المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المحسنات اللفظية: الجناس، التجنيس، أقسامه، فائدته. هو لغة مصدر جانس الشيء الشيء - علوم البلاغة

[المراغي، أحمد بن مصطفى]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌مقدمة الكتاب

- ‌نبذة في تاريخ علوم البيان:

- ‌المقدمة

- ‌في حقيقة الفصاحة والبلاغة لغة واسطلاحا

- ‌الفصاحة

- ‌مدخل

- ‌فصاحة الكلام:

- ‌فصاحة المتكلم:

- ‌البلاغة

- ‌بلاغة الكلام

- ‌تداريب وتمارين:

- ‌علم المعاني

- ‌مدخل

- ‌الباب الأول: الخبر

- ‌المبحث الأول في تعريف الخبر

- ‌المبحث الثاني: في تأليف الجمل

- ‌المبحث الثالث: في الغرض من إلقاء الخبر

- ‌المبحث الرابع: في طريق إلقاء الخبر

- ‌المبحث الخامس: في الجملة الاسمية والفعلية

- ‌نماذج وتمارين:

- ‌الباب الثاني: في الإنشاء

- ‌المبحث الأول: في تعريف الإنشاء

- ‌المبحث الثاني في التمني:

- ‌المبحث الثالث: في الاستفهام

- ‌المبحث الرابع: في الأمر

- ‌المبحث الخامس: في النهي

- ‌المبحث السادس: في النداء

- ‌الباب الثالث: في الذكر

- ‌الباب الرابع: في الحذف

- ‌المبحث الأول: في مزايا الحذف وشروطه

- ‌المبحث الثاني: في حذف المسند إليه

- ‌المبحث الثالث: في حذف المسند

- ‌المبحث الرابع: في حذف المفعول

- ‌الباب الخامس: في التقديم

- ‌المبحث الأول: في مزايا التقديم وأقسامه

- ‌المبحث الثاني: في تقديم المسند إليه

- ‌المبحث الثالث: في تقديم المسند

- ‌المبحث الرابع: في تقديم متعلقات الفعل

- ‌الباب السادس: في التعريف

- ‌المبحث الأول: في الفرق بين النكرة والمعرفة والداعي إلى التعريف

- ‌المبحث الثاني: في تعريف المسند إليه بالإضمار

- ‌المبحث الثالث: في تعريف المسند إليه بالعلمية

- ‌المبحث الرابع: في تعريف المسند إليه باسم الإشارة

- ‌المبحث الخامس: تعريف المسند إليه بالموصولية

- ‌المبحث السادس: في تعريف المسند إليه باللام

- ‌المبحث السابع: في تعريف المسند إليه بالإضافة

- ‌المبحث الثامن في تعريف المسند:

- ‌الباب السابع في التنكير:

- ‌الباب الثامن: في التقييد

- ‌المبحث الأول: في فوائد التقييد

- ‌المبحث الثاني: في التقييد بالمفاعيل ونحوها

- ‌المبحث الثالث: في التقييد البتوابع

- ‌المبحث الرابع: في التقييد بضمير الفصل

- ‌المبحث الخامس: في التقييد بالشرط

- ‌الباب التاسع: في الخروج عن مقتضى الظاهر

- ‌الباب العاشر: في القصر

- ‌المبحث الأول: في تعريفه لغة واصطلاحا

- ‌المبحث الثاني: في طرقه

- ‌المبحث الثالث: في تقسيمه باعتبار الواقع والحقيقة

- ‌المبحث الرابع: في تقسيمه باعتبار حال المقصور

- ‌المحبث الخامس: في تقسيمه باعتبار حال المخاطب

- ‌المبحث السادس: في مواقع القصر

- ‌الباب الحادي عشر: في الفصل والوصل

- ‌تمهيد في قة مسلكه وعظيم خطره

- ‌المبحث الأول: في وصل المفردات وفصلها

- ‌المبحث الثاني: في وصل الجمل

- ‌المبحث الثالث: في الجامع

- ‌المبحث الرابع: في محسنات الوصل

- ‌الباب الثاني عشر: في الإيجار والإطناب والمساواة

- ‌المبحث الأول: في دقة مسلكها واختلاف الأئمة في تعريفها

- ‌المبحث الثاني: في الإيجار

- ‌المبحث الرابع: في الإطناب

- ‌المبحث الخامس: الإيجار أفضل أم الإطناب

- ‌نموذج عام على المعاني:

- ‌علم البيان

- ‌مدخل

- ‌الباب الأول: في التشبيه

- ‌المبحث الأول: في شرح حقيقة وبيان جليل فائدته

- ‌المبحث الثاني: في الطرفين

- ‌المبحث الثالث: في تقسيم التشبيه

- ‌المبحث الرابع: في تقسيم التشبيه

- ‌المبحث الخامس: في وجه الشبه

- ‌المبحث السادس: في تقسيم التشبيه باعتبار الوجه إلى تمثيل وغيره

- ‌المبحث السابع: في تقسيم التشبيه باعتبار الوجه إلى مجمل مفصل

- ‌المبحث الثامن: في تفسير التشبيه باعتبار الوجه إلى قريب مبتذل وبعيد غريب

- ‌المبحث التاسع: في الكلام على أدوات التشبيه

- ‌المبحث العاشر: في تقسيم التشبيه باعتبار الإدارة

- ‌المبحث الحادي: عشر في الغرض من التشبيه

- ‌المبحث الثاني عشر: في أقسام التشبيه باعتبار الغرض

- ‌تداريب وتمارين:

- ‌الباب الثاني: في الحقيقة والمجاز

- ‌المبحث الأول: في أقسام الحقيقة

- ‌المبحث الثاني: في تعريف الحقيقة

- ‌المبحث الثالث: في تعريف المجاز وأقسامه

- ‌المبحث الرابع: في المجاز المرسل

- ‌المبحث الخامس: في الاستعارة ومنزلها في البلاغة

- ‌المبحث السادس: في الاستعارة أمجاز لغوي هي أم مجاز عقلي

- ‌المبحث السابع: في قرينة الاستعارة

- ‌المبحث الثامن: في انقسام الاستعارة إلى عنادية ووفاقية

- ‌المبحث التاسع: في انقسامها باعتبار الجامع إلى داخل وخارج

- ‌المبحث العاشر: في انقسامها باعتبار الجامع أيضا إلى عامية وخاصية

- ‌المبحث الحادي عشر: في انقسامها باعتبار الطرفين والجامع

- ‌المبحث الثاني: عشر في تقسيم الاستعارة إلى مصرحة ومكنية

- ‌المبحث الثالث عشر: في مذهب السكاكي والخطيب القزويني في المكنية

- ‌المبحث الرابع عشر: في تقسيم الاستعارة التصريحة لدى السكاكي إلى تحقيقية وتخييلية ومحتملة لهما

- ‌المبحث الخامس عشر: في انقسامها إلى أصلية وتبعية

- ‌المبحث السادس عشر: في تقسيمها إلى مرشحة ومجردة ومطلقة

- ‌المبحث السابع عشر: في حسن الاستعارة وقبحها

- ‌المبحث الثامن عشر: في المجاز المركب

- ‌المبحث العشرون: في المجاز العقلي أو المجاز الحكمي

- ‌تتمة وفيها مهمان:

- ‌تداريب وتمارين

- ‌الباب الثالث: في الكناية

- ‌المبحث الأول: في تعريفها

- ‌المبحث الثاني: في أقسامها من حيث المكني عنه

- ‌المبحث الثالث: في أقسامها من حيث الوسائط

- ‌المبحث الرابع: في حسن الكناية وقبحها

- ‌خاتمة:

- ‌نماذج وتمارين:

- ‌مزايا دراسة البيان في صوغ مختلف الأساليب:

- ‌علم البديع

- ‌مدخل

- ‌المحسنات المعنوية

- ‌المحسنات اللفظية:

- ‌السوقات الشعرية وما يتصل بها

- ‌مدخل

- ‌خاتمة:

- ‌تداريب وتمارين:

- ‌فرائد من البلاغة:

- ‌فهرس الكتاب:

الفصل: ‌ ‌المحسنات اللفظية: الجناس، التجنيس، أقسامه، فائدته. هو لغة مصدر جانس الشيء الشيء

‌المحسنات اللفظية:

الجناس، التجنيس، أقسامه، فائدته.

هو لغة مصدر جانس الشيء الشيء شاكله واتحد معه في الجنس، واصطلاحا تشابه الكلمتين في اللفظ1 مع اختلاف في المعنى، وينقسم قسمين:

1-

تام، وهو ما اتفق فيه اللفظان في أربعة أشياء:

أ- هيئة الحروف، أي: حركاتها وسكناتها.

ب- عددها.

جـ- نوعها.

د- ترتيبها.

أ- فالمماثل هو ما كان اللفظان فيه من نوع واحد اسمين أو فعلين أو حرفين كقوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} 2، فالساعة الأولى يوم القيامة والثانية واحدة الساعات.

وقول محمود سامي البارودي:

تحملت خرف المن كل رزيئة

وحمل رزايا الدهر أحلى من المن

فالمن الأول تعداد الصنائع والنعم نحو: أعطيتك كذا وأحسنت إليك بكذا، والمن الثاني العسل.

ب- والمستوفي ما كان اللفظان فيه من نوعين كاسم وفعل، كقول أبي تمام:

ما مات من كرم الزمان فإنه

يحيا لدى يحيى بن عبد الله

1 فيخرج التشابه في المعنى نحو: أسد وسبع، أو في مجرد العدد نحو: ضرب وعلم، أو في مجرد الوزن: ضرب وقتل.

2 سورة الروم الآية: 55.

ص: 354

2-

مركب، وغير مركب:

أ- فغير المركب كالأمثلة التي فرطت.

ب- والمركب ما كان أحد ركنيه لفظا مركبا، ويسمى جناس التركيب، وينقسم إلى قسمين: مركب من كلمتين تامتين، ويسمى بالملفوف.

كقول القاضي الفاضل:

عضنا الدهر بنابه

ليت، راحل بنابه

لا يوالي الدهر إلا

خاملا ليس بنابه

ومركب من كلمة وبعض كلمة، ويسمى مرفوضا، كقول الحريري:

والمكر مهما استطعت لا تأته

لتقتني السودد والمكرمة

وقوله أيضا:

فلا تله عن تذكار ذنبك وابكه

بدمع يحاكي المزن حال مصابه

ومثل لعينيك الحمام ووقعه

وروعة ملقاة ومطعم صابه

3-

متشابه ومفروق؛ لأنه إن توافقت المركبة من كلمتين مع غير المركبة في الخط لقب بالمشابه كقول بعض البلغاء: يا مغرور أمسك، وقس يومك بأمسك، وإن لم تنفقا فيه لقب بالمفروق نحو:

لا تعرضن على الرواة قصيدة

ما لم تبالغ قبل في تهذيبها

فمتى عرضت الشعر غير مهذب

عدوه منك وساوسا تهذي بها

وغير التام ما اختلف فيه اللفظان في واحد من الأربعة المتقدمة:

1-

فإن اختلفا في هيئة الحروف سمي جناسا محرفا، والاختلاف قد يكون في الحركة فقط، كقولهم: لا تنال الغرر1، إلا بركوب الغرر، وقد يكون في الحركة والسكون، كقولهم: البدعة شرك لشرك.

وقول الحريري:

فقلت للائمي أقصر فإني

سأختار المقام على المقام

1 الغرر "بالضم" جمع أغر، وهو الحسن من كل شيء، "وبالفتح" التعرض للتهلكة.

ص: 355

2-

وإن اختلفا في العدد سمي ناقصا، ويكون ذلك على وجهين:

أ- ما كان بزيادة حرف إما في الأول كقوله تعالى: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ، إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} 1 ويسمى مردوفا، وإما في الوسط كقولهم: جدي جهدي2، ويسمى مكتنفا، وإما في الآخر، ويسمى مطرفا، كقول أبي تمام:

يمدحون من أيد عواص عواصم

تصول بأسياف قواض قواضب3

ب- ما كان بزيادة أكثر من حروف، ويسمى مذيلا.

3-

وإن اختلفا في نوع الحروف اشترط ألا يكون الاختلاف بأكثر من حرف، وذلك على وجهين:

أ- أن يكون هو وما يقابله في الطرف الآخر متقاربي المخرج ويسمى مضارعا، والاختلاف إما في الأول كقول الحريري: بيني وبين كنى ليلى دامس وطريق طامس4، أو في الوسط كقولهم: البرايا أهداف البلايا، أو في الآخر، كقول الحريري لهم في السير: جرى السيل وإلى الخير جرى الخيل.

ب- أن يكونا غير متقاربي المخرج ويسمى لاحقا، والاختلاف إما في الأول نحو:{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} 5، أو في الوسط نحو:{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} 6.

أو في الآخر، كقول البحتري:

ألما فات من تلاق تلاف

أم لشاك من الصبابة شاف

4-

وإن اختلفا في ترتيب الحروف سمي جناس القلب، وهو ضربان:

1 سورة القيامة الآية: 29.

2 الجد الغنى والحظ، والجهد التعب.

3 العواصي جمع عاصية من عصاه، وعواصم من عصمه حفظه، وقواض حاكمات بالقتل، وقواضب قاطعات.

4 الكن البيت، ودامس مظلم، وطامس بعيد.

5 سورة الهمزة الآية: 1.

6 سورة الضحى الآيتان: 10 و11.

ص: 356

أ- قلب الكل، كقولهم: حسامة فتح لأوليائه، حتف لأعدائه.

ب- قلب البعض، كقوله عليه السلام:"اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا"، وقول بعضهم: رحم الله امرأ أمسك ما بين فكيه، وأطلق ما بين كفيه.

تنبيهات:

الأول: إذا وقع أحد المتجانسين جناس القلب في أول البيت والآخر في آخره سمي مقلوبا مجنحا1، كقول ابن نباتة المصري:

ساق يريني قلبه قسوة

وكل ساق قلبه قاسي

الثاني: إذا ولي أحد المتجانسين سمي مزدوجا ومكررا ومرددا كما في الحديث: "المؤمنون هينون لينون" وكقولهم: من طلب شيئا وجد وجد.

وقول البستي:

أبا العباس لا تحسب لشيني

بأني من حلا الأشعار عار

الثالث: من التجنيس نوع يسمى تجنيس الإشارة، وهو ألا يذكر أحد المتجانسين في الكلام، ولكن يشار إليه بما يدل عليه، نحو:

حلقت لحية موسى باسمه

وبهرون إذا ما قلبا

فلا شك أنك إذا ما قلبت هرون من آخره إلى أوله يصير "نوره"، لكنه لم يذكرها بلفظها، بل أشار إليها بقوله: وبهرون إذا ما قلبا.

الرابع: يلحق بالتجنيس شيئان:

أ- أن يجمع اللفظين الاشتقاق، كقوله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ} 2، وقول أبي تمام:

فيا دمع أنجدني على ساكني نجد

ب- أن تجمع اللفظين المشابهة وهي ما يشبه3 الاشتقاق وليس باشتقاق، كقوله تعالى:{وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} 4.

1 لأن اللفظين بمنزلة جناحين من البيت.

2 سورة الروم الآية: 43.

3 لتوافق اللفظين في جميع الحروف أو جلها، فيتبادر إلى الفكر أنهما يرجعان إلى أصل واحد وليسا هما كذلك في الحقيقة.

4 سورة الرحمن الآية: 54.

ص: 357

وقول البحتري:

إذا ما رياح جودك هبت

صار قول العذول فيها هباء

قال في "أسرار البلاغة": لا يحسن تجانس اللفظين إلا إذا كان موقع معنيهما من العقل موقعا حميدا، ولم يكن مرمى الجامع بينهما مرمى بعيدا، أتراك استضعفت تجنيس أبي تمام في قوله:

ذهبت بمذهبه السماحة فالتوت

فيه الظنون أمذهب أم مذهب

واستحسنت تجنيس القائل: حتى نجا من خوفه وما نجا1. وقول المحدث:

ناظراه فيما جنى ناظراه

أودعاني أمت بما أودعاني

لأمر يرجع إلى اللفظ أم لأنك رأيت الفائدة ضعفت في الأول، وقويت في الثاني ورأيتك لم يزدك بمذهب ومذهب على أن أسمعك حروفا مكررة تروم لها فائدة فلا تجدها إلا مجهولة منكرة، ورأيت الآخر قد أعاد عليك اللفظة كأنه يخدعك عن الفائدة وقد أعطاها ويوهمك كأنه لم يزدك، وقد أحسن الزيادة ووفاها، فبهذه السريرة صار التجنيس، وخصوصا المستوفى منه، المتفق في الصورة من حلى الشعر، ومذكورا في أقسام البديع، ا. هـ.

وقال ابن رشيق في "العمدة": التجنيس من أنواع الفراغ وقلة الفائدة، ومما لا يشك في تكلفه، وقد أكثر منه الساقة المتعقبون في نظمهم ونثرهم، حتى برد ورك، ا. هـ.

وقال ابن حجة الحموي في "خزانة الأدب": أما الجناس فإنه غير مذهبي ومذهب من نسجت على منواله من أهل الأدب.

رد العجز على الصدر - التصدير:

هو في النثر جعل أحد اللفظين المكررين2 أو المتجانسين3 أو ملحقين4 بهما اشتقاقا أو شبه اشتقاق في أول الفقرة، والآخر في آخرها، فالمكرران نحو:

1 نجا الأولى أحدث، والثانية خلص.

2 أي: المتفقين في اللفظ والمعنى.

3 أي: المتفقين في اللفظ دون المعنى.

4 أي: اللذين يجمعهما الاشتقاق أو شبهه.

ص: 358

{وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاه} 1، والمتجانسان نحو: سائل اللئم يرجع ودمه سائل، والملحقان بهما اشتقاقا {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} 2 وشبه اشتقاق نحو:{قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ} .

وفي النظم أن يكون أحدهما في آخر البيت والآخر في صدر المصراع الأول أو في حشوه أو في آخره أو في صدر المصراع الثاني3، فالأول نحو:

تمنت سليمي أن أموت صبابة

وأهون شيء عندنا ما تمنت

والثاني كقول الصمة بن عبد الله القشيري:

أقول لصاحبي والعيس تهوى

بنا بين المنيفة فالضمار

تمتع من شميم عرار نجد

فما بعد العشية من عرار4

والثالث كقول أبي تمام:

ومن كان بالبيض الكواكب مغرما

فما زلت بالبيض القواضب مغرما5

والرابع كقول ذي الرمة:

وإن لم يكن إلا معرج ساعة

قليلا فإني نافع لي قليلها

والخامس كقول القاضي الأرجاني:

دعاني من ملامكما سفاها

فداعي الشوق قبلكما دعاني

والسادس كقول الثعالبي:

وإذا البلابل أفصحت بلغاتها

فانف البلابل باحتساء بلابل6

والسابع كقول الحريري:

1 سورة الأحزاب الآية: 37.

2 سورة نوح الآية: 10.

3 فالأقسام ستة عشر حاصلة من ضرب أربعة في أربعة.

4 العيس: الإبل يخالط بياضها شقرة، والمنيفة والضمار موضعان، والعرار: وردة صفراء طيبة الرائحة، ومن زائدة وما بعدها مبتدأ والظرف قبله خبر، وما مهملة.

5 الكواعب الجارية حين يبدو ثديها للنهود، والقواضب السيوف القواطع.

6 البلابل الأولى جمع بلبل، والثانية جمع بلبال وهو الحزن، والبلابل الثالثة جملة بلبلة "بالضم" إبريق الخمر.

ص: 359

فمشغوف بآيات المثاني

ومفتون برنات المثاني1

والثامن كقول القاضي الأرجاني:

أملتهم ثم تأملتهم

فلاح لي أن ليس فيهم فلاح

والتاسع كقول البحتري:

ضرائب أبدعتها في السماح

فلسنا نرى لك فيها ضريبا

والعاشر كقول أبي العلاء:

لو اختصرتم من الإحسان زرتكم

والعذاب يهجر للإفراط في الخصر2

والحادي عشر كقول ابن عيينة المهلبي:

فدع الوعيد فما وعيدك ضائري

أطنين أجنحة الذباب يضير

والثاني عشر كقول أبي تمام في مرثية محمد بن نهشل حين استشهد:

وقد كانت البيض القواضب في الوغى

بواتر وهي الآن من بعده بتر3

"تنبيه" تركنا المثل الأربعة الباقية الملحقة بالتجانس التي يجمعها الاشتقاق الأكبر لقلة استعمالها.

السجع، شروط حسنة، حكمه، أقسامه:

هو في المنثور بإزاء التصريع الآتي بيانه في المنظوم، وهو لغه من قولهم: سجعت الناقة إذا مدت حنينها على جهة واحدة، واصطلاحا أن تتواطأ الفاصلتان في النثر على حرف واحد.

شروط حسنة:

لا يحسن السجع كل الحسن إلا إذا استوفى أربعة أشياء:

1-

أن تكون المفردات رشيقة أنيقة خفيفة على السمع.

2-

أن تكون الألفاظ خدم المعاني، إذ هي تابعة لها، فإذا رأيت السجع

1 المثاني القرآن، ورنات المثاني أي: نغمات أوتار المزامير التي ضم طاق منها إلى طاق.

2 الخصر: البرودة.

3 بواتر جمع باتر، والبتر جمع أبتر أي: مقطوع، وقبل البيت:

ثوى في الثرى من كان يحيا به الورى

ويغمر صرف الدهر نائله الغمر

ص: 360

لا يدين لك إلا بزيادة في اللفظ، أو نقصان فيه، فاعلم أنه من المتكلف الممقوت.

3-

أن تكون المعاني الحاصلة عند التركيب مألوفة غير مستنكرة.

4-

أن تدل كل واحدة من السجعتين على معنى يغاير ما دلت عليه الأخرى حتى لا يكون السجع تكرارا بلا فائدة.

ومتى استوفى هذه الشروط كان حلية ظاهرة في الكلام، ومن ثم لا تجد لبليغ كلاما يخلو منه كما لا تخلو منه سورة، وإن قصرت، بل ربما وقع في أوساط الآيات، كقوله تعالى:{لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} 1.

أقسامه:

هو على ثلاثة أضرب: مرصع، ومتواز، ومطرف:

1-

فالمرصع ما اتفقت ألفاظ إحدى الفقرتين أو أكثرها في الوزن والتقفية كقول الحريري، فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه، وقول أبي الفتح البستي: ليكن إقدامك توكلا، وإحجامك تأملا.

2-

والمتوازي ما اتفق فيه الفقرتان في الكلمتين الأخيرتين نحو قوله تعالى: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا، فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا} 2، وقوله عز وعلا:{فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ، وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ} 3.

3-

والمطرف ما اختلفت فاصلتاه في الوزن واتفقتا في الحرف الأخير نحو: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} 4، وقوله: جنابه محط الرحال، ومخيم الآمال.

وأيضا السجع إما قصير نحو: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا، فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا} .

1 سورة الأعراف الآية: 100.

2 سورة المرسلات الآية: 1.

3 سورة الغاشية الآية: 13.

4 سورة نوح الآية: 13.

ص: 361

وإما متوسط نحو: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} 1، وإما طويل نحو:{إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} 2.

تنبيهات:

الأول: أحسن السجع ما تساوت قرائنه كقوله تعالى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ، وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ، وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} 3، ثم ما طالت قرينته الثانية كقوله تعالى:{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} 4، أو الثالثة، نحو قوله عز وعلا:{خُذُوهُ فَغُلُّوهُ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} 5، فلا يحسن أن تكون القرينة الثانية أقصر من الأولى كثيرا؛ لأن السجع إذا استوفى أمده في الأولى بطولها وجاءت الثانية أقصر منها كثيرا، يكون كالشيء المبتور، يؤيد ذلك الذوق السليم.

الثاني: الأسجاع مبنية على سكون أواخرها؛ لأن المزاوجة بين الفقر في جميع الصور لا تتم إلا بالوقف، ألا ترى أنك لو وصلت قولهم: ما أبعد ما فات، وما أقرب ما هو آت، لم يكن بد من إعطاء أواخر القرائن ما يستلزمه حكم الإعراب فتختلف أواخرها ويفوت السجع.

الثالث: يقال للجزء الواحد من السجع سجعة، وجمعها سجعات، وفقرة وجمعها فِقَر وفقَرات وفقْرات، وقرينة لمقارنة أختها، وتجمع على قرائن، وللحرف الأخير منها حرف الروي أو الفاصلة.

الرابع: ربما غيرت الكلمة عن موضوعها في تصريف اللغة طلبا للسجع والمزاوجة بين الكلمة وأخواتها، ألا ترى قوله عليه السلام في تعويذه لابن ابنته:

1 سورة القمر الآية: 1.

2 سورة الأنفال الآيتان: 43، 44.

3 سورة الواقعة الآية: 28.

4 سورة النجم الآية: 1.

5 سورة الحاقة الآية: 30.

ص: 362

"أعيذه من الهامة والسامة، والعين اللامة"، وأصلها الملة؛ لأنها من ألم، فعبر عنها باللامة لموافقة ما قبلها، وقوله للنساء:"انصرفن مأزورات غير مأجورات"، والأصل موزورات أخذا من الوزر، لكنه قال ذلك لمكان مأجورات.

الخامس: يرى بعض العلماء ومنهم الباقلاني وابن الأثير كراهة إطلاق السجع على القرآن الكريم؛ لأنه نوع من الكلام يعتمد الصنعة وقلما يخلو من التكلف والتعسف، إلى أنه مأخوذ من سجع الحمام، وهو هديره، وإنما يقال في مثل ذلك فواصل، أخذا من قوله تعالى:{كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} 1.

السادس: يرى بعضهم أن السجع غير مختص بالنثر، بل يكون في النظم، كقول أبي تمام يمدح أبا العباس نصر بن بسام:

تجلى به رشدي وأثرت به يدي

وفاض به ثمدي وأورى به زندي2

وقول الخنساء:

حامي الحقيقة محمود الخليفة

مهدي الطريقة نفاع وضرار

جواب قاصية جزار ناصية

عقاد ألوية للخيل جرار

وقول الآخر:

ومكارم أوليتها متورعا

وجرائم ألغيتها متبرعا

ومنه على هذا الرأي التشطير، وهو أن يجعل في كل من شطري البيت سجعتان على روي مخالف لروي سجعتي الشطر الآخر كقول أبي تمام:

تدبير معتصم بالله منتقم

لله مرتغب في الله مرتقب3

فالشطر الأول محتو على سجعتين مبنيتين على الميم، والثاني محتو على سجعتين مبنيتين على الباء.

1 سورة فصلت الآية: 3.

2 قبله:

سأحمد نصرا ما حييت وإنني

لأعلم أن قد جل نصر عن الحمد

وأثرت صارت ذات ثروة، والثمد الماء القليل، وأورى صار ذا ورى أي: نار.

3 مرتغب أي: راغب، ومرتقب منتظر ثوابه.

ص: 363

الموازنة:

هي أن تكون الفاصلتان1 متساويتين في الوزن دون التقفية كقوله تعالى: {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ، وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} 2.

فإن كان ما في إحدى القرينتين من الألفاظ أو أكثر ما فيها مثل ما يقابله من الأخرى في الوزن خص باسم المماثلة.

فالأول كقول البحتري يمدح الفتح بن خاقان ويذكر مبارزته للأسد:

فأحجم لما لم يجد فيك مطعما

وأقدم لما لم يجد عنك مهربا

والثاني كقوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ، وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} 3.

وقول أبي تمام من قصيدة يمدح بها الوزير محمد بن عبد الملك الزيات:

مها الوحش إلا أن هاتا أوانس

قنا الخط إلا أن تلك ذوابل4

القلب:

هو أن يكون الكلام بحيث لو عكس وبدئ بحرفه الأخير إلى الأول لم يتغير الكلام عما كان عليه.

ويجري ذلك في النثر والنظم، كقول تعالى:{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} 5.

وقول عماد الدين الكاتب للقاضي الفاضل:

سر فلا كبا بك الفرس

1 أي: الكلمتان الأخيرتان من الفقرتين كما في الآية أو المصراعين، كقوله:

هو الشمس قدرا والملوك كواكب

هو البحر جودا والكرام جداول

2 إذ الأولى على الفاء، والثانية على الثاء، ولا عبرة بتاء التأنيث، كما بين في علم القافية، "سورة الغاشية".

3 سورة الصافات الآية: 118.

4 مها الوحش أي: كمها الوحش في سعة الأعين وسوادها، وقنا الخط أي: كقنا الخط في الاستقامة.

5 سورة المدثر الآية: 3.

ص: 364

وقول القاضي الأرجاني:

مودته تدوم لكل هول

وهل كل مودته تدوم1

وقد يكون في المصراع الواحد، نحو:"أرانا الإله هلالا أنارا".

التشريع:

هو بناء البيت على قافيتين يصح المعنى إذا وقفت على كل واحدة منهما، وإنما يقع ذلك ممن كان ضليعا متمكنا من صناعة النظم، بارعا مقتدرا، كقوله بعضهم:

أسلم ودمت على الحوادث مارسا

ركنا ثبير أو هضاب حراء

ونل المراد ممكنا منه على

رغم الدهور وفز بطول بقاء

فيمكن أن يذكرا على قافية أخرى، وضرب آخر بأن يقال:

أسلم ودمت على الحوا

دث مارسا ركنا ثبير

ونل المراد ممكنا

منه على رغم الدهور

لزوم ما لا يلزم، الإلزام، الشديد، الإعنات:

هو أن يلتزم قبل الروي في الشعر، أو الفاصلة في النثر شيء2 يتم السجع بدونه كقوله تعالى:{فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} ، {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ} ، وقول الشاعر3:

سأشكر عمرا إن تراخت منيتي

أيادي لم تمنن وإن هي جلت

فتى غير محجوب الغنى عن صديقه

ولا مظهر الشكوى إذا النبل زلت

رأى خلتي من حيث يخفى مكانها

فكانت قذى عينيه حتى تجلت

1 وقبله: "أحب المرء ظاهره جميل لصاحبه وباطنه سليم"

2 أي: لو جعلت القوافي أو الفواصل أسجاعا لم يحتج إلى الإتيان بذلك الشيء وهذا الشيء أحد أمور ثلاثة: حرف وحركة معا كما في الآية والأبيات بعدها، وحرف فقط: كالقمر ومستمر، في قوله تعالى:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} . وحركة فقط كقول ابن الرومي:

لما تؤذن الدنيا به من صروفها

يكون بكاء الطفل ساعة يولد

وإلا فما يبكيه منها وإنها

لأوسع مما كان فيه وأرغد

3 هو عبد الله بن الزبير "بفتح الزاي" الأسدي في مدح عمر بن عثمان بن عفان.

ص: 365

تتمة:

قال الإمام عبد القاهر: لا يحسن هذا النوع "المحسن اللفظي" إلا إذا كانت الألفاظ تابعة للمعاني، فإن المعاني إذا أرسلت على سجيتها، وتركت وما تريد، طلبت لأنفسها الألفاظ ولم تكتس إلا ما يليق بها، فإن كان خلاف ذلك، كان كما قال أبو الطيب:

إذا لم تشاهد غير حسن شياتها

وأعضائها فالحسن عنك مغيب

وقد يقع في كلام بعض المتأخرين ما حمل صاحبه فرط شغفه بأمور ترجع إلى ما له اسم في البديع، على أنه نسي أنه يتكلم ليفهم ويقول ليبين ويخيل إليه أنه إذا جمع عدة من أقسام البديع في بيت فلا ضير أن يقع ما عناه في عمياء، وأن يجعل السامع يتخبط خبط عشواء.

ص: 366