المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فضل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة فيه - شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية - جـ ٥

[محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب المساجد

- ‌الْفَضْلِ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ

- ‌الْمُبَاهَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ

- ‌ذِكْرِ أَيِّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلًا

- ‌فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ

- ‌الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ

- ‌فَضْلِ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى وَالصَّلَاةِ فِيهِ

- ‌فَضْلِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّلَاةِ فِيهِ

- ‌ذِكْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى

- ‌فَضْلِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ وَالصَّلَاةِ فِيهِ

- ‌مَا تُشَدُّ إِلَيْهِ الرِّحَالُ مِنَ الْمَسَاجِدِ

- ‌اتِّخَاذِ الْبِيَعِ مَسَاجِدَ

- ‌نَبْشِ الْقُبُورِ وَاتِّخَاذِ أَرْضِهَا مَسْجِدًا

- ‌النَّهْي عَنِ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ

- ‌الْفَضْلِ فِي إِتْيَانِ الْمَسَاجِدِ

- ‌النَّهْي عَنْ مَنْعِ النِّسَاءِ مَنْ إِتْيَانِهِنَّ الْمَسَاجِدَ

- ‌مَنْ يُمْنَعُ مِنَ الْمَسْجِدِ

- ‌مَنْ يُخْرَجُ مِنَ الْمَسْجِدِ

- ‌ضَرْبِ الْخِبَاءِ فِي الْمَسجِدِ

- ‌إِدْخَالِ الصِّبْيَانِ في الْمَسَاجِدَ

- ‌رَبْطِ الأَسِيرِ بِسَارِيَةِ الْمَسْجِدِ

- ‌إِدْخَالِ الْبَعِيرِ في الْمَسْجِدَ

- ‌النَّهْي عَنِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْمَسْجِدِ وَعَنِ التَّحَلُّقِ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي إِنْشَادِ الشِّعْرِ الْحَسَنِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌النَّهْي عَنْ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌إِظْهَارِ السِّلَاحِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌تَشْبِيكِ الأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌الإسْتِلْقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌الْبُصَاقِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌النَّهْي عَنْ أَنْ يَتَنَخَّمَ الرَّجُلُ فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ

- ‌ذِكْرِ نَهْي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَنْ يَبْصُقَ الرَّجُلُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ

- ‌الرُّخْصَةِ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَبْصُقَ خَلْفَهُ أَوْ تِلْقَاءَ شِمَالِهِ

- ‌بِأَيِّ الرِّجْلَيْنِ يَدْلُكُ بُصَاقَهُ

- ‌تَخْلِيقِ الْمَسجِدِ

- ‌الْقَوْلِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ

- ‌الأَمْرِ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْجُلُوسِ فِيهِ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي الْجُلُوسِ فِيهِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ

- ‌صَلَاةِ الَّذِي يَمُرُّ عَلَى الْمَسْجِدِ

- ‌التَّرْغِيبِ فِي الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ فيه

- ‌ذِكْرِ نَهْي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ

- ‌الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

- ‌الصَّلَاةِ عَلَى الْمِنْبَرِ

- ‌الصَّلَاةِ عَلَى الْحِمَارِ

- ‌كتاب القبلة

- ‌باب اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ

- ‌باب الْحَالة الَّتِي عَلَيْهَا اسْتِقْبَالُ غَيْرِ الْقِبْلَةِ

- ‌باب اسْتِبَانَةِ الْخَطَأ بَعْدَ الاِجْتِهَادِ

- ‌سُتْرَ الْمُصَلِّي

- ‌الأَمْرِ بِالدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ

- ‌مِقْدَارِ ذَلِكَ

- ‌مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَمَا لَا يَقْطَعُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَي الْمُصَلِّي سُتْرَةٌ

- ‌التَّشْدِيدِ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَي الْمُصَلِّي وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ النَّائِمِ

- ‌النَّهْي عَنِ الصَّلَاةِ إِلَى الْمقبرة

- ‌الصَّلَاةِ إِلَى ثَوْبٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ

- ‌الْمُصَلِّي يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِمَامِ سُتْرَةٌ

- ‌الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ

- ‌الصَّلَاةِ فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ

- ‌صَلَاةِ الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ بَعْضُهُ عَلَى امْرَأَتِهِ

- ‌صَلَاةِ الرَّجُلِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ

- ‌الصَّلَاةِ فِي الْحَرِيرِ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ

- ‌الصَّلَاةِ فِي الثِّيَابِ الْحُمُرِ

- ‌الصَّلَاةِ فِي الشِّعَارِ

- ‌الصَّلَاةِ فِي الْخُفَّيْنِ

- ‌الصَّلَاةِ فِي النَّعْلَيْنِ

- ‌أَيْنَ يَضَعُ الإِمَامُ نَعْلَيْهِ إِذَا صَلَّى بِالنَّاسِ

- ‌كتاب الإمامة

- ‌ذِكْرِ الإِمَامَةِ وَالْجَمَاعَةِ إِمَامَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ

- ‌الصَّلَاةِ مَعَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ

- ‌مَنْ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ

- ‌تَقْدِيمِ ذَوِي السِّنِّ

- ‌اجْتِمَاعِ الْقَوْمِ فِي مَوْضِعٍ هُمْ فِيهِ سَوَاءٌ

- ‌اجْتِمَاعِ الْقَوْمِ وَفِيهِمُ الْوَالِي

- ‌إِذَا تَقَدَّمَ رَّجُلُ مِنَ الرَّعِيَّةِ ثُمَّ جَاءَ الْوَالِي هَلْ يَتَأَخَّرُ

- ‌صَلَاةِ الإِمَامِ خَلْفَ رَجُلٍ مِنْ رَعِيَّتِهِ

- ‌إِمَامَةِ الزَّائِرِ

- ‌إِمَامَةِ الأَعْمَى

- ‌إِمَامَةِ الْغُلَامِ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ

- ‌قِيَامِ النَّاسِ إِذَا رَأَوُا الإِمَامَ

- ‌الإِمَامِ تَعْرِضُ لَهُ الْحَاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ

- ‌الإِمَامِ يَذْكُرُ بَعْدَ قِيَامِهِ فِي مُصَلَّاهُ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ

- ‌اسْتِخْلَافِ الإِمَامِ إِذَا غَابَ

- ‌الاِئْتِمَامِ بِالإِمَامِ

- ‌الاِئْتِمَامِ بِمَنْ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ

- ‌مَوْقِفِ الإِمَامِ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَالاِخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ

- ‌إِذَا كَانُوا رَجُلَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ

- ‌مَوْقِفِ الإِمَامِ إِذَا كَانَ مَعَهُ صَبِيٌّ وَامْرَأَةٌ

- ‌مَوْقِفِ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومُ صَبِيٌّ

- ‌مَنْ يَلِي الإِمَامَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ

- ‌إِقَامَةِ الصُّفُوفِ قَبْلَ خُرُوجِ الإِمَامِ

- ‌كَيْفَ يُقَوِّمُ الإِمَامُ في الصُّفُوفَ

- ‌مَا يَقُولُ الإِمَامُ إِذَا تَقَدَّمَ فِي تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ

- ‌كَمْ مَرَّةٍ يَقُولُ اسْتَوُوا

- ‌حَثِّ الإِمَامِ عَلَى رَصِّ الصُّفُوفِ وَالْمُقَارَبَةِ بَيْنَهَا

- ‌فَضْلِ الصَّفِّ الأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي

- ‌الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ

- ‌مَنْ وَصَلَ صَفًّا

- ‌ذِكْرِ خَيْرِ صُفُوفِ النِّسَاءِ وَشَرِّ صُفُوفِ الرِّجَالِ

- ‌الصَّفِّ بَيْنَ السَّوَارِي

- ‌الْمَكَانِ الَّذِي يُسْتَحَبُّ مِنَ الصَّفِّ

- ‌مَا عَلَى الإِمَامِ مِنَ التَّخْفِيفِ

- ‌الرُّخْصَةِ لِلإِمَامِ فِي التَّطْوِيلِ

- ‌مَا يَجُوزُ لِلإِمَامِ مِنَ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌مُبَادَرَةِ الإِمَامِ

- ‌خُرُوجِ الرَّجُلِ مِنْ صَلَاةِ الإِمَامِ وَفَرَاغِهِ مِنْ صَلَاتِهِ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ

- ‌الاِئْتِمَامِ بِالإِمَامِ يُصَلِّي قَاعِدًا

- ‌اخْتِلَافِ نِيَّةِ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ

- ‌فَضْلِ الْجَمَاعَةِ

- ‌الْجَمَاعَةُ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً

- ‌الْجَمَاعَةُ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً: رَجُلٌ وَصَبِيٌّ وَامْرَأَةٌ

- ‌الْجَمَاعَةُ إِذَا كَانُوا اثْنَيْنِ

- ‌الْجَمَاعَةُ لِلنَّافِلَةِ

- ‌الْجَمَاعَةُ لِلْفَائِتِ مِنَ الصَّلَاةِ

- ‌التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

- ‌التَّشْدِيدِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ

- ‌الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ

- ‌الرخصة فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

- ‌حَدِّ إِدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ

- ‌إِعَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الرَّجُلِ لِنَفْسِهِ

- ‌إِعَادَةِ الْفَجْرِ مَعَ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ

- ‌إِعَادَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ ذَهَابِ وَقْتِهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ

- ‌سُقُوطِ الصَّلَاةِ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ الإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً

- ‌السَّعْي إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌الإِسْرَاعِ إِلَى الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ سَعْي

- ‌التَّهْجِيرِ إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلَاةِ عِنْدَ الإِقَامَةِ

- ‌فِيمَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَي الْفَجْرِ وَالإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌الْمُنْفَرِدِ خَلْفَ الصَّفِّ

- ‌الرُّكُوعِ دُونَ الصَّفِّ

- ‌الصَّلَاةِ بَعْدَ الظُّهْرِ

- ‌الصَّلَاةِ قَبْلَ الْعَصْرِ وَذِكْرِ اخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي ذَلِكَ

- ‌كتاب الافتتاح

- ‌باب الْعَمَلِ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ

- ‌باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ

- ‌رَفْعِ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ

- ‌رَفْعِ الْيَدَيْنِ حِيَالَ الأُذُنَيْنِ

- ‌باب مَوْضِعِ الإِبْهَامَيْنِ عِنْدَ الرَّفْعِ

- ‌رَفْعِ الْيَدَيْنِ مَدًّا

- ‌فَرْضِ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى

- ‌الْقَوْلِ الَّذِي يُفْتَتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ

الفصل: ‌فضل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة فيه

باستحباب السفر إليه كحديث الصحيحين: لا تشد الرّحال إلا إلى ثلاثة الحديث وفيه: دليل على فضل الأنبياء وحبّهم للخير وطلبهم حصوله لجميع المسلمين وهم أحق بذلك وفيه: دليل على أن من فرغ من قربة من القرب أي قربة كانت ينبغي له أن يسأل الله تعالى فإن ذلك مظنة الإجابة وقد حث الله على الذكر بعد الفراغ من الفرائض كقوله: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} والدعاء من أعظم الذكر وقال: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} وقال في الصوم: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} وفي الجهاد {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ} فهذا مما يشهد لاستحباب الدعاء عند أداء واجب الله تعالى على العبد وفيه: دليل لما تقدم غير مرة من أن فعل الحسنات يكفر السيئات وقد تقدم ذلك في الوضوء ولكن يشترط فيه اجتناب الكبائر كما تقدم مستوفى ولله الحمد وفيه: أن سليمان بنى بيت المقدس ولكن ليس دليلًا على أنه أول من بناه وتقدم في شرح الحديث السابق من بنى لله مسجدًا الحديث وفيه: أن من تصدى للحكم بين الناس ينبغي أن يكثر من سؤال الله التوفيق للحكم بالحق.

‌فَضْلِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّلَاةِ فِيهِ

691 -

أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ مَوْلَى الْجُهَنِيِّينَ وَكَانَا مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخِرُ الأَنْبِيَاءِ وَمَسْجِدُهُ آخِرُ الْمَسَاجِدِ.

قَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فلَمْ نَشُكَّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمُنِعْنَا أَنْ نَسْتَثْبِتَ أَبَا هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ حَتَّى إِذَا تُوُفِّيَ أَبُو هُرَيْرَةَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ وَتَلَاوَمْنَا أَنْ لَا نَكُونَ كَلَّمْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يُسْنِدُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنْ كَانَ سَمِعَهُ مِنْهُ، فَبَيْنَما نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ جَالَسْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَارِظٍ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ الْحَدِيثَ وَالَّذِي فَرَّطْنَا فِيهِ مِنْ نَصِّ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ

ص: 1423

لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَإِنِّي آخِرُ الأَنْبِيَاءِ وَإِنَّهُ آخِرُ الْمَسَاجِدِ".

[رواته: 8]

1 -

كثير بن عبيد بن نمير المذحجي: تقدّم 196.

2 -

محمَّد بن حرب الخولاني: تقدّم 172.

3 -

محمَّد بن الوليد الزبيدي: تقدّم 56.

4 -

الزهري: تقدّم 1.

5 -

أبو سلمة بن عبد الرحمن: تقدّم 1.

6 -

أبو عبد الله الأغر مولى الجهنيين واسمه سلمان المدني أصله من أصبهان روى عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي الدرداء وعمار وأبي أيوب وأبي سعيد الخدري وأبي لبابة بن عبد المنذر وعبد الله بن إبراهيم بن قارظ وعنه بنوه عبد الله وعبيد الله وعبيد وزيد بن رباح والزهري وبكير بن الأشج وعمران بن أبي أنس وأبو بكر بن حزم وغيرهم قال شعبة: كان الأغر قاصًا بالمدينة وكان رضيًّا وقيل: إنه لقي عمر ولكن لم يثبت ذلك عن أحد إلا عن ولده قاله الواقدي وقال: كان ثقة قليل الحديث قال عبد الغني بن سعيد في الإيضاح: سلمان الأغر مولى جهينة هو أبو عبد الله الأغر الذي روى عنه الزهري وهو أبو عبد الله المدني مولى جهينة وهو أبو عبد الله الأصبهاني الأغر وهو مسلم المدني الذي يحدث عنه الشعبي وقال قوم هو الأغر أبو مسلم الذي يروي عنه أهل الكوفة وقال ابن أبجر: (هو الأغر بن سليك ولا يصح ذلك الأغر بن سليك آخر). اهـ. ومسلم المدني الذي يروي عنه الشعبي آخر وكذا الأغر أبو مسلم الذي يروي عنه أهل الكوفة وأن حديثه عند أهلها دون أهل المدينة وهو مولى أبي هريرة وأبي سعيد وهذا مولى جهينة قال ابن حجر: (وممن فرق بينهما البخاري ومسلم وابن المديني والنسائي وأبو أحمد الحاكم وغيرهم والأغر أبو عبد الله هذا ذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن عبد البر: هو من ثقات تابعي أهل الكوفة قال ابن خلفون وثقه الذهلي). اهـ.

ص: 1424

7 -

عبد الله بن إبراهيم بن قارظ: تقدم 171.

8 -

أبو هريرة رضي الله عنه: تقدم 1.

• التخريج

تقدم تخريج حديث أبي هريرة هذا ولكن قوله: (فإني آخر الأنبياء) إلخ في بعض الروايات وتخريج الحديث في تخريج حديث ميمونة (688) وتقدم هناك شرحه.

692 -

أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ".

[رواته: 5]

1 -

قتيبة بن سعيد: تقدم 1.

2 -

مالك بن أنس رحمه الله: تقدم 7.

3 -

عبد الله بن أبي بكر بن محمَّد بن حزم: تقدم 163.

4 -

عباد بن تميم: تقدم 74.

5 -

عبد الله بن زيد بن عاصم المازني: تقدم 97.

• التخريج

أخرجه البخاري ومسلم وأحمد عن عبد الله بن زيد وأخرجه الترمذي عن علي وأبي هريرة.

• اللغة والإعراب والمعنى

قوله: (ما بين بيتي) ما موصولة وتقدم الكلام على لفظ بين في حديث الإسراء وقوله: (بيتي) أي الذي يدفن فيه وهو حجرة عائشة وكانت أقرب البيوت من المنبر وقد بينت ذلك رواية الطبراني في الأوسط بلفظ: "ما بين المنبر وبيت عائشة" ويؤيده أيضًا حديث سعد بن أبي وقاص عند البزار بسند رجاله ثقات كما قال ابن حجر بلفظ: "ما بين قبري ومنبري" ونحوه لابن عمر عند الطبراني أما رواية ابن عساكر حديث الباب بلفظ القبر فقد ردَّها ابن حجر

ص: 1425

لأنها شاذة لكونه لم يروه أحد بها غيره وسائر من رواه بلفظ البيت والمنبر مفعل من المنبر وهو الهمز والارتفاع والمراد به الآلة المعدة للخطيب يقوم ليسمع الناس ومنبره صلى الله عليه وسلم كان من طرفاء الغابة وكان ثلاث درج وقوله: (روضة من رياض الجنة) روضة مرفوع على أنه خبر المبتدأ الذي هو ما والروضة المكان المتسع يستريض فيه الماء أي يمكث فيه وينبت أنواع العشب والأزهار وتبقى خضرته فلا يسرع إليه الجفاف وربما أطلق الروضة على البستان ورياض الحزن أماكن بهذه الصفة يكثر فيها النبات وتزدهر فتكون نزهة للناس قال الأعشى واسمه ميمون:

ما روضة من رياض الحزن معشبة .... خضراء جاد عليها مسبل جزل

يضاحك الشمس منها كوكب مشرق

مؤزر بقميم النبت مكتهل

يوما بأطيب منها نشر رائحة

ولا بأحسن منها إذ نما الأصل. اهـ

وقوله: (من رياض الجنة) أي التي أعدها الله لعباده المتقين. وقد اختلف العلماء في المراد بذلك على أقوال: الأول: أنه تشبيه حذفت منه أداة التشبيه أي كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة وحصول السعادة بما يحصل لصاحبها من مجالسة أهل الذكر وحلقه. قلت: ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: في الحديث الصحيح إذا "مررتم برياض الجنة فارتعوا" ولما سئل عن المراد بها قال: "حلق الذكر" لاسيما الجلوس فيها في عهده صلى الله عليه وسلم الثاني: أن المراد أن العبادة فيها تؤدي إلى الجنة فيكون مجازًا من إطلاق المسبب على السبب قلت: ومثله قوله صلى الله عليه وسلم في ضوال الإبل: "تلك حرق النار" الثالث أنه على ظاهره ويحتمل وجهين أحدهما: أن هذه البقعة بعينها تنقل إلى الجنة والثاني: أنها في الأصل من الجنة كالحجر الأسود وما أورده ابن حزم على هذا غير وارد لأنه لا يمتنع شرعًا ولا عقلا حمله على ظاهره أما قوله في الجنة لا تجوع فيها الآية فإن المراد بذلك من دخلها ولا يلزم من ذلك وجود الصفة في كل شيء أصله منها لأنه قال لا تجوع فيها ولا تعرى وهذا صريح فيمن دخلها أي الجنة وهذا من تناقضه فإنه ظاهري جامد ويؤول مثل هذا كما يؤول صفات الرب عز وجل ونقل الأبي عن ابن عرفة أنه قال: (لا يمتنع أن يكون من الجنة حقيقة وهذا أمر جائز أخبر الشرع بوقوعه) قلت: ومما يدل على أن الأمر

ص: 1426

كذلك كون النيل والفرات من الجنة ولم تتوفر فيهما صفات شراب أهل الجنة في الدنيا وظاهر كلام ابن حجر: أنه يرجح القول الأول وهو أن هذا تشبيه حذفت أداته.

• الفوائد

الحديث فيه دليل على فضل هذه البقعة وفائدة الإخبار بذلك الترغيب في العبادة فيها واستدل به من قال بفضل المدينة على مكة ورد بعدم لزوم ذلك وتقدم الكلام على الخلاف فيه في الحديث السابق في فضل الصلاة في المسجدين.

693 -

أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ قَوَائِمَ مِنْبَرِي هَذَا رَوَاتِبُ فِي الْجَنَّةِ".

[رواته: 5]

1 -

قتيبة بن سعيد: تقدم 1.

2 -

سفيان: تقدم ..

3 -

عمار بن معاوية وقيل ابن أبي معاوية الدهني وقيل: ابن صالح وقيل: ابن حبان أبو معاوية البجلي الكوفي روى عن أبي الطفيل وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعبد الله بن شداد بن الهاد وأبي وائل وسعيد بن جبير وسالم بن أبي الجعد وأبي الزبير وإبراهيم التيمي وأبي جعفر الباقر وعبد الرحمن بن القاسم بن محمَّد بن أبي بكر وطائفة وعنه ابنه معاوية وشعبة والسفيانان وإسرائيل وجابر الجعفي وعبيدة بن حميد وشريك وآخرون قال أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي: ثقة وقال علي بن المديني عن سفيان: قطع بشر بن مروان عرقوبيه في التشيع وقال القواريري عن أبي بكر بن عياش في عمار أنه لم يسمع من سعيد بن جبير وذكره ابن حبان في الثقات قال: مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة.

4 -

أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف: تقدم 1.

5 -

أم سلمة هند بنت أبي أمية أم المؤمنين رضي الله عنها: تقدمت 182.

ص: 1427

• التخريج

قال السيد السمهودي رحمه الله وفي الكبير للطبراني من طريق يحيى الحماني وهو ضعيف عن أبي واقد الليثي مرفوعًا: قوائم منبري رواتب في الجنة قال: ورواه ابن عساكر وابن النجار ويحيى عن أم سلمة وفي رواية للنسائي: وضعت منبري هذا على ترعة من ترع الجنة وأسند يحيى عن أبي المعلى الأنصاري وكانت له صحبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر: إن قدمي على ترعة من ترع الجنة" وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو قائم على منبره: "أنا قائم الساعة على عقر حوضي" وروى بسند رجاله رجال الصحيح عن سهل بن سعد مرفوعًا: "منبري على ترعة من ترع الجنة" وفيه تفسير الترعة بالباب وقيل الدرجة وقيل الروضة في المكان المرتفع خاصة وفي حديث جابر عند أحمد وأبي يعلى والبزار مرفوعًا: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة وأن منبري على ترعة من ترع الجنة فكأن رواية المصنف طرف من حديث أبي هريرة وغيره في الصحيحين وغيرهما: ومنبري على حوضي وهو أي الحديث بتمامه عن أبي هريرة وأبي سعيد عند مالك في الموطأ.

• الأحكام والفوائد:

ما يتعلق به هذه الرواية صريحة في كون منبره في مكان من الجنة كما تقدم في الروضة وهو مثل حديثها ولهذا ذكر في أكثر الروايات طرفًا منه والذي تميل إليه النفس تصديق ذلك على وجه الله أعلم به وقال الخطابي: (معنى كون المنبر على الحوض أن قصد منبره والحضور عنده لملازمة الأعمال الصالحة يورد الحوض ويوجب الشرب منه). اهـ وهذا أحد الأقوال فيه وهو خروج عن الظاهر كما تقدم نظيره في الحديث السابق في الروضة. القول الثاني: هذا المنبر الذي كان يقوم عليه يؤتى به يوم القيامة فيكون على الحوض في ذلك اليوم ومال إليه بعضهم وذكره ابن عساكر وقال: هو أظهر الأقوال وعليه أكثر الناس. والثالث: أن المراد منبر يخلقه الله تعالى يوم القيامة ويجعله على حوضه وفيه احتمال آخر كما تقدم نظيره في الروضة أن يكون تلك البقعة التي عليها من ذلك المكان من الجنة أو تعاد إليه يوم القيامة. والله أعلم.

والمقصود من ذكر هذا ترغيب الناس في العمل في هذا المكان الشريف وفيه: بيان شرفه صلى الله عليه وسلم وفضله عند الله. اهـ.

ص: 1428