الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمر بن الخطاب في القيام، وتركهم الاقتداء بفعل علي بن أبي طالب في زيادة (حي على خير العمل) في الأذان، وقال لهم:(أعملوا بمذهب أهل البيت واتركوا الفضول) . فلما كان في أول يوم من شهر رمضان، أقبل المروزي إلى المسجد الجامع، فوجد في حائط المسجد في القبلة، وفي موضع جلوسه، مكتوبا:" ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها " إلى أخر الآية. فلما رآه، سأل القوم هل رأوا من جلس في ذلك الموضع فقالوا:(لا) فأمر بموحه، وأنتقل عن الجلوس بذلك الموضع. ووقف يوم على المروزي رجل محمق خليع، والناس حوله، فقال له:(قد لطفت لنا - أصلح الله - في قطع قيام شهر رمضان فلو احتلت لنا في ترك صيامه، لكفيتنا مئونته كلها) فقال له المروزي: (أذهب عني يا ملعون) وأمر بدفعه. وأمر عبد الله الشيعي وجوه كتامة بدعوة الناس إلى مذهبهم من التفضيل لآل علي البراءة فدخل في ذلك معهم كثير من الناس فلذ لك سميت دعوته، لأتباعهم رجالا من (أهل) المشرق.
ذكر توجه الداعي إلى سجلمانة
واجتماعه بعبيد الله الشيعي بها
ونظر أبو عبد الله في إقامة الجيوش والاستعداد والغزو إلى سجلمانة. وكان بها عبيد الله الشيعي وابنه أبو القاسم محبوسين. وكان أبو عبد الله الداعي يدعو إلى عبيد الله الشيعي ويزعم إنه إلمام من آل علي. قلما كمل له ما أراد من جوشه وجهازه وعدده وآلات وسفره، أستخلف على إفريقية أخاه أبا العباس وأبا زاكي تمام بن معارك الأجاني. ثم خرج من رقادة يوم الخميس من للنصف شهر رمضان في جموع كالدبي النتشر ومعه وجه رجاله وأهل دعوته وفيهم إبراهيم بن محمد الشيباني المعروف بأبي
اليسر الكاتب وزياد بن خلفون المتطبب مولى بن الأغلب. وغزا معه أحمد بن سيرين، الفقيه بمذهب أهل العراق، راجلا يرى إنه محتسب للثواب في طلب الأمام وبهذا السبب ولي قضاء مدين برقة بعد ذلك. فسار ابو عبد الله حتى حل بمدينة تيهرت، فخلها بالأمان وقتل بها من الرستمية يقظان بن أبي يقظان، وجماعة من أهل بيته. وبعث برؤوسهم إلى أخيه أبي العباس وأبي زاكي خليفته برقادة؛ وطوفت بالقيروان، ونصبت على باب مدينة رقادة. وانقضت دولة بني رستم بتيهرت؛ وكان لها مائة وثلاثون سنة.
ثم ولي أبو عبد الله على تيهرت أبا حميد دواس بن صولات اللهيصي، وإبراهيم بن محمد اليماني بالهواري وكان يلقب السيد الصغير. ثم نهضة حتى احتل على مدينة سجلماسة يوم السبت لست خلون من ذي الحجة. فأحاط بها في جموعه وجيوشه، وحاربها يوم الأحد لسبع خلون منه، ففتحها في هذا اليوم، وأخرج منها عبيد الله الشيعي وابنه أبا القاسم، وكانا محبوسين في غرفة عند مريم بنت مدرار. فلما بصر به عبد الله الشيعي ترجل له، وخضع بين يديه، وبكى من إفراط سروره به. ثم مشى أمامه راجلا حتى أنزله في الفازة، وسلم إليه الأمر، وقال لمن معه:(هذا هو مولاي ومولاكم! قد أنجز الله له وعده، وأعطاه حقه، وأظهر أمره!) وانتهب أبو عبد الله الشيعي ورجاله سجلماسة، وأحرقت. وهرب منها اليسع صاحبها في جماعة من بني عمه ليلا، فطلبه أبو عبد الله الشيعي، فلم يقدر عليه.
وفيها، مات إبراهيم بن عيسى بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن حسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب، ودفن في داره بآرشقول. وفيها، ومات أبو عبد الرحمن بكر بن حمادة بن سهر بن أبي إسماعيل، وهو زناتي، في شوال بقلعة ابن حمة، بجوفي مدينة تيهرت، وبها كان مولده ومنشأه، وصلى عليه
موسى بن الفارس الفقيه، وهو يوم مات ابن ست وتسعين سنة، ورحل بكر إلى المشرق في سنة 217، وهو حدث السن، فسمع من الفقهاء وجلة العلماء وكان عالما بالحديث وتميز الرجال، وشاعر مفلقا ومدح المعتصم ووصله بصلات جزيلة، أجتمع بحبيب وصريع ودعبل وعلي بن الجهم وغيرهم من شعراء العراق وله أبيات إلى المعتصم يحرض فيها على دعبل وهي (طويل) :
أيهجو أمير المؤمنين ورهطه
…
ويمشي على الأرض العريضة دعبل؟
أما والذي أرسى ثبيرا مكانه!
…
لقد كانت الدنيا لذاك تزلزل
ولكن أمير المؤمنين بفضله
…
بهم يعفو أو يقول فيفعل
فعاتبه حبيب فيه وقال له: (قتلته، والله! يا بكر) فقال في قصيدته هذه طويلة
وعاتبني فيه حبيب وقال لي:
…
(لسانك محذور وسمك يقتل)
وأني، وأن صرفت في الشعر منطقي
…
لأنصف فيما قلت فيه وأعدل
وفيها مات محمد بن الحسن المعروف بابن ورصيد من قسطنطينية، وكانت له رحلة وسماع من الفقهاء، ومات محمد بن يزيد الفارسي من أهل القيروان له سماع من سحنون ومن ابنه محمد.
وفي سنة 297، غدر قوم من البربر يعرفون بني خالد باليسع بن مدرار واستأمنوا به إلى أبي عبد الله الشيعي فأمنهم، وذلك في مستهل المحرم. وفيها، ولي عبيد الله على مدينة سجلماسة إبراهيم بن غالب المزاتي وترك معه خمسمائة فارس من كتانة، ورحل بالعساكر إلى أفريقية. وفيها قتل بالقيروان، في صفر، إبراهيم بن محمد الضبي المعروف بابن البرذون وأبو بكر بن هذيل
الفقيهان، وكانت عندهما رواية، وأدب، وتصرف في فنون منة العلم وكان محمد الكلاعي وأصحابه على مذهب أهل العراق وهو الجائز عند الشيعة لما عنده من الترخيص فسعوا بها إلى أبي العباس المخطوم وذكروا عندهما أنهما يطعفان في الدولة، ويشوبان على علي ابن أبي طالب بأبي بكر وعمر وعثمان، فحبسهما المخطوم ثم أمر ابن أبي خنزير بقتلهما بعد أن يضرب إبراهيم بن الرذون خمسمائة سوط، إذ كان القول فيه أشنع، والسعي عليه أعظم، فغلط ابن أبي خنزير فيهما، وضرب ابن هذيل، ثم قتله وقتل ابن البرذزن بلا أن يضربه، وذلك في صفر، وطيف بهما في سماط القيروان، مجرورين مكشوفين ثم صلبا بعد ذلك. وكتب أبو العباس إلى أخيه بالخبر فعنفه عليه، ولامه فيه، وقال:(قد افسد علينا من أهل البلد وأهله ما كانت بنا حاجة إلى صلاحه) .
وفيها خالف علي أبي عبد الله الشيعي محمد بن خزر بن صيلات الزناتي وأقبل إلى مدينة تيهرت وطمع بأخذها وأخرج دواس بن صولات منها وأن يقطع بابي عبد الله وبمن معه في انصرافهم من سجلماسة. وباطنه على ذلك قوم من أهل تيهرت يعرفون بني دبوس، فاستدعوه فوشى بهم إلى دواس عامل الموضع فحبسهم بحصن برقجانة المعروف بتيهرت القديمة وحارب محمد بن خزر تيهرت وتغلب على بعض أرباضها. فلما رأى ذلك دواس هرب إلى ابن حمة صاحب القلعة، ووثب أهل حصن برقجانة على بني دبوس عندهم، فقتلوهم. ودفع أهل تيهرت محمد بن خزر، وحاربوه حتى قتلوه ثم كاتبوا دواس، فأنصرف إليهم. وولي عبيد الله على مدينة سجلماسة إبراهيم بن غالب المزاتي، وخلف معه ألفي فارس من كتامة. وتوجه عبيد الله وأبو عبد