المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 69 الى 104] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٤

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌سورة النّور

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 4 الى 10]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 11 الى 21]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 22 الى 26]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 27 الى 29]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 32 الى 34]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 35 الى 38]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 39 الى 46]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 47 الى 57]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 58 الى 61]

- ‌[سورة النور (24) : الآيات 62 الى 64]

- ‌سورة الفرقان

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 7 الى 16]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 17 الى 24]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 25 الى 34]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 35 الى 44]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 45 الى 54]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 55 الى 67]

- ‌[سورة الفرقان (25) : الآيات 68 الى 77]

- ‌سورة الشّعراء

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 1 الى 22]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 23 الى 51]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 52 الى 68]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 69 الى 104]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 105 الى 135]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 136 الى 159]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 160 الى 191]

- ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 192 الى 227]

- ‌سورة النّمل

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 1 الى 14]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 15 الى 26]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 27 الى 40]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 41 الى 44]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 45 الى 53]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 54 الى 66]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 67 الى 82]

- ‌[سورة النمل (27) : الآيات 83 الى 93]

- ‌سورة القصص

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 1 الى 13]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 14 الى 24]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 25 الى 32]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 33 الى 43]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 44 الى 57]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 58 الى 70]

- ‌[سورة القصص (28) : الآيات 71 الى 88]

- ‌سورة العنكبوت

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 1 الى 13]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 14 الى 27]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 28 الى 40]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 41 الى 46]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 47 الى 55]

- ‌[سورة العنكبوت (29) : الآيات 56 الى 69]

- ‌سورة الرّوم

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 1 الى 10]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 11 الى 27]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 28 الى 37]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 38 الى 46]

- ‌[سورة الروم (30) : الآيات 47 الى 60]

- ‌سورة لقمان

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 12 الى 19]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 20 الى 28]

- ‌[سورة لقمان (31) : الآيات 29 الى 34]

- ‌سورة السّجدة

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 12 الى 22]

- ‌[سورة السجده (32) : الآيات 23 الى 30]

- ‌سُورَةِ الْأَحْزَابِ

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 7 الى 17]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 18 الى 25]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 28 الى 34]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 37 الى 40]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 41 الى 48]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 49 الى 52]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 53 الى 55]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 56 الى 58]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 59 الى 68]

- ‌[سورة الأحزاب (33) : الآيات 69 الى 73]

- ‌سُورَةِ سَبَأٍ

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 10 الى 14]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 15 الى 21]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 22 الى 27]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 28 الى 33]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 34 الى 42]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 43 الى 50]

- ‌[سورة سبإ (34) : الآيات 51 الى 54]

- ‌سُورَةِ فَاطِرٍ

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 9 الى 14]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 15 الى 26]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 27 الى 35]

- ‌[سورة فاطر (35) : الآيات 36 الى 45]

- ‌سُورَةِ يس

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 1 الى 12]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 13 الى 27]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 28 الى 40]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 41 الى 54]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 55 الى 70]

- ‌[سورة يس (36) : الآيات 71 الى 83]

- ‌سُورَةِ الصَّافَّاتِ

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 1 الى 19]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 20 الى 49]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 50 الى 74]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 75 الى 113]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 114 الى 148]

- ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 149 الى 182]

- ‌سورة ص

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 12 الى 25]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 26 الى 33]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 41 الى 54]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 55 الى 70]

- ‌[سورة ص (38) : الآيات 71 الى 88]

- ‌سورة الزّمر

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 7 الى 12]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 13 الى 20]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 21 الى 26]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 27 الى 35]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 36 الى 42]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 43 الى 48]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 49 الى 61]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 62 الى 72]

- ‌[سورة الزمر (39) : الآيات 73 الى 75]

- ‌سورة غافر

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 10 الى 20]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 21 الى 29]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 30 الى 40]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 41 الى 52]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 53 الى 65]

- ‌[سورة غافر (40) : الآيات 66 الى 85]

- ‌سورة فصّلت

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 1 الى 14]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 15 الى 24]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 25 الى 36]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 37 الى 44]

- ‌[سورة فصلت (41) : الآيات 45 الى 54]

- ‌سورة الشّورى

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 1 الى 12]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 13 الى 18]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 19 الى 28]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 29 الى 43]

- ‌[سورة الشورى (42) : الآيات 44 الى 53]

- ‌سورة الزّخرف

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 1 الى 20]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 21 الى 35]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 36 الى 45]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 46 الى 56]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 57 الى 73]

- ‌[سورة الزخرف (43) : الآيات 74 الى 89]

- ‌سورة الدّخان

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 1 الى 16]

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 17 الى 37]

- ‌[سورة الدخان (44) : الآيات 38 الى 59]

- ‌فهرس الموضوعات

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان (25)

- ‌سورة الشعراء (26)

- ‌سورة النمل (27)

- ‌سورة القصص (28)

- ‌سورة العنكبوت (29)

- ‌سورة الروم (30)

- ‌سورة لقمان (31)

- ‌سورة السجدة (32)

- ‌سورة الأحزاب (33)

- ‌سورة سبأ (34)

- ‌سورة فاطر (35)

- ‌سورة يس (36)

- ‌سورة الصافات (37)

- ‌سورة ص (38)

- ‌سورة الزمر (39)

- ‌سورة غافر (40)

- ‌سورة فصلت (41)

- ‌سورة الشورى (42)

- ‌سورة الزخرف (43)

- ‌سورة الدخان (44)

الفصل: ‌[سورة الشعراء (26) : الآيات 69 الى 104]

الْبَحْرَ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: كَانَ طَلَائِعُ فِرْعَوْنَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ فِي أَثَرِهِمْ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ إِلَّا عَلَى بَهِيمٍ.

وَأَقُولُ: هَذِهِ الرِّوَايَاتُ الْمُضْطَرِبَةُ، قَدْ رُوِيَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ مَا يُمَاثِلُهَا فِي الِاضْطِرَابِ وَالِاخْتِلَافِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ قَالَ: الْمَنَابِرُ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: كَالطَّوْدِ قَالَ: كَالْجَبَلِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَزْلَفْنا قَالَ: قربنا. وأخرج الفريابي وعبد ابن حُمَيْدٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ مُوسَى لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَسِيرَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَضَلَّ الطَّرِيقَ، فَقَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ لَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ: إِنَّ يُوسُفَ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَخَذَ عَلَيْنَا مَوْثِقًا أَنْ لَا نَخْرُجَ مِنْ مِصْرَ حَتَّى نَنْقُلَ تَابُوتَهُ مَعَنَا، فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: أَيُّكُمْ يَدْرِي أَيْنَ قَبْرُهُ؟ فَقَالُوا: مَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَكَانَ قَبْرِهِ إِلَّا عَجُوزٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا مُوسَى فَقَالَ: دُلِّينَا عَلَى قَبْرِ يُوسُفَ؟ فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تُعْطِيَنِي حُكْمِي، قَالَ: وَمَا حُكْمُكِ؟ قَالَتْ: أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ، فَكَأَنَّهُ ثَقُلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَقِيلَ لَهُ: أَعْطِهَا حُكْمَهَا، فَأَعْطَاهَا حُكْمَهَا، فَانْطَلَقَتْ بِهِمْ إِلَى بُحَيْرَةٍ مُسْتَنْقَعَةٍ مَاءً، فَقَالَتْ لَهُمْ: أَنْضِبُوا عَنْهَا الْمَاءَ. فَفَعَلُوا، قَالَتْ: احْفُرُوا، فَحَفَرُوا، فَاسْتَخْرَجُوا قَبْرَ يُوسُفَ، فَلَمَّا احْتَمَلُوهُ إِذَا الطَّرِيقُ مِثْلُ ضوء النهار» .

[سورة الشعراء (26) : الآيات 69 الى 104]

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ (69) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ (71) قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73)

قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَاّ رَبَّ الْعالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78)

وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83)

وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ (88)

إِلَاّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93)

فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (98)

وَما أَضَلَّنا إِلَاّ الْمُجْرِمُونَ (99) فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ (100) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (102) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (103)

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (104)

قَوْلُهُ: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ مَعْطُوفٌ عَلَى الْعَامِلِ فِي قَوْلِهِ: وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسى وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَالْمُرَادُ بِنَبَأِ إِبْرَاهِيمَ: خَبَرُهُ، أَيِ: اقْصُصْ عَلَيْهِمْ يَا مُحَمَّدُ خَبَرَ إِبْرَاهِيمَ وَحَدِيثَهُ، وإِذْ قالَ مَنْصُوبٌ بِنَبَأِ إِبْرَاهِيمَ،

ص: 120

أَيْ: وَقْتَ قَوْلِهِ: لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ وَقِيلَ: إِذْ بَدَلٌ مِنْ نَبَأٍ، بَدَلُ اشْتِمَالٍ، فَيَكُونُ الْعَامِلُ فِيهِ:

اتْلُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَمَعْنَى مَا تَعْبُدُونَ: أَيُّ شَيْءٍ تَعْبُدُونَ؟ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ إِلْزَامَهُمُ الْحُجَّةَ قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ أَيْ: فنقيم على عبادتها مستمرين لَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، يُقَالُ ظَلَّ يَفْعَلُ كَذَا: إِذَا فَعَلَهُ نَهَارًا، وَبَاتَ يَفْعَلُ كَذَا إِذَا فَعَلَهُ لَيْلًا، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يَسْتَمِرُّونَ عَلَى عِبَادَتِهَا نَهَارًا، لَا لَيْلًا، وَالْمُرَادُ مِنَ الْعُكُوفِ لَهَا: الْإِقَامَةُ عَلَى عِبَادَتِهَا، وَإِنَّمَا قَالَ لَهَا لِإِفَادَةِ أَنَّ ذَلِكَ الْعُكُوفَ لِأَجْلِهَا، فَلَمَّا قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ مُنَبِّهًا عَلَى فَسَادِ مَذْهَبِهِمْ: هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ قَالَ الْأَخْفَشُ: فِيهِ حَذْفٌ، وَالْمَعْنَى: هَلْ يَسْمَعُونَ مِنْكُمْ، أَوْ هَلْ يَسْمَعُونَ دُعَاءَكُمْ. وَقَرَأَ قَتَادَةُ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ بِضَمِّ الْيَاءِ، أَيْ: هَلْ يُسْمِعُونَكُمْ أَصْوَاتَهُمْ وَقْتَ دُعَائِكُمْ لَهُمْ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ النَّفْعِ أَوْ يَضُرُّونَ أَيْ: يَضُرُّونَكُمْ إِذَا تَرَكْتُمْ عِبَادَتَهُمْ، وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ لِلتَّقْرِيرِ، فَإِنَّهَا إِذَا كَانَتْ لَا تَسْمَعُ، وَلَا تَنْفَعُ، وَلَا تَضُرُّ، فَلَا وَجْهَ لِعِبَادَتِهَا، فَإِذَا قَالُوا: نَعَمْ هِيَ كَذَلِكَ أَقَرُّوا بِأَنَّ عِبَادَتَهُمْ لَهَا مِنْ بَابِ اللَّعِبِ وَالْعَبَثِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُومُ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَوْرَدَ عَلَيْهِمُ الْخَلِيلُ هَذِهِ الْحُجَّةَ الْبَاهِرَةَ، لَمْ يَجِدُوا لَهَا جَوَابًا إِلَّا رُجُوعَهُمْ إِلَى التَّقْلِيدِ الْبَحْتِ، وَهُوَ أَنَّهُمْ وَجَدُوا آبَاءَهُمْ كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ، أَيْ: يَفْعَلُونَ لِهَذِهِ الْعِبَادَةِ لِهَذِهِ الْأَصْنَامِ، مَعَ كَوْنِهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ الَّتِي هِيَ: سَلْبُ السَّمْعِ، والنفع، والضر عنها، وهذا الجواب هو العصي الَّتِي يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا كُلُّ عَاجِزٍ، وَيَمْشِي بِهَا كُلُّ أَعْرَجَ، وَيَغْتَرُّ بِهَا كُلُّ مَغْرُورٍ، وَيَنْخَدِعُ لَهَا كُلُّ مَخْدُوعٍ فَإِنَّكَ لَوْ سَأَلْتَ الْآنَ هَذِهِ الْمُقَلِّدَةَ لِلرِّجَالِ الَّتِي طَبَّقَتِ الْأَرْضَ بِطُولِهَا وَالْعَرْضِ، وَقُلْتَ لَهُمْ: مَا الْحُجَّةُ لَهُمْ عَلَى تَقْلِيدِ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعُلَمَاءِ، وَالْأَخْذِ بِكُلِّ مَا يَقُولُهُ فِي الدِّينِ، وَيَبْتَدِعُهُ مِنَ الرَّأْيِ الْمُخَالِفِ لِلدَّلِيلِ، لَمْ يَجِدُوا غَيْرَ هَذَا الْجَوَابِ وَلَا فَاهُوا بِسِوَاهُ، وَأَخَذُوا يُعَدِّدُونَ عَلَيْكَ مَنْ سَبَقَهُمْ إِلَى تَقْلِيدِ هَذَا مِنْ سَلَفِهِمْ، وَاقْتِدَاءٍ بأقواله وأفعاله وهم قد ملؤوا صُدُورَهُمْ هَيْبَةً، وَضَاقَتْ أَذْهَانُهُمْ عَنْ تَصَوُّرِهِمْ، وَظَنُّوا أنهم خير أهل الأرض وأعلمهم وأورعهم، فَلَمْ يَسْمَعُوا لِنَاصِحٍ نُصْحًا وَلَا لِدَاعٍ إِلَى الْحَقِّ دُعَاءً، وَلَوْ فَطَنُوا لَوَجَدُوا أَنْفُسَهُمْ فِي غُرُورٍ عَظِيمٍ، وَجَهْلٍ شَنِيعٍ، وَإِنَّهُمْ كَالْبَهِيمَةِ الْعَمْيَاءِ، وأولئك الأسلاف كالعمي الذين يقودون البهائم العمي، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

كَبَهِيمَةٍ عَمْيَاءَ قَادَ زِمَامَهَا

أَعْمَى عَلَى عِوَجِ الطّريق الجائر

فَعَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَامِلُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، الْمُبَرَّأِ مِنَ التَّعَصُّبِ، وَالتَّعَسُّفِ، أَنْ تُورِدَ عَلَيْهِمْ حُجَجَ اللَّهِ، وَتُقِيمَ عَلَيْهِمْ بَرَاهِينَهُ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا انْقَادَ لَكَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَسْتَحْكِمْ دَاءُ التَّقْلِيدِ فِي قَلْبِهِ، وَأَمَّا مَنْ قَدِ اسْتَحْكَمَ فِي قَلْبِهِ هَذَا الدَّاءُ، فَلَوْ أَوْرَدْتَ عَلَيْهِ كُلَّ حُجَّةٍ، وَأَقَمْتَ عَلَيْهِ كُلَّ بُرْهَانٍ، لَمَا أَعَارَكَ إِلَّا أُذُنًا صَمَّاءَ، وَعَيْنًا عَمْيَاءَ، وَلَكِنَّكَ قَدْ قُمْتَ بِوَاجِبِ الْبَيَانِ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَيْكَ الْقُرْآنُ، وَالْهِدَايَةُ بِيَدِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ «1» وَلَمَّا قَالَ هَؤُلَاءِ الْمُقَلِّدَةُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ قالَ الْخَلِيلُ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ أَيْ: فَهَلْ أَبْصَرْتُمْ وَتَفَكَّرْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَامِ الَّتِي لَا تَسْمَعُ، وَلَا تَنْفَعُ، وَلَا تَضُرُّ، حَتَّى تَعْلَمُوا أَنَّكُمْ عَلَى ضَلَالَةٍ وَجَهَالَةٍ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ هذه الأصنام التي يعبدونها.

(1) . القصص: 56.

ص: 121

فَقَالَ: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي وَمَعْنَى كَوْنِهِمْ عَدُوًّا لَهُ مَعَ كَوْنِهِمْ جَمَادًا أَنَّهُ إِنْ عَبَدَهُمْ كَانُوا لَهُ عَدُوًّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

قَالَ الْفَرَّاءُ: هَذَا مِنَ الْمَقْلُوبِ، أَيْ: فَإِنِّي عَدُوٌّ لَهُمْ لِأَنَّ مَنْ عَادَيْتَهُ عَادَاكَ، وَالْعَدُوُّ كَالصَّدِيقِ، يُطْلَقُ على الواحد، والمثنى، والجماعة المذكر وَالْمُؤَنَّثِ، كَذَا قَالَ الْفَرَّاءُ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ: مَنْ قَالَ عَدُوَّةُ اللَّهِ فَأَثْبَتَ الْهَاءَ، قَالَ: هِيَ بِمَعْنَى الْمُعَادِيَةِ، وَمَنْ قَالَ عَدُوٌّ للمؤنث والجمع بِمَعْنَى النَّسَبِ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي آبَاؤُهُمُ الْأَقْدَمُونَ، لِأَجْلِ عِبَادَتِهِمُ الْأَصْنَامَ، وَرَدَّ بِأَنَّ الْكَلَامَ مَسُوقٌ فِيمَا عَبَدُوهُ لَا فِي الْعَابِدِينَ، وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ مُنْقَطِعٌ، أَيْ: لَكِنَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ النَّحْوِيُّونَ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ، وَأَجَازَ الزَّجَّاجُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ اللَّهَ عز وجل، وَيَعْبُدُونَ مَعَهُ الْأَصْنَامَ، فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِمَّا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ.

قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: تَقْدِيرُهُ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ، إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي، فَجَعَلَهُ مِنْ بَابِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَجَعَلَ إِلَّا بِمَعْنَى: دُونَ، وَسِوَى كَقَوْلِهِ: لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى «1» أَيْ: دُونَ الْمَوْتَةِ الْأُولَى. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ: إِنَّ الْمَعْنَى: إِلَّا مَنْ عَبَدَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ وَصَفَ رَبَّ الْعَالَمِينَ بِقَوْلِهِ: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ أَيْ: فَهُوَ يُرْشِدُنِي إِلَى مَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَوْصُولَ مُبْتَدَأٌ، وَمَا بَعْدَهُ خَبَرُهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْصُولُ بَدَلًا مِنْ رَبِّ، وَأَنْ يَكُونَ عَطْفَ بَيَانٍ لَهُ، وَأَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الْمَدْحِ بِتَقْدِيرِ: أَعْنِي، أَوْ أَمْدَحُ، وَقَدْ وَصَفَ الْخَلِيلُ رَبَّهُ بِمَا يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ لِأَجْلِهِ، فَإِنَّ الْخَلْقَ، وَالْهِدَايَةَ، وَالرِّزْقَ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَدَفْعُ ضُرِّ الْمَرَضِ، وَجَلْبُ نَفْعِ الشِّفَاءِ، وَالْإِمَاتَةُ وَالْإِحْيَاءُ، وَالْمَغْفِرَةُ لِلذَّنْبِ، كُلُّهَا نِعَمٌ يَجِبُ عَلَى الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ بِبَعْضِهَا، فَضْلًا عَنْ كُلِّهَا أَنْ يَشْكُرَ الْمُنْعِمَ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الشُّكْرِ الَّتِي أَعْلَاهَا وَأَوْلَاهَا الْعِبَادَةُ، وَدُخُولُ هَذِهِ الضَّمَائِرِ فِي صُدُورِ هَذِهِ الْجُمَلِ، لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ، وَأَسْنَدَ الْمَرَضَ إِلَى نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ الْمَذْكُورَةِ رِعَايَةً لِلْأَدَبِ مَعَ الرَّبِّ، وَإِلَّا فَالْمَرَضُ وَغَيْرُهُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ يُحْيِينِ الْبَعْثُ، وَحَذْفُ الْيَاءِ مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ لكونها رؤوس الْآيِ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ هَذِهِ الْأَفْعَالَ كُلَّهَا بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ، وَإِنَّمَا قَالَ عليه الصلاة والسلام: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ هَضْمًا لِنَفْسِهِ، وَقِيلَ:

إِنَّ الطَّمَعَ هُنَا بِمَعْنَى الْيَقِينِ فِي حَقِّهِ، وَبِمَعْنَى الرَّجَاءِ فِي حَقِّ سِوَاهُ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ «خَطَايَايَ» قَالَا: لَيْسَتْ خَطِيئَتُهُ وَاحِدَةٌ. قَالَ النَّحَّاسُ: خَطِيئَةٌ بِمَعْنَى خَطَايَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. قال مجاهد: يعني بخطيئة قوله: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا «2» ، وقوله: إِنِّي سَقِيمٌ «3» ، وَقَوْلُهُ إِنَّ سَارَةَ أُخْتُهُ، زَادَ الْحَسَنُ: وَقَوْلَهُ للكوكب هذا رَبِّي «4» وَحَكَى الْوَاحِدِيُّ عَنِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُمْ فَسَّرُوا الْخَطَايَا بِمَا فَسَّرَهَا بِهِ مُجَاهِدٌ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْأَنْبِيَاءُ بَشَرٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَقَعَ عَلَيْهِمُ الْخَطِيئَةُ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَا تَكُونُ مِنْهُمُ الْكَبِيرَةُ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ، وَالْمُرَادُ بِيَوْمِ الدِّينِ: يَوْمُ الْجَزَاءِ لِلْعِبَادِ بِأَعْمَالِهِمْ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ تَفْسِيرَ الْخَطَايَا بِمَا ذَكَرَهُ مُجَاهِدٌ وَمَنْ مَعَهُ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ تِلْكَ مَعَارِيضُ، وَهِيَ أَيْضًا إِنَّمَا صَدَرَتْ عَنْهُ بَعْدَ هَذِهِ الْمُقَاوَلَةِ الْجَارِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمِهِ. ثُمَّ لَمَّا فرغ الخليل من الثناء

(1) . الدخان: 56.

(2)

. الأنبياء: 63. [.....]

(3)

. الصافات: 89.

(4)

. الأنعام: 76.

ص: 122

عَلَى رَبِّهِ وَالِاعْتِرَافِ بِنِعَمِهِ عَقَّبَهُ بِالدُّعَاءِ لِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ: الْعِلْمُ وَالْفَهْمُ، وَقِيلَ: النُّبُوَّةُ وَالرِّسَالَةُ، وَقِيلَ: الْمَعْرِفَةُ بِحُدُودِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ إِلَى آخِرِهِ وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ يَعْنِي: بِالنَّبِيِّينَ مِنْ قَبْلِي، وَقِيلَ: بِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ أَيِ:

اجْعَلْ لِي ثَنَاءً حَسَنًا فِي الْآخِرِينَ، الَّذِينَ يَأْتُونَ بَعْدِي إِلَى يوم القيامة. قال القتبي: وُضِعَ اللِّسَانُ مَوْضِعَ الْقَوْلِ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ. لِأَنَّ الْقَوْلَ يَكُونُ بِهِ، وَقَدْ تُكَنِّي الْعَرَبُ بِهَا عَنِ الْكَلِمَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:

إِنِّي أَتَتْنِي لِسَانٌ لَا أُسِرُّ بِهَا «1»

وَقَدْ أَعْطَى اللَّهُ سبحانه إبراهيم ذلك بقوله: وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ «2» فَإِنَّ كُلَّ أُمَّةٍ تَتَمَسَّكُ بِهِ وَتُعَظِّمُهُ. وَقَالَ مَكِّيٌّ: قِيلَ مَعْنَى سُؤَالِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ مَنْ يَقُومُ بِالْحَقِّ، فَأُجِيبَتْ دَعْوَتُهُ فِي مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَلَا وَجْهَ لِهَذَا التَّخْصِيصِ. وَقَالَ الْقُشَيْرِيُّ: أَرَادَ الدُّعَاءَ الْحَسَنَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، وَلَا وَجْهَ لِهَذَا أَيْضًا، فَإِنَّ لِسَانَ الصِّدْقِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ مِنْ وَرَثَةِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا ثَانِيًا، وَأَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَحْذُوفٍ، هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي، أَيْ: وَارِثًا مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ، لَمَّا طَلَبَ عليه السلام بِالدَّعْوَةِ الْأُولَى سَعَادَةَ الدُّنْيَا، طَلَبَ بِهَذِهِ الدَّعْوَةِ سَعَادَةَ الْآخِرَةِ، وَهِيَ جَنَّةُ النَّعِيمِ، وَجَعَلَهَا مِمَّا يُورَثُ، تَشْبِيهًا لِغَنِيمَةِ الْآخِرَةِ بغنيمة الدنيا، وقد تقدّم تفسير مَعْنَى الْوِرَاثَةِ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ كَانَ أَبُوهُ قَدْ وعد أَنَّهُ يُؤَمِنُ بِهِ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذَا مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ، وَسُورَةِ مَرْيَمَ، وَمَعْنَى «مِنَ الضَّالِّينَ» مِنَ الْمُشْرِكِينَ الضالين عن طريق الهداية، وكان زَائِدَةٌ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ أَيْ: لا تفضحني على رؤوس الْأَشْهَادِ بِمُعَاتَبَتِي، أَوْ لَا تُعَذِّبْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَوْ لَا تُخْزِنِي بِتَعْذِيبِ أَبِي، أَوْ بِبَعْثِهِ فِي جُمْلَةِ الضَّالِّينَ.

وَالْإِخْزَاءُ يُطْلَقُ عَلَى الْخِزْيِ: وهو الهوان، وعلى الخزاية، وهي الحياء، ويَوْمَ لَا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ بَدَلٌ مِنْ يَوْمِ يَبْعَثُونَ، أَيْ: يَوْمَ لَا يَنْفَعُ فِيهِ الْمَالُ وَالْبَنُونَ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، وَالِابْنُ: هُوَ أَخَصُّ الْقَرَابَةِ، وَأَوْلَاهُمْ بِالْحِمَايَةِ، وَالدَّفْعِ، وَالنَّفْعِ، فَإِذَا لَمْ يَنْفَعْ، فَغَيْرُهُ مِنَ الْقُرَابَةِ وَالْأَعْوَانِ بِالْأَوْلَى. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إِنَّ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالِاسْتِثْنَاءُ بِقَوْلِهِ: إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قِيلَ: هُوَ مُنْقَطِعٌ، أَيْ: لَكِنَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. قَالَ فِي الْكَشَّافِ: إِلَّا حَالَ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، فَقَدَّرَ مُضَافًا مَحْذُوفًا.

قَالَ أَبُو حَيَّانَ: وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ بَدَلٌ مِنَ الْمَفْعُولِ الْمَحْذُوفِ، أَوْ مُسْتَثْنًى مِنْهُ، إِذِ التَّقْدِيرُ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ إِلَّا مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ فَاعِلِ يَنْفَعُ، فَيَكُونُ مَرْفُوعًا. قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: إِلَّا مَالُ مَنْ أَوْ بَنُو مَنْ فَإِنَّهُ يَنْفَعُ.

وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْقَلْبِ السَّلِيمِ، فَقِيلَ: السَّلِيمُ مِنَ الشِّرْكِ، فَأَمَّا الذُّنُوبُ فَلَيْسَ يَسْلَمُ منها أحد، قاله

(1) . وعجز البيت: من علو لا عجب منها ولا سخر.

(2)

. الصافات: 78.

ص: 123

أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: الْقَلْبُ السَّلِيمُ: الصَّحِيحُ، وَهُوَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ، لِأَنَّ قَلْبَ الْكَافِرِ وَالْمُنَافِقِ مَرِيضٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَلْبُ الْخَالِي عَنِ الْبِدْعَةِ الْمُطْمَئِنُّ إِلَى السُّنَةِ، وَقِيلَ: السَّالِمُ مِنْ آفَةِ الْمَالِ، وَالْبَنِينَ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: السَّلِيمُ: الْخَالِصُ. وَقَالَ الْجُنَيْدُ: السَّلِيمُ فِي اللُّغَةِ: اللَّدِيغُ، فَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ قُلِبَ كَاللَّدِيغِ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا تَحْرِيفٌ وَتَعْكِيسٌ لِمَعْنَى الْقُرْآنِ. قَالَ الرَّازِّيُّ: أَصَحُّ الْأَقْوَالِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ: سَلَامَةُ النَّفْسِ عَنِ الْجَهْلِ، وَالْأَخْلَاقِ الرَّذِيلَةِ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ أَيْ: قُرِّبَتْ، وَأُدْنِيَتْ لَهُمْ لِيَدْخُلُوهَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قُرْبُ دُخُولِهِمْ إِيَّاهَا وَنَظَرِهِمْ إِلَيْهَا وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ أَيْ: جُعِلَتْ بَارِزَةً لَهُمْ، وَالْمُرَادُ بالغاوين: الكافرين، وَالْمَعْنَى: أَنَّهَا أُظْهِرَتْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَهَا الْمُؤْمِنُونَ لِيَشْتَدَّ حُزْنُ الْكَافِرِينَ وَيَكْثُرَ سُرُورُ الْمُؤْمِنِينَ وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنَ الْأَصْنَامِ، وَالْأَنْدَادِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ فَيَدْفَعُونَ عَنْكُمُ الْعَذَابَ أَوْ يَنْتَصِرُونَ بِدَفْعِهِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ. وَهَذَا كُلُّهُ تَوْبِيخٌ وَتَقْرِيعٌ لَهُمْ، وَقَرَأَ مَالِكُ بن دينار «وبرّزت» بفتح الباء والراء مبنيا لِلْفَاعِلِ فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ أَيْ: أُلْقُوا فِي جَهَنَّمَ هُمْ: يَعْنِي الْمَعْبُودِينَ وَالْغَاوُونَ. يَعْنِي الْعَابِدِينَ لَهُمْ. وَقِيلَ مَعْنَى كُبْكِبُوا: قُلِبُوا عَلَى رؤوسهم، وَقِيلَ: أُلْقِيَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَقِيلَ: جُمِعُوا، مأخوذ من الكبكبة وهي الجماعة قاله الْهَرَوِيُّ. وَقَالَ النَّحَّاسُ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ كَوْكَبِ الشَّيْءِ:

أَيْ مُعْظَمُهُ، وَالْجَمَاعَةُ مِنَ الْخَيْلِ كَوْكَبٌ وَكَبْكَبَةٌ، وَقِيلَ: دُهْدِهُوا، وَهَذِهِ الْمَعَانِي مُتَقَارِبَةٌ، وَأَصْلُهُ كُبِّبُوا بِبَاءَيْنِ، الْأُولَى مُشَدَّدَةٌ مِنْ حَرْفَيْنِ، فَأُبْدِلَ مِنَ الْبَاءِ الْوُسْطَى الْكَافُ. وَقَدْ رَجَّحَ الزَّجَّاجُ أَنَّ الْمَعْنَى: طَرْحُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. وَرَجَّحَ ابن قتيبة أن المعنى: القوا على رؤوسهم. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي كُبْكِبُوا لِقُرَيْشٍ، وَالْغَاوُونَ: الْآلِهَةُ، وَالْمُرَادُ بِجُنُودِ إِبْلِيسَ: شَيَاطِينُهُ الَّذِينَ يُغْوُونَ الْعِبَادَ، وَقِيلَ: ذُرِّيَّتُهُ وَقِيلَ: كُلُّ مَنْ يَدْعُو إِلَى عبادة الأصنام، وأَجْمَعُونَ تَأْكِيدٌ لِلضَّمِيرِ فِي كُبْكِبُوا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَجُمْلَةُ قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ: مَاذَا قَالُوا حِينَ فُعِلَ بِهِمْ مَا فُعِلَ، وَمَقُولُ الْقَوْلِ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَجُمْلَةُ: وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ حَالَ كَوْنِهِمْ فِي جَهَنَّمَ مُخْتَصِمِينَ، وَ «إِنْ» فِي إِنْ كُنَّا: هِيَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَاللَّامُ فَارِقَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّافِيَةِ، أَيْ: قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّ الشَّأْنَ كَوْنُنَا فِي ضَلَالٍ وَاضِحٍ ظَاهِرٍ، وَالْمُرَادُ بِالضَّلَالِ هُنَا: الْخَسَارُ، وَالتَّبَارُ، وَالْحَيْرَةُ عَنِ الْحَقِّ، وَالْعَامِلُ فِي الظَّرْفِ، أَعْنِي إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ هُوَ كَوْنُهُمْ فِي الضَّلَالِ الْمُبِينِ. وَقِيلَ:

الْعَامِلُ هُوَ الضَّلَالُ، وَقِيلَ: مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، كَأَنَّهُ قِيلَ: ضَلَلْنَا وَقْتَ تَسْوِيَتِنَا لَكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: إِنَّ «إِنْ» فِي إِنْ كُنَّا: نَافِيَةٌ وَاللَّامُ بِمَعْنَى إِلَّا، أَيْ: مَا كُنَّا إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ يَشْفَعُونَ لَنَا مِنَ الْعَذَابِ كَمَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ أَيْ: ذِي قَرَابَةٍ، وَالْحَمِيمُ: الْقَرِيبُ الَّذِي تَوَدُّهُ وَيَوَدُّكَ، وَوَحَّدَ الصَّدِيقَ لِمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ، وَالْجَمَاعَةِ، وَالْمُذَكَّرِ، وَالْمُؤَنَّثِ، وَالْحَمِيمُ: مَأْخُوذٌ مِنْ حَامَّةِ الرَّجُلِ، أَيْ: أَقْرِبَائِهِ، وَيُقَالُ: حَمَّ الشَّيْءُ وَأَحَمَّ: إِذَا قَرُبَ مِنْهُ، وَمِنْهُ الْحُمَّى لِأَنَّهُ يُقَرِّبُ مِنَ الْأَجَلِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى: إِنَّمَا سُمِّيَ الْقَرِيبُ حَمِيمًا لِأَنَّهُ يَحْمَى لِغَضَبِ صَاحِبِهِ، فَجَعَلَهُ مَأْخُوذًا مِنَ الْحَمِيَّةِ، فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

ص: 124