الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من كبير من البربر إلى القيروان. فصالحه عمرو بن حفص وانصرف. وفيها ثارت البربر بطرابلس وقدموا أبا حاتم الأباضي: وأسمه يعقوب بن لبيب.
وفي سنة 154، قال عريب: استخلف عمرو بن حفص على طبنة المهنى بن المخارق، وخرج عمرو إلى القيروان، فأقبل إليه أبو حاتم الأباضي إلى أن قتل عمرو كما تقدم ذكره. ولما بلغ المنصور قتل عمرو وبعث إلى أفريقية يزيد بن حاتم، على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
وفي سنة 155، قال الطبري: فيها افتتح يزيد بن حاتم أفريقية، وقتل أبا غادي وأبا حاتم، واستقامت بلاد المغرب، ودخل يزيد بن حاتم القيروان ثم قدم يزيد.
ولاية يزيد بن حاتم أفريقية والمغرب
وهو يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب، وكان يكنى أبا خالد. ولاه أمير المؤمنين أبا جعفر المنصور العباسي وحاله في كرمه. وجوده، وشجاعته، وبعد صيته، ونفاذ رأيه، وتقدمه، معروف غير منكر. وكان كثير الشبه بجده المهلب ابن أبي صفرة في حروبه وكرمه، وكان له أولاد مذكورون بالشجاعة والإقدام. ويقال إنه انتهى ولد المهلب ثلاثمائة ولد من الذكور والإناث، من مات منهم ومن عاش. وكان أبو جعفر المنصور عالما ببلاد أفريقية، وكان لا يبعث إليها إلا خاصته. وكان يزيد هذا حسن السيرة فقدم أفريقية، وأصلحها، ورتب أسوار القيروان، وجعل كل صناعة في مكانها. ولم تزل البلاد هادئة إلى أن ثارت عليه البربر. فزحف لهم وأوقع بهم. وله فيهم ملامح مشهورة. وقيل فيه:(شتان ما بين اليزيدين!) يعني يزيد بن سليم ويزيد بن حاتم. ومن شعر ربيعة فيه. في قصيدة (طويل) :
حلفت يمينا غير ذي مثنوية
…
يمين أمري آلي وليس بآثم
لشاتنا ما بين اليزيدين في الندى
…
يزيد سليم والأغر بن حاتم
وقدم يزيد على أفريقية ومعه كل من جند من الشام والعراق وخراسان، فنزل أولا طرابلس، وسار إليه أبو حاتم، فزحف إليه يزيد، واقتتل معه قتالا شديدا. فانهزم أبو حاتم وقتل هو وكثير من أصحابه. واتبع سائرهم، فقتل من أدرك منهم. واستعمل يزيد على طرابلس سعيد بن شداد، وحينئذ نهض إلى القيروان، فدخلها يوم الاثنين لعشر بقين لجمادى الآخرة من هذه السنة. وفي هذه السنة، أنكرت الصفرية المجتمعة بسلجمانة على أميرهم عيسى بن يزيد أشياء، فشدوه وثاقا ووضعوه على قنة جبل، فلم يزل كذلك حتى مات، وقدموا سمغو بن واسول بن مدلان المكناسي جد مدرار.
وفي سنة 156 بعث يزيد بن حاتم العلاء بن سعيد المهلبي مددا لمخارق بمدينة طبنة بالزاب، وقلعة حبحاب بجبل كتامة، وهرب عبد الرحمن بن حبيب عنها وقتل العلاء جماعة ممن أدرك فيها. ثم انصرف إلى القيروان.
وثار على يزيد بن حاتم أبو يحيى بن قرياس الهواري بناحية طرابلس، واجتمع إليه كثير من البربر. وكان بها عبد الله بن السمط الكندي قائدا ليزيد، فالتقوا على شاطئ البحر، واقتتلوا قتالا شديدا، فانهزم أبو يحيى وقتل عامة أصحابه. وتهدنت أفريقية ليزيد بن حاتم وضبطها.
وفي سنة 157، جدد يزيد يناء المسجد الجامع بالقيروان. وكان غاية في الجود والحسن. وفيها توفي أبو جعفر المنصور، في ذي الحجة من السنة المؤرخة.
وفي سنة 158، ولي الخلافة المهدي، بويع يوم مات أبو جعفر بمكة - شرفها الله - نعهد من أبيه، وذلك يوم السبت لست خلون لذي الحجة. واستقل بالملك والخلافة في هذه السنة. وكان أديبا ن جوادا، محبا لآهل الأدب والشعر.
وقد ذكرنا بعض أشعاره وأخباره في تاريخ المشرق، والغرض هنا أخبار المغرب الأقصى والأوسط وفي سنة 163، توفي أبو خالد عبد الرحمن بن زياد بن أنعم القاصي بالقيروان، وصلى عليه أمير أفريقيا يزيد بن حاتم، وتمثل بهذا البيت لما رأى ازدحام الناس عليه (بسيط) .
يا كعب ما راح من قوم ولا أنكروا
…
ألا وللموت في آثارهم حادي
وكان مرضه إنه أكل حوتا وشرب عليه لبناً على مائدة يزيد، وكان قد جاوز 90 سنة، فهلك من ليلته.
وفي سنة 163، أمر المهدي يحيى بن خالد بن برمكة أن يكون كاتبا لأبنه هارون، وقال له:(إني اخترتك ووليتك الكتابة) وأمر له بمائة ألف درهم معونة على سفره مع هارون إبنه.
وفي سنة 165، أغزى المهدي ابنه هارون إلى بلاد الروم، في 95 ألفا، بمائة ألف ألف من العين، وبعشين ألف ألف من الورق. فبلغ خليج البحر على القسطنطينية، وأذعن له الروم بالجزية 90 ألف دينار في كل سنة وانصرف بخمسة آلاف من الأسرى والغنائم.
وفي سنة 166، قدم هارون ابن أمير المؤمنين كمنم غزوته هذه، وقدمت الروم بالهدية والجزية. وفيها سخط المهدي على وزيره يعقوب بن داود. وكان قد فوض إليه أمور خاصته!.
وفي سنة 169، توفي المهدي بن المنصور واختلف في سبب موته: فقيل مسموما غلطا وقيل غير ذلك واستخلف ابنه موسى الهادي.
وفي سنة 170، توفي موسى الهادي في ربيع الأول، وهو ابن ستة وعشرين سنة ونصف، فكانت خلافته سنة وشهرين واستخلف هارون بن محمد الرشيد.
وفي سنة 171، توفي أمير أفريقيا يزيد بن حاتم، وكان خاصا بأبي جعفر المنصور، وتولى ولايات كثيرة قبل قدومه المغرب ك منها أرمينية، والسند، ومصر، وأذربيجان، وغير ذلك، وكانت ولايته مصر سنة 144 إلى سنة 153 وكان حسن السيرة بأفريقية، امتدحه كثير من فحول الشعراء، فأجزل لهم العطاء.
قال الزبير بن بكار عمن حدثه من الشعراء، قال:(كنت أمدح يزيد بن حاتم من غير أن أعرفه ولا ألقاه.) فلما ولاه المنصور مصر أخذ على طريق المدينة فألقيه. فأنشده منذ خرج من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مسجد الشجرة. فأعطاه رزمتي ثياب وعشرة آلاف دينار. هكذا ذكر الرقيق. ومما قيل (كامل) ..
يا واحد العرب الذي دانت له
…
قحطان قاطبة وساد نزارا
إني لأرجو إذ بلغتك سالما
…
ألا أكابد بعدك الأسفار
وفيه قيل (طويل) :
شتان ما بين اليزيدين في الندى
…
إذا عد في الناس المكارم والمجد
وقوله: (لشتان ما بين اليزيدين) مثلٌ يتمثل به في كل ناحية على لسان كل سائر. وكان على ربيعة الشاعر دية فأعطاه عشرة ديات، ووصله وأحسن إليه وكان سخيا ومن قول يزيد بن حاتم رحمة الله (بسيط)
ما بألف درهم المضروب خرقتنا
…
إلا لماما يسيرا ثم ينطلق
يمر مرا عليها وهي تلفظه
…
إلى أمرؤ لم يحالف خرقتي الورق
ومن أخباره بأفريقية رحمه الله روى إن بعض وكلائه زرع قولا كثيرا في بعض رياضاته. فقال له: (يا بني يابن اللخناء أتريد أن أعبر بالبصرة،