الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتلقيبه نصير الدولة، والثاني بوفاة العزيز بالله وخلافة الحاكم بأمر الله والجواب عن وفاة المنصور عدة العزيز بالله. وكان معه سجل ثالث بأخذ العهد على باديس وجماعة بني مناد للحاكم. فجلس أبو مناد ودعا وجوه الصنهاجيين وأخذ عليهم البيعة. ثم رجع القاضي الشريف الباهري إلى مصر، بعد أن وصله أبو مناد بمال جليل. وفي هذه السنة خرج نصير الدولة إلى المصلى بزيّ جليل وهيئة حسنة وبين يديه الفيل وزرافتان، وجمل أبيض ساطع البياض، لم ير الناس مثله قط.
وفي سنة 388، وصلت إلى نصير الدولة هدية من مصر تشتمل على الجوهر والأعلاق النفيسة، فتلقاها، ودخلت بين يديه إلى المنصورية وفيها، كانت وقعة بمصر بين الترك والكتاميين، وكان الظفر للترك عليهم. .
وفي سنة 389، زحف زيري بن عطية صاحب فاس وما والاها من بلاد الغرب إلى مدينة تيهرت، فنزل عليها وحاصرها. وكانت يطوفت بن يوسف بن زيري صاحبها، فكتب إلى ابن أخيه أمير أفريقية، يستمده، فبعث إليه محمد ابن أبي العرب.
ذكر هزيمة عسكر أفريقية واستيلاء زيري بن عطية عليه
وظهور زناتة على صنهاجة
لما وصل كتاب يطوفت إلى باديس نصير الدولة، أمر نصير الدولة محمد ابن أبي العرب الكاتب بالخروج بالعساكر إلى زناتة، فكان تبريزه في منتصف صفر من هذه السنة، ونهض بالعساكر حتى بلغ أشير، وبها حماد بن يوسف بن زيري عاملا عليها، ومعه عسكر عظيم، فأقام بها يسيرا، ثم رحل ورحل حماد معه بعسكره، حتى وصلا إلى تيهرت، فاجتمعا بيطوفت، ومعه أيضا عسكر عظيم وكان اجتماعهم بتيهرت غرة جمادى الأولى. وكان بتيهرت زيري بن
عطية نازلا بموضع يقال له امسار، على مرحلتين من يتهرت، فزحفوا إليه. فكانت بينهم حرب شديدة وكان معظم عسكر حماد الوتلكاتيين، وكان قد أساء عشرتهم. فلما حمى الوطيس واشتد البأس، ولوا منهزمين، فاتبعهم جميع العساكر الأفريقية. فرام ابن أبي العرب رد الناس فلم يقدر فولت الهزيمة على الجميع، حتى وصلوا إلى أشير وقد أسلموا محلاتهم ومضاربهم، وكل ما فيها من الأموال والسلاح وغير ذلك، فاحتوى زيري بن عطية وإخوانه على جميع ما ذكرنا. وقتل منهم خلق كثير، وأخذ أسرى كثيرة، فوعدهم بجميل، ثم أطلقهم عند وصوله إلى تيهرت، فمضوا حتى وصلوا إلى أشير. وبقى ابن أبي العرب وحماد ويطوفت بأشير وبقى زيري ابن عطية الزناتي على تيهرت. وكانت هذه الوقعة والهزيمة يوم السبت لأربع خلون من جمادى الأولى منن هذه السنة. ووصل الخبر إلى المنصورية لعشر بقين منها، فخرج نصير الدولة صاحب أفريقية من المنصورية للقاء زيري بن عطية يوم السبت لليلتين خلتا من جمادى الآخرة، ورحل حتى وصل إلى طينة، فبعث في طلب فلفل بن سعيد بن خزرون الزناتي، وكان على طبنة، فخاف منه، وبعث يعتذر له، ويسأله أن يكتب له سجلا بولاية طبنة، فكتبه له، وبعث به إليه، ورحل عنه نصير الدولة باديس وتمادى في رحيله. فلما بلغ فلفلا أنه قد أبعد عنه ضرب على جهة من جهاته، فأكل ما حولها ونهب وافسد ومضى إلى باعاية، فحاصرها، وأفسد تلك الجهات كلها، واكل ما والاها، ونصير الدولة في هذا كله متماد على سيره حتى وصل أشير. ولما وصل إلى المسيلة، رحل زيري بن عطية عن تيهرت. فصمم إليه نصير الدولة. ثم وصله الخبر أنه توجه إلى ناحية فاس فعند ذلك رجع نصير الدولة إلى تيهرت وأشير، واستخلف يطوفت على تيهرت ابنه أيوب في أربعة آلاف فارس. وبلغ نصير الدولة ما فعل فلفل ابن سعيد، فأرسل من أشير عساكر تقدمت إليه، ثم رحل بعدهم ومعه أبو
البهار بن زيري حتى وصل إلى المسيلة فعيد بها عيد الفطر. ووصل إلى أبي البهار فيه الخبر بأن أخوته ماكسن وزاوي ومغنين نافقوا بأشير، وأنه قد قبضوا على يطوفت، فرحل أبو البهار هاربا في بنيه ورجاله وعياله. ورحل نصير الدولة ثالث شوال إلى أفريقية. فلما بلغ إلى يلزمة، بلغه أن فلفل بن سعيد تمادى إلى القيروان، فرحل إلى باغاية، فعرفوه ما قاسوه من قتال فلفل وأنه حاصرهم خمسة وأربعين يوما، فرحل من باغاية في طلب فلفل، فاتقى معه لعشر خلون من ذي القعدة، فكانت بينهم حروب لم يسمع بمثلها. وكلن قد اجتمع لفلفل من البربر مل لا يحصى عددا وكثرة، فانهزم فلفل إلى جبل الحناش، حسبما ذكروه، واتبعته صنهاجة والعبيد. فلما رأوه تمادى منهزما، رجعوا عنه ونهبوا محلته. وقتل في ذلك اليوم نحو سبعة آلاف من زناتة. وأرسل نصير الدولة كتاب الفتح إلى مدينة القيروان.
وفي سنة 390، خرج نصير الدولة في طلب فلفل بن سعيد. فلما علم فلفل أنه لا طاقة له بلقائه، هرب إلى الرمال، وافترق جمعه فرجع نصير الدولة إلى أفريقية، ومعه أبو البهار بن زيري وقد أعتذر له مما فعل إخوانه، فقيل عذره. ثم رجع فلفل إلى طرابلس، وتمادى نصير الدولة إلى أن وصى إلى قصر الأفريقي، فبلغه حينئذ أن بني زيري رجعوا إلى الغرب خوفا منه وأنه لم يبقى مع فلفل سوى ماكس وابنه محسن، فرجع نصير الدولة إلى المنصورية حضرته. وفي أول رجب من هذه السنة، خرج نصير الدولة إلى رقادة، متوجها لقتال زيري بن عطية الزناتي أمير الغرب، لما بلغه أنه أتى إلى أشير. ثم جاء الخبر برحيل زيري بن عطية إلى الغرب، فرجع نصير الدولة إلى المنصورية.
وفي سنة 391، خرج نصير الدولة في طلب فلفل ثانية، ووصل كتاب يوسف بن عامر عامل قابس، يذكر فيه أن فلفلا رحل إلى طرابلس من على قابس، لست بقين من رجب، ولما وصل فلفل إلى طرابلس خرج إليه فتوح