الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعدم عمارتها المعنوية واتباع الأمة المسلمة للأمم الكافرة في التقاليد إلى غير ذلك مما هو مشاهد وأما الكبرى فهي طلوع الشمس من مغربها وعند ذلك يغلق باب التوبة والدجال والدابة والمسيح والمهدي وآخر ذلك بعد خروج يأجوج ومأجوج نار تخرج من عدن تسوق الناس إلى المحشر وهي أرض الشام نسأل الله اللطف والعافية في الدين والختم بالإيمان وقوله: (الساعة) تقدم أنها اسم لظرف صادق بالقليل منه والكثير لكنها صارت علمًا على يوم القيامة وهو يوم المحشر وقوله: (أن يتباهى الناس في المساجد) أي يتفاخرون فيها، وباهيته أباهيه فبهوته أي فاخرته فغلبته ومنه الحديث:"إن الله يباهي بأهل الموقف الملائكة" وأصل ألفها واو من البهاء وهو الحسن ومنه تسمية المرأة بَهِيَّة وتصغر على بُهَيّة كسمية والجار والمجرور في قوله: (من أشراط) خبر مقدم وأن يتباهى الناس المصدر المنسبك من أن وما دخلت عليه في محل رفع مبتدأ مؤخر فتقدير الكلام: "تباهى الناس في المساجد من أشراط الساعة" و (في المساجد) متعلق بيتباهى والرواية الأخرى "لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس" إلخ بمعناها.
• الأحكام والفوائد:
الحديث فيه: معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم حيث أخبر بما أطلعه الله عليه من الغيب في المستقبل في أمته فأخبر به فحصل طبق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، فإن التباهي بالمساجد واتخاذها مثل الكنائس في الزخرفة وتعليق الزينة من النجف وغيره أصبح فاشيًا في الناس حتى أصبح كأنه من السنة فهو داخل في عموم (لتركبن سنن من كان قبلكم) الحديث وفيه: دليل على عدم جواز المباهاة بالمساجد لأنها محل عبادة فيجب أن يكون بناؤها لله خالصًا من أي شائبة تشوبه قال تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} ويؤخذ منه: عدم جواز زخرفتها لأن الغالب أنه لا يحمله على ذلك إلا حب المباهاة. والله أعلم.
ذِكْرِ أَيِّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلًا
687 -
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَى أَبِي الْقُرْآنَ فِي السِّكَّةِ فَإِذَا قَرَأْتُ السَّجْدَةَ سَجَدَ
فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ أَتَسْجُدُ فِي الطَّرِيقِ؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلًا؟ قَالَ: "الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ"، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "الْمَسْجِدُ الأَقْصَى"، قُلْتُ: وَكَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: "أَرْبَعُونَ عَامًا، وَالأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ فَحَيْثُمَا أَدْرَكْتَ الصَّلَاةَ فَصَلِّ".
• [رواته: 6]
1 -
علي بن حجر السعدي: تقدم 13.
2 -
علي بن مسهر: تقدم 66.
3 -
سليمان بن مهران الأعمش: تقدم 18.
4 -
إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي: تقدم 170.
5 -
يزيد بن شريك بن طارق التيمي الكوفي روى عن عمر وعلي وأبي ذر وابن مسعود وأبي مسعود وحذيفة وأبي معمر وعنه ابنه إبراهيم وإبراهيم النخعي وجواب التيمي والحكم بن عتيبة وهمام بن عبد الله التيمي الكوفيون قال يحيى بن معين: ثقة وذكره ابن حبان في الثقات قال ابن سعد: كان ثقة وكان عريف قومه، وله أحاديث. وقال أبو موسى المديني في الذيل: يقال إنه أدرك الجاهلية. والله أعلم.
6 -
أبو ذر رضي الله عنه: تقدم 321.
• التخريج
أخرجه ابن ماجه، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وابن ماجه.
• اللغة والإعراب والمعنى
قوله: (كنت أقرأ على أبي القرآن) أبوه يزيد بن شريك بن طارق التيمي كما تقدم وقوله (في السكة) يعني الطريق وقوله: (فإذا قرأت السجدة سجد) وفي رواية أحمد كنت أعرض عليه ويعرض علي وقال أبو عوانة: كنت أقرأ عليه ويقرأ علي وهي أوضح وإن كان المعنى في الروايات الأخر واضح كذلك وفيها فيمر بالسجدة فيسجد أي إذا قرأ آية فيها سجدة سجد في السَّكة وقوله: (فقلت يا أبت) وهو منادى مضاف إلى ياء المتكلم إلا أنه أبدل من الياء تاء
على القاعدة المعروفة في باب النداء المشار إليها بقول ابن مالك:
وفي الندا أبت أمت عرض
…
وافتح أو اكسر ومن اليا التا عوض
وهو منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة فكانت الحركة كسرة فلما حرك بالفتح لزوال الياء لإبدالها بالتاء صارت حركة إعراب قوله: (أتسجد) بهمزة الاستفهام الإنكاري قوله: (فقال) يعني أباه (إني سمعت أبا ذر يقول: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم) قوله: سمعت أبا ذر جملة في محل رفع خبر إن والجملة بعدها في محل نصب على الحال وجملة (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم) مقول القول قوله: (أيَّ مسجد) أي قلت له أي مسجد؟ وجملة أي مسجد أول محكية بالقول مفسرة للسؤال قلت له: أيّ مسجد كما في رواية أحمد وغيره وأي استفهامية (وضع أول) يعني بني قبل جميع المساجد وفي رواية البخاري وضع في الأرض وقوله: (أولا) هكذا هو في رواية المصنف وعند البخاري وغيره أول بالبناء على الضم والوجهان جائزان في هذه الظروف إذا قطعت عن الإضافة فالأول: وهو رواية المصنف على عدم نية الإضافة لا لفظًا ولا معنى والثاني: على قطعها عنها في اللفظ دون المعنى. وقوله: (قال: المسجد الحرام) المسجد خبر مبتدأ محذوف دل عليه أي الذي وضع أولًا المسجد الحرام والمراد به المحل المخصص للصلاة والعبادة وإن كان هذا الإطلاق قد يتناول الحرم كله لكن ذلك كان عن وجود قرينة لأنه نوع من المجاز فلا يصار إليه إلا بمبرر له والقرآن يدل على أنه المسجد الذي فيه البيت قال: (إن أول بيت وضع للناس) أي للعبادة فيه (للذي ببكة) فخصصه من سائر بكة وهي مكة وقد أخرج إسحاق بن راهويه وابن أبي حاتم بسند قال ابن حجر: صحيح عن علي رضي الله عنه قال: كانت البيوت قبله ولكن كان أول بيت وضع للعبادة وقوله: (قلت) القائل أبو ذر (ثم أيٌ؟ ) بالتنوين ويروى بتركه وكله جائز كما قدمنا "أيّ" في هذه الحالة معربة ويجوز صرفها وعدمه على تقدير أي مسجد وقوله: (المسجد الأقصى) هو كقوله المسجد الحرام والأقصى الأبعد بالنسبة إلى المسجدين اللذين هما الحرمان وقيل: لبعده عن مكة وقيل: لأنه لم يكن بعد مسجد للعبادة ويقال له: المقدس أي المطهر من الأقذار والخبائث ويقال
له: مسجد إيلياء قيل اسم رجل وقيل اسم البلد وهو الأشهر وقوله: (كم بينهما) كم هي الاستفهامية وبينهما أي بين بناء المسجدين وقوله: (أربعون عامًا) هذا فيه إشكال معروف عند الناس وهو أن المشهور أن البيت الحرام بناه الخليل والأقصى بناه داود أو ابنه سليمان أو هما معًا فالوقت الذي بين سليمان وبين الخليل كثير وهذا الإشكال على أن المراد بالبناءين المذكورين بناء الخليل وبناء سليمان ولكن حمل البناءين على هذا غير لازم ولا يمتنع على فرض أن بناء الخليل للبيت الحرام فلا يمتنع أن يكون أيضا بين ذلك أو اختطه وإن لم يكن ذلك فمن الجائز أن يكون آدم لما بنى الكعبة بنى هذا أيضًا أو بناه بعض بنيه ولا يلزم من عدم نقل ذلك لنا عدم وجوده بل يكفينا قوله صلى الله عليه وسلم على ما جاء في هذا الحديث قال ابن حجر رحمه الله: وقد وجدت ما يؤيد قول من قال إن آدم بنى كلًا من المسجدين ثم نقل عن ابن هشام في كتاب التيجان: أن آدم لما بنى الكعبة أمره الله بالمسير إلى بيت المقدس وأن يبنيه فبناه ونسك فيه قال: (وروى ابن أبي حاتم من طريق معمر عن قتادة قال: وضع الله البيت مع آدم لما هبط ففقد أصوات الملائكة وتسبيحهم فقال الله له: يا آدم إني قد أهبطت بيتًا يطاف به كما يطاف حول عرش فانطلق إليه فخرج آدم وكان قد هبط بالهند ومد له في خطوه فأتى البيت فطاف به وقيل: إنه لما صلى إلى الكعبة أمر بالتوجه إلى بيت المقدس فاتخذ فيه مسجدًا وصلى فيه ليكون قبلة لبعض ذريته). اهـ. وتقدم الكلام على بين في حديث الإسراء وقوله: (أربعون) مبتدأ خبره محذوف لدلالة السؤال عليه التقدير بينهما أربعون عاما و (عامًا) تميز العدد منصوب وقوله صلى الله عليه وسلم: (والأرض لك مسجد) أي وكل الأرض للمسلم محل للصلاة والتيمم عند فقد الماء وقد تقدم ذلك في كتاب التيمم في حديث جابر رضي الله عنه وقوله: (فحيثما) حيث ظرف مبني على الضم وما زائدة وهو مضمن معنى الشرط فيجزم فعلين كما هنا (أدركتك) وقوله: (فصل) جواب الشرط في محل جزم.
وهذا التضعيف إنما هو بحسب الأجر عند الله ولا يعتدّ به في عدد الصلوات في الدنيا فلو كانت عليه فوائت فلا يعتد بالتضعيف في عددها بل كل صلاة يصليها في هذه المساجد وغيرها إنما تكفيه عن صلاة واحدة.