الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إعمال اسم الفاعل
كفعله اسم فاعل فى العمل
…
إن كان عن مضيّه بمعزل
المراد باسم الفاعل ما دل على حدث وفاعله جاريا مجرى الفعل فى الحدوث والصلاحية للاستعمال بمعنى الماضى والحال والاستقبال. قوله: (كفعله اسم فاعل فى العمل) يعنى أن اسم الفاعل يعمل عمل فعله فيرفع الفاعل إن كان فعله لازما نحو أقائم زيد وينصب المفعول إن كان متعديا لواحد نحو أضارب زيد عمرا وينصب مفعولين إن كان فعله متعديا إلى اثنين نحو أمعط زيد عمرا درهما وهذه كلها مستفادة من قوله: (كفعله اسم فاعل فى العمل). لكن لا يعمل العمل المذكور إلا بشرطين أشار إلى الأول منهما بقوله: (إن كان عن مضيه بمعزل) يعنى أن اسم الفاعل لا يعمل عمل فعله إلا إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال لأنه أشبه فعله فى الحركات والسكنات وعدد الحروف نحو أنا ضارب زيدا غدا أو الآن فإن كان بمعنى المضىّ لم يعمل لأنه لم يشبه فعله فيما ذكر، ثم أشار إلى الشرط الثانى بقوله:
وولى استفهاما أو حرف ندا
…
أو نفيا أو جا صفة أو مسندا
يعنى أن من شرط إعمال اسم الفاعل أن يعتمد على شئ قبله وذكر من ذلك خمسة مواضع الأول أن يلى الاستفهام نحو أضارب أنت عمرا. الثانى أن يلى حرف النداء نحو يا طالعا جبلا والظاهر أن هذا مما اعتمد على الموصوف لأن التقدير يا رجلا طالعا جبلا وليس حرف النداء مما يقرب من الفعل لأنه خاص بالاسم. الثالث أن يلى نفيا نحو ما ضارب أنت زيدا. الرابع أن يكون صفة لموصوف نحو مررت برجل ضارب عمرا وفى ضمن ذلك الحال لأنها صفة فى المعنى نحو جاء زيد راكبا فرسا. الخامس أن يكون مسندا وشمل الخبر وما أصله الخبر نحو زيد ضارب عمرا وإن زيدا ضارب عمرا وكان زيدا ضاربا عمرا وظننت زيدا ضاربا عمرا لأن اسم الفاعل فى هذه المثل كلها مسند. واسم الفاعل مبتدأ وخبره كفعله وفى العمل متعلق بالاستقرار الذى فى الخبر، وإن كان شرط والباء فى بمعزل ظرفية بمعنى فى والمجرور خبر كان وعن مضيه متعلق بمعزل والهاء فى مضيه عائدة على اسم الفاعل واستفهاما مفعول بولى وأو حرف ندا وأو نفيا معطوفان على استفهام وأو جا معطوف على ولى ومسندا معطوف على صفة. ثم قال:
وقد يكون نعت محذوف عرف
…
فيستحقّ العمل الّذى وصف
يعنى أن اسم الفاعل يأتى معتمدا على موصوف محذوف فيستحق العمل كما استحقه ما هو صفة لمذكور كقول الشاعر:
- كناطح صخرة يوما ليوهنها
…
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل (125)
أى كوعل ناطح وقد تقدم أن ما وقع بعد حرف النداء من هذا الباب والضمير فى يكون اسمها وهو عائد على اسم الفاعل ونعت خبرها وعرف فى موضع الصفة لمحذوف. ثم قال:
وإن يكن صلة أل ففى المضى
…
وغيره إعماله قد ارتضى
يعنى أن اسم الفاعل إذا وقع صلة لأل عمل العمل المذكور مطلقا حالا كان أو مستقبلا أو ماضيا وإنما عمل مطلقا لأنه صار بمنزلة الفعل قال الشارح لأنه لما كان صلة وأغنى بمرفوعه عن الجملة الفعلية أشبه الفعل معنى واستعمالا فأعطى حكمه فى العمل كما أعطى حكمه فى صحة عطف الفعل عليه كما فى قوله تعالى: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ [الحديد: 18] ووَ أَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً [المزمل: 20]. وقوله تعالى: فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً [العاديات: 3، 4] ا. هـ. قلت جعله واقعا صلة أل مسوغا لعطف الفعل عليه فيه نظر لأنه قد جاء عطف الفعل على اسم الفاعل غير الواقع صلة نحو قوله عز وجل: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ [الملك: 19] وإن يكن شرط وصلة أل خبر يكن والفاء جواب الشرط وإعماله مبتدأ وخبره قد ارتضى وفى المضى متعلق بارتضى. ثم قال:
فعّال أو مفعال أو فعول
…
فى كثرة عن فاعل بديل
فيستحقّ ما له من عمل
…
وفى فعيل قلّ ذا وفعل
يعنى أن هذه الأمثلة الخمسة التى هى فعال ومفعال وفعول وفعيل وفعل متساوية فى أنها تعمل عمل اسم الفاعل بالشروط المتقدمة فيه وقوله فى كثرة أى مرادا به الكثرة أى التكثير
(125) البيت من البسيط، وهو للأعشى فى ديوانه ص 111، وشرح التصريح 2/ 66، والمقاصد النحوية 3/ 529، وبلا نسبة فى الأغانى 9/ 149، وأوضح المسالك 3/ 218، والرد على النحاة ص 74، وشرح الأشمونى 2/ 341، وشرح شذور الذهب ص 501، وشرح ابن عقيل ص 421.
والشاهد فيه قوله: «كناطح صخرة» حيث أعمل اسم الفاعل المنوّن وهو قوله: «ناطح» عمل فعله، فنصب به «صخرة» اعتمادا على الموصوف المقدّر، والتقدير: كوعل ناطح صخرة.
وهى الزيادة فى الفعل ولذلك تسمى أمثلة المبالغة، ويؤيد حمل كلامه على هذا المعنى قوله فى الكافية:
وقد يصير فاعل فعالا
…
تكثيرا أو فعولا أو مفعالا
ويحتمل عندى أن يكون أراد بكثرة أن هذه الأمثلة الثلاثة يكثر فيها العمل المذكور ويؤيده قوله بعد: وفى فعيل قلّ ذا وفعل. ويدل على صحة هذا التأويل قوله فى شرح الكافية وأكثرها استعمالا فعال وفعول ثم مفعال ثم فعيل ثم فعل أما إعمال فعال فنحو ما حكى سيبويه من قولهم أما العسل فأنا شرّاب وأما إعمال مفعال فنحو إنه لمنحار بوائكها وأما إعمال فعول فنحو قول الشاعر:
- ضروب بنصل السيف سوق سمانها
…
إذا عدموا زادا فإنك عاقر (126)
وأما فعيل فنحو إن الله سميع دعاء من دعاه، وأما إعمال فعل فنحو قوله:
- حذر أمورا لا تضير وآمن
…
ما ليس منجيه من الأقدار (127)
وفعال مبتدأ وأو مفعال أو فعول معطوفان على فعال وبديل خبر المبتدأ وفى كثرة وعن فاعل متعلقان ببديل وأفرد بديلا وهو خبر عن أكثر من واحد لأن فعيلا قد جاء الإخبار به عن الجمع وما مفعول بيستحق وهى موصولة وصلتها له ومن عمل متعلق بالاستقرار المتعلق به الخبر وذا فاعل بقلّ وفى فعيل متعلق بقلّ وفعل معطوف عليه. ثم قال:
وما سوى المفرد مثله جعل
…
فى الحكم والشّروط حيثما عمل
ما سوى المفرد وهو المثنى والمجموع وشمل الجمع الذى على حد المثنى وجمع التكسير فالتثنية نحو هذان ضاربان زيدا والجمع نحو هؤلاء ضاربون عمرا وضراب زيدا
(126) البيت من الطويل، وهو لأبى طالب بن عبد المطلب فى خزانة الأدب 4/ 242، 245، 8/ 146، 157، والدرر 5/ 271، وشرح أبيات سيبويه 1/ 70، وشرح التصريح 2/ 68، وشرح شذور الذهب ص 505، وشرح المفصل 6/ 70، والكتاب 1/ 111، والمقاصد النحوية 3/ 539، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 3/ 221، وشرح الأشمونى 2/ 342، وشرح قطر الندى ص 275، والمقتضب 2/ 114، وهمع الهوامع 2/ 97.
والشاهد فيه قوله: «ضروب بنصل السيف سوق سنامها» حيث عملت صيغة المبالغة وهى قوله «ضروب» عمل الفعل، فرفعت الفاعل، وهو الضمير المستتر فيه، ونصبت المفعول، وهو قوله:«سوق» .
(127)
البيت من الكامل، وهو لأبان اللاحقى فى خزانة الأدب 8/ 169، ولأبى يحيى اللاحقى فى المقاصد النحوية 3/ 543، وبلا نسبة فى خزانة الأدب 8/ 157، وشرح أبيات سيبويه 1/ 409، وشرح الأشمونى 2/ 432، وشرح ابن عقيل ص 424، وشرح المفصل 6/ 71، 73، والكتاب 1/ 113، ولسان العرب 4/ 176 (حذر)، والمقتضب 2/ 116.
والشاهد فيه قوله: «حذر أمورا» حيث عملت الصفة المشبّهة «حذر» على وزن «فعل» وقيل: البيت مصنوع.
فتعمل كلها عمل اسم الفاعل بالشروط المتقدمة فى اسم الفاعل وما مبتدأ وهو موصول صلته سوى المفرد والضمير المستتر فى جعل هو العائد على المبتدأ وفى الحكم متعلق بجعل وكذلك حيثما. ثم قال:
وانصب بذى الإعمال تلوا واخفض
يعنى بذى الإعمال ما توفرت فيه شروط العمل المذكور وشمل اسم الفاعل وأمثلة المبالغة والتلو التابع وفهم من تقديمه النصب أنه هو الأصل والخفض جائز وإن كان على خلاف الأصل ووجهه قصد التخفيف فتقول أنا ضارب زيدا وضارب زيد وهذان ضاربان زيدا وضاربا زيد وهؤلاء ضاربون زيدا وضاربو زيد وضراب زيدا وضراب زيد، هذا حكم ما يتعدى من اسم الفاعل وما هو بدل منه إلى واحد وإن كان متعديا إلى أكثر من واحد فقد نبه عليه بقوله:
وهو لنصب ما سواه مقتضى
يعنى أن اسم الفاعل وما ألحق به إذا كان يطلب أكثر من مفعول واحد وأضيف إلى الأول نصب ما عدا الأول وشمل ذلك المتعدى إلى اثنين نحو أنا معطى زيد درهما والمتعدى إلى ثلاثة نحو أنا المعلم زيدا عمرا منطلقا وشمل أيضا ما كان منصوبا باسم الفاعل على غير المفعولية كالظرف نحو أنا ضارب زيدا اليوم وفهم منه أن
المنصوب بعد اسم الفاعل المضاف إلى الأول إذا كان بمعنى الماضى غير منصوب باسم الفاعل المذكور على المشهور نحو أنا معطى زيد درهما أمس فالمنصوب بعده انتصب بفعل مقدر لأنه إنما جعل الحكم فى ذلك لما استوفى شروط العمل واسم الفاعل بمعنى المضىّ لم يستوفها وتلو مفعول بانصب وهو مطلوب لا نصب واخفض فهو من باب التنازع وكذلك بذى وهو مبتدأ خبره مقتضى ولنصب متعلق بمقتضى. ثم قال:
واجرر أو انصب تابع الّذى انخفض
…
كمبتغى جاه ومالا من نهض
إذا جر اسم الفاعل ما بعده جاز فى تابعه الجر على اللفظ والنصب على المحل وشمل جميع التوابع واختلف فى الناصب له فقيل اسم الفاعل المضاف وقيل بفعل مضمر وهو مذهب سيبويه وكلام الناظم محتمل للمذهبين إذ لم ينص على ناصبه لكنه صرح فى شرح
الكافية بأنه محمول على الموضع وأن ناصبه اسم الفاعل المذكور وتابع مفعول بانصب وهو مطلوب أيضا لا جرر فهو من باب التنازع ثم مثل بقوله: (كمبتغى جاه ومالا من نهض) فمن فى المثال مبتدأ وهو موصول وصلته نهض ومبتغى خبر مقدم وهو مضاف إلى جاه ومالا معطوف على الموضع ثم قال:
وكلّ ما قرّر لاسم فاعل
…
يعطى اسم مفعول بلا تفاضل
يعنى أن اسم المفعول يعمل عمل الفعل بالشروط السابقة فى اسم الفاعل من كونه بمعنى الحال والاستقبال أو مطلقا إذا كان صلة أل وشرط الاعتماد وكل مبتدأ مضافة لما وهى موصولة وصلتها قرر ولاسم متعلق بقرر ويعطى .. إلخ خبر عن كل وبلا تفاضل تتميم للبيت لصحة الاستغناء عنه بما قبله. ثم قال:
فهو كفعل صيغ للمفعول فى
…
معناه كالمعطى كفافا يكتفى
يعنى أن اسم المفعول مثل الفعل المصوغ للمفعول فى معناه كما أن اسم الفاعل مثل الفعل المصوغ للفاعل فى معناه فتقول زيد مضروب أبوه فيرتفع ما بعد مضروب على أنه مفعول لم يسم فاعله كما تقول ضرب أبوه وكفعل خبر هو وصيغ فى موضع الصفة لفعل وفى معناه فى موضع الحال من الضمير فى صيغ أى صيغ للمفعول فى حال كونه موافقا له فى المعنى وأتى بمثال من المتعدى إلى مفعولين وهو قوله كالمعطى كفافا يكتفى فالمعطى مبتدأ وأل فيه موصولة وفى المعطى ضمير مستتر عائد على أل وهو المفعول الأول بالمعطى وكفافا مفعول ثان للمعطى ويكتفى خبر المبتدأ. ثم قال:
وقد يضاف ذا إلى اسم مرتفع
…
معنى كمحمود المقاصد الورع
يعنى أن اسم المفعول انفرد بجواز إضافته إلى ما هو مرفوع معنى كقولك زيد مكسوّ العبد وأصله مكسوّ عبده
ومثله قوله محمود المقاصد الورع وقد للتحقيق لا للتقليل لكثرة إضافة اسم المفعول إلى مرفوعه وذا فاعل بيضاف وهو إشارة إلى اسم المفعول ومرتفع نعت لاسم ومعنى منصوب على حذف الجار أى فى معنى والورع مبتدأ وخبره محمود وهو مضاف إلى المقاصد وأصله محمود مقاصده.