الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملك الغرب، قورية بالأندلس ففتحها الله عليه. وأمير أفريقية علي ابن يحيى ابن تميم.
وفي سنة 514 كانت وقعة بالأندلس انهزم فيها المسلمون وهي وقعة قتندة، قال ابن القطان: مات فيها نحو عشرين ألفا وفيها، كان حلول ابن تومرت المتلقب بالمهدي بأغمات، محرضا على الخروج على السلطان وتفريق الكلمة المنتظمة.
وفي سنة 515، خرج علي بن يوسف من مراكش إلى الأندلس، فوصلها في ربيع الأول وأخر ابن رشد عن القضاء، وولى أبا القاسم بن حمدين، ثم رجع إلى مراكش. وفيها، توفي أمير أفريقية علي بن يحيى بن تميم.
دولة الأمير الحسن بن علي
ابن يحيى بن المعز بأفريقية
كان أبوه فوض إليه الأمر في حياته وعمره أثنتا عشرة سنة وتسعة أشهر، ومولده بمدينة سوسة في رجب سنة 502. فلما مات أبوه، دخل الناس أليه مهنئين ومعزين بالملك والوفاة، وانشده الشعراء وتكفل بأمر دولته صندل الخادم، لا لمعرفة ولا سياسة.
وفي سنة 516، غزى أبو عبد الله بن ميمون قائدا علي بن يوسف ن ملك البرين، جزيرة صقلية، فافتتح بها مدينة نقوطرة من عمل رجار صاحب صقلية، وسبى نساءها وأطفالها، وقتل شيوخا، وسلب جميع ما وجد فيها. فلم يشك صاحب صقلية أن المحرك والمسبب له هو أمير أفريقية الحسن بن علي، لما تقدم بينه وبين أبيه من الوحشة العظيمة فاستنفر أهل بلاد الروم قاطبة فالتأم له ما لم يعهد مثله كثرة فعلم بذلك الحسن بن علي، فأمر بتشييد الأسوار واتخاذ الأسلحة وحشد القبائل واستقدام العرب. فجاءت الحشود من كل وجه ومكان والناس متأهبون لما يطرقهم منهم.
وفي سنة 517، في أواخر جمادى الأولى، وصلت أسطول الإفرنج إلى جزيرة الأحاسي، وخرج منهم إلى البر خلق كثير وابسطوا حتى بعدوا عن البحر أميالا. وفي اليوم الثاني، خاء إلى المهدية ثلاثة وعشرين شينيا، فعينوا العساكر والحشود ثم انصرفوا إلى الجزيرة، فوجدوا العرب قد انكشفوا من كان بها من الروم عن مواضعهم، ومزقوا مضاربهم فقويت نفوس المسلمين بذلك. وكان رجار قد أمر أسطوله أن يدخل تلك الجزيرة، ويأخذ قصر الديماس، وأن يسير الخيل والرجال من هنالك على تعبئة في البر إلى المهدية، لليلتين خلتا من جمادى الأولى، في أخر ليلة منه كبر المسلمون ودخلوا الجزيرة فانهزم الروم إلى أجفانهم، بعد ما قتلوا بأيديهم كثيرا من خيولهم. وأخذ المسلمون فيما يحتاجونه إليه نحو أربع مائة فرس، وآلات كثيرة وأسلحة. وأحاطت العساكر بقصر الديماس، تقاتله، وأهل الأسطول في البحر يعاينون ذلك، إلى أن طلب الروم الأمان من السلطان الحسن بن على بن يحيى بن تميم، فلم تساعد العرب على ذلك. وخرجوا من منتصف جمادى الآخرة ن فأخذتهم السيوف، وقتلوا عن أخرهم. وكان عدد الأجفان نحو ثلاثمائة، وعدد لخيل فيها نحو ألف فارس.
أخبر أبو الصلت قال: أخبرني عبد الرحمن عبد العزيز قال: رأيت على باب رجار بصقلية رجرا من الإفرنجة طويل الحية يتناول طرف لحيته بيده، ويقسم بالإنجيل أنه لا يأخذ منها شعرة حتى يأخذ ثأره من أهل المهدية فسألت عنه، فقيل لي أنه لما انهزم، جذب بها حتى أدمته. إلى أن انتهى كلام ابن الصلت في أخبار المهدية وأميرها الحسن بن علي بن يحيى ابن تميم إلى سنة 517 وبقى الحسن بن علي ملكا للمهدية وبلاد تلك الجهات إلى سنة 543. ثم خرج باستيلاء صاحب صقلية عليها.
وفي سنة 518، استفحل أمر المهدية والموحدين بالمغرب وأمير أفريقية الحسن بن علي بن يحيى. ومات في هذه السنة العزيز بالله صاحب بجاية، وولى
ابن يحيى. وكان لبني الناصر بن علناس بن حماد ببجاية والقلعة وتلك البلاد وزراء يعرفون ببني حمدون، وتوارثوا وزرارتهم، منهم ميمون بن حمدون عند يحيى هذا، فنشأ ليحيى ولد ولاه الأمر بعده وفوض الأمور إليه في حياته، فجعل الولد يستنقص الوزير ميمونا، ويقبح أفعاله، ويسميه الشيخ الكذاب. فخاف منه ميمونا على نفسه، وخاطب أبا محمد عبد المؤمن وفي سنة 519، كان أمير أفريقية الحسن بن علي على حاله. وخرج الطاغية ابن ردمير إلى بلاد المسلمين، فدوخها بلدا بلدا، وضيق عليها.
وفي سنة 520 اجتمعت عساكر المسلمين بالأندلس، فتلاقوا مع عدو الله ابن ردمير، وكان قد أذاق المسلمين شرا منذ سنين، فدارت بين الفريقين حرب عظيمة كان الظفر فيها للمسلمين. ثم أخبر الناس أن تميما رجع فارا بنفسه، فانهزم المسلمون، وركبهم النصارى بالقتل واحتووا على المحل بما فيها وسار تميم إلى غرناطة، وانبسطت خيل النصارى على المسلمين يقتلونهم كيف شاءوا وتفرق الناس أيدي سبا ولجئوا إلى المعاقل، وكانت قريبا منهم، فوافاهم الله شرهم.
وفي سنة 521، وقيل في سنة 520 نهض أبو الوليد بن رشد إلى مراكش للاجتماع بعلي بن يوسف في المصالح، وعز تميم عن غرناطة.
وفي سنة 523، أشر ابن رشد ببناء سور مراكش فبناه علي بن يوسف وأنفق فيه سبعين ألف دينار وفيها، بعث العزيز بالله بن المنصور صاحب بجاية عسكرا إلى المهدية قود عليه ابن المهلب فنزل عليها ثم انصرف ناكصا على عقبه وفيها، وصل مطرف بن علي بن خزرون الزناتي إلى تونس وأخرج منها احمد بن عبد العزيز بن عبد الحق بن خرسان، وقفل إلى الحجاز وبها مات على ما يأتي. وولي تونس في هذه السنة كرامة بن المنصور الصنهاجي من قبل صاحب بجاية.
وفي سنة 523 كان الأمير بأفريقية حسن بن علي على ما كان عليه في السنة قبلها، وصاحب بجاية يحيى بن العزيز بالله، ووزيره ميمون بن حمدون.
وفي سنة 524 قتل أمير مصر الملقب بالأمر، وكان جبارا عنيدا، قتله الغلام الذي أسمه حرز الملوك، وكان الأمر ولي عهده عبد المجيد.
وفي سنة 527، قال الوراق في (مقابسه) : بعث الله قوما تحالفوا على قتل الجبار العنيد بمصر الملقب بالأمر. قيل أنه قصدوا إليه من بلاد الشام احتسابا وكانوا عشرة أناس، فأقاموا بمصر، وعلموا بيوم ركوبه، وكان إذا ركب سدة الحوانيت والديار في ممره ولا يمر في طريقه أحد سواه ويجعل نصف عسكره أمامه، ونصفه ورائه، وفي وسط تلك المسافتين التي أمامه وخلفه فارسان، بينهما وبينه ما بينهما وبين العسكر وحمله أربعة من عبيده فقصد هؤلاء القوم إلى طريقة وفيه فرن، فقصدوا إلى الفران، ومعهم دقيق وقالوا له:(نريد منك أن تخبز لنا هذا الدقيق، فأنا قوم غرباء مسافرون) فاعتذر لهم بالسلطان فرغبوه، وشارط عليهم العجلة، ثم أشغلوه بالحديث إلى أن مر عليه مقدم العسكر الأول فأعنف عليهم في الخروج فلما رأوا ذلك ادخلوه داخل الفرن وسدوا فمه بغطائه وغلقوا باب الفرن عليهم إلى أن سمعوا حوافر فرسه. فأول من خرج من الفرن كلها منهم، فجعل يسجد إلى الأرض، وينادي:(أنا بالله وبعدل مولانا) وسجد مرة بعد أخرى إلى أن ألقى بيده في شكائم الفرس، وأخرج سكينا وضرب بها بطن الفرس فسقط إلى الأرض وخرج أصحابه من الفرن مبادرين، فضربوه بسكاكينهم إلى أن فرغوا من قتله. وقتلوا في الحين أجمعين وأراح الله من الفاجر الطاغي وهو الذي أكثر في زمانه دعوى الباطل ونصرة الظالم وعمل
جهنم يعذب فيها الناس، وأباح المحظورات جهارا في النزهات، وغير ذلك من قبائحهم - لعنهم الله - أعني الشيعة العبيدية.
وفي سنة 528 كان ولاة أفريقية على ما كانوا عليه في السنة قبلها.
وفي سنة 529، صرخ الموحدون بموت المهدي، وسموا عهد المؤمن بأمير المؤمنين، وفيها، ولي القضاة قاضي عبد الحق بن عبد الله بن معيشة، فأراق الخمر وكسر الدنان، وشدد على أهلها، وزاد في الجامع الكبير فكان البناء فيه في أخر هذه السنة.
وفي سنة 530 نزل على حمود على المهدية، بعسكر من قبل صاحب بجاية العزيز بن المنصور ومال برسم العرب فنزل بظاهر زويلة وناشب القتال برا وبحرا، فأخرج إليهم صاحب المهدية أسطوله فأخذوا من أسطول بجاية غرابي أمر بسجن قائدهما، فأما الواحد فمات بسهم أصابه ثم وصلت العرب لنصرة المهدية فرحل عسكر بجاية عن المهدية بعد أقامته سبعين يوما. وأمر الحسن بن علي قائده بقتل القائدين فقتل أحدهما بين يديه ووجد الآخر قد مات من سهم كان أصابه. وفيها جهز رجار صاحب صقلية أسطولا، فقصدوا جزيرة جربة، واستولوا عليها وسبوا أهلها. وفي سنة 533، كان موت عبد المجيد صاحب مصر وكان للشيعة في تولية خليفة عليهم خبر طريف يذكره في موضعه ز وفي سنة 536 توفى أبو عبد الله المازري وأبو الصلت. وفيها أخذ صاحب المهدية المركب الذي أنشأه صاحب بجاية، وبعثة بهدية إلى صاحب مصر، وسبب ذلك أنه كان في الإسكندرية مركب للحسن صاحب المهدية عطله عن السفر صاحب الديوان لأنه سعى في الشتاة بين الحسن وبين صاحب مصر، وقصد المواصدة بين صاحب مصر وصاحب بجاية، فأقلعت المراكب وبقى هو محبوسا. واقلع في جملتها المركب البجائي ببضائع عظيمة لها شأن وأثمان للتجار وهدية إلى صاحب بجاية. فعمل عليه الحسن، وأخذه، وأمر
بتفريغه. وبقي المركب فارغا حتى جاءت صدمة أكتوبر، فأنكسر وفي هذه السنة، خرج جرجي من صقلية في خمسة وعشرين غرابا، وضرب على مرسى المهدية ن فأخذ جميع ما كان فيه من المراكب وفيه مركب جديدا أنشأه الحسن من خشب المركب الذي انكسر لصاحب مصر.
وفي سنة 537، خرج أسطول صاحب صقلية، فضرب على مدينة أطرابلس، فخيبه الله.
وفي سنة 538، دخل مدينة سفاقس ودخلت في عمل رجار صاحب صقلية.
وفي سنة 543، كان تغلب الروم على مدينة المهدية، وخرج منها صاحبها الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس بن المنصور بن بسلجين ابن زبرى بن مناد بن منقوش صنهاجي بحملته وحاشيته. وتبعه أهل البلد فارين بإهليهم. وكان قائد رجار صاحب صقلية جرحى بن ميخايل الأنطاكي وكان أبوه علجا من علوج أبيه تميم. فكان هذا اللبعين عارفا بعورات المسلمين بالمهدية وغيرها فلم يزل رجار وقائده جرجا بحيلان على المهدية بحيلهما إلى أن استولوا عليها في هذه السنة. وتعرف هذه الكائنة الشنعاء بكائنة يوم الاثنين فبقيت بأيد الروم حتى أفتتحها الموحدون، على ما أذكر في دولتهم، ولما استولى صاحب صقلية على هذه المدينة كانت بأفريقية مجاعة عظيمة، فخاف أهل تونس من أهل هذه السواحل من النصارى. وكان صاحب صقلية افتتح سفاقس ودخل بونة، وسبى أهلها، فأخذ أهل تونس في الاستعداد والأهبة والوقوف بجماعاتهم وقتا بعد وقت عند باب البحر، بمحضر واليهم معد بن المنصور وهو من الديوان الذي على الباب فخرجوا يوما من أيام عرضهم، فوجوا قاربا يسوق زرعا، فأبكرت العامة خروج الزرع من بلدهم في تلك الشدة إلى موضع تحت مملكة الروم، واجتمعوا على منعهم، وضجت العامة وارتفع صياحهم، فتعرض لهم رجال معد بن المنصور، فوضعوا السلاح
فيهم وفي عبيد معد واليهم وقتلوهم قتلة الشيعة وأطلقوا النار تحت برج الديوان، فنزل معد عنه، واستسلم للعامة، فوقفوا عنه، فكانوا يأخذون رجاله وعبيده من تحت ركابه، ويقتلوهم. وبقى معد ذلك بتونس على حال قهر من العامة، وكتب إلى بجاية، فجاءه غراب منها، فطلع فيه مع بنيه، وسار إلى بجاية، ورجع النظر في تونس لقائد من قواد صنهاجة مدة يسيرة، ثم انصرف، وبقى البلد في حكم العامة، فكانت الفتنة المشهورة فيهم، والقتال بين أهل باب السويقة وأهل باب الجزيرة، ومدبرهم في تلك المدة قاضيهم أبو محمد عبد المنعم بن الأمام أبي الحسن رحمه الله ولما اشتد خوف أهل تونس من صاحب صقلية ومما سمعوه من غضب بجاية واستعداده لهم، أخذوا في تمليك محمد بن زياد العربي بإرادة قاضيهم. فلما عزموا على ذلك، ووصل ابن زياد إلى تونس، وخرج القاضي والأشياخ إلى لقائه، صاح رجل من العامة:(لا طاعة لعربي ولا غزيّ) وقامت الفتنة. فرجع ابن زياد إلى القلعة، وأراد القاضي الرجوع إلى المدينة، فمنعه العامة وأخرجته، فسار مع ابن زياد إلى القلعة، ولأقام بها مدة طويلة، إلى أن مات رحمه الله فيقال أنه كان راقدا في الصيف في طلق علو، فوقع منها ومات، ويقال أنه رمي منها، ثم إن العامة وجهوا إلى أبي بكر إسماعيل بن عبد الحق بن خراسان، فوصل إلى تونس بالليل، فرفع قفي قفة من السور وولي تونس، فأقام عليها نحو سبعة أشهر، ثم غدر به عبد اله ابن أخيه عبد العزيز، على ما يأتي، وإذ قد وقع ذكر بني خراسان، ولايتهم تونس على النسق ومن وليها من غيرهم إلى دخول الموحدين إليها، بحول الله تعالى.