الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو في معسكره يحارس حبيبا. فأسروه، وشدوا وثاقه، وركبوا إلى حبيب، فأخرجوه إلى البر.
ذكر قيام حبيب بن عبد الرحمن بن حبيب على عمه
الياس وتغلبه على بلاد أفريقية
لما خرج حبيب هذا إلى البر، واجتمعت عليه أهل طاعة أبيه، ظهر أمره، وشاع ذكره. وتوجه إلى الأربس؛ فأخذها. وبلغ خبره إلى ألياس؛ فخرج يريده، وأستخلف على القيروان محمد بن خالد القرشي، فلما قرب الياس منه، تحاربا حرباً خفيفة. فلما أمس حبيب، أوقد النيران ليضن الناس إنه مقيم. ثم سرى، فأصبح بجلولا. ثم نفذ إلى القيروان، فيتولى عليها. ثم رجع الياس في طلبه، ففسد عليه من كان معه، وتقوى حبيب وخرج إليه في جمع عظيم. فلما التقيا، ناداه حبيب:(لما نقتل صنائعنا وموالينا، وهم لنا حصن! ولكن أبرز أنا وأنت.. فأينا قتل صاحبه، استراح منه!) فناداه الناس.. (قد أنصفك يا الياس) فخرج كل واحد منهما إلى صاحبه، ووقف أهل العسكر ينظرون إليهما، فتطاعنا حتى تكسرت قناتاهما ثم تضاربا بسيوفهما وعجب الناس من صبرهما. ثم ضرب الياس حبيبا ضربة (في ثيابه ودرعه، ووصلت إلى جسده وضرب حبيب عمه الياس ضربة) أسقطته ثم أكب عليه، فحز رأسه وأمر برفعه على رمح وأقبل به على القيروان فدخلها وبين يديه رأس عمه ورؤوس أصحابه، فيهم عم أبيه محمد بن أبي عبدة بن عقبه ورأس محمد بن مغيرة القرشي وغيرهما من وجوه العرب وذلك في عام 138 فكانت ولاية الياس إلى أن قتل نحو سنة وستة أشهر.
وفي سنة 138، قام البربر في أفريقيا على حبيبي بن عبد الرحمن بن حبيب ولما قتل حبيب عمه الياس هرب عبد الوارث بن حبيب ومن كان معه.
إلى عسكر الياس أخيه إلى بطن من البربر يقال لهم ورفجومة من نقزة لاجئين إليهم فنزلوا عليهم وأميرهم عاصم بن جميل فكتب إليه حبيب يأمره بتوجيههم إليه فلم يفعل فزحف إليه حبيب ولقيه عاصم ومعه كل من هرب من حبيب فاقتتلوا وانهزم حبيب وكان إذا خرج إليهم استخلف على القيروان أبا كريب القاضي فكتب بعض أهل القيروان إلى عاصم وأشياخ ورفجومة وظنوا أنهم يوفون لهم بالعهد وأظهروا لهم أنهم إنما يريدون أن يدعوا لأبي جعفر فزحف عاصم بن جميل وأخوه مكرم من كان معهم من البربر ومن لجأ إليهم من العرب بعد أن هزموا حبيبا وساروا إلى ناحية قابس، حتى انتهوا إلى القيروان. فلما دنا بعضهم من بعض، خرج جماعة من عسكر عاصم، فقتلوا منهم أناسا وتفرق الناس عن القاضي أبي كريب ورجعوا إلى القيروان ولم يعلموا ما يحل بهم من البربر وثبت أبي كريب في نحو ألف رجل من أهل الدين، مستسلمين للموت فقاتلوا حتى قتل أبي كريب وأكثر أصحابه ودخل ورفوجمة القيروان، فاستحلوا المحارم، وارتكبوا الكبائر، ونزل عاصم بمصلى روح ثم استخلف عل القيروان عبد الملك ين أبي جعد اليفرني وسار إلى حبيب، وهو بقابس. فانهزم حبيب ولحق بجبل أوراس. فسار إليه عاصم، فهزمه حبيب، وقتله مع جملة من أصحابه. وأقبل حبيب إلى القيروان، فخرج إليه عبد الملك بن أبي الجعد فاقتتلا، فنهزم حبيب وقتل في المحرم ن سنة 140 فكانت ولاية وتاريخ عبد الرحمن بن حبيب نحو 10 سنين وأشهر، وولاية أخيه الياس سنة وستة أشهر (ثم تغلب على أفريقية بعض القبائل الصفرية بعد قتل حبيب وعاصم، فدخل القيروان وربطوا دوابهم في المسجد الجامع، وقتلوا كل من كان من قريش وعذبوا أهلها. وأساءت ورفجومة لأهل القيروان سوء العذاب وندم الذين استدعوهم أشد ندامة. ثم قام أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح
المعافري وكان ثائرا متغلبا خرج طرابلس بعد ما كان استولى عليها يريد القيروان لقتال ورفجومة. فالتقى معهم وقاتلهما. ثم هزمزهم وتبعهم يقتلهم، ثم انصرف إلى القيروان. فولى عليهم عبد الرحمن بن رستم صاحب تاهرت بعد ذلك ومضى الخطاب إلى طرابلس وكانت مدة هذه الأهوال والفتن التي اختصرناها هنا مجملة في نحو ثلاثة أعوام.
وفي سنة 139، كان الفداء بين أبي جعفر المنصور والروم، فاستنقذ المنصور منهم أسرى المسلمين. ولم تكن بعد ذلك صائفة للمسلمين إلى سنة 146.
وقي سنة 141 كان ابتداء بناء سجلماسة. وفيها كان خروج أبي الخطاب إلى القيروان لقتال ورفجومة، فخرج إليه واليها عبد الملك، فخذله أهل القيروان وانهزموا عنه، فقتل عبد الملك وأصحابه في صفر وكان تغلب ورفجومة على القيروان سنة وشهرين.
وفي سنة 142، أقبل أبي الأحوص اعجلي بالمسَوِّدةِ. فخرج إليه أبي الخطاب. فالتقى بمقداس على شاطئ البحر، فانهزم أبي الأحوص وأصحابه واحتوى أبي الخطاب على عسكرهم. ورجع أبي الأحوص إلى مصر وانصرف أبو الخطاب طرابلس. وكانت أفريقية في يديه إلى أن وجه المنصور بن الأشعث.
وفي سنة 143 اتصل أبي الخطاب أن أبي الأشعث يريد القيروان. فخرج إليه في زهاء مائتي ألف. فعسكر بهم في أرض سرت واتصل ذلك بمحمد بن الأشعث.
وفي سنة 144، ولي أفريقية محمد بن الأشعث الخزاعي.