الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بينهما محاربات ومواقعات. (وبني الحسن بن أبي العيش حصنا منيعا بجبل بينه وبين جراوة أربعة) أميال وحوله قرى لمدغرة، وبني يفرن وغيرهم من القبائل وكان لأبي العيش أيضا وبنيه مدينة تلمسان وما والاها، يسكنها مثل زواغة ونفزة وغير ذلك، وفي ذلك يقول بكر بن حماد (كامل)
سائل زواغة عن طعان سيوف
…
ورماحه في العارض المتهلل
وديار نفرة كيف داس حريمها
…
والخيل قمرغ في الوشيج الذلل
غشى مغيلة بالسيوف مذلة
…
وسقى جراوة من نقيع الحنظل
ومن جراوة إلى تيهرت ثلاثة مراحل وإلى حصن تامغلت مرحلتان يسكنه بنو دمر من زناتة.
ذكر مدينة تلمسان
ذكر أن تلمسان قاعدة المغرب الأوسط قاله البكري وصحح قوله كثير مكن الإخباريين، ومن كتاب رجار قال: وبين مدينة تلمسان وتبهرت، يسكن بنو مرين وجميع قبائل زناتة، منهم تجين ومغراوة وبنو راشد، وورنيد، وغيرهم، قال: وأكثرهم فرسان يركبون الخيل ولهم معرفة بارعة وحذق وكياسة، لاسيما بعلم الكتف. وهم منسوبون إلى جانا. قال: وزناتة في أصل مذهبهم عرب صراح وإنما تبربروا بالمجاورة والمحالفة للبربر. وذكر أنهم ينتسبون إلى بر بن قيس بن إلياس بن مضر.
ذكر افتتاح مدينة سبتة بالعدوة
وفي سنة 319، هذه المؤرخة، افتتح الناصر لدين الله الأموي مدينة سبتة بالعدوة (على بحر الزقاق من بر العدوة، التي هي نظام باب المغربين ومفتاح باب المشرقين، وهي على ما قبل مجمع البحرين قاعدة البر والبحر
واللؤلؤ الحالة من الدنيا بين السحر والنحر وفي فتحها يقول عبيد الله بن يحيى بن إدريس يخاطب الناصر (طويل)
بسيفك دانت عنوة وأقرت
…
بصائر كانت برهة قد تولت
وما قربت أهواؤها إذ تقربت
…
ولا حليت بالزي لما تحلت
ولكن أزالت راسيات عقودها
…
عزائم لو ترمي بها العصم زلت
ودولة منصور اللواء مؤيد
…
تدل بحد الله من شر دولة
فهذا أوان النصر منها وهذه
…
بشائره تروي الأنام ببستة
فشكها أمير المؤمنين (الناصر) بالرجال، وأتقنها بالبيان وبرني سورها بالكدان وألزم فيها من رضيه من قواد وأجناد وصارت مفتاحا إلى العدوة قال عريب: وبابا إليها، وثقافا على المراسي في ذلك الجانب وقامت الخطبة فيها باسم أمير المؤمنين الناصر وذلك يوم الجمعة لثلاث خلون من ربيع الأول من العام المؤرخ. وفيها، ورد الخبر على عبيد الله بالمهدية بدخول موسى بن أبي العافية وأهل سبتة في طاعة أمير المؤمنين عبد الرحمن بن محمد الناصر، وأن مركبا نزل زم الأندلس بمرسى جراوة لموسى بن أبي العافية، فهبط إليه الحسن بن أبي العيش واخذ ما كان فيه. فكاتبه قاضيه ووجوه أهل موضعه وكلموه في ذلك فلم يصرف إليه متاعه، فزحف موسى إلى صاء، فأخرج منها عامر بن أبي العيش وأمن أهلها، ثم زحف إلى زواغة، فخرج إليه ابن أبي العيش فلما رأى كثرة من معه انصرف عنه من غير قتال، وأحرق ابن أبي العافية بسيط جراوة وتجول في البد أياما، ودارت بين أبي العيش وبين ابن أبي العافية مراسلات. ورغب ابن أبي العيش في مصالحته وصرف ما كان أخذ له،
واصطلحا. ورجع موسى إلى بلده، ثم زحف ابن أبي العافية إلى أزقور، فاستمد أهل قلوع جارة عليه بابن أبي العيش، فأمدهم بخيل وأغاروا على بعض نواحي ابن أبي العافية، وأخذوا له جمالا كثيرة، وقاسموا الغنيمة ابن أبي العيش. فعادت الحرب بين ابن أبي العافية وبين ابن أبي العيش وكاتب أهل جراوة ابن أبي العافية وضمنوا له دخول المدينة وزحف إليها بمن معه، وأدخله أهلها طائفين. ثم قصد إلى المنصور فدعاهم إلى الأمان فأجابه بعضهم، تغلي على سائرهم وقتل بها جماعة، وقيل أنه أخذ زوجة ابن أبي العيش القرشية، وأولاده وخيله وسلاحه وأحرق المدينة بالنار، وانصرف إلى محلته وبعث زوجة ابن أبي العيش إلى أهلها مع ثقات من أهل حراوة فعظم على الشيعي ما ورد من هذا الأمر، وأقلقه وكتب إلى القبائل في المغرب يحضهم على طاعته ويمنيهم إمداده ونصره، ومدينة سبتة مدينة أزلية على ضفة البحر الرومي وهو بحر الزقاق الداخل في البحر المحيط، وهي في طرف من الأرض والبحر محيط بها من كل ناحية إلا موضعا ضيقا جدا، لو شاء أهلها ان يصلوه بالبحر الأخر لفعلوا فتصير من جزر البحر. ويجلب الماء إلى حماماتها من البحر. وأهلها هرب وبربرولم تزل دار علم. وشرقيها جبل منيف داخل في البحر والبحر محيط به ويلقط في بعض نواحي هذا الجبل ياقوت صغير الجرم، عريق في الجودة، وبحرها يستخرج منها المرجان وهو السبذ. واختلف في تسميتها بستة فقال قوم: سميت بذلك لانقطاعها في البحر تقول العرب: (ست النعل) إذا قطعته. وقال آخرون أن رجلا من ولد سام بن نوح - عم - اسمه سبت خرج من المشرق لأسباب عرضت له فتوغل في المغرب حتى أتى موضعها فاختط فبها موضعا يعمره. ويذكر أشياخنا الحديث المسند عن وهب بن
مسرة الحجري وذلك أن أبا عبد الله محمد بن علي حدثه عام 400 عن وهب بن مسرة عن بن وضاح عن سحنون عن إبراهيم ابن القاسم عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أن بأقصى المغرب مدينة تسمى سبتة أسسها رجل صالح اسمه سبت من ولد سام بن نوح، واشتق لها اسما من اسمه ودعا لها بالبركة والنصر فما رماها أحد بسوء إلا رد الله بأسه عليه. قال بن حمادة: قال شيخنا العالم أبو الفضل عياض بن موسى وهذا الحديث تشهد بصحته التجربة، فأنها مازالت محمية عند من وليها من الملوك وقل وما أحدث أحد منهم فيها حدث سوء إلا هلك.
قال تاعذري: كان ملك من ملوك القوط بالأندلس يسمى تودوش فجاز البحر إلى سبتة لمحاربة البربر فحاصرهم فيها ثم تألفوا عليه فأمكنته منهم غزة فقتلهم، ولم ينجح منهم ألا القليل. ورجع تودش إلى الأندلس. وبقى البربر فيها إلى أن دخل الروم ثانية، وكان فيها يليان. وكان عقبة بن نافع لما غزا الغرب ودوخه كله وصل إلى سبتة فخرج إليه يليان بهدايا وتحف وأستلطفه وكان ذا عقل وتجربة فأمنه عقبة وأقره على موضعه ثم دخل العرب بعد ذلك بالصلح ثم قام البربر إلى طنجة وزحفوا إليها فأخرجوا من كان فيها وخربوها، وبقيت مسكنا للوحوش مدة طويلة. ثم دخلها رجل من غمارة يسمى ماجكس فعمرها وأسلم ورأس فيها وانضافت له البربر إلى أن هلك ثم وليها بعده أبنه عصام بن ماجكس ثم أبنه مجبر بن عصام ثم وليها الرضى بن عصام وكان يحكم فيها برأي فقهاء الأندلس ثم دخلها قوم من قلشانة فاشتروا فيها أرضا من البربر وبنوا فيها دورا وما تثلم من سورها الذي هو اليوم الستارة وكانوا مع ذلك يدعون الطاعة لبني إدريس
حتى أفتتحها عبد الرحمن الناصر ودخلها قائده فرج بن غفير يوم الجمعة ليلة خلت من شعبان من سنة 319.
ذكرى من ولى سبتة لبني أمية: فوليها من قبل الناصر بن غفير سنة 319 المذكورة. ثم وليها أحمد بن عبد الصمد الغرناطى: ثم وليها محمد بن حزب الله سنة 323 ثم عزل. ووليها محمد بن مسلمة في سنة 236 ثم عزل. ووليها ابن مسلمة أيضا إلى سنة 330 ووليها ابن مقاتل إلى أن أسر في شوال 332 أسره عندهم بنو محمد الأدارسة إلى أن لحقهم قاضيها محمد ابن أبي العباس في رمضان سنة 333، فجنحوا بنو محمد إلى السلم على يد القاضي فأطلقوا ابن مقاتل، وبعثوا رهائنهم إلى أمير المؤمنين الناصر بقرطبة. ولم يزل ولاة الناصر يتداولونها إلى سنة 346.
وفيها مات أحمد بن أحمد بن زياد الفارسي صاحب الوثائق بالقيروان، وكان له سماع ونظر، وتولى كتابة السجلات والأحكام لعيسى بن مسكين، وله كتب في الوثائق والشروط في مواقيت الصلاة. وفيها مات في مدينة نيهرت يصل بن حبوس صاحبها فقدم أهلها على أنفسهم علي بن مصالة وتكبوا إلى عبيد الله بالخير، فولى عليهم حميد بن يصل وأخرجه إليها في جيش كثيف وفصل إليها في ذي الحجة.
وفيها ولد أبو تميم معد بن إسماعيل الشيعي يوم الاثنين لتسع خلون من شهر رمضان بقصر المهدية.
وفي سنة 320 أوقع حميد بن يصل بداود بن مصالة، وسنان وأبي حمليل بن برنو وقتل جماعة من أصحابهم وحصرهم في حصن أبي حمليل ثلاثة أشهر. وقرى بذلك كتاب عبيد الله الشيعي على المنابر تأريخه يوم الخميس لليلتين خلتا من جمادى الأخيرة. وفيها سار موسى بن أبي العافية إلى محمد بن خزر (أمير زناتة) وطوى نحوه المراحل فألقاه على حين غفلة فقاتله وهزمه وقل أصحابه ثم أنصرف إلى جراوة. وكان سبب
ذلك بن خزر كتب إلى موسى بن أبي العافية في أمر ابن أبي العيش بما أحفضه، وأظهر أنه مؤيد له عليه. فأنف لذلك موسى وخرج إليه وواقعه وفيها عزل عبيد الله بن سلمان صاحب الوثائق، وكان في عناية أبي جعفر البغدادي وزن بابنه فرع بذلك عليه خليل الشيعي وقال له:(يا مولاي إنما يعمل البغدادي 6في شتر هذه الدولة الزاهرة وإدخال العيب فيها! وقد ولى على قضاء إطرابلس والوثائق رجلا مستهترا بالمرد!) ورفع إليه قول ابن عامر الفزاري في مرد إفريقية أيام بني الأغلب وفيها ذكر أبو سلمان هذا بقبيح من القول. وأول الأرجوزة:
وروضة تكسو يم الأرض
وشيئا بديعا من نبات غض
منها على الأرواح قاضٍ يقضي
بياض بعض واحمرار بعض
وفيها:
بار ابن سلمان على الغزلان
شبيه بدر فوق غصن بان
ما إن له في حسنه من ثان
كأنما صبغ من العقيان
فلذلك عزله، وولى قضاء مدينة إطرابلس أحمد بن بحر وكان صاحب مظالم القيروان وصلاتها باختبار إسحاق بن أبي المنهل. وفيها أظهر موسى ابن أبي العافية الدعوة لأمير المؤمنين الناصر وقام بها وذلك في شعبان بعد أن تغلب على نكور ودخلها بالسيف وقتل صاحبها المؤيد بن عبد البديع بن صالح بن سعيد بن إدريس وبعد أن حصر بني محمد في الجبل المعروف بحجر النسر حتى صالحوه على شيء أخذه منهم وزال منهم.