الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومات يحيى يوم العيد الأضحى من سنة 509، وكان الأمير يحيى، مدة مرضه إثر هذه النوبة والغدر، ونفي ابنه الفتوح إلى قصر زيادة، وأظهر اتهامه في القضية. فأقام هناك إلى حين وفاة أبيه وولاية على أخيه. ثم نفاه علي أيضا إلى المشرق، فتوفى هنالك. وفي هذه السنة، عقد الأمير يحيى نكاح العزيز بالله بن المنصور، صاحب القلعة وبجاية، على بنته بدر الدجا، وجهزها إليه.
دولة علي بن يحيى بن تميم بن المعز
بالمهدية وبعض بلاد أفريقية
لما توفي الأمير يحيى، أجتمع أهل الدولة على نفاذ كتاب إلى علي على لسان أبيه، وكان علي يلي سفاقس، فكتبه الكاتب، وكتب علامة يحيى كانت:(الحمد لله وحده!) فوصل الخبر إلى علي ليلا، فخرج لوقته، فوصل إلى المهدية ثالث عيد النحر، ودخل الناس إليه معزين ومهنئين، وعمره ثلاثون سنة، فاستأبت له الأمر، واستوسق له الملك. وكان كريما جوادا، يركن إلى الراحة واللذات، واتكل على قوم فوض إليهم تدبير دولته، فعاجلته منيته في ربيع الآخر من سنة 515، فكانت دولته خمس سنين وأربعة أشهر وأثنى عشر يوما. وخلف من الولد الذكور أربعة: الحسن، والعزيز، وباديس، واله (؟) .
وفي سنة 510، أمر بعمارة الأسطول إلى جرية، فحاصرها إلى أن أقر أهلا بالطاعة له، ونزلوا على حكمه.
وفي سنة 511، أرجف العوام بأنه سيكون في رمضان حادث كبير، وأن السلطان يموت فيه. وفشا القول بذلك، وانتشر. فأكذب الله أحاديثهم. وقال الشعراء في ذلك كثيرا. فمنه طويل:
وأشاعوا أباطيل وبثوا زاخارفا
…
دعتهم لها آمالهم والمطامع
فلو يستطيع الناس من فرط حبهم
…
لضمتك أحشاء لهم وأضالع
ومنها:
أصبح قول المبطلين مكذبا
…
ومد لك الرحمن في أمد العمر
فأين الذي حد المنجم كونه
…
إذا مر للصوام عشر من الشهر
وفيها، وصل رسول صاحب مصر بهدية إلى المهدية. وفيها، حاصر علي ابن يحيى مدينة قابس، ودون بعض قبائل العرب، فلما بلغ ذلك رافعا صاحبها، خرج متطارحا على وجوه الجيش، راغبا في الصلح، فلم يجيبه علي إلى ذلك، وفي أثناء ذلك، نزل على المهدية بيوته، ومن ساعده من عشيرته، فخرج من كان بالمهدية، فهجموا على بيوته، فتصايحن نساء العرب، فغارت العرب لذلك، وقعت الحرب بين الفريقين، والأمير على باب زويلة. أن عليا دون على رافع ثلاثة أخماس العرب من جيشه، فصمد رافع نحوهم، والتقى الجمعان. ثم ولى رافع قاصدا إلى القيروان. واجتمعت شيوخ دهمان، واقتسموا البلاد بينهم، فأعطوا رافعا مدينة القيروان. ووصلت العرب المدونة إلى الأمير علي بن يحيى، فوهبها أموالا جمة وأمره بالمسير إلى القيروان. فوقع بينهم وبين رافع قتال شديد، وكان الظهور فيه لحزب علي بن يحيى، في خبر طويل.
وفي سنة 512، وصل إلى الأمير علي بن يحيى، من قبل صاحب صقلية رجار، رسول له يلتمس تجديد العقود، وتأكيد العهود ويطلب أموالا كانت له موقفة بالمهدية وذلك بعنف وغلظة. فرد على رسوله جواب وجبهه بالقول. فتزايدت الوحشة بينه وبين رجال، فأوسع شرا، وحال بعد ذلك مكرا قال ابن القطان: وكان في هذه السنة غلاء عظيم، ووباء، وبلغ ربع الدقيق بتلسمان عشرين درهما.
وفي سنة 513 أغزى إبراهيم بن يوسف أخو علي بن يوسف بن تاشفين