الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على أنها تصح ويكون آثمًا باللباس وذكر ابن حجر قولًا عن مالك أنها تعاد في الوقت وهذا في اصطلاح فقهاء المالكية يدل على صحة الصلاة فإن الإعادة عندهم إذا قيدت بالوقت دلت على الصحة لأن الفاسدة تعاد أبدًا في الوقت وغيره.
الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ
769 -
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ، ثُمَّ قَالَ: شَغَلَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ، اذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَائْتُونِي بِانْبِجَانِيته.
• [رواته: 5]
1 -
إسحاق بن إبراهيم الحنظلي هو: ابن راهويه تقدم: 2.
2 -
قتيبة بن سعيد بن جميل البغلاني تقدم: 1.
3 -
سفيان بن عيينة الهلالي تقدم: 1.
4 -
الزهري محمَّد بن شهاب تقدم: 1.
5 -
عروة بن الزبير بن العوام تقدم: 44.
6 -
عائشة رضي الله عنها تقدمت: 5.
• التخريج
أخرجه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ وأبو داود وابن ماجه.
• اللغة والإعراب والمعنى
قولها (خميصة) هي كساء مربع أسود له علمان أو أعلام يكون من خزٍ أو صوف، وهي بفتح الخاء المعجمة وكسر الميم، ولا تسمى خميصة إلا أن تكون سوداء معلمة، سميت بذلك للينها، وخفتها إذا طويت، وهي مشتقة من الخموص، وهو الضمور، ومنه أخمص البطن، والأنثى خمصانة، والمذكر: خميص، قال البعيث:
وثديان كالحقين والبطن ضامر
…
خميص وحمر ناره تتضرم
وقَال ذو الرّمة:
خمصانة قلق عنها الوشاح
…
وتم الجسم والقصب
والجمع خمائص، قال الأعشى:
تبيتون بالمشتى ملاء بطونكم
…
وجاراتكم غرثى يبتن خمائص
وقال ابن حبيب: هي كساء من صوفٍ أو مرعزى معلم، وقولها (لها) أي للخميصة وقولها (أعلام) جمع علم، وهو ما يتميز به الشيء، ويعرف به، وهو العلامة أي فيها خطوط تخالف لونها تعرف بها.
كأنها أعلام وهذه جملة اسمية صفة للخميصة وعلى ما تقدم من تعريف الخميصة فالصفة هنا كاشفة لأن من لازم الخميصة أن يكون لها أعلام وهي جمع علم بفتحتين ما يعلم به الشيء فيتميز عن غيره وقولها: (ثم قال) أي بعدما انصرف من الصلاة (شغلتني أعلام هذه) أي عن تفرغ القلب للخشوع في الصلاة أي هذه الخميصة الحاضرة وقوله: (أعلام) فاعل شغل كما تقدم وهو من باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه لأن المراد النظر في أعلامها وقوله: (اذهبوا بها إلى أبي جهم) أي ابعثوا بها من يذهب بها إلى أبي جهم من خطاب الجميع الذي يتأدى بفعل الواحد وأبو جهم بفتح الجيم وسكون الهاء اسمه عامر بن حذيفة وقيل: عبيد وهو قرشي عدوي من بني عدي بن كعب قبيلة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان من أشراف قريش أدرك بناء الكعبة وكان من علماء النسب أسلم عام الفتح وعاش إلى خلافة معاوية وكان معظمًا في قريش مدني الدار ومات في آخر أيام معاوية رضي الله عنه وتقدم في الطهارة وفي المرور بين يدي المصلي أبو جهيم مصغرًا وهو خلافه وقوله: (وائتوني بانبجانية) قيل: بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الباء الموحدة مع تخفيف الجيم وبعد النون الثانية ياء النسبة وعن ثعلب يقال: كبش ابنجاني بكسر الباء وفتحها إذا كان ملتفًا كثير الصوف وكساء انبجاني كذلك وقال الجوهري: إذا نسبت إلى منبج فتحة الباء فقلت منبجاني أخرجوه مخرج مخبراني ومنظراني وقال ابن القصار: من زعم أنه منسوب إلى منبج فقد وهم قلت: ورجحوا فيه أنه منسوب إلى انبجان اسم بلد وقال ابن حبيب: هو كساء غليظ يشبه الشملة
إلى أن قال: وهي من أدون الثياب ويقال: هي كساء غليظ لا علم له فإذا كان له علم فهو خميصة وإن لم يكن فهو انبجانية.
• الأحكام والفوائد
الحديث يدل على جواز لباس الثوب المعلم وجواز الصلاة فيه وفيه دليل على كراهته إذا علم أو خاف أنه يشغل باله عن الصلاة وفيه: أن شغل البال الخفيف لا يفسد الصلاة وهو مجمع عليه ومن حكى عنه أن ذلك يضر فهو قول شاذ منبوذ لا يقدح فيما حكى من الإجماع في ذلك وهذا الحديث يرده وفيه: أن المصلي ينبغي أن يحرص على حصول الخشوع التام ويبتعد عما يظن أنه يشوش عليه ولهذا نهى عن الصلاة مع مدافعة الأخبثين ومع حضور الطعام وفيه: طلب منع النظر إلى ما يشغل القلب عن الخشوع ولهذا كان بعض السلف لا ينظر إلا إلى موضع سجوده وفيه: دليل على أنه ينبغي أن يكون فرش المسجد خاليًا من التزويق والزخرفة وكذلك جدرانه وعمدانه لأن النظر إلى الكل مع الزخرفة مشغل للقلب وكذا تزويق المحراب ونحوه وعموم البلوى بذلك لا يغير حكمه في الشرع وفيه: قبول الهدية والمعاطاة بين الأصحاب وأهل المودة وطلب ذلك منهم واستدل به بعض الفقهاء على صحة المعاطاة في العقود دون توقف على الصيغة وقال بعضهم: إنه ردها إليه وقد أهداها له وخاف أن يتأثر بردها فطلب نبجانية جبرًا لخاطره قال العيني رحمه الله: وفيه أن للصور الظاهرة تأثيرًا في الأنفس الطاهرة والقلوب الزكية وقد استشكل بعضهم بعثها إلى أبي جهم مع كونه كرهها لنفسه والجواب ما قدمنا ومن أنه ردها إليه لأنها من عنده في الأصل وقد روى الطحاوي عن المزني عن الشافعي قال: حدثنا مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة رضي الله عنها قالت: أهدى أبو جهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم خميصة شامية لها علم فشهد فيها النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة فلما انصرف قال: "ردي هذه الخميصة إلى أبي جهم" الحديث وهو إحدى روايتي الموطأ لهذا الحديث فهذا ظاهر في أن الخميصة في الأصل من عنده فلهذا ردها عليه مع أنه لا يستلزم ذلك أن يصلي فيها أبو جهم بعدما كره ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بل يستطيع أن يبيعها أو ينتفع بها في غير الصلاة والله أعلم.