الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعسكر عظيم، فتكاثرت عليهم البربر؛ فانهزم العرب وكره خالد بن أبي حبيب أن يهرب؛ فألقى بنفسه هو وأصحابه إلى الموت أنفة من الفرار. فقُتل ابن أبي حبيب ومن معه، حتى لم يبق من أصحابه رجل واحد. فقُتل في تلك الوقعة حماة العرب، وفرسانها، وكماتها، وأبطالها؛ فسميت الغزوة غزوة الأشراف؛ فانتفضت البلاد. وبلغ أهل الأندلس ثورة البربر؛ فوثبوا على أميرهم؛ فعزلوه وولوا عبد الملك بن فطن. فاختلت الأمور على ابن الحبحاب؛ فاجتمع الناس عليه وعزلوه. وبلغ ذلك الخليفة هشام بن عبد الملك فقال:(والله لأغضبن لهم غضبة عربية ولأبعثن جيشاً أوله عندهم وآخره عندي) ثم كتب إلى ابن الحبحاب بقدومه عليه؛ فخرج في جمادى الأولى من سنة 123.
ولاية كلثوم بن عياض إفريقية
ومقاتلته مع أمير المغرب خالد بن حُميد الزّناني
لما بلغ هشام بن عبد الملك انتقاض البلاد الغربية والأندلسية، بعث كلثوم بن عياض هذا إلى أفريقية، وعقد له على اثني عشر ألفا من أهل الشام. وكتب إلى والي كل بلد أن يخرج معه بمن معه. فصارت عمال مصر وطرابلس وبرقة معه حتى قدم أفريقية في رمضان سنة 123. فنكب عن القيروان. وكان على طلائعه بلجُ بن بشر القشيري ابن عمه. فلما وصل بلج قال لأهل أفريقية (لا تغلقوا أبوابكم، حتى يعرف أهل الشام منازلكم) ومع ذلك كلام كثير يغيظهم به. فكتبوا إلى حبيب بن أبي عبدة يعرّفونه بمقالة بلج. فكتب إلى كلثوم: (إن ابن عمك السفيه قال كذا وكذا. فارحل بعسكرك عنهم، وإلا حولنا أعنة الخيل إليك!) فكتب كلثوم يعتذر إليه ويأمره أن يقيم بشلف حتى يقدم عليه. فاستخلف كلثوم على القيروان عبد الرحمن بن
عقبة الغفاري، وسار حتى عسكر حبيب، فرفضه واستهان به، وسب بلج بن بشر لحبيب وتنقصه وقال:(هذا الذي يحول أعنة الخيل إلينا) فقام إليه عبد الرحمن بن حبيب وقال (يا بلج هذا حبيب! فإذا شئت فاعرض له للمقابلة!) وصاح الناس (السلاح! السلاح!) فمال أهل أفريقية إلى ناحية. ومعهم أهل مصر. ثم سعى بينهم الصلح. فكان هذا الاختلاف سبب هلاكهم، مع سوء رأي كلثوم وبلج.
ولما قدم كلثوم على وادي سنبو، وهو في ثلاثين ألفا، وقال ابن القطان: فيهم عشرة آلاف من صلب بني أمية، وعشرون ألفا من سائر العرب. فتوجه إليهم خالد بن حميد الزناتي الذي تولى الأمر بعد ميسرة. فوجه كلثوم بلجا ليلا ليوقع بالبربر. فسرى ليلته، وأوقع بهم عند الصباح؛ فخرجوا إليه عراة؛ فهزموه ووصلوا إلى كلثوم. فأمر بدبدبان فنصب له، وقعد عليه. ثم نشب القتال، وقعدت البربر تحت الدرق، ونشبت الخيلُ الخيلَ العرب خيل البربر؛ ثم انكشفت خيل العرب، وألتفت الرجال بالرجال. فكان صبر وقتال. وخالطت خيل البربر ورجّالتُهم كلثوم وأصحابه. فقتل كلثوم، وحبيب بن أبي عبدة، وسليمان بن أبي المهاجر. ووجوه العرب. فكانت هزيمة أهل الشام إلى الأندلس، وهزيمة أهل مصر وأفريقية إلى أفريقية.
قال ابن القطان: لما بعث هشام بن عبد الملك كلثوما واليا على أفريقية والمغرب، وأمره بالجد والاجتهاد في أمرها، إذ كانوا بين أمية يجدون في الدريات أن الملك القائمين عليهم لا يجاوز الزاب. فتوهموا إنه زاب مصر، وإنما كان زاب أفريقية. وعهد إليه في سدها وضبطها، وعهد أن حدث بكلثوم حدث أن يكون ابن أخيه بلج مكانه. فدارت بينه وبين البربر حروب، هزموا في بعضها كلثوم بن عياض وقتلوه، وصار أمر العرب بأفريقية إلى بلج بالعهد المذكور. ولجأ فلهم إلى سبتة، وبقوا بها حتى ضاق عليهم الأمر؛ فكاتب