرف هو التنوين هو مذهب المحققين، ويمنع الاسم من الصرف لوجود علتين فيه أو علة تقوم مقام علتين وقصده فى هذا الباب أن يبين الأسماء التى لا تنصرف وإنما ذكر الصرف وعرفه لأن بمعرفته يعرف الاسم الذى لا ينصرف فما وجد فيه التنوين المذكور فهو منصرف وما لم يوجد فيه فهو غير منصرف. ثم اعلم أن جميع ما لا ينصرف اثنا عشر نوعا خمسة فى النكرة وسبعة فى المعرفة وقد شرع فى القسم الأول وبدأ منه بألف التأنيث فقال:
فألف التّأنيث مطلقا منع
…
صرف الّذى حواه كيفما وقع
يعنى أن ألف التأنيث تمنع من الصرف مطلقا أى مقصورة كانت أو ممدودة كيفما كان الاسم الذى هى فيه من كونه نكرة أو معرفة مفردا أو جمعا نحو ذكرى وسلمى وحبلى وسكارى وخمراء وأسماء وزكرياء وإنما منعت ألف التأنيث وحدها لأنها قامت مقام علتين وهما التأنيث ولزوم التأنيث فألف التأنيث مبتدأ خبره منع ومطلقا حال من الضمير المستتر فى منع العائد على المبتدأ وحواه صلة الذى والضمير العائد من الصلة إلى الموصول الضمير المستتر فى حواه والهاء فى حواه عائدة على ألف التأنيث وكيفما وقع شرط حذف جوابه لدلالة ما تقدم عليه والتقدير كيفما وقع منع الصرف ثم أشار إلى النوع الثانى مما يمنع فى النكرة فقال:
وزائدا فعلان فى وصف سلم
…
من أن يرى بتاء تأنيث ختم
يعنى أن زائدى فعلان وهما الألف والنون الزائدتان يمنعان الصرف إذا كانتا فى وصف سلم من أن يختم بتاء التأنيث، والمانع له من الصرف الألف والنون والصفة وفهم منه أن ذلك مخصوص بهذا الوزن الذى هو فعلان وفهم من قوله فى وصف أن هاتين الزيادتين لو كانتا فى غير الوصف لم يمنعا نحو سرحان وفهم منه أن الوصف المحتوى على هاتين
الزيادتين إذا أنث بالهاء لم يمنع نحو ندمان فإنك تقول فى مؤنثه ندمانة فمثال ما توفرت فيه شروط المنع غضبان وسكران فإنك تقول فى مؤنثهما غضبى وسكرى ولا يجوز فيهما غضبانة وسكرانة. وزائدا معطوف على الضمير المستتر فى منع العائد على ألف التأنيث وجاز العطف عليه للفصل بالمفعول والتقدير منع الصرف ألف التأنيث وزائدا فعلان ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف لدلالة ما تقدم عليه أى وزائدا فعلان كذلك وفى وصف متعلق بزائدا وسلم إلى آخر البيت فى موضع الصفة لوصف وختم فى موضع المفعول الثانى ليرى وبتاء متعلق بختم ثم أشار إلى النوع الثالث فقال:
ووصف اصلى ووزن أفعلا
…
ممنوع تأنيث بتا كأشهلا
يعنى أن الوصف إذا كان على وزن أفعل وكان مؤنثه ممنوعا من التاء لا ينصرف وفهم منه أن أفعل إذا لم يكن وصفا انصرف كأفكل اسم للرعدة وفهم منه أن أفعل إذا كان الوصف به على خلاف الأصل لم يمتنع من الصرف كأربع من أسماء العدد وفهم أيضا أن الوصف إذا لم يكن على وزن أفعل لم يؤثر فى المنع كضارب وفهم منه أن أفعل الصفة إذا أنث بالتاء منصرف كقولهم أرمل للفقير فإن مؤنثه أرملة وشمل أفعل ما مؤنثه فعلاء كأحمر وحمراء وما مؤنثه فعلى كأكبر وكبرى وما لا مؤنث له كأكمر لعظيم الكمرة لأن قوله ممنوع تأنيث بتا شامل له وشمل أيضا ما اسميته عارضة كأدهم ووصف معطوف على زائدا ويجوز أن يكون مبتدأ محذوف الخبر كما تقدم فى زائدى فعلان وأصلى نعت له وهو الذى سوغ الابتداء به إذا جعل مبتدأ ووزن معطوف على وصف وممنوع حال من أفعل وبتا متعلق بتأنيث ثم صرح بمفهوم قوله أصلى فقال:
(وألغينّ عارض الوصفيه * كأربع) يعنى أن وزن أفعل إذا كان اسما ووصف به فوصفيته غير معتد بها فى المنع لعروضها وذلك كأربع فإنه اسم من أسماء العدد لكن العرب وصفت به فقالوا مررت بنساء أربع فهو منصرف ولا أثر لوصفيته وكذلك رجل أرنب أى ذليل وأصله الأرنب وكما يلغى عارض الوصفية فكذلك يلغى أيضا عارض الاسمية وإليه أشار بقوله:
(وعارض الاسميّه) وهو عكس أربع ومعناه أن أفعل يكون فى الأصل وصفا فيجرى مجرى الأسماء فتلغى اسميته ويمنع من الصرف على مقتضى الأصل وقد مثل ذلك بقوله:
فالأدهم القيد لكونه وضع
…
فى الأصل وصفا انصرافه منع
من أسماء القيد أدهم وهو فى الأصل وصف لكنه استعمل استعمال الأسماء فألغيت فيه الاسمية وبقى غير
منصرف على مقتضى الأصل فتقول مررت بأدهم أى بقيد ومثل أدهم فى ذلك أرقم لنوع من الحيات وأسود للحية أيضا. فالأدهم مبتدأ والقيد بدل منه بدل الشئ من الشئ وانصرافه منع خبر المبتدأ ولكونه متعلق بمنع وفى الأصل متعلق بوضع ثم إن من الأسماء التى على وزن أفعل ما جاء فيه الصرف ومنع الصرف وإلى ذلك أشار بقوله:
وأجدل وأخيل وأفعى
…
مصروفة وقد ينلن المنعا
أجدل اسم للصقر وأخيل اسم لطائر ذى خيلان وأفعى اسم لضرب من الحيات وليست هذه الأسماء صفات لا فى الأصل ولا فى الاستعمال فحقها الصرف ولذلك صرفها أكثر العرب وبعض العرب يمنعها من الصرف ووجهه أنه لاحظ فيها معنى الصفة وهو ظاهر فى أجدل لأنه من الجدل وهو القوة وأخيل لأنه من الخيول وهو الكثير الخيلان وفهم من قوله مصروفة وقد ينلن أن الصرف هو الكثير. ثم أشار إلى النوع الرابع مما لا ينصرف فى النكرة فقال:
ومنع عدل مع وصف معتبر
…
فى لفظ مثنى وثلاث وأخر
يعنى أن هذه الأسماء الثلاثة التى ذكرها فى هذا البيت يمتنع صرفها للعدل والوصف، أما مثنى فهو وصف وهو معدول عن اثنين اثنين فإذا قلت جاء القوم مثنى فمعناه جاء القوم اثنين اثنين فعدل عن اثنين إلى مثنى. وأما ثلاث فهو أيضا وصف وهو معدول عن ثلاثة ثلاثة فإذا قلت مررت بقوم ثلاث فمعناه مررت بقوم ثلاثة ثلاثة. وأما أخر فهو أيضا وصف وهو معدول عن الألف واللام وذلك لأنه جمع أخرى أنثى الآخر وحق ما كان كذلك أن يستعمل بأل أو بالإضافة فعدل عما يستحق من ذلك وقيل غير ذلك والمشهور ما ذكرته. ثم قال:
ووزن مثنى وثلاث كهما
…
من واحد لأربع فليعلما
يعنى أن موازن مثنى وثلاث من ألفاظ العدد المعدول مثل هذين الوزنين فى امتناع الصرف للعدول والوصف فتقول مررت بقوم موحد وأحاد ومثنى وثناء ومثلث وثلاث ومربع ورباع ووزن مبتدأ والخبر فى قوله كهما أى مثلهما وأدخل كاف التشبيه على المضمر لضرورة
الوزن ومن واحد وما بعده فى موضع الحال من الضمير المستتر فى الخبر. ثم أشار إلى النوع الخامس فقال:
وكن لجمع مشبه مفاعلا
…
أو المفاعيل بمنع كافلا
يعنى أن الجمع المشبه مفاعل أو المفاعيل فى كونه مفتوح الفاء وثالثه ألف بعدها حرفان كمفاعل أو ثلاثة أحرف أوسطها ساكن كمفاعيل يمتنع صرفه لقيام الجمع فيه مقام علتين وهى الجمع وعدم النظير فى الواحد وشمل
قوله مفاعيل ما أوله الميم كمساجد وما أوله غيرها كدراهم وشمل قوله المفاعيل ما أوله ميم كمصابيح وما ليس أوله ميما كدنانير. وكافلا خبر كن وبمنع متعلق بكافلا ومفاعل مفعول بمشبه. ثم إن من هذا الجمع ما يجئ معتل اللام وهو قسمان أحدهما ما قلبت فيه الكسرة التى بعد الألف فتحة فانقلبت الياء ألفا نحو عذارى ولا إشكال فى منع التنوين منه والآخر ما استثقلت فى بابه بالضمة فحذفت ولحقها التنوين وإلى ذلك أشار بقوله:
وذا اعتلال منه كالجوارى
…
رفعا وجرّا أجره كسارى
يعنى أن ما كان من الجمع المعتل اللام مثل جوار فى كونه على ما ذكر من حذف الحركة يجرى مجرى سار فى لحاق التنوين بآخره فى حالة الرفع والجر فتقول هذه جوار ومررت بجوار وسكت عن حالة النصب ففهم أنه على الأصل كالصحيح فتقول رأيت جوارى وفهم من قوله كالجوارى أن نحو عذارى ليس كذلك وإن كان معتلا وظاهر النظم أن التنوين فى جوار وبابه تنوين الصرف لتشبيهه له بسار وليس كذلك على المشهور بل التنوين فيه عوض عن الياء المحذوفة والتنوين فى سار للصرف ويخالفه أيضا أن المقدر فى ياء جوار الفتحة والمقدر فى ياء سار الكسرة. وذا اعتلال مفعول بفعل مضمر يفسره أجره وكسار متعلق بأجره ومنه متعلق باعتلال وكالجوارى فى موضع نصب على الحال من ذا اعتلال ثم قال:
ولسراويل بهذا الجمع
…
شبه اقتضى عموم المنع
يعنى أن سراويل ممنوع من الصرف لشبهه بالجمع الذى على وزن مفاعيل وفهم من قوله شبه أن سراويل ليس بجمع وهو الصحيح خلافا لمن قال إنه جمع سروال أو سروالة. ثم قال:
وإن به سمّى أو بما لحق
…
به فالانصراف منعه يحقّ
يعنى أن ما سمى به من الجمع المذكور أو بما لحق به كسراويل امتنع من الصرف فتقول فى رجل سميته مساجد أو سراويل مررت بمساجد وسراويل والمانع له من الصرف الصيغة مع أصالة الجمعية أو قيام العلمية مقامها هذا معنى ما شرح به المرادى البيت وعندى أن قوله وإن به أى إن سمى بسراويل أو بما لحق به يعنى جميع ما تقدمه من الأنواع الخمسة الممنوعة الصرف لمساواتها للجمع فى منع الصرف فى التسمية ولا وجه لتخصيص الجمع وما ألحق بالجمع فى منع الصرف حال التسمية والضمير فى به الأول على الشرح الأول عائد على الجمع وكذلك به الثانى وما واقعة على سراويل والضمير العائد على الموصول الفاعل بلحق وهو عائد على سراويل وأما على التفسير الثانى فالضمير فى به الأول عائد على سراويل وفى به الثانى عائد على أنواع ما لا ينصرف فى النكرة وما واقع على تلك الأنواع والضمير العائد عليها الهاء فى به والتقدير وإن سمى بسراويل أو بالأنواع التى
لحق بها سراويل أى تبعها فالانصراف منعه يحق فالانصراف مبتدأ ومنعه مبتدأ ثان ويحق خبر المبتدأ الثانى والجملة خبر المبتدأ الأول والأول مع ما بعده جواب الشرط. ولما فرغ من الأنواع الخمسة التى لا تنصرف فى النكرة ولا فى المعرفة شرع فى ذكر ما لا ينصرف فى المعرفة وهو سبعة أنواع أشار إلى الأول بقوله:
والعلم امنع صرفه مركّبا
…
تركيب مزج نحو معديكربا
يعنى أن الاسم إذا اجتمع فيه العلمية والتركيب امتنع عن الصرف ويطلق التركيب فى اصطلاح النحويين على تركيب الإسناد وهى الجمل نحو برق نحره وعلى تركيب الإضافة نحو عبد شمس وعلى تركيب المزج وهو المراد هنا والمزج فى اللغة الخلط فيختلط الاسم مع الاسم ويجعل الإعراب فى آخر الثانى ويبنى آخر الأول على الفتح نحو بعلبك ما لم يكن آخره ياء فيسكن نحو معد يكرب وخرج بقوله تركيب مزج تركيب الإسناد وتركيب الإضافة وخرج بذكر المثال ما ختم بويه من المركب تركيب مزج فإنه يبنى على الكسر فى اللغة الفصحى والعلم مفعول يفسره امنع ومركبا حال من العلم وتركيب مفعول مطلق والعامل فيه مركب. ثم أشار إلى الثانى بقوله:
كذاك حاوى زائدى فعلانا
…
كغطفان وكأصبهانا
يعنى أن العلمية أيضا تمنع الصرف مع زيادتى فعلان. ولما كان قوله فعلان يوهم إرادة هذا الوزن كما تقدم فى قوله وزائدا فعلان فى وصف أزال ذلك الإبهام بقوله: (كغطفان وكأصبهانا) فعلم أن الوزن غير مخصوص بفعلان لأن وزن أصبهان أفعلان ووزن غطفان فعلان وقد يكون على غير ذلك من الأوزان نحو سلمان وعمران وعثمان وخراسان وقوله حاوى مبتدأ وخبره فى المجرور قبله وهو على حذف الموصوف والتقدير كذا علم حاوى زائدى فعلانا. ثم انتقل إلى الثالث وهو التأنيث مع العلمية وهو ضربان لفظى ومعنوى وقد أشار إلى الأول منهما فقال: (كذا مؤنث بهاء مطلقا) يعنى أن العلم المؤنث بالهاء يمتنع صرفه مطلقا سواء كان ثنائيا كهبة أو زائدا كخولة وعائشة وسواء كان مدلول الاسم مؤنثا كفاطمة أو مذكرا كطلحة ثم إن المعنوى متحتم المنع وجائزه، وقد أشار إلى الأول بقوله:
وشرط منع العار كونه ارتقى
…
فوق الثّلاث أو كجور أو سقر
أو زيد اسم امرأة لا اسم ذكر
فذكر من المؤنث الذى لا علامة فيه وهو متحتم المنع أربعة أنواع: الأول الزائد على الثلاثة كزينب وسعاد فإن الحرف الرابع قام مقام التاء. الثانى الثلاثى الساكن الوسط إذا انضمت إليه العجمة كجور اسم بلد وهو أعجمى، فقامت العجمة مقام الحركة. الثالث المتحرك الوسط كسقر لأن الحركة قامت مقام الحرف الزائد. الرابع أن يكون
منقولا من المذكر إلى المؤنث كما إذا سميت امرأة بزيد فإنه نقل من الخفة إلى الثقل وشرط مبتدأ ومنع مضاف إليه وهو أيضا مضاف إلى العار وهو مصدر مضاف إلى المفعول والعار أصله العارى بالياء فحذفت الياء واستغنى عنها بالكسرة وكونه خبر المبتدأ وارتقى فى موضع الخبر لكون وفوق متعلق بارتقى والثلاث مضاف فى التقدير أى فوق الثلاث الأحرف وحذف منه التاء لأن الحرف يذكر ويؤنث، وأو زيد مخفوض بالعطف على كجور أو سقر واسم امرأة حال من زيد ولا اسم معطوف عليه وهو تتميم لصحة الاستغناء عنه بقوله اسم امرأة. ثم أشار إلى الثانى من المؤنث الذى لا علامة فيه بقوله:
وجهان فى العادم تذكيرا سبق
…
وعجمة كهند والمنع أحقّ
يعنى أن الثلاثى الذى عدم التذكير السابق وعدم العجمة يجوز فيه وجهان الصرف والمنع. والمنع أفصح وفهم ذلك من قوله والمنع أحق، وقد جمع الشاعر بين اللغتين فقال:
- لم تتلفّع بفضل مئزرها
…
دعد ولم تسق دعد فى العلب (178)
فصرف الأول ومنع الثانى. ووجهان مبتدأ وسوغ الابتداء به التفصيل وخبره فى العادم وتذكيرا مفعول بالعادم وسبق فى موضع الصفة لتذكيرا وعجمة معطوف على تذكيرا. ثم انتقل إلى الرابع فقال:
والعجمىّ الوضع والتّعريف مع
…
زيد على الثّلاث صرفه امتنع
يعنى إذا اجتمع فى الاسم العجمة الوضعية والعلمية وكان زائدا على ثلاثة أحرف امتنع من الصرف وفهم من قوله العجمى الوضع والتعريف أن الاسم إذا كان أعجميا وكان فى كلام العجم غير علم ونقل لكلام العرب علما انصرف أيضا نحو بندار، والمراد بالعجمى ما ليس من كلام العرب فشمل كلام الفرس وغيرهم من سائر الأعاجم، وفهم أيضا أنه إذا كان ثلاثيا انصرف وشمل الساكن الوسط كنوح ولوط والمتحرك الوسط نحو ملك. والذى توفرت فيه الشروط نحو إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والعجمى مبتدأ والوضع مضاف إليه والتعريف معطوف على الوضع ومع فى موضع الحال من العجمى وزيد مصدر زاد يقال زيد زيدا وزيادة وحذف التاء من الثلاث لأنه مضاف فى التقدير إلى الأحرف وفيها لغتان التذكير والتأنيث وصرفه امتنع مبتدأ وخبره فى موضع خبر المبتدأ الأول. ثم انتقل إلى الخامس فقال:
كذاك ذو وزن يخصّ الفعلا
…
أو غالب كأحمد ويعلى
يعنى أن العلم إذا كان على وزن الفعل الخاص به أو الغالب فيه امتنع من الصرف فالخاص به نحو ضرب المبنى
للمفعول إذا سمى به وشمل الغالب ما وجوده فى الأفعال أكثر من وجوده فى الأسماء نحو افعل بكسر الهمزة وفتح العين فإنه يوجد فى الأسماء نحو إصبع
(178) البيت من المنسرح، وهو لجرير فى ملحق ديوانه ص 1021، ولسان العرب 3/ 166 (دعد)، 9/ 321 (لفع)، ولعبيد الله بن قيس الرقيات فى ملحق ديوانه ص 178، وبلا نسبة فى أدب الكاتب ص 282، وأمالى ابن الحاجب ص 395، والخصائص 3/ 61، وشرح الأشمونى 2/ 527، وشرح قطر الندى ص 318، وشرح المفصل 1/ 70، والكتاب 3/ 241، وما ينصرف وما لا ينصرف ص 50، والمنصف 2/ 77.
والشاهد فيه صرف «دعد» ومنعها من الصرف، وكلا الأمرين جائز.
لكن وجوده فى الأفعال أكثر وهو فعل أمر من فعل ونحو ذلك وما كثر فى الأسماء والأفعال معا نحو أفعل فإنه يوجد فى الأفعال كثيرا نحو أركب وأشرب وكذاك فى الأسماء نحو أفكل وأبدع لكن الهمزة فى الفعل تدل على معنى وليست كذلك فى الأسماء فكان غالبا من هذا الوجه وكذلك يعلى وهو على وزن يفعل وهو أيضا موجود فى الأفعال والأسماء نحو نذهب فى الأفعال وندمع فى الأسماء ومثل للغالب بأحمد ويعلى ولم يمثل للخاصّ، وفهم منه أن وزن الفعل إذا لم يكن خاصا ولا غالبا لم يؤثر فى منع الصرف نحو لعسب اسم رجل فإنه منقول من لعسب إذا أسرع وذو وزن نعت لمحذوف تقديره علم ذو وزن ويخص الفعل فى موضع الصفة لوزن وغالب مخفوض بالعطف على يخص وهو من باب عطف الاسم على الفعل لكون أحدهما بمعنى الآخر والتقدير ذو وزن خاص بالفعل أو غالب يخص الفعل أو يغلب. ثم انتقل إلى السادس فقال:
وما يصير علما من ذى ألف
…
زيدت لإلحاق فليس ينصرف
يعنى أنه إذا سمى بما فيه ألف إلحاق امتنع من الصرف للعلمية وشبه ألف التأنيث نحو علقى وذفرى مسمى بهما لأن علقى ملحق بجعفر وذفرى ملحق بدرهم، وفهم منه أن الإلحاق إذا كان بالهمزة وسمى به انصرف وذلك نحو علباء فإنه ملحق بقرطاس وإنما أثرت ألف الإلحاق المقصورة لأنها زائدة غير مبدلة من شئ بخلاف الممدودة فإن همزتها مبدلة من ياء. وما مبتدأ وهى موصولة وصلتها يصير وعلما خبر يصير وفى يصير ضمير هو اسمها وهو العائد على الموصول وزيدت لإلحاق فى موضع الصفة لألف وليس ينصرف فى موضع خبر المبتدأ. ثم انتقل إلى السابع وهو أربعة أنواع أشار إلى الأول والثانى منها بقوله:
والعلم امنع صرفه إن عدلا
…
كفعل التّوكيد أو كثعلا
فالأول هو قوله كفعل التوكيد يعنى أن فعل المؤكد به نحو جمع يمتنع صرفه للعلمية والعدل أما العلمية فعلم الجنس وقيل إنه معرف بنية الإضافة فأشبه العلم لكونه معرفة بغير أداة لفظية والظاهر من النظم الأول. وأما العدل فهو معدول عن جمعيته الأصلية فإن حق جمعاء أن يجمع على جمعاوات. والثانى هو قوله كثعلا اسم رجل ومثله عمر وزفر فالمانع له العلمية والعدل أما العلمية فعلمية الأشخاص وأما العدل فهو معدول عن فاعل فعمر معدول عن عامر وزفر عن زافر وثعل عن ثاعل وإنما حكم على عمر ونحوه أنه معدول عن
عامر لأن الأكثر فى الأعلام أن تكون منقولة فعمر منقول عن عامر اسم فاعل من عمر يعمر فلما أرادوا التسمية بعامر عدلوا عنه لعمر اختصارا وجرّ التوكيد فى قوله كفعل التوكيد لإضافته إليه وثعل معطوف على فعل التوكيد. ثم أشار إلى الثالث فقال:
والعدل والتّعريف مانعا سحر
…
إذا به التّعيين قصدا يعتبر
يعنى أن سحر إذا أريد به سحر يوم بعينه منع من الصرف للعدل والتعريف أما العدل فهو معدول عن الألف واللام وأما التعريف فالمراد به تعريف العلمية وهو علم على هذا الوقت نفسه فكل ما جاء فى هذا الباب من لفظ التعريف فالمراد به تعريف العلمية فسحر ظرف زمان غير متصرف ولا منصرف والعدل مبتدأ والتعريف معطوف عليه ومانعا خبر مضاف إلى سحر وهو على حذف مضاف أى مانعا صرف سحر وإذا متعلقا بمانع والتعيين مفعول لم يسم فاعله بفعل مضمر يفسره يعتبر وقصدا بمعنى مقصود وهو منصوب على الحال من فاعل يعتبر المستتر ثم أشار إلى الرابع بقوله:
وابن على الكسر فعال علما
…
مؤنّثا وهو نظير جشما * عند تميم
فذكر فى فعال إذا كان علما لمؤنث لغتين إحداهما البناء على الكسر لشبهها بنزال فى الوزن والعدل والتأنيث والعلمية وهو قوله وابن على الكسر فعال علما مؤنثا. والأخرى إعرابه إعراب ما لا ينصرف للعلمية والعدل أما العلمية فعلمية الأشخاص كحذام وقد يكون فى علمية الأجناس كفجار والعدل عن فاعلة فحذام معدول عن حازمة وهو قوله وهو نظير جشما عند تميم، يعنى أنه عند تميم غير منصرف كجشم اسم رجل وهو ممنوع من الصرف وفهم من تنظيره ذلك بجشم أن المانع له من الصرف العدل والعلمية، وفهم من نسبة هذه اللغة إلى تميم أن اللغة السابقة وهى البناء على الكسر لغة أهل الحجاز وفعال مفعول بابن وعلى الكسر متعلق بابن وعلما ومؤنثا حالان من فعال وعند تميم متعلق بنظير.
ولما فرغ من ذكر أنواع الأسماء التى لا تنصرف شرع فى ذكر أحكام تتعلق بالباب فقال:
واصرفن ما نكّرا
…
من كلّ ما التعريف فيه أثّرا
يعنى أن ما كان إحدى علتيه فى منع الصرف التعريف أى العلمية إذا نكر انصرف وذلك لزوال إحدى العلتين فتبقى العلة الأخرى ولا يؤثر فى منع الصرف إلا علتان والمراد بذلك
الأنواع السبعة المذكورة فتقول معد يكرب وعثمان وفاطمة وزينب وعمر لقيتهم وفهم منه أن الأنواع الخمسة المذكورة فى أول الباب غير داخلة فى هذا الحكم ولو سمى بها ونكرت لقصر الحكم على السبعة فإنه إذا سمى بواحد من الخمسة المذكورة ثم نكر لم ينصرف بعد التنكير فهى غير داخلة فى الحكم ولا يريد من كل ما التعريف فيه أثرا كائنا ما كان وكل مضاف لما وهى موصولة والتعريف مبتدأ وخبره أثرا وفيه متعلق بأثرا والجملة صلة ما والضمير فى فيه عائد على الموصول. ثم قال:
وما يكون منه منقوصا ففى
…
إعرابه نهج جوار يقتفى
يعنى أن ما كان منقوصا من الأسماء التى لا تنصرف سواء كان من هذه الأنواع السبعة التى إحدى علتيها العلمية أو من الأنواع الخمسة التى تقدمتها فإنه يجرى مجرى جوار وقد تقدم أن جوار يلحقه التنوين رفعا وجرا ولا وجه لما حمل عليه المرادى كلام الناظم من أنه أشار فى البيت إلى الأنواع السبعة دون الخمسة لأن حكم المنقوص فيها واحد فمثاله فى غير التعريف أعيم فى تصغير أعمى فإنه غير منصرف للوصف ووزن الفعل ويلحقه التنوين رفعا وجرا فتقول هذا أعيم ومررت بأعيم والتنوين فيه عوض عن الياء المحذوفة كما فى نحو جوار ومثاله فى التعريف يعيل تصغير يعلى فهو غير منصرف للوزن والعلمية والتنوين فيه أيضا فى الرفع والجر عوض من المحذوف وما مبتدأ وهو موصول ومنقوصا خبر يكون ومنه متعلق بيكون والضمير فيه عائد على الاسم الذى لا ينصرف وفى إعرابه متعلق بيقتفى ونهج مفعول بيقتفى والنهج الطريق والجملة من يقتفى ومعمولاته خبر ما. ثم قال:
(ولاضطرار أو تناسب صرف * ذو المنع)
يعنى أن الاسم الذى لا ينصرف ينصرف فى موضعين أحدهما فى الضرورة كقوله:
- عصائب طير تهتدى بعصائب (179)
(179) صدره
إذا ما غزا فى الجيش حلّق فوقهم
والبيت من الطويل، وهو للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص 42، وخزانة الأدب 4/ 289، والشعر والشعراء ص 175، ولسان العرب 1/ 605 (عصب)، 10/ 63 (حلق)، وبلا نسبة فى شرح التصريح 2/ 227، وشرح المفصل 1/ 68.
والشاهد فيه قوله: «بعصائب» حيث جرّ «عصائب» بالكسرة وهو ممنوع من الصرف للضرورة الشعرية.