الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أرى ألف بان لا يقوم لهادم
…
فكيف ببان حوله ألف هادم
وكان يتمثل أيضا بقوله (كامل) .
لي مدة لابد أن أبلغها
…
حتى إذا قضيتها مت
لو صارعتني الأسد ضارية
…
لصرعتها ما لم بج الوقت
ولما مات عبد الله وابنه، دار العسكر على الناس، فانتهبوهم وسلبوهم، وقطعوا الطرق، فأخذوا كل من وجدوا من المسافرين وغيرهم، ومالوا إلى وادي القصارين وإلى باب تونس أحد أبواب القيروان، فنهبوا ما كان عند القصارين، فذهب في ذلك اليوم إلى أموال المسلمين، وقتل خلق ممن دافع عن نفسه ومال. ودفن عبد الله في الإسطبل دون غسل ولا كفن. وولي أعمال أفريقية من قبل أبي الفتح بن أبي محمد وكان عاملا على قفصه فأعطاه البنود والطبول وخلع عليه، وولاه أفريقية مكان عبد الله يوم الخميس لخمس بقين من شعبان من هذه السنة المؤرخة.
وفي سنة 378، تحرك أبو الفتح المنصور بعسكره إلى بلاد كتامة. فمر على ميلة، وأمر بخرابها، وهدم سورها، وأمر أهلها بالمسير منها إلى باغاية، فاجتمعوا وساروا إليها. فلقيهم ماكسن بن زيري بعسكره، فأخذ ما كان معهم من مال وغبره. وكان المنصور في هذه الحركة لا يمر بمنزل ولا قصر ولا دار إلا أمر بهدمه. ولما وصل المنصور إلى كتامة، حاربوه فظفر بهم وقتلهم واستأصلهم. وهرب الثائر أبو الفهم إلى جبل وعر، فأرسل إليه المنصور من أخذه. فلما صار بين يديه، أمر به، فلطم لطما شديدا، ونتفت لحيته: حتى أشرف على الموت.
مقتل الثائر أبي الفهم
وذلك أنه، لما صار بين يديه، وعمل به ما تقدم ذكره، أمر بخروجه وقد
بقيت فيه حشاشة من الروح، فأخذه بعض رجاله، فنحروه وشق بطنه وأخرجت كبده، فشويت وأكلت. وأخذه عبيد المنصور، فشرحوا لحمه وأكلوه، حتى إذا لم يبق إلا عظامه متجردة وذلك يوم الثلاثاء لثلاث خلون من صفر. وقتل بسببه والي ميلة وجماعة من كتامة. ونزل بكتامة الذل والهوان. وبقيت ميلة خرابا. ثم عمرت بعد ذلك. ورحل أبو الفتح المنصور قافلا إلى المنصورية والقيروان، وفي هذه السنة. دخل الوادي إلى المنصورية وهدم دورها.
وفي سنة 379، وصل إلى المنصور سعيد بن خزرون الزناتي من الغرب، فأعطاه وأرضاه وقال له يوما: يا سعيد هل تعرف من هو أكرم مني؟.؟ قال نعم قال: ومن هو؟ قال: أنا! قال له المنصور: ولم ذلك؟ قال: لأنك جدت عليّ بالمال وجدت أنا عليك بنفسي! فولى سعيدا هذا مدينة طبنة. وقدم عليه بعد ذلك جماعة من الزناتيين، وأكرمهم وأعطاهم، وزوج المنصور ابنته من ورو بن سعيد.
وفي هذه السنة، خالف أبو البهار بن زيري، فزحف إليه المنصور إلى تيهرت، ففر أبو الهار إلى الغرب. ودخل عسكر المنصور تبهرت فنهبوا وقتلوا، ثم أمنهم بعد ذلك. ورجع المنصور عن تبع عمه أبو البهار، وآوى على تبهرت أخاه يطوفت ومضى المنصور إلى مدينة أشير وكتب أبو البهار إلى ابن أبي عامر، يسأله الدخول في طاعته، وأن يكتب له إلى زيري بن عطية الزناتي صاحب فاس أن يكون مواليا ومصافيا لابن أبي عامر، فكتب ابن أبي غامر إلى أبي البهار: أن كنت على نية فيما وصفته عن نفسك، فارسل إلى ابنك، يكون رهينة عندي وأفعل عندك ما أحببته! فوجه إليه ابنه في مركب مع ميمون المعروف بابن الدابة كأبيه، فعطب المركب وماتا جميعا في البحر. فوجه إليه ولده الآخر، فوصل إليه فوجه ابن أبي عامر
لأبي البهار أموالا وكسي وكتب إلى زيري بن عطية في زحفه أن يعاضده وينصره، ويكون معه. فلما بلغ ذلك أبا البهار وصل إلى فاس، واتفق مع زيري بن عطية صاحبها.
وأما العامل على أفريقية، يوسف بن أبي محمد المتقدم الذكر فكان مشتغلا بالأكل والشرب فإذا دخل الورد اصطبح عليه، فلا يظهر حتى يفنى الورد وينقطع. وكان يجلس فيه، وينام عليه، فسمي شيخه الورد. وأسلم الأمور لابن البوني، فكان أهل الحاضرة معه في أمن وعافية، وأهل البادية في عذاب وغرامة. وكان جبارا عنيدا، وسمحا جوادا وكان يخرج في كل سنة فيدور على كور أفريقية، ويجبي الأموال، ويأخذ الهدايا من كل بلد ويرجع. قال الرقيق: كنا إذا درنا مع يوسف بن أبي محمد على البدان، واستطاب موضعا وأعجبه حسنه أقام فيه مصطبحا الشهر والشهرين، وأبو الحسن البوني يجبي الأموال ويقبض الهدايا ويقوم بأمور أخلة يوسف وعسكره. وكان يعطي لخاصة يوسف في كل يوم خمسة آلاف درهم، وينفق على يوسف لمطيته وفاكهته نحو هذا المال المذكور.
وفيها توفي عامل صقلية عبد الله بن محمد بن أبي الحسن، وولى ابنه يوسف، فكان الناس في أيامه على أفضل ما يشتهون واستقامت له الأمور، وأداخ بلاد الروم، وظهر من كرمه وجوده وعدله ملهو معدوم في كثير من البلدان.
وفي سنة 380، توفي المرصدي صاحب خراج القيروان. وأمر أبو الفتح المنصور بولاية محمد بن عبد الطاهر بن خلف الخراج مع سلامة بن عيسى؟ فجلسا معا في ديوان خراج المنصورية.
وفي سنة 381 توفي القائد جوهر بمصر وهو الذي فتحها. فلم يبق شاعر بمصر إلا رثاه، وذكر ما فتحه شرقا وغربا. وفيها وصل المنصور إلى
المنصورية ودخل قصره الجديد فخرج إليه أهل القيروان، يتلقون فأدناهم وأثنى عليهم ووعدهم خيرا. ثم رفع له في عبد من عبيده أنه قذف بعض الصحابة، فأمر يقتله وصلب جثته، ونودي على رأسه في مدينة القيروان.
وفي سنة 382، طهر أبو مناد باديس بن أبي الفتح المصور بقصر والده وأهدى إليه جماعة من الناس على قدر أحوالهم، وفيها ترك المنصور البقايا للرعايا. وفيها قبض على البوني وابنه، وطلب منهم إلا كثيرا فأنكراه وكان المنصور قدر أنه يأخذ منهما أموالا يفتخر بها على أضياف كانوا عنده في يوم طلبها، وقال لهم: لو أن عبدا من عبيدي طلب منه بيوت مال لوجد ذلك عنده! فصادف أنكار البوني ذلك المحل، فأمر بذبح البوني. وعزل يوسف بن أبي محمد عن عمالة أفريقية وولى مكانه محمد بن أبي العرب الكاتب. وفيها وصل سجل من العزيز بالله بولاية العهد لأبي مناد باديس بن المنصور، فسر المنصور بذلك، وجاءته الهدايا من البلدان ومن كمل جهة ومكان، وفيها كان وصول سعيد بن خزرون من مدينة طبنة إلى المنصورية، فلقيه المنصور، وعانقه ثم دخل معه إلى قصره، وأنزله وأجرى عليه الأرزاق الواسعة، فاعتل سعيد بن خزرون أياما، ومات في أول رجب، فكفنه المنصور بسبعين ثوبا، وفي هذه السنة وصلت هدية من بلد السودان فيها زرافة، فخرج المنصور حتى دخلت بين يديه. وفيها وصل إلى المنصور فلفل بن سعيد بن خزرون بعد موت أبيه، فأعطاه ثلاثين حملا من المال، وثمانين تختا من أنواع الكسي وخيلا بسروج محلاة، وعشرة من البنود الجدد المذهبة، ورده إلى مدينة طبنة أميرا عليها.
وفي سنة 383 خرج باديس بن المصور إلى مدينة أشير. وفيها وصل إلى المنصور كتاب أخيه يطوفت، يخبره بوصول عمه أبي بهار إليه فكتب إليه