الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه بكتاب منه إليه وإلى الحسن بن حرب يدعوا الحسن إلى الطاعة، فلم قبل فأقبل إليه الأغلب. فاقتتلوا وانهزم الحسن ومضى راجعا إلى تونس، ودخل الأغلب القيروان. ثم حشد الحسن وسار في عدة عظيمة إلى القيروان. ثم أن الأغلب لما بلغه قدوم الحسن إليه، جمع أهل بيته وخاصته، وخرج إليه فأصابه سهما فمات منه في شعبان من السنة المؤرخة. فكانت ولايته سنة واحدة وثمانية أشهر
ولاية عمرو بن حفص بن قبيصة أفريقية
ثم ولي أفريقية عمرو بن حفص بن قبيصة سنة 151. وكان شجاعا بطلا. وسبب ولايته أن أبا جعفر لما بلغه قتل الأغلب ين سالم، وجهه في نحو خمسمائة فارس فأقام بالقيروان ثلاثة سنين وأشهر من ولايته، والأمور له مستقيمة ثم سار إلى الزاب، واستخلف حبيب بن حبيب بن يزيد بن الهلب فخلت أفريقية من الجند وثار بها البربر فخرج إليهم حبيب والتقى معهم، فهزموه وهزموا عسكر طرابلس معه. فاشتدت الفتنة بأفريقية واشتعل نارها. واتاها أمراء القبائل من كل فج، واجتمعوا في اثني عشر عسكرا وتوجهوا إلى الزاب ولبس مع عمرو بن حفص إلا خمسة عشر ألفا وخمسمائة. وكان أمراء المغرب في ذلك الوقت ورؤسائهم أبو قرة الصفري في أربعين ألفا، وعبد الرحمن بن رستم الأباضيُّ في خمسة عشر ألفا وأبو حاتم في عدد كثير وعاصم السدراني في عدد كثير: قبل في ستة آلاف والمصور الزناتي في عشرة آلاف وعبد الملك بن سكرديد الصنهاجي الصفري في ألفين سوى جماعات. قال الرقيق: لم أذكرهم.
فلما رأى عمرو بن حفص ما أحاط به من العساكر بمدينه طبنة بالزاب، جمع قواده، فاستشارهم، وقال لهم:(إني أريد مناهضة هذا العدو!) فأشاروا عليه ألا يبرح من مدينة طبنة وقالوا له: (أخرج من أردت إلى
عدوك ولا تخرج أنت! فإنك، أن أصبت، تَلَفَ المغرب وفَسد!) فوجه عمرو إلى أبي قرة مالا كثيرا وكسي كثيرة: على أن ينصرف عنه فقال: (لا حاجة لي بذلك!) فانصرف الرسول بذلك إلى أخيه. فدفع له بعض المال والثياب على أن يعمل في صرف أخيه أبي قرة والصفرية إلى بلادهم. فعمل في ليلته تلك، واجتمع بأهل العسكر فلام يعلم أبي قرة حتى انصرف عنه أكثر أهل العسكر فلم يجد بدا من اتباعهم. فلما انصرف الصفرية وجه عمرو إلى أبي رستم عسكرا، وكان تهودا فانهزم ابن رستم، وقتل من أصحابه نحو ثلاثة ألاف. ووصل منهزما إلى تيهرت.
ورجع عمرو بن حفص إلى القيروان؛ فجعل يدخل إليها كل ما يصلحه من الطعام والمرافق وعدة الحصار. ثم أقبل أبو حاتم في جموعه حتى نزل عليه. وكثرت الفتن ببلاد أفريقية. ويقال أن عدة من حاصر القيروان مائة ألف وثلاثون ألف وكان ابن حفص يخرج إليهم في كل يوم فيحاربهم. فلم يزالوا كذلك ضاق أمرهم، وأكلوا دوابهم وكلابهم وسنانيرهم، وماتوا جوعا وانتهى الملح عندهم أوقية بدرهم. واضطرب علي ابن حفص أمره وساءت خلقه، وبلغ أن يزيد بن حاتم بعث أمير المؤمنين في ستين ألفا لنصرة القيروان. فقال:(لا خير في الحياة بعد أن يقال: يزيد أخرجه من الحصار! إنما هي رقدة وأبعث إلى الحساب!) وخرج، فجعل يطعن ويضرب حتى قتل في النصف من ذي الحجة من سنة 154. ولم يعط الحال تفصيل هذه السنين من سنة 151 إلى 153 بعدها سنة: فاجتملت أمرها هنا أجملا مختصرا يغني عن أعادتها في كل واحدة منها.
ولما قتل عمرو بن حفص، بايع الناس أخاه جميل بن حفص بالقيروان. فلما طال عليه الحصار، دعاه الاضطرار إلى مصالحة أبي حاتم، على أن جميلا وأصحابه لا يخلعون سلطانهم، ولا ينزعون سوادهم. فغضب أبو حاتم،
وأحرق أبواب القيروان، وثلم سورها ودخلها. ولما دخل أبو حاتم القيروان، أخرج أكثر أهلها إلى الزاب. ثم بلغ قدوم يزيد بن حاتم؛ فتوجه للقائه نحو طرابلس وأستخلف على القيروان عبد العزيز المعافري. فقام عليها عمر بن عثمان؛ وقتل أصحاب أبي حاتم. فزحف إليهم أبو حاتم إلى القيروان؛ فاقتتل معهم. وتوجه أبو عثمان إلى تونس؛ ورجع أبو حاتم إلى طرابلس، حين بلغه قدوم يزيد ابن حاتم. فقيل إنه كان بين العرب والبربر، من لدن قاتلهم عمرو بن حفص إلى انقضاء أمرهم، ثلاثمائة وخمس وسبعون وقيعة.
وفي سنة 151 ولي المنصور عمرو بن حفص المتقدم الذكر أفريقية. فقدمها في صفر في خمسمائة فارس. وكان قد ولي أفريقية سنة 150، بعد موت الأغلب، المخارق بن غفار الطائي، أستخلفه الأغلب على القيروان؛ واجتمع الناس عليه في رمضان؛ فوجه الخيل في طلب الحسن بن حرب؛ فهرب من تونس إلى كتامة فأقام شهرين، ورجع إلى تونس؛ فخرج إليه من بها من الخيل؛ فقتل الحسن بن حرب.
وفي سنة 152 كان ما تقدم ذكره على الجملة الأفريقية. وفيها عزل المنصور يزيد بن حاتم عن مصر، وولاها محمد بن سعيد. وكان سائر عمالها الذين كانوا في السنة قبلها وفي سنة 153، قال الطبري: قتل عمر بن حفص: قتله حاتم الأياضي وأبو غادي ومن كان معهما من البربر؛ وكانوا فيما ذكر ثلاث مائة ألف وخمسون ألفا، الخيل منها خمسة وثلاثون ألفا، ومعهم أبو قرة اليقرني أمير تلسمان، في أربعين ألفا. وكان يسلم عليه بالخلافة هكذا ذكر ابن القطان في (نظم الجمان) وقد يقدم أن قتل عمرو بن حفص كان سنة 154. ذكر كذلك الرقيق وابن حماده وغيرهما.
قال الرقيق وعريب: وفي سنة 153 زحف أبو قرة من تسلمان في جمع