الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأشياء المحرمة في الشرع النجسة وأما هنا فالمراد به خبث الرائحة بمعنى نتنها وفيه: جواز أكل الشيء الذي فيه رائحة كريهة لمن لا يؤذي ولا يدخل به المسجد وفيه: جواز أكل الثوم والبصل والأفضل أن يكون بعد الطبخ وفيه أن العلة المانعة لآكله من المسجد هي الرائحة كما هو منصوص في بعض الروايات وفي الذي ذكره عمر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم جواز إخراج من تحصل منه الأذية من المسجد وهو من تغيير المنكر باليد وهو أبلغ درجاته وفيه: إرشاد الناس إلى الوجه الذي ينتفعون به من الأمر الذي يكون فيه عليهم محظور وفيه: إسناد الفعل إلى الجماعة وإن كان الفاعل له البعض منهم وأما حكم دخول المسجد برائحة الثوم أو غيره فقد تقدم في شرح الحديث الذي قبله.
ضَرْبِ الْخِبَاءِ فِي الْمَسجِدِ
706 -
أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ دَخَلَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ فَأَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ فَأَمَرَ فَضُرِبَ لَهُ خِبَاءٌ وَأَمَرَتْ حَفْصَةُ فَضُرِبَ لَهَا خِبَاءٌ، فَلَمَّا رَأَتْ زَيْنَبُ خِبَاءَهَا أَمَرَتْ فَضُرِبَ لَهَا خِبَاءٌ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"آلْبِرَّ تُرِدْنَ"؟ فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ وَاعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ.
• [رواته: 5]
1 -
أبو داود سليمان بن سيف الحراني: تقدم 136.
2 -
يعلى بن عبيد: تقدم 140.
3 -
يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري: تقدم 23.
4 -
عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية بنت سعد بن زرارة: تقدم 203.
5 -
عائشة رضي الله عنها: تقدمت 5.
• التخريج
أخرجه البخاري من طريق حماد عن يحيى بن سعيد عن عمرة ومن طريق مالك عن يحيى عنها وأخرجه مسلم من عدة طرق وأخرجه أحمد
وكلهم عن يحيى عن عمرة ومالك في الموطأ عن ابن شهاب عن عمرة وعند أبي داود عن يعلى وأبي معاوية كلاهما عن يحيى عن عمرة ورواه ابن ماجه عن يحيى بن سعيد عن عائشة هكذا في جميع النسخ التي بأيدينا والذي يغلب على الظن أنه ساقط على بعض النساخ ذكر عمرة لأن جميع من رواه من طريق يحيى عن عمرة ومالك عن ابن شهاب عنها وأخرجه ابن الجارود في المنتقى كرواية الجماعة عن يعلى بن عبيد عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة، الحديث وأخرجه ابن أبي شيبة مقتصرًا على أوله وأخرجه الترمذي.
• اللغة والإعراب
قولها: (إذا أراد أن يعتكف) تقدم الكلام على إذا وعلى الاعتكاف في الحيض وسيأتي في بابه إن شاء الله تعالى وقولها: (صلى الصبح ثم دخل المكان الذي يريد أن يعتكف فيه) أي الذي يخصصه لاعتكافه من المسجد وقولها: (فأراد أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان) أي على عادته في ذلك قولها (فأمر) وفي رواية (فأمرني) وقوله: (فضرب له خباء) أي نصب له والخباء هو واحد الأخبية وهي ما يبنى للاتقاء من الشمس والبرد عادة مثل الخيمة والقبة يكون من صوف أو وبر أو من قطن أو غير ذلك وبعضهم قال: لا يكون من شعر وسماه الخيمة والخباء بكسر الخاء المعجمة وقولها: (وأمرت حفصة) وفي رواية: (أنها استأذنت فضرب لها خباءٌ كذلك) وفي رواية أن عائشة استأذنته فأذن لها وضربت خباء ثم حفصة كذلك فلما رأت زينب أي بنت جحش خباء حفصة أمرت أي بضرب خباء لها فضرب لها خباء فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والإشارة ترجع إلى الأخبية المذكورة وقولها: (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (آلبر) أي أتردن بفعلكن هذا البر؟ والاستفهام للإنكار لأنه عرف أن الغيرة دخلتهن فخاف عليهن من أن يستهويهن الشيطان فتكون عبادتهن غير خالصة وقولها: (فلم يعتكف) وفي رواية: (أمر بخبائه فقوّضه فقوضت كل واحدة منهن عند ذلك خباءها) فترك الاعتكاف شفقة عليهن من المحذور السابق ذكره والبر المراد به الطاعة فهي كلمة شاملة لفعل كل ما يكون فيه رضاء الله وأبدلت همزة الوصل مدًا للاستفهام لأنه لو حذفت إحدى الهمزتين لالتبس
المحذوف هل هو الاستفهام فيبقى الكلام مثبتًا أو الوصل بخلاف همزة وصل الفعل لأنها لا تفتح فلا تلتبس بهمزة الاستفهام والبر منصوب بفعل محذوف يفسره المذكور والتقدير أتردن البر وقولها: (فلم يعتكف في رمضان) أي في تلك السنة واعتكف عشرًا من شوال بدل العشر التي أراد اعتكافها من رمضان.
• الأحكام والفوائد
احتج بهذا الحديث من قال إن مبدأ الاعتكاف من بعد صلاة الصبح فإذا صلى الصبح دخل معتكفه وهو قول الأوزاعي وأحد قولي الليث بن سعد واختاره ابن المنذر قال العيني رحمه الله: (وذهب الأربعة والنخعي إلى جواز دخوله قبيل الغروب إذا أراد اعتكاف عشر أو شهر وأوّلوا الحديث على أنه دخل المعتكف وانقطع فيه وتخلى بنفسه بعد صلاة الصبح يعني أنه لا يتعين أن يكون ذلك مبدأ اعتكافه بل من الجائز أن يكون قد نوى الاعتكاف وهو في المسجد قبل الصبح) وقال النووي رحمه الله: (احتج به من يقول يبدأ بالاعتكاف من أول النهار وبه قال الأوزاعي والثوري والليث بن سعد في أحد قوليه وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد يدخل فيه قبل غروب الشمس إذا أراد اعتكاف شهر أو عشر وأولوا الحديث على أنه دخل المعتكف وانقطع فيه وتخلى بنفسه بعد صلاة الصبح لأن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف بل كان من قبل المغرب معتكفًا لابثًا في جملة المسجد فلما صلى الصبح انفرد) قلت: والدخول في هذا الوقت قبل الغروب مستحب.
707 -
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ رَمْيَةً فِي الأَكْحَلِ فَضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ.
• [رواته: 5]
1 -
عبيد الله بن سعيد اليشكري: تقدم 15.
2 -
عبد الله بن نمير: تقدم 104.
3 -
هشام بن عروة: تقدم 61.
4 -
عروة بن الزبير رضي الله عنه: تقدم 44.
5 -
عائشة رضي الله عنها: تقدم 5.
• التخريج
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وأخرجه الإِمام أحمد في ضمن حديث عائشة عن قصة الخندق وبني قريظة من طريق علقمة بن وقاص عنها وفيه قبة بدل خيمة وفي بعض طرقه بلفظ: الخيمة وهي طريق علقمة أيضًا ذكر ابن كثير مطولة وحكى ابن إسحاق في السيرة خبر الخيمة عليه وقال: إنها لامرأة من أسلم تُسمى رفيدة كانت تداوي الجرحى.
• اللغة والإعراب والمعنى
قولها: (أصيب سعد يوم الخندق) وقد صح عنها أن الذي رماه ابن العرقة [واسمه] حبان بن العرقة ومعنى أصيب أصابه سهم وقولها: (رجل من قريش) تقدم أنه ابن العرقة وفي رواية أنه قال: خذها وأنا ابن العرقة فقال: عرق الله وجهك في النار ذكرها ابن إسحاق، وروى عن عبد الله بن كعب بن مالك أن الذي أصاب سعدًا أبو أسامة الجشمي حليف بني مخزوم وأنه قال في ذلك:
أعكرم هلا لمتني إذ تقول لي
…
فداك بآطام المدينة خالد
ألست الذي ألزمت سعدًا مريشة
…
لها بين أثناء المرافق عاند
قضى نحبه منها سعيد فأعولت
…
عليه مع الشحط العذارى النواهد
قال ابن إسحاق: فالله أعلم أي ذلك كان قال ابن هشام: (ويقال إن الذي رمى سعدًا يوم الخندق خفاجة بن عاصم بن حبان). اهـ وقولها: (رمية) مصدر من رمى ويحتمل أنه عبر بالرمية عن السهم لأن الرمية إنما تكون به وقولها: (في الأكحل) وفي رواية في الأبجل وهو عرق معروف في البدن ولكنه في الغالب يطلق على ذلك العرق في الفرس والبعير، وهو عرق غليظ في اليد أو الرجل منهما، وإطلاقه على الإنسان مجازي، وهو أنه بإزاء الأكحل أو هو الأكحل نفسه وجمعه الأباجل قال أبو محجن الثقفي رضي الله عنه في يوم أليس بالعراق:
وما رمت حتى خرقوا برماحهم
…
ثيابي وجادت بالدماء الأباجل