الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ قَالَ: الْخَمْرُ لَا فِيها غَوْلٌ قَالَ لَيْسَ فِيهَا صُدَاعٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ قَالَ: لَا تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ قَالَ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعُ خِصَالٍ: السُّكْرُ وَالصُّدَاعُ وَالْقَيْءُ وَالْبَوْلُ، فَنَزَّهَ اللَّهُ خَمْرَ الْجَنَّةِ عَنْهَا، فَقَالَ: لَا فِيها غَوْلٌ لَا تَغُولُ عُقُولُهُمْ مِنَ السُّكْرِ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ قَالَ: يَقِيئُونَ عَنْهَا كَمَا يَقِيءُ صَاحِبُ خَمْرِ الدُّنْيَا عَنْهَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا فِيها غَوْلٌ قَالَ: هِيَ الْخَمْرُ لَيْسَ فِيهَا وَجَعُ بَطْنٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ يَقُولُ:
عن غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ قَالَ: اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ قَالَ: بَيَاضُ الْبَيْضَةِ يُنْزَعُ عنها فوقها وغشاؤها.
[سورة الصافات (37) : الآيات 50 الى 74]
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (50) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54)
فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ (55) قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَاّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59)
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (61) أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64)
طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68) إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ (69)
فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (71) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (72) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) إِلَاّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (74)
قَوْلُهُ: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ مَعْطُوفٌ عَلَى يُطَافُ، أَيْ: يَسْأَلُ هَذَا ذَاكَ، وَذَاكَ هَذَا حَالَ شُرْبِهِمْ عَنْ أَحْوَالِهِمُ الَّتِي كَانَتْ فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ مِنْ تَمَامِ نَعِيمِ الْجَنَّةِ. وَالتَّقْدِيرُ: فَيُقْبِلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَاضِي لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ أَيْ: قَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي حَالِ إِقْبَالِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْحَدِيثِ وَسُؤَالِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ أَيْ: صَاحِبٌ مُلَازِمٌ لِي فِي الدُّنْيَا كَافِرٌ بِالْبَعْثِ منكر له كما يدلّ عليه قوله: أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ يَعْنِي: بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ، وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ مِنَ الْقَرِينِ لِتَوْبِيخِ ذَلِكَ الْمُؤْمِنِ وَتَبْكِيتِهِ بِإِيمَانِهِ وَتَصْدِيقِهِ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْبَعْثِ، وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا. ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِبْعَادِ لِلْبَعْثِ عِنْدَهُ وفي زعمه فقال: أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ أَيْ: مَجْزِيُّونَ بِأَعْمَالِنَا وَمُحَاسَبُونَ بِهَا بَعْدَ أَنْ صِرْنَا تُرَابًا وَعِظَامًا وَقِيلَ مَعْنَى مَدِينُونَ:
مَسُوسُونَ، يُقَالُ دَانَهُ: إِذَا سَاسَهُ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قَرِينُهُ شَرِيكُهُ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْقَرِينِ الشَّيْطَانَ الَّذِي يُقَارِنُهُ وَأَنَّهُ كَانَ يُوَسْوِسُ إِلَيْهِ بِإِنْكَارِ الْبَعْثِ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ قِصَّتِهِمَا فِي سُورَةِ الْكَهْفِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي
اسْمَيْهِمَا، قَرَأَ الْجُمْهُورُ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ مِنَ التَّصْدِيقِ، أَيْ: لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ بِالْبَعْثِ، وَقُرِئَ بِتَشْدِيدِهَا، وَلَا أَدْرِي مَنْ قَرَأَ بِهَا، وَمَعْنَاهَا بَعِيدٌ لِأَنَّهَا مِنَ التَّصَدُّقِ لَا مِنَ التَّصْدِيقِ، وَيُمْكِنُ تَأْوِيلُهَا بِأَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقَ بِمَالِهِ لِطَلَبٍ الثَّوَابِ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِاسْتِبْعَادِ الْبَعْثِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي هَذِهِ الِاسْتِفْهَامَاتِ الثَّلَاثَةِ، فَقَرَأَ نَافِعٌ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ بِالِاسْتِفْهَامِ بِهَمْزَةٍ، وَالثَّالِثَةَ بِكَسْرِ الْأَلِفِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْهَامٍ، وَوَافَقَهُ الْكِسَائِيُّ إِلَّا أَنَّهُ يَسْتَفْهِمُ الثَّالِثَةَ بِهَمْزَتَيْنِ، وَابْنُ عَامِرٍ الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ بِهَمْزَتَيْنِ، وَالثَّانِيَةَ بِكَسْرِ الْأَلِفِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْهَامٍ، وَالْبَاقُونَ بِالِاسْتِفْهَامِ فِي جَمِيعِهَا. ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَابْنُ كَثِيرٍ يَسْتَفْهِمُ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُطَوَّلَةٍ، وَبَعْدَهُ سَاكِنَةٌ خَفِيفَةٌ، وَأَبُو عَمْرٍو مُطَوَّلَةٍ، وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ بِهَمْزَتَيْنِ. قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ الْقَائِلُ هُوَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ بَعْدَ مَا حَكَى لِجُلَسَائِهِ فِيهَا مَا قَالَهُ لَهُ قَرِينُهُ فِي الدُّنْيَا، أَيْ: هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ إِلَى أَهْلِ النَّارِ لِأُرِيَكُمْ ذَلِكَ الْقَرِينَ الَّذِي قَالَ لِي تِلْكَ الْمَقَالَةَ كَيْفَ مَنْزِلَتُهُ فِي النار؟ قال ابن الأعرابي:
والاستفهام هُوَ بِمَعْنَى الْأَمْرِ، أَيِ: اطَّلِعُوا، وَقِيلَ: الْقَائِلُ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَقِيلَ: الْمَلَائِكَةُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ أَيْ: فَاطَّلَعَ عَلَى النَّارِ ذَلِكَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي صَارَ يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ فِي الْجَنَّةِ بِمَا قَالَ لَهُ قَرِينُهُ فِي الدُّنْيَا، فَرَأَى قَرِينَهُ فِي وَسَطِ الْجَحِيمِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: سَوَاءُ كُلِّ شَيْءٍ وَسَطُهُ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ مُطَّلِعُونَ بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ مَفْتُوحَةً وَبِفَتْحِ النُّونِ، فَاطَّلَعَ مَاضِيًا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ مِنَ الطُّلُوعِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَرُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو مُطْلِعُونَ بِسُكُونِ الطَّاءِ وَفَتْحِ النُّونِ فَاطَّلَعَ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مَضْمُومَةً وَكَسْرِ اللَّامِ مَاضِيًا مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. قَالَ النَّحَّاسُ: فَأُطْلِعَ فِيهِ قَوْلَانِ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا، أَيْ: فَأَطَّلِعُ أَنَا، وَيَكُونُ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِعْلًا مَاضِيًا، وَقَرَأَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ مُطَّلِعُونَ بِتَخْفِيفِ الطَّاءِ وَكَسْرِ النُّونِ فَاطُّلِعَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَأَنْكَرَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ النَّحَّاسُ: هِيَ لَحْنٌ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ النُّونِ وَالْإِضَافَةِ، وَلَوْ كَانَ مُضَافًا لَقَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطْلِعِيَّ، وَإِنْ كَانَ سِيبَوَيْهِ وَالْفَرَّاءُ قَدْ حَكَيَا مِثْلَهُ وَأَنْشَدَا:
هُمُ الْقَائِلُونَ الْخَيْرَ وَالْآمِرُونَهُ
…
إِذَا مَا خَشُوا مِنْ مُحْدَثِ الدَّهْرِ مُعْظَمًا
وَلَكِنَّهُ شَاذٌّ خَارِجٌ عَنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ أَيْ قَالَ ذَلِكَ الَّذِي مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَمَّا اطَّلَعَ عَلَى قَرِينِهِ وَرَآهُ فِي النَّارِ: تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ: أَيْ لَتُهْلِكُنِي بِالْإِغْوَاءِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: لتردين لتهلكني، والردى: الْهَلَاكُ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: لَوْ قِيلَ لَتُرْدِينِ لَتُوقِعُنِي فِي النَّارِ لَكَانَ جَائِزًا. قَالَ مُقَاتِلٌ: الْمَعْنَى وَاللَّهِ لَقَدْ كِدْتَ أَنْ تُغْوِيَنِي فَأَنْزِلُ مَنْزِلَتَكَ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ، فَمَنْ أَغْوَى إِنْسَانًا فَقَدْ أَهْلَكَهُ وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ أَيْ: لَوْلَا رَحْمَةُ رَبِّي، وَإِنْعَامُهُ عَلَيَّ بِالْإِسْلَامِ، وَهِدَايَتِي إِلَى الْحَقِّ، وَعِصْمَتِي عَنِ الضَّلَالِ لَكُنْتُ مِنَ الْمَحْضَرِينَ مَعَكَ فِي النَّارِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَيْ لَكُنْتُ مَعَكَ فِي النَّارِ مُحْضَرًا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأُحْضِرَ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي الشَّرِّ. وَلَمَّا تَمَّمَ كَلَامَهُ مَعَ ذَلِكَ الْقَرِينِ الَّذِي هُوَ فِي النَّارِ عَادَ إِلَى مُخَاطَبَةِ جُلَسَائِهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَالَ:
أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ، وَالْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ التَّقْرِيرِيِّ وَفِيهَا مَعْنَى التَّعْجِيبِ، وَالْفَاءُ لِلْعَطْفِ عَلَى مَحْذُوفٍ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ، أَيْ: أَنَحْنُ مُخَلَّدُونَ مُنَعَّمُونَ فَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى الَّتِي كَانَتْ فِي الدُّنْيَا، وَقَوْلُهُ هَذَا
كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ الِابْتِهَاجِ وَالسُّرُورِ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ وَأَنَّهُمْ مُخَلَّدُونَ لَا يَمُوتُونَ أَبَدًا، وَقَوْلُهُ: وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ هُوَ مِنْ تَمَامِ كَلَامِهِ، أَيْ: وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ كَمَا يُعَذَّبُ الْكُفَّارُ. ثُمَّ قَالَ مُشِيرًا إِلَى مَا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ أَيْ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ الْعَظِيمَ، وَالنَّعِيمَ الْمُقِيمَ، وَالْخُلُودَ الدَّائِمَ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَا يُقَادَرُ قَدَرُهُ وَلَا يُمْكِنُ الْإِحَاطَةُ بِوَصْفِهِ، وَقَوْلُهُ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ مِنْ تَمَامِ كَلَامِهِ أَيْ: لِمِثْلِ هَذَا الْعَطَاءِ وَالْفَضْلِ الْعَظِيمِ فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ، فَإِنَّ هَذِهِ هِيَ التِّجَارَةُ الرَّابِحَةُ، لَا الْعَمَلُ لِلدُّنْيَا الزَّائِلَةِ فَإِنَّهَا صَفْقَةٌ خَاسِرَةٌ، نَعِيمُهَا مُنْقَطِعٌ، وَخَيْرُهَا زَائِلٌ، وَصَاحِبُهَا عَنْ قَرِيبٍ مِنْهَا رَاحِلٌ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَقِيلَ: مِنْ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِمَيِّتِينَ وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ «بِمَايِتِينَ» وَانْتِصَابُ إِلَّا مَوْتَتَنَا عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا. أَيْ: لَكِنَّ الْمَوْتَةَ الْأُولَى الَّتِي كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ إِلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ، وَهُوَ: مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ: خير، ونزلا: تَمْيِيزٌ، وَالنُّزُلُ فِي اللُّغَةِ الرِّزْقُ الَّذِي يَصْلُحُ أَنْ يَنْزِلُوا مَعَهُ وَيُقِيمُوا فِيهِ، وَالْخَيْرِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا اخْتَارَهُ الْكُفَّارُ عَلَى غَيْرِهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ:
الْمَعْنَى أَذَلِكَ خَيْرٌ فِي بَابِ الْإِنْزَالِ الَّتِي يَبْقُونَ بِهَا نُزُلًا أَمْ نُزُلُ أَهْلِ النَّارِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ وَهُوَ مَا يُكْرَهُ تَنَاوُلُهُ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَهُوَ شَيْءٌ مُرٌّ كَرِيهٌ يُكْرَهُ أَهْلُ النَّارِ عَلَى تَنَاوُلِهِ فَهُمْ يَتَزَقَّمُونَهُ، وَهِيَ عَلَى هَذَا مُشْتَقَّةٌ مِنَ التزقيم وَهُوَ الْبَلْعُ عَلَى جُهْدٍ لِكَرَاهَتِهَا وَنَتَنِهَا. وَاخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ هِيَ مِنْ شَجَرِ الدُّنْيَا الَّتِي يَعْرِفُهَا الْعَرَبُ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مَعْرُوفَةٌ مِنْ شَجَرِ الدُّنْيَا فَقَالَ قُطْرُبٌ: إِنَّهَا شَجَرَةٌ مُرَّةٌ تَكُونُ بِتِهَامَةَ مِنْ أَخْبَثِ الشَّجَرِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ هُوَ كُلُّ نَبَاتٍ قَاتِلٍ. الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ فِي شَجَرِ الدُّنْيَا. قَالَ قَتَادَةُ: لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ افْتُتِنَ بِهَا الظَّلَمَةُ فَقَالُوا: كَيْفَ تَكُونُ فِي النَّارِ شَجَرَةٌ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ قَالَ الزَّجَّاجُ: حِينَ افْتُتِنُوا بِهَا وَكَذَّبُوا بِوُجُودِهَا. وَقِيلَ: مَعْنَى جَعْلِهَا فتنة لهم: أنها محنة لهم لكونهم يُعَذَّبُونَ بِهَا، وَالْمُرَادُ بِالظَّالِمِينَ هُنَا: الْكُفَّارُ أَوْ أَهْلُ الْمَعَاصِي الْمُوجِبَةِ لِلنَّارِ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَوْصَافَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ رَدًّا عَلَى مُنْكِرِيهَا فَقَالَ: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ أَيْ: فِي قَعْرِهَا، قَالَ الْحَسَنُ:
أَصْلُهَا فِي قَعْرِ جهنم، وأغصانها ترفع إلى دركاتها، ثم قال: طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ أَيْ: ثَمَرُهَا وَمَا تَحْمِلُهُ كَأَنَّهُ فِي تناهي قبحه وشناعة منظره رؤوس الشَّيَاطِينِ، فَشَبَّهَ الْمَحْسُوسَ بِالْمُتَخَيَّلِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَرْئِيٍّ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ غَايَةٌ فِي الْقُبْحِ كَمَا تَقُولُ فِي تَشْبِيهِ مَنْ يَسْتَقْبِحُونَهُ: كَأَنَّهُ شَيْطَانٌ، وَفِي تَشْبِيهِ مَنْ يَسْتَحْسِنُونَهُ:
كَأَنَّهُ مَلَكٌ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ «1» وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
أَيَقْتُلُنِي وَالْمَشْرِفِيُّ مُضَاجِعِي
…
وَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كَأَنْيَابِ أَغْوَالِ
وَقَالَ الزَّجَّاجُ وَالْفَرَّاءُ: الشياطين حيات لها رؤوس وَأَعْرَافٌ، وَهِيَ مِنْ أَقْبَحِ الْحَيَّاتِ وَأَخْبَثِهَا، وَأَخَفِّهَا جسما، وقيل إن رؤوس الشَّيَاطِينِ اسْمٌ لِنَبْتٍ قَبِيحٍ مَعْرُوفٍ بِالْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ الْأَسْتنُ، وَيُقَالُ لَهُ الشَّيْطَانُ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْعَرَبِ. وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ خَشِنٌ مُنْتِنٌ مُرٌّ مُنْكَرُ الصُّورَةِ يُسَمَّى ثمره رؤوس
(1) . يوسف: 31.
الشَّيَاطِينِ فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها أَيْ: مِنَ الشَّجَرَةِ أَوْ مِنْ طَلْعِهَا، وَالتَّأْنِيثُ لِاكْتِسَابِ الطَّلْعِ التَّأْنِيثَ من إضافته إلى الشجرة فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُكْرَهُونَ عَلَى أَكْلِهَا حَتَّى تَمْتَلِئَ بُطُونُهُمْ، فَهَذَا طَعَامُهُمْ، وَفَاكِهَتُهُمْ بَدَلُ رِزْقِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها بَعْدَ الْأَكْلِ مِنْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ الشَّوْبُ: الخلط. قال الفراء: شَابَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ: إِذَا خَلَطَهُمَا بِشَيْءٍ يَشُوبُهُمَا شَوْبًا وَشِيَابَةً، وَالْحَمِيمُ:
الْمَاءُ الْحَارُّ. فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يُشَابُ لَهُمْ طَعَامُهُمْ مِنْ تِلْكَ الشَّجَرَةِ بِالْمَاءِ الْحَارِّ لِيَكُونَ أَفْظَعَ لِعَذَابِهِمْ وَأَشْنَعَ لِحَالِهِمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ قرأ الجمهور لَشَوْباً بِفَتْحِ الشِّينِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، وَقَرَأَ شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ بِالضَّمِّ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَفْتُوحُ مَصْدَرٌ، وَالْمَضْمُومُ اسْمٌ بِمَعْنَى الْمَشُوبِ، كَالنَّقْصِ بِمَعْنَى الْمَنْقُوصِ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ أَيْ: مَرْجِعُهُمْ بَعْدَ شُرْبِ الْحَمِيمِ وَأَكْلِ الزَّقُّومِ إِلَى الْجَحِيمِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُورَدُونَ الْحَمِيمَ لِشُرْبِهِ، وَهُوَ خَارِجُ الْجَحِيمِ، كَمَا تُورَدُ الْإِبِلُ، ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى الْجَحِيمِ كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ وَقِيلَ: إِنَّ الزَّقُّومَ وَالْحَمِيمَ نُزُلٌ يُقَدَّمُ إِلَيْهِمْ قَبْلَ دُخُولِهَا. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:
ثُمَّ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ «ثُمَّ إِنَّ مَقِيلَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ» وَجُمْلَةُ إِنَّهُمْ أَلْفَوْا أَيْ: وَجَدُوا آباءَهُمْ ضالِّينَ تَعْلِيلٌ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، أَيْ: صَادَفُوهُمْ كَذَلِكَ فَاقْتَدَوْا بِهِمْ تَقْلِيدًا وَضَلَالَةً لَا لِحُجَّةٍ أَصْلًا فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ الإهراع الإسراع، الإهراع بِرِعْدَةٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:
يُهْرَعُونَ: يُسْتَحَثُّونَ مِنْ خَلْفِهِمْ، يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ يُهْرَعُ إِلَى النَّارِ: إِذَا اسْتَحَثَّهُ الْبَرْدُ إِلَيْهَا. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ يُزْعِجُونَ مِنْ شِدَّةِ الْإِسْرَاعِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: هَرِعَ وَأُهْرِعَ: إِذَا اسْتُحِثَّ وَانْزَعَجَ، وَالْمَعْنَى: يَتْبَعُونَ آبَاءَهُمْ فِي سُرْعَةٍ كَأَنَّهُمْ يُزْعِجُونَ إِلَى اتِّبَاعِ آبَائِهِمْ وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ أَيْ: ضَلَّ قَبْلَ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ أَيْ: أَرْسَلْنَا فِي هَؤُلَاءِ الْأَوَّلِينَ رُسُلًا أَنْذَرُوهُمُ الْعَذَابَ وَبَيَّنُوا لَهُمُ الْحَقَّ فَلَمْ يَنْجَعْ ذَلِكَ فِيهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ أَيِ: الَّذِينَ أَنْذَرَتْهُمُ الرُّسُلُ فَإِنَّهُمْ صَارُوا إِلَى النَّارِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: يَقُولُ كَانَ عَاقِبَتَهُمُ الْعَذَابُ، يُحَذِّرُ كُفَّارَ مَكَّةَ ثُمَّ اسْتَثْنَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ:
إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أَيْ: إِلَّا مَنْ أَخْلَصَهُمُ اللَّهُ بِتَوْفِيقِهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ، وَقُرِئَ الْمُخْلَصِينَ بِكَسْرِ اللَّامِ، أَيِ: الَّذِينَ أَخْلَصُوا لِلَّهِ طَاعَاتِهِمْ وَلَمْ يَشُوبُوهَا بِشَيْءٍ مِمَّا يُغَيِّرُهَا.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهَنَّادٌ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ.
قَالَ: اطَّلَعَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ جَمَاجِمَ الْقَوْمِ تَغْلِي. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَوْلُ اللَّهِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قَالَ هَنِيئًا: أَيْ لَا تَمُوتُونَ فِيهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالُوا: أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ قَالَ: هَذَا قَوْلُ اللَّهِ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدُهُ فِي يَدِي، فَرَأَى جِنَازَةً فَأَسْرَعَ المشي حتى أتى القبر، ثم جثى عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَجَعَلَ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الثَّرَى، ثُمَّ قَالَ: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ النبيّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَرِيضٍ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ: لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: