الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولاية أبي عقال الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب أفريقية
وهو الملقب بخزر، فلنا ولي أمن الناس وأحسن إليهم وإلى الجند، وغير أحداثا كثيرة كانت قبله وأجرى على العمال أرزاقا واسعة وصلات جزلة وقبض أيديهم عن الغبة، وقطع النبيذ من القيروان، وعاقب على بيعه وشربه. وتوفى في العشر الأواخر لربيع الآخر سنة 226، وهو ابن ثلاثة وخمسين سنة فكانت ولايته سنتين وتسعة أشهر وأياما.
وفي سنة 224، كانت وقعة بأفريقية بين عيسى بن ريعان الآزدي، وقد أخرجه السلطان لذلك، وبين لواته وزاغة ومكناسه فقتلهم عن آخرهم بين قفصة وقسطيلية. ذكر ذلك ابن القطان.
وفيها، قدم أهل سلجماسة ميمون بن مدرار وأخرجوا أخاه. فلما استقر الأمر لميمون أخرج أباه مدرار وأمه إلى بعض قرى سلجمانة.
وفي سنة 225، كانت وفاة أبي جعفر موسى بن معاوية الصمادحي، مولى آل جعفر وكان ممن روى عنه سحنون.
وفي سنة 226، توفي أبو عقال الأغلب ين إبراهيم في ليلة الخميس لسبع بقين من ربيع الآخر، وولاية ابنه أبي العباس يوم موت أبيه
ولاية أبي العباس محمد بن الأغلب بن إبراهيم ابن الأغلب أفريقية
كانت ولايته في أولها ساكنة، والأمور معتدلة. وقلد أحمد بن الأغلب كثيرا من أموره وكان محمد هذا قليل العلم، ذكر أن رجاء الكاتب كان يوما بين يديه، فكتب محمد (لحم ضبي) بضاد مسقوطة. فلما حفلا المجلس، قال له كاتبه:(أيد الله الأمير الظبي يكتب بضاء مرفوعة) فقال له محمد: (قد
علمنا فيها اختلافا فأبو حنيفة يجعله بالظاء ومالك يجعله بالضاد) فعجب الحاضرون من قوله وكان عقيما لا يولد له. وكان مظفرا فيء حروبه.
وفي سنة 227، توفي أبو محمد عبد الله بن أبي حسان اليحصبي فقيه أفريقية، ولقي مالك، وسمع منه. وسأله زيادة اله في النبيذ، فقال له:(كم دية العقل؟) قال: (ألف دينار) قال: (أصلح الله الأمير يعمد الرجل إلى ما قيمته ألف دينار، فيبعه بنصف دسهم فقبل له: (أنه يعود ويرجع) فقال: (أصلح الله الأمير! بعد كشفه سوئته، وإبداءه عورته وضرب هذا وشتم هذا) وفي سنة 228، كانت أفريقية هادئة ساكنة قال عريب وغيره لم يكن في أفريقية هذه السنة خبر يذكر ولا في السنتين بعدها.
وفي سنة 230 توفي بهلول بن عمرو بن صالح الفقيه، سمع من مالك وطبقته.
وفي سنة 231 كانت ثورة أحمد بن الأغلب عل أخيه محمد واستيلائه عليه، وذلك أن أحمد تواعد مع جملة من الموالي إلى موضع، فتوافوا هنالك وقت الظهيرة، فقصدوا إلى مدينة القصر القديم، وقد خلى الباب من الرجال فدخلوا، وأغلقوا الباب، ثم ساروا حتى أغلقوا لأبواب الأُخر. ثم هجموا على أبي عبد الله بن علي بن حميد الوزير فأمر أحمد فضربت عنقه ووقع القتال بين رجال محمد بن الأغلب وبين رجال أحمد بن الأغلب وجعل أصحاب أحمد يقولون لأصحاب محمد:(ما لكم تقاتلوننا! نحن في طاعة محمد ابن الأغلب. إنما قمنا على أولاد علي بن حميد الذين أفقروكم واستولوا على أموال مولاكم دونكم وإما نحن في الطاعة) لما سمعوا ذلك، أوقفوا عن القتال، ولما نظر محمد إلى ما دهمه من غير استعداد، قعد في مجلسه الذي يقعد فيه للعامة، وأذن لأخيه أحمد والرجال الذين معه في الدخول عليه.
فدخلوا بسلاحهم. فكانت بينهما معاتبة. ثم حلفا أن لا يغدر أحدهما بصاحبه واصطلحا. واعتدلت الأمور لأحمد بن الأغلب إلا أن أسم الإمارة فقط وقبض أحمد على من شاء، واستصفى من أراد وعذب من أحب وأعطى الرجال وجنى الأموال، واستوزر نصر بن حمزة.
وفي سنة 232، ظفر محمد بن الأغلب بأخيه أحمد، وحبسه، ورجع له سلطانه. وقام معه في ذلك جماعة من بني عمه ومواليه. وسقى البوابين واحتال عليهم حتى دخل المدينة، وحارب أخاه طول الليل وأطلق من كان في حبس أخيه، فاستمد بهم ووصل أهل القيروان حتى أنفذ جميع ما في خزائنه من الأموال والكسي ثم نفى محمد بن الأغلب أخاه إلى المشرق فمات بالعراق.
وفيها عزل عبد الله بن أبي الجواد عن القضاء، فقال سحنون لمحمد بن الأغلب:(أيها الأمير، أحسن الله جزائك! فقد عزلت فرعون هذه الأمة وجبارها وظالمها) وابن أبي الجواد حاضر ولحيته تضطرب على صدره وكان تام اللحية.
وفي سنة 233 ولي سحنون بن سعيد بن حبيب التنوخي الفقيه (واسمه عبد السلام، إنما سمي بسحنون لحدة ذهنه) القصاء بأفريقية بعد أن رجع محمد بن الأغلب في ذلك عاما كاملا، وهو يأبى عليه، حتى حلف له بأيمان المؤكد وأعطاه العهود المغلظة إنه يطلق يديه على أهل بيته وقرابته وخدمه وحاشيته، وينفذ عليهم الحق، أحب أو كرهوا.
وفيها كانت ثورة سالم بن غلبون وقتله، وذلك إنه كان واليا على الزاب فعزاه محمد بن الأغلب. فأقبل سالم يريد القيروان. ثم عدل في بعض طريقه إلى الأربس مظهرا للخلاف، فمنعه أهلها من دخولها فسار إلى باجة فدخلها وضبطها فأخرج إليه ابن الأغلب خفاجة بن سفيان في جيش كثيف فنزل عليه وحاربه أياما، فهرب سالم بن غلبون في الليل، فاتبعه خفاجة
فلحقه لما أصبح وقتله، وحمل رأسه إلى محمد بن الأغلب وكان ابنه أزهر محبوسا عنده فأمر بضرب عنقه.
وفي سنة 234، ثار عمر بن سليم النجيبي بتونس، فأخرج إليه ابن الأغلب خفاجة بن سفيان، فأقام عليه بقية هذه السنة، ثم انصرف عنه من غير ظفر وفيها مات عبد الله بن أبي الجواد في سجن سحنون وكان ورثته ابن القلقاط يطلبونه بخمسمائة دينارا وديعة واستظهروا بخطه. فأنكر الوديعة والخط. فكان سحنون يخرجه كل جمعة، فإذا استمر على الإنكار، ضربه عشرة أسواط. وأرادت زوجته فدائه بمالها، فامتنع سحنون إلا أن يعترف ابن أبي الجواد بأن هذا مال الأيتام أو عوضا عنه. فأبى ابن أبي الجواد. فما زالت تلك حاله إلى أن مرض، فمات. فشنع الناس على سحنون أن قتله. وكان يقول بخلق القرآن.
وفي سنة 235 كانت وقيعة، بمقربة من تونس، بين المنتزي في العام الفارط عمرو بن سليم المعروف بالقوبع، وبين محمد بن موسى المعروف بعريان، الذي استقوده ابن الأغلب لمحاربته، ففزع كثيرا ممن موالي ابن الأغلب إلى القوبع. فوقعت على محمد بن موسى هزيما، وأسر أحد قواده، بعد أن انكسرت رجله، ثم طعنه ولد القوبع طعنة كان في حتفه، وقتل كثير من أصحابه. وأنصرف باقي الجيش إلى ابن الأغلب مفلولين. واشتدت شوكة القوبع.
وفي سنة 236، كانت وقعته بين عمرو بن سليم القوبع المنتزي بتونس وبين خفاجه بن سفيان، قائد جيش قائد بن الأغلب، فاقتتلوا قتالا شديدا، فنهزم القوبع، وقوتل أصحابه مقتلة عظيمة. وأدرك القوبع، فضربت عنقه، وحمل رأسه إلى محمد بن الأغلب، فوصل قاتله، وكساه، وأحسن إليه. ودخل خفاجة مدينة تونس بالسيف، يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأول وسبى فيها، وانصرف بالجيش إلى القيروان، فكساه ابن الأغلب.