المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 105 الى 135] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٤

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌سورة النّور

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 4 الى 10]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 11 الى 21]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 22 الى 26]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 27 الى 29]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 32 الى 34]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 35 الى 38]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 39 الى 46]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 47 الى 57]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 58 الى 61]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 62 الى 64]

- ‌سورة الفرقان

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 7 الى 16]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 17 الى 24]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 25 الى 34]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 35 الى 44]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 45 الى 54]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 55 الى 67]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 68 الى 77]

- ‌سورة الشّعراء

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 1 الى 22]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 23 الى 51]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 52 الى 68]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 69 الى 104]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 105 الى 135]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 136 الى 159]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 160 الى 191]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 192 الى 227]

- ‌سورة النّمل

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 1 الى 14]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 15 الى 26]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 27 الى 40]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 45 الى 53]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 54 الى 66]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 67 الى 82]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 83 الى 93]

- ‌سورة القصص

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 1 الى 13]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 14 الى 24]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 25 الى 32]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 33 الى 43]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 44 الى 57]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 58 الى 70]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 71 الى 88]

- ‌سورة العنكبوت

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 1 الى 13]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 14 الى 27]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 28 الى 40]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 41 الى 46]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 47 الى 55]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 56 الى 69]

- ‌سورة الرّوم

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 1 الى 10]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 11 الى 27]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 28 الى 37]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 38 الى 46]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 47 الى 60]

- ‌سورة لقمان

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 12 الى 19]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 20 الى 28]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 29 الى 34]

- ‌سورة السّجدة

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 12 الى 22]

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 23 الى 30]

- ‌سُورَةِ الْأَحْزَابِ

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 7 الى 17]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 18 الى 25]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 28 الى 34]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 37 الى 40]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 41 الى 48]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 49 الى 52]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 53 الى 55]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 56 الى 58]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 59 الى 68]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 69 الى 73]

- ‌سُورَةِ سَبَأٍ

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 10 الى 14]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 15 الى 21]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 22 الى 27]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 28 الى 33]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 34 الى 42]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 43 الى 50]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 51 الى 54]

- ‌سُورَةِ فَاطِرٍ

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 9 الى 14]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 15 الى 26]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 27 الى 35]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 36 الى 45]

- ‌سُورَةِ يس

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 1 الى 12]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 13 الى 27]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 28 الى 40]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 41 الى 54]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 55 الى 70]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 71 الى 83]

- ‌سُورَةِ الصَّافَّاتِ

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 1 الى 19]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 20 الى 49]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 50 الى 74]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 75 الى 113]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 114 الى 148]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 149 الى 182]

- ‌سورة ص

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 12 الى 25]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 26 الى 33]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 41 الى 54]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 55 الى 70]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 71 الى 88]

- ‌سورة الزّمر

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 7 الى 12]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 13 الى 20]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 21 الى 26]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 27 الى 35]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 36 الى 42]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 43 الى 48]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 49 الى 61]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 62 الى 72]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 73 الى 75]

- ‌سورة غافر

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 10 الى 20]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 21 الى 29]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 30 الى 40]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 41 الى 52]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 53 الى 65]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 66 الى 85]

- ‌سورة فصّلت

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 1 الى 14]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 15 الى 24]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 25 الى 36]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 37 الى 44]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 45 الى 54]

- ‌سورة الشّورى

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 1 الى 12]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 13 الى 18]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 19 الى 28]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 29 الى 43]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 44 الى 53]

- ‌سورة الزّخرف

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 1 الى 20]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 21 الى 35]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 36 الى 45]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 46 الى 56]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 57 الى 73]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 74 الى 89]

- ‌سورة الدّخان

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 1 الى 16]

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 17 الى 37]

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 38 الى 59]

- ‌فهرس الموضوعات

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان (25)

- ‌سورة الشعراء (26)

- ‌سورة النمل (27)

- ‌سورة القصص (28)

- ‌سورة العنكبوت (29)

- ‌سورة الروم (30)

- ‌سورة لقمان (31)

- ‌سورة السجدة (32)

- ‌سورة الأحزاب (33)

- ‌سورة سبأ (34)

- ‌سورة فاطر (35)

- ‌سورة يس (36)

- ‌سورة الصافات (37)

- ‌سورة ص (38)

- ‌سورة الزمر (39)

- ‌سورة غافر (40)

- ‌سورة فصلت (41)

- ‌سورة الشورى (42)

- ‌سورة الزخرف (43)

- ‌سورة الدخان (44)

الفصل: ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 105 الى 135]

هَذَا مِنْهُمْ عَلَى طَرِيقِ التَّمَنِّي، الدَّالِّ عَلَى كَمَالِ التَّحَسُّرِ كَأَنَّهُمْ قَالُوا: فَلَيْتَ لَنَا كَرَةً، أَيْ: رَجْعَةً إِلَى الدُّنْيَا، وَجَوَابُ التَّمَنِّي: فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، أَيْ: نَصِيرَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً إِلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ نَبَأِ إِبْرَاهِيمَ، وَالْآيَةُ: الْعِبْرَةُ وَالْعَلَامَةُ، وَالتَّنْوِينُ يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ، وَالتَّفْخِيمِ وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ أَيْ: أَكْثَرُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتْلُو عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ، وَهُمْ: قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ بِدِينِهِمْ.

وَقِيلَ: وَمَا كَانَ أَكْثَرُ قَوْمِ إِبْرَاهِيمَ بِمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ غَيْرُ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ أَيْ: هُوَ الْقَاهِرُ لِأَعْدَائِهِ الرَّحِيمُ بِأَوْلِيَائِهِ، أَوِ الرَّحِيمُ لِلْأَعْدَاءِ، بِتَأْخِيرِ عُقُوبَتِهِمْ، وَتَرْكِ مُعَاجَلَتِهِمْ.

وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ يَعْنِي: بِأَهْلِ الْجَنَّةِ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ قَالَ: اجْتِمَاعُ أَهْلِ الْمِلَلِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ. وَأَخْرَجَ عَنْهُ أَيْضًا وَاغْفِرْ لِأَبِي قَالَ: امْنُنْ عَلَيْهِ بِتَوْبَةٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مُغْفِرَتَكَ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي. فيقول أبوه: فاليوم لا أعصينّك، فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تَخِزِيَنِي يَوْمَ يَبْعَثُونَ، فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَدِ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ: إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ؟ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُتَلَطِّخٍ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ» وَالذِّيخُ: هُوَ الذَّكَرُ مِنَ الضِّبَاعِ، فَكَأَنَّهُ حَوَّلَ آزَرَ إِلَى صُورَةِ ذِيخٍ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِأَطْوَلَ مِنْ هَذَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قَالَ:

شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فَكُبْكِبُوا فِيها قَالَ: جُمِعُوا فِيهَا هُمْ وَالْغاوُونَ قَالَ: مُشْرِكُو الْعَرَبِ وَالْآلِهَةُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً قَالَ: رَجْعَةً إِلَى الدُّنْيَا فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى تَحِلَّ لَنَا الشفاعة كما حلت لهؤلاء.

[سورة الشعراء (26) : الآيات 105 الى 135]

كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (108) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَاّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (109)

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (110) قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111) قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (112) إِنْ حِسابُهُمْ إِلَاّ عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (113) وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (114)

إِنْ أَنَا إِلَاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (115) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (116) قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118) فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119)

ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ (120) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (121) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (122) كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ (124)

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (126) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَاّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (127) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129)

وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134)

إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (135)

ص: 125

قَوْلُهُ: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ أَنَّثَ الْفِعْلَ لِكَوْنِهِ مُسْنَدًا إِلَى قَوْمٍ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الْجَمَاعَةِ، أَوِ الْأُمَّةِ أَوِ الْقَبِيلَةِ، وَأَوْقَعَ التَّكْذِيبَ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَهُمْ لَمْ يُكَذِّبُوا إِلَّا الرَّسُولَ الْمُرْسَلَ إِلَيْهِمْ، لِأَنَّ مَنْ كَذَّبَ رَسُولًا فَقَدْ كَذَّبَ الرُّسُلَ، لِأَنَّ كُلَّ رَسُولٍ يَأْمُرُ بِتَصْدِيقِ غَيْرِهِ مِنَ الرُّسُلِ. وَقِيلَ: كَذَّبُوا نُوحًا فِي الرِّسَالَةِ، وَكَذَّبُوهُ فِيمَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ مِنْ مَجِيءِ الْمُرْسَلِينَ بَعْدَهُ إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَيْ: أَخُوهُمْ مِنْ أَبِيهِمْ، لَا أَخُوهُمْ فِي الدِّينِ. وَقِيلَ: هِيَ أُخُوَّةُ الْمُجَانَسَةِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: يَا أَخَا بَنِي تَمِيمٍ، يُرِيدُونَ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَلا تَتَّقُونَ أَيْ: أَلَا تَتَّقُونَ اللَّهَ بِتَرْكِ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، وَتُجِيبُونَ رَسُولَهُ الَّذِي أَرْسَلَهُ إِلَيْكُمْ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ أَيْ: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ أَمِينٌ فِيمَا أُبَلِّغُكُمْ عَنْهُ، وَقِيلَ: أَمِينٌ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا قَدْ عَرَفُوا أَمَانَتَهُ وَصِدْقَهُ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ أَيِ: اجْعَلُوا طَاعَةَ اللَّهِ وِقَايَةً لَكُمْ مِنْ عَذَابِهِ، وَأَطِيعُونِ فِيمَا آمُرُكُمْ بِهِ عَنِ اللَّهِ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ، وَتَرْكِ الشِّرْكِ، والقيام بفرائض الدين وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ أَيْ: مَا أَطْلُبُ مِنْكُمْ أَجْرًا عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَلَا أَطْمَعُ فِي ذَلِكَ مِنْكُمْ إِنْ أَجْرِيَ الَّذِي أَطْلُبُهُ وَأُرِيدُهُ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ أي: على الله، مَا أَجْرِي إِلَّا عَلَيْهِ، وَكَرَّرَ قَوْلُهُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ لِلتَّأْكِيدِ وَالتَّقْرِيرِ فِي النُّفُوسِ، مَعَ كَوْنِهِ عَلَّقَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِسَبَبٍ، وَهُوَ الْأَمَانَةُ فِي الْأَوَّلِ، وَقَطْعُ الطَّمَعِ فِي الثَّانِي، وَنَظِيرُهُ قَوْلُكَ: أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي عُقُوقِي وَقَدْ رَبَّيْتُكَ صَغِيرًا، أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي عقوقي، وقد علمتك كبيرا، وقدّم الْأَمْرُ بِتَقْوَى اللَّهِ عَلَى الْأَمْرِ بِطَاعَتِهِ، لِأَنَّ تَقْوَى اللَّهِ عِلَّةٌ لِطَاعَتِهِ قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ الِاسْتِفْهَامُ: لِلْإِنْكَارِ، أَيْ: كَيْفَ نَتَّبِعُكَ وَنُؤْمِنُ لَكَ، وَالْحَالُ أَنَّ قَدِ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ، وَهُمْ جَمْعُ أَرْذَلَ، وَجَمْعُ التَّكْسِيرِ: أَرْذَالٌ، وَالْأُنْثَى: رُذْلَى، وَهُمُ الْأَقَلُّونَ جَاهًا، وَمَالًا، وَالرَّذَالَةُ: الْخِسَّةُ والذلة، استرذلوهم لقلة أموالهم وجاههم، أو لاتّضاع أَنْسَابُهُمْ. وَقِيلَ: كَانُوا مِنْ أَهْلِ الصِّنَاعَاتِ الْخَسِيسَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْآيَاتِ فِي هُودٍ. وقرأ ابن مسعود والضحاك ويعقوب الحضرمي «وأتباعك الْأَرْذَلُونَ» قَالَ النَّحَّاسُ:

وَهِيَ قِرَاءَةٌ حَسَنَةٌ، لِأَنَّ هَذِهِ الْوَاوَ تَتْبَعُهَا الْأَسْمَاءُ كَثِيرًا. وَأَتْبَاعٌ: جَمْعُ تَابِعٍ، فَأَجَابَهُمْ نُوحٌ بِقَوْلِهِ: وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ كَانَ زَائِدَةٌ، وَالْمَعْنَى: وَمَا عِلْمِي بعملهم، أَيْ: لَمْ أُكَلَّفِ الْعِلْمَ بِأَعْمَالِهِمْ، إِنَّمَا كُلِّفْتُ أَنْ أَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ وَالِاعْتِبَارِ بِهِ، لَا بِالْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ، وَالْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَكَأَنَّهُمْ أَشَارُوا بِقَوْلِهِمْ:

وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ إِلَى أَنَّ إِيمَانَهُمْ لَمْ يَكُنْ عَنْ نَظَرٍ صَحِيحٍ فَأَجَابَهُمْ بِهَذَا. وَقِيلَ الْمَعْنَى: إِنِّي لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ سَيَهْدِيهِمْ وَيُضِلُّكُمْ إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ أَيْ: مَا حِسَابُهُمْ، وَالتَّفْتِيشُ عَنْ ضَمَائِرِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ إِلَّا عَلَى اللَّهِ لَوْ كُنْتُمْ مِنْ أَهْلِ الشُّعُورِ وَالْفَهْمِ، قَرَأَ الْجُمْهُورُ تَشْعُرُونَ بِالْفَوْقِيَّةِ، وَقَرَأَ ابن أبي عبلة وابن السميقع وَالْأَعْرَجُ وَأَبُو زُرْعَةَ بِالتَّحْتِيَّةِ، كَأَنَّهُ تَرَكَ الْخِطَابَ لِلْكُفَّارِ وَالْتَفَتَ إِلَى الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالصِّنَاعَاتُ لَا تَضُرُّ فِي بَابِ الدِّيَانَاتِ وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ: وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا جَوَابٌ مِنْ نُوحٍ عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ كَلَامِهِمْ مِنْ طَلَبِ الطَّرْدِ لَهُمْ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ أَيْ: مَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُوَضِّحٌ لِمَا أَمَرَنِي اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِإِبْلَاغِهِ إِلَيْكُمْ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ كَالْعِلَّةِ لِمَا قَبْلَهَا قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ أَيْ: إِنْ لَمْ تَتْرُكْ عَيْبَ دِينِنَا وَسَبَّ آلِهَتِنَا لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ بِالْحِجَارَةِ، وقيل: من

ص: 126

الْمَشْتُومِينَ، وَقِيلَ: مِنَ الْمَقْتُولِينَ، فَعَدَلُوا بَعْدَ تِلْكَ الْمُحَاوَرَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نُوحٍ إِلَى التَّجَبُّرِ، وَالتَّوَعُّدِ، فَلَمَّا سَمِعَ نُوحٌ قَوْلَهُمْ هَذَا: قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ أَيْ: أَصَرُّوا عَلَى تَكْذِيبِي، وَلَمْ يَسْمَعُوا قَوْلِي وَلَا أَجَابُوا دُعَائِي فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً الْفَتْحُ: الْحُكْمُ، أَيِ: احْكُمْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حُكْمًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ مَعْنَى الْفَتْحِ وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا دَعَا رَبَّهُ بِهَذَا الدُّعَاءِ اسْتَجَابَ لَهُ فَقَالَ: فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ أَيِ: السَّفِينَةِ الْمَمْلُوءَةِ، وَالشَّحْنُ: مَلْءُ السَّفِينَةِ بِالنَّاسِ، وَالدَّوَابِّ، وَالْمَتَاعِ ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ أَيْ: ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدَ إِنْجَائِهِمُ الْبَاقِينَ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً أَيْ: عَلَامَةً، وَعِبْرَةً عَظِيمَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ كَانَ زَائِدَةٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهَ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ أَيِ: الْقَاهِرُ لِأَعْدَائِهِ، الرَّحِيمُ بِأَوْلِيَائِهِ كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ أَنَّثَ الْفِعْلَ بِاعْتِبَارِ إِسْنَادِهِ إِلَى الْقَبِيلَةِ، لِأَنَّ عَادًا اسْمُ أَبِيهِمُ الْأَعْلَى. وَمَعْنَى تَكْذِيبِهِمُ الْمُرْسَلِينَ، مَعَ كَوْنِهِمْ لَمْ يُكَذِّبُوا إِلَّا رَسُولًا وَاحِدًا، قَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُهُ فِي قِصَّةِ نُوحٍ قَرِيبًا إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ الْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي قَوْلِ نُوحٍ الْمُتَقَدِّمِ قَرِيبًا، وَكَذَا قَوْلُهُ: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ الْكَلَامُ فِيهِ كَالَّذِي قَبْلَهُ سَوَاءٌ. أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ الرِّيعُ:

الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الْأَرْضِ جَمْعُ رِيعَةٍ، يُقَالُ كَمْ رِيعُ أَرْضِكَ؟ أَيْ: كَمِ ارْتِفَاعُهَا. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الرِّيعُ: الِارْتِفَاعُ جَمْعُ رِيعَةٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَالْكَلْبِيُّ: الرِّيعُ الطَّرِيقُ، وَبِهِ قَالَ مُقَاتِلٌ وَالسُّدِّيُّ. وَإِطْلَاقُ الرِّيعِ عَلَى مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ ذي الرمة:

طراق الخوافي مشرق فوق ريعة

ندي لَيْلَةٍ فِي رِيشِهِ يَتَرَقْرَقُ

وَقِيلَ: الرِّيعُ الْجَبَلُ، وَاحِدُهُ: رِيعَةٌ، وَالْجَمْعُ: أَرْيَاعٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الْفَجُّ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ الثَّنَيَّةُ الصَّغِيرَةُ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ الْمَنْظَرَةُ. وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّكُمْ تَبْنُونَ بِكُلِّ مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ عَلَمًا تَعْبَثُونَ بِبُنْيَانِهِ، وَتَلْعَبُونَ بِالْمَارَّةِ، وَتَسْخَرُونَ مِنْهُمْ، لِأَنَّكُمْ تُشْرِفُونَ مِنْ ذَلِكَ الْبِنَاءِ الْمُرْتَفِعِ عَلَى الطَّرِيقِ فتؤذون المارة، وتسخرون منهم. وقال الْكَلْبِيُّ: إِنَّهُ عَبَثُ الْعَشَّارِينَ بِأَمْوَالِ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ:

الرِّيعُ: الصَّوْمَعَةُ، وَالرِّيعُ: الْبُرْجُ يَكُونُ فِي الصَّحْرَاءِ، وَالرِّيعُ: التَّلُّ الْعَالِي، وَفِي الرِّيعِ لُغَتَانِ كَسْرُ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ الْمَصَانِعُ: هِيَ الْأَبْنِيَةُ الَّتِي يَتَّخِذُهَا النَّاسُ مَنَازِلَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ بِنَاءٍ مُصَنَّعَةٍ مِنْهُ وَبِهِ قَالَ الْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُ، ومنه قول الشاعر:

تركنا ديارهم منهم قفارا

وهدّمنا الْمَصَانِعَ وَالْبُرُوجَا

وَقِيلَ: هِيَ الْحُصُونُ الْمُشَيَّدَةُ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: إِنَّهَا مَصَانِعُ الْمَاءِ الَّتِي تُجْعَلُ تَحْتَ الْأَرْضِ وَاحِدَتُهَا مَصْنَعَةٌ وَمَصْنَعٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيَدٍ:

بُلِينَا وَمَا تُبْلَى النُّجُومُ الطَّوَالِعُ

وَتَبْقَى الْجِبَالُ بَعْدَنَا وَالْمَصَانِعُ

وَلَيْسَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا يَدُلُّ صَرِيحًا عَلَى مَا قَالَهُ الزَّجَّاجُ، وَلَكِنَّهُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْمَصْنُعَةُ بِضَمِّ النون الحوض

ص: 127