المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الائتمام بالإمام يصلي قاعدا - شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية - جـ ٥

[محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب المساجد

- ‌الْفَضْلِ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ

- ‌الْمُبَاهَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ

- ‌ذِكْرِ أَيِّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلًا

- ‌فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ

- ‌الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ

- ‌فَضْلِ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى وَالصَّلَاةِ فِيهِ

- ‌فَضْلِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّلَاةِ فِيهِ

- ‌ذِكْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى

- ‌فَضْلِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ وَالصَّلَاةِ فِيهِ

- ‌مَا تُشَدُّ إِلَيْهِ الرِّحَالُ مِنَ الْمَسَاجِدِ

- ‌اتِّخَاذِ الْبِيَعِ مَسَاجِدَ

- ‌نَبْشِ الْقُبُورِ وَاتِّخَاذِ أَرْضِهَا مَسْجِدًا

- ‌النَّهْي عَنِ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ

- ‌الْفَضْلِ فِي إِتْيَانِ الْمَسَاجِدِ

- ‌النَّهْي عَنْ مَنْعِ النِّسَاءِ مَنْ إِتْيَانِهِنَّ الْمَسَاجِدَ

- ‌مَنْ يُمْنَعُ مِنَ الْمَسْجِدِ

- ‌مَنْ يُخْرَجُ مِنَ الْمَسْجِدِ

- ‌ضَرْبِ الْخِبَاءِ فِي الْمَسجِدِ

- ‌إِدْخَالِ الصِّبْيَانِ في الْمَسَاجِدَ

- ‌رَبْطِ الأَسِيرِ بِسَارِيَةِ الْمَسْجِدِ

- ‌إِدْخَالِ الْبَعِيرِ في الْمَسْجِدَ

- ‌النَّهْي عَنِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْمَسْجِدِ وَعَنِ التَّحَلُّقِ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي إِنْشَادِ الشِّعْرِ الْحَسَنِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌النَّهْي عَنْ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌إِظْهَارِ السِّلَاحِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌تَشْبِيكِ الأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌الإسْتِلْقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌الْبُصَاقِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌النَّهْي عَنْ أَنْ يَتَنَخَّمَ الرَّجُلُ فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ

- ‌ذِكْرِ نَهْي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَنْ يَبْصُقَ الرَّجُلُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ

- ‌الرُّخْصَةِ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَبْصُقَ خَلْفَهُ أَوْ تِلْقَاءَ شِمَالِهِ

- ‌بِأَيِّ الرِّجْلَيْنِ يَدْلُكُ بُصَاقَهُ

- ‌تَخْلِيقِ الْمَسجِدِ

- ‌الْقَوْلِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ

- ‌الأَمْرِ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْجُلُوسِ فِيهِ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي الْجُلُوسِ فِيهِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ

- ‌صَلَاةِ الَّذِي يَمُرُّ عَلَى الْمَسْجِدِ

- ‌التَّرْغِيبِ فِي الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ فيه

- ‌ذِكْرِ نَهْي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ

- ‌الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

- ‌الصَّلَاةِ عَلَى الْمِنْبَرِ

- ‌الصَّلَاةِ عَلَى الْحِمَارِ

- ‌كتاب القبلة

- ‌باب اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ

- ‌باب الْحَالة الَّتِي عَلَيْهَا اسْتِقْبَالُ غَيْرِ الْقِبْلَةِ

- ‌باب اسْتِبَانَةِ الْخَطَأ بَعْدَ الاِجْتِهَادِ

- ‌سُتْرَ الْمُصَلِّي

- ‌الأَمْرِ بِالدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ

- ‌مِقْدَارِ ذَلِكَ

- ‌مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَمَا لَا يَقْطَعُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَي الْمُصَلِّي سُتْرَةٌ

- ‌التَّشْدِيدِ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَي الْمُصَلِّي وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ النَّائِمِ

- ‌النَّهْي عَنِ الصَّلَاةِ إِلَى الْمقبرة

- ‌الصَّلَاةِ إِلَى ثَوْبٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ

- ‌الْمُصَلِّي يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِمَامِ سُتْرَةٌ

- ‌الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ

- ‌الصَّلَاةِ فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ

- ‌صَلَاةِ الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ بَعْضُهُ عَلَى امْرَأَتِهِ

- ‌صَلَاةِ الرَّجُلِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ

- ‌الصَّلَاةِ فِي الْحَرِيرِ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ

- ‌الصَّلَاةِ فِي الثِّيَابِ الْحُمُرِ

- ‌الصَّلَاةِ فِي الشِّعَارِ

- ‌الصَّلَاةِ فِي الْخُفَّيْنِ

- ‌الصَّلَاةِ فِي النَّعْلَيْنِ

- ‌أَيْنَ يَضَعُ الإِمَامُ نَعْلَيْهِ إِذَا صَلَّى بِالنَّاسِ

- ‌كتاب الإمامة

- ‌ذِكْرِ الإِمَامَةِ وَالْجَمَاعَةِ إِمَامَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ

- ‌الصَّلَاةِ مَعَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ

- ‌مَنْ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ

- ‌تَقْدِيمِ ذَوِي السِّنِّ

- ‌اجْتِمَاعِ الْقَوْمِ فِي مَوْضِعٍ هُمْ فِيهِ سَوَاءٌ

- ‌اجْتِمَاعِ الْقَوْمِ وَفِيهِمُ الْوَالِي

- ‌إِذَا تَقَدَّمَ رَّجُلُ مِنَ الرَّعِيَّةِ ثُمَّ جَاءَ الْوَالِي هَلْ يَتَأَخَّرُ

- ‌صَلَاةِ الإِمَامِ خَلْفَ رَجُلٍ مِنْ رَعِيَّتِهِ

- ‌إِمَامَةِ الزَّائِرِ

- ‌إِمَامَةِ الأَعْمَى

- ‌إِمَامَةِ الْغُلَامِ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ

- ‌قِيَامِ النَّاسِ إِذَا رَأَوُا الإِمَامَ

- ‌الإِمَامِ تَعْرِضُ لَهُ الْحَاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ

- ‌الإِمَامِ يَذْكُرُ بَعْدَ قِيَامِهِ فِي مُصَلَّاهُ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ

- ‌اسْتِخْلَافِ الإِمَامِ إِذَا غَابَ

- ‌الاِئْتِمَامِ بِالإِمَامِ

- ‌الاِئْتِمَامِ بِمَنْ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ

- ‌مَوْقِفِ الإِمَامِ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَالاِخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ

- ‌إِذَا كَانُوا رَجُلَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ

- ‌مَوْقِفِ الإِمَامِ إِذَا كَانَ مَعَهُ صَبِيٌّ وَامْرَأَةٌ

- ‌مَوْقِفِ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومُ صَبِيٌّ

- ‌مَنْ يَلِي الإِمَامَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ

- ‌إِقَامَةِ الصُّفُوفِ قَبْلَ خُرُوجِ الإِمَامِ

- ‌كَيْفَ يُقَوِّمُ الإِمَامُ في الصُّفُوفَ

- ‌مَا يَقُولُ الإِمَامُ إِذَا تَقَدَّمَ فِي تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ

- ‌كَمْ مَرَّةٍ يَقُولُ اسْتَوُوا

- ‌حَثِّ الإِمَامِ عَلَى رَصِّ الصُّفُوفِ وَالْمُقَارَبَةِ بَيْنَهَا

- ‌فَضْلِ الصَّفِّ الأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي

- ‌الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ

- ‌مَنْ وَصَلَ صَفًّا

- ‌ذِكْرِ خَيْرِ صُفُوفِ النِّسَاءِ وَشَرِّ صُفُوفِ الرِّجَالِ

- ‌الصَّفِّ بَيْنَ السَّوَارِي

- ‌الْمَكَانِ الَّذِي يُسْتَحَبُّ مِنَ الصَّفِّ

- ‌مَا عَلَى الإِمَامِ مِنَ التَّخْفِيفِ

- ‌الرُّخْصَةِ لِلإِمَامِ فِي التَّطْوِيلِ

- ‌مَا يَجُوزُ لِلإِمَامِ مِنَ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌مُبَادَرَةِ الإِمَامِ

- ‌خُرُوجِ الرَّجُلِ مِنْ صَلَاةِ الإِمَامِ وَفَرَاغِهِ مِنْ صَلَاتِهِ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ

- ‌الاِئْتِمَامِ بِالإِمَامِ يُصَلِّي قَاعِدًا

- ‌اخْتِلَافِ نِيَّةِ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ

- ‌فَضْلِ الْجَمَاعَةِ

- ‌الْجَمَاعَةُ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً

- ‌الْجَمَاعَةُ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً: رَجُلٌ وَصَبِيٌّ وَامْرَأَةٌ

- ‌الْجَمَاعَةُ إِذَا كَانُوا اثْنَيْنِ

- ‌الْجَمَاعَةُ لِلنَّافِلَةِ

- ‌الْجَمَاعَةُ لِلْفَائِتِ مِنَ الصَّلَاةِ

- ‌التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

- ‌التَّشْدِيدِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ

- ‌الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ

- ‌الرخصة فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

- ‌حَدِّ إِدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ

- ‌إِعَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الرَّجُلِ لِنَفْسِهِ

- ‌إِعَادَةِ الْفَجْرِ مَعَ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ

- ‌إِعَادَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ ذَهَابِ وَقْتِهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ

- ‌سُقُوطِ الصَّلَاةِ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ الإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً

- ‌السَّعْي إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌الإِسْرَاعِ إِلَى الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ سَعْي

- ‌التَّهْجِيرِ إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلَاةِ عِنْدَ الإِقَامَةِ

- ‌فِيمَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَي الْفَجْرِ وَالإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌الْمُنْفَرِدِ خَلْفَ الصَّفِّ

- ‌الرُّكُوعِ دُونَ الصَّفِّ

- ‌الصَّلَاةِ بَعْدَ الظُّهْرِ

- ‌الصَّلَاةِ قَبْلَ الْعَصْرِ وَذِكْرِ اخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي ذَلِكَ

- ‌كتاب الافتتاح

- ‌باب الْعَمَلِ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ

- ‌باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ

- ‌رَفْعِ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ

- ‌رَفْعِ الْيَدَيْنِ حِيَالَ الأُذُنَيْنِ

- ‌باب مَوْضِعِ الإِبْهَامَيْنِ عِنْدَ الرَّفْعِ

- ‌رَفْعِ الْيَدَيْنِ مَدًّا

- ‌فَرْضِ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى

- ‌الْقَوْلِ الَّذِي يُفْتَتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ

الفصل: ‌الائتمام بالإمام يصلي قاعدا

طائفة جميع صلاته أي وتكون بعد الأولى نافلة وقال الطحاوي: لا حجة فيها لأنها لم تكن بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقريره وردّه بعضهم بقوله: إنهم لا يختلفون في أن رأي الصحابي إذا لم يخالفه غيره حجة والواقع هنا كذلك فإن الذين كان يصلي بهم معاذ كلهم صحابة وفيهم ثلاثون عقبيًا وأربعون بدريًا قاله ابن حزم ولا يحفظ عن غيرهم من الصحابة امتناع ذلك بل قال بعضهم بالجواز عمر وابنه وأبو الدرداء وأنس وغيرهم. قلت: يحتمل أن يكون عدم مخالفة غيره بناء على ظنهم أن فعله كان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ويكون من هذا الوجه أيضًا عدم امتناع غيره من ذلك، قال الطحاوي: لو سلمنا جميع ذلك لم يكن فيه حجة لاحتمال أن ذلك كان في الوقت الذي كانت الفريضة تصلى فيه مرتين، فيكون منسوخًا، قال بعضهم قد تعقبه ابن دقيق العيد: بأنه يتضمن إثبات النسخ بالاحتمال، وهو لا يسوغ، وتعقبه العيني بما حاصله أن إسلام معاذ متقدم، وأن صلاة الخوف، وقال ابن دقيق العيد: يلزم الطحاوي إقامة الدليل على ما إدعاه من إعادة الفريضة، قال العيني: كأنه لم يقف على كتابه، فإنه قد ساق فيه دليل ذلك، وهو حديث ابن عمر لا تصلوا الصلاة وفي اليوم مرتين، ومن وجه آخر أن أهل العالية كانوا يصلون في بيوتهم ثم يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم فبلغه ذلك فنهاهم، وفي الاستدلال بذلك على تقدير صحته نظر على ما قاله ابن حجر، لاحتمال أن يكون النهي عن أن يصلوها مرتين على أنها فريضة، وبذلك جزم البيهقي جمعًا بين الحديثين، وقال ابن حجر: وأما استدلال الطحاوي على أنه نهى معاذًا عن ذلك بقوله في حديث سليم بن الحارث: إما أن تصلي معي، وإما أن تخفف عن قومك فهذا يدل على أنه فعل أحد الأمرين: إما الصلاة معه، أو بقومه ولا يجمعهما فدل على أن المراد عدم الجمع والمنع وكل أمرين بينهما منع الجمع كان نقيضهما منع الخلو كما قد بين في موضعه.

‌الاِئْتِمَامِ بِالإِمَامِ يُصَلِّي قَاعِدًا

829 -

أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ فَصَلَّى صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ قَاعِدٌ فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ

ص: 1707

لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ".

[رواته: 4]

1 -

قتيبة بن سعيد: تقدم 1.

2 -

مالك بن أنس الإمام: تقدم 7.

3 -

ابن شهاب الزهري: تقدم 1.

4 -

أنس بن مالك رضي الله عنه: تقدم 6.

تقدم الحديث مختصرًا 792 وليس فيه فصلينا وراءه قعودًا ولا قوله وإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا ولا إذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا ولا وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا إلخ وتقدم تخريجه هناك.

تقدم بعض الكلام على الحديث 792.

• اللغة والإعراب والمعنى

قوله: (إن رسول الله ركب فرسًا فصرع عنه) أي سقط وفي رواية أنه سقط على جذع نخلة فانفكت رجله وهذا لا ينافي قوله فجحش فالفاء سببية وجحش بمعنى خدش أي قشر جلده وذلك لا ينافي انفكاك رجله لإمكان حصول الأمرين له صلى الله عليه وسلم وقوله (شقه) أي في شقه الأيمن وهو أعم من أن يكون ذلك الخدش في كتفه كما في بعض الروايات أو في غير الكتف من البدن أو في موضع واحد أو متعدد والأيمن صفة لشقه وقوله (فصلي صلاة من الصلوات وهو قاعد) الفاء سببية وقوله (من الصلوات) أي المفروضات ولم يذكر عين تلك الصلاة وتقدم قول ابن حجر أنها الظهر وأن العيني تعقبه في ذلك وقوله: (وهو قاعد) جملة حالية وقوله: (فصلينا وراءه قعودًا) أي قاعدين على أنه مصدر مؤول باسم الفاعل أو المراد جمع قاعد وهو أيضًا منصوب على الحال وقوله: (فلما انصرف) الفاء عاطفة ولما تقدم الكلام عليها في حديث عمر في النية وقوله: (انصرف) أي من تلك الصلاة بعد أن أتمها وقوله: (قال إنما جعل الإمام) وفي بعض الروايات أنهم قاموا خلفه فأشار إليهم أن اجلسوا ثم قال

ص: 1708

بعد الصلاة إنما جعل إنما تقدم أنها للحصر وجعل الإِمام تقدم تفسير وهي بالبناء للمفعول والإمام بالرفع هو المفعول الأول رفع لنيابته عن الفاعل والمفعول الثاني محذوف دل عليه السياق التقدير جعل الإِمام ويحتمل أنها بمعنى شرع فلا تنصب إلا مفعولا واحدًا أي شرع لهم. قال البيضاوي وغيره: الائتمام الاقتداء والاتباع أي جعل الإِمام إمامًا ليقتدى به ويتبع ومن شأن التابع أن لا يسبق متبوعه ولا يساويه ولا يتقدم عليه في موقفه بل يراقب أحواله ويأتي على أثره بنحو فعله ومقتضى ذلك أن لا يخالفه في شيء من الأحوال وقال النووي وغيره: متابعة الإِمام واجبة في الأفعال الظاهرة وقد نبه عليها في الحديث فذكر الركوع وغيره بخلاف النية فإنها لم تذكر وقد خرجت بدليل آخر وكأنه يعني قصة معاذ الآتية ويمكن أن يستدل من هذا الحديث على عدم دخولها لأنه يقتدى الحصر في الاقتداء به في أفعاله لا في جميع أحواله كما لو كان محدثًا إلى أن قال ثم مع وجوب المتابعة ليس شيء شرطًا في صحة القدوة إلا تكبيرة الإحرام واختلف في السلام والمشهور عند المالكية اشتراطه مع الإحرام والقيام من التشهد الأول وخالف الحنفية فقالوا: تكفي المقارنة قالوا: لأن معنى الائتمام الامتثال ومن فعل مثل فعل إمامه عد متمثلا وسيأتي بعد باب الدليل على تحريم المتقدم على الإِمام في الأركان. اهـ. قال وقوله: إذا ركع فاركعوا قال ابن المنير: مقتضاه أن ركوع المأموم يكون بعد ركوع الإِمام أما بعد تمام انحنائه وإما أن يسبقه الإِمام بأوله فيشرع فيه بعد أن يشرع قال: وحديث أنس أتم من حديث عائشة لأنه زاد فيه المتابعة في القول أيضًا. قلت: وقد وقعت الزيادة المذكورة وهي قوله: إذا قال سمع الله لمن حمده في حديث عائشة أيضًا ووقع في رواية الليث عن الزهري عن أنس زيادة أخرى في الأقوال وهي قوله في أوله: فإذا كبر فكبروا وسيأتي في باب إيجاب التكبير وكذا فيه من رواية الأعرج عن أبي هريرة وزاد في رواية عبدة عن هشام في الطب وإذا رفع فارفعوا وإذا سجد فاسجدوا وهو يتناول الرفع من الركوع والرفع من السجود وجميع السجدات وكذا وردت زيادة ذلك في حديث أنس الذي في الباب وقد وافق عائشة وأنسًا وجابرًا على رواية هذا الحديث دون

ص: 1709

القصة التي في أولها أبو هريرة وله طرق عنه عند مسلم منها ما اتفق عليه الشيخان من رواية همام عنه كما سيأتي في باب إقامة الصف وفيه جميع ما ذكر في حديث عائشة وحديث أنس بالزيادة وزاد أيضًا بعد قوله ليؤتم به فلا تختلفا عليه ولم يذكرها المصنف في رواية أبي الزناد عن الأعرج عنه من طريق شعيب عن أبي الزناد عنه في باب إيجاب التكبير لكن ذكرها السراج والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في المستخرج عنه من طريق أبي اليمان شيخ البخاري فيه وأبو عوانة من رواية بشر بن شعيب عن أبيه شيخ أبي اليمان ومسلم من رواية مغيرة بن عبد الرحمن والإسماعيلي من رواية مالك وورقاء كلهم عن أبي الزناد شيخ شعيب وأفادت هذه الزيادة أن الأمر بالاتباع يعم جميع المأمومين ولا يكفي في تحصيل الاتباع اتباع بعض دون بعض ولمسلم من رواية الأعمش عن أبي صالح عنه: لا تبادروا الإِمام إذا كبر فكبروا الحديث زاد أبو داود من رواية مصعب بن محمَّد عن أبي صالح ولا تركعوا حتى يركع ولا تسجدوا حتى يسجد وهي زيادة حسنة تنفي احتمال إرادة المقارنة من قوله إذا كبر فكبروا. اهـ. ثم قال: فائدة جزم ابن بطال ومن تبعه حتى ابن دقيق العيد أن الفاء في قوله فكبروا للتعقيب قالوا: ومقتضاه الأمر بأن أفعال المأموم تقع عقب فعل الإِمام لكن تعقب بأن الفاء للتعقيب هي العاطفة وأما التي هنا فهي للربط فقط لأنها وقعت جوابًا للشرط فعلى هذا لا تقتضي تأخر أفعال المأموم عن الإمام إلا على القول بتقديم الشرط على الجزاء وقد قال قوم إن الجزاء يكون مع الشرط فعلى هذا لا تنتفي المقارنة لكن رواية أبي داود هذه صريحة في انتفاء التقدم والمقارنة والله أعلم. قوله: (فقولوا: ربنا لك الحمد) وفي رواية عائشة ولك الحمد بإثبات الواو قال ابن حجر كذا لجميع الرواة قال: وكذا لهم في حديث أبي هريرة وأنس إلا في رواية الليث عن الزهري في إيجاب التكبير فللكشميهني بحذف الواو ورجح إثباتها لأن فيها معنى زائدًا لكونها عاطفة على محذوف تقديره ربنا استجب أو ربنا أعطنا ولك الحمد فيشتمل على الدعاء والثناء معًا ورجح حذفها لأن الأصل عدم التقدير فتكون عاطفة على كلام غير تام والأول أوجه كما قال ابن دقيق العيد وقال النووي:

ص: 1710

ثبتت الرواية بإثبات الواو وحذفها والوجهان جائزان بغير ترجيح وسيأتي في أبواب صفة الصلاة الكلام على زيادة اللهم قبلها ونقل القاضي عياض عن القاضي عبد الوهاب أنه استدل به على أن الإِمام يقتصر على قوله: سمع الله لمن حمده وأن المأموم يقتصر على قوله: (ربنا ولك الحمد) وليس في السياق ما يقتضي المنع من ذلك لأن السكوت عن الشيء لا يقتضي ترك فعله نعم مقتضاه أن المأموم يقول ربنا لك الحمد عقب قول الإِمام سمع الله لمن حمد فأما منع الإِمام من قوله ربنا ولك الحمد فليس بشيء لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بينهما كما سيأتي في باب ما يقول عنه رفع رأسه من الركوع ويأتي باقي الكلام عليه هناك. اهـ.

قال العيني رحمه الله: اختلفت الروايات هل كان النبي صلى الله عليه وسلم الإمام أو أبو بكر الصديق؟ فجماعة قالوا الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان الإمام إذ جلس عن يسار أبي بكر ولقولها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسًا وأبو بكر قائمًا يقتدي به وكان أبو بكر مبلغًا لأنه لا يجوز أن يكون للناس إمامان في صلاة واحدة وجماعة قالوا كان أبو بكر هو الإِمام لما رواه شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر وفي رواية مسروق عنها أنه صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر جالسًا في مرضه الذي توفي فيه وروى حديث عائشة بطرق كثيرة في الصحيحين وغيرهما وفيه اضطراب غير قادح وقال البيهقي لا تعارض في أحاديثها فإن الصلاة التي كان فيها النبي صلى الله عليه وسلم إمامًا هي صلاة الظهر يوم السبت أو يوم الأحد والتي كان فيها مأمومًا هي صلاة الصبح من يوم الاثنين وهي آخر صلاة صلاها صلى الله عليه وسلم حتى خرج من الدنيا وقال نعيم بن أبي هند: الأخبار التي وردت في هذه القصة كلها صحيحة وليس فيها تعارض فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه الذي مات فيه صلاتين في المسجد في إحداهما كان إمامًا وفي الأخرى كان مأمومًا وقال الضياء المقدسي وابن ناصر: صح وثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى خلفه ومقتديًا به في مرضه الذي توفي ثلاث مرات ولا ينكر ذلك إلا جاهل لا علم له بالرواية وقيل إن ذلك كان مرتين جمعًا بين الأحاديث وبه جزم ابن حبان وقال ابن عبد البر: الآثار الصحاح على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الإمام. اهـ.

ص: 1711

وفيه: تقديم الأفقه والأقرأ وقد جمع الصديق رضي الله عنه بين الفقه والقرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره أبو بكر بن الطيب وأبو عمرو الداني وفيه: جواز تشبيه أحد بأحد في وصف مشهور قلت: وفيه نظر لأن الذي هنا تنبيه على صفة جبلية فهو كقوله: إن النساء ناقصات عقل ودين وفيه: أن المستخلف يجوز له أن يستخلف غيره في الصلاة ولا يتوقف على إذن خاص لقول الصديق لعمر: صل بالناس أي شرع الإِمام للناس في الصلاة على الهيئة المعروفة في الشرع ليتبعوه في أفعال الصلاة فتقديمه عليهم كالأمر لهم بذلك.

تنبيه: [لم يكمل الشيخ رحمه الله شرحه].

830 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لما ثَقِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَإِنَّهُ مَتَى يَقُومُ فِي مَقَامِكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ، فَقَالَ:"مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ"، فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ: قُولِي لَهُ، فَقَالَتْ لَهُ، فَقَالَ: "إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ، قَالَتْ: فَأَمَرُوا أَبَا بَكْرٍ، فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً، قَالَتْ: فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلَاهُ تَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ فَذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ قُمْ كَمَا أَنْتَ، قَالَتْ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَامَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ جَالِسًا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه.

[رواته: 6]

1 -

محمد بن العلاء أبو كريب الهمداني: تقدم 319.

2 -

أبو معاوية محمد بن حازم الضرير: تقدم 30.

3 -

سليمان بن مهران الأعمش: تقدم 18.

4 -

إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي: تقدم 33.

ص: 1712

5 -

الأسود بن يزيد النخعي: تقدم 33.

6 -

عائشة رضي الله عنها: تقدمت 5.

• التخريج

أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه وابن الجارود مختصرًا من رواية الأسود عنها طرف منه بلفظ: لقد رأيت رسول الله يخرج يهادى وكذا طرف من رواية عبيد الله وفيه التصريح بأن الإِمام النبي صلى الله عليه وسلم وكذا لمالك من رواية عروة عن عائشة وأوله عنده وهو شاك الحديث 119 ج 1. والدارقطني من رواية العباس مختصرا وأخرجه أحمد أيضًا مختصرا وأخرجه ابن حبان في صحيحه وأخرجه الدرامي مطولًا من رواية عبيد الله بن عبد الله عن عائشة وهي الآتية للمصنف وهو عند أبي عوانة من عدة وجوه عنها وعن جابر ومن رواية الأسود وعبيد الله عنها مطولًا ومختصرًا كرواية المصنف الآتية وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه كرواية المصنف وفيه مواقيات وفيه التصريح بأن الإِمام النبي صلى الله عليه وسلم وفيه رواية ابن أبي عائشة عنها وكذا ابن خزيمة في صحيحه والبلاذري في كتاب الإشراف بالوجهين من رواية الأسود عنها كرواية المصنف هذه ورواية عبيد الله عنها لكنها مختصرة وكذا أخرجه من رواية عروة عنها مختصرة.

• اللغة والإعراب والمعنى

قوله: (لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم) ثقل بفتح الثاء وضم القاف أي اشتد به وجعه وتقدم الكلام على لما وهي هنا الرابطة يقال ثقل في مرضه وثقل عليه وذلك أن الأعضاء إذا ضعفت من المرض عن خفتها ونشاط حركتها تكون ثقيلة وقولها: جاء بلال فيه اختصار لبيان سبب النقل وهو المرض الذي توفي منه صلى الله عليه وسلم كما هو مبين في الروايات الأخر وكان ابتداؤه في ليلتين بقيتا من صفر سنة 11 أو أول ربيع الأول من السنة المذكورة وكان خرج إلى البقيع ليستغفر لأهله بأمر الله له بذلك ومعه أبو مويهبة: مولاه وبعد رجوعه بدأ به المرض من صبيحة تلك الليلة وفي حديث مويهبة أنه استنهضه من الليل إليهم فلما وقف عليهم قال: السلام عليكم يا أهل المقابر ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح

ص: 1713

الناس فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها الآخرة شر من الأولى ثم قال لأبي مويهبة: إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة قال قلت: بأبي أنت وأمي فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة فقال: لا والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي والجنة ثم استغفر لأهل البقيع ثم انصرف فبدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه الذي قبضه الله فيه قال ابن كثير: (لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب وإنما رواه أحمد عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن إسحاق). اهـ منه. ثم ذكر ابن كثير رحمه الله رواية أحمد للحديث عن أبي النضر من طريق عبيد بن جبير عن أبي موهبة وفيها فما لبث بعد ذلك إلا سبعًا أو ثمانيًا حتى قبض ثم رواه مرسلًا من رواية عبد الرزاق من طريق ابن طاوس عن أبيه وقد قال ابن إسحاق: وحدثني يعقوب بن عتبة عن الزهري عن عبدي الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عائشة قالت: رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعًا في رأسي وأنا أقول وارأساه فقال: بل أنا والله يا عائشة وارأساه قالت: ثم قال لكأني بك لو فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك قالت: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ. المراد منه واستمر به مرضه حتى قبضه الله وقد أمر أبا بكر أن يصلي بالناس في أيام مرضه ذلك كما في الحديث المذكور وقد نوه بفضله وأمر بسد الأبواب النافذة من المسجد إلا بابه وهو الخوخة وجهز جيش أسامة ولم ينفذ حتى اشتد عليه المرض فاستأذنه أسامة في عدم الخروج في ذلك الحين فأذن له وقد ذكر أنه دخل عليه وقد اصمت وهو يرفع يديه إلى السماء ثم يصيبهما على وجهه أعرف أنه يدعو رواه الإمام أحمد والترمذي وقال: حسن غريب ذكر ذلك ابن كثير رحمه الله وتوفي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة على رأس عشر سنين من مقدمه المدينة وقيل لليلتين خلتا منه وعليه يكون مرضه عند هذا القائل لاثنتين وعشرين خلت من صفر وقد جرت أمور يطول ذكرها ودفن آخر يوم الثلاثاء أو ليلة الأربعاء لاشتغال المسلمين ببيعة الصديق رضي الله عنه. وقولها: (جاء بلال) هو ابن رباح مؤذنه صلى الله عليه وسلم وقولها: (يؤذنه بالصلاة) أي يعلمه بحلول وقتها والإيذان بالشيء الإعلام به وقد تقدم الكلام

ص: 1714

عليه في باب الأذان من هذا الشرح المبارك وقولها (فقال مروا أبا بكر فليصل) الأصل عندهم اؤمروا لأن من أمر حذفت الهمزة عندهم استثقالًا فاستغني عن ألف الوصل لذهاب السكون فصار مروا قال ابن حجر: استدل به من قال إن الأمر بالأمر بالشيء يكون أمرًا بذلك الشيء وهي مسألة أصولية معروفة عند الأصوليين في أصول الفقه ومن خالف في ذلك يقول إن تقدير الكلام بلغوا أبا بكر أني أمرته والحق أنه ليس أمرًا حقيقيًا بصيغة من صيغ الأمر ولكن مستلزم للأمر وقولها (قلت: يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف) هذا فيه التصريح بالمبهم في إحدى روايات البخاري فقيل فبينت هذه الرواية أن القائل هي عائشة والأسيف من الأسف فعيل بمعنى فاعل وهو مبالغة في شدة الحزن ومرادها أنه رقيق القلب وفي حديث ابن عمر عنها: أنه رجل رقيق إذا قرأ غلبه البكاء إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر وقولها: وإنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس ورواية المصنف هنا متى يقوم وفيه إثبات حرف العلة مع الجازم وهي رواية الأكثرين إما أن يكون ذلك على نحو ما ورد مسموعًا كقول الشاعر:

ألم يأتك والأنباء تنمى

بما لاقت لبون بني زياد

وقول الآخر:

هجوت زبانا ثم جئت معتذرًا

من هجو زبان لم تهجو ولم تدع. اهـ.

وأما على أن متى هنا ضمنت معنى إذا فأهملت من عملها الجزم كما حلت إذا على متى فجزم في قوله صلى الله عليه وسلم إذا أخذتما مضجعكما كبرا أربعًا وثلاثين الحديث. وفي أكثر الروايات إذا قام وهذا مما يؤيد التأويل الأخير وذكر السندي أنها في بعض النسخ: يقم وقال العيني وفي رواية الكشميهني: متى ما يقم. وقولها: (لا يسمع الناس) أي لا يستطيع رفع صوته مع رقته وكثرة بكائه وهذه هي العلة التي تظاهرت بأنها حملتها على مراجعة الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك ولكن صرحت في الروايات الأخر: أنها خافت من أن يتشاءم الناس بأبيها إذا قام مقامه صلى الله عليه وسلم فيحتمل أنها لاحظت الأمرين أو أنها أرادت التستر بالأول وإن كان صحيحًا عن الثاني الذي أضمرته ومفعول (يسمع) الثاني محذوف للعلم وهو القراءة والتكبير المطلوب من الإمام إسماعهما للناس وقولها (فلو

ص: 1715

أمرت عمر) الفاء سببية ولو يحتمل أن تكون للشرط والجواب محذوف ويحتمل أن تكون للتمني فلا تحتاج إلى جواب وأمرت عمر أي بالصلاة بالناس فعلى أن لو للشرط يكون التقدير لكان خيرًا أو صوابًا أو أصوب أو نحو ذلك وعلى أنها للتمني فيكون التقدير ليتك أمرت عمر بذلك وقولها (فقال: ) الفاء عاطفة والضمير يعود عليه صلى الله عليه وسلم والخطاب بصيغة المذكر وهذا يدل على أنه كان عنده بعض من الرجال فخاطب الجميع قال ابن حجر: (لأنهم كانوا في مقام الموافقين لها على ذلك). اهـ. فأعرضوا عن كلامها وخاطب الجميع بما أمرهم به وقولها (فقلت لحفصة) هي بنت عمر بن الخطاب والفاء عاطفة أو سببية وجملة (قولي) مقول القول الصادر من عائشة ومقول القول من حفصة محذوف تقديره قولي له إن أبا بكر إلخ.

وكذا قولها (فقالت له): أي قالت حفصة للنبي صلى الله عليه وسلم مثل قول عائشة في ذلك وقولها (فقال إنكن لأنتن صواحبات يوسف) وفي بعض الروايات صواحب يوسف وكل من اللفظين جمع صاحبة على غير قياس والمراد بالضمير عامة جنس النساء لا خصوص عائشة وحفصة لأنه من المعلوم أنهما لم تكونا من صواحب يوسف ولهذا فسره ابن حجر وغيره لقوله شبههن بصواحب يوسف وجعل يقدر وجه الشبه وليس ذلك عندي بالحميد ولكن جنس النساء هو المقصود لأن الغرض من ذلك والله أعلم زجرهما وجنسهما من النساء عن التعرض للرأي في مصالح الناس العامة لما جبل عليه النساء من ضعف العقول عن سبر الأمور على ما ينبغي من النظر في العواقب وكون الغالب عليهن إذا مالت إحداهن إلى شيء غلبها هواها كما حصل لصواحب يوسف قال تعالى: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)} . وفي القصة أنهن طلبن من زليخا وهي امرأة العزيز فطلبت منها كل واحدة منهن أن تخلو بيوسف لتحسن له طاعة زليخا وغرض كل منهن أن تراوده عن نفسه كما فعلت زليخا ولهذا قال في دعائه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن. قال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} . وهذا أيضًا أولى عندي من قول من قال إن زليخا هي المعنية

ص: 1716

فقط وهو خلاف الظاهر وفي بعض الروايات قالت حفصة لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيرًا قط قال ابن حجر: كأنها تعني قصة العسل يعني التي كانت سببًا في مظاهرتهما عليه حتى نزل فيهما القرآن إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه الآية وقولها: (فأمروا أبا بكر) الظاهر أن المباشر للأمر هو بلال المكلف بالأذان والمحافظة على الصلاة وتنبيه الإِمام عليها وقولهما (فلما دخل) أي أبو بكر في الصلاة أي كبر للإحرام فيها لأنه بذلك يدخل فيها وتقدم الكلام على لما والفاء عاطفة وأل في الصلاة للعهد الحضوري فقد جاء التصريح بأنها صلاة الظهر وقولها: (وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه) أي خفة في حركة أعضائه ونشاطه للخروج إليها وسيأتي أن سببها الاغتسال كما هو مبين في كثير من الروايات الأخر وقولها (فقام يهادى) الفاء في جواب لما الرابطة وقولها يهادى بين رجلين هو بضم الياء وفتح الدال والتهادي التمايل عليها متوكأ عليهما من الضعف الذي هو فيه بسبب المرض ولهذا قالت: ورجلاه تخطان في الأرض وهذا حال من اشتد به الضعف والرجلان: هما العباس وعلي كما هو مبين في كثير من الروايات ولا ينافيه ما ورد من تسمية غيرهما إلا أنه محمول على تكرار الحالة المذكورة كما في رواية عاصم عند ابن حبان بين بريدة ونوبة وهو اسم رجل كما نبه عليه ابن حجر وأنه عبد أسود غلط فيه بعض من ألف في الصحابة فذكره في النساء ويؤيده ما في ابن خزيمة من رواية سالم بن عبيد بن بريدة ورجل آخر وقولها: (فلما دخل المسجد سمع أبو بكر حسه) فذهب ليتأخر، تقدم أن الفاء في مثل هذا عاطفة ولما هي الرابطة وتقدم الكلام عليها والضمير في قولها حِسّه يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم والمراد بالمسجد مسجده كما لا يخفى وكان بابه هو باب حجرته صلى الله عليه وسلم وقولها (فذهب ليتأخر) الفاء في جواب لما وذهب معناه التأخر وشرع في حركته للتأخر أي عن موقف الإمام، وقولها (فأومأ) أي: أشار إليه أي أشار النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وقولها (بأن أقم) أن هنا الأظهر فيها أنها مفسرة ويحتمل أنها مصدرية أي بأن قم أي: اثبت قائمًا والوجه الأول عندي أظهر والثاني: يكون تقدير المصدر بالقيام أي الثبات على قيامه مكانه وهذا بعض معاني أن المخففة المفتوحة الهمزة وقوله (كما أنت) على الحالة التي عليها فالكاف بمعنى مثل

ص: 1717

وما أنت أي على حالتك وما في مثل هذا التركيب الظاهر أنها تكون زائدة أو موصولة والتقدير مثل الذي أنت عليه يعني الحال أو القيام الذي أنت عليه. وقولها: (فجاء رسول الله حتى قام عن يسار أبي بكر) أي استمر يمشي بين الرجلين حتى وصل إلى يسار أبي بكر وهو موقف الإِمام من المأموم وفي رواية أنه أمرهما أن يجلساه في ذلك المكان وقولها (جالسًا) حال من الضمير في قولها لأن المراد بالقيام الثبات في المكان لأداء الصلاة لا القيام المقابل للجلوس وقولها (فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس) إلخ فيه التصريح بأنه الإمام وبأن أبا بكر مقتدى به والناس مقتدون بأبي بكر أي بحركاته في الصلاة لأنهم يرونه وأكثرهم لا يرى الإمام صلى الله عليه وسلم.

831 -

أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: أَلَا تُحَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَصَلَّى النَّاسُ"؟ فَقُلْنَا: لَا، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ:"ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ"، فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ:"أَصَلَّى النَّاسُ"؟ قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ:"ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ"، فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ مِثْلَ قَوْلِهِ. قَالَتْ: وَالنَّاسُ عُكُوفٌ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ صَلِّ بِالنَّاسِ، فَجَاءَهُ الرَّسُولُ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكَ أَنْ تُصَلِّيَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا رَقِيقًا فَقَالَ: يَا عُمَرُ صَلِّ بِالنَّاسِ، فَقَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ، فَصَلَّى بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الأَيَّامَ. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَجَاءَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ وَأَمَرَهُمَا فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِهِ، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي قَاعِدًا، فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: أَلَا أَعْرِضُ عَلَيْكَ مَا حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟

ص: 1718

قَالَ: نَعَمْ، فَحَدَّثْتُهُ فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: أَسَمَّتْ لَكَ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ مَعَ الْعَبَّاسِ؟ قُلْتُ: لَا قَالَ: هُوَ عَلِيٌّ أكَرَمَ اللَّهُ وَجْهَهُ.

[رواته: 6]

1 -

العباس بن عبد العظيم العنبري: تقدم 119.

2 -

عبد الرحمن بن مهدي: تقدم 49.

3 -

زائدة بن قدامة: تقدم 91.

4 -

موسى بن أبي عائشة: تقدم 140.

5 -

عبيد الله بن عبد الله بن عتبة الفقيه المدني: تقدم 56.

6 -

عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: تقدمت 5.

• التخريج

أخرجه البخاري ومسلم وهو حديث عائشة المتقدم وتقدم تخريج الروايتين وهذه رواية عبيد الله بن عبد الله والأخرى رواية الأسود عنها وهي المتقدمة.

وفيه هنا من الزيادة: قوله أصلى الناس استفهام منه صلى الله عليه وسلم وهو دليل على شدة حرصه على الصلاة واهتمامه لها وظاهره أنه كان في غيبوبة لأن بيته من المسجد بحيث لا تخفى عليه صلاة الناس لأن باب البيت هو باب المسجد وهو إذ ذاك صغير وقولها (فقلنا لا) إجابة على سؤاله منها هي ومن معها وقولها (وهم ينتظرونك) أي ينتظرون خروجك لتصلي بهم وهذا كان قبل أن يأمر أبا بكر بالصلاة بهم وقوله: (ضعوا لي ماء في المخضب) أي ليغتسل به لعل الغسل يسبب له نشاطًا فيصلي بالناس والمخضب بكسر الميم وفتح الضاد هو المركن وقد تقدم في الطهارة ويقال له الأجانة وقولها: (ففعلنا) أي وضعناه له ورواية الأكثرين ضعوا لي وفي بعض الروايات وهي رواية المستملي والسرخسي ضعوني بالنون وحمله الكرماني على أن الأصل ضعوني في ماء فنزع الخافض فانتصب لفظ ماء أو ضمن ضعوا معنى ائتوني ورجحه العيني -رحمه الله تعالى- وقولها: (فاغتسل بذلك) وقولها (ثم ذهب) أي أراد وتقدم الكلام على ثم وقولها (لينوء) كيقوم أي ينهض بمشقة من ناء ينوء إذا نهض

ص: 1719

بمشقة وثقل إما لضعف أو ثقل بدن أو حمل قال تعالى: {لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} قال الشاعر:

أمحترمي ريب المنون ولم أزر

جواري من همدان بيضا نحورها

تنوء بأعجاز ثقال وأسوق

خدال وأقدام رقاق خصورها

وقول غيلان ذو الرمة يصف امرأة يثقلها بدونها وعظم عجيزتها:

تنوء بأخراها فلأيا قيامها

وتمشي الهوينا من قريب فتبهر

وقولها: (فأغمي عليه) الفاء عاطفة والإغماء ذهاب العقل من مرض أو نحوه من شدة أو غيرها.

وقولها: (ثم أفاق) أي من الإغماء ثم ذكرت أنه فعل ذلك ثلاثًا والناس عكوف أي جلوس في المسجد لانتظار خروجه للصلاة وأخبرت أنها صلاة العشاء وقولها: (فأرسل إلى أبي بكر أن صل بالناس) وأن هنا مفسرة وقولها: فجاءه الرسول هو بلال كما جاء في غير هذه الرواية وقولها: (فقال: يا عمر صلى بالناس) هذا يحتمل أنه خاف أن يغلبه البكاء ويحتمل أنه أراد بذلك إكرام عمر في تقديمه ولكن عمر لم يرض ذلك فقال: (أنت أحق بذلك) وفيه: قولها تلك الأيام وهو يدل على تكرر القصة وبذلك يزول الإشكال الحاصل في بعض الروايات وفي هذه الرواية تسمية الرجلين فسمت عائشة منهما العباس وسمى عبد الله منهما الآخر وهو علي بن أبي طالب وبينت أن الصلاة كانت صلاة الظهر وذلك يدل على أنها غير التي حصلت فيها مراجعة عائشة له قوله مروا أبا بكر فليصل بالناس. . . .

ويستفاد منه فوائد كثيرة وفيه مسائل من أحكامه مختلف فيها.

فقيه: تعظيم شأن الصلاة جماعة والاهتمام بشأنها وفيه: أن ذلك من لوازم الإِمام الأعظم وأن الإمامة في الصلاة تابعة للإمامة الكبرى العامة وفيه أن الإِمام إذا عجز عن الصلاة بالناس يستحب له أن يستنيب من يصلي بهم بل يجب عليه ذلك إذا علم أنهم لا يقدمون أحدًا إلا بأمره وفيه: أنه إذا استناب يجب أن يستنيب أفضل الموجودين وفيه: فضل أبي بكر على سائر الصحابة وفيه: الإشارة إلى خلافته بعد النبي صلى الله عليه وسلم كما عمر يوم السقيفة وهذا إجماع من المسلمين أهل السنة والجماعة وبمثل ذلك قالت الخوارج أيضًا وفي طلب

ص: 1720

أمهات المؤمنين لاستنابة عمر وأمر أبي بكر له بذلك كما في بعض روايات الحديث دليل على أنه الذي يلي أبا بكر في الفضل وهو كالذي قبله محل إجماع وفيه: مراجعة أهل الفضل في الأمور العامة ومصالح الأمة لكن بلطف. وفيه: التنبيه على ضعف عقول النساء وانحطاط درجتهن عن الرجال وفيه: جواز التنبيه على بعض الأمور التي صدرت من بعض الجنس واشتهرت لتدل على أمر حالي ونحو ذلك من المصلحة ولا يكون غيبة وأما ما ذهب إليه بعض الشراح ونقله بعضهم عن بعض من أن ذلك كان لضرب المثل فليس عندي بجيد وأبعد منه من زعم أن المقصود عائشة وحدها أو زليخا وحدها وقد تقدم ذلك ومن تأمل وأمعن النظر ربما ظهر له ذلك وفيه: استعمال الأدب مع الكبير في المراجعة وغيرها وفيه: اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالأمة وأمر دينها لاسيما الصلاة وفيه: أن البكاء في الصلاة لا يبطلها ولو كثر إذا كان من الخشوع أو لأمر أخروي لأنه علم حال أبي بكر في البكاء ولم ينهه عنه وأمره أن يصلي بالناس مع ذلك وهذه مسألة من أحكام الحديث التي اختلفوا فيها فعند أحمد وأبي حنيفة ومالك أنه: إذا بكى فارتفع بكاؤه فإن كان من ذكر الجنة والنار لم تبطل صلاته وإن كان لوجع في بدنه أو مصيبة في أهله أو ماله ونحو ذلك من أمور الدنيا بطلت صلاته ذكر مقتضاه العيني والظاهر أن ارتفاع البكاء اشتراطه خاص بالحنفية دون غيرهم وقال الشافعي: البكاء والأنين والتأوه يبطل الصلاة إذا كان حرفين فأكثر سواء كان للدنيا أو للآخرة وفيه: أن الإيماء يقوم مقام النطق إن فهم المراد وكذا الإشارة وفيه: أن مخاطبة من في الصلاة بالإشارة أحسن من مخاطبته بالكلام وفيه: الأخذ في حضور الجماعة بالأشد وإن كانت أولى فذلك لا ينافي الجواز واستدل به الشعبي على جواز ائتمام بعض المأمومين ببعض وقال العيني: أنه اختيار الطبري وأشار إليه البخاري وهو مردود بأن أبا بكر كان مبلغًا كما قدمنا وإنما معنى الاقتداء به بحركاته لمن يراه وبصوته لمن لا يراه لتعذر رؤية الإمام وهو النبي صلى الله عليه وسلم لأنه جالس وضعف صوته من المرض فلا يستطيع إسماعهم إلا من كان يليه منهم وفيه: أن الخليفة بعد الإِمام هو الذي يصلي بالناس إذا تعذرت الإمامة على الخليفة وأن للإمام أن يجعل الإمامة لمن يراه أولى بها ولو لم يستشر في ذلك أحدًا وفيه: جواز

ص: 1721

مخالفة موقف المأموم لضرورة أو حاجة تقتضي ذلك أو لزحمة وفيه: الاعتماد في الاقتداء على صوت المبلغ ولو لم يرى الإِمام وصحة صلاة المبلغ وصلاة من يقتدي به بصوته ومنهم من اشترط في صحة ذلك إذن الإِمام واستدل به بعضهم على جواز تقدم إحرام المأموم على الإِمام ولا يتم ذلك لأن الذي في الحديث أن أبا بكر أحرم إمامًا فرجع مأمومًا وهي حالة أخص من مطلق تقديم إحرام المأموم على الإِمام كحالة الاستخلاف ونحوه أما في غير هذه الحالة الخاصة فلا وقد تقدم قوله: فإذا كبر فكبروا وهو نص في تأخير تكبير المأمومين في الإحرام عن تكبير الإِمام وصحتها في هذه الحالة مبنية على كون أبي بكر لم يجد إحرامًا وهي مسألة خلافية كما يأتي إن شاء الله ويشهد لذلك حديث أرقم بن شرحبيل عن ابن عباس وفيه: فابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم القراءة من حيث انتهى أبو بكر. قلت: هكذا قالوا وليس في هذا القدر دليل على عدم إحرام أبي بكر مرة أخرى إنما هو دليل على أنه صلى الله عليه وسلم بنى على ما تقدم من فعل أبي بكر.

قال العيني رحمه الله: اختلفت الروايات هل كان النبي صلى الله عليه وسلم الإِمام أو أبو بكر فجماعة قالوا الذي رواه البخاري ومسلم عن عائشة صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان الإِمام إذ جلس عن يسار أبي بكر وقد صرحت بذلك في قولها كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسًا وأبو بكر قائمًا يقتدي به وكان أبو بكر مبلغًا لأنه لا يجوز أن يكون للناس إمامين في صلاة واحدة. وجماعة قالوا كان أبو بكر الإِمام لما رواه شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر وفي رواية مسروق عنها أنه صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي جالسًا في مرضه الذي توفي فيه وروى حديث عائشة من طرق كثيرة في الصحيحين وغيرهما وفيه: اضطراب غير قادح وقال البيهقي: لا تعارض في أحاديثها فإن الصلاة التي كان فيها النبي صلى الله عليه وسلم هي الظهر يوم السبت أو الأحد والتي كان فيها مأمومًا هي صلاة الصبح يوم الاثنين وهي آخر صلاة صلاها صلى الله عليه وسلم حتى خرج من الدنيا قلت: وفيه نظر لأن يوم الاثنين الذي مات فيه لم يصل في المسجد فلا يصح ما قاله إلا أن يقال آخر صلاة صلاها في المسجد لا مطلقًا قال: وقال نعيم بن أبي هند: الأخبار التي وردت في هذه القصة كلها

ص: 1722